صناعة سلاح الرعب
يحاول الوحش وشبيحته ومن معه من المرتزقة عبدة اللات والعزى والنار عن طريق الاجتياح والتمشيط والقصف المتواصل وإلقاء البراميل بتأييد غربي لا حدود له، وبتراجع عربي سوى الشجب والتنديد، بهذه الخلطة العفنة تيئيس الشعب السوري من زوال الطاغية، وتقديم خطوط حمراء كثيرة لا تغني ولا تسمن إلا مزيدا من أشلاء الشهداء ودماء الجرحى وتدمير البيوت ..
وعلى الرغم من هذا كله فإن سوريا وبلاد الشام ليست مرتبطة بدولة قريبة أو بعيدة، أو بجلسات مجلس الأمن، أو هيئة الأمم المتحدة، وليست مرتبطة بأشخاص في الائتلاف الوطني، أو المعارضة بشكل عام، بل مرتبطة بالدين الرباني الباقي إلى قيام الساعة، دين الإسلام حيث بشارة النصر والتمكين .
وعلى الرغم من هذا كله هناك صناعة يتقنها المسلم، صناعة تدق المسامير في نعش الطاغية وشبيحته ومن معه، وتعلن البشارة بولادة جيل الإيمان العاشق للحرية، آلا وهي صناعة سلاح الرعب، وقد يعترض البعض ما للجهاد والرعب؟ وأين الأخلاق التي دعا إليها الإسلام في الحرب، وعدم توريع الآمنين؟
لقد حرص الإسلام على تطبيق أخلاق الحرب، وآداب التعامل مع الخصم، فحذر من انتهاز غفلة العدو المعاهد وأخذه غرة، وحرم قتل الشيخ الكبير والعاجز والصبي والمرأة، وأمر بمعاملة الأسرى معاملة حسنة إنسانية فلا يجوز تعذيبهم ولا التمثيل بهم ولا تعريضهم للجوع والسغب، وعلم الإسلام أن لا عدوان على الأعراض، ولا تخريب للمدن، ولا استلاب للأموال، ولا إذلال للكرامات، ولا الاندفاع وراء الانتقام والثأر، وإنما هو الإصلاح والتحرير والعدالة ونشر الخير ومكافحة الشر .
وصناعة سلاح الرعب ليست بدعة أو فكرة شيطانية، وإنما صناعة مؤيدَةٌ من الله: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} [آل عمران: 151]، إنه وعد من الله القادر القاهر وهو وعد كفيل بنهاية المعركة، وضمان لنصر أولياء الله وهزيمة الأعداء.
وبوادر الهزيمة واضحة للعيان، وبوادر الذل مرسومة على وجوه أركان الطاغية والشبيحة، فالأوضاع النفسية المتردية لهم لها دلالاتها في صناعة سلاح الرعب، التي تنتج الهزيمة وتبث الصدأ النفسي لأعضاء الوحش وشبيحته.
إن إلقاء الرعب في قلوب الأعداء أمر اختص الله به محمدا صلى الله عليه وسلم: (أُعطيتُ خمسًا، لم يُعطَهنَّ أحدٌ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ لي المغانمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ قَبلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصةً، وبُعِثتُ إلى الناسِ عامةً) رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله، وزاد أبو أمامة: (يُقذَف في قلوب أعدائي) أحمد والبيهقي.
وظل المسلمون على هذا الوعد الرباني بنصرهم بالرعب الذي يلقيه في قلوب أعدائهم، فيرتجفون ويهربون منهزمين، وتفتح لهم البلاد والعباد.
وصدق الله: {مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2].
مقومات صناعة سلاح الرعب:
العقيدة:
لعل من أهم أهداف الحرب النفسية هي التخويف من الموت والفقر ومن القوة الضاربة للمنتصر، ومن محاولة جعل النصر حاسما بالدعوة إلى الاستسلام وبث الإشاعات والأراجيف وإشاعة اليأس والقنوط. وفي خضم الأحداث ينسى ويغفل الطاغية وشبيحته عن عقيدة المسلم الحق، وأن تصورات المسلم عن الكون والحياة والإنسان مختلفة كلية عن تصوراته العفنة، وأن الشعب السوري برجاله ونسائه وأطفاله قد تغير، فأصبح لا يخشى الموت، معتقدًا اعتقادًا راسخًا أن الآجال بيد الله سبحانه، ولا يخاف الفقر؛ لأنه يعتقد أن الأرزاق بيد الله سبحانه، ولا يخشى قوات الطاغية؛ لأنه ينتصر بالإسلام وليس بالعدد والعدة، وإن كان مأمورا بـ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ}.
والمؤمن الحق لا يستسلم بعد هزيمته لأنه يعلم أن بعد العسر يسرًا، وأن العزة لله: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} ولا يصدق الأراجيف والإشاعات، ويقضي عليها في مهدها ويفضح مروجيها.
وأخيرًا لا يقنط المؤمن أبدا ولا ييأس من نصر الله ورحمته وان كان وحده، ولا يخفى على العالم أن وراء كل شهيد فرح واستبشار بقرب النصر، ووراء كل خبر عن جريح أو مصاب صبر وثقة بالله واستعلاء على الكفر والطغيان.
