تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث
قضايا إقليمية: انعكاسات الثورة السورية على دول الجوار، وتطور المواقف الدولية
صعدت قوات الجيش السوري عملياتها في حماة وريف دمشق أمس لإحكام السيطرة على المناطق المؤيدة للحركة الاحتجاجية في البلاد. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 18 شخصا على الأقل قتلوا بينهم جنود منشقون. يأتي ذلك فيما قالت السلطات السورية إنه "لا دور للجامعة العربية" في حل الأزمة في سورية، موضحة أن الجامعة "كانت جزءا من المشكلة ولم تكن جزءا من الحل". وأعلنت دولة الإمارات العربية أن "مجموعة أصدقاء سورية" سيجتمعون الخميس المقبل في أبو ظبي.
وقالت الهيئة العامة للثورة السورية والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات النظام تقصف بعنف بلدة قسطون بريف حماة. وأفاد المرصد "بلغ عدد القذائف التي سقطت خلال 45 دقيقة نحو 22 بالتزامن مع اقتحام القرية وسط إطلاق رصاص كثيف".
وتحدث المرصد عن "مخاوف من حدوث مجزرة على غرار مجزرة صوران" التي ذهب ضحيتها 41 شخصا أول من أمس. وذكر أن تظاهرات عدة خرجت أمس في بلدات وقرى عدة في ريف حماة طالبت بإسقاط النظام ونددت بخطة الموفد الدولي الخاص إلى سورية كوفي أنان التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ حتى الآن. وتحدث المرصد ولجان التنسيق المحلية عن إضراب عام في العديد من مدن ريف حماة وفي حماة نفسها.
وذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن 18 شخصا قتلوا في مدن مختلفة بينهم سيدة، وثلاثة قتلوا تحت التعذيب، وخمسة جنود منشقين تم إعدامهم في صوران بريف حماة، إضافة إلى تسعة جنود منشقين قتلوا في دوما بريف دمشق.
كما سقط أربعة قتلى في حمص وأربعة في حماة واثنين في إدلب، وسقط قتيل في كل من ريف دمشق ودرعا والحسكة وحلب. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن قوات أمن النظام أطلقت النار لتفريق مشيعين في حي نهر عيشة بدمشق، وأنها اقتحمت عددا من المنازل في حي الغوطة المكتظ بالنازحين في حمص.
دوليا اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الاثنين أن عملية السعي الى تسوية سلمية للازمة السورية وصلت إلى "مرحلة دقيقة"، فيما أكد حلف شمال الأطلسي انه لا ينوي التدخل في سوريا التي تواصلت فيها أعمال العنف بقوة حاصدة الاثنين 38 قتيلا، القسم الاكبر منهم من الجنود والمنشقين.
وقال الناطق باسم بان كي مون أن الأمين العام يرى "أننا وصلنا إلى مرحلة دقيقة في عملية السعي إلى تسوية سلمية للازمة (في سوريا)، وهو يبقى شديد القلق إزاء مخاطر قيام حرب أهلية شاملة في سوريا، وقلق إزاء موجة العنف التي ضربت لبنان" خلال الأيام القليلة الماضية.
وجاء هذا البيان الصادر عن الناطق مارتن نيسيركي في ختام لقاء ضم الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على هامش قمة الحلف الأطلسي في شيكاغو.
كما نددت فرنسا بأعمال العنف الدامية في سوريا. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن "الانتهاكات اليومية لوقف إطلاق النار لا يمكن التغاضي عنها ويجب ان تتوقف"، مشيرا إلى أن التقارير التي تصل يوميا إلى الوزارة تثبت أن "النظام يواصل الاعتقالات وأعمال التعذيب".
وعبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن ليل الأحد الاثنين عن قلقه من العنف في سوريا لكنه أكد أن الحلف "ليس لديه نية للتدخل في سوريا".
وقال راسموسن في مؤتمر صحافي خلال قمة الحلف الأطلسي في شيكاغو "ندين بشدة سلوك قوات الأمن السورية وقمعها السكان وندعو القيادة السورية إلى تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري".
وأعرب رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة الاثنين لمسؤول صيني رفيع المستوى عن تطلع المملكة لدور صيني في حل الازمة في سوريا التي تشهد منذ آذار (مارس) من العام الماضي حركة احتجاج واسعة أوقعت آلاف القتلى.
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، أكد الطراونة لعضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وانغ جانغ، الذي يقوم بزيارة إلى الأردن، أن "الأردن يراقب بقلق الأوضاع في سوريا وغيرها من الدول العربية"، مشيرا إلى "تطلع الأردن لدور صيني في حل هذا الموضوع وفي تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وحل قضاياه العادلة".
* في الوقت الذي كانت الحكومة اللبنانية منهمكة بمعالجة تداعيات دعوة كل من الإمارات وقطر والبحرين رعاياها إلى عدم التوجه إلى لبنان والموجودين فيه إلى المغادرة، والتي تلتها دعوة مماثلة من الكويت، خطفت الأضواء حادثة مقتل شيخ من الطائفة السنية ومرافقه أثناء توجهه إلى الاعتصام الذي كان مقررًا في حلبا، الأمر الذي أدي توتر الوضع في شمال لبنان مجددا بعد أيام على توقف المعارك في مدينة طرابلس عاصمة الشمال اللبناني بين سنة مناهضين للنظام السوري وعلويين من أنصار النظام أوقعت عشرة قتلى.
توالي مؤشرات التوتر بين الخليج ولبنان(1):
1ـ الكويت رابع دولة خليجية تدعو رعاياها لمغادرة لبنان:
* باتت الكويت رابع دولة خليجية تدعو رعاياها لمغادرة لبنان وعدم السفر إليه بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة، لتنضم بذلك إلى الإمارات وقطر والبحرين، التي كانت قد أصدرت توجيهات مماثلة إلى مواطنيها، وأوضح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية"لم تكشف عن هويته:
ـ على المواطنين الكويتيين الراغبين في السفر إلى لبنان إلى عدم التوجه إليه في ظل الظروف الراهنة نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية المتوترة التي تشهدها الساحة اللبنانية.
ـ على المواطنين الكويتيين المتواجدين حاليًا في لبنان إلى مغادرته، حفاظًا على سلامتهم، وطلب منهم الاتصال بالسفارة في بيروت في حال مواجهتهم لأي معوقات.
2ـ مؤشرات انضمام السعودية للحلف الخليجي الضاغط على لبنان:
* فيما تواردت أنباء تفيد بإمكان انضمام المملكة العربية السعودية إلى الدول الأربع التي طالبت رعاياها بمغادرة لبنان، أفاد مصدر دبلوماسي سعودي في بيروت أن السفارة السعودية تراقب بتأن تطور الأوضاع الأمنية والمستجدات على الساحة اللبنانية، وستتخذ أي قرار في ضوء ذلك آخذة دومًا في الاعتبار الحرص على سلامة لبنان من جهة وسلامة الرعايا السعوديين من جهة ثانية، موضحًا:
ـ لا قرار سعوديًا متخذًا لغاية اليوم في هذا الشأن، وأن لا علاقة للمملكة بالقرارات التي تتخذها بقية الدول الخليجية في هذا الموضوع.
ـ المملكة تأمل في أن تتحرك القيادات السياسية اللبنانية لتحصين البلد من أي خطر.
3ـ توتر بين بيروت والدوحة بعد اعتقال مواطن قطري:
* برزت مواقف قطر والإمارات والبحرين بعدم سفر مواطنيها إلى لبنان ومغادرة الموجودين فيه في صدارة الاهتمامات لدرس الخطوة وإبعادها. وجاءت هذه الدعوات بعد اعتقال الأمن العام المواطن القطري من "آل عطية" الذي ورد اسمه في الخلية الإرهابية وهو قريب لنائب رئيس الوزراء القطري "محمد العطية"، فيما تردّد أن قطر هددت بطرد 30 ألف لبناني إن لم يفرج عن المواطن القطري المعتقل.
