الاثنين 23 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 25 نوفمبر 2024 م
"الإرهاب" المسكوت عنه
الثلاثاء 20 رمضان 1436 هـ الموافق 7 يوليو 2015 م
عدد الزيارات : 3161

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجمع المسلمون على رفض "الإرهاب" الذي تقوم به جماعات الغلاة، بدءًا من الغلو الفكري، مرورًا بالغلو في التعامل مع عموم المسلمين والجماعات الجهادية، وانتهاء بالتفجيرات والعمليات العشوائية التي تقوم بها في بلاد المسلمين، وقد تعددت مواقف المسلمين من هذا الرفض في الفتاوى، والبيانات، والتحذيرات، حتى أصبح معلومًا لكل متابع براءة المجتمعات الإسلامية من هذا الغلو و"الإرهاب".
وقد شارك في هذا الاستنكار والرفض عامة دول العالم ومنظماته.
إلا أنَّ العالم الإسلامي يتعرَّض لموجات إرهاب أشد وأعظم خطرًا من إرهاب هذه الجماعات، ومع ذلك فإنَّ هناك تحيزًا واضحًا في تأييده تارة، أو السكوت عنه تارة، بل هناك إصرارٌ على نقده واستنكاره، ومن ذلك:
1- إرهاب الدول الغربية التي احتلت أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي في القرن الماضي، وارتكبت في ذلك العديد من الانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية، والتي بقيت إلى اليوم دون محاسبة أو تحمل لمسؤولية جرائمها، والتي لا تزال آثارها ماثلة إلى اليوم، وما زالت تلك الدول تتدخل في شؤون العديد من الدول الإسلامية بشكل مباشر وغير مباشر لتحافظ على مكاسبها من حقبة الاحتلال تلك.
2- إرهاب الصهاينة في فلسطين، والمتمثل في احتلال الأرض، واعتقال الآلف واضطهادهم، وحصار المناطق السكانية وتجويعها، وممارسة أقصى درجات التمييز ضد الفلسطينيين.
3- إرهاب النظام في سوريا، والمتمثل في استهداف المدنيين بالأسلحة المحرمة دوليًا، والأسلحة المخصصة للحروب العسكرية، مع اعتقال عشرات الآلاف، وتشريد الملايين، والذي مازال يحظى باعتراف أممي عالمي!
4- إرهاب الميليشيات الطائفية في كل من سوريا والعراق، وهي التي تمارس أشد أنواع القتل والتعذيب والتهجير ضد الآمنين المدنيين، دون حسيب ولا رقيب.
وإذا أضيف إلى ذلك الإرهاب الفكري الذي تمارسه كل هذه المجموعات على المسلمين ودينهم، بالازدراء والسخرية من الإسلام وتشريعاته، والرفض للكثير منها تحت دعاوى التقدم والعصرانية والتطور ومحاربة الإرهاب، وإفساح المجال أمام الشخصيات والطوائف المنحرفة لنشر باطلها وشبهاتها (تصل قنوات الشيعة التي تبث التشيع والطعن بأهل السنة إلى 25 قناة!) مع حصار القنوات الهادفة أو المعنية بالرد عليها وإغلاقها تحت شعار (وأد الفتنة).
وجميع ما سبق يدفع إلى ترسيخ فكرة وتأصيلها ألا وهي حصر "الإرهاب" و"التطرف" بأهل السنة، مما يظهر مصداقية المعركة حول الإرهاب، ويعكس الرغبة بالمضي في تعزيز اتهام أهل السنة حصرًا عقيدة وفكرًا بالإرهاب، مع ممارسة الإرهاب والاضطهاد ضدهم، مما يدفع بالمزيد من أبنائهم إلى أحضان الإرهاب وجماعاته في ردة فعل على هذا الظلم، وهو هدف مقصود بذاته لتشريع القتل والاستهداف والاضطهاد باسم مشروع مكافحة الإرهاب!
وهذا ما يستدعي المزيد من الجهود لتسليط الضوء عن الإرهاب الآخر، والكشف عنه، ومحاربته، والتوعية بأخطاره وآثاره،،
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.