نشر سلاح البحرية السوري أكثر من سبعين صاروخاً من طراز "ياخونت" الروسي المضاد للسفن والغواصات على طول الساحل السوري، وفي الوقت نفسه استلمت القيادة العسكرية السورية 3 ملايين قناع واق للغازات الكيميائية والبيولوجية السامة تم شحنها على متن حاملة الطائرات الروسية "كوتزنستوف" التي قامت بمناورات جوية فور رسوها في ميناء طرطوس في 16 ديسمبر 2011.
كما قام الجيش السوري بنشر كتائب مدرعة جديدة على حدوده مع الأردن في مواجهة تمركز القوات الخاصة الأمريكية على نهر اليرموك.
وفي يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011؛ عقد مجلس الدفاع الأعلى بأنقرة اجتماعاً طارئاً لدى تلقيه معلومات بنشر الجيش السوري 21 صاروخاً من طراز "سكود دي" على الحدود الشمالية مع تركيا من جهة لواء الإسكندرونة، خمس منها تحمل أسحلة كيميائية، وحضر الاجتماع كل من رئيس الجمهوري عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان حيث تم استعراض الاستعدادات الدفاعية في مواجهة التحركات السورية وتم وضع كافة القوات الجوية والبحرية والبرية على أهبة الاستعداد، ونوقشت خطط التوغل العسكري التركي شمال سوريا في حالة اندلاع القتال.
وقد فوجئ وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا لدى وصوله أنقرة في اليوم نفسه (16 ديسمبر) بأن الجيش التركي كان في حالة تأهب قصوى، وذلك في الوقت الذي كان فيه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يعقد اجتماعاً طارئاً مع القيادة الروسية بموسكو لمناقشة تطورات الموقف العسكري في المنطقة.
جدير بالذكر أن الجيش السوري قد قام بنقل هذه الصواريخ من حلب ونصبها بالقرب من الحدود التركية في وضح النهار وذلك حتى يمكن أجهزة الرصد الأمريكية والتركية من معرفة طبيعة هذه التحركات على سبيل الردع.
وفي هذه الأثناء كلفت قيادة الجيش الإسرائيلي فرقة التدخل خلف حدود العدو بقيادة الجنرال "شاي أفيتال"، لبدء عمليات رصد وإحباط أي محاولة لنصب صواريخ "سكود" سورية على الحدود مع إسرائيل.
وعلى الصعييد نفسه؛ وصل إلى الرياض وفد أمني إيراني رفيع المستوى بقيادة وزير الاستخبارات الإيرانية حيدر مصلحي الذي أوفده علي خامنئي بهدف بحث سبل التفاهم مع السعودية حول حل الأزمة السورية، حيث أكد الوفد الإيراني أن التعاون بين طهران و الرياض هو الوسيلة الوحيدة لجمع الحكم والمعارضة السورية على مائدة الحوار ودفعهم للتوصل إلى حل مشترك، وذكر مصلحي للأمير نايف والأمير مقرن بأن أمريكا لا تهتم إلا بمصالحها، وستدير ظهرها لجميع دول المنطقة فور سيطرتها على سوريا بعد العراق.
تؤكد مصادر غربية فرار نحو 10 آلف جندي منذ بدء الاحتجاجات، أما الجنود الجدد الذين كان من المقرر أن ينخرطوا في الجيش فقد فر منهم أكثر من خمسين بالمائة، ولم يصلوا إلى القواعد العسكرية كما كان مقرراً، على حد قول المصادر التي أكدت على أنه من يوم إلى أخر، تزداد المؤشرات القائلة إن بشار بدأ يفقد السيطرة تمامًا على البلاد، والأخطر من ذلك، برأي المصادر عينها، أن الأسد بدأ يفقد السيطرة على الجيش، الذي كان يُعتبر الحاجز الأخير أمام المعارضة، إذ أنه منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية وقف إلى جانب النظام.
وتشير التقديرات إلى أنه على الرغم من أن كبار الضباط والقادة العسكريين ما زالوا يؤيدون الرئيس الأسد، إلا أن الضباط في الرتب المنخفضة باشروا بالهرب من الجيش والانتقال إلى معسكر المعارضة، وفي بعض الأحوال، انشقت كتائب كاملة من الجيش وانضمت لقوى المعارضة.
