البحث فطرة الإنسان
خلق الله تعالى الإنسان وكرَّمه، وميّزه عن باقي المخلوقات، فأودع فيه عقلًا يفّكر ولسانًا ينطق وجوارح تعمل، ومنحه قدراتٍ عقليةً وجسديةً، ووجّهه إلى النظر في النفس والتأمل في ظواهر الطبيعة وحقائق الوجود بما فيه من سُنَن عن طريق النشاطات المعرفية المختلفة، {فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِق خُلِقَ مِن مَّاء دَافِق} [الطارق:6-5] {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوج} [ق 6] {قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِين} [الأنعام:11] كما حضّه على إعمال العقل وسلوك منهج العلم والعمل، فكان أوّل ما نزل به القرآن الكريم قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق} [العلق:1] في إشارة إلى المنهج الذي يؤسّس له الإسلام.
ولذلك نوجّه إلى أنفسنا بين الحين والآخر أسئلة تحتاج إلى تدبّر وتفكير وتأملات طويلة للوصول إلى إجابات تشبع غريزة المعرفة فينا، ومن ذلك استفسارنا عن الدافع الذي يجعلنا نقرأ ونفكر ونبحث ونتعب، وربما نخوض مغامراتٍ صعبةً وطويلة، ونسلك طرقًا وعرةً في سبيل ذلك، فلماذا لا نريح أنفسنا من هذه الرحلة المتقلبة الأجواء ونسد الأبواب التي تهبُّ منها الرياح الباردة؟
يمكن القول لا يمكننا ذلك، لأن العاقل لا يستطيع أن يغلق الأبواب على نفسه وتفكيره، فقد خلقه الله عز وجلَّ شخصية باحثة في فطرتها، لا يمكن أن تعرف الاستقرار حتى تتيقن أنها على المنهج السليم، ولذلك فإننا على موعد دائم طيلة أيام حياتنا مع العمل والبحث والتحقيق والاجتهاد، نفتش عن حقيقة الأشياء وجوهر الأسرار التي تعصف أذهاننا، حتى إذا ما علمنا حقيقتها ارتاحت النفس السؤولة واطمأن القلب، وأحسسنا بلذة الاكتشاف والمعرفة.
وفي المقابل نجد أن التعب النفسي يكبّل ذلك الذي يجلس من دون بحث وعمل وتفكير، وربما تزل قدمه عن طريق الحق بسبب ذلك، فيسلك الطريق ذا... اقرأ المزيد