دمشق ترفض إرسال قوات عربية لسوريا وموسكو ترفض التدخل العسكري بالأزمة
* رفضت السلطات السورية اقتراح أمير دولة قطر "حمد بن خليفة آل ثاني"، بإرسال قوات عربية إلى سوريا، واعتبرته تدخلاً في الشأن الداخلي لها، وأكدت رفضها القاطع لمثل هذه الدعوات التي ستعمل على تأزيم الوضع وتفتح الباب لاستدعاء التدخل الخارجي في الأزمة، فيما رفضت روسيا أي تدخل عسكري خارجي في الأزمة السورية ولوَّحت بالتدخل لمنع ذلك.
1 ـ موقف النظام:
* رفض إرسال قوات عربية لسوريا:
* مصدر مسئول بوزارة الخارجية:
ـ دمشق تستغرب صدور تصريحات عن مسؤولين قطريين تدعو إلى إرسال قوات عربية لسوريا، وتؤكد رفضها القاطع لمثل هذه الدعوات التي من شأنها تأزيم الوضع وإجهاض فرص العمل العربي, وتفتح الباب لاستدعاء التدخل الخارجي في الشؤون السورية.
ـ الشعب السوري الفخور بكرامته وسيادته يرفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه وتحت أي مسمى كان وسيتصدى لأي محاولة للمساس بسيادة سوريا وسلامة أراضيها.
ـ سيكون من المؤسف أن تراق دماء عربية على الأراضي السورية لخدمة أجندات معروفة, لاسيما بعد أن باتت المؤامرة على سوريا واضحة المعالم.
ـ سوريا توفي بالتزاماتها المتفق عليها بموجب خطة العمل العربية، وتجدد الدعوة للدول العربية وجامعة الدول العربية للقيام من جانبها ببذل جهود ملموسة لوقف حملات التحريض والتجييش الإعلامي الهادفة إلى تأجيج الوضع في سوريا.
2 ـ موقف المعارضة:
أ ـ الدعوة لتدويل القضية:
* عضو المكتب التنفيذي بالمجلس الوطني السوري "سمير النشار":
ـ تجارب قوات الردع العربية أثبتت فشلها، وخاصة في لبنان، كما أن تجربة بعثة المراقبين العرب بعد مرور شهر على تواجدها في سوريا جاءت فاشلة بدليل سقوط مئات الشهداء منذ أن بدأت هذه البعثة مهمتها.
ـ دولة قطر مشكورة تبذل جهودًا كبيرة من أجل وقف سفك دماء الشعب السوري على يد نظام "بشار الأسد"، ونحن نرحب بأي جهد لوقف القتل لكن التجارب السابقة للجامعة العربية أثبتت عقمها.
ـ حل الأزمة السورية هو بإرسال الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي، لكونه صاحب الولاية والاختصاص في استصدار قرار حاسم، ويملك القدرة على وقف إزهاق أرواح السوريين، وهذا هو موقف المجلس الوطني السوري.
ـ كل مبادرات الجامعة العربية منذ 5 أشهر وحتى الآن لم تغير شيئًا على الأرض، لأن سياسة القتل التي ينتهجها "الأسد" مازالت مستمرة.
ـ قطر ستطرح الاقتراح بإرسال قوات عربية لسوريا على مجلس وزراء الخارجية العرب خلال الاجتماع المقبل كونها رئيسة لجنة المبادرة العربية الخاصة بسوريا.
ـ هناك وفد سيتوجه للقاهرة لمقابلة الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" ووزراء الخارجية العرب لبحث هذه المسألة وشرح وجهة نظرنا حيالها، لأن المجلس يرحب بكافة المساعي الهادفة لوقف القتل بسوريا.
ب ـ تأييد إرسال قوات عربية:
* عضو لجنة تنسيقية الثورة السورية بمصر "مؤمن كويفاتية":
ـ الثورة السورية تؤيد مبادرة دولة قطر بإرسال قوات عسكرية عربية إلى سوريا، ويجب على الجامعة العربية أن ترسل هذه القوات إلى سوريا تحت الغطاء الدولي.
ـ المبادرة طرحت بالتوافق مع دول الخليج العربي الذي نثق بها، وأعطينا لها التأييد الكامل وأكدنا لهم أن المبادرة لن تكتمل فاعليتها إلا تحت الغطاء الدولي، لأن النظام يستقوي بإيران وأدواته الإرهابية.
ج ـ مضمون الاتصالات الإيرانية بالمعارضة السورية:
* مساعد المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين "محمد طيفور":
ـ السلطة عرضت علي جماعة الإخوان المسلمين تولى الحكومة مقابل قبولهم ببقاء "بشار الأسد" رئيسًا لسوريا، بيد أن "لإخوان" رفضوا العرض والمفاوضة مع النظام.
ـ حركة "حماس" الفلسطينية لا تقوم بأي دور في التوسط بين النظام و"الإخوان"، والعلاقة بين الحركة والجامعة هي شبه منقطعة، ووضعها لا يرشحها للتوسط لحل الأزمة السورية.
ـ لا بد من الاتجاه نحو الجامعة العربية لإصدار تقرير وتحويله إلى مجلس الأمن، وهناك مسؤولية على المجتمع الدولي تتمثل بضرورة حماية المدنيين عبر إقامة ممرات آمنة، وكذلك إيجاد منافذ للإغاثة.
1 ـ عربيًا:
أـ جامعة الدول:
(1) رفض إرسال قوات لسوريا:
* الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان "علاء شلبي":
ـ إرسال قوات عربية إلى سوريا غير قابل للتحقيق، وقرار العفو العام عن المعتقلين، تطور مهم إذا كان المفرج عنهم من المشاركين في الثورة والذين أبلغت عن اعتقالهم منظمات حقوق الإنسان السورية.
ـ المراقبون لم يتمكنوا بعد من الإفراج عن 8 آلاف معتقل كما أعلنت السلطات، وهناك تضارب في شأن العدد الإجمالي للمعتقلين بسوريا بين (19) و(32) ألفاً.
ـ على بعثة المراقبين أن تتحقق عما إذا كان المفرج عنهم من المعتقلين بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو على ذمة مسائل متعلقة بسجناء الحق العام وغيرها.
(2) فعاليات عمل المراقبة العربية:
* اعتذر عضو مجلس الشورى السعودي عضو بعثة المراقبين العرب لسوريا "إبراهيم سليمان" عن إكمال عمله بالبعثة، نظرًا لارتباطه بعمله في المجلس، وكان "سليمان" قد عمل نائبًا لرئيس البعثة بمنطقة حماه وريفها، كما أنه عضوًا في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالسعودية، وأوضح ما يلي:
ـ البعثة بدأت مهامها كمراقبين برصد ومتابعة كل ما يرد إليهم من بلاغات عبر مكتب البعثة المخصص وتوثيقها بالصور والتسجيلات الصوتية والمصورة استعدادًا لرفعها إلى رئيس البعثة.
ـ عمل البعثة هو التأكد من مدى التزام الجانب السوري بتنفيذ البروتوكول العربي، وتم تلقي البعثة تقارير خاصة لمحافظ حماه ورئيس شرطة حماه بعد متابعة كل البلاغات الواردة إليهم وزيارة السجناء والمعتقلين في حماه، حيث بلغ عدد من تم تسجيل أسمائهم من المفقودين والسجناء في حماه فقط بلغ 1500.
ـ عمل البعثة يتم بناء على خطة عمل محددة سلفًا، تضم نماذج وبيانات متعددة، إضافةً إلى ما يرد إلى مركز البعثة في كل منطقة ساخنة من بيانات وبلاغات تتم تعبئتها من قبل أصحاب الشأن.
ـ فرق البعثة العربية لا تكتفي بالذهاب إلى المناطق الساخنة أو المتوترة أمنيًا، وإنما تذهب لمواقع موالية للنظام السوري أيضاً ، حيث إنني تواصلت شخصيًا مع محافظ حماه ورئيس الشرطة إلى جانب رئيس السجون في إعداد التقارير.
ـ رغم قيادة رئيس البعثة الجنرال "محمد الدابي" حملات ضد المتمردين بدارفور، فإنه لا يمكن الحكم عليه لتكليفه من قبل الحكومة السودانية، ولا نستطيع تقييم أدائه ومدى إدانته فيما ينسب إليه، لأن هذا من مهمة المنظمات الدولية.
ب ـ السعودية:
* مساعد وزير الخارجية السعودي "خالد بن سعود":
ـ لا توجد نية خلال الفترة الحالية لإغلاق السفارة في العاصمة السورية، وما يتم الآن هو خفض أعداد الدبلوماسيين السعوديين العاملين في سوريا فقط .
