تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث
قتلى وجرحى في قصف على منطقة حماة ومعارك في دمشق.. ومسؤولون سوريون ينفون معلومات حول اغتيالهم
اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان 21 شخصا على الاقل قتلوا الاحد في اعمال عنف في سورية بينهم 16 في قصف للقوات السورية على بلدة صوران في منطقة حماة وسط سورية، فيما دارت معارك عنيفة ليلا بين منشقين والجيش السوري في عدة مناطق من دمشق رغم تجديد الاسرة الدولية دعوتها الى وقف 'فوري' للعنف المستمر في سورية منذ اكثر من 14 شهرا.
وقال المرصد استنادا الى معلومات اولية حصل عليها ان القوات السورية اقتحمت هذه البلدة وقصفتها ما ادى الى مقتل 16 شخصا بينهم ثلاثة اطفال.
وتقع بلدة صوران في جوار بلدة خان شيخون في محافظة ادلب (شمال غرب) حيث اسفر قصف للقوات السورية النظامية عن اكثر من عشرين قتيلا في 15 ايار (مايو) الفائت وفق المرصد.
وفي مناطق سورية اخرى، قتل خمسة اشخاص على الاقل الاحد، بحسب المصدر نفسه.
وينتشر نحو 260 مراقبا دوليا في سورية للتحقق من تنفيذ وقف اطلاق النار الذي يتعرض لانتهاكات مستمرة.
وفي انتهاك جديد لوقف اطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ نظريا في 12 نيسان (ابريل) عملا بخطة الموفد الدولي كوفي عنان لوقف اعمال العنف في سورية، دارت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين من المجموعات المسلحة المنشقة وحاجز للقوات النظامية قرب جسر اللوان في حي كفرسوسة جنوب غرب دمشق. وذكرت لجان التنسيق المحلية ان تعزيزات كبيرة للجيش ارسلت الى المنطقة.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اشتباكات عنيفة دارت في منطقة المتحلق الجنوبي ترافقت مع سماع اصوات انفجارات في المنطقة وسمعت اصوات اطلاق رصاص في ساحة العباسين وشارعي بغداد والثورة.
كما قصفت القوات النظامية فجر الاحد مزارع الريحان المجاورة لمدينة دوما.
ووقعت هذه الاشتباكات غداة سقوط 23 قتيلا في اعمال عنف، كما قتل السبت تسعة اشخاص في انفجار سيارة مفخخة استهدف لأول مرة مدينة دير الزور شرق البلاد.
وهزت سورية عدة تفجيرات من هذا النوع منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الاسد في اذار (مارس) 2011، وتبنت معظمها مجموعات صغيرة غير معروفة. ويتبادل النظام والمعارضة الاتهامات بالوقوف خلف هذه الهجمات التي اوقعت عشرات القتلى.
من جهة اخرى نفى عدد من كبار المسؤولين السوريين الاحد متحدثين للتلفزيون الرسمي معلومات افادت عن اغتيالهم، بعدما بثت قناتا 'الجزيرة' القطرية و'العربية' ذات التمويل السعودي الاحد شريط فيديو يتبنى فيه رجل باسم 'كتائب الصحابة في دمشق وريفها' اغتيال ستة مسؤولين كبار.
والمسؤولون بحسب الشريط هم آصف شوكت مدير المخابرات العامة وصهر الاسد، ووزيرا الداخلية محمد الشعار والدفاع داود راجحة، وحسن توركماني مساعد نائب الرئيس فاروق الشرع، ومحمد سعيد بختيان الامين القطري المساعد في حزب البعث الحاكم.
وتعقيبا على ذلك قال الشعار 'ان ما بثته قناتا الجزيرة والعربية عار عن الصحة تماما وقد اعتدنا على مثل هذه الأخبار المضحكة من المحطات المفلسة التي تقود حملات الكذب والافتراء منذ بداية الأزمة في سورية'.
من جهته اكد توركماني الذي ظهر على شاشة التلفزيون 'ان ما تناقلته قناتا الجزيرة والعربية عار عن الصحة تماما وهو منتهى الافلاس والتضليل الاعلامي'.
اما من جهة المعارضة، فقد اعرب جبر الشوفي عضو الامانة العامة في المجلس الوطني السوري، اكبر تحالف لفصائل المعارضة، عن شكوك معتبرا ان الهدف من الفيديو هو 'بث الفوضى'.
وقال شاهد من رويترز إن قنبلة على الطريق انفجرت الأحد ببلدة دوما السورية على بعد 150 مترا من قافلة تابعة للأمم المتحدة تقل رئيس بعثة مراقبي وقف إطلاق النار في سورية ومسؤولا كبيرا في الأمم المتحدة.
