دمشق تستقبل الفوج الأول لبعثة المراقبين العرب بـ 23 قتيلاً وقصف حمص بـ100 قذيفة" هاون"
* استقبل الجيش السوري وصول الفوج الأول لبعثة المراقبين العرب إلى البلاد لممارسة مهامها على الأرض، والمكون من 70 مراقبًا، بقصف مدينة حمص بأكثر من 100 قذيفة "هاون" تلك المدينة التي تغلي بالاحتجاجات السلمية ضد النظام، مما أدى إلى مقتل 23 شخصًا، ما يعكس نقض النظام السوري لتوقيعه على البروتوكول العربي لوقف العنف ضد المتظاهرين والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتأتي تطورات الأحداث والتقييمات، على النحو التالي:
أولاًـ تواصل نقض النظام السوري للبروتوكول العربي لوقف العنف(1):
1ـ استمرار آلة القتل:
* أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان تعرض بابا عمرو في حمص لقصف عنيف من نيران رشاشات ثقيلة وعربات مدرعة وقذائف "مورتر" ما أسفر عن مقتل 23 بينهم طفل يبلغ من العمر 14 عامًا.
2ـ قصف حمص العنيف:
* شهدت مدينة حمص يومًا داميًا بعد أن شنت قوات الأمن السورية حملة عسكرية واسعة على المدينة بأكثر من 100 قذيفة "هاون" قبل أقل من يوم واحد على زيارة بعثة المراقبين العرب لها لتقصي الحقائق بموجب المبادرة العربية لإيجاد حل للأزمة في سوريا. واستنجد أهالي حمص لإنقاذهم من بطش نظام "بشار الأسد" ومن القتال الدائر في بعض الأحياء بين الجيش ومنشقين عنه.
ثانيًاـ تشكيل الفوج الأول من بعثة المراقبين (2):
* أكد الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" أن بعثة المراقبين العرب ستبدأ مهماتها في سوريا اليوم 27/12/2011، فيما أوضح الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان "علاء شلبي" أن المراقبين سيبدؤون مهماتهم في المناطق الخمس الساخنة التي تم تحديدها وهي دمشق وحمص وأدلب وحماة ودرعا، وكشفت مصادر:
ـ تتشكل الدفعة الأولي من بعثة مراقبي الجامعة إلى سورية من 70 خبيرًا عربيًا:
§ من الدبلوماسيين والحقوقيين: الجزائر (6) والسعودية (2) وتونس (5) والمغرب (11) وموريتانيا (5) والسودان (16) والعراق (3) وعمان (1).
§ من موظفي الجامعة خبيرة يمنية وخبير أردني من لجنة حقوق الإنسان العربية.
§ من خبراء المنظمة العربية لحقوق الإنسان: من الأردن (1) ومصر (5) والسودان (2) والإمارات (1) وموريتانيا (2) والعراق (1)، ومن اللجنة العربية لحقوق الإنسان في فرنسا: مصر (1) والمغرب (1) وتونس (2) والجزائر (1).
§ من لجنة الإغاثة في اتحاد الأطباء العرب خبير من جيبوتي ومن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان خبيران من السعودية، ويترأس البعثة الفريق أول ركن السوداني "محمد أحمد مصطفى الدابي".
ـ مهمة بعثة المراقبين العرب تتركز أساسًا على القيام بالتحقق من تنفيذ الحكومة السورية تعهداتها بموجب خطة العمل العربية،وهي:
§ وقف كل أعمال العنف من أي مصدر كان حماية للمواطنين السوريين.
§ الإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة.
§ إخلاء المدن والأحياء السكنية من كل المظاهر العسكرية.
§ فتح المجال أمام منظمات الجامعة المعنية ووسائل الإعلام العربية والدولية للتنقل بحرية في أنحاء سوريا للاطلاع على حقيقة الأوضاع ورصد ما يدور فيها من أحداث.
ـ الأهمية البالغة لهذه المهمة التي تتطلع أنظار السوريين والعالم كله إليها لترى ما ستحرزه من تقدم في وقف أعمال العنف والقتل المأسوية الدائرة الآن، وتوفير الحماية للمواطنين السوريين العزل.
