تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.
تشير المصادر إلى أن فرق الهندسة في الجيش السوري تقوم بتعزيز تحصينات في جبال الأنصارية، حيث يتم تجهيز ثكنات عسكرية جديدة، وحفر قنوات سرية، ونصب منصات لإطلاق صواريخ أرض-جو، ومدافع مضادة للمدرعات.
وتقع جبال الأنصارية شمال غربي سوريا، وهي سلسلة جبلية تمتد نحو 32 كم طولاً، ونحو 1200م عرضاً، ويبلغ ارتفاعها 1562متراً، وتمثل تحصيناً طبيعياً لقادة النظام في حالة توسع نطاق المظاهرات في المدن، كما أنها تسمح بتخزين الأسلحة في أماكن آمنة، واتخاذها قاعدة لقوى الأمن بهدف منع انتشار العصيان المدني في المناطق الشمالية والشمالية الغربية من البلاد.
وتعزز هذه الخطوة مشاعر القلق بأن النظام السوري يوغل في استخدام سياسة التأزيم الطائفي إذ إن غالب سكان هذه المناطق من العلويين.
وتؤكد المصادر أن سكان القرى العلوية المجاورة لتلك المنشآت قد غادروا مناطق سكناهم، وعمد بعضهم إلى الاتصال بالجهات الشعبية في المدن للتأكيد على حيادهم فيما يقع من أحداث، وطلب عدد من مخاتير القرى العلوية في محافظتي حماة وحمص توسط وجهاء تلك المدن لدى عناصر الجيش الحر مطالبين بعدم استهداف قراهم في أي عمل انتقامي لأنهم مسالمون وغير راغبين في التورط بما يرتكبه رجال الأمن والشبيحة من جرائم بحق سكان المدن المجاورة، كما تعهدوا بعدم مشاركة أبنائهم في قمع التظاهرات، ويشعر هؤلاء بالقلق الكبير من غياب التواجد الأمني في مناطقهم، وعجز قوى الأمن وفرق الجيش عن ضبط الأوضاع في المحافظات الشمالية والغربية للبلاد.
وفي يوم الأربعاء (4 يناير 2012) شهدت محافظة حوران مواجهات عنيفة بين الجيش السوري وقوات منشقة من اللواء 38 المدرع التابع للفرقة المدرعة السابعة، حيث دارت معركة بين الطرفين بدبابات من طراز (T72)، ومدافع رشاشة بالقرب من مدينة صيدا وتكبد الجيش السوري خسائر في الأرواح.
وكانت قوات الجيش الحر قد هاجمت ثلاث نقاط تفتيش يوم الإثنين (2 يناير 2012) وقتلت عدداً من أفراد قوات النظام وأسرت آخرين.
وعلى إثر ذلك الحدث نشرت وسائل الإعلام تصريحاً لوزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أمام أعضاء الكنيست يوم الثلاثاء (3 يناير) قال فيه إن النظام السوري: "لم يتبق لديه سوى عدة أسابيع في الحكم"، ولما سئل أحد كبار الضباط عن سر ذلك التصريح أجاب: "إن وزير الدفاع قد بلغته معلومات مؤكدة عن إمكانية وقوع انشقاقات كبيرة في وزارة الدفاع السورية خلال الأيام القادمة"، وتتضمن ضباطاً برتب عليا يعملون في الوقت الحالي على الإطاحة ببشار.
تشير التقارير الأمنية إلى أن أجهزة الاستخبارات الغربية تشعر بالقلق من سلسلة المناورات العسكرية التي أجرتها القوات المسلحة السورية في شهر ديسمبر الماضي، حيث رصدت هذه الأجهزة للمرة الأولى إطلاق صواريخ (SA17)، وكانت هذه الأجهزة قد تلقت معلومات برغبة سوريا في اقتناء هذه المنظومة المتطورة من الصواريخ، لكنها لم تكن متيقنة من حيازة السوريين لها قبل تلك المناورات.
