تقرير نصف شهري تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام
أكد مصدر أمني غربي في 26 سبتمبر 2012؛ أن الحرس الثوري الإيراني قد بدأ في عملية تدريب وتجهيز عناصر الشبيحة لتحويلهم إلى فرق عسكرية بهدف الإسهام في عمليات القمع ضد المواطنين، ويتم تدريب مجموعات منهم في الوقت الحالي على عمليات القوات الخاصة وعلى استخدام مختلف أنواع الأسلحة التي يتم استخدامها من قبل فيلق القدس.
وأكد المصدر أنه يتم التخطيط لتوفير ما بين 50 إلى 60 ألف مقاتل من عشائر علوية تشكل نواة قوة رديفة للحرس الجمهوري، وقد تم رصد عمليات شحن جوي بصفة يومية خلال الأسابيع الماضية لتوفير الأسلحة والأجهزة والمعدات لهذا المشروع إضافة إلى نقل الخبراء والمدربين من كوادر فيلق القدس إلى دمشق.
وذكر المصدر نفسه أن عدد الخبراء العسكريين الإيرانيين قد بلغ في 20 سبتمبر نحو 2200 خبيراً، وبأن الذي يشرف على هذا المشروع من الجانب الإيراني هو اللواء إبراهيم حمداني المقرب من اللواء قاسم سليماني بينما يتولى قيادة العملية من الجانب السوري اللواء عزت حسن.
وكانت مصادر أمريكية قد كشفت في 20 سبتمبر عن وجود رحلات يومية من إيران إلى دمشق عبر الأجواء العراقية، وقد تم تحذير العراقيين من المشاركة في دعم النظام السوري، إلا أن المالكي لم يظهر الجدية الكافية للتجاوب مع الدعوات الأمريكية.
وأكدت أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنها رصدت في الأيام الماضية نحو 117 رحلة سيرتها شركتا خطوط جوية هي: "ماهان" و"ياس" الإيرانيتين، وعلى متنهما معدات عسكرية تحت غطاء "مساعدات إنسانية".
وعلى إثر تسريب تلك الأنباء تحدثت وسائل الإعلام عن وجود فرق من الشبيحة تستخدم عربات تحمل شارات الجيش الحر، وتعمل بصورة نشطة في المناطق المحررة، حيث تقوم بعمليات تهدف إلى تشويه سمعة الجيش الحر، وجمع المعلومات حول نشاط كتائبه في المناطق الشمالية في البلاد، والتي يصعب على جيش النظام الوصول إليها.
وتأتي تلك العمليات ضمن التدريبات التي تتلقاها هذه المجموعات الجديدة للقيام بعمليات نوعية خلف خطوط الخصم، حيث لوحظت في الآونة الأخيرة تزايد وتيرة الهجمات المباغتة التي يشنها النظام على معاقل المعارضة بهدف إثارة الفوضى ونشر الرعب.
كما تؤكد مصادر أمنية أنه قد أسندت إلى هذه الفرق مهام خطف بعض المعارضين، واعتقال عناصر من المقاتلين، بهدف استخدامهم في حملته الإعلامية ضد الجيش الحر ووسمه بالتطرف، واتهام عناصره بالانتماء للقاعدة، وقد تم بالفعل اعتقال عدد من المقاتلين الأجانب وفق استراتيجية يشرف عليها ضباط إيرانيون، كرد على اختطاف مقاتليهم في دمشق.
وتأتي تلك العمليات ضمن الجهود التي تبذلها طهران بالتعاون مع دمشق لأقلمة الأزمة والعمل على نشرها إلى لبنان، حيث صرح قائد الحرس الثوري الإيراني علي جعفري في 16 سبتمبر بوجود خبراء إيرانيين في سوريا ولبنان، وذلك رداً على عمليات تسليح ودعم الجيش الحر من قبل بعض القوى الإقليمية.
وعلى الصعيد نفسه؛ كشفت الإدارة الأمريكية في 19 سبتمبر عن إسهام شركات عسكرية من روسيا البيضاء في تزويد النظام السوري بالأسلحة والمعدات، حيث وصلت في الأيام الماضية شحنة كبيرة من ذخائر و"صاعقات" تستخدم في قذائف الطائرات، وقد تم إرسال هذه المعدات من قبل شركة "بلفنشبروم" في روسيا البيضاء، إضافة إلى حصول نظام بشار على تكنولوجيا متطورة لمراقبة الاتصالات.
أما على صعيد أسلحة الردع فقد قام جيش النظام بإعادة نشر مخزونه من الأسلحة البيولوجية والكيميائية، حيث وزع نصف مخزونه على نحو 20 موقع عسكري شمال شرقي البلاد وعلى الحدود مع لبنان، وذلك بهدف تأمينها وإبعادها عن الأماكن التي فقد النظام سيطرته عليها شمال غربي البلاد.
