تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث
__________________________________________________
استمرار الإدانات لتفجيري دمشق وتحدي السوريين النظام بالتظاهر .. التطورات ودود الفعل
* إثر التفجيرات التي هزت دمشق يوم (10/5) وأسفرت عن مقتل 55 شخصًا على الأقل وإصابة 372 آخرين، توالت ردود الفعل الداخلية الخارجية المنددة بالتفجيرين. هذا في الوقت الذي خرج الآلاف من المتظاهرين في أكثر من 600 نقطة تظاهر في مختلف أنحاء البلاد، للمطالبة بإسقاط نظام "الأسد"، وإدانة التفجيرات الإرهابية التي يرتكبها ورفض دعوات الحوار معه، في جمعة جديدة اختاروا أن تحمل اسم "فتح من الله ونصر قريب". هذا فيما توالت الجهود الدولية لحلحلة الأزمة، فتم إجراء مفاوضات بين المعارضة السورية وممثل "عنان" في مصر، فضلاً عن اجتماع حركة "عدم الانحياز" لمناقشة تطورات الأوضاع في سوريا، واجتمع الخبراء والسفراء في بروكسل لمناقشة فرض عقوبات جديدة على النظام.
* تواصلت ردود الفعل المنددة لتفجيرات دمشق على النحو التالي:
1 ـ داخليًا(1):
* صدرت في دمشق بيانات إدانة من جهات عدة، على النحو التالي:
ـ المعارضة السورية: جددت اتهامها النظام بتنفيذ تفجيري دمشق، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، بينما طالب "الجيش السوري الحر" الأمم المتحدة بتشكيل فريق من الخبراء الدوليين للتحقيق في التفجيرين.
ـ مجلس الشعب: أدان (البرلمان) في بيان له شدة العمليات الإرهابية التي تنفذ على الأرض السورية من قبل العصابات المسلحة، معتبرًا أن:
ـ المرصد السوري لضحايا العنف والإرهاب: أوضح أن هذه الأعمال الإجرامية لا تمت للإنسانية أو الأديان السماوية آو الشرائع الدينية بصلة، محملاً مسؤوليتها لشيوخ وعلماء ما يسمى "لاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" وكل من رفع سقف التوتر والتحريض بين السوريين إلى هذه الدرجة الوحشية التي آل إليها الوضع، كما استنكر صمت المجتمع الدولي والعربي تجاه ما يحدث من إرهاب منظم وعمليات تستهدف الشعب السوري بكل انتماءاته ولا تفرق بين مدني وعسكري ولا بين مسلم ومسيحي وتستغل مطالب الشعب المشروعة لتنفيذ أجندات خارجية لا تعنى بهذه المطالب وإنما هدفها تقسيم سورية تحت اسم الثورات السلمية.
ـ النقابات المهنية: أصدرت بيانات إدانة من بينها "الاتحاد العام للفلاحين" الذي اعتبر التفجيرين أكبر دليل على عجز وإفلاس المجموعات الإرهابية المسلحة ومن يقف وراءها ويمولها، وأضاف:
2 ـ خارجيًا(2):
أـ الجامعة العربية:
* الأمين العام للجامعة "نبيل العربي":
ـ "ندين بشدة التفجيرات، ونحذر من مضاعفات هذا التصعيد الخطير لأعمال العنف واستمرار التفجيرات والعمليات العسكرية في أنحاء مختلفة من سوريا".
ـ "من يقف وراءهما إنما يحاول إفشال مهمة المراقبين الدوليين وجر سوريا إلى الانزلاق إلى المزيد من أعمال العنف والقتل وسفك الدماء".
ـ "ما حدث أمر لا يجوز السكوت عنه ويحمل تداعيات خطيرة على مستقبل مهمة عنان".
ب ـ الولايات المتحدة الأمريكية:
* الناطق باسم البيت الأبيض "جافي كارني":
ـ "مثل هذه الهجمات التي تسفر عن قتل وإصابة المدنيين من دون تمييز تستحق التنديد ولا يمكن تبريرها".
ـ "لا نعتقد أن هذا النوع من الهجمات في دمشق تعبر عن المعارضة، يوجد بوضوح عناصر متطرفة في سوريا كما نقول دومًا تحاول استغلال الفوضى في البلاد. والفوضى التي تسبب فيها هجوم الأسد الوحشي على شعبه".
* السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة "سوزان رايس":
ـ تفجيرا دمشق مثال كبير على أن الوضع أصبح عسكريًا بالفعل وعنيفًا بما يكفي، ولا نعتقد أنه أمر حكيم أن نسهم في هذا بضخ المزيد من الأسلحة أو المعدات فيه".
ـ "نحن لا نعرف المسؤول عن تفجيري دمشق، لكننا نؤكد أن الحكومة السورية مسؤولة في نهاية المطاف عن تصاعد العنف خلال العام الماضي".
ج ـ بيان مجلس الأمن:
ـ "ندين بشدة الاعتداءين الإرهابيين اللذين وقعا في دمشق في 10 (مايو) ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى".
ـ "على كل الأطراف تطبيق خطة المبعوث الخاص كوفي عنان فورًا والتقيد بقراري مجلس الأمن (2042) و(2043) وتحديدًا بوقف العنف المسلح بكل أشكاله".
ـ "الإرهاب بكل أشكاله هو أحد أكبر التهديدات للأمن والسلم الدوليين، وأي جريمة إرهابية هي عمل غير مبرر بغض النظر عن دوافعها أو مرتكبيها
ـ تحت عنوان "فتح من الله ونصر قريب" ورغم الانتشار الأمني الكثيف لقوات النظام، عمت المظاهرات معظم المدن السورية في أكثر من 600 نقطة تظاهر في مختلف أنحاء البلاد، للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس "بشار الأسد"، ورفض دعوات الحوار معه.
ـ خرجت تظاهرات في مناطق عدة من العاصمة وريفها، وفي حلب (شمال)، وإدلب (شمال غرب)، ودير الزور وريفها (شرق)، وحماة (وسط)، والحسكة (شمال شرق)، ودرعا (جنوب)، ونفذت قوات الأمن انتشارا كثيفًا في المدن الساحلية ولاسيما اللاذقية وجبلة وبانياس.
1ـ اجتماع حركة "عدم الانحياز" في مصر لبحث الأزمة في سوريا(4) :
* ألقى "طارق أحمد الهيدان" مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية رئيس وفد الدولة إلى اجتماع "حركة عدم الانحياز" الوزاري الذي اختتم أعماله في شرم الشيخ بمصر(11/5)، كلمة تناول فيها قضية تطورات الأوضاع السورية، وأكد:
ـ "نساند قراري مجلس الأمن رقم (2042) و(2043) والجهود التي يبذلها المبعوث الخاص المشترك "كوفي عنان" من أجل تسوية هذه الأزمة بالطرق السلمي، فضلاً عن قرارات جامعة الدول العربية ذات الصلة التي تضمنت خارطة طريق للحل السياسي للأزمة السورية وفقًا للمبادرة العربية".
ـ "نأمل من الأطراف السورية المعنية بتحمل كامل مسؤولياتها الوطنية والتقيد الدقيق في إطار من الشفافية الكاملة بجميع التزاماتها وتعهداتها تجاه النقاط الست في خطة المبعوث المشترك، وبما يكفل حقن دماء الشعب السوري الشقيق وتلبية تطلعاته المشروعة وإعادة الأمن والاستقرار في كافة أرجاء وطنه".
2ـ مفاوضات بين مبعوث "عنان" والمعارضة حول الوضع في سوريا(5):
* أعلنت "هيئة التنسيق الوطنية" المعارضة في الداخل، عن مفاوضات جرت بين "حسن عبد العظيم" المنسق العام وعدد من أعضاء المكتب التنسيقي و "كريفت" ممثل مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان" حول الوضع في سوريا ومحاولة توحيد المعارضة السورية والوقوف على آرائها بشأن الأزمة الدائرة في البلاد. وفي هذه المفاوضات جددت المعارضة ترحيبها بمهمة المراقبين الدوليين وخطة المبعوث "عنان"، وساندت تيار "بناء الدولة السورية الحديثة" الذي يتزعمه المعارض "لؤي حسين"، إضافة إلى بعض القوى الكردية والآشورية أبرز قوى المعارضة في الداخل التي تقف على مسافة من السلطات وتطالب بحلول سياسية حقنا للدم السوري وتجنبًا لمزيد من الخيار الأمني.
