السبت 2 ربيع الآخر 1446 هـ الموافق 5 أكتوبر 2024 م
التقرير الإعلامي السابع و الثمانون 23 نيسان/ابريل 2012
الاثنين 2 جمادى الآخر 1433 هـ الموافق 23 أبريل 2012 م
عدد الزيارات : 2611
التقرير الإعلامي السابع و الثمانون 23 نيسان/ابريل 2012
أولاًـ دلالات تجاهل النظام السوري التزاماته أمام المجتمع الدولي:
ثانيًاـ تتابعات مهمة المراقبين الدوليين (3):
ثالثًاـ تطورات الجهود السياسية:
رابعًاـ ردود الفعل تجاه انتهاكات "الأسد":
خامسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولايعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث 

 

استمرار تجاهل نظام "الأسد" التزاماته أمام المجتمع الدولي.. الدلالات والتطورات وردود الفعل


* واصل النظام السوري تجاهله لالتزاماته أمام المجتمع الدولي بشأن وقف إطلاق النار،وسحب آلياته العسكرية من المدن، طبقًا لخطة المبعوث العربي الأممي "كوفي عنان" التي وافق عليها "الأسد" وتتمحور حول إجراء حوار سياسي ونقل المساعدة الإنسانية وإنهاء الاعتقالات التعسفية وحرية الصحفيين واحترام حق السوريين بالتظاهر، بيد أن ما قام به النظام على أرض الواقع هو قصفه لأماكن متفرقة من سوريا، مما أسفر عنه سقوط (21) شخصًا، الأمر الذي حدًا بالمبعوث الدولي إلى مطالبة دمشق بالتوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة، والتزام وقف النار وسحب القوات من المناطق المأهولة، ومناشدته السلطات ومن يحملون السلاح من المعارضين أو غيرهم، إلقاء السلاح. في وقت وجه أمين عام الجامعة العربية "نبيل العربي"، إثر لقائه مع المعارضة السورية في مصر، انتقادات حادة إلى المطالبين بحل عسكري للأزمة.

أولاًـ دلالات تجاهل النظام السوري التزاماته أمام المجتمع الدولي:

* رغم قبول النظام في دمشق (يوم 2/4) لخطة "عنان"ذات النقاط الست، وبالرغم من وجود بعثة المراقبين الدوليين في سوريا لمراقبة الوقف الهش لإطلاق النار، لم يستغن النظام عن أدواته القمعية التعسفية، حيث قام بـ:
1ـ محاصرة المدن بالدبابات والقصف المدفعي الكثيف(1) :
* تواصلت خروقات وقف إطلاق النار في عدد من المناطق السورية، وفي هذا الصدد أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل 21 شخصًا برصاص قوات الأمن والجيش معظمهم في دوما بريف دمشق وإدلب، حيث:
ـ قتل ثلاثة مدنيين في مدينة حمص بنيران القوات النظامية، رغم وجود مراقبين اثنين في المدينة، وفي هذا الصدد أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له استشهاد ثلاثة مواطنين إثر إطلاق الرصاص في أحياء "الخالدية" و"الغوطة" و"المخيم".
ـ قتل ثلاثة مواطنين في قرية "الرامي" بـ "جبل الزاوية"في إدلب بنيران القوات النظامية.
ـ سقط قتيلان في ريف دمشق أحدهما برصاص قناصة والآخر بإطلاق نار عشوائي،على إثر اقتحام القوات النظامية مدينة دوما منذ ساعات الصباح الأولى بعدد من الدبابات، وتحت غطاء ناري ومدفعي كثيف جدا، لمقاومة استمرار التظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام.

  •   تجدر الإشارة إلى أن مدينه "دوما" تقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات عن العاصمة دمشق، ويبلغ عدد سكانها نحو مئة ألف نسمة، واستولى المنشقون على المدينة يوم(21 /1) لفترة وجيزة بعد قتال عنيف مع قوات الأمن قبل أن ينسحبوا ويستعيد الجيش السيطرة عليها بعد ذلك، ومنذ ذلك الوقت شهدت المدينة اقتحامات متعددة واشتباكات بين القوات النظامية ومنشقين.

