الجمعة 17 شوّال 1445 هـ الموافق 26 أبريل 2024 م
التقرير الإعلامي الواحد و التسعون 7-8 ايار/مايو 2012
الثلاثاء 17 جمادى الآخر 1433 هـ الموافق 8 مايو 2012 م
عدد الزيارات : 2326
التقرير الإعلامي الواحد و التسعون 7-8 ايار/مايو 2012
أولاًـ تضارب المواقف وردود الفعل تجاه الانتخابات(1):
ثانيًاـ استمرار العنف الميداني وتواصل جهود المراقبين(2):
ثالثًاـ ترقب المجتمع الدولي تقرير "عنان" لمجلس الأمن(3):
رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث

 

 

الانتخابات البرلمانية بسوريا.. التطورات وردود الفعل


* سخرت دول غربية من الانتخابات التشريعية السورية التي جرت (6/5) وسط أجواء من العنف والقتل المستمر، وعلى رأسهم واشنطن وباريس، في حين اعتبرت الصين هذه الانتخابات فرصة حقيقية للإصلاح وللخروج من الأزمة، وجاءت هذه المواقف في الوقت الذي دعت فيه مختلف أطياف المعارضة للإضراب ومقاطعة الانتخابات

أولاًـ تضارب المواقف وردود الفعل تجاه الانتخابات(1):

1 ـ داخليًا :
* قاطع أغلب السوريين الانتخابات بينما بدت اللجان خاوية في معظم المدن، ودعا "المجلس الوطني السوري" المعارض، السوريين للإضراب والتظاهر في ساعات الانتخاب للتعبير عن رفضهم لهذه المسرحية، وأضاف في بيان:
ـ "النظام السوري يدعو لإجراء انتخابات لمجلس الشعب على وقع الرصاص والقذائف من كل نوع وجرائم الإبادة والعقوبات الجماعية".
ـ "إجراء هذه الانتخابات في استهانة بدماء الشهداء ويدل على استهتار نظام "الأسد" بالمبادرة الدولية العربية".
ـ "لقد أقسم ملايين السوريين منذ أكثر من سنة أنهم يريدون إسقاط النظام القاتل وهم بالتأكيد ينظرون بكثير من الاستخفاف لدعوتهم لتجديد شرعية النظام عبر انتخابات هزلية".
2ـ دوليًا :
* تباينت ردود الفعل، فبينما سخرت دول غربية من الانتخابات التشريعية السورية التي جرت (7/5) وسط أجواء من العنف والقتل المستمر، جاء موقف الصين متفائلاً من أجل أن تدعم هذه الانتخابات خطى الإصلاح، وذلك كالتالي:
ـ باريس: هاجمت بشدة الانتخابات السورية، وأعلنت وزارة الخارجية أنها بمثابة "مهزلة شنيعة"، وذكرت مجددًا بضرورة "انتشار سريع لمراقبي الأمم المتحدة".
ـ واشنطن: أعلنت أن الانتخابات أقرب إلى السخافة، وأكدت وزارة الخارجية في بيان رسمي أن الانتخابات ليست حرة وليست نزيهة، وأن الحكومة السورية التي تجريها هي نفس الحكومة التي تقتل شعبها. واعتبر المتحدث باسم الخارجية "مارك تونر "أنه من غير الممكن تنظيم انتخابات في الوقت الذي يحرم فيه المواطنون من حقوق الإنسان الأساسية، وتواصل الحكومة الاعتداء يوميًا على شعبها”.
ـ الصين: أعربت عن أملها في أن تسهم الانتخابات في سوريا في دعم عملية الإصلاح في البلاد.
ـ الأمم المتحدة: اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة" بان كي مون" أن الوضع الحالي في سوريا أصبح القضية الأكثر سخونة دوليًا ويثير قلق المجتمع الدولي، منددًا بإجراء انتخابات تشريعية في سوريا مع استمرار العنف.