ج ـ العراق:
* وزير الخارجية "هوشيار زيباري":
ـ فكرة قطر بإرسال قوات عربية إلى سوريا سوف تطرح، وستتم مناقشتها في اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بسوريا وفي اجتماع وزراء الخارجية العرب يومي 22ـ23/1/2012 المقبلين.
ـ من المتوقع تمديد عمل بعثة الجامعة العربية باعتبارها خطوة شجاعة وجريئة ومهمة من الجامعة، وسيتم دعم البعثة لتطوير عمل المراقبين.
ـ هناك قرار من الأمانة العامة لإرسال نائب الأمين العام للجامعة العربية "أحمد بن حلي" يوم 23 من الشهر الحالي إلى العراق؛ وذلك للاطلاع على التحضير الذي قام به العراق لعقد القمة العربية المقبلة بالعراق.
2ـ إقليميًا:
أ ـ إيران
* المتحدث باسم الخارجية الإيرانية "رامين مهمان باراست":
- طهران تعارض قطعيًا التدخل في شؤون دول أخرى، ونعتقد أنه لا يحل المشكلات بل يزيدها تعقيدًا.
ـ الإصلاحات الجيدة التي أعلنها مسؤولون سوريون تدفع المناخ العام نحو الحوار وحل المشكلات, وإن كانت بعض الدول لا يعجبها هذا.
- إيران متحالفةٌ مع سوريا, كما أنها تدعم كلاً من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة و"حزب الله" اللبناني.
ب ـ إسرائيل:
* قائد فوج التخطيط بالجيش الإسرائيلي الجنرال "أمير اشيل":
ـ إسرائيل قلقةٌ جدًا مما قد يؤول إليه مخزون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في سوريا, في حال انهيار نظام "الأسد" الذي يعتبر أنه قادم لا محالة.
ـ المخزون الهائل للأسلحة الكيميائية والبيولوجية -ومعظمها من شرق أوروبا- يثير قلقنا مباشرة؛ لأن السؤال أصبح, متى سيسقط نظام "الأسد"؟، ونخشى أن ينتقل جزءٌ من تلك الأسلحة "لحزب الله" وجزءٌ إلى الفصائل السورية.
3 ـ دوليًا:
أ ـ الولايات المتحدة الأمريكية:
* اجتمع أعضاء مجلس الأمن لبحث الوضع السوري مع التركيز على النسخة المعدلة لمشروع القرار التي تقترحه روسيا حول سوريا.
* مسؤول بالخارجية الأمريكية:
ـ واشنطن تعتقد أن التحرك في مجلس الأمن تأخر كثيرًا, وسننظر إلى المقترحات المطروحة لنتخذ قرارًا حولها.
ـ الجامعة العربية قامت بدور قيادي في هذا الملف, وسننتظر إصدار الملف، وسيكون مبنيًا على فحوى الملف، ولكن أيضًا على عوامل متعددة على واقع الأرض في سوريا.
* مصدر دبلوماسي:
ـ الموقف الأمريكي والبريطاني والفرنسي مختلف ومتطور أكثر من الموقف الروسي المبلور في مشروع القرار الذي تم تداوله في نيويورك مؤخرًا.
ـ من غير المرجح أن تقبل واشنطن ولندن وباريس بمشروع القرار الجديد؛ إذ لا يشمل بنودًا واضحة حول تداعيات عدم استجابة النظام السوري للدعوات الدولية لوقف العنف وحماية المدنيين.
ـ المطلب الرئيسي الغربي حاليًا هو أن يكون هناك موقف موحد من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لضرورة إلزام سوريا فعليًا بحماية المدنيين, وعدم الاعتماد فقط على الإدانة، مما جعل مصادر عدة في نيويورك تستبعد تبني المشروع الروسي بشكله الحالي.
ب ـ روسيا:
* وزير الخارجية "سيرجي لافروف":
ـ روسيا ترفض أي تدخل عسكري خارجي في سوريا، وتدعو لحلٍ سياسيٍ في سوريا عبر البدء بحوار وطني.
ـ روسيا تصر على ضرورة إيجاد تسوية سياسية في سوريا عبر البدء فورًا بحوار وطني داخلي بعد الوقف الفوري لأي عنف أيًا كان مصدره, مع دعم الجهود التي تبذلها بعثة الجامعة العربية.
ـ مشروع القرار الروسي المطروح على المناقشة في مجلس الأمن الدولي حاليًا, والذي يحظى بتأييد الصين وبلدان مجموعة "بريكس" الأخرى يهدف لتحقيق تلك الأهداف.
ج ـ ألمانيا:
* وزير الخارجية "جيدو فسترفيلله":
ـ حكومة برلين ترى أن مسودة مشروع القرار الروسي بشأن سوريا ليست كافية؛ لأنه من الضروري أن تتخذ موسكو موقفًا واضحًا وصريحًا من الأوضاع في الأراضي السورية, وتدين تجاوزات الحكومة السورية بحق مواطنيها.
ـ الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي سيواصلان الضغط على حكومة موسكو من أجل تغيير موقفها من الأزمة السورية, وذلك بهدف اتخاذ موقف أوروبي موحد بخصوص ما يحدث في سوريا.
1 ـ اتجاهات غربية:
أ ـ سعي قطري لتكرار السيناريو الليبي بسوريا(2):
ـ أمير قطر "حمد بن خليفة آل ثاني" تخلى عن الجامعة العربية بشأن سوريا، ونقل تركيزه إلى وسائل أخرى قد تشمل دعم "الجيش السوري الحر" الذي يقاتل قوات النظام.
ـ مثل هذا التحرك سيكون تكرارًا لاستراتيجية قطر في ليبيا، حيث قدمت الدوحة الدعم المالي والعسكري للمتمردين، لكن الرهان في سوريا هو أعلى بكثير، كما أن انتهاج الدوحة إستراتيجية شاملة حولها هو أخطر بكثير أيضًا.
ـ سياسة قطر حول سوريا كانت لها نتائج متباينة حتى الآن، وصحيح أن الدوحة ساعدت الجامعة العربية في التحرك نحو سياسة أكثر عدوانية حيال نظام الرئيس "بشار الأسد"، لكن هذه السياسة انتهت كذلك بإيفاد مراقبين عرب استغل النظام السوري مهمتهم، وتركت المسؤولين بالدوحة في حيرة مثل المعارضة السورية.
ـ الدوحة يمكنها أن تشكل الضغوط من أجل اتخاذ إجراءات أكثر جرأة ضد دمشق خطرًا على أمنها, ما قد يدفع النظام السوري للانتقام، ومن المحتمل أن تكون قطر على رأس قائمته للأهداف المطلوبة، لكن القطريين يدركون الأخطار, لكنهم يميلون إلى الاعتقاد بأن الأزمة السورية قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، وأن الرهان على نظام الرئيس "الأسد" يستحق كل هذا الجهد.
ب ـ خيارات النظام السوري(3):
ـ تعهد الرئيس "بشار الأسد" بالإصلاح، فتعهد بإجراء استفتاء دستوري على نظام مقترح يكون متعدد الجوانب في شهر مارس، لكن مصداقيته انهارت بالكامل بنظر معظم السوريين بعد مرور سنوات من دون أن ينفذ أي وعود مماثلة.
ـ تحتل الحالة النفسية التي يعيشها الرئيس السوري أهمية متزايدة في ظل تعمق الأزمة الوطنية القائمة منذ تسعة أشهر، ولم يتضح بعد كيف أو متى ستنتهي الأزمة؟ يقول النقاد إن الرئيس أصبح معزولاً وبعيدًا عن أرض الواقع، لكن يعتبر آخرون أنه رهينةٌ بيد أقاربه الأكثر نفوذًا والشخصيات العسكرية الأخرى، لكن من المؤكد أنه لا يبدو سعيدًا في عمله بأي شكل.
ـ الضغوط على "الأسد" أصبحت لا تُحتمل بعد سقوط 5 آلاف قتيل على الأقل حتى الآن، وبعد انضمام القادة العرب إلى الولايات المتحدة وأوروبا للمطالبة بتنحيه، وبعد ظهور احتمال محاكمته في الأمم المتحدة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وبعد انهيار النظام وارتفاع خطر اندلاع حرب أهلية شاملة.
ـ هناك عدد من الخيارات المطروحة أمام "الأسد"، منها:
·الهروب: إذا زاد الوضع سوءًا قد يحاول "الأسد" الهروب، كالرئيس التونسي الأسبق "زين العابدين بن علي" إلى السعودية أو إيران، أو روسيا .
·القتال: تنبثق المقاربة الراهنة للتعاطي مع الأزمة من القواعد التي طبقها والد بشار "حافظ الأسد"، فمن المعروف أنه أخمد انتفاضة سابقة في حماة، عام 1982، واستمراره في القتال سيدفع البعثة العربية إلى الانسحاب.
·التفاوض: أن مصداقية "الأسد" انهارت بالكامل بنظر معظم السوريين بعد مرور سنوات من دون أن ينفذ أي وعود مماثلة، وإذا أصر على إحداث تغيير حقيقي، فقد يجازف بفقدان دعم شركائه في النظام، وعلى رأسهم شقيقه "ماهر"، الأكثر نفوذًا في الجهاز الأمني السوري والمُتهم بمعظم عمليات القتل الأخيرة.
ـ قد تصبح مصر نموذجًا لما سيحصل في سوريا، فوفق هذا السيناريو، يسقط رئيس الدولة "الأسد" ويخضع لمحاكمة رمزية، لكن يبقى النظام الذي يمثله الجيش والقوى الداخلية النافذة الأخرى على حاله بعد أن قدم هذه التضحية الكبرى. وهكذا تنجح الثورة ظاهريًا وتتوقف أعمال العنف في معظمها ويحصل احتفال كبير بهذا الإنجاز، لكن في صباح اليوم التالي، يدرك الجميع تدريجًا أن شيئًا لم يتغير!
2 ـ اتجاهات عربية:
* قراءة في الموقف الروسي من الأزمة السورية(4):
ـ الموقف الروسي المتصاعد الخاص بالأزمة السورية سيفرض على كل الأطراف مراجعة حساباتها، وبالتحديد بالنسبة لخيار إسقاط النظام في سوريا، وهذا الموقف لا ينسحب فقط على الموقف الروسي، ولكن على الموقف من إمكانية إسقاط "الأسد" عبر تفاعلات داخلية.
ـ أبرز الدوافع الداخلية تتمثل في طموحات رئيس الوزراء "فلاديمير بوتين" للعودة إلى منصب الرئاسة في الانتخابات الرئاسية خلال مارس 2012 وسط تصاعد حركة رفض شعبية قوية للحزب الحاكم وزعامته.
ـ "بوتين" سيكون أكثر حرصًا من أي وقت مضى على تأكيد جدارته بزعامة روسيا قوية، وليس لزعامة روسيا ضعيفة خاضعة للهيمنة الأمريكية، ولذلك سيضع نصب عينيه حتمية اتخاذ مواقف قوية وصلبة للدفاع عن مصالح روسيا الحيوية، وعلى الأخص في الشرق الأوسط .
ـ الاستراتيجية الكونية الجديدة لروسيا, التي لها علاقة بالتحليل الروسي لما يحدث من تغيرات بكل ما يحدث من إعادة توزيع لعناصر القوة بين القوى الدولية الكبرى ومكان روسيا ضمن هذه القوى، وبالذات ما يتعلق بالتراجع الأمريكي والأوروبي، والصعود الصيني والهندي.
ـ روسيا أضحت معنية أكثر من غيرها من القوى الدولية بدفع أبهظ أثمان تلك التطورات، حيث إن أبرز ما يحدث الآن من تفاعلات ضمن هذه التطورات باستثناء ما حدث في كل من تونس ومصر يخص دولاً حليفة أو على الأقل صديقة لروسيا، وعلى الأخص ليبيا وسوريا وإيران، وهنا يكمن الخطر.
ـ روسيا استوعبت درس سقوط نظام "معمر القذافي" في ليبيا والخسائر الروسية التي ترتبت على سقوط هذا النظام، كما أنها استوعبت أن القرار الدولي الذي صدر عن مجلس الأمن ومكّن حلف "الناتو" من التدخل العسكري في ليبيا ضد نظام "القذافي" تحت غطاء المظلة الجوية، ما كان له أن يصدر لولا التراخي الروسي في رفض هذا القرار، ولذلك فإن روسيا لم تعد مستعدة لقبول قرارات جديدة من مجلس الأمن ضد كل من سوريا وإيران.
ـ أن روسيا تدرك مدى الترابط بين سوريا وإيران، وكيف أن إسقاط أي من النظامين سيؤدي بالضرورة إلى سقوط الآخر، أو على الأقل هزيمته بكل ما سوف ترتبه مثل هذه الهزيمة من تراجعات في السياسات, وفي التحالفات التي ستدفع روسيا أثمانها.
ـ سقوط النظام في سوريا سيؤثر سلبيًا في كل من "حزب الله" في لبنان، وحركة "حماس" في قطاع غزة، ما يهيئ لدولة مثل "إسرائيل" فرص الانقضاض عليهما، ومن ثم امتلاك القدرة على شن حرب ضد إيران، من دون خوف من الدعم السوري واللبناني والفلسطيني، ما قد يجعل خسائر إسرائيل في الحدود المقبولة، لاسيما إذا كانت الولايات المتحدة طرفًا في مثل هذه الحرب.
ـ الموقف الروسي من أي عدوان على إيران ينسحب على الموقف الروسي من أي عدوان على سوريا، حيث تركز روسيا على عرقلة أي مشروع غربي يطالب أو يسمح بالتدخل الدولي ضد سوريا.
رابعاً: " العربي" يلوح برفض التدخل الدولي في الأزمة السورية ويعتبرها مختلفة عن الليبية(5)
* في حوار له(*)،لوح الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" برفض التدخل الدولي في سوريا، واعتبر أزمتها مختلفة تمامًا عن الأزمة الليبية، متناولاً القضايا ذات الصلة بعمل الجامعة العربية والأزمة السورية، على النحو التالي:
أولاًـ دور الجامعة العربية في الأزمة السورية:
1ـ فتح ملف الأزمة بالذهاب لسوريا:
ـ بعدما تسلمت مهام عملي في الجامعة يوم 3/7 بستة أيام أجريت اتصالاً بالقيادة السورية مستنكرًا ما يحدث هناك من عمليات قتل وجرح يوميًا.
ـ الدول العربية كانت مترددة حول شكل التعامل مع الأزمة، وتأكد هذا التردد حين اجتمعت هذه الدول في شهر أغسطس ووضعت مبادرتها وشكلت وفدًا من ستة وزراء والأمين العام ليذهبوا إلى سوريا، وقبل موعد الرحيل بقليل فوجئت بالوزراء العرب يعتذرون عن عدم الذهاب وتنفيذ المهمة التي كلفوا أنفسهم بها، واضطررت للسفر منفردًا حاملاً معي المبادرة. وما زاد من ضيق الأمين العام أن جهةً ما سربت المبادرة إلى صحيفة عربية تصدر في لندن لتنشرها قبل أن أسلمها إلى الرئيس السوري.
ـ بعدها طالبت مقابلة الرئيس السوري، وكان هذا يوم 13/7، وبمبادرة مني ودون استشارة مجلس الجامعة أو أي دولة عربية مرة أخرى، وعلى كل حال لم يكن هناك في ذلك الوقت من يريد أن يتكلم في الموضوع.
ـ طالبت الرئيس السوري في المبادرة بوقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين، ودفع تعويضات للمتضررين وإطلاق الحريات والسماح للإعلام الأجنبي بتغطية الأحداث، وأخيرًا البدء فورًا في إجراء إصلاح سياسي حقيقي.
ـ رد الرئيس السوري كان إيجابيًا، ووعد بأن ينظر في جميع هذه المطالب الملحة لتسوية الأزمة مما دفعني للإدلاء بتصريح أعرب فيه عن سعادتي.
2ـ اعتبار التدخل الدولي تكرارًا لسيناريو الأزمة الليبية:
ـ لا يمكن للجامعة أن تدعو الأمم المتحدة للتدخل، ولا توجد ثروة سورية لدفع فواتير الحرب المحتملة، ومبادرة الجامعة العربية علاج بالدواء وليس بالمشرط.
ـ أثناء زيارتي لسوريا كان هناك بعض المؤيدين للتدخل الدولي كونه سينهى الأزمة كما في الحالة الليبية، وبعض الرافضين للتدخل الدولي في تيارات أخرى على أساس أنه سيدمر البلد، والجامعة تؤيد الفريق الرافض.
ـ حاولت أن أشرح لطالبي ومؤيدي التدخل الدولي أن الجامعة ليست في حاجة لتحويل الملف إلى مجلس الأمن، وأن الطلب إلى الجامعة أن تدعو الأمم المتحدة للتدخل "كلام وهمي" ويدل على عدم دراية جيدة لأسلوب العمل في المنظمة الدولية. فالموضوع؛ باعتباره أزمة حادة، معروض بالفعل أمام مجلس الأمن، ثم إن الأخير ليس في حاجة إلى إحالة أي موضوع إليه، فهو لديه صلاحيات كاملة -طبقًا للميثاق- أن يتدخل في أي مكان في العالم حتى دون إذن من الدولة المعنية، ولا أذكر أنه استأذن أحدًا لإحالة ملف أزمة من الأزمات إليه.
ـليس خافيًا في كل الأحوال أن الدول الكبرى إذا أرادت التدخل ستتدخل كما فعلت في أزمة البوسنة عندما رفض الاتحاد السوفيتي أي دور لمجلس الأمن.
ـ لكن الدول الكبرى لا تريد التدخل في سوريا لأسباب ثلاثة على الأقل:
· أولها..أن العالم الغربي منهك.
· ثانيها..أن أمريكا وفرنسا مقبلتان على انتخابات رئاسية.
· ثالثها..أن سوريا على عكس ليبيا لديها جيش قوى وجغرافيتها وتركيبتها مؤثرة في كل ما حولها.
· رابعها..أنه لا يوجد نفط في سوريا، بمعنى أنه لا يوجد لدى سوريا الثروة الكافية التي تسمح لها بدفع فواتير الحرب للدول التي تشارك فيها.
· خامسها.. ما لم يقله صراحة هو أنه لا توجد مصلحة مادية مغرية للدول الكبرى لتتدخل عسكريًا في سوريا.
ـ الأزمة في سوريا تشبه حالة رجل مريض يحتاج لعلاج عبر عملية جراحية، وهذا في يد مجلس الأمن، ومعه المشرط، ولكن لا أحد من أعضاء المجلس مستعد للإمساك بالمشرط وإجراء العملية. أما نحن في الجامعة العربية وعن طريق مبادرتنا فنعالج بالأدوية ومقتنعون بأنها أفضل وأكفأ وأقل تكلفة من حيث الخسائر في البشر والتداعيات المتوقعة.
3ـ إرسال فريق المراقبين العرب:
ـ فكرة إرسال المراقبين العرب لسوريا كانت مناسبة, كونها تعتبر المدخل العربي المناسب لطمأنة الشعب السوري ولجم قوى القمع والعنف.
ـ مهمة المراقبين: أن يتأكدوا من وقف إطلاق النار, والإفراج عن المعتقلين, واختفاء المظاهر العسكرية أو ابتعادها عن المدن، وأن يتيقنوا من أن وسائل الإعلام العالمية والعربية تجوب بحرية.
ـ لكن صراحة المراقبين لم يجدوا شيئًا من هذا تحقق، فالمعتقلون يفرج عنهم "بالقطارة"، ويقال إنهم بعشرات الآلاف، رغم أن اللجنة الوطنية برئاسة نائب وزير الخارجية السورية أبلغت الفريق "الدابى" أنه خلال يوم أو يومين سيصدر الرئيس "الأسد" عفوًا عامًا عن المعتقلين لمشاركتهم في أحداث سياسية، وهو ما لم يحدث. وتقضى الصراحة أيضًا الاعتراف بأن القصف بالأسلحة الثقيلة صار أقل، وازداد عدد المشاركين في المظاهرات.
ـ مشكلات عدة واجهت فريق المراقبين، ومنها:
· واجهوا إطلاق النار من الجانبين وليس من جانب واحد حسب ما جاء في تفاصيل مهمتهم، فقد ذهبوا إلى هناك على أساس أن البروتوكول موقع مع الحكومة، وأن المعارضة غير ملزمة بشيء.
· لا توجد قيادات واضحة للمعارضة يستطيع المراقبون أن يتحدثوا معها.
ـ لتذليل تلك المشكلات وتنفيذ ما تعهدت به سوريا في البروتوكول، استخدمت علاقاتي بروسيا لتتحدث موسكو مع دمشق.
ـ إلا أنه رغم كل محاولاتي لتذليل الصعوبات والتوفيق بين تيارات المعارضة المنقسمة على نفسها لم تتحسن العلاقات بينها، وكنا نتقابل مع المعارضة وهى نفسها التي تسيء إلينا في الخارج، ثم تأتى وتجلس معنا هنا. أحد قادة المعارضة سب الجامعة العربية واتهمها بالفشل، ولكنه استمر يعرب عن سعادته الفائقة في نهاية كل اجتماع يحضره معي وزملائي.
ـ الوضع بين الحالتين الليبية والسورية مختلف تمامًا، فما حدث في ليبيا كان حربًا أهلية، أما ما يحدث في سوريا فهو مخالفات جسيمة لحقوق الإنسان، ولذلك جاء تحركنا أول تحرك جماعي عربي على الأرض لمواجهتها ووقف حلول قمعية في مواجهة الجماهير.
(1) جارديان، إندبندنت، نيويورك تايمز، واشنطن بوست، وكالة الأنباء السورية، الشرق الأوسط، القدس العربي، الأخبار، رويترز، وكالة الأنباء الإيطالية، وكالة الأنباء القطرية، وكالة الأنباء الإماراتية، وكالة الأنباء السعودية، وكالة الأنباء الكويتية، أسوشيتد برس انترناشونال، وكالة الأنباء الألمانية، وكالة الأنباء الفرنسية، العربية نت، الجزيرة نت، إيلاف، راديو سوا، إذاعة سويسرا، 18/1/2012.
(2) افتتاحية، فايننشيال تايمز، 17/1/2012.
(3) سيمون تيستون، الجريدة الكويتية، 18/1/2012.
(4) محمد السعيد ادريس، الخليج الإماراتية، 18/1/2012.
(5) الشروق 16/1/2012
الاسد هو صيغة اجرامية لمبارك (هآراتس، 17/1/2012)
الاخوان المسلمون المصريون بدأوا منذ الآن يشعرون بثقل وزن مسؤولية السلطة. فوزهم بقرابة 45 في المائة من الاصوات في الانتخابات البرلمانية هو بالفعل ما يدعو الى الاحتفال. فهو يعبر عن الانعطافة المركزية التي طرأت على الثورة في مصر. من ناحيتهم الانعطافة بدأت منذ شباط الماضي، عندما كفت صحف الحكومة عن تسميتهم 'بالحركة المحظورة'. واستمرت عندما أصبح بناء الحزب الجديد موقع حجيج لزعماء ومسؤولين كبار من الدول الغربية.
كما أن العلاقة مع الولايات المتحدة أخذت بالتعزز، ومن اتصالات سرية جرت حتى في عهد مبارك انتقل الاخوان الآن الى اتصالات علنية مع ممثلي الادارة. آخرها كان لقاء الاسبوع الماضي بين نائب وزيرة الخارجية وليم برانس مع محمد مرسي، رئيس الذراع السياسية للحركة حزب الحرية والعدالة.
وحسب مصادر مصرية بادرت إلى اللقاء وزارة الخارجية الأمريكية التي تعترف منذ الآن بأن الحكومة القادمة في مصر ستتشكل من الأخوان المسلمين, وبالتالي لا تجد أي داعٍ لتأجيل لقاءات العمل, بين واشنطن والأخوان المسلمين يوجد تفاهم بأنه بدون مساعدات اقتصادية وبدون إعادة بناء الاقتصاد المصري, فإن فوزهم السياسي سيكون عديم المعنى.
'للاخوان يوجد مال كثير كسبوه من استثمارات حكيمة في دول الخليج وفي أوروبا'، يقول مصدر مصري كان عضوا كبيرا في حزب مبارك الحاكم (والذي حل بعد الثورة). 'لديهم رجل اقتصادي ممتاز، نائب 'المرشد العام' خيرت الشاطر، الذي عرف كيف يبني البنية الاقتصادية والتنظيمية للحركة, وقادر أيضاً على أن يكون وزير اقتصادي ممتاز. ولكن هذا مال يعود للحركة، وليس تحت تصرف الشعب المصري, وهم سيحتاجون الى ما لا يقل عن 10 مليار دولار في المدى القصير كي يحدثوا انعطافة اقتصادية تهدىء الشارع'.
10 مليار دولار هو مبلغ هائل لدولة غارقة في ديون رهيبة، ليس لديها مداخيل من السياحة والمستثمرون الاجانب تجاوزوها هذه السنة, وروى مرسي عن هذه الازمة لبرانس, وأعرب عن أمله في أن تواصل الولايات المتحدة تقديم المساعدة المالية لمصر, والتي كانت تقدمها في عهد مبارك, ويعرف مرسي جيدا شروط استمرار تلقي المساعدة: التعهد بمواصلة تنفيذ اتفاقات كامب ديفيد، والحرص على حقوق الانسان (وليس أقل من ذلك حقوق الأقلية القبطية) ومواصلة سياسة الكتف الباردة لايران مثلما كان في عهد مبارك.
ليس للأخوان المسلمين صعوبةٌ في التعهد بحقوق الانسان. فهذا جزءٌ من برنامجهم, كما أنهم يجتهدون أن لا يبعدوا أنفسهم عن مواقف الحركة السلفية التي فازت هي الأخرى بنصيب كبير نحو 25 في المائة في الانتخابات. في حسابه على التويتر نشر مرسي عبارة كتب فيها: 'لا بديل عن الاتفاق بين كل القوى السياسية، إذا كان الهدف هو تحقيق الأمن والتغيير الذي بحث عنه الشارع في ثورة 25 يناير'. مثل هذا الاتفاق سيستوجب تنازلاتٌ إيديولوجيةٌ, ليس فقط من جانب الاخوان, بل وأيضاً من جانب الليبراليين الذين يتعين عليهم أن يبتلعوا مثلاً قوانين تتعلق بالتعليم الديني، كي يتمكنوا من تحقيق قوانين صحفيةٍ أكثر ليبراليةٍ.
إيران هي مسألةٌ موضع خلاف في أوساط الأخوان المسلمين. قبل سنتين نشب جدالٌ عنيدٌ بين قادة الحركة في مسألة 'صلاحية' إسلام التيار الشيعي. زعيم الحركة في حينه، مهدي عاكف، امتنع عن الحسم وقضى فقط بأن كل من يعرب عن موقفه في هذا الموضوع لا يعبر عن موقف الحركة. ولكن العلاقات مع إيران ليست فقط مسألة دينية؛ فهي أساساً مسألة سياسية. من جهة، إيران أيدت حماس، سليلة الأخوان المسلمين، بينما مصر مبارك رأت في حماس (وفي الاخوان المسلمين) عشبة ضارة وتهديدا على أمنها. بالمقابل، فإن هذه هي ذات إيران التي تمول حزب الله، الذي حاول إقامة قاعدة نشاط في مصر، نشاط ضده وقف الأخوان المسلمون أيضاً.
ولكن الأهم من هذا، إيران هي تلك التي تدعم سوريا التي تذبح مواطنيها. للأخوان المسلمين موقف قاطع تجاه الأسد: هو مجرم ليس أقل من أبيه، الذي ذبح عشرات الآلاف من الأخوان المسلمين. 'نعم، الأسد هو مقاتل، لأنه لم يحرك قطعة سلاح واحدة ضد العدو الصهيوني، بل فقط ضد شعبه البائس'، قال بسخرية جمال حشمت -أحد كبار النشطاء من الاخوان المسلمين-: الأسد، في نظر الأخوان، هو صيغة إجرامية لمبارك، وإيران بالتالي جديرة بالتنديد. سبب عملي آخر على أن إيران لن تكون في الزمن القريب القادم حليفة الحكومة المصرية بقيادة الأخوان, هو حقيقة أن السعودية وعدت مصر بأربعة مليار دولار. السعودية لن تعطي مالاً لحكومة تعقد حلفاً مع إيران.
هكذا أيضاً الولايات المتحدة، التي ستكون مطالبة بأن 'توصي' صندوق النقد الدولي بمنح الحكومة المصرية قرضاً بمبلغ 3 مليار دولار. في الأسبوع الماضي أعلن الأخوان أنهم لم يعودوا يعارضون خلافاً لموقفهم السابق طلب القرض من صندوق النقد، شريطة أن يستنفدوا بداية كل الإمكانيات الأخرى وإلا يكون ضرر بالمصالح الوطنية لمصر. الإمكانيات الأخرى التي يتحدث عنها الأخوان هي ضمن أمور أخرى، رفع سعر الغاز الذي يباع لاسرائيل, وجباية حقيقية للضرائب من أغنياء مصر.
يتبقى موضوع واحد آخر: اتفاقات كامب ديفيد. في مقابلة مع 'نيويورك تايمز' أوضح عصام العريان، نائب رئيس حزب العدالة والحرية، بأن هذا التعهد هو تعهد الحكومة وليس الحركة أو التيار، ولهذا فإن الحركة ترى نفسها ملتزمة بالاتفاقات. جيمي كارتر، الذي زار مصر الأسبوع الماضي, والتقى بقيادة الأخوان سمع أموراً مشابهةً. الناطق بلسان وزارة الخارجية، فيكتوريا نولند، تحدثت صراحة عن ذلك في أن الإدارة تلقت تعهداً بالتمسك بهذه الاتفاقات. تبقى فقط إقامة حكومة.
مؤسسات تنهار،والبلاد في الطريق لحرب أهلية مفتوحة
على الرغم من تأكيد الحكومة السورية أنها تسيطر على الأمور فإن الجميع يعرفون أن التغيير في سورية قادم لا محالة. هذا ما تشير إليه تقارير صحافية بريطانية، فقد كتب ايان بلاك مراسل صحيفة 'الغارديان' في الشرق الاوسط تقريراً من داخل سورية، فيما كتب مراسل صحيفة 'التايمز' تقريراً من داخل صفوف المقاتلين السوريين.
وما يؤكد ما ورد في التقارير بداية مجموعة انشقاقات داخل النظام السوري سواءً كانوا برلمانيين أم ضباطاً وجنوداً في الجيش السوري. والتقى ايان بلاك عدداً من الناشطين في دمشق، في المقاهي والأماكن العامة، حيث يعملون في خلايا سرية ضد النظام.
ويعلق الصحافي قائلاً إن الرئيس السوري بشار الأسد أظهر تصميماً خلال الأشهر العشرة الماضية للمضي بقمع الانتفاضة، وقتل من أجل البقاء في المنصب أكثر من خمسة آلاف سوري، وبالمقابل فإن معارضي نظامه مصممون على المواصلة حتى يحصل التغيير.
ونقل عن مهندس كمبيوتر وزوجته التقاهما في مقهى دمشقي قولهما: إن ما أدت إليه الثورة أنها كسرت جدار الخوف؛ حيث قال الزوج عدنان: إنه كان يخاف في البداية من المخابرات لكن ملاحقاتها أصبحت عادية. ويقول: إن الأساتذة في المدرسة لقنوهم حب الرئيس حافظ الأسد, ولكن الأمور لم تتغير عندما وصل ابنه للسلطة، و 'الآن كل شيء تغير، فصورة بشار تمزقت، ومتأكدون أننا في نقطة معينة سنطيح بالنظام'.
مظهر خادع
ويشير حديث عدنان أن مظهر الحياة الاعتيادية في العاصمة خادع ويخفي تحته خوفاً وغضباً، على خلاف جبهات المواجهة مع النظام في حمص وحماة ودير الزور ودرعا التي تواجه القمع اليومي. وتظل العاصمة مهمة للنظام لأنها إن سقطت سقط.
حسب معارضٍ بارزٍ قال: إن 'النظام لن يسمح بساحة تحرير هنا لإن سقوط دمشق يعني النهاية'. ولا يعني هدوء دمشق أنها بعيدة عن التظاهرات, فالتنسيقيات تقوم بتنظيم تظاهرات ليلية في نواحي العاصمة خاصة يوم الجمعة، وحتى في المركز حيث تظهر تجمعات لدقائق قبل أن يحضر الأمن والشبيحة. ويشير أن المراقبة الأمنية الشديدة جعلت من المتظاهرين يبحثون عن وسائل إبداعية، من مثل إخفاء مكبرات الصوت في ساحات عامة حيث كانت تنطلق منها أغنية 'ارحل ارحل يا بشار' التي غناها ابراهيم قاشوش الذي ذبح من حنجرته. ويقول مواطن في دمشق: إن الناس عندما سمعوا الأغنية خافوا أولا, ثم تقبلوها بارتياح في المرة.
وعلى الرغم من نجاح التكتيك إلا أن فيه مخاطرة؛ فقد أدار أحد السائقين مسجل سيارته على أغنية قاشوش، ليكتشف أن الراكب معه هو رجل مخابرات. ويقول ناشط آخر في مجال حقوق الإنسان: إن ما يفعله مواطنون في دمشق فيه مخاطرة, لكنها لا تقارن مع ما يحدث في إدلب وحماة, حيث يتعلق الأمر هناك 'بحياة أو موت'. وعلى الرغم من ذلك فإن مواطنين في العاصمة يشعرون بالنشوة بما يقومون بعمله, وإن جدار الخوف قد انهار.
عاصمة محصنة
كل الترقب في سورية بقرب نهاية النظام لا يعني أنها ستكون نهاية سعيدة خاصة أن الاسد في خطابه الأسبوع الماضي هدد بسحق 'الإرهابيين'. فدمشق تحاصرها الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الأسد ماهر، ووضعت أمام البنايات الحكومية السواتر الإسمنتية لحمايتها، فيما تم إغلاق الشوارع المؤدية للقصر الرئاسي ووزارة الدفاع، ويقف أمام مركز المخابرات في كفر سوسة حرس يحملون الرشاشات وعلى أهبة الاستعداد. وينقل تعليقات بعض المواطنين على الهجوم الانتحاري الذي استهدف المركز بداية الشهر الحالي, حيث قالوا: إن العملية ما هي إلا 'مسرحية ' نظمها النظام. ولديهم نفس الموقف من مقتل الصحافي الفرنسي الأسبوع الماضي في حمص، حيث يروا أن النظام قادر على فعل أي شيء، ولا أحد يصدق ما يقوله.
معسكر الموالاة
على الرغم من شكوك المعارضة فمؤيدو النظام يرون الأمور بمنظار آخر, وهو أن سورية تتعرض لمؤامرة إسرائيلية أمريكية عربية تقودهاقطر،ومن يقوم بالترويج لهذه النظرية التآمرية هي القناة المؤيدة للنظام 'الدنيا'، ويؤمن معسكر الأسد بالشائعات, حيث ينقل عن سائق تاكسي علوي قوله: إن 'أمير قطر يهودي, بل أسوأ من اليهود'، وأكد السائق عدم وجود تظاهرات. ويشير التقرير أن مؤيدي النظام ممن يتحدثون للإعلام الدولي من مثل بثينة شعبان وجهاد مقدسي، مدير دائرة الاعلام في وزارة الخارجية يدعون للحوار, ويحذر مقدسي من إن الإطاحة بنظام الأسد سيفتح باب المشاكل 'صندوق باندورا'.
وبالنسبة لأجهزة الأمن فإن السلفيين الجهاديين الذين ساعدتهم سابقأ في دخول العراق، هم من يقفون وراء القتل والتشويه للجثث. وفي المقابل تحمل المعارضة النظام المسؤولية، ويرى رجل أعمال له صلات قوية مع النظام أن 'أجهزة الأمن لا ترى حلاً إلا بمواصلة القتل والانتظار, حتى يتغير موقف الغرب'. كما يتهم معسكر الموالاة المعارضة بالسذاجة, وأنها تنسى قدرة الأمن على سحق الانتفاضة, كما فعلت في حماة في عام 1982م .
البعد الطائفي
ويشير الكاتب الى البعد الطائفي، وشبحه الذي بدأ يطل برأسه، حيث يقول: إن امرأة علوية كانت في زيارة لصديقة سنية في منطقة قريبة من الجامع الأموي, قالت: إنها تخشى من أخذ سيارة تاكسي يقودها سني خشية خطفها. وهناك مخاوف في داخل الطائفة العلوية حيث طالبت مجموعة مؤثرة من العلويين الرئيس الأسد الاعتذار عن القمع, وتقديم إصلاحات حقيقية وليست تجميلية. ويتعرض أي علوي ينتقد النظام إلى النبذ, كما فعل أخوة الممثلة فدوى سليمان التي خرجت ودعمت الانتفاضة. فيما تعيش أقليات أخرى خوفاً آخر، فالمسيحيون المؤيدون للنظام بشكل تقليدي يخشون من العناصر السلفية في الانتفاضة. وبعيداً عن هذه المخاوف فإن ما يعمق الأزمة السورية إن مؤسسات الدولة لم تعد قادرة على ممارسة مهامها 'وتنهار ببطء' حسب خبير، وما يقلق بال مسؤولي المخابرات هي الرشاوى التي تدفع لاطلاق سراح المعتقلين، والمال الذي يدفع لشراء السلاح وتزويده للمقاتلين، فيما يغض مسؤولو الجمارك عن شحنات الأسلحة القادمة من لبنان للمقاومة. ومن مظاهر الأزمة غياب الخدمات الرئيسية وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار مما يعني أن العقوبات الدولية على سورية جعلت من مناورة النظام محدودة، وأثر الازمة الاقتصادية على حياة السكان الصحية، حيث يقول الأطباء: إن هناك ارتفاعاً في أمراض القلب وضغط الدم والكآبة.
طهران عام 2009
ويقول الكاتب: إن دمشق تبدو مثل طهران عام 2009م بعد الانتخابات المزورة؛ ذلك أن الكل يعرف أن الخبراء الأمنيين الإيرانيين يساعدون السوريين على قمع الانتفاضة. وفي ظل هذه الأوضاع فإن أحداً لا يعرف متى تنتهي الانتفاضة، فعلى الرغم من تفاؤل المعارضة إلا أن لؤي حسين يقول: إن الانتفاضة وصلت نهاية مغلقة, وكل الإشارات تقترح أن البلاد تسير نحو حرب أهلية مفتوحة.
مع المقاتلين في عين البيضا
في تقرير انتوني لويد 'التايمز' من عين البيضا التقى عدداً من مقاتلي جيش سورية الحر الذين يتمركزون قرب هذه البلدة الحدودية مع تركيا، ونقل عن معاناتهم وتعرضهم الدائم لرصاص القناصة. وتنبع أهمية البلدة أنها بوابة الخروج من وإلى تركيا، حيث تصل منها المواد الغذائية والتعزيزات ويرسل عبرها الجرحى، ونقل عن ياسين قائد المجموعة التي لا تزيد عن المئة حديثه عن تأخر التعزيزات اللوجيستية والمناوشات اليومية.
وقال عملية الهروب من الجيش السوري النظامي بطيئة فاخر مجموعة وصلت إلى المنطقة كانت تتكون من عقيد وسبعة جنود وصلوا قبل أربعة أيام. وتحدث ياسين عن صعوبة الحركة داخل سورية خاصة بهذا العدد القليل من المقاتلين، وأضاف إن الرحلة التي كانت تستغرق ساعات أصبحت الآن تستغرق كل الليل، ومن يصل إليهم من الجرحى هم ممن أصيبوا بإصابات طفيفة, ومن يصاب بحروح بخطيرة يموت قبل أن يصل إلى المعسكر. ومثل كل مقاتلي جيش سورية الحر يرى إن إقامة منطقة عازلة يعمل منها الجيش ستعجل في نهاية النظام، و في الوقت الحالي لا توجد لدى المجتمع الدولي شهية للاستجابة لهذا الطلب. ومع إن جيش سورية الحر يقول: إن لديه ما بين 15 ـ 20 ألف مقاتل, إلا أن ياسين يرى أن العناصر ليست مشكلة, ولكن في كيفية تسليحهم. وينفي ياسين أي دعم من تركيا التي تدعم المعارضة بشكل ضيق وتقيد حركتهم، مما يضطرهم للبحث عن طرق جانبية لتجنب حرس الحدود الأتراك، ويقول ياسين: إن الأسلحة التي بحوزتهم, إما غنموها من الجيش السوري أو اشتروها من المهربين.
وأضاف أن ’ما لديهم من أسلحة اشتروه من أموال جمعها اللاجئون في تركيا, وأنهم لا يملكون إلا أربي جي واحد، وتحدث عن أسعار الاسلحة الباهظة التي يتجاوز بعضها خمسة آلاف دولار. وتظل المساعدات المالية التي يتلقاها جيش سورية الحر قليلةً، حيث نقل عن مصدر في إنطاكية قوله: أن ما تلقاه اللاجئون وجيش سورية الحر من المهاجرين السوريين في الخارج لا يتعدى 150 ألف دولار, وهو مبلغ لا يكفي إلا لتوفير الاحتياجات الأساسية, وشراء أجهزة اتصال وكمبيوترات للجيش. ونقل عن ياسين قوله: إن مقاتلاً ليبياً زار معسكره قبل شهرين، واعتقد ياسين أنه سينضم إليهم لكنه رحل بعد نصف يوم. وقال له: إن الثورة السورية ستحتاج الى خمسة أعوام لتصل ما وصلته الليبية. طبعاً لم يقل المقاتل إن الناتو كان وراء هذه الثورة.
لندن ـ يو بي آي: أفادت صحيفة 'فايننشال تايمز' الثلاثاء أن بعض المراقبين يعتقدون أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تخلى عن الجامعة العربية بشأن سورية، ونقل تركيزه إلى وسائل أخرى قد تشمل دعم 'الجيش السوري الحر' الذي يقاتل قوات النظام.
وقالت الصحيفة: إن مثل هذا التحرك سيكون تكراراً لاستراتيجية قطر في ليبيا، حيث قدمت الدوحة الدعم الدعم المالي والعسكري للمتمردين، لكن الرهان في سوريا هو أعلى بكثير، كما أن انتهاج الدوحة استراتيجية شاملة حولها هو أخطر بكثير أيضاً.