المجازر والتدمير :
إلقاء البراميل المتفجرة، والقصف العشوائي الجنوني هو تأكيد على خروج روح الطاغية وشبيحته، كالدجاجة المذبوحة التي تتأرجح يمينًا ويسارًا و تتخبَّط في دمها إلى أعلى وأسفل إلى أن تخمد، وتأكيدًا أيضًا على الروح المعنوية العالية للمجاهدين والشعب السوري الصابر، فكلما ازداد القصف كلما ارتفعت الروح المعنوية لدى الشعب، وفي نفس الوقت تردّت الروح المعنوية لدى شبيحة الطاغية، وعبدة اللات والعزى، وهذا التأكيد والتشخيص يهمله الإعلام العربي بشكل متعمد، فيتحدث عن دمار الوحش والعدوان والقصف بشكل كبير، ويعيد ويكرر، دون الحديث عن الصبر والمقاومة والروح العالية والثبات وتحقيق النصر، أضف إلى ذلك أن الطاغية بهذه الوحشية والتدمير يقوم بعملية عكسية ضد وجوده وبقائه على قيد الحياة، فهو يعيش منعزلاً عن العالم بل كشف للعالم حقيقة المقاومة الزائفة، وحقيقة " كنا متعايشين" وأنه لا يقضي على الإرهاب كما يزعم بل هو الإرهاب بعينه، وبالتالي لا ناصر له ولا معين وإن كانت إيران وروسيا والصين ترعاه وتدعمه، وأمريكا تمهله وتغض الطرف عنه، فكلاهم مرعوب خائف من الثورة، خائف من العودة إلى الفطرة، إلى الإسلام دين السلام والأمان .
النساء والأطفال :
إن رعب النظام ليس مصدره الرجال فقط بل النساء والأطفال، فلهم نصيب في صناعة سلاح الرعب، فالطفل يتحدى القناصين، ويتحدى الشبيحة ويخرج بكل شجاعة وجرأة، وللنساء نصيب الأسد في صناعة سلاح الرعب، فوراء كل مجاهد امرأة مجاهدة، ووراء كل شهيد زوجة صالحة أو أم مربية أو أخت واعية، هذا ماعدا مشاركتها المباشرة في سير الثورة واستبسالها أيضا في الدفاع ومعاونة الثوار بكل ما يحتاجونه .
الاغتيالات:
إن موضوع الاغتيالات يجب أن ينال مكانته الطبيعية في المعركة، ويأخذ حجمه الطبيعي، فإذا طار الرأس هربت الأرجل، وانجرفت تهوى في سحيق الهزيمة .. وكل "تم الدعس" هو تخلص من الحثالة، وتنظيف للأرض السورية، وانجاز على الأرض .
وسياسة الاغتيالات ليست جديدة، فقد بدأها الوحش وشبيحته .. وهي مقوم من مقومات صناعة سلاح الرعب .. وخاصة إذا كان الاغتيال منظما بحيث يكون كل أسبوع مثلاً شبيح له وزنه عند الوحش .. حتى نصل إلى الوحش .. مقتدين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟).
المفاجأة :
عنصر المفاجأة مهم جدًا، وهو مفهوم له أبعاده ونظرياته التي يدّرسها الخبراء، فالمعركة مكشوفة، عددًا وعدة، وتحركًا، وتدريبًا، ونظرة سريعة على صفحات الانترنت تجد الوصف لمسرح المعركة، وقوة الجيش وأعداد الجنود .
إن المعركة ليست محصورة بين الطاغية والشعب، بل ممتدة فهي بين العالم الداعم والمتخاذل والمتفرج وبين الشعب .. ولذا حتى يفيق العالم المتخاذل، وتدمر الطاغية وشبيحته لا بد لهم من مفاجآت، فإذا تفاجئوا صدموا، فإذا صدموا حلت نهايتهم .
والثورة بحاجة إلى مفاجآت عسكرية، وميدانية، وإعلامية، وسياسية، ودعوية فليس هدف الثورة القتل والتشفي بل إنقاذ الإنسان من جحيم الكفر والطغيان، وحتى تنجح المفاجأة لا بد لها من: السرية والسرعة .
الدعاء والتكبير :
وهو السلاح الذي لا يستطيع أن ينتزعه أي شبيح أو لاتيٌّ أو أي إنسان على وجه الأرض من قلب صاحبه، فالدعاء سلاح المؤمن، يدعو ربه الذي خلقه دعاءً ينطلق من قلب مدرك ضعفه وعجزه وحاجته إلى رحمته وعفوه، والى مدده وعونه، يدعو بمن لا يرد قضاؤه ولا يهزم جنده، متجردًا من كل ما عداه مستعدًا للجهاد في سبيله .. وهذا السلاح الخفي العلني يصنع الرعب من جهتين: الأولى: من المجاهدين والشعب السوري، والآخر من إخوانهم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فالقنوت في الركعة الأخيرة من كل صلاة تبث الرعب والخوف في الوحش وشبيحته وتفتت نفسيته إربًا إربًا ..
إننا بحاجة شديدة إلى هذه المقومات وغيرها لصناعة سلاح الرعب التي تبدأ بالعقيدة، فرعب الوحش وشبيحته، ورعب الكفر مرتبط بإيمان المؤمنين وما يكون له من الآثار، فأين الذين ينطبق إيمانهم على آيات الله وسنة نبيه؟ وأين الذين في قلوبهم إن الله غالب على أمره، وإن الذين كفروا غير معجزين في الأرض، وأن العاقبة للمتقين؟
قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173، 174].
وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55].