السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
كلمة العدد السادس عشر
الاثنين 12 ربيع الأول 1435 هـ الموافق 13 يناير 2014 م
عدد الزيارات : 2600

 

شتاء ثالث يمر على الثورة السورية المباركة، بشدة قسوته وبرودته، مع نقص شديد في العتاد العسكري، وما يحتاجه الناس من وقود التدفئة والكهرباء، واسطوانات الغاز، والارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية وغيرها مع شحها، وخاصة في المناطق المحاصرة. 
بالإضافة إلى زيادة إجرام النظام، وزيادة الدعم الدولي له بطرق كثيرة، مما ضاعف الخسائر في الأرواح والأموال، والله المستعان.
 
ومع هذه الآلام والمخاطر، تبرز المكاسب والإنجازات، والتي لعل من أهمها خلال الشهور السابقة:
- زيادة التوحد بين كتائب المجاهدين عبر كيانات جامعة، أسهمت في رص الصفوف، وزيادة التنسيق بينها، مما يجعلها أكثر انسجامًا في مواجهة العدو، وأبعد عن الخلاف فيما بينها.
- كما أنَّ طول أمدِ المحنة أسهمَ في انكشاف العديد من المخططات الآثمة، والمناهج المنحرفة، مما يزيد من تمحيص الصف وتطهيره، وظهور معادن الرجال، وجميع هذا في صالح الجهاد في الشام ومستقبله بإذن الله، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت/2-3
وقال الشاعر:
جَزى اللهُ  الشدائدَ كلَّ  خيرٍ       وإن كانت تُغَصّصُني بِريقي
وما حَبـّي لها إلا لأنّـي              عرَفتُ بها عدوِّي من صدِيقي
- ومن فوائد المحن: أنها تظهر عجز الإنسان وافتقاره دائماً لخالقه ومولاه , وهي بذلك تزيد من قوة عقيدة المسلم، وترفع من درجة يقينه وتوكله على ربه، وحينئذٍ يعود القلب قريباً من الله، بعيداً عن الشيطان، قال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ} [آل عمران: 173]
وروى الإمام أحمد في كتاب "الزهد": أن موسى عليه السلام سأل الله تعالى يوماً فقال: يارب أين أجدك؟ قال عز وجل: "عند المنكسرة قلوبهم فإني أدنو منهم كل يوم قيراطاً ولولا ذلك لانصدعوا".
- ومن فوائد المحن: أنها تكشف الخطأ والزلل للإنسان، فيصحح مساره، ويحذر من الوقوع فيه مرة أخرى.
- ومن فوائد المحن: أن يعلم المسلم أن الله لا يقضي لخلقه إلا الخير، وإن بدت في الظاهر والصورة شر، فليس عند الله شر محض، وإنما قد يكون الشر الذي يعقبه الخير ويخلفه، قال تعالى : {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} البقرة/216
إنَّ المحنة التي يواجهها الشعب السوري في هذه الأيام محنة عظيمة، وفيها مشاقّ وعُسر كبيرين، فنسأل الله تعالى أن يخفف هذا الشتاء على أهلنا، ويفكّ الحصار عنهم، ويجعل بعد هذا العسر يسرًا، وبعد الكربِ والبلاءِ فرَجاً ونصراً وفلاحاً، والحمد لله رب العالمين.