الخميس 16 شوّال 1445 هـ الموافق 25 أبريل 2024 م
وماتت مستورة!
الأربعاء 21 ذو الحجة 1435 هـ الموافق 15 أكتوبر 2014 م
عدد الزيارات : 2520

 

وماتت مستورة! 
 
كم سمعناها من الفقراء والضعفاء عندما يسألون ما حلمك فيقول الواحد منهم: أعيش مستورًا وأموت مستورًا؛ ومنها اكتسب المعنى صفة الخنوع والذلة، وظهر المثال تلخيصا لتراكم التجربة: امش الحيط الحيط وقول يا رب الستر! نصحا مُذلا في المزيد من خفض الرأس وإذلال النفس وإهراق الكرامة!!!
في غزة تختلف المفاهيم والمعاني والمباني والبشر الحاملون لها والمتمثلون بها ؛ فالستّير من صفات الله ولا يمكن أن يحمل معاني وظلالاً سلبية، ودعاء الصالحين بالستر فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض يؤكد أن معاني الستر والسترة إيجابية قلبتها الشعوب لاستمراء العيش في الظل، والاختباء في الخفاء!!!
في غزة يبدو أن الشهداء يختارون هيئتهم التي سيلاقون الله عليها، يحضرون أنفسهم لتلك الساعة وذلك الحدث حتى إذا ما حانت الساعة صعدت أرواحهم إلى بارئها بأجمل الصور. ونظرة واحدة إلى صور الشهداء تبين أن العد وربما يهاجمهم على حين غرة إلا أن نفوسهم وأجسادهم في استعداد دائم لذلك اللقاء المرتقب في مدينة تعرف من قصص الشهداء وكراماتهم ما يثبت القلب ويجعل أمنياته في موت بذات الشكل.
 
يبدو الاستعداد في حالة النساء أكثر؛ فالستر للمرأة قيمة سامية، امرأة عاشت بستر الله الحافظ في أبهى وأكمل صورة ستقلق كثيرا حول خاتمتها لتحاول بقدرتها البشرية أن تحكم كل التفاصيل التي تضمن خاتمة على نفس المبدأ لتعيش بستر الله وتموت عليه.
الحجاب محكم الربط وكأنه خوذة حرب لا ليحمي الرأس من إصابة قاتلة ولكن ليحمي الطهر من مجرد أن ينكشف، الجلباب مسبل، والسروال من تحته، والجوارب وكل لأمة الحرب ودروعها لبستها تلك المرأة الغزية، لتقول للعالم نحن نختار ميتتنا بأدق تفاصيلها، والعالم الذي يسلبنا أرواحنا لن يسلبنا طهرنا ولن يدنس ولو ذرة من شرف نسائنا، بنو قينقاع منذ ردهم رسول الله وصحابته لن يدوسوا على رداء امرأة مسلمة، وغزة تحفظ ذلك العهد من الستر والطهر.
كان لتلك المرأة ما أرادت؛ فالله قبل وديعتها في النفس والجسد فلاقته بأجمل ما تكون هيئة المرأة المسلمة بينما بناتنا ما زلن ينتقصن من لباس الستر فيلبسن للصلاة رداء، ويخرجن إلى الشارع بمنظر مع أن الله معهن في كل وقت ومكان.
لك الله يا غزة، لكم الله يا أهل غزة، لكن الله يا نساء غزة؛ فقد وصلتم علياء لا يشارككم فيها أحد، وضربتم مثالا لن يستطيعه غيركم أحد.
عندما يكون حلمك أن تموت مستورا تذكر نساء غزة واختر لنفسك ميتتك.
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا