السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
التقرير الإعلامي السابع و التسعون 18-19 ايار/مايو 2012
السبت 28 جمادى الآخر 1433 هـ الموافق 19 مايو 2012 م
عدد الزيارات : 3225
التقرير الإعلامي السابع و التسعون 18-19 ايار/مايو 2012
أولاً: كاميرون يبلغ قادة الدول الثماني الكبرى عزمه إرسال عسكريين إلى سوريا:
ثانياً:تحذيرات من حرب طائفية طويلة ودموية في سوريا:
ثالثاً:إيران تساعد سوريا على تحدي حظر النفط:
رابعاً:بدء مناورات "الأسد المتأهب" في الأردن:
خامساً:التوتر الإيراني ـ الخليجي جزء من الصراع الإقليمي في سوريا:
سادساً:التدخل الإيراني في البحرين وسوريا والعراق.. الاستراتيجية المتبعة والسلبيات المزدوجة:
سابعاً: دلائل ضعف تصريحات وخطابات "حسن نصرالله":
ثامناً: كاتب عربي يطالب بعقد اجتماع طارئ من المفكرين العرب لحل الأزمة السورية بعيدًا عن السياسيين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث

 

 

قضايا إستراتيجية: تطورات الأوضاع في سوريا وانعكاساتها الإقليمية والدولية

تبذل القوى الإقليمية والدولية جهوداً حثيثة لمنع امتداد الأزمة السورية عبر الحدود إلى الدول المجاورة، لكن التهديدات التي أطلقها أسد عبر الإعلام الروسي بامتداد الفوضى إلى دول مجاورة، وما أعقب ذلك من توتر في لبنان، قد أثار الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، ودفعهم إلى التحرك لدعم المعارضة بهدف المحافظة على التوازنات، واحتواء الأزمة ومنع امتدادها بطريقة يصعب السيطرة عليها فيما بعد.
ويركز تقرير اليوم على أهم التطورات الإقليمية المتعلقة بالمحور الإيراني-السوري، وامتداد تأثيره على الصعيد الإقليمي

أولاً: كاميرون يبلغ قادة الدول الثماني الكبرى عزمه إرسال عسكريين إلى سوريا:

الشأن السوري وتطورات الأحداث الميدانية التي تشهدها عدة مناطق سورية على وقع الثورة على نظام الرئيس بشار الأسد شكّلت موضوعاً رئيسياً في صحيفة الديلي تليجراف (19/5/2012) التي أبرزت أيضاً تصريحات لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
الصحيفة أشارت إلى اقتراح كاميرون على زعماء مجموعة الدول الثماني الكبرى في العالم إرسال عسكريين بريطانيين للمساهمة في جهود مهمة المراقبة الدولية.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الوزراء البريطاني يريد وجوداً بريطانياً ضمن فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة من أجل "منع قوات الرئيس السوري بشار الأسد من ارتكاب انتهاكات بحقوق الشعب السوري"، على حد قول كاميرون.
ونوهت صحيفة ديلي تليغراف إلى أن كاميرون يريد توسيع مهمة وعدد المراقبين الدوليين في سوريا، رغم وجود أكثر من 200 مراقب دولي داخل سوريا حالياً.
ويترأس بعثة المراقبين الميجور جنرال روبرت مود النرويجي، ويريد رئيس وزراء بريطانيا دعم عمل المراقبين الدوليين ومهمة مود بقائد عسكري بريطاني.
وذكرت الصحيفة أن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني تأتي في الوقت الذي تحقق فيه الأمم المتحدة في تقارير تتحدث عن وجود "تبادل عسكري تكنولوجي بين الجيش السوري ودولة كوريا الشمالية".

ثانياً:تحذيرات من حرب طائفية طويلة ودموية في سوريا:

تناولت صحيفة واشنطن بوست (19/5/2012) تحذير جوزيف ليبرمان وهو عضو مستقل في مجلس الشيوخ الأمريكي، من حرب طائفية طويلة ودموية في سوريا تهدد مصالح الأمن القومي الأمريكي وتتعلق حتى بالقيم الأخلاقية الأمريكية. داعيا إلى تزويد المعارضة السورية بإمكانيات الدفاع، فما يجري في سوريا كارثة إنسانية. يقول ليبرمان الذي يرى أن سقوط الأسد سيعتبر النكسة الإيرانية الأكبر منذ ربع قرن.

ثالثاً:إيران تساعد سوريا على تحدي حظر النفط:

ركزت صحيفة فاينانشال تايمز (19/5/2012) في تغطيتها لأخبار الشرق الأوسط على الشأن السوري. وقالت في تقرير لها إنها اطلّعت على وثائق تثبت مساعدة إيران لسوريا على تحدي حظر استيراد النفط السوري.
الصحيفة قالت إن ناقلة نفط مملوكة للحكومة الإيرانية تستخدم أعلاماً مختلفة وأسماء شركات متعددة لنقل النفط السوري الخام من سوريا إلى إيران "في إشارة على كيفية دعم الحكومة الإيرانية لحليفتها سوريا".
وأضافت الصحيفة إن الوثائق التي حصلت عليها تشير إلى أن الناقلة الإيرانية تحصل على النفط السوري ثم تبحر إلى خليج عمان ثم تستخدم إيران أسماء شركات دولية لتفادي العقوبات الغربية على الحكومة السورية.
ونوهّت الصحيفة إلى أن الاتحاد الأوروبي الذي يشتري نحو 95% من النفط السوري كان قد فرض عقوبات على حكومة دمشق بسبب "قمعها للتظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد".
وأضافت الصحيفة أن إيران نفسها تواجه عقوبات مشددة بسبب برنامجها النووي الذي تقول إنه لأغراض سلمية بينما يقول الغرب إنه يهدف لإنتاج قنبلة نووية.
وقالت الفاينانشال تايمز إن سفينة إيرانية أكملت عملية تبادل للمنتجات البترولية منذ نحو أسبوعين حيث سلمت نحو 32 ألف طن من الغاز إلى سوريا وعادت إلى إيران وعلى متنها نحو 33 ألف طن من البنزين.

رابعاً:بدء مناورات "الأسد المتأهب" في الأردن:

* بدأ جيشا الأردن والولايات المتحدة يوم 15/5، عن انطلاق تدريبات "الأسد المتأهب" بالأردن بمشاركة 19 دولة، من بينها السعودية وقطر والبحرين، الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات حول نوعية هذه المناورات والسيناريوهات المتوقعة التي تتدرب عليها، وتوقيتها الزمني، وموقعها الجغرافي قرب الحدود السورية مع الأردن.
المناورات.. الدول المشاركة والأهداف:
1ـ الدول المشاركة:
ـ قوات برية وجوية وبحرية من السعودية والكويت والبحرين وقطر وأستراليا وبروناي ومصر وفرنسا وإيطاليا والعراق والأردن ولبنان وباكستان وإسبانيا ورومانيا وأوكرانيا وبريطانيا والإمارات والولايات المتحدة.
ـ يصل فيها عدد القوات الأمريكية إلى 6500 عسكري، يليها الأردن 3 آلاف عسكري، ثم السعودية 550 عسكريًا.
2ـ الدوافع والأهداف:
ـ أكد "كريس بيرين" المسؤول الإعلامي بوزارة الدفاع الأمريكية، أن:

  •   "تدريبات الأسد المتأهب تركز على الاستجابة لأي تحديات أمنية في العصر الحديث، وتضع تصورات واقعية لهذه التهديدات وكيفية الاستجابة لها".
  •   "التخطيط لإجراء هذه التدريبات بدأ منذ ثلاث سنوات في محادثات جرت مع الدول المشاركة".

ـ أشار مسؤول عسكري بالبنتاجون ـ رفض نشر اسمه ـ إلى أن التدريبات:

  •   "جزء من استراتيجية الولايات المتحدة العسكرية لمساعدة الأردن خاصة مع القلق المتزايد من الوضع في سوريا واحتمال فرار عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى الأردن.
  •   "تركز على كيفية التعامل مع تدفق اللاجئين وإدارة أزمة مواجهة هجمات بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وتعلم تكتيكات وتقنيات وإجراءات جديدة، لكن لا علاقة للتمرين بما يجري في سوريا".