تجدد التوتر بعد مقتل شيخ سني ومرافقه(2):
* أعلنت أجهزة الأمن اللبنانية أن الشيخ السني "أحمد عبد الواحد" قتل مع الشيخ "محمد حسين مرعب" الذي كان يرافقه برصاص عناصر من الجيش اللبناني من بلدة البيرة في عكار أثناء توجهه إلى الاعتصام الذي كان مقررًا في حلبا، والمعروف عن ذلك الشيخ كان من المنتقدين للنظام في سوريا، فيما توالت ردود الفعل المنددة بالحادث و سادت حالة من التوتر على إثره.
1ـ تفاصيل الحادث:
ـ كانت بلدة حلبا في عكار تحوّلت إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، حيث نظم كل من نائب المستقبل "خالد الضاهر" والحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالين مضادين الأول تحت عنوان "استباحوا بيروت في 7 أيار نحن لن ننسى"، والثاني تحت عنوان "إحياء الذكرى الرابعة لشهداء مجزرة حلبا".
ـ لدى وصول موكب الشيخ "عبد الواحد"إلى مفرق تل عباس الغربي حيث كان هناك حاجز للجيش اللبناني، وبعد أن امتنع الموكب عن التوقف على الحاجز، أطلقت النار عليه ما أدى إلى وفاة الشيخ "عبد الواحد إضافة إلى مرافقه "محمد حسين مرعب" من بلدة البيرة.
2ـ ردود فعل منددة:
أ ـ عودة التوتر في الشمال تنديدًا بالواقعة:
* بعد انتشار النبأ، بدأ قطع الطرقات في عكار وصدرت دعوات من النائبين "خالد الضاهر" و"معين المرعبي" لطرد الجيش اللبناني وإيعاز المهام الأمنية إلى قوى الأمن الداخلي، وسمعت أصوات إطلاق نار ورشاشات بين الحين والأخر في حلبا وساد جو من التوتر الشديد المنطقة.
ـ قام أهالي"البداوي" بقطع الطريق الدولية بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات احتجاجًا، كما قطع أهالي منطقة القبة في طرابلس الطرقات المؤدية إلى الساحة في منطقتهم بالإطارات المشتعلة والعوائق الحديدية، كذلك فعل أهالي الضنية بقطع الطريق الرئيسية في بلدة كفرحبو.
ـ هدد مشايخ في عكار بأنه إذا استمر الوضع على حاله ولم يتم اتخاذ إجراءات صارمة، فسيتم الدعوة لتشكيل "جيش لبنان الحر"، فيما دعت دائرة الأوقاف الإسلامية إلى إضراب عام على كل الأراضي اللبنانية.
ب ـ تشكيل لجنة تحقيق بشأن الحادث:
* صدر بيان عن الجيش اللبناني أكد تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات الحادث، وجاء في بيان الجيش اللبناني، الآتي:
ـ أدى حادث مؤسف بالقرب من حاجز تابع للجيش في بلدة الكويخات ـ عكار، إلى إصابة كل من الشيخ "أحمد عبد الواحد" ومرافقه بطلقات نارية، ثم ما لبثا أن فارقا الحياة متأثرين بجروحهما.
ـ قيادة الجيش، إذ تعبر عن أسفها الشديد لسقوط الضحيتين، تشير إلى أنها بادرت على الفور إلى تشكيل لجنة تحقيق من كبار ضباط الشرطة العسكرية، وبإشراف القضاء المختص.