ـ ذلك يعد تمهيدًا لانطلاق مرحلة جديدة يتم فيها معالجة ملفات الأزمة السورية الراهنة عبر الحوار الوطني الشامل، وبما يحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ لسورية أمنها واستقرارها ووحدتها ويبعد عنها سيناريوهات الفوضى والاقتتال الأهلي والتدخلات الخارجية.
ثالثًاـ المشاركة الخليجية في بعثة المراقبين العرب(3):
* أعلنت جامعة الدول العربية أن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور "عبداللطيف الزياني" أبلغ الدكتور "نبيل العربي" الأمين العام للجامعة بقرار المجلس إرسال من 60 إلى 100 مراقب من دول المجلس للمشاركة فى بعثة مراقبي الجامعة إلى سوريا.
رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:
1ـ كروت وأدوات "الأسد" للبقاء في السلطة وكسب الوقت(4):
* يواجه نظام بشار الأسد أزمة متفاقمة تنذر بسقوطه، وهو يلجأ إلى استخدام ثلاث أدوات بهدف التغلب على هذه الأزمة والبقاء في ممارسة السلطة، هي:
(الأداة الأولى) ممارسة الكذب:
ـ وذلك في محاولة تصوير الثورة الشعبية ضد نظام الحكم بشكل يخالف مضمونها الحقيقي، بالقول إن سبب حالة عدم الاستقرار يعود إلى وجود جماعات مسلحة إرهابية في البلاد، الأمر الذي يتطلب تدخل قوات الجيش من أجل المحافظة على الأمن العام:
ـ لا يزال النظام الحاكم متمسكًا بهذه الكذبة منذ اندلاع الثورة وحتى الآن، على الرغم من أن الجميع يعلم أن ما يحدث يعبر عن إجماع الإرادة الشعبية على الإطاحة بنظام "بشار الأسد"، ومن المؤكد أن النظام يدرك أن لا أحد داخل سوريا أو خارجها يصدق خرافة الجماعات الإرهابية المتسللة .
ـ لم يخرج نظام "الأسد" عن السلوك المتوقع من أنظمة الاستبداد بشكل عام حين تواجه أزمة بقائها في وجه غضب الإرادة الشعبية، ولكنه دخل بإصراره على الكذب في نطاق فقدان الصدقية، وهي تكلفة سياسية ضخمة يدفعها "بشار الأسد" من دون أن يجني أية عوائد يمكن أن تصب في زيادة فرص نجاته من مصير الفناء الذي ينتظره.
(الأداة الثانية) وعود وممارسات المماطلة والتأجيل:
ـ يعد اللعب على عامل الوقت صفة لصيقة في السلوك السياسي لدى هذا النظام، ومن المؤكد أنه قد ورث هذه الصفة من نظام والده الراحل، والذي كانت الصفة الماراثونية تغلب على عملياته السياسية وممارساته الدبلوماسية.
ـ محاولة إنهاك الخصوم والأعداء من خلال إغراق طاقاتهم في بحور المماطلة وإضاعة الوقت التي تفضي إلى استنفاد صبرهم، ومن ثم الدفع بهم إلى اليأس من الحصول على أي مردود يذكر، يعد نهجًا راسخًا قد درج عليه نظام الأسد طوال أكثر من أربعة عقود من الزمن . يمتحن نظام الأسد بأقسى الوسائل عزيمة الجميع على المثابرة، ويصل بقدرتهم على الاحتمال إلى أقصى الحدود، من دون أن يحصل هؤلاء على أية تنازلات توازي الجهد المبذول والوقت المكرس. لا أحد يحصل على أي شيء ذي أهمية من نظام "الأسد"، وينطبق هذا الأمر على المسؤولين العرب والدوليين الذين تتطلب مهامهم التفاوض مع دمشق بخصوص كيفية التعامل مع الأزمة التي تعصف بالنظام السياسي.