ـ أكد اللواء "عوني العدوان"، رئيس لجنة العمليات والتدريب المشترك ومدير تمرين "الأسد المتأهب"، علي أن :

  •   "لا علاقة لهذا التمرين بما يجري في سوريا حاليًا، فسوريا دولة مجاورة نحترم سيادتها ولا يوجد أي نشاط في هذا التمرين يتعلق بالأحداث هناك، كما أنه لا يوجد أي علاقة لهذا التمرين بما يحدث في دول الإقليم أو في أي دولة في العالم".

حقائق مناورات " الأسد المتأهب" في الأردن و هدفها الخفي.. رؤية تقييمية(2):
* ثمة حقائق كثيرة حول المناورات التي بدأت في الصحراء الأردنية يوم (15/5) باسم مناورة "الأسد المتأهب" التي تشارك فيها قوات يزيد تعدادها عن 11 ألف جندي تمثل 19 دولة عربية وأجنبية، وتعتبر الأكبر من نوعها منذ عشر سنوات على الأقل، منها:
ـ أن نوعية هذه المناورات والسيناريوهات المتوقعة التي تتدرب عليها، وتوقيتها الزمني، وموقعها الجغرافي قرب الحدود السورية مع الأردن، يشكك في أن يكون استعداد لتدخل عسكري ضد سوريا وإيران، أو الاثنتين معًا، تمامًا مثلما حدث في العراق وأفغانستان وأخيرًا ليبيا، رغم تأكيدات اللواء "كين توفو"، قائد القوات الخاصة في الجيش الأمريكي، علي أن هذه المناورات هي عبارة عن تدريب شامل تشارك فيه آلاف المعدات العسكرية، حول سيناريوهات حروب غير تقليدية، بيولوجية وكيماوية، ومواقع إرهابية، وكيفية التعامل مع المدنيين واللاجئين، واعتراض السفن والضربات الجوية وغيرها.
ـ من الطبيعي أن ينفي اللواء الركن "عوني العدوان"، رئيس هيئة العمليات والتدريب في القوات المسلحة الأردنية، أن تكون هذه المناورات تحمل أي رسالة تحذيرية إلى سوريا أو أي دولة أخرى، ولكنه ـ أي اللواء "العدوان" ـ لم يوضح لماذا أقيمت هذه المناورات قرب الحدود السورية الجنوبية، وليس بالقرب من الحدود الأردنية الفلسطينية، أو الحدود الأردنية ـ السعودية مثلاً؟
ـ إذن هذه المناورات هدفها التدخل العسكري في سوريا، ولكن التساؤل الذي يثار الآن هل هذا التدخل في صالح سوريا، للإجابة عن مثل هذا التساؤل ينبغي توضيح المدرستين المنتشرتين لتغيير الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة العربية، وهما:

  •   الأولي: مدرسة أمريكية غربية تجسدت في العراق وأفغانستان وليبيا، وربما قريبًا في سوريا. هذه المدرسة الأمريكية استخدمت الأساطيل وقاذفات "بي 52"، وطائرات بدون طيار وآلاف الدبابات والآلاف من المرتزقة والطابور الخامس لتغيير الأنظمة، فماذا جاءت النتيجة؟ مقتل مليون إنسان في العراق، وأكثر من ستين ألفًا في أفغانستان، ونصف هذا الرقم في ليبيا، وجرى استبدال ديكتاتور بآخر طائفي في العراق، ودولة فاشلة بدولة مستقرة في أفغانستان، وفوضى كاملة في ليبيا، وما زالت الديمقراطية والحكم الرشيد من الأشياء الغائبة كليا في قاموس هذه الدول ونخبها الحاكمة. إذن التدخل العسكري الأجنبي استبدل الفوضى والبعثرة بالديكتاتورية، علاوة على تفتيت الدولة القطرية جغرافيًا وديموغرافيًا، وبذر بذور الحروب الأهلية.
  •   الثانية: المدرسة العربية التي رأينا ثمارها في تونس ومصر واليمن. فالثورات العربية السلمية مثل تلك التي رأيناها في تونس ومصر، أدت إلى ديمقراطية وبرلمانات ورئاسة منتخبة ودون إراقة دماء، برغم وجود بعض الصعوبات والأخطاء، ولكنها تظل ثانوية.