ج ـ مطالبة "الحريري" بضرورة محاسبة المسؤولين عن الحادث:
* استنكر رئيس الحكومة السابق وزعيم تيار المستقبل "سعد الحريري" الحادثة، ومع مطالبته بمحاسبة العناصر التي أطلقت النار على الشيخين الشهيدين ومن أمر بإطلاق النار عليهما،أضاف الآتي:
ـ لقد كان الشيخ "أحمد" معروفاً بوطنيته ووقوفه الدائم إلى جانب الحق، وقد تجلى ذلك في وقوفه إلى جانب قضية العدالة للرئيس الشهيد "رفيق الحريري"، كما إلى جانب الشعب السوري في نضاله ضد نظام البطش والتسلط الأسدي.
ـ ننبه أهلنا في عكار من الانجرار إلى أي ردود فعل تستهدف نقل الفوضى إلى منطقتهم، فمن الواضح أن هناك مخططا للنيل من مناطق لبنانية بعينها واستجرار الأحداث والمشاكل إليها خدمة للنظام السوري وأدواته.
ـ إننا لا نضع عملية القتل في خانة الجيش اللبناني بالجملة، وهو المؤسسة الوطنية العسكرية التي لطالما وقف أهل عكار إلى جانبها وكانوا خزانا لها ومن الذين بنوها وعملوا في سبيل أن تكون في خدمة كل لبنان. ولكن من الواضح أن هناك مندسين ومتورطين في هذه العملية يريدون تسخير المؤسسة ورمزيتها لاستيراد أزمة النظام السوري مع شعبه والعالم العربي والعالم إلى لبنان، في محاولة يائسة لإنقاذه من نهايته المحتمة.
د ـ فضل اعتصام النائب "الظاهر" وانتقاد الجيش:
* على الأثر فضّ اعتصام النائب "الضاهر" الذي حمل المسؤولية للجيش والحكومة لأنهم لا يقومون بدورهم بحماية لبنان بل يمارسون انتقائية ويعاملون اللبنانيين كأنهم مع فريق ضد فريق آخر، موضحًا:
ـ كنا نتوقع النار من الحزب القومي الذي يفاخر بأنه قتل الرئيس "رياض الصلح" والرئيس "بشير الجميل" وليس من الجيش اللبناني، ونطالب بفتح تحقيق عاجل بالحادثة وإنزال اشد العقوبات بالفاعلين.
ـ لم يطلقوا النار تحذيرًا في الهواء أو على الأرجل،بل جاء الرصاص في رقبة الشيخ "احمد".
ـ لن نسمح باستهدافنا بهذا الشكل وكنا نتوقع أن يسهلوا وصول المعتصمين لا أن يعرقلوهم، لا أن يطلقوا النار عليهم، ويبدو أنهم كانوا معبأين ضد جماعتنا وفريقنا، ومع الأسف كان هناك تسهيلات مع الفريق الأخر ولم يوقفوا سيارة لهم.
1ـ قراءة في الأبعاد الكامنة لتحذيرات السفارات الخليجية:
أ ـ رسالة متضمنة إلى سوريا وأخري إلى إيران(3):
* لفتت أوساط دبلوماسية عربية في بيروت الانتباه إلى أن لا "حجة أمنية مقنعة أو واضحة للحكومات الخليجية الثلاث لإطلاق هذا التحذير إلى رعاياها على أبواب الموسم السياحي في لبنان". وردّت هذه الأوساط قرار الدول الثلاث إلى أسباب سياسية بحتة، تتعلق بتوجيه رسائل إلى سوريا من جهة والى إيران من جهة ثانية، مشيرة إلى التفاصيل التالية:
ـ ثمة ضغط على لبنان يهدف إلى دفع حكومة الرئيس "نجيب ميقاتي"إلى وقف سياسة النأي بالنفس حيال سوريا وانتهاج سياسة واضحة المعالم ترتكز إلى دعم المعارضة السورية في وجه نظام الرئيس "بشار الأسد".
ـ رسالة قطر من وراء تحذيرها موجهة إلى سوريا عبر البوابة اللبنانية من أنه غير المسموح للبنان بعد اليوم أن يكون بمنأى عن دعم المعارضة السورية ولو تحت عنوان الضغط السياحي، والمعلوم بأن السياحة والخدمات هي ركيزة أساسية للاقتصاد اللبناني بعد المصارف.
