الأحد 22 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 24 نوفمبر 2024 م
هل تقام الحدود والعقوبات في المناطق المحررة من سوريا في الوقت الحالي؟
الجمعة 10 صفر 1435 هـ الموافق 13 ديسمبر 2013 م
عدد الزيارات : 112442

 

السؤال:
نشأت في العديد من المناطق المحررة محاكم وهيئات شرعية تقوم بأمور الناس، فهل يجوز لهذه المحاكم والهيئات إقامة العقوبات الشرعية من حدود وقصاص؟ وخاصة مع وجود شيء من الانفلات الأمني بسبب ظروف الحرب والثورة؟
 
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
 
أولاً: من المقاصِد العظمى للشريعة: حفظ الضروريات الخمس (الدِّيْن، والنفس، والعقل، والعرض، والمال) التي لا تستقيم حياة الناس إلا بها.
ومما يُحمد لأهل الشام: إقامة المحاكم والهيئات الشرعية في المناطق المحررة، تحكم بشرع الله، وتعمل على إقامة ما أمكن من العدل، ومنع الظلم، ورد الحقوق، ونشر الأمن، والضرب على أيدي العابثين وأهل الفساد والإجرام، كي يسود النظام والاستقرار في المجتمع.
 
ثانيًا: جعلت الشريعة للجرائم التي تهدد الضروريات الخمس عقوبات، كالقصاص، وحدِّ الرَّدة، والسرقة، وشرب الخمر، والزنا، والقذف، والحرابة، والتَّعزيراتِ بأنواعها؛ رحمةً بالأمة، وردعًا للمجرمين، وحتى يأمن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يَا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 179].
جاء في "الأحكام السلطانية" للماوردي رحمه الله: "والحدودُ زواجرُ وضعها الله تعالى للردع عن ارتكابِ ما حظر، وترك ما أمر به ، لما في الطبع من مغالبة الشهوات المُلهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة، فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذرًا من ألم العقوبة، وخيفةً من نكالِ الفضيحة".
وقال الطاهر ابن عاشور -رحمه الله- في كتابه "مقاصد الشريعة" : "فمقصد الشريعة من تشريع الحدود والقصاص والتعزير ثلاثة أمور: تأديب الجاني، وإرضاء المجني عليه، وزجر المقتدي بالجناة".
 
  
ثالثاً: الأصل أنّ إقامة الحدود والقصاص من أعمال الحاكم والسلطان، صاحب الشوكة والقوة، الذي يجتمع عليه الناس ويخضعون له.
قال القرطبي -رحمه الله- في "تفسيره": "لَا خِلَافَ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْقَتْلِ لا يقيمه إلا أولوا الْأَمْرِ".
وقال أبو إسحاق الشيرازي -رحمه الله- في "المهذب": "لا يقيم الحدود على الأحرار إلا الإمامُ، أو من فوَّض إليه الإمام؛ لأنه لم يُقَم حدٌّ على حر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه، ولا في أيام الخلفاء إلا بإذنهم؛ ولأنه حقٌ لله تعالى يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يُؤْمَن في استيفائه الحيفُ، فلم يجز بغير إذن الإمام".
وقال فخر الدين الرازي -رحمه الله- في "تفسيره": "وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِآحَادِ الرَّعِيَّةِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَى الْجُنَاةِ".
وقال أبو الحسن العدوي المالكي -رحمه الله- في "حاشيته على كفاية الطالب": "إقَامَةُ الْحُدُودِ شَأْنُهَا عَظِيمٌ، فَلَوْ تَوَلَّاهَا غَيْرُ الْإِمَامِ لَوَقَعَ مِنْ النِّزَاعِ مَا لَا يُحْصَى، إذْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ".
 
رابعاً: إن خَلا مكانٌ أو زمانٌ من سلطانٍ يقيم الحدود والتعزيرات، فيجب على العلماء وأهل الرأي والحكمة أن يقوموا بما أُوكل إلى السلطان من إقامة الحدود والتعزيرات.
قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في "تحفة المحتاج": "إذَا عدِمَ السُّلْطَانُ لَزِمَ أَهْل الشَّوْكَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَنْ يُنَصِّبُوا قَاضِيًا، فَتَنْفُذَ حِينَئِذٍ أَحْكَامُهُ لِلضَّرُورَةِ الْمُلْجِئَةِ لِذَلِكَ".
وقال أبو المعالي الجويني -رحمه الله- في "غياث الأمم": "لَوْ خَلَا الزَّمَانُ عَنِ السُّلْطَانِ، فَحَقٌّ عَلَى قُطَّانِ كُلِّ بَلْدَةٍ، وَسُكَّانِ كُلِّ قَرْيَةٍ، أَنْ يُقَدِّمُوا مِنْ ذَوِي الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى وَذَوِي الْعُقُولِ وَالْحِجَا مَنْ يَلْتَزِمُونَ امْتِثَالَ إِشَارَاتِهِ وَأَوَامِرِهِ، وَيَنْتَهُونَ عَنْ مَنَاهِيهِ وَمَزَاجِرِهِ; فَإِنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، تَرَدَّدُوا عِنْدَ إِلْمَامِ الْمُهِمَّاتِ، وَتَبَلَّدُوا عِنْدَ إِظْلَالِ الْوَاقِعَاتِ". 
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في "المغني": "وَالْقَضَاءُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّاسِ لَا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ، فَكَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ.
وقَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ حَاكِمٍ، أَتَذْهَبُ حُقُوقُ النَّاسِ؟!!".
 
