الركن الثاني من أركان الإيمان: الإيمان بالملائكة
الملائكة: عالم غيبيٌّ، مخلوقون من نور، مطيعون لله تعالى.
وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء، كعلم الغيب، فقد خلقهم الله تعالى ومنحهم الانقياد التامَّ لأمره، والقوة على تنفيذه، قال الله تعالى: {وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19، 20] {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].
وهم عدد كثير، لا يحصيهم إلا الله تعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- في قصة المعراج أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رُفع له البيت المعمور في السماء، (يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ ) أخرجه البخاري ومسلم.
والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجودهم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا أسماءهم على وجه التفصيل، (كجبريل) ومن لم نعلم أسماءهم نؤمن بهم إجمالاً.
الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم، كصفة (جبريل) فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رآه على صفته التي خُلق عليها، وله ست مئة جناح قد سدَّ الأفق.
وقد يتمثَّل الملك بأمر الله تعالى بهيئة البشر، كما تمثَّل (جبريل) حين أرسله الله تعالى إلى مريم بشرًا سويًّا، وحين جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس في أصحابه على هيئة رجلٍ من أصحابه، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وسأله عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، والساعة، وأماراتها؛ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) أخرجه مسلم.
وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم، ولوط كانوا على صورة رجال.
الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى؛ كتسبيحه، والتعبد له ليلاً ونهارًا دون ملل، ولا فُتُور، والاستغفار للمؤمنين.
وقد يكون لبعضهم أعمال خَاصَّة.
مثل: جبريل الأمين على وحي الله تعالى، يرسله الله به إلى الأنبياء والرسل.
وميكائيل: الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات.
وإسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق.
وملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومالك: الموكل بالنار، وهو خازن النار.
والملائكة الموكلين بالأجِنَّةِ في الأرحام، إذا أتم الإنسان أربعة أشهر في بطن أمه، بعث الله إليه ملكًا وأمره بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقيٍّ، أو سعيد.
والملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم، وكتابتها لكل إنسان، ملكان أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال.
والملائكة الموكلين بسؤال الميت إذا وضع في قبره؛ يأتيه ملكان، يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه.
والإيمان بالملائكة، يثمر ثمراتٍ جليلةً منها:
1_ العلم بعظمة الله تعالى، وقوَّته، وسلطانه، فإن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق.
2_ شكر الله تعالى على عنايته ببني آدم، حيث وكَّل من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم، وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
3_ محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى.
4_ الحياء منهم ؛ لمرافقتهم للإنسان في كل وقت ومراقبتهم له.