وقال مراسل رويترز إنه تم إيقاف السيارة التي تقل الجنرال روبرت مود عند نقطة تفتيش تابعة للجيش عندما جرى تفجير القنبلة في شارع قريب وغادرت القافلة المكان مضيفا أنه لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.
كما كانت القافلة تضم ايرفيه لادسو مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام الذي يقوم بزيارة لسورية.
وقال مصدر أمني في دوما لرويترز إن اشتباكات وقعت في وقت سابق من امس وان مسلحين أصابوا 29 من أفراد قوات الأمن.
ودوما التي تقع على مشارف دمشق مركز لانتفاضة مسلحة ضد حكم الرئيس بشار الأسد التي بدأت باحتجاجات سلمية منادية بالديمقراطية في آذار (مارس) 2011.
وأضاف المصدر أن الحياة الطبيعية في دوما أصيبت بالشلل بسبب الاشتباكات اليومية.
وتتواصل اعمال العنف في سورية رغم انتشار مراقبين للامم المتحدة مكلفين مراقبة الهدنة التي يتم خرقها بشكل متواصل.
دعت الدول الصناعية الكبرى من مجموعة الثماني السبت في كامب ديفيد 'الحكومة السورية وجميع الاطراف' الى وقف العنف فورا وتطبيق بنود خطة عنان.
وقال قادة الدول الثماني في بيانهم الختامي اثر قمة عقدوها في كامب ديفيد بالولايات المتحدة 'نحن مستاؤون للخسائر في الارواح والازمة الانسانية والانتهاكات الخطيرة والمتزايدة لحقوق الانسان في سورية' مؤكدين 'تصميمهم على النظر في اجراءات اخرى في الامم المتحدة وفق الحاجات'.
ولا تزال روسيا التي شارك رئيس وزرائها ديمتري مدفيديف في القمة، تعارض اي تدخل في شؤون حليفها السوري. وقال مستشار الكرملين ميخائيل مارغيلوف 'لا يمكن تغيير النظام بالقوة. يجب ان يتمكن السوريون من تسوية مسائلهم بأنفسهم'.
وفي نيويورك بحث وزير الخارجية الفرنسي الجديد لوران فابيوس مع الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون 'الوضع البالغ الخطورة في سورية والعواقب المقلقة' بالنسبة للدول المجاورة.
ويشهد لبنان اشتباكات عنيفة تتجدد بتقطع على خلفية الاحداث السورية بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية المناهضة للنظام السوري وجبل محسن ذات الغالبية العلوية المؤيدة للنظام في مدينة طرابلس الشمالية، ما حمل دولة الامارات والبحرين وقطر على دعوة رعاياها الى 'عدم السفر' الى لبنان نظرا للتوتر الامني السائد في هذا البلد حاليا.
فيما كان لبنان الرسمي منهمكاً بمعالجة تداعيات دعوة كل من الامارات وقطر والبحرين رعاياها الى عدم التوجه الى لبنان والموجودين فيه الى المغادرة وذلك بعد 24 ساعة على رسالة المندوب السوري بشار الجعفري الى الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي تتحدث عن تهريب سلاح ومسلحين من لبنان الى سورية وعن وجود 50 ارهابياً في منطقة القلمون، خطفت الاضواء حادثة مقتل الشيخ السنّي احمد عبد الواحد من بلدة البيرة في عكار أثناء توجهه الى الاعتصام الذي كان مقرراً في حلبا حيث قتل على حاجز للجيش اللبناني مع الشيخ محمد حسين مرعب.
وقد اثار مقتله على يد عناصر الجيش ردود فعل عنيفة مستنكرة وشاجبة وصلت الى حد الدعوة الى تشكيل جيش لبنان حر بعد اتهام قيادة الجيش والامن العام بالانصياع لإرادة قوى 8 آذار، في وقت دعا مجلس المفتين الى اجتماع طارئ اليوم في دار الفتوى التي ألنت الحداد لمدة 3 ايام.
وكانت بلدة حلبا في عكار تحوّلت الى ما يشبه ثكنة عسكرية امس حيث نظّم كل من نائب المستقبل خالد الضاهر والحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالين مضادين الاول تحت عنوان 'استباحوا بيروت في 7 ايار نحن لن ننسى'، والثاني تحت عنوان 'إحياء الذكرى الرابعة لشهداء مجزرة حلبا'.