خامساً: نظراً للأوضاع التي تمر بها بلاد الشام – مما سيأتي ذكره- فإن المصلحة الشرعية تقتضي تأجيل إقامة الحدود إلا ما تدعو الضرورة إليه مما له تعلق بحقوق الآدميين حفظًا للنفوس والأموال والأعراض؛ كالقصاص، وحد الحرابة، ونحوها على ألا يكون في إقامة الحد مفسدة أعظم من تركه.
 
ويؤيد القول الذي ذهبنا إليه أمور :
1- عدم حصول التمكين المعتبر شرعًا لوجوب إقامة الحدود، والتمكين الموجود في بعض المناطق لا يتصف بالاستقرار، وليس هو بتمكينٍ تام.
قال ابن تيمية -رحمه الله- في "الفتاوى": "وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقُوَّةِ وَالْإِمَارَةِ".
وليس المراد بالقوة: القدرة على تنفيذها، فهذا يستطيعه آحاد الناس، بل لا بد من حدٍّ زائد على مجرد القدرة على الفعل، يتحقق بِهِ المقصود، وهو ما يرتدِعُ بهِ أهلُ الفسادِ والإجرامِ، ويتحقق به الأمن والاستقرار.
قال ابن أبي العز الحنفي -رحمه الله- في "شرح الطحاوية": "فَالشَّارِعُ لَا يَنْظُرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ الشَّرْعِيَّةِ إِلَى مُجَرَّدِ إِمْكَانِ الْفِعْلِ، بَلْ يَنْظُرُ إِلَى لَوَازِمِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا مَعَ الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ اسْتِطَاعَةً شَرْعِيَّةً".
وقال أبو الحسن الطرابلسي الحنفي -رحمه الله- في "معين الحكام": " وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ إقَامَةَ الْحُدُودِ لَا تَكُونُ لِكُلِّ أَحَدٍ، بَلْ وَلَا لِكُلِّ وَالٍ؛ لِمَا تُؤَدِّي إلَيْهِ الْمُسَارَعَةُ إلَى إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالتَّهَارُجِ".
 
2- أن البلاد تعيش في حال حرب واضطراب، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الحدود لا تقام في حال الغزو والحرب في بلاد الكفار، ومع أن سوريا دار إسلام إلا أنَّ المعنى الذي لأجله منع العلماء من إقامتها في الغزو موجود في هذه الحالة.
قال صلى الله عليه وسلم: (لَا تُقْطَعُ الأَيْدِي فِي الغَزْوِ) رواه الترمذي، وصحح إسناده: الحافظ الذهبي، وابن حجر.
قال الترمذي -رحمه الله- في "سننه": "وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ، لَا يَرَوْنَ أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ فِي الْغَزْوِ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ مَنْ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِالْعَدُوّ".
وفي سنن سعيد بن منصور أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب كَتَبَ إِلَى النَّاسِ: "لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَازٍ ، حَتَّى يَقْطَعَ الدَّرْبَ قَافِلًا ؛ لِئَلَّا تَحْمِلَهُ حَمِيَّةُ الشَّيْطَانِ فَيَلْحَقَ بِالْكُفَّارِ".
كما اكتفى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بحبس أبي محجن لما شرب الخمر في القادسية ولم يجلده.
قال ابن القيم -رحمه الله- في "أعلام الموقعين": "فَهَذَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ نَهَى عَنْ إقَامَتِهِ فِي الْغَزْوِ خَشْيَةَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَبْغَضُ إلَى اللَّهِ مِنْ تَعْطِيلِهِ أَوْ تَأْخِيرِهِ، مِنْ لُحُوقِ صَاحِبِهِ بِالْمُشْرِكِينَ حَمِيَّةً وَغَضَبًا".
 
3- أن الشريعة تتشوَّفُ لدرء الحدود عن الناس قدر المستطاع، والأوضاع التي تمر بها البلاد من ضيق وضنك مع فشو الجهل العريض والفساد المتراكم، مظنة لدرء بعض الحدود أو تأخيرها.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ادْرَؤُوا الْقَتْلَ وَالْجَلْدَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ"، رواه ابن أبي شيبة.
وفي مصنف عبد الرزاق الصنعاني عَنِ إِبْرَاهِيمَ النخعي, قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ, فَإِذَا وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا, فَادْرَءُوا عَنْهُ , فَإِنَّهُ أَنْ يُخْطِئَ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْعَفْوِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ".
وأَسقَط عُمر بن الخطاب رَضِي الله عنه القَطع عن السارِق في عام المَجاعَة، وجاء عنه قوله: "لَا يُقْطَعُ فِي عذْقٍ، وَلَا فِي عَامِ سَنَةٍ" أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في "إعلام الموقعين": "قَالَ السَّعْدِيُّ: سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: الْعذْقُ النَّخْلَةُ، وَعَامُ سَنَةٍ: الْمَجَاعَةُ، فَقُلْت لِأَحْمَدَ: تَقُول بِهِ؟
فَقَالَ: إي لَعَمْرِي، قُلْت: إنْ سَرَقَ فِي مَجَاعَةٍ لَا تَقْطَعُهُ؟ فَقَالَ: لَا، إذَا حَمَلَتْهُ الْحَاجَةُ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّاسُ فِي مَجَاعَةٍ وَشِدَّةٍ".
قال ابن القيم -رحمه الله- في "إعلام الموقعين": "وهذا مَحْض القياس ومُقتَضى قواعِد الشَّرْع فإن السَّنَة إذا كانت سَنَة مَجاعَة وشِدَّة غَلَب على الناس الحاجَة والضرورة ... وهذه شُبهَة قَويَّة تَدرَأ القَطع عن المُحتاج".
 
