التبرك هو طلب البركة، وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
1 - أن يكون التبرك بأمر شرعي معلوم مثل القرآن قال الله تعـالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92]، فمـن بركتـه هدايتـه للقلوب، وشفاؤه للصدور، وإصلاحه للنفوس، وتهذيبه للأخلاق، إلى غير ذلـك من بركاته الكثيرة.
2 - أن يكون التبرك بأمر غير مشروع، كالتبرك بالأشجار والأحجـار والقبور والقباب والبقاع ونحو ذلك، فهذا كله من الشرك.
فعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ أَنْوَاطٍ يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) رواه الترمذي.
فقد دل هذا الحديـث على أن ما يفعله من يعتقد في الأشجار والقبـور والأحجار ونحوها من التبرك بها والعكوف عندها والذبح لها هو الشـرك، ولهذا أخبر في الحديث أن طلبهم كطلب بني إسرائيل لمـا قـالوا لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فهؤلاء طلبوا سدرة يتبركون بهـا كمـا يتبرك المشركون، وأولئك طلبوا إلـها كما لهم آلهة، فيكون في كلا الطلبين منافاة للتوحيد؛ لأن التبرك بالشجر نوع من الشرك، واتخاذ إلـه غـير الله شرك واضح.
وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) إشـارة إلى أن شيئا من ذلك سيقع في أمته -صلى الله عليه وسلم- وقد قال ذلك عليه الصلاة والسلام ناهيـا ومحذرا.
---------------------------------------
(*) ينظر: كتاب (أصول الإيمان) طباعة مجمع المصحف بالمدينة المنورة