خرج مجاهدًا بماله، ولسانه، وجهده، وأخيرًا بنفسه، ضحى بها مجاهدًا في سبيل الله، ونصرة للحق، أسس لواء أضحى علامة فارقة للجهاد في سوريا ضد ظلم وبطش الأسد، أنه الشهيد – بإذن الله – قائد لواء التوحيد "عبد القادر الصالح" رحمه الله.
طريقه نحو الشهادة:
قبل انخراطه في العمل ضد "بشار الأسد"، كان "الصالح" يعمل في تجارة الحبوب والمواد الغذائية. وقد بدأ طريقه نحو الشهادة بتنظيم المظاهرات السلمية في بدايات الحراك السوري المعارض، في قريته "مارع" في شمال حلب، والتي تبعد عن الحدود التركية السورية حوالي 25 كيلومتر، ثم انتقل بعد ذلك لقيادة بضعة رجال في قريته، ثم إلى قيادة عدة كتائب مقاتلة بسيطة العدد والعتاد.
تحول فكر البطل الشهيد بعد ذلك إلى ضرورة إيجاد كيان منظم وقوي يستطيع ردع قوات الأسد، فحول فكرته تلك إلى واقع ملموس الآن على أرض الواقع وهو ما يعرف بـ"لواء التوحيد".
لا يتعدى عمر عبد القادر الصالح الـ 33 عامًا، إلا أنه صقل لنفسه شخصية جمعت العديد من الكتائب حوله، إذ أنه من القلة القليلة التي تجتمع على محبتها كل الفصائل المقاتلة المعارضة في سوريا.
كان شخصية جامعة ومعروفة بإخلاصها وبنزاهتها في الوسط السوري المعارض، وكان متدينًا ومن دعاة إقامة دولة إسلامية، إلا أنه أكد في عدة مناسبات أن "الدولة الإسلامية لن تُفرض على سوريا بقوة السلاح".
كان الرجل معروفاً ببساطة عيشه وبتواضعه، حتى أن عائلته مكثت في مسقط رأسه "مارع" إلى فترة ليست بالبعيدة، وقد ذكر أبناء بلدته أن "الصالح" في زيارته الأخيرة طلب أن يُحفر قبره وأوصى بأن يُدفن في "مارع"، وهو ما حدث.
"عبد القادر الصالح" كان من القلائل الذين توجهوا لمؤازرة المقاتلين في القصير عندما كانت المعركة في أوجها، بينما رفضت الفصائل الأخرى الدخول في المعركة.
تعرض الرجل لأكثر من محاولة اغتيال حتى أن النظام السوري وضع مكافئة مالية قدرها 200 ألف دولار لمن يعتقله أو يقتله.
لواء التوحيد علامة فارقة:
أما عن لواء التوحيد الذي أسسه "الصالح"، فهو من أولى التشكيلات الكبيرة التي وحدت الفصائل المقاتلة في منطقة حلب وريفها، كان اللواء أول من دخل مدينة حلب التي تأخرت في دخول معترك الحرب السورية.
أما الآن ينضوي تحت راية لواء التوحيد أكثر من 10000 مقاتل يمتلكون تسليحًا خفيفًا ومتوسطًا لا بأس به؛ من رشاشات ثقيلة وقاذفات صاروخية مضادة للدروع متطورة والقليل من السلاح الثقيل المُصادر من مخازن ومراكز قوات الأسد من ناقلات جند ودبابات.
ما زال لواء التوحيد الفصيل الأقوى في مدينة حلب حيث يسيطر على أكثر من 70 في المائة من الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
لحظة استشهاده:
بحسب المعلومات الأولية التي تم تداولها، تم استهداف "عبد القادر الصالح" رحمه الله لدى اجتماعه بعدد من قادة لواء التوحيد في مدرسة المشاة في منطقة ريف حلب، حيث تم قصف المدرسة المذكورة من قبل سلاح الطيران السوري.
وبعد إصابته تم نقله إلى الأراضي التركية "غازي عينتاب" تحديداً ليتم إسعافه، وبعد ذلك يقال أنه تم نقله جوًا إلى أنقرة لخطورة إصابته، إلا أنه ما لبث أن توفي متأثرًا بجروحه.
تم مواراة جثمانه في بلدته "مارع" في تمام الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ليلة الاثنين 14 من المحرم 1435هـ.
