المعارضة تتهم النظام بتدبير تفجيري دمشق غداة وصول "وفد المقدمة" العربي لسوريا
* يتجه الموقف السوري إلى المزيد من التعقيد على المستويين الأمني والسياسي، حيث هز انفجاران العاصمة دمشق راح ضحيتهما 200 شخص بين جريح وقتيل استهدفا مقرات أمنية، وذلك غداة وصول "وفد المقدمة" العربي بغية الإعداد للوصول أول بعثة للمراقبين العرب لسوريا، وذلك تفعيلاً للبروتوكول العربي، بيد أن وفد المقدمة الذي يرأسه السفير المصري "سامح سيف اليزل"، قد أجل زيارته لمحافظة إدلب وتفقد مكان التفجيرات. وميدانيًا، نظمت في أنحاء سوريا تظاهرات باسم "بروتوكول الموت" الذي انتقد البروتوكول العربي، ووصفه بأنه "مهلة لقتل المزيد من السوريين".
1ـ موقف النظام:
أ ـ اتهام "القاعدة" بتدبير تفجيري دمشق:
* مصدر رسمي سوري:
ـ قتل 40 شخصًا وجرح نحو 150 آخرين، في عمليتين إرهابيتين نفذهما انتحاريان بسيارتين مفخختين، استهدفا إدارة أمن الدولة وأحد الأفرع الأمنية في دمشق.
ـ التحقيقات الأولية تشير إلى أن العمليتين الإرهابيتين من أعمال تنظيم "القاعدة".
ـ قامت مقدمة بعثة مراقبي الجامعة العربية زارت موقعي العمليتين الإرهابيتين في دمشق واطلعت على آثارهما.
ب ـ تحذير لبناني من تسلل القاعدة لسوريا:
* الناطق باسم وزارة الخارجية السورية "جهاد مقدسي":
ـ عدد ضحايا التفجيرين اللذين استهدفا المقرين الأمنيين بدمشق بلغ نحو 40 قتيلاً وأكثر من 150 جريحًا من المدنيين وأفراد الجيش.
ـ معظم القتلى من المدنيين لأنه يوم عطلة، وأدت التفجيرات لمقتل نحو 40 شخصًا وإصابة أكثر من 150 آخرين من المدنيين وأفراد الجيش.
ـ المطالبون بالحرية يجب أن يعلموا أن هذا ليس هو السبيل لتحقيق الديمقراطية.
ـ السلطات اللبنانية حذرت سوريا قبل يومين من أن مجموعة من مقاتلي "القاعدة" تسللت إلى الأراضي السورية عبر بلدة "عرسال" اللبنانية الشمالية.
ج ـ الترحيب بوفد الجامعة العربية:
* نائب وزير الخارجية السوري "فيصل مقداد":
ـ الإرهاب أراد منذ اليوم الأول لعمل الجامعة أن يكون دمويًا ومأساويًا، لأن شعب سوريا سيواجه آلة القتل المدعومة أوروبيًا وأمريكيًا ومن بعض الأطراف العربية، وهؤلاء مجرمون ومن سيقول ذلك سيكون مجرمًا وسيكون داعمًا أساسيًا للإرهاب والقتل.
ـ اليوم بعد وصول المراقبين هذه هدية الإرهاب الأولى إرهاب وقتل و"قاعدة"، يسعى الإرهابيون مسؤولون عن مقتل أبناء سوريا الأبرياء.
ـ "سنقوم بتسهيل عمل مراقبي الجامعة العربية إلى أقصى حد، وهذه هي هوية الإرهاب كي يظهر للعالم ما تعانيه سوريا من أعمال إرهابية".
2ـ موقف المعارضة:
أـ اتهام النظام بتدبير التفجيرات:
* بيان المجلس الوطني السوري:
ـ النظام السوري وحده يتحمل المسؤولية المباشرة عن التفجيرين الإرهابيين مع أجهزته الأمنية الدموية التي أرادت أن توجه رسالة تحذير للمراقبين العرب بعدم الاقتراب من المقار الأمنية وأخرى للعالم بأن النظام يواجه خطرًا خارجيًا وليس ثورة شعبية تطالب بالحرية والكرامة.
ـ التفجيران حدثا في وقت متقارب، تزامنًا مع بدء وصول المراقبين العرب للكشف عن جرائم النظام وعمليات القتل التي يقوم بها بحق المدنيين والمتظاهرين السلميين في سوريا.
ـ النظام السوري نقل آلاف المعتقلين إلى مقرات عسكرية محصنة، وتحذير الأطباء والعاملين في المشافي من الإدلاء بأي تصريحات للمراقبين العرب، ومحاولة إخفاء أي آثار تدل على حدوث عمليات قتل أو تعذيب أو مقابر جماعية يتم فيها إخفاء الذين يتم قتلهم على أيدي عناصر النظام.
ب ـ توقع فشل مهمة المراقبين:
* أحد أعضاء تنسيقية حمص "مهدي المحمد":
ـ عمل المراقبين لن يجدي نفعا لسبب واحد هو أن أكثرهم جاء لتأكيد رواية النظام عن وجود مجموعات مسلحة تعمل على قتل الناس.
ـ بعض المراقبين أتوا من دول لا تزال حليفة مع سوريا، حيث سيعمل هؤلاء على التأكيد أن النظام بريء وثمة مجموعات إرهابية تعمل على زعزعة الوضع وتخريبه، والتأكيد على أن كل ما يجري هو مجرد مؤامرة تقوم بها بعض الدول لإسقاط النظام السوري.
ـ الانفجاران اللذان حصلا ليس سوى إشارة واضحة على أن النظام يريد أن يؤكد للمراقبين أن مجموعات إرهابية تتغذى من "القاعدة" وتعمل على إفراز مجموعات مسلحة تقف وراء هذه الانفجارات وتنسقها.
ـ ثمة ضرورة لعدم تصديق النظام والمضي كناشطين من أجل إتمام هدف الانتفاضة في إسقاط "بشار الأسد" وتحقيق سوريا حرة.
3ـ التطورات الميدانية:
أ ـ مقتل 56 في يوم واحد:
* بيان المرصد السوري لحقوق الإنسان:
ـ قتل 56 شخصًا منذ وصول لجنة التحقيق العربية إلى سوريا، بينهم أربعة أطفال.
ـ قتل 15 شخصًا برصاص الأمن السوري، ثمانية منهم في مدينة حمص، وأربعة في حي "بابا عمرو"، وواحد في "الخالدية".