وكانت صحيفة تايمز البريطانية قد نشرت مقابلة مع المدير السابق لقسم الأسلحة الكيمائية في جيش النظام اللواء عدنان سلو في 19/9/2012، أكد فيها مشاركته في مناقشات رفيعة المستوى حول إمكانية استخدام الأسلحة الكيمائية ضد المقاتلين المعارضين للنظام والمدنيين في مدينة حلب، وأضاف سلو: "شاركت في مناقشات جدية حول استخدام هذه الأسلحة كحل أخير في حالة فقدان النظام السيطرة في منطقة مهمة كحلب"، وأكد أن النظام السوري: "قد فكر أيضا في تزويد حزب الله في لبنان بالسلاح الكيمائي".
وقال مسؤول غربي: "نعرف أن السوريين اتخذوا قراراً بنقل الترسانة إلى مواقع استراتيجية، كما نعرف أنهم قاموا بفحص جاهزيتها"، مشيراً إلى أن النظام السوري: "يرسل إشارات متعددة عن نيته استخدام سلاحه الكيمائي".
ذكرت مصادر عسكرية أن كتائب الجيش الحر قد قطعت شوطاً كبيراً في تنسيق عملياتها، وعززت قدرتها على تبادل الخبرات والمعلومات، كما شهدت الفترة الماضية انتقال مجموعة من القيادات العسكرية إلى شمال البلاد للمشاركة في العمليات العسكرية ضد النظام.
ويمكن تلخيص أهم معالم استراتيجية الجيش الحر في النقاط الثلاث التالية:
1-إحكام السيطرة على حلب
2-السيطرة على المعابر الحدودية شمال البلاد
3-تأمين طرق إمداد الجيش الحر
إلا أن امتناع القوى الخارجية عن تزويد الجيش الحر بما يحتاج إليه من أسلحة وذخيرة قد حال دون تحقيق هدفه في إحكام السيطرة على مدينة حلب، حيث شنت الصحافة الفرنسية والأمريكية حملة إعلامية ضد ما أسمتها: "الكتائب السلفية" في المدنية، وقامت بالتحذير من دعم "الإسلاميين".
وتزامنت هذه الحملة مع قيام جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية بتضييق الخناق على شحنات السلاح، ومنع وصول أسلحة نوعية إلى عدد من الكتائب المقاتلة في حلب.
وأكد مصدر أمني أن الإمدادات العسكرية التي وصلت بالفعل في غضون الأسابيع الأربعة الماضية تقتصر على شحنة صغيرة من خمسة آلاف بندقية "كلاشينكوف" وذخيرة وزعت على أربع كتائب مقاتلة في محافظتي إدلب وحمص.
ونظراً لتقلص حجم المساعدات، وعدم توفر الذخيرة الكافية لشن حملة عسكرية واسعة؛ فقد غيرت الكتائب المقاتلة استراتيجيتها، واتجهت نحو السيطرة على المعابر الحدودية الرئيسة، وقطع طرق الإمداد عن النظام؛ وفي الوقت نفسه نجحت في المحافظة على مواقعها في الأحياء الثمان الرئيسة التي تسيطر عليها في حلب بصورة كاملة، وبسطت سيطرتها على أحياء أخرى مجاورة، ثم شرعت في شن عمليات نوعية ضد المطارات التي يشن جيش النظام هجماته منها، إضافة إلى العمل على قطع طرق الإمداد عن جيش النظام وذلك من خلال السيطرة على الطرق الرئيسة، وخاصة طريق دمشق-حلب، وبذلت محاولات للسيطرة على معرة النعمان.
وكان من اللافت لانتباه المصادر الغربية قدرة الكتائب في الشمال على التنسيق مع الكتائب في دمشق وريفها لتنفيذ سلسلة عمليات نوعية منعت بشار من إرسال قواته الخاصة لدعم قطعات جيشه المنهك في الشمال.
وأمام نجاح الجيش الحر في تحقيق اختراقات كبيرة، وتنفيذ عمليات نوعية؛ أصدر بشار أسد تعليمات مباشرة إلى قيادة جيشه بضرورة المحافظة على الطريق السريع المؤدي إلى حلب نظراً لأهميته الإستراتيجية في ضمان استمرار الإمدادات لقواته المرابطة هناك. وقد تم إسناد هذه المهمة إلى الألوية المدرعة 11 و14 و18. كما تم تكثيف الطلعات الجوية التي كان لها الدور الأكبر في إزهاق أرواح مئات المواطنين في القصف العشوائي.
وفي مقابل تحريك النظام الألوية المدرعة بالفيلق الثالث، واستخدام سلاح الجو لتقديم الغطاء الجوي؛ بذل ممثلو الجيش الحر جهوداً مضنية للحصول على أسلحة نوعية تساعدهم على مواجهة طائرات "ميغ" والمروحيات القتالية، لكن جهودهم باءت بالفشل إثر تعنت بعض الجهات الغربية ورفضها تزويد الثوار بما يحتاجون إليه من أسلحة نوعية بحجة وجود مقاتلين متشددين من تنظيم "القاعدة" في صفوفهم.