وأضافت أن التصريحات الأخيرة لأمير قطر حول نشر قوات عربية في سورية ربما قصد من ورائها إثارة الجدل حول التدخل العسكري، المستبعد حالياً بالغرب وضمن العالم العربي نفسه، على الرغم من معرفة الجميع بأنه يمكن أن يصبح حتمياً بنهاية المطاف.
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسة قطر حول سوريا كانت لها نتائج متباينة حتى الآن، وصحيح أن الدوحة ساعدت الجامعة العربية في التحرك نحو سياسة أكثر عدوانية حيال نظام الرئيس بشار الأسد، لكن هذه السياسة انتهت أيضاً بايفاد مراقبين عرب استغل النظام السوري مهمتهم، وتركت المسؤولين بالدوحة في حيرة مثل المعارضة السورية.
وقالت: 'بالنسبة إلى الدوحة نفسها، يمكن أن تشكل الضغوط من أجل اتخاذ اجراءات أكثر جرأة ضد دمشق خطراً على أمنها ما قد يدفع النظام السوري للإنتقام، ومن المحتمل أن تكون قطر على رأس قائمته للأهداف المطلوبة'.
وأضافت الصحيفة: 'أن القطريين يدركون الأخطار لكنهم يميلون إلى الاعتقاد بأن الأزمة السورية قد وصلت إلى نقطة اللاعودة، وأن الرهان على نظام الرئيس الأسد يستحق كل هذا الجهد'.
ونسبت إلى ديفيد روبرتس من المعهد الملكي البريطاني للدراسات الأمنية والدفاعية فرع الدوحة قوله: 'إن حسابات المخاطر والمنافع بالنسبة لقطر ليست في غير محلها، فالقطريون سيخسرون إذا بقي الأسد في السلطة للسنوات العشر المقبلة، لكن العلاقات معه انتهت والمخاوف الأمنية من سوريا قائمة, والتكاليف تم دفعها، فماذا سيخسر أمير قطر من محاولة أن يكون في الطليعة؟'.
وأضاف روبرتس 'قطر استثمرت أموالاً كبيرةً في سوريا، وتريد أن تؤثر على بعض أنواع القرار'.
الصورة الأخرى للأوضاع في سوريا
أوردت صحيفة الجارديان (18/1/2012) مقالاً يتناول الوضع السوري، كتبه جوناثان ستيل، حيث يرى ستيل أن التغطية الإعلامية الغربية لما يجري في سوريا تتجاهل معلومات واستطلاعات نتائجها تناقض الانطباع السائد، وهو أن الشعب السوري يريد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، وتشير الصحيفة الى استطلاع أجرته "مؤسسة قطر"، توصل إلى أن 55 في المائة من السوريين لا يرغبون برحيل الأسد، خوفاً من اندلاع حربٍ أهليةٍ، حيث إن وسائل الإعلام "لا ترحب" بنشر أخبار لا تنسجم مع الانطباع السائد، ولذلك فلا يستغرب أن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت الاستطلاع المذكور الذي تبين منه أن السوريين يرغبون بأن تجرى انتخابات مع بقاء الرئيس في السلطة، وهو ما وعد بشار به أكثر من مرة، ولكن من الضروري السماح بانتخابات حرة بمشاركة أكثر من حزب وتحت رقابة دولية، فالتغطية المنحازة للأحداث في سوريا تشوه دور مراقبي الجامعة العربية، ويضيف أن الغرب لم يكن متحمسا لمهمتهم، بعكس موقفه من تأييد الجامعة العربية لفرض حظر جوي فوق ليبيا.
رأت صحيفة الواشنطن بوست (18/1/2012) أن احتمالات التدخل العسكري الغربي في الأزمة السورية مستبعد إلى حد بعيد، بسبب الفيتو الصيني والروسي في مجلس الأمن الدولي، وبسبب الدعم العراقي الإيراني اللبناني للنظام السوري. وترى الصحيفة أن تعريب الأزمة السورية، هو الحل الوحيد المطروح حالياً، وأن الكرة الآن في ملعب الجامعة العربية، لإيجاد مخرج من الأزمة السورية، يمنع نشوب حرب أهلية في سوريا، أو حرب إقليمية في سوريا، بما يحفظ الأمن والاستقرار للمنطقة، خاصة بالنسبة للاقتصاديات الغربية التي تعاني من الأزمة الاقتصادية العالمية.
ذكرت صحيفة النيويورك تايمز (18/1/2012) أن أعمال العنف في سوريا قد تصاعدت بشكل كبير في الأيام القليلة الماضية. ونقلت الصحيفة عن ناشطين قولهم، إن ما لا يقل عن 34 شخصاً قتلوا في عدة بلدات ومدن في أنحاء البلاد، من بينهم ستة جنود منشقون وثلاثة من أفراد قوات الأمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن ’سفك الدماء المستمر والمتصاعد في سوريا، أثبت أن الانتفاضة قد تكون من بين الأكثر عنفاً في العالم العربي، على الرغم من وجود مراقبين من الجامعة العربية. وتابعت الصحيفة أن أعداد القتلى المتنامي يشير إلى مسار قاتم من الصراع يظهر احتمالاً ضئيلاً لتحقيق انفراج بالطرق الدبلوماسية. وأضافت الصحيفة أن ’إرسال المراقبين الشهر الماضي بعد أن وقعت سوريا على اتفاق يدعو إلى وضع حد لحملة الحكومة ضد المتظاهرين، وسحب جميع المركبات العسكرية من الشوارع, وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، لم يثمر نتائج حتى الآن، وفشل في إخراج سوريا من أزمتها.
أجرت صحيفة لوفيغارو (18/1/2012) لقاءً مع المعارض السوري المعروف "ميشيل كيلو"، الذي اعتبر تأليف المنشقين السوريين للمجلس السوري العسكري الأعلي، برئاسة العميد الركن المنشق "مصطفى الشيخ" سيدخل البلاد في فوضى لا نهاية لها. ويقول الكاتب إن المعارضة السورية، بكامل أطيافها، كانت ولا تزال متخلفة عن اللحاق بركب وتطلعات الشارع السوري الثوري، وأن ردود فعلها تأتي متأخرة للغاية. ويرى "كيلو" أن الوضع السوري يرواح مكانه، بسبب توازن القوى بين المعارضة والنظام. ويضيف "كيلو" أنه رغم عدم قدرة النظام على سحق الانتفاضة حتى الآن، وعد قدرة المحتجين، على إسقاط النظام، يستمر الحراك الشعبي، بشكل قوي بعيداً عن السياسة، ومناورات السياسيين.
اعتبر "فايز العجمي" فيصحيفة الشرق القطرية (18/1/2012) أن دعوة أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني" لإرسال قوات عربية، لحماية المدنيين السوريين، خطوة إيجابية تصب في مصلحة سوريا. ويقول الكاتب: إن ’تعريب الأزمة، يأتي كرفض للتدويل، ومنع له. ويدعو الكاتب النظام السوري بقراءة دعوة أمير قطر بشكل صحيح، وفهم مضمونها، لتجنيب سوريا ويلات التدخل الخارجي، والحرب الأهلية.
أما "حمدان الحاج" في صحيفة الدستور الأردنية(18/1/2012)، فيقول إن الجامعة العربية تجد نفسها بين سندان التعريب، ومطرقة التدويل. ويرى الكاتب أن المراقبين العرب في سوريا، يعيشون وضعاً حرجاً جداً، بسبب وضعهم الدقيق بين المعارضة والنظام. ويشير الكاتب إلى أنه إذا أدان المراقبون تصرفات النظام، شن عليهم النظام هجمة إعلامية شرسة، متهماً بالعمالة، وأنهم يمهدون لتدخل دولي في سوريا، وإذا ما أبدوا ميلاً للنظام، لاحقتهم اتهامات نشطاء المعارضة وجهاتٌ إعلاميةٌ عربيةُ، ودوليةً بالانحياز للنظام، وأنهم جاءوا لمنحه مهلة جديدة للقضاء على الحركة الاحتجاجية. ويضيف الكاتب أن هذا التردد في عمل بعثة المراقبين العرب، قد يؤدي بها إلى المساواة في تقريرها بين المعارضة والنظام في المسئولية عن الأزمة، وهو ما يعتبره الكاتب مساواةً بين الضحية والجلاد.
وأجرت صحيفة الحياة اللندنية (18/1/2012) حواراً مع نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا "محمد فاروق طيفور"، وممثل الجماعة في المجلس الوطني السوري المعارض. وقال "طيفور" إن الانتفاضة السورية ما تزال حتى الآن سلمية، رغم المحاولات المستمرة لعسكرتها. واعتبر "طيفور" أن النظام السوري مسئول عن فشل الجامعة العربية في مساعيها لإيجاد مخرج حتى الآن للأزمة، وفشل بعثة المراقبين في مهمتها في سوريا. ويدعو "طيفور" إلى إصدار قرار عربي يحيل الملف السوري إلى مجلس الأمن، وينشأ منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، لحماية المدنيين.