4- حال الجهل عند عامة الناس لتغييبهم عن الدين عقودا طويلة، فإن إقامة الحدود -والحال كذلك- مظنةٌ لنفور الناس عن الدِّين وتمكينٌ للطاعنين من تشكيك الناس في دينهم.
وقد ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- إقامة بعض الحدود على بعض المنافقين مراعاة لمصلحة الدعوة .
قال ابن تيمية –رحمه الله- في "الصارم المسلول": "فلما هاجروا إلى المدينة وصار له دار عز ومنعة أمرهم بالجهاد وبالكف عمن سالمهم وكف يده عنهم؛ لأنه لو أمرهم إذ ذاك بإقامة الحدود على كل منافق لنفر عن الإسلام أكثر العرب".
والسكوت عن بعض المحرمات، وترك فعل بعض الواجبات، لتحيُّن الفرصة المواتية ، مع العمل أثناء ذلك على تهيئة النفوس، من الأمور المعتبرة شرًعا.
قال ابن تيمية في "الفتاوى": "فَالْعَالِمُ ... قَدْ يُؤَخِّرُ الْبَيَانَ وَالْبَلَاغَ لِأَشْيَاءَ إلَى وَقْتِ التَّمَكُّنِ، كَمَا أَخَّرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إنْزَالَ آيَاتٍ وَبَيَانَ أَحْكَامٍ إلَى وَقْتِ تَمَكُّنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
 
5- أن إقامة الحدود وإن كان الأصل فيها التعجيل، لكن قد يطرأ ما يجيز تأجيل إقامتها إذا ترتب على تطبيقها مفسدة تربو على المصلحة المتحققة بذلك، ولا يُعدُّ ذلك من رفض التحاكم للشرع، بل هو من المصلحة المعتبرة شرعًا.
قال ابن القيم -رحمه الله- في "إعلام الموقعين": "وَتَأْخِيرُ الْحَدِّ لِعَارِضٍ أَمْرٌ وَرَدَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ، كَمَا يُؤَخَّرُ عَنْ: الْحَامِلِ، وَالْمُرْضِعِ، وَعَنْ وَقْتِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَالْمَرَضِ؛ فَهَذَا تَأْخِيرٌ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْدُودِ ؛ فَتَأْخِيرُهُ لِمَصْلَحَةِ الْإِسْلَامِ أَوْلَى".
وقال ابن الهمام –رحمه الله- في "شرح فتح القدير": " وَتَأْخِيرُ الْحَدِّ لِعُذْرٍ جَائِزٌ".
وذكر ابن تيمية أنه إذا ترتب على إقامة الحدود فساد أعظم من مصلحة إقامتها فإنها لا تقام، فقال في "الفتاوى": "فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ وُلَاةِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّعِيَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا، لَمْ يُدْفَعْ فَسَادٌ بِأَفْسَدَ مِنْهُ".
وقال في "الاستقامة": "واقامة الْحُدُود بِحَسب الامكان ... فَإِذا عجز عَن ذَلِك قدمُوا خير الخيرين حصولاً ، وَشر الشرين دفعاً".
 
6- أن حقوق الله مبناها على المسامحة، بخلاف حقوق العباد القائمة على المشاحة ، ولذلك كانت أولى بالاستيفاء.
قال ابن عابدين–رحمه الله- في "حاشيته": "لَا تَهَاوُنًا بِحَقِّ الشَّرْعِ، بَلْ لِحَاجَةِ الْعَبْدِ وَعَدَمِ حَاجَةِ الشَّرْعِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْحُدُودُ، وَفِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ يُبْدَأُ بِحَقِّ الْعَبْدِ ".
وقال ابن قدامة: "لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ لِتَأَكُّدِهِ".
 
سادساً: في حال عدم القدرة على تطبيق الحد يتحرى القاضي ما يناسب الحال من العقوبات التعزيرية الرادعة، مع الاهتمام بالتعليم والنصح ورفع الجهل في المجتمع.
قال أبو الحسن التسولي المالكي –رحمه الله- في أجوبته عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد: "إذا تعذّرت إقامة الحدود، ولم تبلغها الاستطاعة، وكانت الاستطاعة تبلغ إلى إيقاع تعزير يزدجر به: تنزّلت أسباب الحدود منزلة أسباب التعزيرات، فيجري فيها ما هو معلوم في التعزير".
 
وأخيرًا:
فإننا نحث إخواننا في الهيئات الشرعية والفصائل على تشكيل هيئة شرعية عليا أو مجلس شرعي قضائي موحَّد, يمكن الرجوع إليه في تقرير هذه العقوبات واختيار الأنسب منها، ومراعاة حال الناس في كيفية تطبيق هذه العقوبات.
 