2ـ اعتقال 8 ناشطين واتهامهم بحيازة منشورات محظورة(2) :
* استمرارًا للنهج الأمني والقمعي، وجه القضاء العسكري السوري تهمة حيازة منشورات محظورة، بقصد توزيعها، بحق ثمانية ناشطين بينهم "رزان غزاوي"، وفي هذا الصدد أوضح مدير المركز السوري للدراسات والبحوث القانونية "أنور البني":
ـ "النيابة العامة العسكرية قد قررت إيقاف ناشطين بعد أن استجوبتهم ووجهت لهم تهمة حيازة منشورات محظورة بقصد توزيعها، وأن الناشطين هم "هنادي زحلوط" و"يارا بدر" و"رزان غزاوي" و"ثناء الزيتاني" و"ميادة خليل" و"بسام الأحمد" و"جوان فرسو" و"أيهم غزول".
ـ "الناشطين هم جزء من المجموعة التي اعتقلت بتاريخ 16 فبراير من المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ومصير الآخرين لا يزال مجهولا ومنهم رئيس المركز مازن درويش".
ـ"ما يجري من اعتقال وإحالة إلى القضاء بتهم معدة سلفًا وجاهزة للناشطين السلميين يؤكد بأن الحراك هو حراك سلمي وأن السلطات تسعى بكل جهدها لإخماد هذا الحراك السلمي ووأده وقمع حرية التعبير والرأي، وكل ما من شأنه فضح الانتهاكات التي تجري في سوريا من قبل السلطات".

ثانيًاـ تتابعات مهمة المراقبين الدوليين (3):

*  تابع فريق المراقبين جولته في المناطق السورية، ووصل إلى مدينة "الرستن"، التي ينشط فيها عدد كبير من عناصر "الجيش السوري الحر"،ومن ثم انتقل إلى حماة،واتجه إلى "ساحة العاصي"، وزار عددًا من الأحياء، وفي هذا الصدد:
ـ  ذكر المسؤول في طليعة بعثة المراقبين "نيراج سينغ":

  •   "بقي اثنان من المراقبين الدوليين منذ السبت (21/4) في حمص التي زارها المراقبون منذ أيام قليلة" .
  •   "لقد كانت زيارة طويلة التقى جنود حفظ السلام خلالها السلطات المحلية وجميع الأطراف وتكلموا إلى الناس وقاموا بجولة في المدينة وتوقفوا في عدد من المناطق".
  •   "يوجد ثمانية مراقبين في سوريا، ومن المنتظر أن يصلها أيضاً مراقبان آخران "

ـ أكد نائب قائد "الجيش الحر" العقيد "مالك الكردي" أن:

  •   الجيش الحر التزم بوقف إطلاق النار، طالما أن النظام لا يقوم بالاعتداء على المدنيين في الأماكن التي يوجدون فيها".
  •   من واجب الجيش الحر اليوم التعاون مع المراقبين الدوليين والعمل على حمايتهم، وهذا ما يقوم به عناصرنا في الأماكن التي يصلون إليها، تقديرًا للجهود التي يقوم بها المراقبون من أجل كشف الحقائق، وإن كنا في الوقت ذاته نشكك في إمكانية توصلهم إلى الحقيقة كاملة، في ظل محاولات النظام السوري الدائمة للتعمية على الحقائق والالتفاف حولها".
  •   "ثمة فرق بين مهمة مراقبي جامعة الدول العربية برئاسة الفريق محمد الدابي والمراقبين الدوليين، انطلاقًا من أن قدرة فريق الأمم المتحدة هي أكبر، باعتبار أن تفويض مجلس الأمن أقوى من تفويض الجامعة العربية من جهة، ولأن النظام السوري بات يدرك أن المجتمع الدولي لم يعد يحتمل تجاوزاته والتفافه من جهة أخرى".
ثالثًاـ تطورات الجهود السياسية:

1ـ مباحثات المعارضة السورية في مصر:
أ ـ  مشاورات مع الأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" (4) :

* أجرى وفد المعارضة السورية برئاسة "بسمة قضائي" مشاورات مع الأمين العام لجامعة الدول العربية "نبيل العربي"، حيث:
ـ أشارت "بسمة قضماني" الناطقة باسم المجلس الوطني إلى:

  •   "إننا على استعداد للتعاون الكامل مع بعثة المراقبين التابعة للأمم المتحدة لكي نعطيها فرصة النجاح، كما رحبنا بخطة كوفي عنان وهي قريبة من خطة الجامعة العربية".
  •   "يجب تنفيذ البنود الأولى من الخطة وهي وقف العنف تمامًا وإطلاق سراح المعتقلين، وإرسال المساعدات الإنسانية للشعب لأن هناك كارثة إنسانية في سوريا، والسماح لوسائل الإعلام بالدخول، والسماح للتظاهر السلمي.
  •   "على كل قوى المعارضة السورية للانضمام إلى المجلس الوطني السوري باعتباره إطارًا وطنيًا يتفق فيه على كل ما يهم الوطن السوري الجديد".

ـ أكد "العربي" في تصريحاته أنه:

  •   "تم بحث مع وفد المجلس الوطني السوري المعارض برئاسة د. "بسمة قضماني" الموقف الراهن في سوريا وأهمية مواصلة الجهود من أجل وقف إطلاق النار، وما يتعلق بإيفاد بعثة المراقبين الدوليين الذين أوفدتهم الأمم المتحدة وما يتصل بمعداتهم وكذلك المسار السياسي الذي سيقوم به المبعوث الأممي العربي المشترك الخاص بسوريا.
  •   "المجلس الوطني السوري لم يطلب من الجامعة التدخل العسكري، ومن يطلب التدخل العسكري يبحث عن طريق غير طريق الجامعة العربية".

ب ـ التباحث مع وزير الخارجية "محمد كامل عمرو" (5) :
* أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن الوزير "محمد كامل عمرو" سيستقبل اليوم (23/4) في القاهرة "برهان غليون" رئيس المجلس الوطني السوري، أكبر تحالف معارض للنظام في سوريا، وأفادت الوزارة  في بيانها:
ـ اللقاء يندرج في إطار جهود مصر لحث المعارضة السورية على توحيد صفوفها والانتظام في كيان واحد يطرح رؤية متفقا عليها في ما بينهم بشأن مستقبل سوريا.
ـ الوزير سيلتقي بكل أطياف المعارضة السورية لاستكشاف سبل حل الأزمة ووقف العنف وحقن الدماء في سوريا".

  •   تجدر الإشارة إلى أن الوزير "محمد كامل عمرو" قد سبق أن تباحث مع مسؤولين آخرين في المعارضة مثل "ميشال كيلو" وقيادات المنبر الديمقراطي السوري و"هيثم مناع" ممثل هيئة التنسيق السورية.

