السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام طابت أوقاتكم في سلسلة جديدة من حلقات برنامج صناعة الوعي والتي خصصناها هذه المرة لطرح ومناقشة موضوع ربما يكون الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية عموماً وبلاد الشام خصوصاً وهو الأمر الذي يعوّل عليه دائماً في تحقيق أو تأخر النصر، إنه موضوع وحدة الصف واجتماع الكلمة، التحديات والعقبات والتي نسعد في أن يكون ضيفنا في هذه الحلقات فضيلة الشيخ الدكتور خير الله طالب رئيس هيئة الشام الإسلامية وعضو أمناء المجلس الإسلامي السوري.
حياكم الله دكتور..
د. خير الله طالب: حياكم الله أخي أستاذ تمام والسادة المشاهدين والمشاهدات.
أ. تمام: دكتور هذا الموضوع ذو شجون؛ موضوع اجتماع الكلمة ووحدة الصف ولعل المشهد السوري اليوم هو الأكثر وضوحاً في تأثير هذه القضية على سير الأحداث، أكثر من خمس سنوات اليوم منذ انطلاق الثورة السورية والدماء تسيل والمعاناة تزداد وتكالب الأعداء بات واضحاً وتخلي القريب وتآمر الغريب ومع ذلك ما تزال الفرقة هي سيدة المشهد وكثير يتساءلون إلى متى نبقى متفرقين رغم هذه المآسي.؟ ماذا يمنعنا من التوحد بعد كل هذه السنوات، وبعد كل ما سال من الدماء وما لبسه هذا الشعب من المعاناة...؟
ماذا يمنعنا دكتور؟!!
د. خير الله طالب: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وبعد..
الحقيقة بعد خمس سنين كانت محطة تستحق التوقف وأستبشر حينما أرى من هنا وهناك تساؤلات تطرح وقضايا تناقش حول إلى أين نحن نسير هذا التساؤل بحد ذاته مهم.
أ. تمام: لكن أليس هذا الطرح متأخرا الآن؟!
د. خير الله طالب : لاشك أنه متأخر وتأخره له أسبابه الحقيقة نحن نحتاج إلى أن نقف قبل أن نتساءل عن الفرقة وأسبابها لأننا نحن نتساءل عن الفرقة وأسبابها لتأثيرها على مجيء النصر ولذلك نحتاج هنا أن نتحدث عن مسألة النصر و التمكين التي ننشدها وسبب إنشادنا لها، نسأل عن الفرقة و الاجتماع ووحدة الكلمة
أولا نحن نحتاج إلى أن ندرك طبيعة الإنسان و طبيعة الحياة، الإنسان وجد في هذا الكون لغاية وطبيعة الحياة أنها تتقلب وتتغير، و من طبيعة الإنسان أيضاً أنه يغفل عند الرخاء فعندما ينال ما يريد يسترخي واذا مرّ في الشدائد استيقظ، من رحمة الله لعباده المسلمين أنه يبقيهم في الشدائد أكثر ليكونوا متيقظين في هذه الدنيا فيبقوا مع الغاية التي خلقوا من أجلها و يحققوا مراد الله عزه وجل في هذا الكون الذي لا ينتظم إلا بأمره، كل الكون منتظم بحركته المسيرة، الجن و الإنس هم الذين أعطوا مساحة من الاختيار وفي هذا الاختيار تقع المخالفات و المتناقضات لنظام الله عز وجل في الكون وتضطرب الحياة لاضطراب الإنسان في حركته تجاه أمر الله عز وجل فيبقيه الله في الشدة لمحبته له لكي يبقى متيقظاً.
لذلك، أنا أستبشر بقدر ما أحزن وأفرح بقدر ما أقلق نحن نسير إلى خير لأن هذه المطارق الشديدة توقظنا و تجعلنا نتساءل وكما ذكرت في بداية حديثي التساؤلات كثيرة واحدة منها لماذا لم نجتمع...؟ لماذا لم نجتمع...؟ إذا تحدثنا عن الاجتماع وفلسفته بشكل عام الاجتماع هو محصلة أعمال كبيرة وكثيرة الاجتماع هو تعاقد على نظام يصنعه البشر وفق قيم.
إذا أتينا إلى هذه القيم فواقع السوريين يبين أنها بنيت في ظل نظام مخالف للاجتماع، فقد صنع صناعة الفرقة أي بنيت على باطل. ففي داخل كل منا عوامل الفرقة يزرعها بيده ويشارك في سقايتها يومياً في داخل كل فرد سوري منا.
أ. تمام: تربى على ذلك..
