الفتوى وضوابطها
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد كثرت النوازل في الساحـة الشاميَّـة، واشتد الخطب، وعظم الأمر في جميع مناحي الحياة، وظهرت الحاجة للفتوى الشرعية المنضبطة؛ لتبيَّن للناس ما يحتاجون إليه مِن أحكام الشريعة، ويكونوا على بينةٍ مِن أمرهم.
كما ظهر مَن يفتي بكلامٍ لا يقوم على أسسٍ علميةٍ معتبرةٍ، فتارة ينقل كلامًا في غير موضعه، وأخرى ينسب للعلماء ما لم يقصدوه، ومرّةً يخوض في مسائل الشريعة خوضَ المجتهدين ولـم يحصّل مِن علوم الاجتهاد وآلته ما يجري مجرى المبادئ والضروريات فضلاً عما دون ذلك، وربّما بادر بعض الصّغار الأغرار، أو المجهولين الأغمار إلى تناول المسائل العظيمة أو قضايا الشأن العام التي لو عُرضت على الفقهاء الراسخين والأئمة المجتهدين لتردّدوا فيها.
قال سفيان الثوري رحمه الله: "تعوذوا بالله مِن فتنة العابد الجاهل وفتنة العالم الفاجر؛ فإنّ فتنتهما فتنةٌ لكلِّ مفتون" ذكره في "شعب الإيمان".
لهذا وغيره كانت الحاجة لكتابة مبحثٍ مختصرٍ في الفتوى وضوابطها، لعله يصل إلى عموم أهلنا في الشام، ويُبصِّر الشباب بضرورة التروي في الفتوى، والبعد عن القول في النّوازل دون الرجوع إلى أهل العلم الراسخين.