ب ـ ارتفاع عدد القتلى بسوريا:
* أعلنت منظمة "أفاز" حقوقية مقرها بريطانيا، أن الحملة ضد الاحتجاجات الشعبية في سوريا حصدت ما لا يقل عن 6237 شخصًا، واعتقال 69 ألفًا على مدى الأشهر التسعة الماضية، وأوضح بيان الأزمة ما يلي:
ـ هذه الأرقام الجديدة المروعة تعني أن واحدًا من كل 300 سوري إما قُتل أو اعتقل في سوريا منذ بداية الاحتجاجات في منتصف مارس2011.
ـ تم التأكيد من وفاة 6237 شخصًا في سوريا خلال الفترة من 15 مارس إلى 9 ديسمبر 2011، من خلال العمل مع فريق مكون من 58 من مراقبي حقوق الإنسان في سوريا، إضافة إلى المنظمات الحقوقية الأخرى.
1ـ لبنان:
* ساد الانقسام الساحة اللبنانية بشأن المتسبب في تفجيرات دمشق، فاتهم "حزب الله" الولايات المتحدة الأمريكية بتدبيره، فيما اتهم زعيم المعارضة "سعد الحريري" النظام السوري و"حزب الله" بتدبيره.
أ ـ موقف المعارضة اللبنانية:
(1) اتهام النظام السوري بالمسؤولية عن التفجيرات:
* رئيس الوزراء اللبناني السابق "سعد الحريري":
ـ "أعتقد أن الانفجار من صنع النظام السوري، وهناك من يعمل في الحكومة اللبنانية على زج لبنان في مسار الإرهاب للتغطية على جرائم النظام السوري، علمًا بأن هذا النظام متخصص بتصدير الإرهاب".
(2) دعوة دمشق لضبط الحدود ومنع التسلل:
* عضو كتلة "المستقبل" "أحمد فتفت":
ـ توقيت العملية التي استهدفت دمشق، لأنها جاءت بمثابة هدية للنظام أمام البعثة العربية، وهناك اتهامات سورية للبنان بتمرير الإرهابيين.
ـ كان يجب على الدولة السورية أن تعالج ما يحكى عن تسلل عبر الحدود منذ زمن، حين كنا نطالب بترسيم الحدود وهي كانت ترفض في وقتها لتمرير عناصر فتح الإسلام وغيرها.
ـ ثمة ضرورة لضبط الأوضاع على الحدود ونشر الجيش اللبناني لمنع أي استغلال أمني للانفلات الحاصل هناك، حيث أول من يضر، يضر أهالي المناطق اللبنانية الحدودية.
ب ـ موقف "حزب الله":
(1) اتهام واشنطن بالتورط في تفجيرات دمشق:
* بيان "حزب الله":
ـ الجريمة الإرهابية المروعة التي ارتكبها أعداء الإنسانية في مدينة دمشق، تأتي بعد يوم واحد من التفجيرات المنسقة التي استهدفت بغداد والمدن العراقية الأخرى، مما يوحي بأن القوى المتضررة من الهزيمة الكبرى التي لحقت بالولايات المتحدة وأدت إلى خروج قواتها ذليلة من العراق، بدأت في عملية انتقام دموية جبانة.
ـ هذه العملية تستهدف كل القوى والدول التي كان لها موقف واضح من الاحتلال الأمريكي.
ـ هذه التفجيرات التي أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، هي من اختصاص الولايات المتحدة أم الإرهاب، وأصابعها الممتدة في منطقتنا والمتخصصة في استهداف الأبرياء وقتلهم وترهيبهم، لدفعهم إلى الانصياع للسياسة الأمريكية.
(2) اتهام "الحريري" بتهريب أسلحة لسوريا:
* وزير الدولة "علي قانصوه":
ـ وزير الدفاع اللبناني كان قد أطلع الحكومة اللبنانية خلال الجلسة الوزارية الأخيرة، على المعلومات الأمنية التي وصلت إليه معززة بالوثائق والأدلة اللازمة فيما خص تسلل عناصر "القاعدة" إلى سوريا عبر بلدة "عرسال" بشمال لبنان.
ـ قررت الحكومة دعم الجيش اللبناني في كل الإجراءات التي قد يتخذها دفاعًا عن لبنان ومنعًا لتهريب الأسلحة والإرهابيين إلى سوريا، كما تم على الأرجح تحذير سوريا لتتخذ الإجراءات المناسبة.
ـ تصريحات "الحريري" يندرج في إطار سعيه للتغطية على هذا السلوك، قبل أن يتهجم الحريري على الخارجية السورية فليسأل الأجهزة الأمنية عن معطياتها في هذا الإطار وعن عناصر "القاعدة" التي تم ضبطها في "عرسال".
ـ تزامنه مع وصول طلائع المراقبين إلى سوريا يهدف إلى خربطة الحل العربي الذي تم الاتفاق عليه بين سوريا والجامعة العربية.
2 ـ السعودية:
* مصدر سعودي:
ـ المملكة يمكن أن تضطر لإغلاق سفارتها في دمشق بسبب استمرار قمع المتظاهرين المعارضين للنظام في سوريا.
ـ المملكة تتجه إلى إغلاق سفارتها في سوريا بعد أن استبقت القرار بخطوة تقليص ممثليها الدبلوماسيين إلى الحد الأدنى.
ـ هذه الخطوة تأتي نتيجة لاستمرار حالة العنف التي يمارسها نظام "الأسد" ضد مواطنيه ووصول الأمر إلى تهديد حياة الدبلوماسيين العاملين على الأراضي السورية.
ـ هذه الخطوة نابعة من حرص حكومة المملكة على عدم تعريض مواطنيها أو بعثتها الدبلوماسية لأي خطر.
ـ سوريا أصبحت منطقة خطرة والقتل فيها بالعشرات يوميا والظروف الحالية واستمرار العنف وتزايده في أماكن متعددة واقتراب التهديدات من الدبلوماسيين فرضت اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الدبلوماسيين هناك.
ـ هذه الخطوة ستعمل على تقليص الدبلوماسيين فرضتها الأوضاع الخطرة وتزايد رقعة العنف في حين أن الهدف من هذه الإجراء هو حماية أعضاء البعثة الدبلوماسية من الأخطار والتهديدات.
1ـ الولايات المتحدة الأمريكية:
* المتحدث باسم وزارة الخارجية "مارك تونر":
ـ الولايات المتحدة الأمريكية تدين الاعتداءات بأقصى قوة، حيث إنه لا شيء على الإطلاق يبرر الإرهاب.
ـ الإدارة الأمريكية أدانت العنف في سوريا أيًا كان مصدره وكذلك الأشهر التسعة الطويلة التي مارس فيها نظام الرئيس "بشار الأسد" التعذيب والعنف لقمع تطلعات الشعب السوري إلى تغيير سياسي سلمي.
* المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "فيكتوريا نولاند":
ـ "النظام السوري أعطي وعودًا عديدة ثم أخلفها، لذلك لسنا مهتمين حقًا بالتوقيع على قصاصة ورق، بقدر ما نريد خطوات لتنفيذ الالتزامات التي قطعوها".
ـ "الأسئلة الجوهرية هنا هي: هل سيحقق التوقيع السوري حلم التغيير، وذلك بتحويل سوريا إلى بلد خال من القمع السياسي، تسوده العدالة الاجتماعية والاقتصادية، لتصبح الذكريات المؤلمة كلها سطورًا في التاريخ".
2ـ سويسرا:
* المتحدثة باسم الحكومة السويسرية:
ـ سويسرا قامت بتجميد 50 مليون فرنك سويسري (53 مليون دولار) من أموال الرئيس "بشار الأسد" ومسؤولين سوريين كبار آخرين، حيث استهدف التجميد أموال 12 شركة و54 فردًا.
ـ التجميد يشمل أموالاً "للأسد" وشقيقه "ماهر الأسد"، وهو قائد فرقة في الجيش ووزير الداخلية السوري "إبراهيم الشعار".
3ـ فرنسا:
* المتحدث باسم وزارة الخارجية "برنار فاليرو":
ـ هناك قلق من خطر الانزلاق إلى حرب أهلية في سوريا يقود إليها نظام "الأسد"، وذلك رغم تمسك باريس بالطابع السلمي للنزاع في سوريا.
ـ باريس لا تملك معلومات حول الهجوميين اللذين ضربًا دمشق، وإزاء هذا الوضع، على الأسرة الدولية أن تتحمل مسؤولياتها اليوم أكثر مما مضى، لأنه من الملح اليوم القيام بكل ما يمكن في مجلس الأمن والمحافل الدولية لوقف هذا القمع العنيف والوحشي.
4ـ الأمم المتحدة:
* الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون":
ـ التفجيران في دمشق يؤشران على أن كل أعمال العنف غير مقبولة ويجب أن تتوقف فورًا.
ـ ثمة ضرورة لإطلاق عملية سياسية موثوقة وشاملة وشرعية يقودها السوريون بهدف تحقيق تغيير سياسي يلبي تطلعات الشعب السوري الديمقراطية.
ـ على الحكومة السورية أن تطبق بشكل كامل وبسرعة الخطة السلمية التي وضعتها جامعة الدول العربية.
ـ الأمم المتحدة تتطلع لنشر كل بعثة المراقبين التي يجب أن تمنح حرية غير مقيدة للتحرك.
5ـ روسيا:
* تحركت روسيا بشكل مكثف داخل مجلس الأمن من خلال طرحها في يوم واحد مشروعي لبيانين حول سوريا، أحدهما يرحب بنشر بعثة المراقبين العربية، والآخر يدين الاعتداءات الإرهابية في دمشق، فضلاً عن أنها وزعت مشروع قرار معدل بشأن سوريا.
أ ـ طرح مبادرة على مجلس الأمن:
* السفير الروسي بالأمم المتحدة "فيتالي تشوركين":
ـ مجلس الأمن سيعود لمناقشته بعد عطلة الأسبوع، أو قبل ذلك إذا ما طلب أعضاء في المجلس جلسة مداولات.
ـ روسيا مازالت تتمسك بموقفها الرافض تمامًا لفرض عقوبات أو حظر أسلحة على سوريا لأنه سيمنع وصول السلاح لحكومة فيما يزود أي كان المجموعات الأخرى بالسلاح على غرار ما حصل في ليبيا.
ـ روسيا ترفض التلويح بعقوبات أو حظر أسلحة أو التوازي في تحميل المسؤولية عن العنف بين المعارضة والحكومة السورية.
ـ روسيا ترفض تغيير النظام في سوريا عبر مواقف لمجلس الأمن أو الأمم المتحدة، لأن تغيير النظام يجب أن يتم فقط عبر عملية داخلية وليس تدخلاً خارجيًا.
ب ـ موسكو تدعو إلى "نموذج يمني" في سوريا:
* وزير الخارجية "سيرجي لافروف":
ـ هناك "قلق روسي" من أن تثير ثورات الربيع العربي المزيد من الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإحداث صدع قد يكون كارثيًا بين المسلمين.
ـ "الصبر والحلول الوسط اللذين أبداهما كل أطراف الصراع في اليمن، حيث تم الاتفاق على النقل السلمي للسلطة مثال يحتذى به لحل الأزمة في سوريا.
ـ "على الغرب ألا يتجاهل الخطر الذي تمثله ما وصفها بجماعات متطرفة في سوريا، وإذا أغمضت عينيك عن هذا الجزء من الحقيقة فقد يتفكك الموقف إلى ما شاهدناه في ليبيا، لقد استخدمت الدول الغربية شعار حماية المدنيين في الإطاحة بنظام "القذافي"، ولا يمكننا الموافقة نهائيًا على دعوات بعض شركائنا إلى استخدام السابقة الليبية في حل صراعات أخرى".
ـ الأحداث الجارية في المنطقة مازالت تتكشف، والتوترات الاجتماعية والسياسية والدينية بدأت تظهر علامات على التزايد، وهناك مخاوف شديدة من ظهور محتمل لمناطق جديدة لعدم الاستقرار في المنطقة من الممكن أن تصبح مصادر محتملة لتحديات للاستقرار والأمن الدوليين.
ـ مثل هذه التهديدات تتضمن انتشار الإرهاب وتهريب السلاح وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية وعلى الأخص استخدام الدين في إشعال التوترات.
ـ أن محاولة إدخال عنصر الدين في المواجهات الإقليمية تثير القلق على نحو خاص، إذا حدث صدع صريح بين السنة والشيعة وهذا التهديد واقعي تماماً، فإن العواقب قد تكون كارثية".
1ـ جدوى المساعي العربية لحل الأزمة السورية(2):
ـ الجامعة العربية والنظام السوري كل منهما أسقط الآخر، وما التحرك الروسي إلا دليلاً واضحًا على ذلك، لأنه بنظر الكثيرين أنه لا تواطؤ دولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام السوري، ولكن الوضع على الأرض يخبئ الكثير فلا السلطة قادرة على ضبط الاحتجاجات، ولا الجيش الحر قادر على حسم المعركة على الأرض.
ـ المخاوف من الوضع الأمني السوري يتفاقم، لأن حدوث انقلاب داخلي في سوريا سيبعثر كل أوراق المنطقة ولن تتمكن الجامعة العربية أو روسيا أو الدول الغربية، يستطيع أن تنهي الوضع الراهن.