ـ يجب التأكيد على أن مطالب الشعب السوري من أجل التغيير مشروعة وعادلة، ويجب أن تتحقق دون أي نقصان، ولكن من في الوقت نفسه يمكن أن نطرح سؤالاً على القوى التي تخطط للتدخل عما إذا كانت تملك بدائل جاهزة تبرر سقوط عشرات وربما مئات الآلاف من القتلى في المرحلة اللاحقة؟
ـ ختامًا، فان الأنظمة الديكتاتورية القمعية التي حكمت المنطقة طوال العقود الماضية بالحديد والنار، ونهبت ثرواتها، وأغرقتها في التخلف، وحولتها إلى مزرعة خاصة لأبناء طوائفها أو المقربين منها، يجب أن تتغير فعلاً، بغض النظر عمن سيأتي بعدها، ولكن هذا التغيير يجب أن يكون من قبل الشعب، وبعيدًا عن التدخلات العسكرية الخارجية، وبطرق سلمية، ولنا في الشعوب المصرية والتونسية واليمنية قدوة حسنة.
(1) إيلاف، الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الفرنسية، 16/5/2012.
(2) عبد الباري عطوان، القدس العربي، 17/5/2012.

خامساً:التوتر الإيراني ـ الخليجي جزء من الصراع الإقليمي في سوريا:

ـ بلغ التوتر بين ضفتي الخليج أوجه في هذه الأيام. وتعتبر هذه الحروب الكلامية بين السعودية والبحرين من جهة، وإيران من جهة ثانية، جزءًا من الصراع الإقليمي، ليس فقط في البحرين، وإنما أساسًا في سوريا. وكان الفتيل الذي أشعل الحرب الكلامية هو إعلان مشروع الاتحاد.
ـ التصريحات الإيرانية المقصودة هنا تلك التي وصلت إلى حد التهديد بضم البحرين، وهو ما عبرت عنه صحيفة "كيهان" المحافظة، التي تتحدث باسم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، عندما قالت إن "الجمهورية الإسلامية، الضامنة لسلامة الأراضي الإيرانية ووحدتها، لها الحق في العمل على استعادة إقليم فصل عن الأمة الإسلامية". وادعت أن "أبناء البحرين يعدون أنفسهم إيرانيين، وتفيد تقارير بأنهم يرغبون في العودة إلى إيران"، هذا وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. يُضاف إليه تصريح رئيس البرلمان الإيراني "علي لاريجاني" الذي قال: "إذا كان من المفترض أن تتحد البحرين مع دولة أخرى، يجب أن تكون هذه الدولة إيران لا السعودية".
وفي موازاة هذا الكلام، حرض مجلس تنسيق الدعاية الإسلامية في إيران الشعب البحريني على التظاهر للاحتجاج على المخطط الأمريكي لضم البحرين إلى السعودية.
ـ المواقف الإيرانية استدعت ردودًا سعودية وخليجية وبحرينية تباعًا، حيث قال وزير الخارجية السعودي "سعود الفيصل" في ختام القمة الخليجية: "ليس لإيران، لا من قريب أو بعيد، أي دخل في ما يدور بين البلدين، حتى لو وصلت إلى الوحدة". أما البحرين فاستدعت القائم بالأعمال الإيراني للاحتجاج على التدخل السافر في شؤونها، قبل أن يتصاعد موقفها عبر الإصرار على إقامة الاتحاد، وهو ما عبر عنه مستشار الملك البحريني "نبيل الحمر" في تغريدة له: "بشارتي لكم يا أهل الخليج، إعلان اتحاد دول الخليج العربي قريب وقريب في قمة استثنائية في الرياض قبل قمة البحرين".