ثانيًاـ استمرار العنف الميداني وتواصل جهود المراقبين(2):

1ـ تواصل العمليات العسكرية والأمنية القمعية:
* لم يحل انصراف النظام السوري إلى تنظيم الانتخابات التشريعية دون مواصلته الحملات العسكرية في عدد من المدن والبلدات السورية، حيث:
ـ وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مقتل 14 شخصًا على الأقل برصاص قوات الأمن.
ـ أكد ناشطون أن إضرابات عمت مناطق عدة في درعا وكفر شمس وعلْما وإدلب وأريحا وحماه وقلعة المضيق، بالتزامن مع تنفيذ قوات الأمن السورية انتشارًا أمنيًا كثيفًا، وأن قوات الأمن لم تتردد في اقتحام مدن عدة، في محاولة لإجبار الأهالي على فتح المحال التجارية وإنهاء الإضراب.
2ـ  تواصل مهمة المراقبين رغم العنف:
* بدأت ثلاث مجموعات من المراقبين الدوليين، بتسيير دوريات في مناطق ريف دمشق بعد انضمام أعداد جديدة إليهم، حيث يعمل 8 مراقبين عسكريين، إضافة إلى شخص مدني انضم إليهم، فضلاً عن وجود أربعة مراقبين في كل من حماة وإدلب ودرعا.

ثالثًاـ ترقب المجتمع الدولي تقرير "عنان" لمجلس الأمن(3):

* يترقب المجتمع الدولي التقرير الجديد الذي سيقدمه المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا كوفي "عنان" إلى مجلس الأمن الدولي اليوم حول تطورات الأحداث في سوريا.
ـ سيقدم "عنان" في تقريره تقييمًا شاملاً للوضع القائم في سوريا منذ توقيع مبادرته لحل الأزمة التي شهدت اختراقات متكررة تتبادل السلطات والمعارضة الاتهامات حول مسؤولية وقوعها.
ـ توقع مراقبون أن يقدم "عنان" إلى مجلس الأمن مقترحات حول خطة العمل المقبلة وما يمكن أن يبذله طرفا النزاع، وكذلك الأطراف الدولية المعنية بالأزمة السورية، بغية الوصول إلى قواسم مشتركة وموقف يتم التوافق عليه على المستويين المحلي والدولي لإنهاء الأزمة.

رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

1ـ الانتخابات السورية .. تعددية في إطار الهيمنة(4):
ـ الانتخابات التشريعية في سوريا ليست شأنًا عامًا كما هي الحال في الدول الديمقراطية أو تلك السائرة في الطريق الديمقراطي، فهذه الانتخابات تعد مجالاً للحيز الخاص، أي للشأن الخاص، حيث ظلت محصورة باهتمام المرشح والمقربين منه، سواء كانوا من العائلة ذاتها أو من الأصدقاء أو من المستفيدين في محيط عمله، ولم تدخل في يوم من الأيام في دائرة اهتمامات الجمهور الواسع.
ـ تجري انتخابات مجلس الشعب في بيئة سياسية واجتماعية مأزومة، وفي ظل انقسام خطير في صفوف المجتمع، ووسط استمرار العنف ومقاطعة المعارضة للعملية الانتخابية (هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة والمجلس الوطني وبعض القوى)، في وقت استحوذت أحزاب الجبهة على المشهد مع بعض الأحزاب الناشئة التي أنشأها النظام بشكل أو بآخر، أو في أحسن الأحوال أحزاب شكلت لتكمل تزيين المشهد الانتخابي ليس إلا، فهي لا تملك أي وزن على الأرض وتفتقد لرؤية سياسية ـ اقتصادية واضحة المعالم، حيث:

  •   طرحت هذه الأحزاب شعارات فضفاضة لا تلامس ماهية الأزمة السياسية في سوريا.
  •   حزب البعث أدار ظهره لهذه الأحزاب، حيث جاءت تحالفاته (قائمة الوحدة الوطنية) استمرارًا للتحالفات السابقة، فهي القائمة "الجبهة الوطنية" التي تنجح دائمًا، الأمر الذي دفع بعدد من هذه الأحزاب إلى الانسحاب من الانتخابات.

ـ هذه الانتخابات تؤكد أن النظام لم يدرك بعد مرور سنة ونيف من الاحتجاجات حقيقة الأزمة في سوريا، وأنه يحاول فقط تخفيف الضغط السياسي عبر إدخال شركاء جدد موثوقين ومطالبهم محدودة، وليس إجراء تحول يؤدي إلى خلق تعددية سياسية حقيقية قادرة على تحقيق مجتمع سياسي فاعل يشارك فيه الجميع باختلاف انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية والطائفية.
2ـ  استحالة الحل السياسي في سوريا(5) :
ـ تقدم المبادرة الأخيرة لمجلس الأمن نفسها مدخلاً لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية المندلعة منذ أكثر من ثلاثة عشر شهرًا، على رغم أن النظام السوري ومعه المعارضة أعلنا عن قبول وقف إطلاق النار والاستعداد للاستجابة إلى مبادرة الموفد الدولي "عنان"، إلا أن الشك يبقى هو السائد خاصة أن مسلك النظام لا يوحي مطلقًا بالصدق في التزام وقف إطلاق النار، مما يدفع إلى القول باستحالة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، وهو شك تقوم عليه معطيات كثيرة تتصل بالعقل السياسي والأمني للحاكم السوري، وعدم رغبته في التوصل إلى حلول من ناحية، بل وعجزه عن الدخول في حل من ناحية أخرى.
ـ لا يمكن التقليل من أهمية إرسال مراقبين دوليين إلى سوريا، حتى ولو كان العدد محدودًا، فمجرد قبول النظام بعملهم يعني أن قبضة التدويل تمسك بعناقه، وتضعه مباشرة أمام أعين المجتمع الدولي، حيث لن يصعب على المراقبين تعيين الطرف الذي يخرق وقف إطلاق النار الذي لم يجر الالتزام به أصلاً من جانب جيش النظام، ما يعني أن مجلس الأمن ستكون لديه الحجج لمحاولة فرض عقوبات آو تشديد الحصار على النظام، حتى ولو كان ذلك بعيدًا من قدرة المجلس أو رغبته في التدخل العسكري. ويتعاطى النظام مع التدويل الجاري المحدود الفاعلية بصفته فرصة لاستكمال عملية القمع سعيًا إلى إنهاء الانتفاضة، وفي هذا الصدد يمكن الإشارة إلى الملاحظات الآتية حول النظام السوري:

  •  يمتاز بخبرة واسعة في التعامل مع اللجان الدولية، والقدرة على إفراغها من محتوى مهمتها، وهي خبرة سبق له أن اكتسبها من إدارته الحرب الأهلية اللبنانية على امتداد خمسة عشر عامًا، يقبل بعمل اللجان وهو يضمر الالتفاف عليها وإغراقها في التفاصيل والتشكيك في موضوعية المراقبين، أو تهديدهم أمنيًا، على غرار ما حصل مع المراقبين العرب قبل أشهر.
  •  يدرك أن الذهاب مع البنود الستة لمبادرة "عنان" قد تصل في خواتيمها، إذا ما جرى الالتزام بها، إلى إنهاء سيطرة العائلة الحاكمة على السلطة، وإلى تجييش الملايين من الشعب السوري ضد النظام في حال توقف القمع الدموي للمتظاهرين وتركت لهم حرية الحراك في مجمل المناطق السورية.
  •  حسم الأمر منذ الأشهر الأولى للانتفاضة بجملة أمور بات من الصعب عليه التراجع عنها، يأتي على رأسها عدم الاستجابة إلى مطالب الانتفاضة بالإصلاح وإدخال تعديلات على بنية النظام بما يتيح التخفيف من القبضة الأمنية، وإعطاء حيز من الحريات.

ـ المشهد السوري اليوم يوحي باستحالة الوصول إلى تسوية، خاصة القرار الواضح الذي اتخذه النظام بإدخال سوريا في أتون الحرب الأهلية، وبات قرار الحرب الأهلية هو الخيار الوحيد الذي يرى النظام فيه الوسيلة لإدامة سلطته، رغم إدراكه أن هذا الخيار سيذهب بسوريا إلى الجحيم، وعندما يكون قرار الحاكم تدمير البلد على أهله من أجل الحفاظ على السلطة، يصبح من الخيال الحلم بالخضوع إلى تسوية.
ـ أدرك النظام أن التدويل الحاصل سيبقى محدود الفاعلية، وأن أحدًا من المجتمع الدولي لا يرغب في استخدام القوة العسكرية لإسقاطه، وأن قوى المعارضة مهما بلغ تسليحها لن تكون قادرة على قلب موازين القوى لمصلحتها وإنزال هزيمة بالجيش الرسمي. كل ذلك يجري ضمن شكوك واضحة من القوى الغربية بموقف يهدف إلى إنهاء الموقع السياسي والاستراتيجي لسوريا، وتركها في حال من النزف والتدمير الداخلي بما يلغي أي قوة مقبلة لنظام قد يكون له موقف مناهض للإستراتيجية الغربية ولإسرائيل عندما يزول نظام "الأسد".
ـ هذه العوامل مجتمعة، الداخلية منها والخارجية، لا توحي بقرب حل سياسي للأزمة السورية، بل ترجح احتمال ديمومة الأزمة إلى فترة طويلة، بما يؤدي إلى إنهاك سوريا وإنهاء موقعها وتفتيت مجتمعها وتشرذمه تحت وطأة الاحتراب الأهلي.
1ـ الانتخابات السورية وضعت كافة الأطراف في مأزق(6) :
* عشية هذه الانتخابات يمكن تلخيص المشهد السوري في أنها وضعت كل الأطراف في مأزق، كالآتي:
ـ النظام: يعتمد منذ سنوات طويلة على الدولة المركزية والحزب الواحد والتعامل الأمني مع الأوضاع السياسية، ووجد نفسه فجأة أمام تحد كبير يهدد وجوده مع ضغوط داخلية وخارجية هائلة لتغيير تلك الأوضاع، وبسبب ميراثه الثقيل لم يستطع تنفيذ خطته للإصلاح السياسي بالسرعة اللازمة وغرق في دوامة التعامل الأمني.
تعاني المعارضة من التشرذم وقد فشلت في عقد مؤتمر عام يجمع كل أطيافها بدون استثناء حتي تحت مظلة الجامعة العربية.
بدت الولايات المتحدة وأوروبا منذ عدة أشهر وكأنها على وشك تحقيق تدخل أجنبي حاسم وسريع في سوريا، إلا أنها تراجعت تحت ضغط الحسابات الإقليمية المعقدة للوضع السوري والموقف الروسي الصيني المساند لدمشق عن فكرة التدخل العسكري، واكتفت بالعقوبات الاقتصادية المتدرجة ثم خطة "كوفي عنان" المدعمة بمراقبين دوليين والتي ترتكز على وقف إطلاق النار من جانب جميع الأطراف وسحب الجيش من المدن والدخول في حوار سياسي بين السلطة والمعارضة. وحتى تركيا ـ الجارة الأبرز ـ التي لوحت كثيرًا بتدخل عسكري في الأراضي السورية لفرض مناطق أو ممرات آمنة للمعارضين، بدأت في إعادة النظر في هذه الفكرة التي قد تتحول إلى حرب عربية ـ تركية في نظر الشارع العربي، أو تؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية كبري إذا نفذت إيران تهديداتها بالدفاع عن سوريا في مواجهة أي عدوان خارجي.
2ـ الانتخابات التشريعية والتصعيد الأمني(7):
على خلفية الانتخابات التي يجريها النظام، لا تزال تستمر حملتها الأمنية الواسعة التي تركز على ضرب معاقل "الجيش الحر"، وعلى اعتقالات واسعة في صفوف النخبة، ما يعني بالنسبة إليه أن القمع الدموي وكتم الأنفاس هما الوجه الآخر للإصلاح الذي ينوي القيام به، وبذلك يكون هذا الحكم وفيًا لنظرته إلى إدارة الشؤون السورية منذ "الحركة التصحيحية" في 16 (نوفمبر) 1970،إذ شكل العنف أداة الحكم ولم تكن الانتخابات و"الجبهة الوطنية" إلا الواجهة التي تخفي هذا العنف السلطوي.
ـ يقوم النظام السوري بكل ذلك باسم الإصلاح وحماية الكادحين والفقراء والفلاحين الذين ازدادوا فقرًا وتراجعًا في وضعهم المعيشي، بحيث تكون حصيلة هذا الإصلاح هي إنهاء أي دور للأحزاب والنقابات والمعارضة عمومًا والزج في السجون لأي صوت مختلف، وتغلغل الأجهزة الأمنية على كل المستويات، وصولاً إلى حملات أمنية واسعة على مناطق "متمردة"، كما حصل في حماة ومناطق أخرى.
ـ من هنا، يعتبر الحكم أن أي تراخ أمني، مثل وقف النار أو الامتناع عن مطاردة المعارضين (سلميين أو مسلحين) واعتقالهم وقتلهم، يتوازى في الأهمية مع أي تراخ على المستوى السياسي، إذ يشكل كلاهما بداية النهاية لهذا النوع من الحكم، وبذلك تكون وظيفة الانتخابات هي نفسها التي تنفذها الدبابات والأسلحة الثقيلة في مواجهة الحركة الاحتجاجية.
3ـ الأزمة السورية وإعادة مفاهيم الحرب الباردة(8) :
* الأزمة في سوريا تثير العديد من التساؤلات، فهل عادت الحرب الباردة لتطل برأسها من جديد على العالم من خلال الأزمة السورية المشتعلة حتى الساعة؟ وهل هي حرب باردة بملمح عالمي بالفعل، بعد ما رأيناه من مواقف روسية داعمة لسوريا؟ ولماذا تدعم روسيا سوريا على هذا النحو؟ الجواب يقودنا إلى الحديث عن جزئيتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بـ "بوتين" وعودته إلى عرش القيصر. والثانية عن السبب الرئيس وراء الدعم لدمشق من قبل موسكو، واستحقاقات وتبعات هذا الدعم، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:
أ ـ عودة الرئيس "بوتين" إلى عرش القيصر:
ـ إرهاصات الحرب العالمية الباردة قد تبدت، وقبل فوز "بوتين" بالرئاسة الجديدة، من خلال التصريحات التي أدلى بها، ووجه فيها تحذيرات مفادها أنه سوف يتخلى عن معاهدة خفض السلاح النووي التي وقعها مع واشنطن في 2009.في حال عدم تخلي الولايات المتحدة عن خططها لنشر الدرع الصاروخية في أوروبا بالقرب من حدود روسيا.
ـ الجديد أن "بوتين" لم يكتف بالإرهاصات الباردة، فأشار إلى الاحتمالات الساخنة عبر الكشف عن وجود قاعدة صاروخية روسية في مدينة "كالينغراد" الروسية التي تقع على الحدود مع ليتوانيا وبولندا، وهما عضوان في حلف شمال الأطلسي، ومما لا شك فيه أن ما صرح به "بوتين" قد أزعج إدارة "أوباما"، فالأخير يعتبر معاهدة خفض السلاح النووي الموقعة بين واشنطن وموسكو عام 2009، أحد الإنجازات المهمة لإدارته في مجال السياسة الخارجية التي لم يحرز فيها "أوباما" سبقًا واضحًا كبيرًا. وهنا يثار التساؤل: هل الدعم الروسي لحكومة الرئيس "بشار الأسد" هو في الأصل فصل من فصول تلك الحرب أكثر منه حبًا وكرامة للنظام الحاكم في سوريا؟ البحث عن إجابة هذا التساؤل يقودنا إلى أربعة عقود خلت، أي ما هو أبعد بكثير من المشهد المحتقن حاليًا، ذلك أن موسكو كانت تحشد قواها الدبلوماسية والعسكرية دائمًا للدفاع عن نظام "الأسد" الأب منذ عام 1970، عندما دعم الزعيم السوفيتي "ليونيد بريجنيف" الانقلاب غير الدموي الذي قام به "حافظ الأسد"، وحصل في المقابل على قاعدة في البحر المتوسط لقوات البحرية السوفيتية في ميناء طرطوس السوري.
ب ـ أسباب دعم موسكو لدمشق:
* الأهمية الفائقة لسوريا بالنسبة لروسيا، تكمن في:
ـ نظام "الأسد" قد حقق للروس حلمًا بعيدًا في التاريخ، حلمًا راود خيال كل القياصرة والزعامات الروسية منذ زمن القيصر الأشهر "بطرس الأكبر"، وهو الوصول إلى المياه الدافئة في الشرق الأوسط، لتكون نقطة انطلاق جديدة ومتجددة للنفوذ الروسي في الشرق. وقد حصلت سوريا على أسلحة حديثة ومتطورة، في مقدمتها صفقة الصواريخ S003 القادرة على إحداث أكبر الضرر بأحدث الطائرات الأمريكية والإسرائيلية على حد سواء.
ـ مع رئاسة بوتين الثالثة، أدركت روسيا أن فقدانها لنفوذها التقليدي في سوريا، بعدما فقدت حضورها في ليبيا، أمر سيقلص من حضورها الاستراتيجي شرق أوسطيًا وعربيًا، لاسيما أن أعداء روسيا التقليديين، وأبرزهم الولايات المتحدة وحلف الأطلسي وتركيا والدول التي تدور في فلكهم، هم الذين حاربوا موسكو من قبل في أفغانستان، وهم الذين يعملون الآن ضد نظام الأسد. وبالتالي فإنه إذا كانت روسيا قد قبلت فكرة العمل الدولي في ليبيا، فإنها لن تسمح بحال من الأحوال بتكرار السيناريو ذاته في سوريا، وهذا ما بدا واضحًا من مواقفها في مجلس الأمن، فروسيا التي عارضت منذ عام 1999 فكرة العمل الدولي لتغيير الأنظمة أو فرض أنظمة من الخارج بالقوة، تشعر بارتياب بالغ تجاه واشنطن تحديدًا.
ـ وهكذا وفي سياق هذه المصالح الاستراتيجية المتضاربة، يكاد الأمر أن يضحي بالفعل حرباً باردة عالمية، تدرك فيها موسكو أن مخططات واشنطن ماضية على قدم وساق لابتلاع سوريا أولاً، قبل التحول الكامل والتفرغ المطلق لإيران، خاصة أن نهاية نظام "الأسد" ستشكل نكسة كبرى لإيران.
(1) الحياة، الشرق الأوسط، القدس العربي، إيلاف، البيان الامارتية، وكالة الأنباء الفرنسية، رويترز، اسوشييتد برس انترناشونال، 8/5/2012.
(2) الشرق الأوسط، القدس العربي، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية، البيان الامارتية، 8/5/2012.
(3) البيان الامارتية، 8/5/2012.
(4) حسين عبد العزيز، الحياة، 8/5/2012.
(5) خالد غزال، الحياة، 8/5/2012.
(6) فتحي محمود، الأهرام المصرية، 6/5/2012.
(7) عبدالله إسكندر، الحياة، 6/4/2012.
(8) إميل أمين، البيان الامارتية، 7/5/2012.