2ـ  مؤتمر "البحر الميت" في الأردن لتوحيد صفوف المعارضة (6) :
* دعت 60 شخصية سورية معارضة إلى توحيد صفوفها على برنامج مشترك، محذرة من الأخطار والتهديدات التي تحيط بالثورة السورية التي في رأيهم تشكل فرصة تاريخية نادرة للخلاص من الديكتاتورية والفساد والاستبداد، وفي هذا الصدد:
ـ أكدت هذه الشخصيات، في ختام مؤتمر "المواطنة والدولة المدنية الديمقراطية نحو توافق وطني حول دستور جديد لسوريا"، الذي عقد في منتجع البحر الميت بالأردن بدعوة من مركز القدس للدراسات السياسية وتنسيق مع المعهد الوطني الأميركي الديمقراطي، على وجوب محاربة محاولات تطييف الثورة ومذهبتها، مشددين على أهمية دعم الثورة والحفاظ على طابعها الشعبي ـ السلمي، وتفادي محاولات النظام وبعض الجهات المتطرفة حرف الثورة عن مسارها وأهدافها، وعدم الانجرار إلى مربعات العنف والاقتتال الأهلي.
ـ أوضح بيان لمركز القدس إن ستين شخصية مثلت مختلف ألوان الطيف السياسي ومجموعات المعارضات وتياراتها، ومختلف المكونات الاجتماعية القومية والدينية السورية، قد ناقشت على مدى يومين مستقبل سوريا، وأضاف البيان:

  •   خصصت جلسة ختامية للبحث في عدد من المقترحات والتوصيات وملامح خريطة طريق للمستقبل، كما طرحت في المؤتمر أفكار ومداخلات كثيرة، تناولت سبل التغيير في سوريا، من حيث الفرص والتحديات وملامح مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية.
  •   المؤتمر شهد نقاشات مستفيضة اتسمت بالعمق والصراحة والجرأة في مناقشة علاقة الدين بالدولة،ووضع الأقليات في النظام السياسي السوري الجديد، وطبيعة نظام الحكم المناسب لسوريا.
  •   على هامش المؤتمر، وقع 24 مشاركًا على ما سموه "إعلان البحر الميت"، وتضمن دعوة لوحدة المعارضة وتعظيم مشتركاتها والرهان على الشعب وقواه في الداخل بوصفها الحامل الوطني للثورة، والحفاظ على سلمية الحراك والطابع المجتمعي الشامل، ورفض التدخل العسكري وضبط السلاح وإخضاعه للمرجعية السياسية للمعارضة الموحدة، ودعم مهمة "عنان".
رابعًاـ ردود الفعل تجاه انتهاكات "الأسد":

* مع تواصل خروقات وقف إطلاق النار، رغم وجود المراقبين في عدد من المناطق السورية، توالت ردود الأفعال كما يلي:
1ـ حث "عنان" على ضرورة وقف العنف (7) :
* " كوفي عنان" المبعوث العربي الأممي:
ـ "أناشد جميع القوات، أكانت حكومية أو من المعارضة أو أخرى، إلقاء السلاح والعمل مع مراقبي الأمم المتحدة لترسيخ الوقف الهش للعنف بشتى أشكاله".
ـ "على الحكومة بشكل خاص التوقف عن استخدام الأسلحة الثقيلة والقيام كما تعهدت بسحب هذه الأسلحة ووحداتها المسلحة من المناطق السكنية، فضلاً عن التنفيذ الكامل لخطه الست نقاط لحل الأزمة في سوريا".

  •   تتمحور خطة "عنان" التي وافق عليها مجلس الأمن حول إرسال بعثة مراقبين إلى سوريا، كما تطالب الخطة التي وافقت عليها سوريا في الثاني من أبريل وصادق عليها مجلس الأمن في الخامس من الشهر نفسه، بإجراء حوار سياسي ونقل المساعدة الإنسانية وإنهاء الاعتقالات التعسفية وبحرية الصحفيين واحترام حق السوريين بالتظاهر.