ونقلت صحيفة الشرق الأوسط (18/1/2012) عن وزير الخارجية العراقي "هوشيار زيباري"، قوله: إن اقتراح أمير قطر بإرسال قوات عربية إلى سوريا سوف يطرح، وسيتم مناقشته في اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بسوريا, وفي اجتماع وزراء الخارجية العرب يومي السبت والأحد المقبلين. وأكد زيباري في تصريحات خاصة للصحيفة: أنه من المتوقع تمديد عمل بعثة الجامعة العربية, باعتبارها خطوة شجاعة وجريئة ومهمة من الجامعة. مشيراً إلى أن أنه سيتم دعم البعثة لتطوير عمل المراقبين، ومشدداً على أن المبادرة العربية هي الوحيدة المطروحة في الوقت الحالي، للخروج من الأزمة السورية.
ورصدت صحيفة الدستور المصرية (18/1/2012) آخر تطورات الملف السوري، ونقلت عن دبلوماسي بريطاني قوله: إن لا أحد في العالم, ولا في الدول العربية قادر بسرعة على فعل أي شيء لوقف حمام الدم ضد الشعب السوري. وأشار الدبلوماسي البريطاني إلى أنه "حتى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يملك سوى مطالبة الأسد من بيروت بالتوقف فوراً عن قتل شعبه, لأن حكم شخص واحد لأي أمة أو دولة لم يعد مقبولً, وقد وصل الى طريق مسدودة". وأضافت الصحيفة إن تصريح الديبلوماسي البريطاني يأتي بعد تصريحات لأحد قادة "الجيش السوري الحر" أعلن فيها الانتقال الى مرحلة الهجوم على مؤسسات النظام السوري الأمنية والعسكرية ومراكز الاتصالات.
أما صحيفة السياسة الكويتية (18/1/2012)، فتنقل عن أحد قادة "تنسيقات الثورة السوري" التي تنظم الاحتجاجات على الأرض في سوريا، قوله إن اثنين على الأقل من عملاء حزب الله اللبناني قد اخترقا "المجلس الوطني السوري" برئاسة "برهان غليون"، ويلعبان دوراً مرسوماً من قبل نظام "بشار الأسد" عبر أمين عام حزب الله اللبناني "حسن نصر الله" لنسف "الجيش السوري الحر" من الداخل ببث معلومات كاذبة تضرب التعاون والثقة بين "المجلس الوطني" و"الجيش السوري الحر" لمنع مشاركتهما في قيادة موحدة سياسية - عسكرية للثورة تعجل في إسقاط نظام البعث عسكرياً, وبتدخل خارجي عربي - دولي إذ اقتضى الأمر".
تجار الاسلحة في لبنان اكبر المستفيدين من الانتفاضة السورية
قال تقرير بريطاني: إن فشل المقاومة السلمية في إزاحة بشار الأسد عن الحكم, وتردد المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم وداعم للانتفاضة شجع الكثير من السوريين لتبني الخيار العسكري, حيث يواجهون القوات الأمنية السورية.
وتحاول السوق السوداء للأسلحة في لبنان الاستجابة للمطالب المتزايدة للذخائر والأسلحة لسورية، لدرجة أنها صارت فوق طاقته لتلبية متطلبات الخيار العسكري.
وعلى الرغم من سيطرة النظام على حدود البلاد, وعدم وجود سوق كبير للأسلحة في سورية؛ فإن تجار الأسلحة اللبنانيين يتحدثون عن أرباح قياسية حققوها من تهريب الأسلحة للمقاومة السورية. ونقلت صحيفة 'التايمز' في تقرير لها أمس عن تاجر سلاح قوله: إن 'الأسعار جنونية، وكل الأسلحة تذهب لسورية'. وقال إن سعر بندقية روسية الصنع من نوع اي كي ـ 47 قفز من 750 الى 1300 جنيه استرليني، أما البندقية التي كان يفضلها بن لادن, والمعروفة باسم فان سعرها ارتفع من 1800 التى 3250 جنيه، أما المسدسات الأوتوماتيكية فقد ارتفع من 1300 الى ألفي جنيه، أما الذين يريدون الحصول على أسلحة متطورة من مثل رشاشات أتوماتيكية روسية الصنع المعروفة باسم 'دي اس اتش كي' فقد وصل سعرها الى 3259 جنيه.
ويقول: أن معظم الأسلحة المهربة لسورية هي من أجل الاستخدام الشخصي ولمواطنين خائفين من تصاعد عنف القوات الأمنية ضدهم، لكن المهربين وتجار الأسلحة يتحدثون عن زيادة عالية في الطلب على أر بي جي ومضادات الدبابات. ويقول تاجر: إن هناك 'طلباً كبيراً على قاذفات الأر بي جي وعلى القذائف اليدوية والذخائر، فقد وصل سعر "الأر بي جي" إلى 1300 جنيه بزيادة ثلاثة أضعاف عن السعر السابق وهو 325 جنيهاً. وعليه فإن الارتفاع المفاجىء على طلب قاذفات "الأر بي جي" يشير الى مواجهات مستمرة بين المقاتلين وقوات الجيش السوري.
ونقلت عن حسن -وهو جندي فر من الجيش السوري وانضم لقوات جيش سورية الحر، وهو من مدينة حمص- حيث قال: إن نقص الذخائر والأسلحة الثقيلة يعيق مواجهات المقاتلين مع قوات الجيش. وقال: إن معظم الجنود فروا ببنادقهم وبدون "أربي جي" وذخائر, وإنه من الصعوبة مواجهة الجيش، فلا يمكن مواجهته ببندقية خالية من الرصاص. ونقل عن مقاتل أخر قوله: لا نريد مقاتلين, فلدينا ما يكفي, ولكن نريد أسلحة التي لو توفرت لانتهى الأسد سريعاً'، وأضاف إن جيش سورية الحر مستعد لتجنيد مدنيين, ولكنه لن يكون قادراً على فعل هذا إلا في حالة توفر السلاح. وقال: إن المقاتلين لديهم خياران أم الانتظار حتى يقدم لهم المجتمع الدولي السلاح أو ينتظرون حتى يسرقوا السلاح من الجيش.
وعلقت صحيفة 'ديلي تلغراف' في افتتاحية لها تحت عنوان 'أصداء لصدام في سورية ' على العفو العام الذي أصدره بشار الأسد. وقالت: إن الاخير مثل صدام يلف ويدور مع تزايد الضغط الدولي عليه، وقالت: إن عفوه العام ضد 'المجرمين' ليس إلا لعبة, ولهذا كانت الخارجية الأمريكية على صواب عندما نصحت السوريين بعدم تصديق حديث الأسد, لأن رئيسهم لا يمكن الثقة به وبشكل كامل.
وتحدثت عن خطابه الأسبوع الماضي الذي وعد فيه بضرب الإرهابيين, وما فعله هو من أجل أن يحدد عمل لجنة المراقبين العرب. وقالت: إن الأسد خلال العشرة أشهر الماضية لم يغضب فقط جيرانه مثل تركيا, بل والعالم العربي, ويوم الأحد أضاف الامين العام للأمم المتحدة صوته إلى الشاجبين. وختمت بالقول: إن حزب البعث في العراق انهار عام 2003 , وطالما لم ينهر في سورية فالمنطقة ستظل تعيش حالة من عدم الاستقرار.
وفي تقرير آخر نقلت صحيفة 'اندبندنت' عن معارضين سوريين, قولهم: إن موقفهم الشاك بتصريحات الأسد مبررة. وقال أحد أعضاء المجلس الوطني: أنه من المستبعد أن يعود الجنود الذين فروا من الجيش إلى ثكناتهم بموجب هذا العفو. ودعا آخر الى إرسال قوات عسكرية عربية لسورية حالاً أو قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. وأشارت الصحيفة إلى مشاكل المعارضة السورية، ففي الوقت الذي دعت فيه جماعة الأخوان المسلمين إلى تدخل دولي أصدرت الهئية العامة للجان التنسيقية بياناً رفضت فيه أي تدخل ، فيما نقلت 'ديلي تلغراف' عن العميد مصطفى أحمد الشيخ, وهو أكبر رتبة عسكرية تنشق عن الجيش, قوله: إنه يقوم بمحادثات مع جيش سورية الحر لإنشاء مجلس عسكري حيث سيكون المجلس واجهة للتدخل عربياً أو دولياً.