الثلاثاء 9 رمضان 1445 هـ الموافق 19 مارس 2024 م
الحب بين الزوجين ينتج أطفالا أسوياء
الأربعاء 20 رجب 1440 هـ الموافق 27 مارس 2019 م
عدد الزيارات : 4210

 

الحب بين الزوجين ينتج أطفالا أسوياء
 

   لا شك أن كل أب وأم يتمنيان أن يكون أبناؤهم أفضل الأبناء علما وسلوكا، بل يؤثرونهم على أنفسهم ويتمنون أن يكونوا خيرا منهم.
   ولا شك أيضا أن التربية السليمة في بداية نشأة الطفل هي النواة والعمود الفقري الذي ترتكز عليه شخصية الأبناء مستقبلا، فإذا نبت عود الغرسة معوجا منذ بدايته لازمها ذلك الاعوجاج حتى تكبر، ويصبح من الصعب إصلاحه.
      إن الأهمية الكبيرة للتربية السلوكية والأخلاقية للأبناء لا يمكن مقارنتها بأهمية الناحية الصحية، ومع ذلك نجد الأبوين يبذلان المستحيل لتأمين كل ما من شأنه أن يحفظ على الأبناء صحتهم، وهذا أمر مطلوب ولكن ألا يبذل نفس الاهتمام لتربية الأبناء أخلاقيا وسلوكيا والاعتناء بصحته النفسية، فهذا هو الأمر المرفوض. فإن الصحة النفسية للأبناء توازي تماما صحتهم الجسمية، إن لم تفق عليها في الأهمية.
     وبما أنه لا يمكن لي أن أبيّن طرق وأساليب التربية المثالية في هذه العجالة لذلك سأتحدث فقط عن أثر الحب بين الزوجين لإنتاج أطفال أسوياء، فكم من طفل خرج للحياة بين أبوين غير متفاهمين ولا مدركين لأثر المحبة والألفة والمودة بينهما على التكوين النفسي لطفلهما فخرج يحمل بين جنبيه نفسا مريضة مليئة بالعقد المدمرة التي يعقبها الانحراف السلوكي والخلقي، وهذا مما يحسب الإسلام له في منهجه التربوي ألف حساب وحساب.
    ومن أجل هذا ومراعاة للتكوين النفسي طالب الإسلام أن يتوفر في بيت الزوجية عنصر الأمن والسكن والاستقرار، ولا يتم هذا إلا في جو المرح والمداعبة بين الزوجين في كل مجال –في المحادثة والفكاهة والملاعبة والعمل المنزلي .. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك، فكان من أرق الناس مع أزواجه فهو دائم البشر مع أهله، يداعب زوجاته ويلاعبهن ويمازحهن، وكانت سيرته معهن حسن المعاشرة وحسن الخلق، فيقوم بمشاركتهن ببعض أوجه النشاط واللهو ليستمتع كل منهما بصحبة شريك حياته، ولكيلا
تكون الحياة الزوجية جدا على الدوام فتكون مملة وتصبح قيدا إلى جانب ما يترتب عليها من آثار وخيمة على جميع أفراد الأسرة.
     ومن هذه السيرة العطرة ندرك أن العلاقة بين الوالدين من الأمور المهمة في حياة الطفل ونشأته، فالطفل ينشأ سويا وخاليا من العقد النفسية عندما يترعرع في ظل حياة زوجية سعيدة، وفي جو من المرح المشترك داخل الأسرة.
    ولما كان البيت لا يخلو من المشاكل الزوجية طالب الإسلام أن تكون بعيدة عن الأطفال، وأن يباشر الزوجان حلّها في جوٍّ من التفاهم والودّ والاستئناس بالرأي واحترامه حتى لا يورث للأطفال تنافرا واضطرابا وشعورا بفقدان الأمن الذي يترك آثاره عليه مدى حياته. 
     فيا أيها الآباء والأمهات، الأطفال أمانة في أعناقكم، وكنز ثمين في أيديكم، فلا تضيّعوا هذه الأمانة، ولا تهملوا هذا الكنز، واعلموا أن غفلة واحدة منكم أو من أحدكم تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
     وختاماً أذكر نفسي وإخواني الآباء بأن الرابطة الإنسانية الرائعة بين الوالدين والجو العائلي المفعم بالحب والاحترام والتقدير يلعب دورا كبيرا في تنشئة الأطفال تنشئة سوية سليمة ويعمل على إعداد جيل نافع لنفسه وأهله وأمته.