ـ الحكومة السورية لا تلعب على ورقة الوقت، ولكن المليارات التي صرفت على العملاء ومخططاتهم من أجل قلب نظام الحكم، وكذلك الحملة الدولية المعادية لسورية إعلاميًا ومعنويًا هي التي أوصلت الأمور إلى ما عليه الآن.
ـ لو أراد "بشار الأسد" أن يرضي الغرب من أجل مصلحته ومصلحة شعبه فقط لحقق مناله خلال أسبوع، ولكنه فضل المقاومة والتصدي لجميع المخططات والسير من أجل العرب والمسلمين حتى لو قتل.
2 ـ مخاوف من تبني دولة طائفية بسوريا(3):
ـ تطلق مهمة المراقبين العرب في سوريا مرحلة جديدة من الأزمة السورية لأن ما قبل بدء عمل هؤلاء على الأراضي السورية شيء وما بعده شيء آخر.
ـ تسليم القيادة السورية بالمبادرة العربية، رغم الشكوك بإمكان نجاحها، ينقل الأزمة إلى مسار جديد من البحث عن حلول للأزمة، قد يطول أو يقصر تبعًا لدينامية الصراع الداخلي الدائر بين النظام السوري وبين معارضيه في الشارع وفي الطبقة السياسية الساعية للتغيير.
ـ دمشق انتقلت من صنع السياسات العربية لتصبح بسبب أزمتها الداخلية، دولة غير قادرة على ترتيب وضعها الداخلي إلا تحت وصاية عربية تتمتع بدعم دولي من فرقاء عجزوا عن أن يجدوا تصورًا مشتركًا للتعاطي مع الوضع السوري في مجلس الأمن.
ـ المبادرة العربية، لقت الدعم الغربي "الأمريكي ـ الأوروبي"، والتركي، كما أنها حظيت بمساندة موسكو وبكين اللتين عارضتا تدويل الأزمة عبر مجلس الأمن، وحدها طهران اكتفت بدعم ما قررته سوريا من تجاوب مع بروتوكول التعاون العربي من دون أن تعلن دعمها مبادرة الجامعة العربية أسوة بما فعلته موسكو.
ـ طهران تدعو لإشراف إقليمي على الأزمة السورية يتعدى الجامعة العربية لتكون شريكًا في "الوصاية العربية" على الأزمة السورية خلافًا لتركيا، التي حضرت اجتماعات مجلس الجامعة وانخرطت في مداولات قرار إرسال المراقبين وصوغ بروتوكول التعاون، ومن ثم في اتخاذ قرار العقوبات، وكانت البادئة في تطبيقها. أما القيادة الإيرانية فسارعت لتعويض دمشق عن هذه العقوبات عبر التسهيلات الاقتصادية والمالية والجمركية التي خصت سوريا بها.
ـ القوى الدولية والإقليمية سلمت بضرورة انتقال السلطة في دمشق، لكن بالتدريج، وأن تنحي الرئيس "بشار الأسد" سيأخذ وقتًا من ضمن عملية سياسية متتالية الخطوات، من الطبيعي أن تقاومها القيادة السورية.
ـ تأخر القوى الخارجية قدر الإمكان، لأن إطالة عمر النظام من قبل إيران وروسيا يتيح لهما التفاوض مع القوى الأخرى الساعية لإزاحته، فهما الدولتان اللتان تحميان النظام حتى الآن على الصعيدين الدولي والإقليمي، ولكل منهما ملفاته مع المعسكر الساعي لتغييره.
3 ـ مساعي لإنهاء الأزمة:
ـ الشكوك حول التزام دمشق ببنود بروتوكول المراقبين العرب ناجمة عن كون الموافقة السورية على التوقيع، تمت بعد مماطلة استغرقت أشهر، وتخللته مناورات سياسية مباشرة وضمنية.
ـ المتفائلون يرون أن سكة سلام الشعب السوري أصبحت آمنة وسالكة، من حيث المنطق، إلا أن الشك مازال يساور المراقبين والسياسيين حول قدرة النظام السوري على الالتزام، وهو شك موضوعي ناجم عن أمرين، هما:
(1) واشنطن بوست، نيويورك تايمز، جارديان، اندبندنت، وول ستريت جورنال، واشنطن بوست، وكالة الأنباء السورية، تشرين السورية، الشرق الأوسط، القدس العربي، الشروق، المصري اليوم، الحياة، إيلاف، الخليج الإماراتية، وكالة الأنباء القطرية، وكالة الأنباء الإماراتية، وكالة الأنباء السعودية، وكالة الأنباء الكويتية، العرب القطرية، الشرق القطرية، أخبار الخليج، البيان الإماراتية، الوطن السعودية، الاتحاد الإماراتية، البلاد البحرينية، البلاد السعودية، النهار اللبنانية، الدستور الأردنية، الرياض السعودية، وكالة الأنباء الفرنسية، أسوشيتدبرس انترناشونال، رويترز، وكالة الأنباء الألمانية، العربية نت، الجزيرة نت، راديو سوا، الجزيرة نت، راديو سوا، الحرة نت، السومرية نيوز، وكالة كردستان للأنباء، وكالة الأنباء الصينية، وكالة أنباء الأناضول، 23ـ24/12/2011.
(2) رأى القدس العربي، 24/12/2011.
(3) وليد شقير، الحياة، 24/12/2011.
(4) افتتاحية الوطن السعودية، 24/12/2011.
اقصفوا سريعا قصر الاسد.. التنكيل بالمتظاهرين يزداد وحشية
يعرف رحيم الجحيم السوري من الداخل: فبعد زمن قصير من بدء الهبة الكبيرة، في أواخر شهر آذار، اعتقل وسجن وعُذب، ونجح بعد بضعة اسابيع بطريقة عسيرة في ان يهرب من السجن ويجتاز الحدود ويختبىء في الجبال ويهرب الى الولايات المتحدة حيث حصل على لجوء سياسي. 'لا استطيع حتى الآن أن أكشف عن الأمر الدقيق لمسار الهرب'، يقول. 'خلفت ورائي عائلة وكل خطأ أخطأه قد يكلفهم حياتهم'.
ان دبلوماسيين غربيين عرفوا كيف يُقدرون نشاط رحيم من اجل حقوق الانسان حينما كان ما يزال في سوريا وجهوده في النضال لاسقاط نظام بشار الاسد القمعي، ساعدوه قدر استطاعتهم من وراء ستار. ومنذ ذلك الحين أي منذ ثلاثة اشهر يختبىء في مكان ما ويتلقى معلومات داخلية من رفاق طريق ظلوا في الوطن ويُبلغ المعارضين عن طريق الشبكات الاجتماعية عن الفظائع التي تحدث هناك كل يوم بعيدا عن أعين الجماهير. الحديث عن مخزن معلومات متحرك، صنف ووثق كل ما حدث في سوريا منذ بدأت الهبة. ويبدو أنه الأخير بين النشطاء في معركة تبديل النظام الذي نجح في الخروج والحصول على لجوء سياسي. ان المعلومات التي عنده ساخنة ومحدثة.
