اللغة العربية اللغة المشرفة
"كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى سحر تلك اللغة …"
المستشرقة الألمانية زيغرد هونكه
ما أصعب الحديث عن هذا السحر الحلال وما أجمله! فلا يعرف الإنسان كيف يعرض البطاقة التعريفية الخاصة بهذه اللغة المشرفة التي صنعها الله على عينه، وشرفها بأن تكلم بها وجعلها لغة سيد البشر وآخر الرسل، إنها اللغة العربية حاملة معاني القرآن ووعاء العلوم العربية والإسلامية، وهوية الأمة وثقافتها، ومجلى عبقريات العرب وشاعريتهم التي جعلتهم يتصدرون المرتبة العليا في البلاغة والبيان، فباللغة ينفعل العربي بالأشياء التي حوله، ويعبر بها عن فكره وقلبه بطريقة لم يسبقه إليها أحد، فكما أن حبة التمر تولد مسكونة بحلاوتها فإن العربي يأتي إلى الحياة وقد وضع الله في فؤاده ميلا إلى الكلمة الجميلة، وفطرة تجعله يدرك البيان الرفيع ويتأثر به.
لقد قدر الله لهذه الأمة أن تبقى بفضل اللغة العربية مسكونة بجمال الكلمة وأناقة العبارة، مما دفع أحد العلماء الأعاجم إلى القول "نثر العرب شعر"، ودفع عباس محمود العقاد إلى تسمية اللغة العربية بـ (اللغة الشاعرة) فعندما يتكلم العربي الفصيح يرسم لوحات فنية بالكلمات، تجعلنا نظن أن من يقرأ العربية كأنما يتجول في معرض فني تختلط فيه الألوان بحركات الظل والنور، لما تمتاز به من فنية عالية، ووفرة في صيغها وخصائصها الصوتية إذ اشتملت على جميع الأصوات التي يمكن أن ينتجها جهاز النطق عند الإنسان. كما تتميز بمرونتها، ففيها الترادف الذي يدل على سعتها، ومنذ القديم افتخر الأصمعي بأنه يحفظ للحجر سبعين اسما، وافتخر ابن خالويه بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، وفيها كذلك الاشتقاق... اقرأ المزيد