ولدى وصول موكب الشيخ عبد الواحد الى مفرق تل عباس الغربي حيث كان هناك حاجز للجيش اللبناني، وبعد ان امتنع الموكب عن التوقف على الحاجز، اطلقت النار عليه ما ادى الى وفاة الشيخ عبد الواحد اضافة الى مرافقه محمد حسين مرعب من بلدة البيرة.
وعلى الأثر فضّ اعتصام النائب الضاهر الذي حمّل المسؤولية للجيش والحكومة 'لانهم لا يقومون بدورهم بحماية لبنان بل يمارسون انتقائية ويعاملون اللبنانيين كأنهم مع فريق ضد فريق آخر'. وقال 'كنا نتوقع النار من الحزب القومي الذي يفاخر بأنه قتل الرئيس رياض الصلح والرئيس بشير الجميّل وليس من الجيش اللبناني، ونطالب بفتح تحقيق عاجل بالحادثة وانزال اشد العقوبات بالفاعلين'.
واضاف 'لم يطلقوا النار تحذيراً في الهواء او على الأرجل، بل جاء الرصاص في رقبة الشيخ احمد. لن نسمح باستهدافنا بهذا الشكل وكنا نتوقع ان يسهلوا وصول المعتصمين لا ان يعرقلوهم، لا ان يطلقوا النار عليهم، ويبدو انهم كانوا معبأين ضد جماعتنا وفريقنا، ومع الاسف كان هناك تسهيلات مع الفريق الاخر ولم يوقفوا سيارة لهم'.
وبعد انتشار النبأ، بدأ قطع الطرقات في عكار وصدرت دعوات من النائبين خالد الضاهر ومعين المرعبي لطرد الجيش اللبناني وايعاز المهام الامنية الى قوى الامن الداخلي، وسمعت اصوات اطلاق نار ورشاشات بين الحين والاخر في حلبا وساد جو من التوتر الشديد المنطقة.
وقام اهالي البداوي بقطع الطريق الدولية بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات احتجاجاً، كما قطع اهالي منطقة القبة في طرابلس الطرقات المؤدية الى الساحة في منطقتهم بالإطارات المشتعلة والعوائق الحديدية، كذلك فعل اهالي الضنية بقطع الطريق الرئيسية في بلدة كفرحبو. وهدّد مشايخ في عكار بأنه اذا استمر الوضع على حاله ولم يتم اتخاذ اجراءات صارمة فلن نستطيع ضبط الشارع اكثر، وسندعو الى تشكيل 'جيش لبنان الحر'، فيما دعت دائرة الاوقاف الاسلامية الى اضراب عام على كل الاراضي اللبنانية.
واصدر نواب عكار تعليقاً على حادثة مقتل الشيخ عبد الواحد بيانا اعتبروا فيه ان 'هذا التصرف الاجرامي لم نكن نتوقعه من عناصر الجيش الذي كنا نعتبره حامياً للوطن وهذه عملية اغتيال'.
واكدوا 'ان الامر متروك للرئيس الجمهورية وقائد الجيش، مهيبين قيادة الجيش تسليم الجناة للقضاء المختص لإجراء التحقيق اللازم معه'.
وطلبوا من اهالي عكار 'التحلي بالصبر وعدم الانجرار للفتنة المرسومة لنا'.
من جهته، أعلن المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري انه أجرى اتصالاً هاتفياً بعائلة الشيخ محمد حسين المرعب الذي قضى نحبه قتلاً مع الشيخ محمد عبد الواحد، على حاجز للجيش اللبناني معزياً. كما تلقى الرئيس الحريري اتصالاً هاتفياً من النائب وليد جنبلاط جرى خلاله البحث في ملابسات ما شهدته عكار والجهود الرامية لمنع سقوط الشمال ولبنان في فخ الاستفزازات والفتنة. وقال الرئيس الحريري 'إن تيار المستقبل وكتلة المستقبل النيابية لن يتوقفا عن المطالبة بمحاسبة العناصر التي أطلقت النار على الشيخين الشهيدين ومن أمر بإطلاق النار عليهما'.
وأضاف: 'لقد كان الشيخ أحمد معروفاً بوطنيته ووقوفه الدائم إلى جانب الحق، وقد تجلى ذلك في وقوفه إلى جانب قضية العدالة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما إلى جانب الشعب السوري في نضاله ضد نظام البطش والتسلط الأسدي. إلا أننا ننبه أهلنا في عكار من الانجرار إلى أي ردود فعل تستهدف نقل الفوضى إلى منطقتهم، فمن الواضح أن هناك مخططاً للنيل من مناطق لبنانية بعينها واستجرار الأحداث والمشاكل إليها خدمة للنظام السوري وأدواته.