ليس رحيم اسمه الحقيقي. فلا يجوز له ان يُكشف ولا سيما في صحيفة اسرائيلية. وهو غير مستعد لأن يُصور حتى من الخلف أو من جنبه أو كأنه ظل. فقد تم اعتباره في سوريا منذ زمن بأنه معارض للنظام نظم طلابا جامعيين لجهود اسقاط الاسد. وفي اللحظة التي اجتاز فيها باب البيت الذي تم فيه لقاؤنا، أخلّ بالقانون السوري الذي يحظر كل اتصال مع اسرائيليين، وهذا اللقاء بحسب القانون يعتبر خيانة.
لكن هذه أقل مخاطرة يخاطرها. والمخاطرة الكبرى هي أن يمس أحد بعائلته التي بقيت في دمشق: والديه واخوته وأخواته. 'لو علمت السلطات بأنني تحدثت إليك فستذبح أبناء عائلتي. فهذا نظام قاس متطرف. وما يعرفونه في الغرب هو أصغر أطراف جبل الجليد. فهم لا يعرفون عن اعمال التعذيب ولا عن اغتصاب النساء ولا عن ذبح المدنيين على أيدي قناصة زمن الجنازات.
'بدأ الناس في الاشهر الاخيرة يدفنون موتاهم في حدائق قرب البيوت، في قبور مرتجلة في الساحة الخلفية الى ان ينقضي الغضب. وهم يخشون الاجتماع لتلقي العزاء. انهم يخشون التجمع. لأنه اذا اجتمع أكثر من خمسة اشخاص معا فانه تجمع غير قانوني وآنذاك يأتي الجيش ويطلق النار بلا تفريق'.
حصل رحيم على رخصة البقاء برعاية من احدى المنظمات المضمومة لوزارة الخارجية الامريكية. وقد انضم هنا الى صديقه عمر (وهذا ليس اسمه الحقيقي ايضا. فالأسماء والتفصيلات التعريفية محفوظة لدى أسرة التحرير).
كان عمر ايضا نشيطا في مجابهة النظام. ونظم ايضا طلبة جامعيين للتمرد. قبل ثلاث سنين حينما كان يجلس في مقهى انترنت في قلب دمشق داهمه ناس من المخابرات فقيدوه بيديه ورجليه وزجوا به في السجن. وبعد بضعة اسابيع تم الافراج عنه ونجح بصورة ما في الوصول الى امريكا. وهو اليوم يرأس منظمة الجالية السورية ويزود السلطات والاعلام بمعلومات عما يجري في بلاده من اعمال تنكيل وقتل واغتصاب وسائر اعمال العنف الشديد من مؤيدي الاسد على المتظاهرين.
رحيم وعمر كلاهما في مطلع الثلاثينيات من عمره، ويطمحان الى اسقاط نظام الحكم. وهما يؤيدان 'المجلس الوطني السوري' الذي أُنشىء منذ زمن غير بعيد ويجمع ناس معارضة في سوريا وخارجها. ويرأس المجلس برهان غليون، وهو استاذ كرسي في علوم الشرق الاوسط في السوربون، تُقدره مجموعات المعارضة المختلفة وله صلة وثيقة بمنشقين عن الجيش يختبئون من الجبال ويحاربون السلطة.
توجد قيادة 'جيش سوريا الحرة' كما يسمي المنشقون أنفسهم، في تركيا ولها صلة وثيقة بـ 'المجلس الوطني'. وفي مقابلة هذا يساعد عشرات من الجالين جاءوا من سوريا في المدة الاخيرة بمعلومات داخلية يسلمونها الى الادارة في واشنطن من داخل سوريا.
يسكن عمر ورحيم ضاحية مدينة كبيرة. وهما لا يستطيعان إحداث صلة بالعائلتين اللتين خلفاهما وراءهما لأن النظام السوري يتسمع عليهما. وبصورة لا مناص منها ينقلون السلام بواسطة وسطاء وقد تعلما كيف يحذران التعقب ويتهربان من اتصال بناس يمكن ان يُعرضوا سلامتهما للخطر، وهما مثل كل جالٍ يحلمان باليوم الذي يستطيعان فيه ركوب الطائرة الى دمشق والهبوط في سوريا الحرة.
جئت الى اللقاء معهما ومعي قهوة تركية من انتاج اسرائيل. وقد جعلت قهوة الشرق الاوسط الجو أكثر راحة. تُشعل لفافات التبغ واحدة بعد اخرى وبعد وقت قصير يتلاشى التوتر ويزول حجاب الشك.لماذا تقصان قصتكما على صحفية اسرائيلية خاصة؟ أتريدان أن تنقلا رسالة الى الحكومة في القدس؟
'إقصفوا قصر الاسد'، يقول عمر ضاحكا. 'وأقول بجدية: لست أسير أسطورة ان اليهود يُصرفون العالم مع امريكا. لكن لاسرائيل قوة وتأثيرا. نحن ندير حملة علاقات عامة في العالم كله كي يحاكموا بشار الاسد في محكمة دولية عن جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب، فاذا أيدت اسرائيل هذا الاجراء سيكون مفيدا جدا.
'ان المعارضة السورية واسرائيل تتقاسمان مصلحة مشتركة. وليس عندنا كراهية عقائدية لاسرائيل أو لليهود. أعلم ان هذا ما تعتقدونه لكن الامر ليس كذلك.
'صحيح، علمونا طوال سنين أن نكره اسرائيل ونحاربها، لكن سوريين كثيرين أدركوا أنهم يعلمونهم كراهية اسرائيل لابعاد الانتباه عن القمع في الدولة. أدركنا ان الاسد الأب والاسد الابن رَبيّا على كراهية اسرائيل ليحافظا على قوتهما بأن يُعميانا بكراهية اسرائيل كي لا نوجه الطاقات الى كوننا نحيا بلا حرية وبلا مستقبل.
'انقضى ذلك وفهم الناس. ما يزال للاسد مؤيدوه وهم العلويون المتعلقون به لأنه اذا سقط فسيسقطون ايضا، لكن بين جماعات اخرى، وتوجد جماعات عرقية متنوعة جدا في سوريا، فقد التأييد. وفي الجيش ايضا آلاف من المنشقين انشقوا مع السلاح، وهم يختبئون وينظمون أنفسهم وسيعملون في اللحظة المناسبة'.