ـ ظل نظام "الأسد" يماطل في إعلان خطوات الإصلاح السياسي، ووضع لها أطرًا زمنية تمتد أشهر عديدة، ولم يدخل أيًا منها حيز التطبيق حتى الآن. ولذلك فإن الأمر ذاته ينطبق على فئات الشعب السوري بشكل عام، إذ لم يحصل هذا الشعب على أية تنازلات من نظام الحكم طوال السنوات العشر الماضية، ولم يحصل على أية تنازلات يستحقها منذ اندلاع الثورة في هذا العام، وتتجه إرادة نظام "بشار الأسد" إلى تأكيد أن هذا الشعب لن يحصل على الإصلاحات التي يطلبها إن قدر له البقاء في الحكم في المستقبل.
ـ اعتاد نظام "الأسد" على الفوز في ماراثونات المماطلات المفضية إلى اليأس، ولكنه خسر هذه المرة احترام جميع الدول، خاصة تلك التي تعتبر نفسها صديقة له، بعد أن تأكدت من أن وعود الإصلاح ليست سوى حلقة أخرى من ألاعيب كسب الوقت التي تسبب الضجر والحرج.
(الأداة الثالثة) استخدام العنف:
ـ تقول بعض التقديرات إن نحو ستة آلاف سوري قد لقوا حتفهم على يد آلة القتل التي يسلطها نظامه من أجل السيطرة على الثورة الشعبية، إضافة إلى عشرات الآلاف من المعتقلين القابعين في السجون . ولا يكاد يمر يوم من دون أن يسقط العشرات من القتلى، وقد استمر هذا الحال على مدى الأشهر العشرة الماضية.
ـ تبين في النهاية أن النظام السوري يستغل أداتي الكذب والوقت من أجل أن يمارس أداة العنف الذي يفتك بأرواح المتظاهرين السوريين، وهو يعتبر ضحاياه ثمنًا يسيرًا ينبغي أن يدفعه الشعب من أجل أن يظل النظام المتهاوي في السلطة. يرفض النظام الحاكم أن يقر بأن حصيلة الثورة المتمثلة في ثلاثمائة يوم وستة آلاف شهيد تكفي من أجل أن يتأكد لديه إصرار الشعب على تحقيق هدف تغيير النظام، ويصر على أن يحتفظ بالسلطة على الرغم من استمرار نزيف الشرعية السياسية الذي أصابه في مقتل.
ـ لقد تمادى نظام "بشار الأسد" في التمسك بالكذب، وهو يجد نفسه الآن عاجزًا عن التراجع عن المغالطات التي روجها، ولا يمكنه الرضوخ بشكل علني أمام ثورة الشعب التي تطالب برحيله. وبالغ هذا النظام أيضًا في تبديد الوقت والفرص التي كانت متاحة أمامه كي يطبق الإصلاحات المطلوبة أو ينسحب بشكل مبكر من الساحة السياسية، ولا يبدو أنه يريد أن يعوض الوقت الذي أهدره أو يسترجع الفرص التي أضاعها . كما أن هذا النظام قد أمعن في اقتراف جرائم القتل والتنكيل تجاه المتظاهرين المسالمين، ولا تتوفر أمامه حاليًا أية وسيلة للتكفير عن تجاوزاته ضد أبسط حقوق الحياة الإنسانية.
ـ تضفي أدوات مغالطة الحقائق وتبديد الوقت والعنف القاتل أبعادًا، خاصة على تعامل نظام "بشار الأسد" مع أزمة بقائه السياسي، ولكن هذه الأدوات لا تضيف شيئًا إلى فرص نجاته من السقوط الذي يقترب سريعًا. وأية فرصة للنجاة قد يملكها النظام السياسي الذي فقد الصدقية والاحترام والشرعية أمام شعب الدولة وشعوب وحكومات الدول الأخرى.