ـ الأمر سيان بالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة التي تمول بعض الجمعيات فيها المعارضة السورية، وتحمل الإمارات رسالة أخرى إلى إيران وعبرها إلى "حزب الله" المكون الرئيسي لحكومة "ميقاتي" في هذا الشأن،ولاسيما بعد زيارة الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد"إلى جزيرة "أبو موسى" المتنازع عليها ما اعتبرته أبو ظبي، انتهاكًا لسيادتها حتى إنها الخارجية الإماراتية استدعت سفيرها في طهران لاستيضاحه الأمر، في حين أن رسالة مملكة البحرين موجهة أيضًا إلى إيران عبر النافذة اللبنانية.
ـ مدلول هذا الحظر الخليجي هو سياسي وليس أمني،ولاسيما أن لا مؤشرات أمنية قادمة تتسم بهذه الخطورة التي تحتم إصدار تحذير خليجي ثلاثي في توقيت له دلالاته وسط الأزمة في مدينة طرابلس التي تريدها بعض البلدان ممرًا للأسلحة إلى المعارضة السورية، في حين يجهد النظام السوري إلى ضبطها بمؤازرة من السلطات اللبنانية.
ـ ثمة رابط بين قرار الدول الثلاث وبين اجتماعات بغداد المقررة بعد غد بين مجموعة (5+1) والإيرانيين، خاصة أن أية تسوية أميركية إيرانية ستكون على حساب هذه الدول الثلاث تحديدًا.
ب ـ محاولة لفرض حصار اقتصادي على لبنان(4):
* قطر البحرين والإمارات، ثلاث دول حذرت رعاياها من المجيء إلى لبنان، وطلبت من الموجودين في هذا البلد، مغادرته. وزير السياحة "فادي عبود" يعدّ هذه التحذيرات بمثابة "حصار اقتصادي"، فيما يردها العاملون في القطاع إلى تدهور الحال الأمنية والسياسية. أما انعكاس التحذيرات اقتصاديًا، فلا يمكن قراءته قبل هدوء الأوضاع.
(1) سعي الدول الثلاث لفرض حصار اقتصادي على لبنان:
ـ يقول وزير السياحة "فادي عبود" أن عدد رعايا هذه الدول الثلاث قليل فعليًا نسبة إلى العدد الإجمالي للسياح في لبنان، موضحًا أن هؤلاء يمثلون أقل من 5% من عدد السياح، ويرى أن التحذيرات سياسية تهدف لفرض نوع من الحصار الاقتصادي على لبنان، إذ على الرغم من أن الوضع الأمني في لبنان يعد "طاردًا" سياحيًا، إلا أن أي دولة لم تدع رعاياها إلى مغادرة البحرين ـ مثلاً ـ رغم أن الوضع فيها دقيق. يستغرب عبود هذه المواقف، مبديًا استياءه لذلك "الحصار الاقتصادي"، لاسيما وأن الإشكالات الأمنية محصورة في مناطق محددة، ولا تستدعي خروج السياح، لافتًا إلى أنه على رغم قلة عدد الوافدين من الدول الثلاث، إلا أن أثر البيانات التحذيرية يطاول جميع دول العالم، بحيث تترك "آثارًا نفسية غير مستحبة".
(2) حجم إسهام الدول الثلاث في إيرادات السياحة اللبنانية:
ـ وصل العدد الإجمالي للوافدين إلى لبنان منذ يناير حتى أبريل إلى 436 ألفًا و860 وافدًا، بينهم 180 ألفًا و593 عربيًا، أي ما يمثل نسبة 41% من عدد الوافدين الإجمالي. في المقابل، كان عدد الوافدين في الفترة نفسها من العام الماضي 475 ألفًا و534 ألفًا، بينهم 155 ألفًا و96 عربيًا، بنسبة 32،6% من إجمالي عدد الوافدين في الأشهر الأربعة الأولى من 2011. ما يعني أن عدد الوافدين العرب إلى لبنان شهد تطورًا في الأشهر الأولى بين عامي 2011 و2012.