إننا لا نضع عملية القتل في خانة الجيش اللبناني بالجملة، وهو المؤسسة الوطنية العسكرية التي لطالما وقف أهل عكار إلى جانبها وكانوا خزانا لها ومن الذين بنوها وعملوا في سبيل أن تكون في خدمة كل لبنان. ولكن من الواضح أن هناك مندسين ومتورطين في هذه العملية يريدون تسخير المؤسسة ورمزيتها لاستيراد أزمة النظام السوري مع شعبه والعالم العربي والعالم إلى لبنان، في محاولة يائسة لإنقاذه من نهايته المحتمة'.
كذلك، شدد بيان لمفتي ومشايخ عكار 'على عدم السماح لاي جهة كانت ان توقع بالفتنة بين المواطنين والجيش'، مديناً 'عملية اغتيال الشيخ عبد الواحد على يد من يفترض بهم حماية حياة الناس'.
في غضون ذلك، صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه البيان الآتي ' قبل ظهر اليوم (امس) أدى حادث مؤسف بالقرب من حاجز تابع للجيش في بلدة الكويخات - عكار، الى إصابة كل من الشيخ احمد عبد الواحد ومرافقه بطلقات نارية، ثم ما لبثا ان فارقا الحياة متأثرين بجروحهما. ان قيادة الجيش، اذ تعبّر عن أسفها الشديد لسقوط الضحيتين، وتتوجه بأحر مشاعر التضامن والتعازي الى ذويهما، تشير الى انها بادرت على الفور الى تشكيل لجنة تحقيق من كبار ضباط الشرطة العسكرية، وبإشراف القضاء المختص'.
1- الحرب الطائفية تصل الى لبنان
يعيش لبنان هذه الايام حالة من الغليان الطائفي غير مسبوقة منذ توقيع اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية اللبنانية بعد 16 عاما من القتال الدموي.
بعد الاشتباكات الدموية التي اجتاحت مدينة طرابلس بين جماعات متشددة من طائفتي السنة والعلويين قتل خلالها ما يقرب من ثمانية اشخاص علاوة على عشرات الجرحى، ها هو البلد المضطرب يصحو على نبأ مقتل الشيخ احمد عبد الواحد ومرافقه، وهو من قيادات الطائفة السنية الدينية، امام حاجز امني للجيش اللبناني وهو في طريقه الى عكار للمشاركة في اعتصام نظمه النائب خالد الضاهر في مواجهة لاعتصام مضاد نظمه الحزب القومي السوري الداعم للنظام في دمشق.
من الطبيعي ان ينعكس التوتر المتفاقم حاليا في سورية على الجار اللبناني بصورة او اخرى في ظل حالة الاستقطاب الطائفي، لكن ان تصل الامور الى درجة الصدامات الدموية فان هذا يعني ان البلد مقدم على حرب اهلية جديدة قد تمتد لسنوات، وربما تكون اكثر دموية من سابقتها.
لبنان اصبح ممرا لأسلحة ومجاهدين تمولهم دول عربية خليجية، على رأسها المملكة العربية السعودية التي لم تتورع مطلقا عن دعوتها علنا لتسليح المعارضة السورية بوجه النظام السوري، وجرى ضبط سفينة محملة بالأسلحة قادمة من ليبيا، كما اعترف وزير الداخلية التونسي بان مقاتلين تونسيين يحاربون الى جانب جماعات اسلامية متشددة تريد اسقاط النظام السوري.
فاذا كان ابناء الطائفة الشيعية في لبنان وقوى الثامن من آذار التي تضم حزب الله الى جانب التيار الوطني الحرب بقيادة العماد ميشال عون وتيار المردة بقيادة سليمان فرنجية والحزب القومي السوري يتعاطفون مع النظام السوري ويقدمون له الدعم. فلا غرابة اذا ما وقف تكتل الرابع عشر من آذار بزعامة سعد الحريري في الخندق المقابل، اي خندق المعارضة السورية المدعومة من المملكة العربية السعودية وقطر والامارات الى جانب الولايات المتحدة وتركيا واوروبا.
الاحتقان في لبنان وصل الى درجة الانفجار، وهو الآن في انتظار عود الثقاب، ولا نستبعد ان تكون حادثة اغتيال الشيخ عبد الواحد امام حاجز الجيش اللبناني هي المفجر، خاصة في ظل الدعوات التي تطالب بتأسيس جيش لبناني حر لحماية الطائفة السنية في لبنان على غرار نظيره الجيش السوري الحر.