د. خير الله طالب: تربى على ذلك، هذه هي التربية هي صناعة بحيث جعلته ينطلق باللاشعور ينطلق من عقل اللاوعي أي يتصرف بلا وعي مثل من يمشي في طريق فيصل إلى مكانه ثم لا يتذكر معالم الطريق إنه وصل ولكنه لا يعرف.، عقله اللاواعي الذي اعتاد السير على هذا الطريق ونحن اعتدنا السير فيه، نصنع الفرقة ونسقيها ثم نرمي بعضنا بعضاً بها فالفرقة لست أنا من صنعها، صنعها الآخرون والآخرون يقولون لسنا من صنعها؛ صنعها الآخرون. إذاً من صنع الفرقة
يا أخي يا أستاذ تمام يا أيها السادة المشاهدون الفرقة صناعة مشتركة صنعناها بأيدينا وسقيناها يومياً بتصرفاتنا فإذا أردنا ان نخرج من الفرقة فعلينا أن نعود أنا وأنت يا أستاذ تمام إلى أسبابها
أ. تمام: جميل.. ما أسبابها!؟ أنت ذكرت النظام و التربية التي نشأ عليها هذا الجيل ولكننا أمضينا خمس سنوات و الآن دخلنا في السادسة أليست كفيلة بأن تغير هذه التربية وبأن تتجاوز هذا المشكلات التي ربما تكون نفسية باللاوعي
د. خير الله طالب : صحيح مرة أخرى الثورة السورية هي مشروع ضخم جداً و المشاريع الضخمة تحتاج لأن يستعد لها جيداً، جاءت الثورة بلا استعداد فمن الطبيعي أن نختلف لأننا ربينا على الفرقة أيضاً مرة أخرى المشاريع الضخمة تحتاج إلى مراحل و إذا لم يكن هناك استعداد لن يكون هناك مرحلة طبيعة، التغيير عند الله له سنن و قوانين فتبدأ هذه السنن من داخل النفوس ثم تنعكس على الأفعال و توفير واقع جديد، الحقيقة نحن انطلقنا في هذه الثورة مدفوعين بدوافع متعددة هذه الدوافع مختلفة بين صالح و طالح و دوافع صالحة و دوافع سيئة و الدوافع الصالحة متباينة بين دوافع صغيرة و دوافع كبيرة ضخمة و هناك من انطلق يريد تمكين دين الله عز وجل في الأرض و صار يحلم أحلاماً كثيرة هي أصلها مشروعة ولكنها غير ممكنة إلا بعد أجيال غير ممكنة ومستحيلة إلا بعد أجيال، هذه سنن الله عز وجل و هي من طلائع الأمور، ومنهم من اندفع يريد الجنة و هي حلم كل مسلم، فهو يريد أن يقتل و ليس أن يبني حياة جديدة لذا هو ليس لديه مشكلة في أن تدمر البيوت، يريد الشهادة.
وآخر يحلم برغد العيش وعبادة هادئة ساكنة بعد الثورة، وآخر يحلم بما منع منه من حرية وانطلاق وراحة نفسية.
أ. تمام: كلها أهداف وأحلام مشروعة؛ ولكن إذا ما عدنا إلى موضوعنا موضوع الفرقة والخلاف وأن هناك أسبابا ربما تكون نفسية، وربما هناك أسباب على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة ،لو تداولنا هذه الأسباب بشيء من الإيضاح والتفصيل.
د. خير الله طالب: جميل.. تعدد الدوافع أول أسباب الخلاف ولذلك ينبغي أن نعترف أن الفرقة طبيعية في ظل تعدد الدوافع.
أ. تمام: جميل..
د. خير الله طالب: التربية والتنشئة أحد عوامل الخلاف العميقة.
ثالثاً: غياب القيادة لهذه الثورة و هذا أمر تأخر فيه السوريون كثيراً، غياب القيادة يعدد الآراء و العمل التنفيذي اليومي في إجراء العمليات العسكرية و التصرفات السياسية و العلاقات الخارجية هذه لا تحتمل تعدد الرأي لأن تعدد الرأي يؤدي إلى تضارب يعني أن يضيّع بعضنا ما حققه الآخر، و بالتالي أصبح هناك بناء وهدم يومي في ظل غياب القيادة وتعدد الرأي تعدد الرأي العملي التنفيذي اليومي و أيضاً تعدد الخطط اذا وجدت الخطط التي تكون في غالب الأمر قصيرة
أ. تمام :هي ردود أفعال وليست خططا،
د. خير الله طالب : بالضبط هي ردود أفعال وليست خططا لكنها خطط لردود الأفعال هذا يوقفنا على سبب رابع من أسباب الفرقة وتأخر النصر والتمكين وهو غياب الاستراتيجية و الرؤية البعيدة يعني نظر قاصر نظر يومي نظر محدود بنطاق جغرافي أحياناً محدود بقدرات ذاتية، إننا عندما نتحدث عن إسقاط نظام حدود و إمكانات منطقة أو مدينة أو محافظة لن تستطيع وحدها حتى توسع النظر وتنسلخ من الحالة اليومية وتنظر من بعيد إلى هذا البلد ككل.