كان - رحمه الله - داعية وحدة وتوحيد، صادق اللهجة، طيب القلب، كريم السجايا.
في ظهوره العلني الأخير منذ خمسة أيام على جبهة اللواء 80 على أطراف مدينة حلب، حث عبد القادر الصالح جنوده على القتال والثبات في وجه الحملة العسكرية التي تقوم بها قوات الأسد في حلب وريفها منذ عدة أيام والتي وصلت إلى أوجها في السفيرة وفي عملية استرداد اللواء 80 من المعارضة المسلحة.
نعوه فقالوا عنه:
نعى الشهيد – بإذن الله- الكثيرون، أولهم المجلس المحلي لمدينة حلب، والذي قال في بيانه عن الصالح أنه "عُرف بالشجاعة، والثبات، والإقدام، في ميادين الوغى والجهاد .. كما عُرِف بتواضعه، وبساطته، وقوة يقينه .. وكان للثورة الشامية والثوار بمثابة صمام أمان من الانزلاق نحو أي انحراف، أو اقتتال داخلي".
كما نعاه الشيخ "محمد زهران عبد الله علوش" قائد جيش الإسلام، قائلاً " إلى والدَيْ عبد القادر وأولاده وأهله، إلى أهلنا في حلب الحبيبة، إلى كل أبناء سورية، وكل السُّنة في العالم، أحسن الله عزاءنا جميعًا، بشهيد الأمة، رفيق الدرب، القريب من القلب، المجاهد البطل عبد القادر الصالح".
ونعاه قائداً وألويةً ( المجلس العسكري الثوري في محافظة حماة )، حيث أكدوا في بيان صادر عن المجلس "أن العيون تبكي دمًا على فراقه"، كما ذكر البيان أن الشهيد ارتقى "على أرض الشام المباركة في مواجهة الظلم والظالمين، مقبلاً غير مدبرٍ في ساحات الوغى، مدافعاً عن أهله وإخوانه فروى بدمه الطاهر أرض وطنه".
كما نعته قيادة جبهة حمص، وكافة قوى الحراك الثوري بالمدينة، قائلة: "ونَشْهَدُ أمام رَبِّنَا أَنَّه أدّى الأمَانةَ، و بَذَلَ مَا بِوُسْعِهِ لِإِعْلاءِ كَلِمَةِ الحقِ والذَّوْدِ عَنْ الْمَظْلُومِينَ، وَمَا عَهِدْنَاهُ إلا بطلاً مِغْوَاراً فِي مَعَارِكِ الْقُصِير، وقَائِداً كَبِيرَاً فِي مَعَارِكِ (قَادِمُونَ)".
كما أعلنت ألوية "صقور الشام"، اليوم الاثنين، عن بدء معركة واسعة النطاق في ريف إدلب تحت مسمى "غزوة الثأر للشهيد القائد عبد القادر الصالح".
وختامًا نعته مآذن "خان شيخون" بإدلب، التي طالما رد عنها وعن غيرها بطش الأسد وقواته، فخرجت تصدح وتزف خبر استشهاده وهي تبكي على فراقه، لسان حالها قول الشاعر..
فإما أن نعيش بظـل دين *** نعز به وبالنهج الرشيدِ
وإما أن نموت ولا نبالي *** فلسنا نرتضي عيش العبيدِ
نعى مجلس وإدارة شبكة "الدرر الشامية"، استشهاد قائد لواء التوحيد، البطل المجاهد "عبد القادر الصالح"، الذي استشهد يوم الأحد الماضي في أحد المشافي التركية جراء إصابته بغارة جوية شنها الجيش الأسدي أثناء تواجده مع بعض القادة بحلب.
وكان "عبد القادر صالح" أحد شباب الريف الحلبي من بلدة اسمها "مارع"، عمره 33 عامًا، له زوجة وخمسة أولاد، كان يعمل في تجارة الحبوب والمواد الغذائية، وبالإضافة لذلك، كان يعمل في الدعوة إلى الإسلام في سوريا، الأردن، تركيا وبنغلاديش، وذلك بعد أن أمضى خدمته العسكرية في وحدة الأسلحة الكيميائية في الجيش العربي السوري.