2ـ قراءة في الاستراتيجية العسكرية والعقيدة القتالية للنظام السوري(5):
* يتبع الجيش السوري الذي يعتبر السادس عشر في العالم والثاني عربيًا والخامس في الشرق الأوسط استراتيجية عسكرية وعقيدة قتالية تقوم على:
ـ تتبع سوريا العقيدة العسكرية الشرقية، إضافة إلى إرث هزائم جميع المواجهات مع إسرائيل، حيث عم هناك شعور داخلي بالهزيمة أدى إلى ظهور عقلية الحرب ليبرر النظام الأسطورة التعويضية التي لفقها كدولة مواجهة، فصارت الشوارع والصحف والمنتديات مواقع وغارات، كالحرب على الفساد، معركة الإنتاج، والقتال في جبهة الزراعة والصناعة، ولوم الامتدادات الخارجية المحيطة بسوريا كخصم رجعي يساند الإمبريالية والصهيونية. واعتنق الجيش خلال عملية بنائه ازدواجية واضحة لا يمكن تنزيهها من الخلفيات الطائفية والمذهبية، وهي وحدة مسار ومصير الجيش والنظام معًا، وانعكست على تشكيل قيادته. ويدعم ذلك أن 70% من الجنود السوريين في الخدمة الفعلية هم من العلويين، كما أن 80% من الضباط هم من نفس الطائفة، رغم أن سوريا لم تعرف كبلد ذاكرته طائفية في المقام الأول.
ـ الصفة الأساسية للاستراتيجية العسكرية الشرقية هي الطبيعة الهجومية باعتبار أن الهجوم هو الأساس في الصراع المسلح، وأن الدفاع مرحلة ثانوية فيه، حيث أصبح من الملاحظ أن دمشق اعتمدت خطة التصعيد الهجومية مقابل الانتفاضة التي يقوم بها الشعب الأعزل.
ـ يخوض نظام دمشق معركته وفيًا لنظريات "تروتسكي" مؤسس الجيش السوفيتي "الأحمر"، الذي جعل الحرب مرحلية، تتناسب مع الواقع على الأرض، ففي إحدى المراحل يشن حربًا في درعا، ثم يتوقف كليًا، ليشنها في حمص ممهلاً قادة المسلحين 24 ساعة للتسليم. ثم تحركت الفرقة 7 بكامل ألويتها الخمسة المكونة من ثلاثة ألوية مدرعات ولواء مشاة ميكانيكية ولواء مدفعية ميدان للشمال، ويحلق الطيران الحربي على ارتفاع منخفض فوق تلبيسة.
ـ تتبع الاستراتيجية العسكرية السورية السياسة، وليس العكس فبقاء النظام هو الهدف السياسي الأسمى، والمهام الاستراتيجية تأتي لتحقيق هذا الهدف وخير مثال على ذلك ارتفاع وتيرة القتل أثناء المفاوضات مع الجامعة العربية، في مسعى لترميم ارتباكات النظام السياسي في الدوحة والقاهرة والأمم المتحدة، ثم توقيع وليد المعلم على بروتوكول بعثة المراقبين العربية بعد تعديلات تؤخر ولو بشكل ما من سرعة سقوط النظام.
ـ تأمين روح معنوية عالية بين منتسبي القوات المسلحة شرط حيوي في العقيدة الشرقية أكثر من الغربية، وفي ظل سيطرة البنية المخابراتية والعقلية الأمنية على الحياة العسكرية صار أعداء الجيش في المواجهات الحالية يوصفون بأنهم أبناء القاع الاجتماعي من مهربين، حشاشين، لصوص، وإرهابيين ينشطون تحت اسم الجيش السوري الحر. ولإصابة آلة دمشق العسكرية في مقتل يجب نشر الإحباط بين جنود تلك الآلة بنسف الثقة بقوة قيادتهم.
ـ يعتبر توفير احتياطيات استراتيجية من جميع الأنواع واستعراضها بأسلوب صحيح، شرطًا أساسيًا للنصر، لذا تبني دمشق حاليًا احتياطًا استراتيجيًا ضخمًا، وقد لوحظ ذلك وفسر خطأ بأنه لإقامة الدولة العلوية، بينما هو وفاء لأحد مبادئ الحرب الشرقية.
ـ تتبنى عسكرية دمشق مفهوم الأهمية الحاسمة للمرحلة الافتتاحية للصراع المسلح مؤمنة بتأثيرها على تطور ونتيجة الحرب بصفة عامة، لذا رأينا وحشية بدايات عملياتهم العسكرية، والخوف إن ما يجري حاليًا هو المرحلة الافتتاحية فقط.
