الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وبعد:
فقد خَلَقَ الله الخلق لِيعبدُوه، وأرسلَ إليهم الرسل لهدايتهم إلى الطريقِ القويم، وشَرَعَ لهم شرائعَ فيها صلاحُهم وفلاحُهم.
ثمّ إنّ الله -تعالى- ختم الشرائعَ بشريعةِ الإسلام، فجاءت على أكملِ نظامٍ، وأحسنِ إتقان، فهي الشريعةُ التي ارتضاها للبشرية، وجعلها صالحةً لهم في كلِّ زمانٍ ومكان، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وهي الشريعةُ المصدِّقةُ للشَّرائعِ السابقة، والشَّاهدةُ على أنَّها من عندِ الله –تعالى- قبل أن يدخلها التَّحريفُ، والحاكمةُ عليها، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48].
وبها رَفعَ اللهُ كثيراً من الأغلالِ الأثقالِ التي كانت عليها، قال سبحانه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].
فكانَ مِن سِماتِ هذهِ الشريعةِ التَّيسيرُ ورفعُ الحَرَج، قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
والحَرَج: الضِّيقُ والمشقةُ والإثم.
ولهذا فإنَّ أمةَ الإسلامِ المتمسكةَ بهذا الدِّينِ القويمِ والشريعةِ السمحةِ هم خيرُ أمةٍ أُخرجت للناس، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
ولخيريَّتهم وَصَفَهم الله بأنَّهم أمةٌ وسطٌ، وجَعَلهم شهداءَ على الناس، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} [البقرة: 143].
وفي هذه المطوية سنتناول الحديث عن:
ـ معنى الوسطية.
ـ من جوانب الوسطية في الإسلام.
ـ المرجعُ في معرفةِ الوسطيَّة.
ـ مفاهيمٌ خاطئةٌ في الوسطيَّةِ.
نسأل الله أن ينفع بها من قرأها، ويكتب أجر من كتبها ونشرها وعمل بما فيها.
----------------------------------
* يمكنكم قراءة المطوية وتحميلها من الروابط في الأعلى.