الاستشارة:
المختصة التربوية: أسماء المحيميد
أشكرُ لكِ ثقتكِ بمسار أنا وأولادي ويسعدنا تواصلكِ معنا، وحياكِ الله في استشارات مسار "أنا وأولادي"
بداية، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يهدي طفلتك، وأن يبارك لك فيها وأن يعينك على تربيتها تربية صالحة تسعدك في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.
وأما بخصوص مشكلة طفلتك المتمثلة في رغبتها العدوانية، وضربها للأطفال، فيجب أن تعلمي بداية أنه لا يدل على كونها حالة مرضية تستحق العلاج، حتى وإن كانت ملفتة للنظر وتدعو إلى الاهتمام، فاختلافها عن أقرانها أمر متوقع (غالباً) لتفاوت الأطفال في نموهم العقلي والجسدي والاجتماعي، وإنه إذا ما عبرت عن غضبها في صورة سلوك عدواني، فلا يجب النظر إلى ذلك على أنه سلوك تدميري، بل العكس، فهذا العدوان يعتبره كثير من علماء النفس والتربية
مظهراً من مظاهر الإيجابية، وكم كنت أتمنى أن أشرح لكم الأسباب المؤدية إلى هذه المشكلة، ولكن المقام لا يتسع لذلك، ولذا سوف أكتفي بذكر بعض طرق العلاج.
فمن هذه الطرق التي أنصحك باتباعها:
1- على الوالدين أو الكبار عموماً ألا يستخدموا العقاب البدني، كوسيلة لإيقاف السلوك العدواني لدى الطفل، فالغضب الذي يتم كبته خوفا من العقاب لابد وأن يتراكم ويشتد، حتى يصل إلى الانفجار في صورة عدوانية تدميرية، فالرجاء التوقف عن الضرب فوراً.
2- عليكم ضرورة تفهم الأسباب التي تدفع الطفل إلى العدوانية، فمعالجة الأسباب تؤدي إلى تلاشي هذه العدوانية، أو على الأقل تقليل احتمال حدوثها، فقد يكون السبب نتيجة مرض معين، أو نتيجة لنشاط وطاقة زائدة تحتاج إلى تصريف، أو نتيجة للشعور بالنقص والدونية، أو الإحباط، أو الاكتئاب، أو الكبت، أو حب التملك، أو الرغبة في إظهار القوة، أو بدافع المنافسة، أو تأثراً بعوامل وراثية، أو سلوك تربوي في المنزل، حتى لا تتاح له فرصة اللعب والحركة والنشاط، وهنا يجب بحث حالتها النفسية مستقبلا إن استمرت على هذه الوتيرة.
3- يجب عليكم أن تقوموا بضبط السلوك العدواني، إما بالإثابة (التعزيز) عندما تأتي الطفلة بموقف يخلو من العدوانية، تتفاعل فيه الطفلة مع صديق أو قريب لها بشكل جيد، فتمدحيها على حسن تعاملها، ونقدم لها إثابة ومكافأة كالمديح اللفظي أو أي شيء آخر تحبه، أما إذا قامت بسلوك عدواني يستوجب الحزم، فيمكن لكم استخدام أسلوب العزل لبعض الوقت على أن تكون فترة قصيرة، ويوضح للطفلة أن هذا بسبب هذا الخطأ، ويكون هذا قدر الاستطاعة وفي حدود فهمها وإدراكها.
4- عدم مواجهة أي نوع من أنواع العنف والعدوان بالنوع نفسه من السلوك، فلا ينبغي ضربها أو معاقبتها بدنياً، وإنما ينبغي مواجهتها عن طريق استخدام أساليب التوجيه والإرشاد، وإتاحة الفرصة أمامها لإشباع حاجاتها في وقتها المناسب.
5- أن تستمعا إليها إذا جاءت شاكية من اعتداء أحد عليها، حتى تقوما بعملية التفريغ النفسي؛ لأنه بذلك تشعر براحة نفسية تصرفها عن أي سلوك عدواني.
6- لابد أن يكون هناك اتفاق بين الوالدين على أسلوب التعامل مع الطفلة، وأن تتخذا موقفاً واضحاً ومحدداً من هذه السلوكيات الشاذة أو غيرها؛ لأن التناقض في الأساليب التربوية يخلق مواقف محبطة تؤدي إلى المشكلة.
7- أي إفراط في عقاب الطفلة ذي النزعة العدوانية قد يؤدي إلى ازدياد الدافع لديه للعدوان.
8- عدم القسوة على الأبناء، أو تدليلهم على نحو مُبَالغ فيه، حيث أن القسوة واللين الزائدتين تفسدانهم، وتنميان عندهم العداوة الزائدة، وسرعة الغضب.
9- عدم الاستجابة الفورية لتلبية حاجات ورغبات الطفلة تحت الصراخ أو البكاء.
10- عدم الإكثار من التدخل في أعمالها، أو تحديد حركاتها، أو إرغامها على الطاعة العمياء، أو التعرض لأدوات لعبها، أو حبسها فترة طويلة.
11- عدم الاستهزاء بها، أو السخرية منها، أو تخويفها، وإنما دعوها تعبر عن نفسها بنفسها.
12- تشجيعها على ممارسة أي نوعٍ من النشاط الحر كي، الذي يتفق مع سنها، دون ممارسة أي نوع من الضغط.
13- عدم تركها وحدها لمشاهدة العروض التلفزيونية التي تتسم بالعنف والعدوان؛ وإنما لا بد من مساعدتها لكي تميز بين العنف الواقعي والعنف الخيالي الذي تشاهده، مع ضرورة العناية باختيار ما تتم مشاهدته قبل عرضه، لأنه سيؤدي حتماً مع كثرة المشاهدة إلى تقمص هذا السلوك.
14- وأخيراً وهو الأهم: الإكثار من الدعاء لها بأن يصلح الله أحوالها كلها، وأن يخلصها من تلك النزعات العدوانية الغير مرغوبة، وأن يعينكم على تربيتها تربية صالحة.
15- يحسن بكم الاطلاع على بعض المراجع المتعلقة بالتربية والسلوك، وهي كثيرة جداً ومنتشرة في المكتبات، وفيها معلومات تربوية ونفسية واجتماعية مفصلة وأساليب علمية ناجحة، تفيدكم في تحقيق هدفكم.
سائلين الله لكم بالتوفيق والسداد، ولأولادكم بالهداية والرشاد.