والله أعلم.
ابواصيل | السعودية
الجمعة 10 صفر 1435 هـ الموافق 13 ديسمبر 2013 م
جزاكم الله خير على ماقدمتم وبينتم
ولكن لايتعدى الا ان يكون اجتهاد بالقول فان اصبتم فالحمد لله وان اخطأتم فلكم اجر الاجتهاد
ولكن لو تذيلو الفتوى بتوقيع عدد من العلماء الموثوقين في العقيدة والفقه والتدين
توثيقا لما ذهبتم اليه 
وجزاكم الله خير
سوري حر | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
جزاكم الله خيرا، فتوى ممتازة
وأحب أن أشير بالإضافة لما ذكرتم  إلى أنه من الخطأ اختزال إقامة الشريعة في تطبيق الحدود والعقوبات، فمن الشريعة تعليم للناس أمور دينهم، ونفي
الجهل عنهم، لكمال تعبيدهم لله تعالى، كما أنَّ الشريعة الإسلامية نظام حياتي متكامل سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وتربويًا وفكريًا، وإنما
شرعت العقوبات لحماية هذه التشريعات المختلفة.
أبو خالد | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
هذه الفتوى من أنفع وأجمع ما قرأت. 
أبارك لكم هذه الجهود المتقنة المحررة، وأسأل الله أن يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خيرا.
طالب علم | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
جزاكم الله خيرا على هذا التأصيل الطيب والجهد المبارك  للمسألة ولا بد من تنبيه الهيئات الشرعية على أن الاصل الآن هو التعزير لا الحد وهو من
باب الضرورة التي تقدر بقدرها
محب للعلم | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
جزاكم الله خيرا، وبارك في جهودكم
أود أن أؤكد على ما تفضلتم به من الاهتمام بالتعليم والانتقال بالمجتمع والتدرج به إلى الأفضل بقول عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعد أن تولى
الخلافة : " أَلَا وَإِنِّي أُعَالِجُ أَمْرًا لَا يُعِينُ عَلَيْهِ إِلَّا اللَّهُ، قَدْ فَنِيَ عَلَيْهِ الْكَبِيرُ، وَكَبُرَ عَلَيْهِ
الصَّغِيرُ، وَفَصُحَ عَلَيْهِ الْأَعْجَمِيُّ، وَهَاجَرَ عَلَيْهِ الْأَعْرَابِيُّ، حَتَّى حَسِبُوهُ دِينًا لَا يَرَوْنَ الْحَقَّ
غَيْرَهُ". ذكره ابن عبد الحكم في "سيرة عمر".
فهذه حاله مع الناس في الزمن الأول ، فكيف في زماننا هذا ؟!!.
وقَالَ لابنه كما في حلية الأولياء : " يَا بُنَيَّ إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ شَدُوا هَذَا الْأَمْرَ عُقْدَةً عُقْدَةً ، وَعُرْوَةً عُرْوَةً ،
وَمَتَى مَا أُرِيدُ مُكَابَرَتَهُمْ عَلَى انْتِزَاعِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ لَمْ آمَنْ أَنْ يَفْتِقُوا عَلَيَّ فَتْقًا تَكْثُرُ فِيهِ
الدِّمَاءِ ، وَاللهِ لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يُهَرَاقَ فِي سَبَبِي مِحْجَمَةٌ مِنْ دَمٍ ، أَوَمَا تَرْضَى أَنْ
لَا يَأْتِيَ عَلَى أَبِيكَ يَوْمٌ مِنَ أَيَّامِ الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ يُمِيتُ فِيهِ بِدْعَةً وَيُحْيى فِيهِ سُنَّةً حَتَّى يَحْكُمَ
اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ ، وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ؟".
فالتَّدرُّج في تطبيق الأحكام الشرعية، أو السكوت عن بعض المحرمات، وترك فعل بعض الواجبات، لتحيُّن الفرصة المواتية ، مع العمل أثناء ذلك على
تهيئة النفوس برفع الجهل عنها وتربيتها على الاستسلام لنصوص الوحي، من الأمور المعتبرة شرًعا.
أبو أحمد | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
لا دليل على منع اقامة الحدود بدار الحرب فضلا عن المناطق المحررة التي هي تحت يد المجاهدين .. والقائل بذلك احتج بعلة مستنبطة تخالف اصل الأمر
بإقامة الحدود باحتمال وهي احتمال هروب المراد اقامة الحد عليه الى دار الكفار وهذا قد يحدث بغير دار الحرب ..
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى يقيم أمير الجيش الحدود حيث كان من الأرض إذا ولي ذلك فإن لم يول فعلى الشهود الذين يشهدون على الحد أن يأتوا
بالمشهود عليه إلى الإمام وإلى ذلك ببلاد الحرب أو ببلاد الإسلام ولا فرق بين دار الحرب ودار الإسلام فيما أوجب الله على خلقه من الحدود لأن الله
عز وجل يقول { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الزاني الثيب الرجم وحد الله القاذف ثمانين جلدة لم يستثن من كان في بلاد الإسلام ولا في بلاد الكفر ولم يضع عن أهله شيئا من فرائضه ولم يبح لهم
شيئا مما حرم عليهم ببلاد الكفر ما هو إلا [ ص: 375 ] ما قلنا فهو موافق للتنزيل والسنة وهو مما يعقله المسلمون ويجتمعون عليه أن الحلال في دار
الإسلام حلال في بلاد الكفر والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر فمن أصاب حراما فقد حده الله على ما شاء منه ولا تضع عنه بلاد الكفر شيئا
أو أن يقول قائل إن الحدود بالأمصار وإلى عمال الأمصار فمن أصاب حدا ببادية من بلاد الإسلام فالحد ساقط عنه وهذا مما لم أعلم مسلما يقوله ومن أصاب
حدا في المصر ولا والي للمصر يوم يصيب الحد كان للوالي الذي يلي بعدما أصاب أن يقيم الحد فكذلك عامل الجيش إن ولي الحد أقامه وإن لم يول الحد فأول
من يليه يقيمه عليه وكذلك هو في الحكم والقطع ببلاد الحرب وغير القطع سواء فأما قوله يلحق بالمشركين فإن لحق بهم فهو أشقى له ومن ترك الحد خوف أن
يلحق المحدود ببلاد المشركين تركه في سواحل المسلمين ومسالحهم التي اتصلت ببلاد الحرب مثل طرسوس والحرب وما أشبههما وما روي عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه منكر غير ثابت وهو يعيب أن يحتج بحديث غير ثابت ويقول حدثنا شيخ ومن هذا الشيخ ؟ يقول مكحول عن زيد بن ثابت .
يقول صديق حسن خان القنوجي في شرح الروضة الندية ٣٥٢/٣ : وأما إنكار القصاص في دار الحرب مطلقاً فلا وجه له من كتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا إجماع
. فإن أحكام الشرع لازمة للمسلمين في أي مكان وجدوا ودار الحرب ليست بناسخة للأحكام الشرعية أو لبعضها ، فما أوجبه الله تعالى على المسلمين من
القصاص ثبت في دار الحرب كما هو ثابت في غيرها مهما وجدنا إلى ذلك سبيلاً
في المسند وغيره بسند حسن عن عبد الرحمن بن أزهر قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الناس يوم حنين يسأل عن منزل خالد بن الوليد ، فأتي
بسكران فأمر من كان معه أن يضربوه بما كان في أيديهم ..