ـ لا يتحقق النصر، في الصراع المسلح، من وجهة النظر الشرقية إلا بالجهود المشتركة لأفرع القوات المسلحة والتعاون الاستراتيجي. وحسن فعل الثوار بالهجوم على مجمع كبير لاستخبارات القوات الجوية في منتصف نوفمبر2011 لأنه عين الطيران عند زج الطائرات والحوامات لقصف الأهداف والمناطق التي حدثت فيها انشقاقات عسكرية، وحيث إن الصعوبات التي يواجهها الجيش كبيرة فقد دفعته لزيادة القوة النارية التي يستعملها، واعتماده أكثر على أسلحة كالدبابات وقاذفات الصواريخ والمدافع الرشاشة.
ـ في الفكر الشرقي يجب أن تكون هناك قيادة وسيطرة استراتيجية على الصراع المسلح، والسيطرة الاستراتيجية حاليًا بيد "ماهر الأسد" مما يفسر إجابة الرئيس "بشار" في مقابلة مع "باربرا والترز" على محطة "آي بي س" حين قال "لست مالك البلاد، إذًا هي ليست قواتي". يخوض نظام "الأسد" حرب مدن شرسة درب جيشه لمثلها طوال أربعة عقود، ومما يزيدها صعوبة على الجيش السوري الحر أنها أمام جيش يخدمه فكره العسكري، كما تخاض في عقر دار الخصم، وفي مقرات البعث وأجهزته القمعية، كما أن وجود الشبيحة بيد النظام أداة حرب مدن فعالة قادرة على إرهاق الجيش الحر، مما يجعل التدخل العسكري الدولي أمرًا لا بديل له، رغم مناورة دمشق والتوقيع على بروتوكول بعثة المراقبين العربية.
3ـ قراءة في مهام وأهداف بعثة المراقبين(6):
ـ يبدأ مراقبو الجامعة العربية مهمة ليست سهلة في سوريا، فحماية المدنيين بات مطلبًا أكثر إلحاحًا في ظل حملة العنف الممنهج لقوات الأمن السورية، وليس مقبولاً استمرار سفك دماء الأبرياء ومحاصرة المدن، فالوضع في حمص متفجر، وهي مهددة وتقتحمها الدبابات بما ينذر بوقوع ما لا تحمد عقباه، فما يحدث في سوريا جريمة حرب تستوجب تدخلاً لوقفها.
ـ يخشى مراقبون من حملات انتقامية قبل أن يبدأ المراقبون عملهم على الأرض، وعلى السلطات السورية وقف قمعها وسحب دباباتها وآلياتها المدرعة من حمص وغيرها من المدن الأخرى، وأن تلتزم بتطبيق البروتوكول الذي وقعته حتى يكون له قيمة في تمكين بعثة المراقبين من القيام بواجبها على الوجه الأكمل، ولم يعد هنالك وقت للمراوغة لأن كل دقيقة تمر تقتل فيها أرواح بريئة وتهرق دماء جديدة.
ـ المشاركة الخليجية في بعثة المراقبين العربية خطوة مهمة، وتعكس حرصًا على حل الأزمة السورية في البيت العربي، وحماية المدنيين، وهذه أول مرة تمارس خلالها الجامعة العربية مهمة إنسانية باتت تتصدر أولويات المجتمع الدوليين مما يعطي أبعادًا جديدة لعملها، ويؤكد أن رياح الربيع العربي قد انعكست على عملها لتهتم بالشعوب لا الحكومات، وتراعي مبادئ حقوق الإنسان في عملها.
ـ مصداقية النظام السوري على المحك بعد وصول المراقبين، وأولى خطوات الحل للازمة تبدأ بالتعاون وتسهيل مهمة البعثة العربية، لا بعرقلة عملها، وإذا حدث ذلك فإن الأزمة ستكون مفتوحة على كافة الاحتمالات، بما فيها التدخل الدولي لحماية المدنيين على نحو ما جرى في ليبيا.