3ـ بحث فرض عقوبات جديدة على دمشق في بروكسل(6):
* أشارت مصادر المؤسسات الاتحادية في بروكسل، إلى أن اجتماعات جرت على مستوى الخبراء والسفراء الدائمين لدى التكتل الأوروبي الموحد لوضع الصورة النهائية بشأن إصدار عقوبات جديدة ضد النظام السوري والمتعاونين معه من مؤسسات وشخصيات، على أن تعرض على رؤساء الدبلوماسية الأوروبية في اجتماع مقرر عقدة يوم(14/5) لاعتمادها، وتدخل حيز التنفيذ في اليوم التالي وفور نشرها في الجريد الرسمية للاتحاد الأوروبي. وحسب مصادر دبلوماسية، من المنتظر تجميد أرصدة مؤسستين وثلاثة أشخاص يعتبر معظمهم مصدرا لتمويل نظام "بشار الأسد".
1ـ الانفجارات تستهدف نسف الحل السلمي(7):
ـ تعيش سوريا أيامًا دامية بفعل التفجيرات العنيفة التي تتعرض لها بين حين وآخر، وهي تزيد الوضع قتامة وغموضًا فيما يخص إيجاد مخرج سياسي للأزمة بما يضمن إيقاف نزيف الدم. فعمليات التفجير التي شهدتها عدة مدن، ومنها العاصمة دمشق، خلال الآونة الأخيرة لا تطرح أي تساؤلات بشأن أهدافها، حيث بات السوريون أمام مشهد لا يخلو من المفارقة بين وضوح الهدف وغموض الجهة المنفذة، فالهدف هو إفشال خطة المبعوث الأممي العربي "كوفي عنان"، وللمفارقة أيضاً أن كلاً من الحكومة السورية والمعارضة الممثلة في المجلس الوطني السوري يتبادلان الاتهامات حول تدبير التفجيرات التي أودت بحياة عشرات الأبرياء، لكنهما يتقاطعان في أن هذه العمليات الدامية تستهدف إفشال خطة "عنان".
ـ الرأيان الرسمي والمعارض حول التفجيرات هما عينة للمزاج السائد في سوريا اليوم، فهناك من يريد لخطة "عنان" أن تفشل، وهذه تفصيلة في غاية الأهمية قد تساعد على توضيح ملابسات الغموض الذي يحيط بهذا النوع من التفجيرات، فالذي يقوم بتنفيذها لا يستهدف فرعًا أمنيًا لمجرد أن هناك عناصر أمن يتواجدون فيه، كما أنه لا يستهدف حيًا سكنيًا لأن هناك مدنيين فيه، بل يستهدف نسف الحل السلمي.
ـ لا شك أن هناك من له مصلحة في دفع الأمور نحو التأزم وتعطيل مبادرات الحل السياسي، وإذا لم يكن ممكنًا تحديد الجهة المنفذة من دون تحقيقات مستقلة في العمليات الأخيرة، فإن ظهور مثل هذه النوايا السيئة بحق الدماء السورية يجب أن تدفع المجتمع الدولي إلى المزيد من التمسك بخطة "عنان".
ـ الحكم على الخطة بالفشل قد يعني الدخول في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وإذا وجد المجتمع الدولي صعوبة في دفع الأطراف المعنية، وفي مقدمتها الحكومة السورية، إلى تنفيذ خطة الحل الأممية في الوقت الحالي، فإن إعلان فشل الخطة كما يطالب بعض السوريين من الموالين للنظام والمعارضين له ستجعل جميع هذه الأطراف تتذكر "أيام عنان".
2ـ تفجيرا دمشق.. مسؤولية النظام أولاً(8):
* يقع انفجارا دمشق عند تقاطع مسارات عدة تجعل البحث عن المستفيد منها بمثابة تربيع للدائرة، حيث تنحني كل الأسهم لتشير إلى متهم واحد ، وفيما يلي يمكن توضيح:
ـ في الجريمتين العديد من العناصر التقنية والأمنية التي تصعب مناقشتها من نوع: كيف يمكن إدخال أكثر من ألف كيلوجرام من المتفجرات إلى دمشق (بحسب بيان وزارة الداخلية السورية)، أو الحصول عليها هناك، وتجميع عبوتين منها، وتجهيز انتحاريين يتوجهان إلى موقعين حساسين من المدينة، من دون أن تتسرب أي إشارات إلى أجهزة الأمن الكثيرة العدد والعالية الشراسة؟ ولماذا حصل الانفجاران بعد انتخابات مجلس الشعب وقبل إعلان النتائج؟ وكيف تتعرض المراكز الأمنية في دمشق وحلب وغيرهما لهذا النوع من الهجمات في حين أن الحراسة في محيط المقرات مشددة ودقيقة؟ ولماذا تستهدف مناطق معينة في المدن السورية للتفجيرات تكرارًا (حي الميدان في دمشق مثلاً)، فيما تسلم مناطق أخرى ذات تركيبة طائفية وأهلية مختلفة؟
ـ يمكن إضافة أسئلة عدة إلى المذكورة أعلاه: لماذا يبالغ الإعلام الرسمي في عرض الأشلاء المقطعة والدماء في سلوك ينتهك حرمة الموت وأخلاقيات المهنة؟ (للتذكير، امتنعت وسائل الإعلام الأمريكية كلها عن عرض صورة أي جثة لضحايا هجمات 11 سبتمبر 2001). وما معنى استقدام المؤيدين للهتاف أمام المراقبين الدوليين بحياة رئيس الدولة فيما الجثث منتشرة في المكان؟ والصور التي بثتها المحطات الرسمية، وهو الأمر الذي يثير الدهشة لاستسهالها عرض الأجزاء البشرية المقطعة والمشوهة.