يقول الجبرين في شرح عمدة الفقه ١٧٧٢/٣ : وذهب بعض أهل العلم
إلى أنه يجب إقامة الحد والقصاص في العزو لعموم نصوص الكتاب والسنة التي أوجبت
القصاص وإقامة الحدود ، ولم تفرق بين مكان وآخر ، وهذا هو الأقرب ، وبالأخص إذا
كان سيقتل حداً أو قصاصا ..
وفي الفتوى المعروضة في الموقع إشكال ، وهو أنهم يرون أن
الحدود تسقط نهائيا حتى لو انتهت الحرب وهذا خطأ محض .. نعم بعض أهل العلم يرون
تأخير إقامة الحد ليجعل في دار الإسلام ، لكن أن يلغى نهائيا فلم يقل به أحد ..


ثم إن القول بترك إقامة الحدود لأسباب ظنية مما يزيد من انتشار السرقة والقتل وغيرهما واختلال الأمن بين الناس وفشو الفساد من الشرب والزنا ..
وهذا ليس من مقاصد الشريعة ، والمجرّب في البلاد الأخرى التي إقيمت فيها الشريعة أن الناس يتقبلون ذلك بل و يفرحون به .. مع أن بعض القائلين بعدم
صلاحية إقامة الحدود بدار الحرب لديهم الاستعداد للدخول في المجالس التي تشرع وتقنن بل ويقبلون بدخول أحزاب علمانية وغيرها ، معتذرين بنفس
المصلحة التي منعتهم من اقامة الحدود ..!!
هيئة الشام الإسلامية_المكتب العلمي | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
الأخ أبو أحمد:
الفتوى مبنية على مجموعة من النقاط والفقرات التي بمجموعها أدت للقول بتأجيل إقامة الحدود في هذه المرحلة . ووجود الحرب بالبلاد والاضطراب فيها
هو أحد هذه المسوغات، وليس هو الأساس الذي بنيت الفتوى عليه.  
كما أنَّ مسألة إقامة الحدود في بلاد الحرب أو زمن الحرب مسألة خلافية بين العلماء ولسنا في معرض الترجيح فيها، لكننا استفدنا من المعنى الذي
ذكره العلماء المانعون من إقامتها في بلاد الحرب، وقلنا إن هذا المعنى موجود في صورة الواقع الحالي في سوريا . وعلى فرض أن القول بعدم إقامتها
مرجوحًا من الناحية النظرية، لكنه في مثل هذه الظروف ومع الملابسات الأخرى يكون له وجه قوي ومعتبر .
بالإضافة إلى أن الفتوى لم تُسقط الحدود بالكلية، بل قالت بتأجيلها إلى أن تستقر الأوضاع وتتهيأ النفوس، (فإن المصلحة الشرعية تقتضي تأجيل إقامة
الحدود إلا ما تدعو الضرورة إليه ...) وأثناء ذلك يُشتغل بالتعليم والتربية.
وأما انتشار الفساد والجرائم: فالفتوى قد نصت على إقامة الحدود والقصاص التي تتضمن استتباب الأمن واطمئنان الناس على أرواحهم وأعراضهم
وأموالهم، كحد الحرابة، والذي يدخل فيها جرائم: الاغتصاب، والسطو المسلح، وقطع الطرق، ونحو ذلك.
وما لم تطبق فيه الحدود فقلنا بوجوب إقامة العقوبات التعزيرية الرادعة حسب اجتهاد المجالس القضائية بما يقضي على تلك الجرائم.
والله أعلم
محتار من كثرة المفتين | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
جازالله بالخير كل من أراد الخير للمسلمين 
إخواني في الهيئة صاحبة هذه الفتاوى هل من الممكن أن تقولوا لنا عن أسماء وأعضاء المفتين إن كانوا من أهل العلم واتقوى الموثوق بهم فإن عندنا
أسئلة كثيرة نحن مجموعة شباب طلاب علم سامحونا على الجرأة لكن نخشى من الإئمة المضللين حفظنا الله وإياكم من الزلل والهوى
أبو هاشم الحوراني | سوريا درعا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
اسأل الله أن ينفع بها ويبدو أنها أخذت جهدا ووقتا والله اسـا النصر والتمكيين للمجاهدين الصادقين
هيئة الشام الإسلامية_المكتب العلمي | سوريا
السبت 11 صفر 1435 هـ الموافق 14 ديسمبر 2013 م
الإخوة الذين سألوا عن أسماء المفتين، يمكنكم مراجعة مقدمة كتابنا (فتاوى الثورة السورية) على الرابط التالي http://islamicsham.org/versions/796 للتعرف على
منهجنا في الفتاوى، وأسماء لجنة الفتوى.
والله أعلم
أبو زيد السلفي | سوريا
الأحد 12 صفر 1435 هـ الموافق 15 ديسمبر 2013 م
جزاكم الله خيراً
حبذا لو يعمل على قانون شرعي مشترك يعمل به في المناطق المحررة.
باهي | السعودية
الخميس 13 ربيع الآخر 1435 هـ الموافق 13 فبراير 2014 م
بارك الله بكم وسدد خطاكم ونفع بكم البلاد والعباد .. كم سوريا وشعبها بحاجة لكم ..وفقكم الله
نور اليقين | غزة
الاثنين 23 جمادى الأول 1435 هـ الموافق 24 مارس 2014 م
الكلام الذي قيل من الفقهاء جميعًا بتعطيل الحدود هو في [ دار الحرب ] ودار الحرب تعريفها [ ما كان الغلبة لغير الحاكم المسلم ] وهذا بخلاف حال
المناطق المحررة في سوريا ، فالأغلب يسيطر عليها المجاهدون وعليها شوكتهم وغلبتهم ، وبهذا تنتفي جميع المقولات المنقولة من قِبلكم بشأن تأجيل
التطبيق في دار الحرب ، لأنّ مُسمى دار الحرب قد انتفى .. 