وعندما تدعو ثلاث دول خليجية هي المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الامارات رعاياها الى عدم زيارة لبنان وتطالب من يتواجد منهم هناك بالمغادرة فورا فهذا يعني ان هناك انفجارا كبيرا ودمويا سيحدث في هذا البلد في الايام القليلة القادمة.
فالدول الثلاث تعتبر العمود الفقري لتجمع اصدقاء سورية، وتخوض حربا سياسية واعلامية شرسة ضد النظام السوري، وتتبنى المعارضة السورية سياسيا وعسكريا، ولا بد ان لديها معلومات مؤكدة حول السيناريوهات التي تعد في الخفاء للبنان، وسورية بطبيعة الحال.
الخناق يضيق على النظام السوري وحلفائه في لبنان، وحرب الاستنزاف التي تهدف الى اسقاطه بدأت تدخل طورا جديدا قد يكون تفجير لبنان احد سيناريوهاته. ايام لبنان القادمة صعبة، وموسمه السياحي انتهى مبكرا او هكذا نعتقد.
القدس العربي، 21/5/2012
2- سوريا: «استدراج عروض» في الساعات الأخيرة
رسالة بشار الجعفري إلى الأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي لا يجوز أن تُقرأ خارج سياق ابتزازي معين.
فقبلها قال رفعت علي عيد، المسؤول السياسي في الحزب العربي الديمقراطي، وهو الميليشيا الطائفية التي تسيطر على منطقة بعل محسن في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، إن الوضع في طرابلس ينزلق نحو «المجهول». وبناء عليه طالب بتدخل عسكري سوري للإمساك بالمدينة. وكان الشيء الوحيد المغلوط في كلام عيد هو كلمة «المجهول». فعيد، الذي كان يتكلم ضد «طائفية» خصومه وخلفه صورة سيف الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وقد كتب عليها «لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار»، بجانب صور السيد حسن نصر الله وأركان العائلة الحاكمة في سوريا التي سُمي هو شخصيا تيمنا بأحد أفرادها، يعرف تماما «المجهول»، ويقدر أن حتى خصومه يعرفونه.. ألا وهو «الفتنة» التي يسعى، بناء لأوامر صادرة إليه، لتحريكها.
وهنا يتقاطع كلام السيد عيد مع رسالة «رفيقه» السفير الجعفري، التي تبرر مسبقا عملية «تصدير» للفتنة إلى لبنان، عبر سوقها ادعاءات تستند أصلا إلى «تقارير» كانت أجهزة الاستخبارات السورية، ذاتها، قد عممتها على «أدواتها» في لبنان – وبعضها يتبوأ مناصب حكومية وأمنية اسمية، لكنها في واقع الحال مجرد «أدوات» - وذلك لكي تستشهد بها لاحقا. وفي هذا الإطار، من المفيد أن نتذكر أن وزيرين اثنين على الأقل في الحكومة اللبنانية الحالية قدّما حتى الآن «شهادات» مطلوبة جعفريا عن وجود عناصر من «القاعدة» في لبنان، وهذا على الرغم من نفي أعلى مسؤولي الدولة.. بمن فيهم وزير الداخلية اللبناني، المفترض أنه المطلع مباشرة على الملف الأمني في البلاد.
أكثر من هذا، رسالة الجعفري لا تنفصل عن استراتيجية الهروب إلى الأمام وابتزاز المجتمع الدولي و«استدراج العروض» و«الوكالات» التي طالما أتقنها النظام السوري، لكنه الآن يمارسها دفاعا عن وجوده لأول مرة منذ نحو 43 سنة. والغاية واضحة وضوح الشمس، وهي تذكرنا - إن تنفع الذكرى - بإثارة معمر القذافي في أيامه الأخيرة موضوع خطر «القاعدة» على إسرائيل إن هو سقط.
والواقع أنه من حق النظام الذي ينطق باسمه السفير الجعفري في المحافل الدولية أن يتوقع من الجهات التي يوجِّه إليها رسائله... الكثير والكثير. فهذا النظام وقف منذ خريف 1973 «حارسا أمينا» على السياج الحدودي للجولان المحتل. وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي صفّى المقاومة الفلسطينية في لبنان وشردها بين تونس وبلاد الله الواسعة، بعدما كان قد مهد الطريق لبلوغه السلطة في دمشق بتواطئه عليها في معارك سبتمبر (أيلول) 1970 في الأردن.