نجلس قرب الحاسوب. يفتح عمر ملفاته المشفرة التي تحتوي على صور وافلام فيديو هربها المتمردون اليه. ونرى على الشاشة بوضوح متظاهرين في مدينة حمص يحرقون أعلام حزب الله بغضب شديد ويحرقون صور حسن نصر الله. هذه ظاهرة جديدة في سوريا مكّنت المنظمة من التسلح طوال سنين.
'في جميع المظاهرات حتى الآن لم يحرقوا علم اسرائيل مرة واحدة'، يقول. 'هذه الهبة الشعبية تُبين ان كراهية الشعب السوري هي لنظام الاسد الاستبدادي ومن يؤيدونه ويحافظون عليه. وهم يدركون ان حزب الله سبب لسوريا ضررا شديدا جدا. 'أحرقوا في المظاهرات ايضا أعلام ايران. واستطيع ان أضمن لك ان الحلف بين سوريا وايران الذي يهدد الشرق الاوسط سينتهي حينما يزول الاسد. ان أكثر السوريين يبغضون ايران لأنها جرت سوريا لتصبح دولة معزولة. ويحرق المتظاهرون ايضا أعلام روسيا لأنها تؤيد الاسد في الامم المتحدة.
'لا يعني هذا أنه لا خلاف مع اسرائيل بل يوجد خلاف على الحدود. فالجولان لنا وسنطلب اعادتها مع كل نظام حكم. لكن لا توجد كراهية لاسرائيل ولليهود. ونحن الشباب برهنا على هذا'. تؤدي ايران دورا مركزيا في مساعدة الاسد. ويقول رحيم وعمر ايضا ان قناصة يتكلمون الفارسية ولا يفهمون العربية متواجدون في انحاء دمشق ويساعدون على قمع المظاهرات في حماة والدارة ايضا.
يقول رحيم: 'ان الهبات الشعبية في تونس ومصر والبحرين وليبيا ألهمتنا، وأدت الشبكات الاجتماعية دورا مهما عندنا ايضا فاستطعنا ان ندعو الى مظاهرات وان ننقل رسائل وآنذاك بدأ القمع الفظيع. 'في مظاهرة تمت في 15 آذار اعتقلت السلطات مجموعة من أبناء الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة هتفوا هتافات مضادة للسلطة وفتى آخر كتب على الجدار 'إرحل يا أسد'. زُج بهم في السجون وحينما جاء آباؤهم لاطلاق سراحهم قال لهم أفراد الشرطة السرية: اذا أردتم أبناءكم فاتوا بنسائكم بدلا منهم'.
'وفي نهاية الامر أُفرج عن عدد من الاولاد ولم يُفرج عن آخرين. وكان بين اولئك الذين ظلوا في السجن الفتى الذي كتب الكتابة الجدارية. وبعد شهرين أرسلوا الى والديه جثته المهشمة. كانت عليها آثار تنكيل شديد. اقتلعوا أظفاره قبل ان يضربوه حتى الموت. وقالوا للوالدين: هذا ما يحدث لمن يكتب على الزعيم. صور الوالدان الجثة ونقلا الصور إلينا'.
توجد في ملفات الشهادات تقارير من أزواج عن زوجاتهم اللاتي اغتُصبن على مرأى منهم على أيدي ناس الاستخبارات، ولاخوة يقولون ان اخواتهم اغتُصبن للانتقام منهم. وتوجد هنا شهادات كثيرة من والدين على تنكيل جنسي بأبنائهم وعشرات الصور الفظيعة لجثث مهشمة مقطوعة الأعضاء.
كان حمزة علي الخطيب ايضا فتى في الثالثة عشرة انضم الى المتظاهرين في حماة. ويقول رحيم: 'كان هناك نحو من 50 ألف شخص. بدأ الجنود يطلقون النار وسقط أكثر من 15 قتيلا ومئات الجرحى. وأُخذ حمزة مع مجموعة اخرى من الفتيان الى معتقل. ومنذ ذلك الحين اختفت آثاره مدة شهر. 'بعد مرور شهر أُرسلت جثة الولد الى والديه مع آثار تنكيل شديد. وقال لهم الشخص الذي جلب الجثة: هاكما ابنكما، تستطيعان صنع الشاورما منه. ثم وصف على سمع الوالدين المزعزعين كيف عذبوا ابنهما حتى الموت. لست أفهم من أين لهؤلاء الناس هذا القدر الكبير من الشر'.
أجمع رأي والدي حمزة على ألا يصمتا. فصورا الجثة المعذبة ونقلا الصورة مع القصة الى وسائل الاعلام الامريكية. ونشرت الصورة ايضا في صفحة فيس بوك مجموعة الجالين. ولم يمر وقت طويل حتى طرق رجال الامن باب عائلة الخطيب وأخذوا الأب الى المعتقل تحت جنح الظلام. قالوا للأب والأم: 'سببتما ما يكفي من الضرر. انتهى هذا الآن'. اختفت آثار الأب منذ شهر أيار، ولا يعلم أحد ماذا كان مصيره. 'هذه طرق الاسد'، يقول رحيم. 'هذا ما يأمر ناسه بفعله. أعلم أنهم في اسرائيل يستعملون الرصاص المطاطي أو الغاز المسيل للدموع لتفريق المظاهرات ولا يوجد عند الاسد شيء كهذا. فقد أعطى الجيش أوامر لا لبس فيها باطلاق النار للقتل. حتى انه لا يوجد اطلاق نار تحذيري نحو الأرجل'.
نشر فريق خبراء من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف في المدة الاخيرة تقريرا يقضي بأنه منذ بدأت المظاهرات الى تشرين الثاني اعتقلت قوات الامن السورية نحوا من 100 ألف انسان وقتلت أكثر من 5 آلاف كان بينهم 256 ولدا على الأقل. وعُذب عدد منهم قبل ذلك جسميا وجنسيا ايضا. يشتمل التقرير على صور وأفلام تصعب مشاهدتها. فهناك على سبيل المثال عسكري يطلق النار على طفلة في الثانية من عمرها فيُرديها قتيلة، ويقول لوالديها: 'لتمت الآن بدل ان تكبر لتصبح متظاهرة'.
يقول عمر: 'الأعداد التي في أيدينا أكبر كثيرا. أُقدر انه قُتل نحو من 15 ألف متظاهر حتى الآن. فالتقرير لا يأخذ في حسابه ناسا دُفنوا في الساحات ولا كل الذين اختفوا'.