وتكامل هذا البلد بتنوعه كله بتنوع إمكاناته ومقدراته وثرواته وقدراته التفكيرية وتنوع أفراده وتنوع تجاربه في الثورة، نحن الآن نمر بحالات عصيبة وصعبة من الفتن الداخلية والخارجية وقد مررنا ببعضها في بداية الثورة ومنتصفها السؤال هل نحن نقرأ هذه الحالات؟ هل نحن نقرأ هذه الإخفاقات؟ إذا نحن لم ندرسها ولم نقرأها سنكرر هذه الأخطاء مرة أخرى.
أ. تمام: دكتور هذه أسباب في الفرقة والخلاف على الصعيد العام ولكن إذا ما عدنا لكل جانب شخصي لدى كل واحد منا لدى الثوار لدى القادة لدى المتحكمين في الوضع الآن، يعني لابد من أن هناك أسبابا شخصية نفسية كأمراض قلوب مثلاً تؤدي إلى ألا نصل إلى اتفاق على مستوى العالم الذي تفضلت به.
د. خير الله طالب: فتح الله عليك، هذا بيت القصيد وهذا الذي سوف نقف عنده وأتمنى أن ندور حوله ونركز عليه.
الحاكم على الإنسان هو فعله وليس قوله، نحن اليوم كلنا نقول إننا فعلنا الصواب لأننا نعتقد لو أن الصواب شيء آخر لفعلناه، والله عز وجل دعانا للوقوف على مسألة اختلاف القول عن الفعل (يا أيها اللذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) نحن نقول كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون السؤال: هل تصرفاتنا اليومية تؤكد أننا خطاؤون وكثيرو الخطأ؟!
عندما تنبهني على خطأ كيف أتصرف...؟
أ. تمام: تختلف ردة الفعل.
د. خير الله طالب: هذا أستاذ تمام ماعمله، شو معرفه، شو مدريه، منين طلعلنا هذا تمام، يا أخي أصلاً هذا صاحب أجندة....
أ. تمام: التهم جاهزة.
د. خير الله طالب: أي نعم.. متى شارك بالثورة، كان شغالا تحت الطاولة، شغالا في محافظة أخرى، شغالا في ميدان آخر...
أنت لا تراه لكن التهم جاهزة لم؟ لكي أبرر أني على صواب والذي نقدني ليس مصيباً.
أ. تمام: أرى نفسي معصوماً
د. خير الله طالب: يا سلام عليك.. إذا قلت لك يا أستاذ تمام لا ترى نفسك معصوماً، ربما يغضب الإنسان و ينفعل انفعالا شديدا لأنه لا أحد يدعي لنفسه العصمة لكن المحك هي أفعالك، قد يدعي الإنسان أنه خطاء لكن أفعاله تقول إنه يتصرف تصرف المعصوم و لبس ثياب المعصوم لا يقبل الاعتراف بالخطأ و لا يقبل التصحيح و لا يقبل النقد و ترى أن النقد هدام و ترى أنه لا يقدر قيمتك و ترى أنه تنقص من عملك و ترى أنه لا يوجد فيه تقدير و لا مراعاة للمشاعر، نعم قد تكون هذه الأشياء صحيحة عند الناقدين اليوم، بليت الثورة السورية بالنقد الحاد و النقد الهدام و النقد العلني و بليت أيضاً بمنهجية خاطئة بالنقد، النقد يعني النسف لكنها بليت بلاء آخر هو بعدم تقبل النقد.
أ. تمام: وربما يكون الأخطر.
د. خير الله طالب: الأخطر لأن الأول الذي أخطأ في الأسلوب خطؤه في الأسلوب بينما الثاني خطؤه في المنهجية خطؤه فكري ومنهجي عميق يقضي على العمل.