ـ لا تنفصل الممارسة الإعلامية، في بلد مثل سوريا عن نظيرتيها السياسية والأمنية، ومن آيات ذلك، حديث سكان دمشق عن دوي انفجارات كل ليلة تقريبًا يتبعه إطلاق نار من الأسلحة الرشاشة، ليتبين في الصباح التالي أن الأمر لا يزيد عن رمي قنابل صوتية في الأحياء السكنية. ومعلوم عند العقل الأمني أهمية زعزعة الاستقرار النفسي والاجتماعي للمدنيين في حالات الأزمات وفرض جو من الرهبة والقلق عليهم لحملهم على التمسك بالوضع القائم وعدم السير نحو المجهول. بعد تحقيق هذا الهدف، يمكن توقع رد فعل المواطنين الساعين إلى الحفاظ على حياتهم، وأن يطالب هؤلاء بفرض الأمن بأي ثمن والابتعاد عن أي طرح تبرز منه أفكار التغيير أو التمرد على النظام القائم.
ـ بيد أن الفرضية هذه لا يجب أن تلغي تمام الإلغاء إمكان دخول أطراف تملك جداول أعمال مختلفة، وتسعى إلى تصفية الحسابات الكثيرة المتراكمة على رصيد النظام السوري، وهذا ما يعيد البحث، عمليًا، إلى المسؤولية السياسية لحكم حزب البعث والنمط الذي أدار فيه خلافاته في سوريا والمنطقة منذ ما يقارب نصف قرن. ومن الشعب السوري ومعارضته إلى السلفيين الجهاديين إلى منظمة التحرير الفلسطينية والدول القريبة والبعيدة، لم يترك الرئيسان حافظ وبشار الأسد جهة إلا ومارسوا عليها سياسات التهويل والقسر والإكراه وصولاً إلى إرسال السيارات المفخخة والانتحاريين وحملة المسدسات الكاتمة للصوت.
3ـ تفجيرات دمشق محاولة تبعد الأنظار عن استهداف النظام للمراقبين(9):
ـ تفجيرات دمشق جاءت لتؤكد أن النظام الأسدي قد نجح في حيلته هذه المرة، وما أكثر حيله، ومنذ أعوام، وليس منذ اندلاع الثورة السورية وحسب، فبعد أن أصيب المجتمع الدولي بالذهول من محاولة استهداف فريق المراقبين الدوليين في درعا جاءت تفجيرات دمشق لتبعد الأنظار عن ذلك تمامًا!
ـ يكفي أن نراقب كيف شن مندوب "الأسد" بنيويورك هجومًا على جميع الدول، عربيًا، وإقليميًا، ودوليًا، فهو يتهم الدول العربية، والمجتمع الدولي، بالتواطؤ مع تنظيم القاعدة، وهو أمر مثير للشفقة، لكن للأسف فإن الملاحظ هو ارتباك المعارضة السورية، وبعض وسائل الإعلام، وحتى على مستوى المجتمع الدولي؛ حيث وجدنا أن الجميع تقريبًا قد نسي محاولة استهداف فريق المراقبين الدوليين بدرعا، وقبل تفجيرات دمشق بيوم تقريبًا، وهو العمل الذي دفع "عنان" لإلقاء خطاب في مجلس الأمن بدا فيه أنه محبط، قبل تفجيرات دمشق بساعات، وبالطبع هناك تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة الذي أوضح فيها أن استهداف فريق المراقبين بدرعا قد يدفع إلى إعادة النظر في مهمة المراقبين نفسها!