سادساً:التدخل الإيراني في البحرين وسوريا والعراق.. الاستراتيجية المتبعة والسلبيات المزدوجة:

* حلل كاتب عربي(*) الاستراتيجيات والخطط الإيرانية للتعامل مع الأزمات في كل من سوريا والعراق والبحرين، وهو النابع من تحقيق ثلاثة آمال إيرانية، خوفًا من العزلة في الوقت الذي تشهد منطقة الشرق الأوسط شكلاً جيو ـ سياسًيا جديدًا، بحيث يتمثل الأمل الأول في إنقاذ النظام البعثي الحاكم في دمشق، حتى ولو كان ذلك يعني تقبل أعباء مادية لا يستطيع الاقتصاد الإيراني المنهك تحملها، أما الثاني فيكمن في منع إحياء العراق كمنافس محتمل، في حين يتمثل الأمل الثالث في استغلال الأزمة السياسية والاجتماعية الموجودة في البحرين من أجل الاستحواذ على السلطة، وللوصول لهذه الأهداف حاولت التدخل في الدول الثلاث بطرق شتي، وهو ما أشار إليه الكاتب موضحًا سلبياته المزدوجة على النحو التالي:
الاستراتيجية الإيرانية المتبعة في الدول الثلاث:
ـ سوريا: تقوم استراتيجية "الملالي" على تصوير الثورة على أنها مؤامرة غربية لمعاقبة نظام يفترض أنه جزء من "المقاومة أو الممانعة"، وتزعم إيران أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون لإقصاء القوى المعادية الحالية أو المستقبلية مثل إيران وروسيا والصين من المنطقة، ويتمنى "الملالي" تأجيل سقوط نظام "الأسد"، بحث يكون لديهم متسع من الوقت لزيادة نفوذهم في جنوب العراق، وهو ما يمثل أملهم الثاني.
ـ البحرين: تتسم الخطة الخاصة بالبحرين بأنها أكثر وضوحًا، لأنها تهدف إلى ضم "أرخبيل" الجزر اعتمادًا على ادعاءات إيران التاريخية، وهو ما تؤكده الصحف الإيرانية، فعلى سبيل المثال أكدت صحيفة "كيهان" اليومية، التي ينشرها مكتب الإرشاد، أن "البحرين جزء من إيران"، وأن "غالبية الشعب البحريني ينظر إلى المملكة باعتبارها جزءًا من إيران، وبالتالي يجب أن تعود للوطن الأصلي وهو إيران". وخلال الأسابيع الأخيرة، كانت هناك مؤتمرات أكاديمية لتثبت أن البحرين جزء من إيران.
ـ العراق: تتمثل خطة طهران بالنسبة للعراق في تشجيع إقامة دولة منفصلة للشيعة في الجنوب تحت اسم الفيدرالية، وهو ما يمكنها من السيطرة على مركز العقيدة للشيعة في "النجف"، وبالتالي تستبق أي تهديد محتمل للفكر الخميني. ومن الواضح أن "علي خامنئي"، المرشد الأعلى للنظام الخميني، يفتقر إلى المؤهلات التي تجعله قائدًا روحيًا للشيعة في العراق ولذا تعمل أجهزة الأمن الإيرانية على سيناريو آخر يقوم بموجبه أحد "الملالي" من ذوي المراتب المتوسطة بدور "آية الله" ومرجع التقليد للشيعة في العراق، أي إن خطة إيران بشأن العراق تكمن في السيطرة من خلال شبكة دينية تدعمها قوات شبه عسكرية خاضعة للحرس الثوري الإيراني.

  •   "الملا" المقصود هو "محمود الشاهرودي" والمدرج اسمه بقائمة الموظفين العاملين بالحكومة الإيرانية منذ ثلاثة عقود. وبادئ ذي بدء، كان "الشاهرودي" عضوًا بإحدى الجماعات التي شكلها الحرس الثوري الإيراني لمحاربة "صدام حسين". وبعد ذلك، ارتدى عباءة "الملا" وتحول إلى رجل دين، ويترأس حاليا لجنة استشارية ملحقة بمكتب "خامنئي".

