الخميس 19 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 21 نوفمبر 2024 م
تقرير حمص تاريخها ومجازر الأسد ـ هيئة الشام الإسلامية
الخميس 24 ربيع الأول 1433 هـ الموافق 16 فبراير 2012 م
عدد الزيارات : 2260

تقرير مرئي عن مدينة حمص ـ تاريخها ومتى فتحها المسلمون وسكن الصحابة فيها ، وما تعرضت له من غزوات عبر التاريخ لم يكن مصير الغزاة غير الهزيمة والعار.
وما تلاقيه حمص هذه الأيام من حصار وقصف وهجمة وحشية تمارسها عصابات الأسد التي لا تملك من معاني البشرية شيئاً.

 

اخلع حذاءك قبل دَوسِ ترابِها ** فترابُ حِمصٍ من رُفات شَبابِها

قبّل ثَراها باسماً لا تبتَئس ** إنّ الشعوبَ حياتُها بمُصابِها

حمصُ العديّةُ إن وَقفّتَ ببابِها ** سَلّم على أهل الوفاءِ بِسَاحِها

مدينةُ ابنِ الوليد ، من أجمل مدنِ الشام وأوسعِها، ثالثُ أكبرِ مدن سوريا بعد دمشقَ وحلب، عريقةٌ بعراقة تاريخها الذي يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، تقع وسَط سوريا الغربي على ضفاف نهر العاصي، شمالَ العاصمة دمشق ب 160 كيلومتراً ، يزيد عدد سكانها على مليونٍ وثلاثِـمائة ألفِ نسمة، اكتسبت أهميةً كبيرةً بحكم موقعها الجغرافي الذي يُعتبر العقدةَ الأكبرَ للمواصلات في سوريا. تُعتبر من أهم مدن سورية الاقتصادية والحضارية.

عُرِفت حِمصُ بدُعابةِ أهلها وطيبةِ قلوبهم ودماثةِ أخلاقهم وحسنِ معشرهم،

فتحَها المسلمونَ سِلماً في عهدِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطاب في السنةِ الرابعةَ عشرةَ من الهجرة النبوية،وسكنها خمسُمائة من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا عجبَ من بطولةِ أهلِها ونجدتِهم شجاعتِهم وحميّتهم، فهم أحفادُ خالدَ الذي سُمّي حيُ الخالديّة باسمِه، وعمرو بن معدِ يكرب الذي سُمّي بابا عمرو باسمه، وأبي عبيدة وعبادةَ بنِ الصامت وأبي موسى والعرباضِ بنِ سارية، وغيرُهم مئاتٌ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

انطلقت شرارة ثورة الكرامة من أرض حوران، فقامت حمص تلبي النداء لم يتخلف حي من أحيائها، ووقفت مع كل مدينة محاصرة وجريحة تفديها بدمائها ورجالها .. ولم تلبث أن استلمت حمصُ الرايةَ لتصبحَ عاصمةَ الثورة السورية، وتدفعَ أكبرَ فاتورةٍ من دماءِ أهلها الذين تجاوزوا ثلاثةَ آلافٍ وخمسِمائة شهيد، من تلكلخ إلى الرستن وتلبيسة والحولة والقصيّر والخالدية وبابا عمرو وباب دريب وباب سباع وباب هود والإنشاءات وكرم الزيتون والقصور ودير بعلبة وتير معلة وباب تدمر .. أسماء كثيرة وكثيرة أصبحت حديث القاصي والداني وغطّت على أسماءِ عواصمَ عالميةٍ حفظ الناس أسماءها فأنسَتهم حمصُ ذكراها.

حمصُ التي كانت تدخلُ السرورَ على أهل سوريا جميعِهم بظرافةِ أهلِها ونُكاتِهم ، تبكيها سوريا اليومَ وهي تنزف دماً يُقّرح أجفان الغيورين، ويخذِله من ليس فيه دم.

ارتكبت عصابات الأسد مجازر كثيرة، بدءاً من مجزرة اعتصام ساحة الحرية في الثامن عشر من إبريل مجازر، وتعرضت أحياءُ حمصَ لعدةِ عمليات قصف وحصار ودهم وتدمير للمنازل وقتل للأبرياء واعتقال للكبار والصغار طيلة الأشهر الماضية. حتى أصبحت كجسد خالد ، ما فيها موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح. لكنّ ذلك لم يَثن ِأهلها عن المطالبة بحريتهم وكرامتهم والحفاظ على حمل الراية.

في يوم جمعة ( سامحينا يا حماه ) خرجت حمص برجالها ونسائها وأطفالها تُنشد لجارَتها وتوأمها في البطولة والفداء حماه، في ذكرى مجازر آل الأسد قبل ثلاثين عاماً ، فلم يرُق ذلك لجزار العصر ابن سفاح القرن الماضي ، فأراد أن يحيي المجزرة على طريقته الخاصة ولكن في حمص هذه المرة.

فوجئ العالم بقصف صاروخي كثيف وبكافة أنواع الأسلحة والمعدات  الثقيلة يدكّ حي الخالدية ليلة السبت الرابع من شهر شباط/ فبراير 2012 ، ليسقط في تلك الليلة أكثر من 350 شهيد و 1500 جريح .. ولايزال القصف مستمراً منذ أكثر من عشرة أيام على أحياء حمص، خاصة حي بابا عمرو، يذهب ضحية هذا العدوان كلّ يوم ما معدله مائةُ نفس من الأبرياء، فسُويت منازل كثيرة بالأرض ، وأُزهقت أرواح عوائلَ بكاملها في مجازرَ مروعةٍ لم يقرأ العالم مثلَها في التاريخ.

لم يكن سفاح القرن الحادي والعشرين بأولَ من تسوّل له نفسه غزو حمصَ،  فقد غزاها المغول من قبلُ بخمسين ألفَ مقاتل، وكانت أكبرَ معارك المسلمين مع التتار بعد عينِ جالوت، قربَ مسجدِ خالد بن الوليد، مُنيَ فيها المغول بهزيمة منكرة رغم كثرة عُدّتهم وعتادهم. ومن حمصَ خرجَ هرقلُ يجرُّ أذيال الهزيمة، وهو يقول : وداعاً يا سوريا وداعاً لا لقاء بعده. وفي حمص ستكون نهاية الأسد وعصاباته وهزيمتهم بإذن الله.

حمص يا أمّنا الجريحة .. كلُنا لك فداء .. ثقُلَ الدّينُ ووجب علينا الوفاء .. لن نقول : يا حمص سامحينا .. ولكن لبيك يا حمصُ قد أتينا ولبينا النداء .

 

تم إعداد هذا التقرير يوم الأربعاء 23-3-1433 الموافق 15-2-2012
وتم بثه لأول مرة في حلقة برنامج ( من أجل سورية ) مع د. حسان الجاجه

http://www.youtube.com/watch?v=McqbiFcHdTU&feature=youtu.be