السبت 2 ربيع الآخر 1446 هـ الموافق 5 أكتوبر 2024 م
طهارة المسلم (5) - أحكام طهارة النساء
الأحد 29 جمادى الأول 1435 هـ الموافق 30 مارس 2014 م
عدد الزيارات : 7677

 

 

طهارة المسلم (5) - أحكام طهارة النساء

 

معنى الحيــض:
دم جِبِلَّة _أي خلقة وطبيعة_ يخرج من قُبُل المرأة (أي المهبل) من غير مرض، ولا سبب ولادة ولا افتضاض بكارة.
مدة الحيض: 
1_ العمر الذي تحيض فيه المرأة:
بدايته: يرى كثير من العلماء أن وقته لا يبدأ قبل بلوغ الأنثى تسع سنين، فإذا رأت الدم قبل بلوغها هذا السن لا يكون دم حيض، بل دم عِلَّة وفساد (أي مرض).
نهايته: قد يمتد إلى آخر العمر، ولم يأت دليل على أن له غاية ينتهي إليها، فمتى رأت العجوز المسنة الدم المعتاد الذي له صفات الحيض: فهو حيض.
2_ طول مدة نزول دم الحيض: 
لم يأت في تقدير أقل الحيض ولا أكثره ما تقوم به الحجة. فغالب النساء تكون حيضتها سبعة أيام، وبعضهن يقل عن ذلك لأربعة أو خمسة أيام، والقليل من تزيد على ذلك لثمانية أو تسعة أيام، ويوجد من يكون حيضها أقل أو أكثر من ذلك، لكنه قليل.
فإن اشتبه الدم النازل على المرأة هل هو دم حيض أم غيره، فلها حالتان:
 أ_ إن كانت لها عادة معروفة ومستقرة: فتعمل بها، لحديث أم سلمة رضي الله عنها: (أَنَّهَا اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ تُهَرَاقُ الدَّمَ[أي: ينزل منها دم كثير ومتواصل] فَقَالَ تَنْتَظِرُ قَدْرَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ وَقَدْرَهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ فَتَدَعُ الصَّلَاةَ ثُمَّ لِتَغْتَسِلْ وَلْتَسْتَثْفِرْ[تشد على فرجها ما يمنع من نزول الدم] ثُمَّ تُصَلِّي) أخرجه أبو داود، والنسائي، وأحمد.
ب_ وإن لم تكن لها عادة متقررة ترجع إلى القرائن المستفادة من الدم مثل اللون؛ لحديث فاطمة بنت أبي حبيش، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ) أخرجه أبو داود، فدلَّ الحديث على أن دم الحيض متميِّز عن غيره، معروف لدى النساء.
ويمكن الآن معرفة دم الحيض بالرجوع لأهل الخبرة وهم الأطباء.
3_ مدة الطهر بين الحيضتين: 
اتفق العلماء على أنه لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين.
واختلفوا في أقله والحق أنه لم يأت في تقدير أقله دليل ينهض للاحتجاج به. فالمرجع فيه عادة كل امرأة.
 
الاستحاضة:
تعريفها: 
استمرار نزول الدم وجريانه في غير وقت الحيض أو النفاس.
أحوال المستحاضة: 
المستحاضة لها ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل أن تصاب بالاستحاضة، وفي هذه الحالة تعتبر هذه المدة المعروفة هي مدة الحيض، والباقي استحاضة، لحديث أم سلمة السابق.
الحالة الثانية: أن لا تكون لها عادة محددة، ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتمييز، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِى عَنِ الصَّلاَةِ فَإِذَا كَانَ الآخَرُ فَتَوَضَّئِى وَصَلِّى فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ [أي: دم عرق انفجر، لا دم حيض]) أخرجه أبو داود، والنسائي.
الحالة الثالثة: أن يستمر بها الدم، ولم يكن لها أيام معروفة، إما لأنها نسيت عادتها، أو لا تستطيع تمييز دم الحيض.
وفي هذه الحالة يكون حيضها ستة أيام أو سبعة، على غالب عادة النساء.
فإذا أمكن التمييز بين الحيض والاستحاضة بالرجوع لأهل الطب: فيجب العمل بما يقوله أهل الطب من التفريق بينهما.
أحكام المستحاضة:
1_ لا يجب عليها الغسل لشيء من الصلاة، إلا حينما ينقطع حيضها. وبهذا قال الجمهور من السلف والخلف. لكن يجوز لها الاغتسال متى شاءت. 
2_ يجب عليها الوضوء لكل وقت فريضة، وتصلي ما شاءت من الصلوات ما دامت على وضوء إلى وقت الفريضة الأخرى، كمن عنده سلس البول، وقد سبق بيان حكمه؛: ولا تتوضأ قبل دخول وقت الصلاة.
3_ تغسل فرجها قبل الوضوء وتضع ما يمنع من تلوث الجسم والثياب بالدم.
4_ يجوز لزوجها أن يطأها ولو في حال جريان الدم؛ لأنه لم يرد دليل بالمنع، لكن لا بد من مراعاة احتمال الزوجة لـذلك.
5_ لها حكم الطاهرات: فهي تصلي، وتصوم، وتعتكف، وتقرأ القرآن، وتمس المصحف، وتحمله، وتفعل كل العبادات. 
 