ثم إنه نجح داخل سوريا، حيث يوجد أحد أرقى المجتمعات العربية، في بذر بذور الانقسام الطائفي والمحسوبية والفساد وتراجع مستوى التعليم والثقافة، وحوّل الجيش المفترض به أن يقاتل دفاعا عن شعبه ضد العدو الخارجي... إلى ميليشيا فئوية - مصلحية تقمع الشعب بناء على أوامر القوى الخارجية. وفي الشق الطائفي، بالذات، لم يفعل النظام، الذي يحاضر «إعلامه» عن العلمانية والترفع... صباح مساء، غير زرع آفة الطائفية والعنف الطائفي المجنون حيثما امتدت أصابعه وقضت مصالحه ومصالح مَن يأتمر بأوامرهم، وها هما العراق ولبنان، «الطائفيان» بامتياز، خير شاهدين على مشاعر الأخوة الفياضة.
في المقابل، لا بد من الإقرار بأن إسرائيل أولا، والقوى الداعمة لها ثانيا، لم تخيّبا ظن الرئيس بشار الأسد ولا سفيره وسميه الجعفري. فبالكاد سمعنا، وفقط البارحة، نبرة عتب حقيقي على ما يُرتكب من مجازر على امتداد الأراضي السورية منذ نحو 14 شهرا.
لا إسرائيل ولا واشنطن - على الرغم من كامب ديفيد - استطاعتا الصبر على حسني مبارك 14 يوما، لكنهما صبرتا لأكثر من 14 شهرا على النظام الذي تعتبرانه «معاديا» «ومارقا»، والذي ارتكب بحضور المراقبين الدوليين - مثل غيابهم - «موقعة جمل» كل يوم في كل جزء من سوريا تقريبا.
هل هناك تواطؤ؟ هل هناك ضوء أخضر؟ ربما، فالنظام الذي يجيد تلفيق أي شيء، بما فيها الأشرطة التلفزيونية، يشعر أنه ما زال قادرا على ترويج «بضاعة» ضرب الإرهاب الأصولي وتقديم الخدمات للجهات التي يصفها بـ«الإمبريالية»، ويتوقع من إسرائيل والغرب تصديقه.
هذا جانب من المسألة، أما الجانب الآخر فأكثر خطورة...
فالمرجح أن راصدي الوضع السوري في العواصم الغربية، وتل أبيب منها طبعا، يعرفون جيدا أين أصبح مصدر القرار الذي يحكم السياسة السورية منذ نهاية عهد حافظ الأسد. وهم استوعبوا تماما أن قرار سحب الجيش السوري من لبنان بعد جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه يوم 14 فبراير (شباط) 2005 لم يغير شيئا على الأرض لأن «البديل» كان جاهزا.
«البديل» هو «حزب الله»، الذي اضطر للكشف عن هويته الحقيقية بعد الانسحاب السوري العسكري. ومن ثَم اضطر للانتقال من حالة «المقاومة» حيث لا مبرر لوجود أعداء محليين - وبالتالي، لا غرامة سياسية مُكلِفة - إلى حالة «الهيمنة» المكشوفة التي ما عاد بمقدور غير «الأدوات» والعملاء الصغار من خارج صفوف «الحزب» التعايش معها وتبريرها...
واليوم ما يحدث في سوريا ولبنان متصل مباشرة بمشروع إقليمي أشمل، له ملامحه في البحرين واليمن، وطبعا في العراق. وركض القيادة الإيرانية حاملة مشعلي «تحرير فلسطين» و«وحدة المسلمين» ها هو يتعثر عند أول حاجز؛ إذ كان موقف طهران لافتا إزاء مسعى التكامل الخليجي انطلاقا من المملكة العربية السعودية والبحرين، ومن رسالة الاحتجاج والتهديد لشركة «غوغل» حول تسمية الخليج «الفارسي».
نحن هنا أمام معضلة إزاء فهم أين يبدأ «إسلام» طهران وأين تنتهي «فارسيتها»، فالإسلام نهى أول ما نهى عن العصبية القبلية، وأعلنها مدوية أن «لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى»، واعتبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سلمان الفارسي (رضي الله عنه) من «أهل البيت». وهذه «الإشكالية» مطروحة الآن، أكثر من أي وقت مضى، أمام «لبنانية» السيد حسن نصر الله... الذي أعلن قبل فترة غير بعيدة اعتزازه بكونه جنديا في «جيش الولي الفقيه»، و«عروبة» النظام السوري القائم على شرعية «أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة»!
