مولده ونشأته:
هو عبد العزيز بن جبر أبا زيد، ولد عام 1327ه- 1910م، لأسرة كريمة معروفة في مدينة أذْرعات المشهورة في التاريخ والتي تغير اسمها إلى (درعا) مع الوقت، ونشأ في بيئة زراعية ريفية.
طلبه للعلم:
أنهى مرحلة التعليم الابتدائي في مدرسة "نموذج درعا" عام 1922م.
وفي عام 1928م توجه إلى دمشق طلبًا للعلم، فانكب على دراسة العلم الشرعي وعلوم اللغة العربية دراسة مستفيضة، وتتلمذ على يد كبار مشايخها، ومن أهمهم:
- الشيخ علي الدقر رحمة الله في جامع السادات في سوق مدحت باشا.
- الشيخ بدر الدين الحسني، محدث دمشق وفقيهها.
بالإضافة إلى الدروس الراتبة التي يحضرها يومياً في ملاحق جامع السادات وسكن الطلبة.
وكان جاداً في الاستزادة والتحصيل، مداوماً على المذاكرة، حتى أتم بذلك سبع سنين، كلف بعدها بالتعليم مدة ثلاث سنوات، تحصل بعدها على إجازات في التعليم والتدريس من الشيخ الدقر.
رغبته في الاستقرار بدمشق:
رغب الشيخ عبد العزيز أن يستقر في دمشق؛ رغبةً في جوها العلمي، وقربًا من العلماء والمشايخ، وما فيها من بحوث ومحاضرات وطلبة العلم ومكتبات، لكن الشيخ علي الدقر أصرَّ عليه بالعودة إلى بلدته درعا للحاجة إلى وجود علماء مثله ليقوموا بالتعليم والدعوة والتوجيه والإصلاح.
عودته إلى درعا ودعوته:
عاد الشيخ عبد العزيز أبا زيد إلى درعا عام 1938م حاملاً ما تعلمه، مصممًا على نقله إلى بلدته، سالكًا بذلك طريق الدعوة والتعليم، فأخذ يدرس علوم الدين في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية العامة والخاصة، كما تولى تدريس اللغة العربية وآدابها وعلومها منذ عام 1944م إلى عام 1969م.
- تولى الشيخ عبد العزيز الخطابة والتدريس في مساجد درعا منذ عام 1944م إلى يوم وفاته.
- وفي عام 1987م تولى الشيخ عبد العزيز أبا زيد الإفتاء في محافظة درعا والسويداء.
- كان للشيخ عبد العزيز جهود كبيرة في بناء المساجد، وعمارتها في مختلف أحياء المدينة والقرى المجاورة، وذلك من تبرعات أهل الخير الذين يعرفون صدقه وأمانته.
- كما قام بإنشاء ثانوية شرعية للبنين لتدريس علوم الشريعة الإسلامية سميت باسم الإمام النووي، ثم افتتح الشيخ للثانوية ذاتها فرعاً آخر للبنات، لتكون ثانوية الإمام النووي بفرعيها رافدة المجتمع بالدعاة، وطلبة العلم.
- ومن منجزاته بناء وتأسيس جمعية البر والخدمات الاجتماعية التي رأس إدارتها منذ تأسيسها إلى يوم وفاته، وكان يشرف على كفالة الأيتام فيها، وثق به الناس والأغنياء فكانوا يعطونه زكاة أموالهم فيوزعها على الأسر المحتاجة، وكان لديه قوائم طويلة بأسماء الفقراء والأسر المعوزة.
- ومن أكثر ما اهتم به فض النزاعات والخلافات التي تنشأ بين الناس، حريصًا على التأليف بين العشائر؛ حتى غدا بحق علماً يقصده القاصي والداني، طلباً للفتوى أو المشورة أو الإصلاح.
جهاده ومحنته:
شارك الشيخ عبد العزيز أثناء وجوده في دمشق في المظاهرات والاحتجاجات ضد المستعمرين الفرنسيين إلى جانب إخوانه الطلبة ومشايخه.
وتعرض عام 1967م للسجن مع مجموعة كبيرة من علماء دمشق وحلب وحمص وحماه واللاذقية ودير الزور؛ حيث كتب أحد السفهاء مقالاً في مجلة «جيش البعث» سخر فيه من الذات الإلهية ومن الأديان، فوقف أهل العلم من هذا التعدي وقفة واحدة دفاعًا عن الحق والدين وردعاً لكل من يعتدي على عقيدة الأمة، فاقتادتهم أجهزة المخابرات في الشهر الأول من عام 1967، إلى سجن المزة العسكري، ولم يفرج عنهم إلا في الشهر السادس من العام نفسه، يومها سقطت محافظة الجولان كاملة بيد الاحتلال اليهودي.
نشاطاته خارج سوريا:
- خرج إلى الحج عام 1941م، على الإبل، وكان يسمع من الكبار أحاديث السياسة، وتقسيم بلاد المسلمين ورسم الحدود، وشاهد آثار اعتداء ما يسمى بـ (الثورة العربية) على منجزات الدولة العثمانية في الاتصالات والمواصلات، وقد أثار جميع ذلك لديه أسئلة، وحفر في ذاكرته ذكريات بقيت لسنوات طويلة.
- رغم انشغاله بالتدريس والدعوة والفتوى داخل المحافظة إلا أنه كان يشارك بالمؤتمرات والندوات الإسلامية التي تعقد في المدن الإسلامية المختلفة، فقد شارك في مؤتمر أوقاف الدول الإسلامية المنعقد في مكة المكرمة، ومؤتمر الأديان في مدينة باكو عاصمة أذربيجان في الاتحاد السوفييتي السابق، وندوة الفكر الإسلامي المنعقد في الجزائر، ومؤتمر العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ومؤتمر العالم الإسلامي المنعقد في الكويت، ومؤتمر وزراء أوقاف الدول الإسلامية المنعقد في اندونيسيا عام 1998م، وملتقى الحوار بين الحضارات المنعقد في القاهرة عام 2001م.
- تلقى الشيخ دعوات عدة من قطر والإمارات العربية المتحدة لإلقاء محاضرات ودروس إسلامية خلال شهر رمضان بين عامي 1983م و 2000م كان يبذل فيها جهده في سبيل الإصلاح والتعليم ولا يضن بما لديه من نصح وإرشاد.
وفاته:
في ليله يوم الخميس الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك الموافق لـ 27/11/2002م فاضت روح الشيخ عبد العزيز أبا زيد إلى باريها بعد ما يزيد عن تسعين عاماً من الكفاح والدعوة والمجاهدة والعلم والتعليم، وما إن سمع الناس الخبر حتى توافدوا لتشييع الشيخ، وخرجت جماهير حوران والجولان وعلماء دمشق وإربد والرمثا والمفرق لتشييعه، ودفن في مقبرة درعا، رحمه الله.