ولا يقف التقرير ايضا عند القصة المثيرة للقشعريرة للمنشد ابراهيم القاشوش. 'لم يكن مطربا شهيرا كثيرا لكن في واحد من عروضه على المتظاهرين أنشد: يالله يالله يا بشار، إرحل يا بشار'. أخذه رجال الاستخبارات الى المعتقل وبعد بضعة ايام وجدت جثته وقالوا للعائلة أين تجده. تبين لهم أنهم قبل ان يقتلوه تحت التعذيب اقتلعوا أوتاره الصوتية من حنجرته. وقد أصبح منذ ذلك الحين خاصة أكثر شهرة في أنحاء سوريا، وتُسمع أناشيده في مظاهرات كثيرة'.
كانت زينب الحسيني في الثامنة عشرة حينما رآها والداها في المدة الاخيرة في نيسان. فقد اختفت من البيت كأن الارض ابتلعتها، وبعد بضعة اسابيع فقط استُدعي أخوها لأخذ جثتها. وكان المنظر الذي بدا له مزعزعا، فقد كان رأس زينب مفصولا ووجهها مهشما تماما. ولوحظت على جثتها آثار عنف شديد لم تُمكّن من التعرف عليها. ولما كان الأخ قد عمل على مجابهة النظام فانه قدّر أنهم أجمعوا على عقابه بالمس بأخته.
استدعى ناسا من الـ 'سي.ان.ان' الى بيته ونشر الصور، لكن بعد بضعة ايام عرض النظام زينب الحسيني حية وزعم ان المتظاهرين يفترون على قوات الامن افتراءات باطلة.
يقول رحيم: 'لم ينجحوا فقط في الاجابة عن سؤال واحد: لمن الجثة المهشمة التي سُلمت الى العائلة؟ ربما لم تكن زينب لكن كانت هناك مع ذلك جثة فتاة عانت تعذيبا فظيعا. من عذبها وقتلها؟ من هذه الفتاة؟'.
أغلقت سوريا حدودها اغلاقا شبه محكم أمام صحفيين غربيين، وينجح قلة فقط في الحصول على تأشيرة دخول. وتكون خطوات هؤلاء المحظوظين القلة مقيدة ويخضعون لرقابة ملاصقة.
من جهة ثانية، يتجمع وراء الحدود مع الاردن ومع لبنان عشرات الصحفيين ومتلقي المعلومات من المعارضين حينما ينجح هؤلاء في اجتياز الحدود بسلام. وينقل جيش سوريا الحرة ايضا مواد الى الاعلام لكن الصورة بعيدة عن ان تكون كاملة. في كل يوم تضاف قطعة معلومات الى البازل، لكنهم يُقدرون ان مقدار الفظائع لن يُكشف إلا بعد زوال الحاكم، كما حدث في ليبيا.
قبل بضعة اسابيع التقى عمر مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وقد عرض عليها من جملة ما عرض، معطيات عن عسكريين انشقوا ويخططون لمحاربة الجيش حرب عصابات. 'فاجأني أنها طلبت ان يضع المنشقون سلاحهم'، يقول عمر. 'هذا طلب غريب.
لماذا لم يطلبوا الى المتمردين في ليبيا ان يضعوا سلاحهم؟ وكيف يستطيعون وضع السلاح اذا كان يمكن في كل لحظة ان يطلقوا النار عليهم ويقتلوهم. ليس هذا عمليا'. ان عمر معروف جيدا في دهاليز القوة في واشنطن، وهو مرتبط بمنظمات حقوق انسان. 'لست أنجح في ان أفهم لماذا يسكت الامريكيون'، يقول. 'نتوقع منهم ان يتدخلوا، عسكريا. وان يقصفوا الجيش السوري من الجو. فقد تدخلوا في ليبيا ونجحوا في خلع القذافي وهذا ما نتوقع ان يفعلوه بالاسد.
'الى اليوم قتل في سوريا من الناس عدد أكبر ممن قتلوا في ليبيا في الوقت الذي أجمع فيه اوباما على بدء هجوم عسكري لمنع مجزرة أكبر. وفي كوسوفو ايضا قصف حلف شمال الاطلسي حينما كانت حاجة لذلك. فلماذا هذا النفاق؟.
'دعا اوباما الاسد الى المغادرة لكنه لن يغادر طوعا. انه جبان ومغفل وهو على يقين من ان له تأييدا. فهو يفخر بأنه حتى أبناؤه يؤيدونه. وقد نفعته زوجته على مر السنين حينما أعطته بمجرد حضورها صورة معتدلة في نظر العالم، لكن الناس الذين التقوا معها قالوا انها ضحلة جدا، ونحن لا نعتمد على أن تؤثر فيه ليغادر'.
يديعوت 23/12/2011
ذكرت تقارير صحافية سعودية الجمعة ان المملكة يمكن ان تضطر لاغلاق سفارتها في دمشق بسبب استمرار قمع المتظاهرين المعارضين للنظام في سورية.
واضافت التقارير ان 'المملكة تتجه الى اغلاق سفارتها في سورية بعد ان استبقت القرار بخطوة تقليص ممثليها الدبلوماسيين الى الحد الادنى'.
وقالت ان هذه الخطوة تأتي 'نتيجة لاستمرار حالة العنف التي يمارسها نظام الاسد ضد مواطنيه ووصول الامر الى تهديد حياة الدبلوماسيين العاملين على الاراضي السورية'.
ونقلت صحيفة 'الوطن' السعودية ان عن مصدر مطلع على الاجراء قوله ان هذه الخطوة نابعة من 'حرص حكومة المملكة على عدم تعريض مواطنيها او بعثتها الدبلوماسية لاي خطر'.
ورأى المصدر ان 'سورية اصبحت منطقة خطرة والقتل فيها بالعشرات يوميا والظروف الحالية واستمرار العنف وتزايده في أماكن متعددة واقتراب التهديدات من الدبلوماسيين فرضت اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الدبلوماسيين هناك'.
واوضح ان 'خطوة تقليص الدبلوماسيين فرضتها الاوضاع الخطرة وتزايد رقعة العنف في حين ان الهدف من الاجراء هو حماية أعضاء البعثة الدبلوماسية من الاخطار والتهديدات'.
واشار الى ان 'تقليص الدبلوماسيين لم يكن خيارا مرغوبا الا ان الاوضاع الخطرة المتزايدة في دمشق فرضته'.
وقال المصدر 'ان تم ذلك فلن تكون المملكة الوحيدة التي لجأت إلى إغلاق سفارتها هناك بل سبقتها إلى ذلك مجموعة من الدول'.
(*)القدس العربي، 24/12/2011.