أما عن التعطيل في الغزو فلم يقل أحد بإقامة الحدود على نقاط الرباط أو في الثكنات العسكرية للمجاهدين او او ! انما القول في الاماكن المحررة بين
العوام لا بين المجاهدين في الغزو . 
هيئة الشام الإسلامية_المكتب العلمي | سوريا
السبت 5 جمادى الآخر 1435 هـ الموافق 5 أبريل 2014 م
الأخت نور اليقين

سبقت الإجابة عن مثل تساؤلكم في الأعلى، فلتراجع هناك.
والله أعلم
أسد الدين | سوريا
الثلاثاء 9 رجب 1436 هـ الموافق 28 أبريل 2015 م
سؤال للجميع ارجو من يجاوب أن يأتي بالدليل من القرأن والسنة ومن قد سبقنا من المسلمين. هل تقام المحاكم الشرعية في غياب الحاكم المسلم أو
أجتماع أهل العلم أو أهل الحل والعقد أو أجتماع الناس على هذه المحكمة وهل نحن حقا أصبحنا متمكنين حتى نقيم محاكم وهل الشرع والأسلام فقد محاكم
وقطع يد وحدود   وهل القائمين على هذه المحاكم أو الذين يحكمون عندهم العلم الكافي أوعندهم الأهلية وليس ماحدث مع تنظيم الدولة عنكم ببعيد نرجو
منكم أن تفيدونا وكل من يريد الجواب أرجو أن يكون عنده العلم الكافي وليس الأمر حمية أنما أمر أمة وجزاكم الله خير
هيئة الشام الإسلامية_المكتب العلمي | سوريا
الثلاثاء 16 رجب 1436 هـ الموافق 5 مايو 2015 م
الأخ أسد الدين من سوريا..
الواجبُ على المسلم أن يعملَ بالشريعة الإسلامية على قدر الوسع والطاقة، وإذا عجَز عن بعض الشّريعة لم يسقط عنه ما كان قادراً عليه منها؛ لأنّ
(الميسور لا يسقط بالمعسور)، ولا يُشترط فيما يُخاطبُ المكلّفُ باتباعه مِن الشّريعة أنْ يكون منصوصاً عليه بخصوصه في الكتاب والسنة، بل كلُّ ما
دلّت عليه الأدلة بعمومها وخصوصها، ومنطوقها ومفهومها، وكذلك القواعد المعتبرة، والمقاصد الشرعية فهو مِن الشريعة التي يخاطبُ بها المكلّفُ .
ومسألة خلو البلاد من الحاكم أو الإمام الممكّن بيّن أهلُ العلم أحكامَها استنباطاً من دلالات النصوص، وقواعد الشريعة، فمَع أن الأصلَ في إقامة
الحدود والقصاص أنّها من أعمال الحاكم والسلطان، صاحب الشوكة والقوة، الذي يجتمع عليه الناس ويخضعون له، لكن إن خَلا مكانٌ أو زمانٌ من سلطانٍ
يقيم الحدود والتعزيرات، فيجب على العلماء وأهل الرأي والحكمة أن يقوموا بما أُوكل إلى السلطان من إقامة الحدود والتعزيرات.
قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في "تحفة المحتاج": "إذا عدِمَ السُّلطانُ لزمَ أَهل الشّوكةِ الّذينَ هُمْ أَهلُ الحلِّ والعقدِ أنْ يُنَصِّبوا
قاضيًا، فتنفُذ حينئذٍ أحكامُه للضّرورةِ الملجئة لذلك".
ولا يُشترط التمكين لإقامة هذه المحاكم، وتُراجع فتوى :
(هل تقام الحدود والعقوبات في المناطق المحررة من سوريا في الوقت الحالي؟) http://islamicsham.org/fatawa/1423
وليس الإسلامُ مجرّد "محاكم وقطع يد وحدود"، بل هو الاستسلام المطلق لله تعالى ولشرعه، والتسليم بجميع ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم من
الكتاب والسنة، سواء كان ذلك في العبادات وشعائر الدين ، أو أحكام الأسرة والمجتمع ، أو المعاملات المالية وغيرها ، بل والشؤون السياسية
والقضائية وسائر شؤون الحياة .
وتحقيق ذلك له جانبان: جانب يتعلق بالفرد، وتعبده لله تعالى ، واقتدائه برسوله صلى الله عليه وسلم في كل أموره. وجانب يتعلق بالمجتمع والدولة
بإقامة شرع الله تعالى ، والقضاء به، والدعوة إليه ، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، وتحقيقِ الأمنِ للنّاس في دمائهم، وأعراضِهم،
وأموالهم، ومحاربة الظلم، والأخذ على يد المفسدين ، ويدخل في ذلك تطبيق الحدود والتعزيرات.
وهذا ما تقوم به الهيئات الشرعية والقضائية في سوريا بحسب ما تستطيعه وتقدر عليه مع وجود بعض النقض والتقصير الذي لا يمنع من فعل المتيسر، والسعي
لإكمال النقص، نسأل الله أن يسددها ويعينها.
أبو القاسم | بيت المقدس
الأحد 28 رجب 1436 هـ الموافق 17 مايو 2015 م
أولا الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته 