وتعاني قيادة الجيش من تدهور في معنويات قيادتها بسبب فقدان المئات من الجنود والضباط خلال المعارك، حيث يسيطر الجيش الحر على مناطق عديدة ويمنع الجيش من الوصول إليها، ولكن المصادر أكدت على أن نقاط الضعف المركزية للمعارضة السورية تكمن في مدينتين مهمتين: العاصمة دمشق، وعاصمة التجارة مدينة حلب، إذ أن الحرس الجمهوري، يرابط في دمشق، ويمنع بالقوة انطلاق المظاهرات الداعية لإسقاط النظام، ولكن على الرغم من ذلك، سجلت في بعض الأحيان مظاهرات في العاصمة السورية.
وبحسب المصادر، فإن الدول الغربية قلقة من مصير مخازن الأسلحة الكيماوية ومخازن القذائف الصاروخية في حال سقوط النظام، وعلى الصعيد نفسه؛ قامت قيادة "حزب الله" بنقل مئات الصواريخ من مخازنها في سورية إلى لبنان، ومنها صواريخ بعيدة المدى.
بعد تمركز القوات الأمريكية الخاصة في منطقة المفرق شمال الأردن، ونشر أبراج استطلاع على الحدود مع سوريا على امتداد نهر اليرموك، تسربت أخبار عن تأسيس مركز استطلاع أمريكي متقدم في مدينة "غازي عنت" جنوب تركيا، وكان نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قام بزيارة خاطفة إلى تركيا لمناقشة تفعيل هذا المركز الذي يقع على بعد 127 كلم عن مدينة حلب، ويهدف من خلاله إلى دعم الجهود الميدانية للإطاحة ببشار، وتخطط الاستخبارات الأمريكية لدعم حركة تمرد كبير يشل مدينة حلب ويؤذن بخروجها تماماً عن سيطرة النظام بدمشق.
لكن القيادة الأمريكية لا تملك توجهات لدعم الجيش الحر، بل تملك خططاً بديلة لمد يد التعاون مع ضباط الجيش السوري للتمرد على بشار والإطاحة به، ولذلك فإن الجيش الحر لم يتمتع بأي دعم أو تسليح من قبل القيادة الأمريكية أو التركية، إذ إن واشنطن وأنقرة تريدان بقاء الجيش السوري في أفضل حال حتى يتمكن من حفظ الحدود مع جيرانه ويمنع قيام حرب أهلية في البلاد، ولا شك بأن عمليات الجيش الحر لا تخدم الأهداف الأمريكية والتركية على حد سواء.
ويقتصر تسليح الجيش الحر في الفترة الحالية على الرشاشات ومضادات الدروع التقليدية (آر بي جي) التي يتم تهريبها من مناطق حدودية، وقد عملت الإدارة الأمريكية على التقليص من حجم المساعدات التي تصل إلى الجيش الحر، وذلك لأن وصول الأسلحة لمتطورة إلى يد المنشقين سيفسد خطط واشنطن في الاستفادة من الجيش السوري لدى سقوط النظام.
وتعمل واشنطن على مد قنوات سرية مع قادة الجيش السوري لدفعهم على التحرك في الوقت المناسب ضد النظام وإعلان انشقاقهم عنه، وتركز الاستخبارات الأمريكية بصورة خاصة على ضباط الأقليات من جهة، كما تعمل على استقطاب نحو 400-500 ضابط سوري يتدربون في روسيا، ونحو 150 ضابطاً يتلقون دروة في مدرسة للأركان بباكستان من جهة أخرى.
وتؤكد المصادر أن بعض الجهات العربية قد عرضت على وليد المعلم إعلان انشقاقه عن النظام نظير مكافأة سخية في إحدى زياراته الخارجية، ولكنه: "كان قلقاً على مصير أسرته".
وترى مصادر غربية أن نهاية بشار باتت قريبة، وبأن الإدارة الأمريكية عازمة على إنهاء الأزمة في سوريا قبل حلول شهر مارس 2012، وسيكون لذلك أثر كبير على أنظمة الحكم في إيران وغيرها من دول وسط آسيا.
وتشير المصادر إلى أن موقف إسرائيل قد تغير بصورة كبيرة في الأيام الماضية، فقد كان منبع القلق الأولي من تغير النظام يقوم على أن: "الشيطان الذي تعرفه خير من الشيطان لا تعرفه"، وارتكز أيضا إلى توصية الجيش الإسرائيلي للمؤسسة السياسية بإمكانية الاستفادة من ضعف بشار وتسوية اتفاقية سلام معه، ولكن هذه الأيام انتهت؛ فبقدر ما تتواصل الأزمة بقدر ما يزداد شعور إسرائيل بأن إسقاط النظام يوجه ضربة للمحور الراديكالي الذي بنته إيران، ويسمح بقيام نظام بديل يبرم اتفاقاً نهائياً معها حول الأمور العالقة وعلى رأسها الجولان.
أ.هـ