4ـ النظام السوري يتلاعب بالدول العربية والدولية(7):
ـ يحاول نظام "بشار الأسد" خلط الأوراق وبعثرتها في وجه القوى العربية والدولية للمحافظة على بقائه في السلطة عبر الإيحاء بقبوله "البروتوكول العربي"، وموافقته على استقبال مبعوثين عرب للاطلاع على الأوضاع في المدن والقرى السورية، لكنه لن يتوانى عن "قلب الطاولة" إذا استطاع لذلك سبيلاً، إذا شعر أن الأمور ستفلت من يديه.
ـ من ألاعيب هذا النظام "التفجيران الانتحاريان" اللذان استهدفا مقرين للمخابرات والقوى الأمنية، حيث بادر نظام "الأسد" باتهام "القاعدة" بعد دقائق قليلة من وقوع التفجيرين، الأمر الذي يثير الحيرة والتساؤل: كيف تمكنت أجهزة النظام البعثي السوري من معرفة الفاعل بعد 10 دقائق من الهجومين؟ ولماذا لم تستطع حتى من كشف قاتل "عماد مغنية"، القائد العسكري لـ"حزب الله"، أو غيره ممن قتلوا في ظروف غامضة؟
ـ حسب ما تم تناقله في الوكالات ومواقع الإنترنت فإن المنطقة التي وقع فيها الحادث، تعتبر من المناطق المؤمنة والمراقبة بالكاميرات وعناصر الأمن على مدار اليوم، فكيف تم اختراق كل الجدار الأمني في المنطقة وإدخال سيارتين مرة واحدة؟ ولماذا تأخرت القاعدة بتنفيذ التفجيرين إلى يوم وصول المراقبين العرب؟ وإذا أضفنا لذلك ما نشره موقع "سوريون نت" نقلاً عن أحد العاملين في موقع "جوجل" من أن الأقمار الصناعية رصدت السيارات التي انفجرت منذ 4 أيام في المكان، أي إنها لم تأت من الخارج، بمعنى أن التفجيرين مدبران من داخل المؤسسة الأمنية نفسها.
ـ إذا صحت هذه المعلومات بالطبع، فإن هذين التفجيرين سيظهران بوصفهما "مسرحية سوداء دامية" لتشتيت الأنظار عن حقيقة ما يجري من عمليات قتل في المدن السورية، وإثبات وجود "مجموعات إرهابية" ومن بينهم بالطبع "تنظيم القاعدة" حتى يشهد المراقبون العرب على "العنف الإرهابي" وليس ثورة الشعب السوري.
ـ ثم من هم هؤلاء المدنيين الذين قتلوا؟ وما هي أسباب وجودهم داخل المربع الأمني الحصين؟ وهل هم من المعتقلين أم غير ذلك؟ وما هي أسماؤهم؟ وكيف قتلوا خلف جدار مرتفع ومحروس جيدًا إلى درجة أن ذبابة لا تستطيع أن تصل إليه من دون تفتيش؟.. بصراحة، قصة التفجيرين الإرهابيين لا تدخل عقل إنسان، ولا يصدقها إلا مجنون، خاصة وأن هذا النظام له خبرة بمثل هذه التفجيرات، مع تذكر الفيلم الذي عرضه "وليد المعلم" وزير خارجية النظام لإثبات وجود إرهابيين، ثم ثبت أن هذه الصور كانت في لبنان وليس سوريا كما أفاد الأشخاص الذين ظهروا في الفيلم، الذي اعترف المعلم أنه كان "سيء الإخراج".
ـ هذان التفجيران هما بعض التفاصيل التي ستغرق لجنة تقصي الحقائق العربية أو ما يطلق عليه "المراقبون العرب"، وهي تفاصيل هدفها إشغال الرأي العام والمراقبين عن مهمتهم الأصلية، وهي رصد ما يجري للشعب السوري الذي تقتله الآلة العسكرية الفتاكة لنظام "بشار الأسد".
ـ وهذا يتطلب من المراقبين العرب التركيز والاهتمام بسيول الدم التي تغرق الشوارع السورية، ولجم الآلة العسكرية لنظام "الأسد"، ووضع حد للعنف والقتل والإرهاب ضد المدنيين العزل والشعب المطالب بالحرية والانعتاق من حكم عائلة "بشار الأسد" ونظامه وحزبه وطائفته.