ـ لذلك فإن نظام "الأسد" قد نجح في إلهاء الجميع، سواء المعارضة السورية، أو المجتمع الدولي، بتفجيرات دمشق، والحقيقة أن هذا الارتباك، أو الإلهاء، أمر مستغرب تمامًا، فإذا كان النظام الأسدي يأسف على مقتل خمسة وخمسين سوريًا في تفجيرات دمشق، فإن السؤال هو: وماذا عن قرابة اثني عشر ألف سوري قتلوا في عام واحد على يد النظام؟ فطوال عمر الثورة السورية والعالم يشهد مقتل ما هو بمعدل خمسين سوريًا يوميًا، فلماذا يهب النظام الآن حرصًا على الدماء السورية، ولماذا يرتبك البعض أمام نظام لا يجيد إلا لغة الاغتيالات، والتفجيرات، والقتل؟
ـ الحقيقة أن تفجيرات دمشق تعد دليلاً آخر على وجوب رحيل "الأسد" الآن، وقبل فوات الأوان، فهذا النظام لن يتوانى عن إحراق سوريا كلها ليبقى بالحكم، وسيقوم بإحراق دول الجوار إذا تطلب الأمر ذلك، وهو ما اتضح في التهديدات التي شنها مندوب دمشق بنيويورك. ولذلك، فإن كل المؤشرات تقول: إنه كلما تأخر رحيل "الأسد" فإن ثمن سقوطه سيكون مكلفًا على السوريين، والمنطقة، فالطاغية راحل لا محالة، لكن كلما تأخر ذلك دفع الجميع ثمنًا مكلفًا، وتفجيرات دمشق، وقبلها استهداف المراقبين الدوليين بدرعا، أبسط دليل على ذلك.
4ـ النظام يهدف من التفجيرات إلى إقناع العالم بأنه يحارب الإرهاب(10) :
ـ سبق أن أوضح وزير الدفاع الأمريكي "ليون بانيتا" أن هناك بصمات لـ"القاعدة" في سوريا، ولم يصدق المسؤولون السوريون، أن يسمعوا هذه الجملة حتى سارع الناطق باسم الخارجية السورية "جهاد مقدسي"، وأوضح أن كل ما يريده النظام السوري من الحكومة الأمريكية، أن تضغط على حلفائها غير الملتزمين بخطة المبعوث "كوفي عنان".
ـ بالفعل، هذا ما تريد الحكومة السورية إقناع العالم بأنها تحارب الإرهاب والقاعدة والقوى الظلامية وليست بانتفاضة شعبية على نظام متوحش. فهل تغيرت الثورة السورية التي كسبت عقول الكثيرين وعواطفهم في أنحاء العالم إلى ساحة لـ"القاعدة" أكثر تنظيمات الإرهاب إجراما في العالم؟ هذا ما حاولت السلطات السورية توجيه الرأي العام الأجنبي إليه، وهي هكذا بدأت في استمالة روسيا والصين قبل عشرة أشهر، بإقناعهم بأن البديل المحتمل لها جماعات إسلامية متطرفة، وهذا أمر يضر بمصالح العالم. فهل التفجيران المروعان في دمشق من عمل تنظيم القاعدة، كما تريد السلطات السورية إقناع العالم به؟ هناك احتمالان، إما إنه:
ـ ليس غريبًا أن تنفذ الأجهزة الأمنية أعمالاً إجرامية وتنسبها لـ"القاعدة" وبقية التنظيمات، ولعل أشهرها اغتيالها لرئيس وزراء لبنان الأسبق "رفيق الحريري" الذي حاولت إلصاقه بجماعات إسلامية إرهابية.
ـ نحن لا نستبعد دخول "القاعدة" على خط الأزمة السورية، فهذا التنظيم الإرهابي موجود في كل أزمة بالمنطقة، ولو كان صحيحًا لا يعطي شهادة حسن سير وسلوك للنظام السوري الذي لا يقل عن "القاعدة" امتهانا للأعمال الإرهابية، وهو الذي أسهم فيما حدث في لبنان والعراق من عمليات إرهابية. فنحن نعرف من سيرة ثماني سنوات أن النظام السوري كان متورطًا في نشاطات تنظيم القاعدة، حيث كان يستقبل المجندين من أنحاء دول المنطقة ويؤمن لهم الدخول والحماية وينقلهم لعبور الحدود إلى العراق ولبنان.