السلبيات المزدوجة للتدخل في الدول الثلاث:
* كان تدخل طهران في كل من سوريا وإيران والبحرين له تأثيرات سلبية مزدوجة على الجانبين، كما يلي:
1 ـ التأثير السلبي على الدول:
ـ سوريا: أدى التدخل الإيراني إلى زيادة الخسائر البشرية قبل الفترة الانتقالية، التي تبدو أنها قد أصبحت شيئًا محتومًا ولا مفر منه، وقد أعطى هذا التدخل لما يعتبر في الأساس صراعًا داخليًا على السلطة بعدًا خارجيًا لا يستطيع الشعب السوري التحكم فيه.
ـ العراق: حيث منع التدخل الإيراني تعزيز حالة الإجماع الوطني التي تشكلت عقب سقوط نظام حزب البعث عام 2003 والصراعات الدموية خلال الفترة بين عامي 2004 و2009. ويتعين على العراق أن يجد طريقه للخروج من تلك المشكلة، وأن يقوم بإعادة بناء هياكل الدولة. وعلى الرغم من ذلك، ارتفعت تكلفة القيام بذلك نتيجة التدخل الإيراني.
ـ البحرين: واجهت مثل ما واجهته العراق، فمن غير المحتمل أن يوافق غالبية البحرينيين الذين يبحثون عن مزيد من الإصلاحات والمشاركة بشكل أفضل في السلطة، على العيش تحت حكم ولاية الفقيه (حكم الملا)، ولن يكونوا على استعداد للتضحية بمصالحهم الوطنية لحساب نظام يعاني بشدة داخل إيران نفسها.
2 ـ التأثير السلبي علي إيران:
* المغامرة الثلاثية التي قام بها "خامنئي" في سوريا والعراق والبحرين كان لها تأثير سلبي على مصالح إيران نفسها كدولة قومية.
ـ إيران لا توجد لديها أي مصلحة، سواء كدولة أو كشعب، في تمكين نظام "الأسد" من قتل السوريين في المدن والقرى السورية، كما لن تحصد إيران أي مكاسب من نشر بذور التفرقة والعنف في العراق ومنع التوصل إلى إجماع وطني في البحرين، ففي هذه الحالات الثلاث الهامة، مصالح إيران كدولة قومية لا تتطابق مع مصالح إيران كوسيلة للأيديولوجية الخمينية.
(*) أمير طاهري، الشرق الأوسط، 18/5/2012.

سابعاً: دلائل ضعف تصريحات وخطابات "حسن نصرالله":

* انتقد كاتب عربي(*) تصريحات وخطابات الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني، معتبرًا إياها دليلاً على ضعفه، وبدايات سقوطه، مدللاً على ذلك بما يلي:
ـ لم يعد خافيًا على متابعي خطابات "حسن نصر الله" مدى ضعفه هو وحزبه بعد التطورات التي شهدها العالم العربي، وانكشاف زيف شعارات الحزب فيما يدعيه من مقاومة وممانعة.
ـ لا ينفك "نصر الله" يستدرج الخراب لبلده على أمل تحقيق نظريته القائلة إن اشتداد الأزمات، والمزيد من الدمار يقرب ظهور "المهدي المنتظر"، لذا فهو يكثر من إطلاق التهديدات، سواء أكان لشركائه في الوطن أو لإسرائيل، ليمنحها حجة للاعتداء على لبنان مجددًا، أو عبر التدخل في شؤون الدول العربية بدءًا من العراق ومرورًا بتحريضه على البحرين وليس انتهاء بدفاعه عما يمارسه النظام السوري من إرهاب ضد شعبه.
ـ احتفال "حزب الله" بما يطلق عليه (إعادة إعمار ما دمرته إسرائيل في العام 2006 جراء العدوان)، لم يكن أكثر من مناسبة إدانة جدد فيها الحزب مسؤوليته عما اقترف من أفعال ضد وطنه، وفيه أيضًا أكد نكرانه الجميل حين نسب زورًا إعادة الاعمار إلى إيران وحدها، مقدمًا لها الشكر دون غيرها، ومتجاهلاً ما قدمته الدول العربية عامة والخليجية بالأخص، من دعم ومشاريع وأموال واعمار قرى ومدن. وهنا يبرز التساؤل حول النصر الذي يتحدث عنه "حزب الله"؛ فأي نصر هذا الذي يتحدث عنه والذي دفع اللبنانيون ثمنه من دماؤهم ووطنهم؟ هل هو تدمير البنية التحتية اللبنانية أو استباحة بيروت في العام 2008؟ أو زيادة عدد المؤسسات والشركات اللبنانية المفلسة؟
(*) أحمد الجار الله، السياسة الكويتية، 13/5/2012.