5ـ أسباب توقيع "الأسد" على البروتوكول العربي(8):
* لماذا وقعت الحكومة السورية على بروتوكول الجامعة العربية؟ وهل هذا التوقيع خطوة تكتيكية هدفها تمرير الوقت؟ أم خطوة استراتيجية لكشف حقيقة ما يجري في البلاد؟، يبدو أن ذلك للأسباب الآتية:
ـ أن توقيع الحكومة السورية على المبادرة جاء بعيد أيام من تقديم روسيا مشروع قرار في مجلس الأمن، يطالب بوقف العنف فورًا من قبل الأطراف كافة مع إشارة إلى الاستخدام غير المتكافئ للقوة من جانب السلطات، ويطالب الحكومة السورية بوضع حد لعمليات القمع ضد الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير. ومع أن مشروع القرار يساوي بين النظام والمعارضة، إلا أنه خطوة متقدمة يمكن البناء عليها كما عبرت بعض الدول الغربية.
ـ كما جاء التوقيع، وهذا هو الأهم، بعد قناعة دمشق أن الجامعة العربية وصلت إلى المرحلة الأخيرة من نفاد الصبر، وأن نقل الملف السوري إلى مجلس الأمن أصبح مسألة أيام، وهذا يعني أن التوقيع على المبادرة جاء ليقطع الطريق على الجامعة العربية في تدويل الملف السوري، أو يؤجل خطوة التدويل أسابيع أو أشهر أخرى.
ـ أن قبول سوريا بالبروتوكول العربي يغلق صفحة من عض الأصابع بينها وبين المنظومة العربية، لكنه يفتح صفحة أخرى أكثر صعوبة، ذلك أن تجسيد بنود المبادرة على الأرض عملية معقدة جدًا، ويصعب تصور تطبيقها، إذ كيف يمكن للنظام سحب قوات الأمن والجيش من مناطق التوتر التي تعج بـ "الإرهابيين المسلحين الذين يقتلون المدنيين" كما يقول؟
ـ كما يخشى النظام السوري من قيام المراقبين العرب بفبركة شهادات مزورة، تخشى الجامعة العربية بالمقابل من قيام الحكومة السورية بفبركة شهود وشهادات مزورة مخالفة للحقيقة.
ـ أن الغاية من التوقيع هي تمرير الوقت مرة أخرى على أمل حدوث تحول ميداني لمصلحة النظام، من شأنه أن يعيد خلط الأوراق ويؤسس لقواعد لعبة جديدة في الداخل، تنعكس مباشرة خارجيًا في تعاطي دمشق مع المنظومة العربية أولاً، ومع المنظومة الإقليمية والدولية ثانيًا.
(1) الشرق الأوسط، القدس العربي، الشروق، رويترز، وكالة الأنباء الإيطالية، أسوشيتد برس انترناشونال، جيروزاليم بوست، وكالة الأنباء الألمانية، وكالة الأنباء الفرنسية، العربية نت، الجزيرة نت، إيلاف، جارديان، اندبندنت، نيويورك تايمز، واشنطن بوست، الخليج الإماراتية، الجريدة الكويتية، الرياض السعودية، الأخبار المصرية، الشروق، الوطن الكويتية، الأهرام، الدستور المصرية، الشرق القطرية، 27/12/2011.
(2) الشرق الأوسط، رويترز، القدس العربي، الخليج الإماراتية، 27/12/2011.
(3) الشرق القطرية، الخليج الإماراتية، الجريدة الكويتية، الرياض السعودية، 27/12/2011.
(4) علي الغفلي، الخليج الإماراتية، 27/12/2011.
(5) ظافر العجمي، الوطن البحرينية، 27/12/2011.
(6) الشرق القطرية، 27/12/2011.
(7) الشرق القطرية، سمير الحجاوي، 27/12/2011.
(8) حسين عبدالعزيز، الحياة، 27/12/2011.