2 ـ  دعوة واشنطن إلى ممارسة مزيد من الضغوط على "الأسد" (8):
*  السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة "سوزان رايس":
ـ "نحن ندرك المخاطر بدقة وندرك أكثر السجل الطويل لنظام الأسد في الوعود التي أخل بها وخيبة الأمل والاستخفاف بأبسط المعايير الإنسانية".
ـ "على الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون الآن إصدار حكم دقيق حول الظروف في سوريا قبل إرسال 300 مراقب غير مسلحين إلى هذا البلد".
ـ "صبرنا نفد، وإذا لم يكن هناك وقف دائم للعنف وإذا لم يتمتع فريق الأمم المتحدة بحرية تحرك كاملة وإذا لم يسجل تقدم سريع وواضح في الجوانب الأخرى من خطة النقاط الست عندها، علينا أن نخلص إلى أن هذه مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا كوفي عنان لم تعد مفيدة".
ـ "إرسال 300 أو حتى ثلاثة آلاف مراقب غير مسلحين لا يمكنه بحد ذاته وقف نظام الأسد عن مواصلة حملة العنف الهمجية التي يشنها، بل ما يمكن أن يوقف هذا الهيجان القاتل هو مواصلة وتكثيف الضغط الخارجي على نظام الأسد".

خامسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

1ـ مراوغات نظام "الأسد" لن تفيد (9)  :
ـ استمرار أعمال القتل والعنف وتواصل اقتحامات المدن في سوريا رغم تواجد بعض المراقبين الدوليين؛ يؤشر إلى أمرين غاية في الخطورة؛ وهما:

  •   الأول: ذلك التحدي السافر من قبل النظام السوري لبعثة المراقبين وإدارتهم للمهمة الإنسانية التي جاءوا لتنفيذها بقرار من الأمم المتحدة.
  •   الثاني:إصرار حكام سوريا على وضع نهاية لازمتهم السياسية الدامية بالرصاص لا بالحوار؛ وحسبما أرادوا وخططوا منذ تفجر الأزمة؛ لا حسبما تطالبهم أسرتهم العربية والمجتمع الدولي لحقن دماء الأبرياء التي تراق يوميا.

