التكافل الاجتماعي طريق الخير والنماء
لا يمكن أن يصلَ مجتمع من المجتمعات إلى التحضر والرقي، أو أن يبدأُ رحلته مع التنمية والتقدم ما لم يكن أبناؤه متكاتفين فيما بينهم، يسيرون إلى هدف واحد على طريق واحد، يشد المرء فيه على يد أخيه، ويئنُّ بعضهم لأوجاع بعض. هذه الحالة من الإحساس المتبادل بالآخر تجلٍّ ثمين من تجليات الإنسانية، ووسام مشرِّف على صدر العيش الآدمي، ولا يمكن لسليم القلب والفكر أن يتهرَّب من مسؤولية الإحساس بالآخرين وتقديم العون والمساعدة لهم، بل إن النفس المؤمنة لتجد لذة كبيرة في تقديم العون للناس ومساعدتهم على رقيهم، هذه اللذة لا يدركها إلا من وعى قلبه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". [رواه البخاري ومسلم].
إن الإسلام الكريم أنبت المحبَّة في قلوب أبنائه، وأدَّبهم على العطاء والتكاتف فيما بينهم، فجعل ثروة الغني غير مشروعة إن كان يعرف في محيطه المجتمعي فقيرًا يحتاج إلى المساعدة، ورأى أن هناك خللا في إيمان من يحجم عن هذا الواجب، وأن عليه معالجته بالتكافل والمعونة، "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به". [رواه الطبراني والحاكم، وصححه الذهبي والألباني]
فالإسلام بيَّن لأتباعه قانونًا مهمًا يتمثل في التفكير الإيجابي للآخرين، وعلمهم أن الإحساس بالغير إيمان، وأن المجتمع لا يمكن أن يقوم على الفردية والأنانية، ولا بد أن يقوم على المودة والرحمة. فعندما ُتزْرَع هذه الالتزامات النبيلة داخل الإنسان وتُروَّى بوعود الله بالفوز العظيم يوم القيامة فإن كفاءة الإنسان الاجتماعيَّة سترتفع، وسيصبح أكثر فاعليَّة وعطاءً. "