كاتب عربي يطالب "نبيل العربي" بالاستقالة من منصبه لفشله في إدارة الأزمة السورية
* طالب كاتب عربي(*) الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور "نبيل العربي" الاستقالة من منصبة لفشله في إدارة الأزمة السورية، مضيفًا:
ـ ليس أسوأ من أداء جامعة الدول العربية إلا إدارة وأداء أمينها العام "نبيل العربي" لملف الأزمة السورية الحالي، فالرجل يتخبط ويبدو"ظاهريًا" وكأنه يساهم في إتاحة الفرصة لنظام "بشار الأسد" أن يتمادى ويواصل ذبح شعبه بكل الوسائل، وكأنه في حالة حرب ضروس مع أعداء له.
ـ أثناء لقاء "نبيل العربي" الرئيس السوري "بشار الأسد" في زيارة له بدمشق بعد بدء الاحتجاجات وصرح بتصريحه الشهير بأن "بشار الأسد" ماض في إصلاحاته.
ـ أتى هذا التصريح الغريب والآلاف من الجثث والأفراد بين قتلى ومعتقلين ومصابين بشكل همجي بامتياز، وبعدها كانت مجموعة متلاحقة من المواعيد وسوء إدارة للملف نفسه وتصريحات تحاول تخفيف وقع الكارثة التي حلت بالشعب السوري، واستخدام عبارات مخففة جدًا واستفزازية جدًا مثل: الجامعة العربية قلقة، وغير ذلك من الكلمات التي لا معنى لها سوى تبسيط هول ما يحدث في الشارع السوري من جرائم وحشية بحق الناس العزل، حتى جاء الفرج أخيرًا وأبدى النظام السوري موافقته على إرسال وفد الجامعة العربية من مراقبين إلى دمشق لمعاينة الموقف بأنفسهم.
ـ حتى الموافقة السورية على البروتوكول لم يعترض عليها الأمين العام "نبيل العربي"، كونها تأتي ناقصة، حيث إن البروتوكول هو جزء من مبادرة عربية متكاملة، فلا يمكن قبول بند واحد فقط من اتفاق متكامل، وهذا ما حاول أن "يتشاطر" به الوفد السوري ويروج به للعالم أنه متعاون ويرغب في قبول المبادرة العربية، التي أجهد الدول في حوار بيزنطي معهم لمدة شهرين، توفي خلالها المئات على أيدي أجهزة الأمن الدموية التابعة للنظام.
ـ حتى بعد موافقة النظام المذكورة، تصرف الأمين العام مع هذه الموافقة وكأنه صدم من هول المفاجأة، فضاعت أيام وليال وهو يجمع أعضاء الوفد ويرتب لسفرهم، وكأن الموضوع سقط عليه من السماء ولم يكن لديه الوقت الكافي جدًا لإعداد كل التفاصيل ومتطلبات هذا الأمر الحيوي (إذ لا أعلم شيئًا آخر أكثر أهمية الآن على طاولة الأمين). وطبعًا، ضاعت أيام وليال أخرى، وتواصلت أعداد القتلى بازدياد جنوني، حتى إنه في ثلاثة أيام متواصلة بلغ عدد القتلى 450 ضحية، مما يعكس التوحش والجنون الذي وصل بالنظام بحق شعبه.
ـ "نبيل العربي" شخصيًا لا تبدو لديه القناعة الكافية بالجرم الذي يتسبب فيه نظام "الأسد" بحق شعبه، فهو كما يبدو متأثر جدًا بفكر "عديله" محمد حسنين هيكل، الذي لم يصرح باعتراض واحد على النظام السوري وأفعاله المشينة بحق الثورة السورية الشعبية العظيمة، ويعلم الجميع أن لـ"نبيل العربي" "كما لهيكل" ميولاً نحو سياسة إيران في المنطقة أبداه علانية إبان توليه لفترة قصيرة منصب وزير الخارجية المصرية بعد الإطاحة بنظام "حسني مبارك".
ـ بناء على ما تقدم يجب على الأمين العام الاستقالة من منصبه وتركه لآخر يستطيع إدارة الجامعة إلى الأمام وليس إلى الخلف يصدد الأزمات العربية العالقة.
(*) حسين شبكشي، الشرق الأوسط، 27/12/2011.