ـ النظام السوري يعتقد أن هذه ورقته الأخيرة للبقاء، لإقناع العالم بأن "القاعدة" شريك في الثورة، وأن السلطات السورية عندما تحارب الثوار، فهي تحارب "القاعدة"، وأن العالم أمام خيارين؛ إما "بشار الأسد" وإما "أيمن الظواهري".
ـ أخيرًا، من الخطأ تصديق الرواية السورية، وحتى إن كان صحيحًا أن "القاعدة" تشارك في الحرب، فإن على المجتمع الدولي أن يفرق بين ثورة شعب من عشرين مليون نسمة وبين دخول جماعات إرهابية على خط القتال. لقد قتل النظام في عام عشرة آلاف معظمهم أطفال ونساء وعزل، ودمر من المدن والأحياء ما لم نشهد له مثيلاً في خمسين عامًا. هذه الجرائم التي ارتكبها النظام لن تمحى بسهولة من ذاكرة شعبه. وعلى العالم أن يكسب إلى صفه الثوار إن كان يريد غدًا بلدًا خاليًا من الإرهاب وليس العكس. أما القبول بدعوة النظام السوري، كما قال الناطق باسمه، بمبادرة "عنان" والحل السياسي فإنه حل يعني القبول بنفس النظام الذي سيزداد مع الوقت اعتمادًا على المنظمات الإرهابية وعلى تحالفه مع إيران.
5ـ سوريا على حافة الحرب الأهلية بعد انفجاري دمشق(11):
* يرى محللون أن تصاعد أعمال العنف في سوريا ولاسيما التفجيران اللذان هزا دمشق يوم (10/5)، يهددان مهمة "كوفي عنان" ويدفعان البلاد أكثر فأكثر إلى حافة الحرب الأهلية، وفي هذا الصدد أوضح المحلل السياسي "خطار أبو دياب"، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة "باري سود":
ـ سوريا توشك على الغرق في دوامة الحرب الأهلية، تحت أنظار المجتمع الدولي الذي لا يتحمل مسؤولياته، فرغم أن المجتمع الدولي يلتقي على خطة المبعوث الدولي "كوفي عنان" للخروج من الأزمة، إلا أن هذه الخطة تلقت ضربة جديدة بالانفجاريين المتزامنين اللذين هزا العاصمة السورية، في هجوم يعد من الأعنف منذ بدء الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس "الأسد" قبل أكثر من عام.
ـ وقف إطلاق النار الذي أعلن في الثاني عشر من إبريل لم يحترم، إذ لم يسمح للناس بالتظاهر السلمي، ولم يجر إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، رغم من أن الخطة التي وافق عليها النظام والمعارضة"، تنص على وقف القتال بإشراف الأمم المتحدة، وسحب الأسلحة الثقيلة من المدن، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، والسماح بالتظاهر السلمي، والبدء بحوار حول مرحلة انتقالية.
ـ خطة "عنان" هي المخرج الوحيد للازمة السورية حاليًا، وفي ظل عدم وجود بديل لهذه الخطة، فإن الأزمة تدخل في طريق مسدود. فمنذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، سقط في سوريا أكثر من 900 قتيل، ويتبادل كل من النظام والمعارضة الاتهامات بخرق الهدنة.
ـ الوضع في سوريا معقد لأنه يجمع بين مسارين: ثورة ضد نظام مستبد من جهة، وتوتر طائفي سني ـ علوي من جهة أخرى. وفي هذا السياق، يمكن القول إن التخوفات بشأن وجود حرب أهلية في سوريا في محلها، فتخوف الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" من اندلاع حرب أهلية واسعة النطاق قد تمتد أثارها إلى المنطقة برمتها، هو أمر واقعي في ظل الظروف التي تمر بها سوريا.
_______________________________
(1) الحياة، إيلاف، وكالة الأنباء الفرنسية، وكالة الأنباء السورية، 11/5/2012.
(2) وكالة الأنباء الفرنسية، رويترز، الحياة، الشرق الأوسط، 12/5/2012.
(3) الشرق الأوسط، إيلاف، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية، 12/5/2012.
(4) البيان الامارتية، 11/5/2012.
(5) الشرق الأوسط، 12/5/2012.
(6) الشرق الأوسط، إيلاف، 12/5/2012.
(7) البيان الامارتية، 12/5/2012.
(8) حسام عيتاني، الحياة، 12/5/2012.
(9) طارق الحميد، الشرق الأوسط، 12/5/2012.
(10) عبد الرحمن الراشد، الشرق الأوسط، 12/5/2012.
(11) القدس العربي، 11/5/2012.