جدير بالذكر أن سلاح الجو السوري يخضع لقيادة مستقلة، ويبلغ عدد قواته 55 ألف مقاتل متوزعين على 25 لواء، ويتم تزويد كل واحد من هذه الألوية بست بطاريات صواريخ (سام) أرض-جو، وحوالي 650 منصة إطلاق صواريخ من طراز (SA-2/3/5)، و200 منصة من طراز (SA-6) المحمولة، وحوالي 4000 مدفع مضاد للطائرات من عيارات مختلفة. كما يتضمن سلاح الجو فوجين مستقلين كل منهما مزود بأربع بطاريات صواريخ (سام) من طراز: (SA-8) وطراز: (SA-10) المتحركة، كما أنها مزودة بأجهزة إنذار مبكر محمولة وثابتة.
ونتيجة لاكتشاف وجود منظومة صاروخية جديدة ومتطورة؛ فقد شرعت أجهزة الاستخبارات العسكرية الغربية في مراقبة المنصات الصاروخية التي نصبها الجيش السوري في شهر ديسمبر الماضي لتقييم حجم الخطر وتقدير مستوى رد الفعل المتوقع إزاءه.
وتؤكد مصادر أمنية غربية أن كتيبة "الصقور 14" التركية المتمركز بالقرب من مدينة "كركخانه" قد رصدت يوم الأربعاء (4 يناير 2012) على الحدود مع سوريا طائرة تجسس إسرائيلية تحوم فوق الأجواء التركية-السورية، وعلى الرغم من مطالبتها بإصدار الأوامر لها بإطلاق النار إلا أن قيادة الأركان التركية بادرت بإرسال طائرتين (F16) من القاعدة الثانية لسلاح الجو في ديار بكر للبقاء إلى جانب طائرة التجسس حتى مغادرتها الأجواء.
وتؤكد المصادر أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إرسال طائرة تجسس إسرائيلية لتصوير مواقع شمال سوريا منذ اندلاع التظاهرات فيها.
ويبدو أن الجهود الروسية لدعم نظام دمشق قد أتت بنتائج عكسية؛ فقد أقنعت إسرائيل الدول الغربية بأن حيازة دمشق لهذه الصواريخ المتطورة يؤثر في موازين القوى في المنطقة، ويهدد بإمكانية وقوعها في أيدي جماعات متطرفة، وبالأخص منها صواريخ "ياخونت" التي يصعب اعتراضها لسرعتها وإمكانية إطلاقها من مواقع سرية، وتخشى الدول الغربية من إمكانية تزويد "حزب الله" بعدد من هذه الصواريخ مما يعرض الأسطول الأمريكي الخامس وموانئ إسرائيل لمخاطر لم تكن في الحسبان.
وبناء على تلك المعلومات؛ فقد نشرت تسريبات عن قيام عناصر من الاستخبارات البريطانية الخارجية (MI6) والأمريكية (CIA) قبل أيام قليلة بزيارة إلى جنوب تركيا لتقييم الأوضاع العسكرية هناك، ودراسة إمكانيات التدخل في حال خرجت الأمور عن السيطرة في مدينة حمص والمناطق المحيطة بها.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت يوم الإثنين (2 يناير 2012)، أن وزارة الدفاع البريطانية قد أعدت خطة لفرض منطقة حظر للطيران في حال تبني الأمم المتحدة قراراً ضد سوريا، وعلى الرغم من تنبيه وزارة الخارجية رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى صعوبة توفير غطاء قانوني لأي عملية عسكرية في سوريا في ظل المعارضة الصينية والروسية، إلا أن تدهور الأوضاع، وزيادة وتيرة الانشقاقات العسكرية، وتصاعد احتمالات اندلاع حرب أهلية في المنطقة قد يكون لها تأثير في تغيير مواقف موسكو وبكين.
ويبدو أن فكرة التدخل العسكري المحدود لفرض حظر الطيران وإنشاء مناطق آمنة في سوريا قد بدأت تحظى بقبول واسع في أوساط الجمهوريين الذين يتمتعون بأغلبية في الكونغرس الأمريكي، وكذلك لدى بعض الدول العربية في الآونة الأخيرة.
