السبت 21 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 23 نوفمبر 2024 م
تحصين البيت والأولاد
الثلاثاء 4 ربيع الآخر 1440 هـ الموافق 11 ديسمبر 2018 م
عدد الزيارات : 2815

 

تحصين البيت والأولاد
 

التحصين الطبي عبارة عن:
إعطاء الطفل ميكروباتٍ وجراثيمَ تحمل مرضًا ما، ولكنها تكون مريضةً أو متهالِكةً، فعندما تدخل جسد الطفل يتمكَّن جهازُه المناعي من السيطرة والقضاء عليها، ويكون على درايةٍ بنوع المرض الذي تحمله فلا يُصبح غريبًا عنه إذا أصيب به في المستقبل، وإن بعض المراكز الطبية لا تُعطي الأب شهادة الميلاد الأصلية لطفله، إلا إذا أنهى التحصينات الطبية المهمة.

إننا لا نستطيع المضيَّ في الحياة والخوض في غمارها المختلفة، دون أن نكون مُجهَّزين ومؤهَّلين بما يحمينا ويحفظنا من التغيُّرات والتقلُّبات التي تحدث باستمرار.

نُريد المرأة التي تُحصِّن نفسها بالدعاء والذِّكر صباحًا ومساءً، وتُحصِّن أسرتها كذلك، وتستودعهم الله كما كان يفعل الصالحون من أسلافنا: "أستودعكَ اللهَ الذي لا تضيع ودائعُه"، وغير ذلك، وتُحصِّن أبناءها ضد الأفكار الهدَّامة، لا بإلغائها من حياتهم أو منعهم مِن الاطِّلاع عليها، ولكن بإِطْلاعِهم على الضعيف الواهي، أو على جزءٍ يسيرٍ منه كما يفعل التحصينُ الطبيُّ بالطفل، ثم تُعلِّم أبناءها وهَنَهم وضعفهم وضررهم وسوءهم وخُبْث ما فيهم.

إننا سوف نسمع عن مؤسسات سوف تضرُّ بمجتمعاتنا، وتُسيء إلى مبادئنا وقيمنا، وتحاول إفساد ديننا ومحاسن أخلاقنا، وستدخل في مجتمعاتنا، وتتسلَّل بكلِّ الوسائل والطرق والشعارات المغرية، وتتلوَّى حتى لا يصدَّها أحدٌ ولا ينتبه إليها أحدٌ، والمرأة مُطالَبة أن تكون قويةً في عملها وعقيدتها وإيمانها، قويةً في فكرها ومنطقها، قويةً في فهمها معالمَ الدين وأحكامَه وشرائعَه، حتى لا تنخَدِع بكلمات يُثيرها هنا أو هناك أشخاصٌ مُغرِضون..

نُريد المرأة التي تتجهَّز بالحصانة العلمية، والحصانة الفكرية، والحصانة السلوكية، ويتوِّج ذلك كله الحصانةُ الشرعيةُ، وحصانةُ الذِّكر والدُّعاء، حصانة من إبليس حين تدخل بيتَها وتأكل طعامها، وتضع ثيابها - تذكر اسم الله تعالى، وحصانة من وسوسته ومسِّه، وسحر الساحرين من جنوده، وحصانة من الغزو الثقافي الذي يغزو بيوتنا في التلفاز، ويغزو عقولنا في معاقل الثقافة والعلم، ويغزو أعيننا ويُدغدِغ مشاعرَنا في الأسواق والدعايات المختلفة، وحصانة من التدرُّج المهلك الذي يعرض لنا خطوةً خطوةً، كلما تساهلت المرأة في خطوة منه انزلقت رِجْلُها في خطوة أخرى تليها، فلا تزال تنزلق دون أن تشعر حتى تصل إلى درجة لا تحمد عُقباها.

وتلك الخطوات - أعني بها خطوات الشياطين - من الجنِّ والإنس، يُزيِّنون الرذيلة، ويُحاولون إنزال المرأة في غوايتها خطوةً خطوةً، ويُزيِّنون طريقة الحياة الغربية بخيرها وشرِّها، ويحاولون إزلاق أرْجُل المرأة فيها خطوةً خطوةً، ويُزيِّنون معالم الحياة الدنيا ورفاهيتها المتنوِّعة، ثم يحاولون استدراج المرأة المسلمة خطوةً خطوةً، ولا سبيل إلى الانطلاق في عالمنا والصمود دون حمل مبدأ الوقاية والحصانة والتحصين بكلِّ أنواعه وكلِّ طُرُقه، ومن كلِّ ما يُخاف منه ويُخشى منه؛ لأنها هكذا هي الحياة، وهكذا هي معاني التقوى، فالتقوى هي الوقاية من نار جهنَّم حتى لا يقع أحدُنا في عذابها، وكذلك تكون الوقاية في حياتنا من كلِّ ما نخاف منه، ومن كلِّ ما يُفسِد علينا ديننا وطيبة دُنيانا.

في عالمنا اليوم ثلاثة شعارات يكثُر ترديدُها في الوسائل المختلفة: التحصين الطبي، والوقاية خير من العلاج، والتحصين الأمني، فلتُسارع المرأة إلى حَمْل هذه الشعارات في بيتها.

حصانة طبية:
بأن تكون المرأة المسلمة واعيةً في كلِّ ما تُطعِم به أبناءها وتنوُّعه الغذائي، بل تُحبِّب إليهم أطايب الطعام، وتبغِّض إليهم بأسلوبها الأمومي أسوأ المأكولات، لا سيما تلك الوجبات الجاهزة في المطاعم المختلفة.

الوقاية خير من العلاج:
بأن تُشبع أبناءها تفهُّمًا لهذا المبدأ، فيكون سلوك الأبناء مملوءًا بالحذر في كلِّ أمورهم، ليس في الأمور الطبية فحسب، بل في حياتهم كلِّها، الحذر عند قيادتهم سيارتهم، والحذر من الرسوب عند دراستهم وتحصيلهم الدراسي، والحذر من أضرار اللعب؛ بحسن اختيار ملابس اللعب، ومكان اللعب، وأصدقاء اللعب، والحذر مِن مساوئ الأخلاق بألَّا يُشاهدوا ما يضرُّ بأخلاقهم، ولا يذهبوا إلى مكان يضرُّ بأخلاقهم، وألا يصاحبوا من يجلب لهم العدوى من سوء خلقه.

التحصين الأمني:
عندما تُحصِّن بيتها من الشيطان بالذِّكْر، ومن السارقين والمعتدين بحُسْن الضبط وإغلاق المنافذ، وتحصين عقول أبنائها من أفكار السوء وما فيها من مساوئ الأخلاق، ومُلهيات العقل والفؤاد، ومضيعات الوقت والعلم والرجولة.

نحن ندخل عصرًا انفتاحيًّا لا طاقة لنا به إلا بحصانة أنفسنا، علينا ألا نُلقي اللوم على القنوات الفضائية.. فقد حلَّ بالجميع أمرٌ لا يخرج منه إلا القويُّ الإيجابيُّ الذي يُفكِّر بتفاؤل، وينطلق بحُسْن منطقٍ، لا ينجو في عالمنا إلا صاحب الحصانة الداخلية الذي يعمل جهازه المناعي بأقوى طاقاته وأكبر إمكانياته، وصدق الله إذ يقول: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]، فكوني متحصِّنةً في ذاتك، محصِّنةً لأبنائك وأسرتك وأقاربك قدر طاقتك؛ ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64].

 

نقلا عن شبكة الألوكة