أقوال الصحف البريطانية(24/12/2011)
نشرتصحيفة الإندبندنت ، تحقيقاً عن تفجيرات دمشق والتي أودت بحياة أكثر من 40 شخصاً في دمشق البارحة، الأمر الذي طرح مخاوف كثيرة من تحول الثورة السورية إلى حالة من الفوضى والعنف التام.
وقالت الصحيفة أن الهجوميين، اللذين وقعا بعد وقت قصير من وصول طلائع المراقبين العرب إلى البلاد كجزء من خطة إقليمية ترمي إلى حلحلة الأزمة، قد خلَّفا دماً كثيراً، حيث تناثرت الأطراف البشرية والجثث بين السيارات المركونة في المكان، وأُضرمت فيها النيران، كما أُصيب حوالي 150 شخصا جرَّاء الانفجاريين.
ونشرت صحيفة الجارديان هي الأخرى، تحقيقها عن تفجيري دمشق، تقول فيه أن المسؤولين اللبنانيين سبق أن حذروا نظرائهم السوريين قبل يومين من هجمات وشيكة للقاعدة داخل الأراضي السورية، بالتزامن مع وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى سورية لمراقبة مدى التزام دمشق بتنفيذ بنود المبادرة العربية لحل الأزمة في البلاد، وفي هذا علق رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، المناوئ لدمشق، باعتقاده أن التفجير جرى تصميمه والترتيب له من قبل النظام السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن طموحات وتضحيات وانتصارات عام زاخر بالأحداث من ثورة وهيجان في العالم العربي تتوقف في نهاية المطاف على الأحداث التي تشهدها سورية، وأضافت بقولها أن الربيع العربي بات الآن على مفترق طرق، إذ ترى أن هنالك ثمَّة احتمالين لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في منطقة الشرق الأوسط، فالأول في حال سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وبقاء البلاد موحَّدة، وتجنُّبها حرباً طائفية، فلن يكون هنالك توقُّف لتقدُّم الثورة واتجاهها شرقا، وقد تكون إيران هي المحطة التالية، كما لن تكون أي من الأنظمة الملكية العربية في منطقة الخليج بمأمن هي الأخرى عن رياح التغيير، أما الثاني وهو في حال انقسام سورية وتفكُّكها، فستصبح ساحة معركة إقليمية تؤجِّج نارها المصالح المتصارعة للجيران، ولن يكون ذلك بالسيناريو البعيد عمَّا جرى في العراق في عام 2006، أو في لبنان خلال الحرب الأهلية التي شهدتها تلك البلاد خلال الربع الأخير من القرن الماضي، عندئذ، سيصل الربيع العربي لا محالة إلى نهايته، ولذا فهي ترى في انفجاري الجمعة في دمشق، أنهما يشكِّلان بداية مرحلة جديدة وخطيرة في الصراع، نظرا لما سيكون لهما من انعكاسات كبيرة وهامَّة على ما تشهده سورية والمنطقة برمَّتها.
قالتصحيفة التايمز أن التفجيرين يشكِّلان فرصة للنظام السوري لكي يؤكِّد للمراقبين العرب وجهة نظره القائلة أن الاحتجاجات في البلاد تدبِّرها وتقودها القاعدة وقوى خارجية أخرى بغرض زعزعة استقرار النظام، وألا يثينهم الحدث عن متابعة تنفيذ المهمَّة الموكلة إليهم أي مراقبة أعمال العنف والتعذيب والقتل التي وقعت.
وأوردت صحيفة الفايننشال تايمز صورة كبيرة لإحدى واجهات مبنى الإدارة العامة للمخابرات السورية بُعيد انفجار الجمعة، وقد تحطَّمت النوافذ وبان من إحداها أشياء ثلاثة هي، شعار حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية، وصورة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وأخرى لنجله الرئيس السوري الحالي بشار الأسد.
وختمت الصحيفة بمجموعة من الاتهامات بين النظام والمعارضة السورية يتهم كل منهما الآخر بالتسبب في الحادث.
أقوال الصحف الأمريكية (24/12/2011)
اتهامات متبادلة بين المهارضة والنظام حول تفجيرات دمشق
ترى صحيفة الواشنطن بوست أن التفجيرات هي دليل على الضعف الذي بدأ ينتاب الأجهزة الأمنية السورية، وتزايد أعداد المنشقين من الجيش والأمن، وحدوث اختراقات داخلهما. وتشير الصحيفة أن تقجيري دمشق جاءا بعد يومين من مقتل مئات المنشقين في محافظة إدلب الشمالية الغربية، بما يعني أن التفجير هو محاولة انتقام من قبل المنشقين. وتضيف الصحيفة أن اتهامات متبادلة كثيرة تم تبادلها بين النظام والمعارضة، حيث نفت المعارضة بشكل قاطع مسئوليتها عن أي تفجيرات، مشددة على التزامها بالنهج السلمي في الاحتجاجات المناهضة للنظام.
أقوال الصحف الفرنسية (24/12/2011)
تساؤلات حول توقيت تفجير دمشق
قالت صحيفة ليبراسيون إن تفجيري دمشق، اللذين استهدفا مقرين أمنيين رسميين يثيران الغموض، بسبب تزامنهما مع وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى سوريا.وترى الصحيفة أن التفجيرين سوف ينعكسان بكل تأكيد على عمل بعثة المراقبين العرب، وسف توفر مزيداً من الحجج للسلطات لتأكيد صحة موقفها، واستمرار استهداف نشطاء المعارضة.
أقوال الصحف العربية (24/12/2011)
يكتب "عبد الله اسكندر" في صحيفة الحياة اللندنية عن تفجيري دمشق، قائلاً إن تزامن تفجيري دمشق مع وصول بعثة المراقبين العرب يثير كثيراً من الشك حول أهداف هذه التفجيرات، والمسئولين عنها، والرسائل التي تحملها. ويرى الكاتب أن عامل التزامن ليس صدفة، بل هو مقصود، مقارناً بين وصول بعثة المراقبين، وتفجيري دمشق، وبين انفجارات بغداد وانسحاب القوات الأمريكية من العراق، والتأزم في العملية السياسية فيها.
ويرى "عبد الباري عطوان" في صحيفة القدس العربي أن التفجيرين يعنيان أن الاحتجاجات قد وصلت بالفعل إلى دمشق، وأن الوضع سيزداد تصاعداً في الأيام القادمة. ويستبعد الكاتب أن يكون النظام هو الفاعل وراء هذه التقجيرات، لأنه ليس من مصلحة اللنظام وفق الكاتب الايحاء للداخل والخارج باهتزاز سيطرته على مقاليد الأوضاع على الأرض.