كان "عبد القادر" من أول المنظمين للنشاط السلمي والمظاهرات في "مارع" وحينها أطلق عليه اسم "حجي مارع"، ثم انتقل إلى العمل المسلح بعد بداية الثورة بشهور، اختير ليكون قائد الكتيبة المحلية في بلدة مارع، ثم اختير ليقود مجموعة من الكتائب العسكرية للقتال في الريف الشمالي لحلب تحت اسم "لواء التوحيد "، يتمثل دور "الصالح" في هذا اللواء بقيادة العمليات العسكرية فقط، أما قائد اللواء فهو "عبد العزيز سلامة".
يتمتع "عبد القادر الصالح" بالكاريزما العالية، فبالرغم من نحول جسده لديه حضور قوي، ووجه قريب إلى القلب، شعبيته عالية بشكل عام في كل مدينة ومحافظة حلب ، إلا أنه وفي بداية الثورة كانت هناك بعض التحفظات من أهل مدينة حلب على دخول لواء التوحيد للمدينة خوفًا من رد النظام السوري القوي وأثره عليها.
"عبد القادر" كان يريد أن يرى سوريا دولة إسلامية، ولكنه قال: "إن هذه الدولة لن تفرض أبدًا بقوة السلاح"، يرى بأنه ليس هناك أي مانع من تجنيد أشخاصٍ ليسوا سوريين في اللواء، ولكن بحسب ما ذكر لا يوجد في اللواء أي شخص غير سوري إلى الآن.
كان "عبد القادر" دائمًا في الصفوف الأمامية في كل المعارك حتى في المعارك الأخيرة "اللواء 80 في حلب"، كان متواجدًا مع عناصره طيلة الوقت، وقبل ذلك في معركة "القصير" عندما امتنعت معظم الكتائب عن المؤازرة.
تعرض "الصالح" إلى أكثر من حادثة اغتيال، كما أن النظام السوري وضع مكافأة مالية وقدرها 200 ألف دولار لمن يعتقله أو يقتله.
عائلة "الصالح" بقيت في مدينة "مارع" إلى فترة قريبة، حتى أنه في إحدى زياراته إلى المدينة قد قام بحفر قبر له هناك، وأوصى بأن يدفن فيه.
العقيد "رياض الأسعد" ينعي الشهيد قائد لواء التوحيد "عبد القادر الصالح"
نعى العقيد "رياض الأسعد" القائد العام للقيادة العامة للجيش السوري الحر، قائد لواء التوحيد المجاهد "عبد القادر الصالح"، الذي استشهد يوم الأحد الماضي في أحد المشافي التركية جراء إصابته بغارة جوية شنها الجيش الأسدي أثناء تواجده مع بعض القادة بحلب.
وقال "الأسعد" في بيان له اليوم: "بأسمى مشاعر الفخر والحزن ..الاعتزاز والألم وبقلوب مؤمنة بقضاء الله، وقدره يزف الجيش السوري الحر للشعب السوري ولجماهير الأمة رجلاً من رجال الثورة الأشداء وبطلاً من أبطال المعارك والخنادق وقائدًا من خيرة أبناء الوطن ..الشهيد القائد البطل عبد القادر الصالح قائد لواء التوحيد".
وأضاف: "وإننا إذ نتقدم باسمي وباسم القيادة العامة للجيش السوري الحر قادة ومقاتلين من ذوي الشهيد الكرام وأبطال لواء التوحيد وأهل بلدته "مارع" في ريف حلب الشهباء، وكافة جماهير محافظة حلب البطولة بأسمى آيات العزاء والمواساة نسأل الله العلي القدير أن يتغمد شهيدنا المفدى بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين "وحسن أولئك رفيقا".
وأكد البيان أن الثورة السورية والجيش السوري الحر قد فقدوا "مجاهدًا وقائدًا ميدانيًّا تشهد له ساحات الوغى ببأسه وجسارته أوجع أعداء الثورة وأعداء الشعب السوري بضرباته وإقدامه".
وعاهد "الأسعد" في بيانه "الشهيد البطل وكافة الشهداء أن نستمر بالثورة حتى إسقاط نظام العمالة ودحر الاحتلالات الأجنبية عن وطننا سوريا، ونقسم بدماء عبد القادر الصالح وكل شهداء الجيش السوري الحر الميامين أن الثورة مستمرة حتى الانتصار".