وأشار التقرير الذي أعدته وزارة الخارجية البريطانية إلى إمكانية إسهام مقاتلات (Tornado) المطورة من طراز (GR4) في عمليات فرض حظر الطيران؛ إلا أنها قد تواجه خطر الاشتباك مع طائرات (MIG29) الروسية المتطورة والتي تمتلك سوريا منها 74 مقاتلة، ورأى التقرير البريطاني أن الدفاعات الجوية السورية أقوى من تلك التي كانت متوفرة لدى القذافي، وعندما سئل المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطاني عن صحة تلك الأنباء أجاب: "لم توكل إلينا أية مهام عسكرية حتى الآن، نحن ندرس جميع الاحتمالات".
يواجه الاقتصاد السوري مصاعب كبيرة إثر اشتداد وطأة العقوبات الاقتصادية على نظام دمشق، وقد ظهر ذلك بصورة جلية لدى إعلان الحكومة عزمها خفض الإنفاق في الموازنة العام للعام المقبل بنسبة 25 بالمائة، وطالب رئيس الوزراء عادل سفر الجهات العامة العمل على خفض الاعتمادات في الموازنة بشقيها التجاري والاستثماري، وأشارت مصادر رسمية أن هذا الإجراء يأتي في إطار برنامج الحكومة للحد من الهدر وترشيد الإنفاق العام.
وفي الفترة نفسها أعلنت "جمعية حماية المستهلك" السورية أن أسعار السلع في السوق المحلية ارتفعت بنسبة 20 بالمائة، والتهمت نحو 25 بالمائة من أجور الموظفين.
وتشهد المدن السورية أزمة حادة في مادتي الغاز المنزلي، والمازوت المخصص للتدفئة، وانقطاعات متكررة في التيار الكهربائي.
ويبدو أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة قد ألقت بظلالها على بنية حزب البعث التي أخذت في الانكماش، حيث أصدر بشار أسد يوم الإثنين (2 يناير 2012) مرسوماً يقضي بنقل عدة آلاف من العاملين في حزب البعث والمنظمات الشعبية التابعة له إلى مؤسسات الدولة الرسمية، بحيث يصبح هؤلاء على ملاك الدولة بدلاً من وجودهم على ملاك الحزب أو إحدى الجهات التابعة له، وذلك بسبب قلة موارد الحزب.
وجاء في نص المرسوم: "يعين العاملون في حزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية من غير المنتخبين أو المكلفين بمهام قيادية في شواغر محدثة حكماً لهذه الغاية، وبالأجور التي وصلوا إليها مع احتفاظهم بقدمهم الوظيفي الذي يؤهلهم للترفيع".
ويشمل هذا المرسوم جميع العاملين التابعين للحزب الذي يرغبون في الانتقال لملاكات الدولة الرسمية، لا سيما أن هؤلاء لا يعتبرون موظفي دولة ولا يتقاضون رواتبهم من موازنة الحكومة، بل من مخصصات حزب البعث كحزب حاكم.
وتشير المصادر إلى أن نحو 400 موظف من جريدة "البعث" الناطقة باسم الحزب سيتم نقلهم إلى مؤسسات رسمية تابعة لوزارة الإعلام السورية، كما جرى نقل حوالي ألف موظف مما يسمى: "المنظمات الشعبية" التابعة للحزب إلى مؤسسات الدولة الرسمية.
وكان القرار الرئاسي قد جاء على خلفية إقرار القيادة القطرية نقل عدة آلاف من العاملين التابعين للحزب ومنظماته الأخرى إلى مؤسسات رسمية.
جدير بالذكر أن هذه التحركات سيكون لها تأثير على بنية الحزب وتماسكه، وربما تدفع بانشقاقات كبرى على نمط التمرد الذي عانت منه المؤسسة العسكرية في الأشهر الماضية، ويأتي ذلك نتيجة لقلة الموارد، وضعف سيطرة النظام على مؤسساته المدنية والعسكرية على حد سواء.
أ.هـ