ثامناً: كاتب عربي يطالب بعقد اجتماع طارئ من المفكرين العرب لحل الأزمة السورية بعيدًا عن السياسيين:

* في ضوء حقيقة وصول جهود الأطراف الإقليمية والدولية إلى حائط مسدود بالنسبة للأزمة السورية، طالب كاتب عربي(*) بعقد اجتماع عاجل، يستضيفه منتدى الفكر العربي يضم الخبراء والمفكرين والمعنيين في العالم العربي، للإسهام في البحث عن حل، بعيدًا عن السياسيين والأجندات المطروحة، عسى أن يستمع أصحاب القرار والأطراف المؤثرة في الأزمة إلى صوت آخر لم يسمح له بأن يؤدي دوره إلى الآن، وبذلك نكون جميعًا قد أدينا واجبنا إزاء قضية تخص المواطن العربي أينما كان، وتتعلق بالأمن القومي العربي، بل وفي الصميم منه، موضحًا:
ـ تضع التطورات في سوريا المواطن والمفكر العربي أمام مسؤولية غير مسبوقة منذ أن حَل ما يُسمى "الربيع العربي" على منطقتنا، ولعل ما يثقل هذه المسؤولية ويثير تساؤلات مشروعة، هو وصول الأزمة السورية إلى مرحلة تنذر بخطر يتهددَ وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، بالنظر إلى:

  •   تحذير مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان" أمام مجلس الأمن باحتمال اندلاع حرب أهلية في البلاد ما لم تتراجع معدلات العنف؛ مشددًا القول بأنه: "يمكننا أن نتوصل إلى نتيجة مفادها أن الخطة (خطة عنان) لا تحقق النجاح المنشود، وأن مسارًا آخر قد يُتخذ، وهو ما سيكون يومًا شديد السوء ويومًا شديد القسوة على المنطقة".
  •   تحذير "عنان" الصريح بقوله: "إنني متأكد من أنني لا أخبركم سرًا عندما أقول إن البلاد قد تدخل بدلاً من ذلك في حرب أهلية كاملة ستكون فاجعة للغاية". وفي ضوء هذه الحقائق السابق ذكرها، وبعد مرور كل هذا الوقت من المحاولات المختلفة التي بذلت لإيجاد مخرج لها، أفلا تشكل هذه التصريحات إقرارًا بفشل الجهود الإقليمية والدولية إلى الآن لحل الأزمة.. يُقابل ذلك تصعيد خطير لوتيرة العنف ودخول أطراف جديدة في شكل معلن، ومن دون اكتراث لتأثير ذلك في مسار الأزمة وحجم التضحيات البشرية والمادية وعلى نحو غير مسبوق؟
  •   الحديث الآن عن البحث عن الخطة (ب) في حال فشل خطة "عنان" ماذا يعني؟!، وماذا تعني مطالبة مجلس الأمن بإيجاد الأرضية اللازمة للتوافق بين أعضائه للبحث عن حل بديل؟! وماذا يعني الحديث عن تدفق الأسلحة إلى جميع الأطراف في سوريا، وعن التفجيرات النوعية التي طاولت المدنيين الأبرياء؟! وما هي دلالات إدراج الموضوع على جدول أعمال القمة المقبلة لمجموعة الثمانية؟ ألا ينبغي أن يشكل كل ذلك دافعًا لنا للبحث عن "حل عربي" بما تعنيه الكلمة من معنى؟!
  •   تمسك جميع الأطراف بمواقفهم ومراهنتهم على وعود ومتغيرات لا يملكون دورًا أو تأثيرًا فيها، ومن دون اعتبار للآثار الإنسانية الجسيمة والمصير الذي ينتظر سوريا.