قرأت فتواكم وللأسف قد وجدت فيها الكثير من العلل وخطأ الاستدلال

أولها : استدلالكم بأن عمر ابن الخطاب وسعد ابن أبي وقاص رضي الله عنهما أمروا بعدم اقامة الحدود في الغزوات والحروب, فاذا صح ما استدللتم به فهو
منسوب الي سرية الجيش التي تخرج للغزوة وليس للرعية في أرض نصَب فيهل والٍ مسلم >>> لَا يَجْلِدَنَّ أَمِيرُ جَيْشٍ وَلَا سَرِيَّةٍ رَجُلًا مِنَ
الْمُسْلِمِينَ حَدًّا وَهُوَ غَاز , أي وقت الغزو بحق من كان في سرية الجيش وان أصاب حداَ فلا يترك بل يؤجل بعد الغزوة
وثانيها : استدلالكم بقول ابن تيمية في مجموع الفتاوي "فَإِنَّهَا مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ
كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ وُلَاةِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّعِيَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى إضَاعَتِهَا، لَمْ يُدْفَعْ فَسَادٌ بِأَفْسَدَ
مِنْهُ".
ارجعوا إلى مجموع الفتاوي لتجدوا أن ابن تيمية رحمه الله ذكر ذلك في عدد أو آحاد من الرعية ممن أرادوا تطبيق الحدود لفساد الوالي أو عدم وجود
سلطان أو نحو ذلك.