ـ اللافت خلال احتساب عدد الوافدين العرب، أن لا الإمارات ولا قطر ولا البحرين تحتل أيًا من المراتب الأساسية؛ ففي يناير 2012، احتل الوافدون السعوديون المرتبة الأولى، من ثم العراقيون فالأردنيون. وفي فبراير احتل العراقيون المرتبة الأولى، من بعدهم الأردنيون فالسعوديون. وفي مارس احتل السعوديون المرتبة الأولى يليهم العراقيون فالأردنيون. وفي أبريل احتل العراقيون المرتبة الأولى يليهم الأردنيون فالسعوديون، فيما توزعت المراتب الأدنى بين المصريين والكويتيين.
ـ يشرح الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان "جان بيروتي" أن القطاع السياحي لم يشهد أي إلغاء للحجوزات حتى الآن إلا بنسب بسيطة، ويلفت إلى أن ذلك يعود إلى طبيعة العلاقة السياحية بين لبنان والدول العربية، إذ إن السياح العرب لا يقدمون على الحجز في لبنان إلا قبل 10 أيام إلى 15 يومًا من موعد قدومهم. وبالتالي، ليس هناك حجوزات كثيرة لصيف 2012، مؤكدًا أن الانعكاسات الأمنية، إضافة إلى ردود الفعل على البيانات التحذيرية التي أصدرتها الدول الثلاث، يمكن تتبعها خلال الأشهر المقبلة.
ـ يشير "بيروتي"إلى أن استمرار الوضع الأمني على ما هو عليه هو الأساس في تحقيق كارثة اقتصادية في لبنان، إذ إن الهدوء سينعكس عدم التزام بالتحذيرات، فيما استمرار الأزمة الأمنية والسياسية سيزيد من الحذر ومن المخاوف، كما شدد على أن عدد السياح من قطر والبحرين والإمارات ليس كبيرًا نسبة إلى العدد الإجمالي للسياح، إلا أن ذلك ليس مقياسًا، فالأساس هو حجم الإنفاق الذي يحققه هؤلاء، وخاصة أن معظمهم من المستثمرين الذين ينفقون على نحو خاص في الأسواق التجارية والقطاع العقاري.
(3) أهمية قطاع السياحة بالنسبة للاقتصاد اللبناني:
* يصعب قياس حجم إنفاق السياح في لبنان، كما يصعب تحديد مجالات الإنفاق. إلا أن شركة "غلوبال بلو" ـ التي تعد دراسات تقديرية حول حجم الإنفاق نسبة إلى قيمة الضريبة على القيمة المضافة التي يستردها المغادرون من لبنان ـ تظهر بعض جوانب الإنفاق السياحي، كالآتي:
ـ عدد السياح لا يمثل مؤشرًا فعليًا إلى قياس الإنفاق الحاصل من قبل السياح، إذ مثل الإنفاق السياحي السعودي 20 % من مجموع الإنفاق السياحي عام 2011.
ـ حل الإماراتيون في المرتبة الثانية من حيث الإنفاق (11%)، فالكويتيون (10%)، ومن ثم السوريون (8%) والمصريون (6%).
ـ ازداد إنفاق السياح الإماراتيين بنسبة لافتة خلال عام 2011 (20%)، يليهم الفرنسيون (10%) والسوريون (8%) فالكويتيون (4%) والقطريون (2%)، فيما تراجع إنفاق المصريين بنسبة (12%) ثم الأردنيين (3-%) والسعوديين (2-%).
ـ حلت أصناف الموضة والملابس في طليعة السلع التي شهدت إنفاقاً سياحياً (74%)، تلتها الساعات (9%) ليتوزع ما تبقى على العطور ومواد التجميل وأدوات الحدائق وزينة المنازل وغيرها.