النفاس:
تعريف النفاس: 
الدم الخارج من قُبُل (فرج) المرأة بسبب الولادة، وإن كان المولود سقطًا.
مدة النفاس: 
1_ لا حدَّ لأقل النفاس، فإذا ولدت وانقطع دمها عقب الولادة وانقضى نفاسها، لزمها ما يلزم الطاهرات من الصلاة والصوم وغيرهما.
 2_ أكثره أربعون يومًا؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: (كَانَتِ النُّفَسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_ تَقْعُدُ بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وأحمد.
قال الترمذي بعد هذا الحديث: "قد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي _صلى الله عليه وسلم_  والتابعين ومن بعدهم، على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، فإن رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين"، أي فيكون حكمه أنه دم استحاضة.
3_ الدم الذي يخرج أثناء الطلق: هو دم نفاس، ينبغي على من رأته ترك الصلاة والصوم.
أما الدم الذي يخرج قبل الطلق: فلا يعتبر دم نفاس، بل دم فساد، فلا تسقط الصلاة به وإذا لم تتمكن من الصلاة ا في وقتها، وجب قضاؤها بعد الطهر. 
4_ رؤية الدم حال الحمل: 
إذا رأت الحامل دماً: فهو دم استحاضة مطلقاً كيف كان؛ فلا يجتمع حملٌ وحيض.
ما يحرم على الحائض والنفساء:
تشترك الحائض والنفساء مع الجنب في جميع ما تقدم مما يحرم على الجنب، وفي أن كل واحد من هؤلاء يقال إنهَّ محدث حدثًا أكبر، ويحرم على الحائض والنفساء _زيادة على ما تقدم_ أمور:
1_ الصوم: 
فلا يحل للحائض والنفساء أن تصوم، ولا يصحُّ منها.
ويجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم، بخلاف ما فاتها من الصلاة، فإنه لا يجب عليها قضاؤه، فعن عائشة رضي الله عنها: (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ) أخرجه البخاري، ومسلم.
2_ الوطء: والمقصود به الجماع
وهو حرام بإجماع المسلمين، بنص الكتاب والسنة، فلا يحل وطء الحائض والنفساء حتى تطهر.
فقد سَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيّ _صلى الله عليه وسلم_ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صلى الله عليه وسلم_: ( اصْنَعُوا كُلَّ شَيءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ)أخرجه مسلم، وفي لفظ (إِلاَّ الْجِمَاعَ)
3_ قراءة القرآن حال الحيض والنفاس:
اختلف الفقهاء فيه، والراجح أنَّ لها أن تقرأه؛ لضعف الدليل الوارد في المنع: (لاَ تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلاَ الْجُنُبُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ)أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وهو ضعيف، وللفرق بينهما وبين الجُنُب؛ فإن الجنب يستطيع أن يُزيل هذا المانع بالاغتسال، وأمّا الحائضُ فليس باختيارها أن تزيل هذا المانع. 
4_ ما يحل من الاستمتاع حال الحيض والنفاس:
لا خلاف بين أهل العلم في جواز مباشرة الزوجة فيما فوق السرة ودون الركبة؛ فعَنْ حَرَامِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِي حَائِضٌ؟ قَالَ: لَكَ مَا فَوْقَ الإِزَارِ [ما يلبس لتغطية النصف الأسفل من جسم الإنسان])أخرجه أبو داود.
واختلفوا في مباشرتها فيما بين السرة والركبة، والراجح جوازه ما عدا الوطء؛ للحديث السابق: (اصْنَعُوا كُلَّ شَيءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ).