الخميس 16 شوّال 1445 هـ الموافق 25 أبريل 2024 م
عقيدة المسلم (13) - معنى العبادة والأصول التي تُبنى عليها .
الأربعاء 21 ذو الحجة 1435 هـ الموافق 15 أكتوبر 2014 م
عدد الزيارات : 4005

 

معنى العبادة والأصول التي تُبنى عليها (*)
 
العبادة في اللغة: الذل والخضوع، وطريـق مُعبَّد: إذا كان مذلَّلاً قد وطئته الأقدام.
وشرعًا: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمـال الظاهرة والباطنة.
وهي تبنى على ثلاثة أركان:
الأول: كمال الحب للمعبود سبحانه، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].
الثاني: كمال الرجاء، كما قال تعالى: { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} [الإسراء: 57].
الثالث: كمال الخوف من الله سبحانه، كما قـال تعـالى: { وَيَخافُونَ عَذابَهُ} [الإسراء: 57].
وقد جمع الله سبحانه بين هذه الأركان الثلاثة العظيمة في فاتحة الكتـاب في قوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 1-3]، فالآية الأولى فيها المحبة؛ فإن الله منعم، والمنعم يُحبُّ علـى قـدر إنعامه، والآية الثانية فيها الرجاء، فالمتصف بالرحمة تُرجى رحمتـه، والآية الثالثة فيها الخوف، فمالك الجزاء والحساب يُخاف عذابه.
ولهذا قال تعالى عقب ذلك: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، أي: أعبدك يا رب بمحبتك، ورجائك، وخوفـك.
 
والعبادة لا تقبل إلا بشرطين:
1 - الإخلاص؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخـالص لوجهه سبحانه، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وقَال تعالى: {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} [الزمر: 3]، وقال تعـالى: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي} [الزمر: 14].
2 - المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، وقَال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ فيهِ؛ فهو رَد) رواه البخاري، ومسلم، ومعنى (فهورَد): أي مردود عليه.
فلا عبرة بالعمل ما لم يكـن خالصا لله صوابا على سنة رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعـالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7، الملك: 2]: "أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ"، قيل: يا أبا علي، وما أخلصـه وأصوبه ؟ قال: "إنَّ العملَ إِذَا كَانَ خَالِصًا ولَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا، وَالْخَالِصُ إِذَا كَانَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ" أخرجه في حلية الأولياء.
ومن الآيات الجامعة لهذين الشرطين قوله تعالى في آخر سورة الكهف: { قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف: 110].
----------------
(*) مختصر من كتاب (أصول الإيمان) طباعة مجمع المصحف بالمدينة المنورة