لقد جعل نظام دمشق، في جيلي الأسدين الأب والابن، سوريا «نفق» تواصل وصندوق بريد مموها بين طهران وتل أبيب. والسؤال الآن، بعدما تجاوز النظام نقطة اللاعودة في «خياره الشمشوني»... وبعدما غدت متعذرة إعادة المارد الشعبي إلى القمقم، هل اقتنع المجتمع الدولي جديا بأن التغيير سيكون المخرج الأمثل - والأقل تكلفة - للمنطقة.. بل الأمثل والأقل تكلفة حتى لإسرائيل على الرغم من رهانها الدائم على تعميم خيار «الحرب الأهلية» إقليميا؟
إن تفجيرات سوريا، وما تخطط له أجهزتها الأمنية في لبنان، رسائل ابتزاز إلى المجتمع الدولي... فهل تنطلي الكذبة مجددا على عواصم العالم الكبرى كما انطلت لبضع ساعات على بان كي مون؟
إياد أبو شقرا، 21/5/2012
3- بين المطالب السوريّة و«الضغوط الخليجيّة»... لبنان نحو الفوضى: أطراف النزاع في سباق مع الزمن لتعزيز أوراق القوّة
انزلاق طرابلس في اتون العنف الدموي المرتبط عضويا بتطورات الازمة السورية، ورسالة دمشق «القاسية» الى الامم المتحدة تجاه تورط بعض اللبنانيين في الاحداث السورية، والاعلان المفاجئ غير المبرر والمبالغ فيه من قبل البحرين والامارات وقطر، عن قرار منع رعاياهم من التوجه الى لبنان ودعوة الموجودين الى المغادرة، احداث متزامنة لم تجمعها الصدفة، فهذه التطورات المتسارعة في الايام والاسابيع والساعات القليلة الماضية تشير بشكل واضح الى دخول لبنان مرحلة اختبار جدية من كافة اطراف النزاع الدائر في سوريا على خلفية استنفاد كافة اوراق الضغط المتبادلة للتأثير في مجريات الازمة، وفي ظل محاولات حثيثة من تلك الاطراف لخلق وقائع جديدة قادرة على استخدامها كأوراق قوة اضافية في النزاع .
وبحسب اوساط سياسية مطلعة فان الازمات الامنية والسياسية التي انفجرت فجأة في وجه الحكومة تأتي في اطار التحضير الجاري على قدم وساق من تلك الاطراف لمرحلة صعبة ودامية ستلي الاعلان عن فشل خطة كوفي انان، حين تنتهي «لعبة» تقطيع الوقت المناطة بها، وهذا ما يفسر الرسائل الامنية والديبلوماسية الحادة التي تعرضت لها الحكومة اللبنانية من الجانب السوري ومن الدول الخليجية، ويبدو ان الطرفين قد ضاقوا ذرعا من السياسة «المائعة» للسلطات السياسية اللبنانية التي تقول شيء بينما الامور على الارض تسير بشكل متناقض تماما لما هو معلن.
فالموقف السوري الاخير واضح لجهة وجود رغبة في دمشق لتطوير التعاون مع الاجهزة الامنية اللبنانية للقيام بأكثر مما هو قائم راهنا بين الطرفين، وعلى الرغم من وجود قناعة سورية بوجود تحركات فاعلة من قبل غالبية هذه الاجهزة وخصوصا الجيش لمنع تهريب الاسلحة والمقاتلين الى الداخل السوري، الا ان توقيت الرسالة الى الامم المتحدة يشير بوضوح الى رغبة سورية في تفعيل هذا التعاون اكثر من خلال دفع الحكومة اللبنانية الى اتخاذ اجراءات اكثر حزما تمنع استخدام الاراضي اللبنانية في التحضير لجولة قادمة من العنف يجري العمل عليها من قبل عدة اطراف عربية وغربية تحاول تعزيز وضعية المجموعات المقاتلة من خلال توفير التدريب والدعم اللوجستي مستغلة فترة الهدوء النسبي القائمة اليوم بسبب غياب العمليات العسكرية الكبرى في ظل وجود المراقبين الدوليين .
وبما ان الحديث مع الحكومة التركية غير مجد، في ظل تبني انقرة الكامل للمعارضة السورية تدريبا وتسليحا، وفي ظل وجود تفاهم ضمني مع الاردن على تحييد الحدود المشتركة، ومع ارتفاع سقف التعاون الامني مع الحكومة العراقية، تحاول القيادة السورية ممارسة الضغط على الحكومة اللبنانية لدفعها نحو اجراءات اكثر حزما تجاه المتورطين في ضرب الاستقرار السوري، والرسالة واضحة ولا تحمل اي تأويل، وهي تعبر عن مرحلة جديدة لم تعد الاجراءات المتخذة في لبنان مقبولة سوريا خصوصا مع تواتر الانباء عن ازدياد عمليات تهريب السلاح النوعي والهجرة الجماعية لأفراد القاعدة من الاراضي اللبنانية الى سوريا، وهذا ما رأت فيه دمشق تواطؤا من البعض لتنظيف الساحة اللبنانية على حساب الاستقرار السوري، من خلال تسهيل عمليات فرار تلك المجموعات بدل العمل على ملاحقتها في لبنان.