أ. تمام: السؤال دكتور هل هذا الخطأ أو هذه النفسية نفسية العصمة التي أشرتم إليه هل هذا المرض ينعكس تأثيره على الشخص أو ينعكس على الجماعة والواقع أو على البلاد بأكملها...؟
د. خير الله طالب: طيب.. حينما أقول أنا أعمل، متعلم، إمكانياتي وافرة، وجماعتي لا يوجد أحسن منها وهي الأفضل ثم أغلقت على نفسي النقد والقبول بالنقد من الآخر هذا سيؤدي أولاً إلى الانغلاق وبالتالي المحدودية، تكبر أهدافي وطموحاتي لكن أدواتي ضعيفة لا أبلغ أهدافي هذا أولاً وهذا حصل في كثير من المؤسسات والجهات والجماعات والحركات والفصائل دعنا نسميها الكيانات أنا لا أريد أن أوجه النقد إلى.. اليوم إذا وجه البعض النقد للثورة انصرف البعض إلى العسكريين وهذا خطأ منهجي لماذا...؟
لأن الثورة ليست للعسكريين وحدهم، الثورة للعسكريين والسياسيين والدعويين والإغاثيين والمفكرين..
أ. تمام: كل من يعمل عليها.
د. خير الله طالب: كل من يعمل.. بالثورة فهو يصدق عليه الحديث قائماً فيها، أنغلق! تضعف أدواتي تضعف طموحاتي ثم أكون لنفسي محميةً صغيرة وأظن أن الثورة انتصرت حينما أتحرك حركتي اليومية وأتصرف كأني رجل دولة..
أ. تمام: ضمن حدود جغرافية بسيطة.
د. خير الله طالب : لا أريد أن أتحسس منه على الإطلاق و لكن لتقريب الصورة هذا ما يقال فيه هؤلاء أشبه بأمراء حرب أحياناً سواء أكان عسكرياً أو سياسياً يتصرف في مساحة ضيقة خارجية أو داخلية فهو يصبح كأنه أمير يتمتع بهذا الواقع الصغير الذي أنساه الهدف الكبير و هو إسقاط النظام و إعادة البلاد إلى عزها و مجدها هذه قضية، القضية الأخرى أنه سينتقل إلى بعد الإعجاب بالذات إلى الغرور يعني يرسم أهدافا كبيرة و أدواته ضعيفة جداً و بالتالي إذا دخل في هذه الأهداف الكبيرة أصبح مقامراً مغامراً بالناس فلا يحققها فترتد عليه، يصل لمرحلة أخطر وهي الكبر الكبر بمعنى كما عرفه النبي صل الله عليه وسلم بطر الحق وغمط الناس يعني رد الخطأ لذلك يقع بالخطأ تلو الخطأ ولا يسمع يصاح به ولا ينتبه، أصبح في غمرة العجب والكبر
أ. تمام : فإذا التأثير متعد وليس تأثيرا على الشخص ذاته
د. خير الله طالب: يصبح مدمراً لدرجة أنه قد يرى أن الآخرين لا يستحقون الخير الذي عنده فيقع في الحسد لاحظ هنا سلسلة من الأمراض النفسية ( العجب - غرور - كبر - حسد ) أنا وحدي الذي سأحرر البلد .
أ. تمام :لكن هناك نقطة مهمة دكتور أشرت إلى موضوع النقد البناء أو النقد الهدام أو النقد الحاد هناك من يقول إن سبب تفاقم الأخطاء هذه التي أشرت إليها أنها في بداياتها لم تنقد يعني هناك أخطاء ارتكبت في البدايات من بعض الجهات أو الأشخاص أو القيادات لم تنتقد في بداياتها انتقادا بنّاء ليصحح المسار ربما مجاملة أو مداراة أياً كان كبرت هذه الأخطاء و كبر هذا الشخص في تماديه و في ممارسته لهذه الأخطاء فبعدها لم يعد يتقبل النقد لأن أخطاءه صارت فادحة وتؤثر على الجميع يعني برأيكم كيف يمكن أن يكون النقد بناء كيف تعالج مشكلة تراكم الأخطاء ثم تنقده.
د. خير الله طالب: أولاً هناك سبب طبيعي وهو أننا تعاملنا مع الأمر بعاطفة ونشدان نصر سريع وانصرفنا عن النقد أو لم نلتفت للنقد، طبيعة العمل القصير لا يعطيك فرصة للنقد.
أ. تمام: ربما لم يكن يتوقع أحد أن تطول الأمور هكذا.
د. خير الله طالب: هذا سبب أو هذان سببان أي يعني قصر النظر الجيد وتوقع النظر السريع الأمر التالي هو التعامل مع الأمر بعاطفة فالناس بذلوا أموالهم ودماءهم.
أ. تمام: يصعب أن ننتقدهم.