وفي تطور أخير؛ كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية عن رسو سفينة ليبية محملة بشحنة كبيرة من الأسلحة في أحد الموانئ التركية، وذكرت الصحيفة أن معظم الحمولة تسلك طريقها نحو الثوار على خطوط المواجهة الأمامية، وأشارت إلى أن حمولة السفينة تبلغ نحو 400 طن من الأسلحة وتتضمن صواريخ "سام 7" المضادة للطائرات، وقذائف صاروخية سيكون لها دور كبير في حسم المعركة بحلب.
على إثر توتر الأوضاع على الحدود مع كل من تركيا ولبنان والأردن، إضافة إلى سقوط قذائف على الحدود مع "إسرائيل"؛ قامت الجيوش التركية والأردنية و"الإسرائيلية" بتعزيز وجودها العسكري في المناطق الحدودية مع سوريا.
فقد أجرى الجيش "الإسرائيلي" أكبر مناورات عسكرية منذ سنوات على الحدود مع سوريا ولبنان، وأشرف رئيس الأركان "بيني غانتز" شخصياً على هذه المناورات.
وذكرت مصادر أمنية أنه على الرغم من ادعاء الجيش "الإسرائيلي" أن مناوراته كانت عمليات تدريب روتينية؛ إلا أنه قد تم استغلال هذه التدريبات للتغطية على عمليات واسعة لنشر بطاريات صواريخ ومدفعية وأجهزة رصد.
وعلى الرغم من انتهاء هذه المناورات إلا إنه لم يتم سحب جميع القوات المشاركة، بل بقيت بعض الوحدات في مواقع قتالية على الحدود.
كما جاءت عملية الكشف عن قيام السفارة الأمريكية في بيروت بإحراق عدد كبير من الوثائق وإتلاف بعض الأجهزة المتطورة لديها، لتؤكد وجود استعدادات غربية للتعامل مع اندلاع حرب إقليمية قد تطرأ ضمن تداعيات تدهور الأوضاع في سوريا، وسعي طهران ودمشق إلى توريط القوى الإقليمية في ذلك الصراع.
وفي الفترة نفسها قام الجيش التركي بنشر مدافع وصواريخ مضادة للطائرات بالقرب من معبر تل أبيض الحدودي مع سوريا والذي شهد مواجهات بين الجيش الحر وقوات النظام. وتأتي هذه الخطوة إثر قيام قوات النظام باستهداف مناطق قريبة من مدينة "شنلي أورفا" داخل الأراضي التركية، ما أسفر عن إصابة مواطنين تركيين.
أما على الصعيد الديبلوماسي فقد شهدت الأيام الماضية جهوداً مكثفة لبحث البدائل المتاحة في حال تدهورت الأوضاع بصورة مفاجئة، حيث زار وزير الخارجية البريطاني وليام هيج القاهرة، وتباحث مع الرئيس المصري محمد مرسي حول: "وجود أكثر من خيار حول الأزمة في سوريا بينها إيجاد مناطق عازلة وملاذ آمن للسوريين".
وعلى الصعيد نفسه أجرى الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري مباحثات في باريس مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في 12 سبتمبر حول إمكانية إطلاق مبادرة داخل مجموعة "أصدقاء سوريا".
وعلى إثر تلك المشاورات عرضت باريس على واشنطن سراً خطة مفصلة لإعلان منطقة حظر الطيران شمال سوريا قرب الحدود مع تركيا، وبتنسيق مع حلف شمال الأطلسي "ناتو"، حيث قام وفد فرنسي بزيارة واشنطن لنقل الخطة الفرنسية وترأس الوفد مسؤول رفيع لم يذكر اسمه أو وظيفته، حيث عرض على الأمريكان دراسة حول كيفية إقامة منطقة حظر للطيران، بالتنسيق مع تركيا وبريطانيا وبعض الدول العربية.
وعلى الرغم من أن واشنطن لم تقدم أي إجابة بالرفض أو التأييد، إلا أن المتحدثة باسم الخارجية الأميركية "فيكتوريا نولاند" أكدت أن الإدارة الأمريكية تجري محادثات مع حلفائها الأتراك والفرنسيين حول سبل دعم المعارضة، وأنها تدرس مقترحات تتضمن فرض "حظر جوي" علي سوريا.
وفي الفترة نفسها أعلن وزير الخارجية القطري أنه قد تم الإعداد لخطة بديلة تتضمن فرض الحظر الجوي، مؤكداً أن العديد من الدول العربية والغربية قد أبدت استعدادها للمشاركة في هذه العملية لدى الإعلان عنها، خاصة وأن الديبلوماسية قد استنفذت جهودها إلى حد كبير.