وفي مقابل الضغوط السورية، دخل الطرف الاخر على الخط لممارسة ضغوط متوازية لمنع السلطات اللبنانية من الذهاب بعيدا في الاستجابة للمطالب السورية التي خرجت الى العلن على شكل اتهامات بعد اسابيع من التلميحات والرسائل التي ارسلت عبر اكثر من طرف، ويأتي في هذا السياق الافتعال المقصود لأحداث طرابلس ردا على قيام السلطات الامنية بخطوات اعتبرها «خصوم» دمشق مقدمة لتغيير نوعي في سياسة الحكومة اللبنانية تجاه الاطراف الداعمة «للثورة» السورية، وكان اعتقال شادي المولوي القشة التي قصمت «ظهر البعير»، بعد سلسلة من الاجراءات التي بدأت قبل مدة وتوجت بتوقيف باخرة الاسلحة «لطف الله 2»، فكانت الرسالة القادمة من الشمال واضحة، «لا تندفعوا كثيرا وتنساقوا وراء الضغوط السورية لان اي محاولة جدية للقضاء على هذا الخزان الفاعل في دعم المسلحين السوريين، سينقل الازمة الى الاراضي اللبنانية، وعندها على السلطة السياسية وخصوصا رئيس الحكومة تحمل عبء دخول مدينته في الفوضى».
وبراي تلك الاوساط فان هذه الرسالة الامنية استكملت بالخطوة الديبلوماسية الخليجية التي لا يمكن فهمها ابدا في اطارها الموضوعي الذي تحدث عنه وزير الداخلية مروان شربل، فالرسالة السياسية واضحة وهي تحمل في طياتها ضغوطاً اقتصادية مباشرة على لبنان من خلال تهديد موسمه السياحي، والخطوة الخليجية واضحة وهي تأتي في سياق سياسة «الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع» التي تنتهجها اليوم دول الخليج لمواجهة ما تعتبره المد الايراني في المنطقة، فهذه الخطوة تشبه في دلالاتها التوجه السعودي لقيام اتحاد مع البحرين، وتشبه ايضا عملية الطرد المستمرة للبنانيين من مذهب معين من الامارات، وتهديد قطر بطرد اللبنانيين اثر توقيف عبدالعزيز العطية، ولذلك ما ارادت دول الخليج قوله واضح ولا يقبل اي تأويل، «اذا اردتم كحكومة لبنانية ان توسعوا تعاونكم مع النظام السوري لضرب المعارضة فهذا الامر لن يمر دون دفع اثمان باهظة».
وامام هذه التطورات يبدو لبنان امام خيارات هي الاصعب منذ اندلاع الازمة في سوريا، فالحريق بات داخل المنزل، والحكومة اصبحت بين السندان السوري الذي يطالب بالمزيد من الاجراءات، ومطرقة المطالب الخليجية والغربية بعدم خنق «الثورة السورية»، سياسة «النأي» لم تعد صالحة لمواكبة المرحلة المقبلة، الاجهزة الامنية اللبنانية ومن خلفها القيادات السياسية باتت امام حسابات شديدة التعقيد، فاعتقال اي مشبوه لبناني يعني ان الامن الداخلي سيهتز، واعتقال اي مشبوه عربي سيؤدي الى ازمة سياسية واقتصادية مع دول الخليج ، وترك الامور على ما هي عليه ستؤدي حكما الى الفوضى، وعدم الاستجابة الى الرغبات السورية تحمل في طياتها الكثير من المخاطر، وهذا يؤدي الى نتيجة واحدة خلاصتها ان لبنان بدأ مرحلة تسديد الفواتير القديمة، وهو سيدفع ثمن سياسة «مائعة» لم تنجح في تحييده عن صراع يعاد من خلاله رسم معالم المنطقة، واذا لم تحسم القيادات السياسية امرها باتجاه بلورة سياسة جديدة تجاري المرحلة المقبلة وتواكبها، فان الامور ستخرج عن السيطرة وستصبح الفوضى حتمية، وعندها قد يكون الابتهال الى الله مفيدا ليس لرد القضاء بل كي يلطف به.
ابراهيم ناصرالدين، الديار اللبنانية، 21/5/2012.