د. خير الله طالب: يصعب أن ننتقدهم وكان ينبغي أن نأخذ الأمر مأخذاً مختلفاً ونقول هذه الثورة هي نحن جميعاً فحينما ننقدها وننقد أنفسنا نبدأ نفصل بين الخطأ وصاحبه فنقول الناس يريدون لهم مقاصد صحيحة، وهناك أخطاء يجب أن يسلط عليها الأضواء ونتداولها جميعاً نحن نستطيع أن نرتقي كان سؤالكم أخي عن الارتقاء من هذه الحالة إلى حالة النقد البناء.
النقد البناء مرتبط بحالة اتهام النفس والبدء منها ومن داخلها، حينما أبدأ بنفسي سيتقبل الناس نقدي إذا لم أبدأ بنفسي فالناس لن يتقبلوا نقدي وهذه نقطة بلي فيها الكثير من الناقدين والناصحين وهو أنه لا ينتبه إلى أخطائه أحياناً.
أ. تمام: يجيد نقد الآخرين.
د. خير الله طالب: يجيد نقد الآخرين وإذا أجاد نقد الآخرين تسلط عليهم بهذا النقد وهم يرون أخطاءه؛ عليهم أن يستمعوا؛ الواقع أنهم لا يستمعون، يوجهون له النقد فيرفض النقد لذلك أول مايكون في تصحيح الحال من داخل النفس والاعتراف بالحالة البشرية الخطاءة التي تحتاج لتصحيح مستمر.
أ. تمام: جميل.
د. خير الله طالب: على مستوى الفرد على مستوى الجماعة يجب
على الأمر أن يمنهج وأن يكون حالات ووقفات مرحلية مرتبطة بالتخطيط الاستراتيجي لأنه لا تخطيط بلا تصحيح، لكن نعود إلى الشخص نفسه يبدأ الأمر بالاستماع و إعطاء الأذن، الاستماع وعدم المقاطعة الاستماع للكلام الذي يزعجني الاستماع للكلام الذي أراه في بدايته خطأ، إذا رأيت الكلام خطأ فلا تتسرع في تخطئته لأنه ربما يظهر لك في ثوب الخطأ لكن يكون صحيحاً في نهايته ربما لم يوفق الناصح؛ لم يوفق في أن يقدم لك المدخل الصحيح، ساعده في أن يصل إلى فكرته العميقة التي يريد أن يوجهها لك ليوقفك على الخطأ.
أ. تمام: طيب دكتور قبول النقد من الآخرين ونقد الذات بداية يعني التخلص من داء نفسية العصمة الذي أشرت إليه، كيف نتخلص...؟ نريد الوصول إلى العلاج بدقيقة، العلاج للتخلص من هذا المرض الذي ابتلينا به.
د. خير الله طالب: نعم.. العصمة ناشئة من غفلة الإنسان في أنه بشر ،عملياً في الحقيقة التخلص العملي يبدأ بالاستماع يبدأ بالتعلم والقراءة وهذا أهملناه كثيراً يبدأ بالتعلم والقراءة لأنه يوسع الأفق والمدارك ويوقف الإنسان على أخطائه نحتاج إلى أن نتربى على الحوار.. الحوار المستمر، نحتاج إلى أن نتعاون على رصد الأخطاء بغض النظر عن أصحابها يعني أن نفصل بين الخطأ وصاحبه.
أ. تمام: التعامل مع الخطأ وليس مع صاحبه
د. خير الله طالب: التعامل مع الخطأ وليس مع صاحبه وهذا مفتاح النقد البناء وإزالة نفسية العصمة.
أ. تمام: جميل.. طيب هذا ربما يكون السبب الأول وربما يكون السبب الأهم لا أدري ،في موضوع عدم وصولنا إلى وحدة الكلمة واجتماع الصف والمرض العضال نفسية العصمة التي ابتلي بها الكثير منا في الثورة وفي المجتمع المسلم عموماً.
دكتور لا شك أنه ثمة أسباب أخرى لكن الوقت لا يتسع الآن لمناقشنها لعلنا نناقشها في الحلقات القادمة بمشيئة الله تعالى لنصل بمشاهدينا الكرام إلى صناعة وعي لهذه النقطة ونسأل الله بأن يوحد الصف ويجمع الكلمة في سورية وفي الأمة الإسلامية بأسرها.
لم يبق لي مشاهدينا الكرام إلا أن أشكر ضيفنا الكريم الشيخ خير الله طالب وأشكركم على حسن المتابعة، نلتقيكم بمشيئة الله تعالى بحلقة قادمة لمناقشة بقية محاور هذا الموضوع الهام حتى ذلكم الحين نستودعكم الله
والسلام عليكم ورحمة الله.