ـ يمكن من خلال هذه الإحصاءات تبيان الآثار السلبية التي ستحدثها البيانات التحذيرية للسفارات الثلاث على الاقتصاد اللبناني على نحو عام، وعلى القطاع السياحي خاصة.
ـ يمكن توقع انحسار في عمل الأسواق التجارية، وخصوصاً في بيروت، التي تعدّ المقصد الأول لإنفاق السياح (84% من الإنفاق الإجمالي عام 2011، تليها منطقة المتن (12%) فكسروان (2%) وبعبدا (1%).
2ـ مؤشرات نشوب حرب أهلية جديدة في لبنان(5):
ـ يعيش لبنان هذه الأيام حالة من الغليان الطائفي غير مسبوقة منذ توقيع اتفاق الطائف الذي انهي الحرب الأهلية اللبنانية بعد 16 عامًا من القتال الدموي؛ فبعد الاشتباكات الدموية التي اجتاحت مدينة طرابلس بين جماعات متشددة من طائفتي السنة والعلويين قتل خلالها ما يقرب من ثمانية أشخاص علاوة على عشرات الجرحى، ها هو البلد المضطرب يصحو على نبأ مقتل الشيخ "أحمد عبد الواحد" ومرافقه، وهو من قيادات الطائفة السنية الدينية، أمام حاجز امني للجيش اللبناني وهو في طريقه إلى عكار للمشاركة في اعتصام نظمه النائب "خالد الضاهر" في مواجهة لاعتصام مضاد نظمه الحزب القومي السوري الداعم للنظام في دمشق.
ـ من الطبيعي أن ينعكس التوتر المتفاقم حاليًا في سوريا على الجار اللبناني في ظل حالة الاستقطاب الطائفي، لكن أن تصل الأمور إلى درجة الصدامات الدموية فان هذا يعني أن البلد مقدم على حرب أهلية جديدة قد تمتد لسنوات، وربما تكون أكثر دموية من سابقتها.
ـ لبنان أصبح ممرا لأسلحة ومجاهدين تمولهم دول عربية خليجية، على رأسها المملكة العربية السعودية التي تعلن عن دعوتها علنا لتسليح المعارضة السورية بوجه النظام السوري، وجرى ضبط سفينة محملة بالأسلحة قادمة من ليبيا، كما اعترف وزير الداخلية التونسي بان مقاتلين تونسيين يحاربون إلى جانب جماعات إسلامية متشددة تريد إسقاط النظام السوري.
ـ إذا كان أبناء الطائفة الشيعية في لبنان وقوى (8 آذار) التي تضم حزب الله إلى جانب لتيار الوطني الحرب بقيادة "العماد ميشال عون" وتيار المردة بقيادة "سليمان فرنجية" والحزب القومي السوري يتعاطفون مع النظام السوري ويقدمون له الدعم، فلا غرابة إذا ما وقف تكتل (14 آذار) بزعامة "سعد الحريري" في خندق المعارضة السورية المدعومة من المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات إلى جانب الولايات المتحدة وتركيا وأوروبا.
ـ الاحتقان في لبنان وصل إلى درجة الانفجار، ومن غير المستبعد أن تكون حادثة اغتيال الشيخ "عبد الواحد"أمام حاجز الجيش اللبناني هي المفجر، خاصة في ظل الدعوات التي تطالب بتأسيس جيش لبناني حر لحماية الطائفة السنية في لبنان على غرار نظيره الجيش السوري الحر.
ـ عندما تدعو دول الخليج رعاياها إلى عدم زيارة لبنان وتطالب من يتواجد منهم هناك بالمغادرة فوراً فهذا يعني أن هناك انفجارًا دمويًا سيحدث في هذا البلد في الأيام القليلة القادمة، فتلك الدول تعتبر العمود الفقري لتجمع "أصدقاء سوريا"، وتخوض حربا سياسية وإعلامية شرسة ضد النظام السوري، وتتبنى المعارضة السورية سياسيًا وعسكرياً، ولا بد أن لديها معلومات مؤكدة حول السيناريوهات التي تعد في الخفاء للبنان، وسورية بطبيعة الحال.