وهذا قوله كاملا وليس مجتزءا كما اوردتم >>
"والأصل أن هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه . فمتى أمكن إقامتها من أمير لم يحتج إلى اثنين ومتى لم يقم إلا بعدد ومن غير سلطان أقيمت إذا لم يكن
في إقامتها فساد يزيد على إضاعتها فإنها من " باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " فإن كان في ذلك من فساد ولاة الأمر أو الرعية ما يزيد على
إضاعتها لم يدفع فساد بأفسد منه . والله أعلم . [كتاب الحدود ـالجزء الرابع والثلاثون]
ثالثها : استدللتم بتأخير الحدود بكثير من الأقوال وما شأن هذا بسؤال السائل فقد سأل السائل عن جواز اقامة الحدود في محاكم أقيمت بعد فتح المناطق
المحررة 
وشأن التأخير يرجع إلى المصلحة التي يقتضيها الحال في قليل الاحيان وليس فيها تعطيل الاحتكام لشرع الله !!
نعم وجب على الحاكم او القاضي درء القتل والجلد ما استطاع أي عليه التحري في الحدود عن علم وبصيرة ويقين قبل اقامتها وهذا ليس معناه بالمجمل
تاخيرها وعدم اقامتها في بلاد فتحت وولي فيها وال مسلم والله أعلم.
والله المستعان على ما تصفون والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
هيئة الشام الإسلامية_المكتب العلمي | سوريا
الثلاثاء 15 شعبان 1436 هـ الموافق 2 يونيو 2015 م
الأخ أبو القاسم من بيت المقدس
فما ذهبتْ إليه الفتوى مِن تأخير إقامة الحدود المتعلقة بحقّ الله تعالى في الأوضاع الطارئة التي تعيشها الدّيار الشّامية لم يُبنَ على أثرٍ
واحدٍ مِن آثار الصّحابة، أو مناطٍ محدّد مِن الأقيسة الصّحيحة، أو قاعدة معيّنة من القواعد المعتبرة، أو المقاصد الشرعية فحسب؛ بحيث يلزم مِن
توجّه النقد إليه دخولُ الخلل على نتيجة الفتوى، وإنّما بُني على جملةٍ مِن الأصول والقواعد، والشّواهد والأدلة التي إن تطرّق الاحتمالُ إلى
آحادها، أو دخل الخلل على بعضِها لم يدخل على جملتِها، ولم يطعن في صحة البناء على مجموعها، فهذا الجواب المجمل على ما أوردتموه.
وأمّا الجواب المفصّل على الجزئيات التي ذكرتموها فهو كما يلي :
أولاً- ليس في الفتوى ما يدلّ على أنّ أثري عمر وسعد رضي الله عنهما ينطبقان على الحالة السورية مِن كلّ وجهٍ، كما أنّ الاستدلال لم يكن بهما على
انفرادهما، بل تمّ ذكرهما ضمن جملةٍ مِن الأدلة والشواهد الشرعية الدالة على جواز تأجيل الحدود، وعدم إقامتها في حال الغزو، وأشرنا إلى أنّ هذه
الشواهد وإن كانت واردةً في حال الغزو في دار الكفر لكنّ معناها متحقّق في الحالة السورية، وإذا تحقّق المعنى المناسب لبناء الحكم جاز الإلحاق
في الحكم .
وقولكم " وليس للرعية في أرض نصَب فيها والٍ مسلم " لا ينطبق على المناطق المحررة ، فأين الوالي المسلم الذي نُصب في المناطق المحررة ؟!
على أنّ وجود الوالي ليس كافياً لإقامة الحدود إذا لم يكن ممكَّناً، ولم تكن قدرتُه تامّة .
ثانياً - أنّ ابن تيمية ذكر القاعدة التي يُعمل بها في إقامة الحدود وغيرها من الواجبات ، وهي أنّه (إذا ترتّب على إقامتها مفسدةٌ تزيد على مصلحة
إقامتها فإنها لا تُقام)، وهذا المعنى لا يختصّ بحالٍ دون أخرى، وقد أورد ابنُ تيمية هذه القاعدة العامة ليقرر الحكم في صورةٍ من الصُّوَر التي
تندرج تحت القاعدة، ولم يورد القاعدة ليجعلها خاصةً بهذه الصورة، وإلا لما كانت قاعدةً، ولا صحّ استدلالُه بها، وهذا واضحٌ في قوله : "والأصلُ
أنّ هذه الواجبات تقام على أحسن الوجوه. فمتى أمكن إقامتها مِن أمير لم يُحتج إلى اثنين، ومتى لم يُقم إلا بعددٍ، ومن غير سلطانٍ أقيمت إذا لم يكن
في إقامتها فسادٌ يزيد على إضاعتها؛ فإنها مِن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنْ كان في ذلك مِن فسادِ ولاة الأمر، أو الرعيةِ ما يزيدُ
على إضاعتها لم يُدفع فسادٌ بأفسدَ منه " .
فكونُ الحدودِ مِن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنها تُقام على أحسن الوجوه، وأنها تُقام إذا يكن في إقامتها فسادٌ يزيد على إضاعتِها،
وكون الفساد لا يُدفع بأفسدَ منه، كلُّ ذلك لا يمكن حملُه على تلك الحالة الجزئية المذكورة، بل هي قواعد شرعية عامة في الحدود وغيرها .
 ثالثاً - قضيةُ تأجيل الحدود لم يُبن عليها الحكم استقلالاً  كما سبق، وإنّما أُوردت لبيان أنّ أصلَ تأجيل الحدّ إذا وُجد السّبب الشرعي المقتضي
لذلك لا مانع منه، بل هو مطلوبٌ شرعاً، ولا يكون ذلك تعطيلاً للاحتكام إلى شرع الله ؛ لأنّ تعجيلَ الحدّ مِن شرع الله، وتأجيله عند وجود سببه مِن
شرع الله، وشأنُ التأخير يرجع إلى المصلحة التي يقتضيها الحال كما قلتم، ولا فرقَ في ذلك بين قليل الأحوال وكثيرها؛ لأنّ الحكمَ متعلّق بمعنىً
ووصفٍ، فإذا تحقّق ذلك الوصفُ ترتّب الحكمُ عليه ، وعلى مَن يجعل ذلك خاصاً بحالٍ دون حالٍ أن يثبت ذلك التفريق مِن النّصوص، ويبيّن الحدودَ
الفاصلة بين الحالين .
وقد ذكر الإمام الشافعي أنه إذا لم يكن للمسلمين في بلدٍ إمامٌ فإنّ الحدَّ يؤجّل إلى أنْ يتولى الإمامُ الذي يتولى إقامةَ الحدود، فقال في الأمّ
: " ومَن أصابَ حداً في المصر، ولا واليَ للمصرِ يومَ يُصيب الحد َّكان للوالي الذي يلي بعد ما أصاب أنْ يقيم الحدَّ "، وهذا يدلّ على أن تأجيل
الحدود عند قيام سببه مقرّرٌ عند أهل العلم.
والله أعلم .
wissam | الشام
الأربعاء 6 ربيع الآخر 1438 هـ الموافق 4 يناير 2017 م
فتاوى  استطيع الرد على الخوارج كلاب النار وجزاكم الله خيــراً  والله ينصر ثورتــنا المباركــة
ابودجانة | سوريا
الثلاثاء 28 ذو الحجة 1438 هـ الموافق 19 سبتمبر 2017 م
بارك الله بكل من يسعى لتطبيق شرع الله كما انزل