ـ إن فشل الجهود العربية والدولية في حل الأزمة يفرض على الخبراء والمفكرين العرب أن يحيوا مبدأ الشورى فيما بينهم في هذه المرحلة الدقيقة، آخذين في الاعتبار قدرة العقل السوري الواعي على تطوير حلول عملية سريعة تخرج البلاد من الثنائية العدمية، وتفتح آفاقًا لتوافق وطني جديد يشارك فيه الجميع على أسس واضحة من الديمقراطية والمشاركة والتعددية وقبول الآخر.
ـ آن الآن لأن يكون للمفكرين العرب كلمة حين يتعلق الأمر بمستقبل الأمة ومكانة العالم العربي، مستنيرين بتاريخهم بكل ما يحمله من صفحات مشرقة وتجارب قاسية أدى فيها مفكرو الأمة وحكماؤها الدور المطلوب والمنتظر.
ـ كان للمفكرين العرب ولمنتدى الفكر العربي دور كبير في منع وقوع الحرب على العراق عام 1991 وتجنيبه النتائج الكارثية التي لحقت به وبالمنطقة، فقد أطلق منتدى الفكر العربي آنذاك، وفي ظروف قد تكون مماثلة لما يحصل اليوم في سوريا، نداء قبيل وقوع الحرب والتي أعقبتها نزاعات طائفية في جنوب العراق، للاحتكام إلى العقل وترجيح صوت الحكمة لتجنب الحرب. وكما كان الحال في عراق العروبة نشهد اليوم ما يحدث في سوريا.. تواجه تحديات ومحاولات عبثية بغيضة لتغييب الحكمة والمنطق.
ـ حال تقاعس المفكرين بالتوازي مع استمرار هذه الشرذمة، فإننا مقبلون على حروب أهلية وصراعات تأكل الأخضر واليابس، وسيدفع ثمنها الجميع وستنال مما تبقى من سيادة الدول التي كانت تسمى دول الطوق حول إسرائيل... إسرائيل التي تتجاوز دول الجوار ومن بعدها بالتهديد والوعيد... تارة لإيران وأخيرًا لمصر، تحت مسوغات وأسباب متعددة، ومنها الإرهاب وكأن مواجهة الإرهاب تتم بإرهاب الإرهاب.
ـ كلما طالت الأزمة في سوريا سنحت الفرصة لأصحاب الأغراض أن يتسللوا ويفرضوا مصالحهم وأهدافهم على حساب أصحاب القضية ومن لهم مصلحة حقيقية في البحث عن الحلول الناجحة، وهم بالطبع أبناء هذه الأمة أينما كانوا ومهما اختلفت توجهاتهم ورؤاهم ومصالحهم الخاصة، أي إن الحاجة إلى الدور العربي في سوريا أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، ولاسيما في قضية لم تعد تَهم سوريا أو تُختصر بنظام سياسي أو مصلحة فئة أو حزب معين، على رغم أن سوريا الشعب والكيان هو الضحية والخاسر الأكبر.
وما يَزيد القلق ويربك المشهد ويترك ظلالاً قاتمة على المستقبل أن يجري الحديث عن الأقلية والأكثرية في سوريا، كأن المسألة تتعلق بصراع مذهبي ـ طائفي، وبالتالي تمهيد الأذهان لقبول مسوغات حربٍ أهلية؛ بل التسليم بوقوعها، في حال غياب حل واقعي للأزمة.
(*) الحسن بن طلال، الشرق الأوسط،  الحياة، 18/5/2012.