(1) سي إن إن، وكالة الأنباء الكويتية، القدس العربي، السفير اللبنانية، 21/5/2012.
(2) رويترز، وكالة الأنباء الفرنسية، أسوشيتد برس انترناشونال، يونايتد برس انترناشونال، سي إن إن، هيئة الإذاعة البريطانية، الجزيرة نت، العربية نت، الشرق الأوسط، الخليج الإماراتية، القدس العربي، البيان الإماراتية، الحياة، 21/5/2012.
(3) السفير اللبنانية، 21/5/2012.
(4) الأخبار اللبنانية، 21/5/2012.
(5) رأي القدس، 20/5/2012.
* في الوقت الذي انعكست الخلافات حول الأزمة السورية في البيان الختامي لقمة مجموعة الثماني، فإن القمة تبنت موقفًا موحدًا وضاغطًا على إيران فيما يتعلق بأزمة برنامجها النووي قبل مفاوضات بغداد. ومن بين الملفات العديدة التي ناقشها زعماء مجموعة الثماني في اجتماعهم في "كامب ديفيد" بولاية ميريلاند في الولايات المتحدة 19/5/2012 ملفا الأزمتين السياسية والأمنية في سوريا، وأزمة البرنامج النووي الإيراني، وبشكل عام يمكن مناقشة تناول البيان الختامي للقمة لهذين الملفين كالآتي(*):
1ـ الملف السوري:
ـ الخلافات حول التعامل مع الأزمة في سوريا خاصة بين روسيا من جانب والدول الغربية من جانب آخر، قد انعكست على تعامل القمة مع الأزمة وبيانها الختامي حولها.. ففي الوقت الذي قال فيه البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" قد أبلغ زعماء مجموعة الثماني بضرورة رحيل الرئيس السوري "بشار الأسد" عن السلطة، وأشار إلى اليمن كنموذج لانتقال سياسي يمكن أن ينجح في الحالة السورية، فإن "ميخائيل مارجيلوف" المستشار في الكرملين الروسي قال إن موقف روسيا ثابت ولم يتغير بشأن الوضع في سوريا، مؤكدًا أنه لا يمكن تغيير النظام بالقوة.
ـ نتيجة لذلك جاء البيان الختامي للقمة متبنيًا خطة "كوفي عنان" لتسوية الأزمة، وداعيًا كل الأطراف إلى التزام ما جاء فيها، وإن كان قد شدد في الوقت نفسه على الشعور بالهلع من الخسائر في الأرواح والأزمة الإنسانية والانتهاكات الخطرة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان ومن الملاحظ في هذا الشأن ثلاثة أمور:
2ـ الملف الإيراني:
ـ في الوقت الذي كان هناك تباين في وجهات النظر حول سوريا، انعكس بشكل واضح في البيان الختامي لقمة مجموعة الثماني، وجهت القمة رسالة موحدة إلى إيران بشكل يمثل عامل ضغط قويًا عليها قبل مفاوضاتها النووية مع القوى الدولية المعنية ببرنامجها النووي في بغداد، حيث قال البيان الختامي للقمة إن زعماء مجموعة الثماني مازالوا متحدين في الشعور بالقلق إزاء البرنامج النووي الإيراني ويرغبون في التوصل إلى حل سلمي وتفاوضي للأزمة.
ـ نتيجة لذلك، فإنهم مازالوا يتبعون منهجًا مؤلفًا من مسارين، في إشارة إلى مسار العقوبات من ناحية ومسار التفاوض من ناحية أخرى، هذا يعني أن القوى الكبرى غير مستعدة للتراجع عن مسار العقوبات أو تجميده كما تطالب بذلك إيران في إطار المفاوضات وإنما تصر على أن تسير في خطتين متوازيين.
* نشرة أخبار الساعة، العدد (4849)، 21/5/2012.