ـ مشكلة نظام "الأسد" انه لا يريد أن يساعد نفسه على الخروج آمنًا من أزمته؛ وينتهج أساليب وتكتيكات تأزم الوضع في سوريا؛ تعقد ولا تحل. 
ـ يخطئ حكام سوريا أذا ظنوا أنهم بمثل هذه المراوغات الفجة؛ واللعب على عامل الوقت والمراهنات الخاسرة على مواقف بعض القوى والعواصم ممن يعتبرونهم أصدقاء، سيستمرون في تضليل المجتمع الدولي إلى ما لا نهاية.وبالتالي النجاح في فرض حلولهم الدموية على الأرض؛ فحيلهم السياسية باتت مكشوفة ومراوغاتهم مع الأسرة الدولية أصبحت مفضوحة.
ـ هذا التصعيد المتواصل من قبل نظام "الأسد" ضد المدنيين المطالبين بالحرية والداعين إلى تغيير النظام؛ فضلا عن عدم احترامه لتعهداته التي قبل على أساسها مهمة المراقبين لن يضع حلًا للازمة بقدر ما يزيدها تعقيدًا ويدفع بها دفعا إلى مرحلة جديدة اشد خطورة تعجل بتدخلات عسكرية دولية، بعد أن بات الملف بالكامل فى عهدة الأمم المتحدة، وهى تدخلات سبق وان حذرت منها الأسرة العربية حكام دمشق بكل إخلاص ومسؤولية قومية.
2 ـ مراقبو مجلس الأمن بين طغيان النظام السوري وقوة الشعب(10) :
* وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على إيفاد المراقبين الدوليين إلى سوريا للاطلاع الميداني على مجريات الأحداث والذين سيصلون بعددهم الثلاثمائة تباعا خلال الأيام القليلة، ومهمة المراقبين الآن باتت ما بين طرفين؛ وهما: طرف النظام السوري وطغيانه وما بين المعارضة السورية وقوة الصمود الشعب في وجه جبروت النظام، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:
ـ طرف الحكومة الطاغية التي تتلاعب بالأسرة الدولية، حيث تعلن عن التزامها وقف النار في حين تواصل قصفها مختلف المدن السورية. فهذا النظام اعتاد على الطغيان والبطش والسجن والتعذيب والاختطاف والتشريد والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء وهدم وحرق الممتلكات والشجر والحجر حتى الدواب، أي اتباع قانون القوة التي هي بمعنى الطغيان، وهنا يبرز التساؤل حول مدي قدرة مبادرة "كوفي عنان" أن تحقق من بنودها الستة التي سيعمل المراقبون على متابعتها وخاصة نقطة الوقف الفوري لإطلاق النار الهش، في ظل الإجماع العالمي على أن نظام الممانعة الأسدي، ضد الشعب، لم يلتزم ونجزم أنه لن يلتزم.
ـ طرف المعارضة التي تؤكد باستمرار التزامها بالمبادرات الدولية الدبلوماسية، فـ"الجيش الحر" ومن يؤيده قد أكدوا مراراً وتكرارًا وقفهم العنف، وهنا تظهر القوة الحقيقية للشعب السوري الثائر المصابر والمصمم على خوض غمار الصراع في الحلبة حتى النصر وهزيمة "الأسد" كما أعلن الثوار في جمعتهم الماضية.
3ـ  ماذا بعد فشل مبادرات المجتمع الدولي الدبلوماسية؟ (11) :
ـ قرار مجلس الأمن الأخير قد منح نظام "الأسد" ثلاثة أشهر أخرى، أي صار بإمكان قواته القتل والتدمير حتى شهر أغسطس المقبل. وفي النهاية على الثلاثمائة مراقب دولي أن يكتبوا استنتاجهم، وهو الاستنتاج الذي يعرفه الجميع، أن قوات النظام تستخدم العنف، تطلق النار على المتظاهرين وتقصف أحياءهم، وسيكون من بين المراقبين من يسجل أن هناك جماعات مسلحة دون أخذ في الاعتبار أن الناس تدافع عن نفسها في داخل أحيائها.
ـ لن تعود المداولات في مجلس الأمن إلا بعد أغسطس، حيث يعود المجلس لمراجعة تقارير المراقبين. وسيكون الاجتماع حينها وسط نفس الجدل إذا كان النظام السوري يمارس العنف أم لا، في وقت كلنا نعرف أنه يمارس الإبادة، لا العنف فقط. الإبادة، الكلمة التي كررها الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" قبل أيام مشيرًا إلى أن ما تفعله قوات "الأسد" في مدينة حمص الآن عملية إبادة بتفريغ المدينة من سكانها،حيث يتم استهداف أحياء سكنية بالقذائف على الرغم من أنه لا يوجد مقاتلون هناك منذ تدمير حي "بابا عمرو" و"الخالدية" و"البياضة". تقصف منازلها بعشوائية ووحشية منذ إعلان وقف إطلاق النار في العاشر من أبريل وإلى اليوم، مما يؤكد أنها خطة لتفريغ أحياء في المدينة من سكانها.
ـ المأساة في الوضع السوري تكمن في أن قوات جيش النظام لا تكتفي بتدمير الأحياء، بل تقوم بمطاردة المدنيين عندما يريدون الهرب بحثًا عن النجاة، وهذا لا يحدث في محيط حمص فقط، أو على حدود تركيا، بل في كل مكان. فمنذ أيام قليلة لاحقت قوات من الجيش اللاجئين الذين كانوا يحاولون النزوح من درعا، ووضعت القوات كمينًا بعد أن تجاوزوا الطريق الحربي بمئات الأمتار في طريقهم إلى الحدود.
ـ ما الحل أمام هذا الوضع المأساوي؟ فالأمم المتحدة تمنح النظام ثلاثة أشهر دون أن تقول ماذا سيحدث بعد ذلك، كل ما نعرفه أن اجتماعات مجلس الأمن ستعقد في سبتمبر للبحث في تقرير المراقبين الدوليين، ثم ماذا؟ في أحسن الأحوال سيتم التصويت على قرار يعاقب النظام السوري، والنتيجة شبه مؤكدة بفيتو روسي. هذه نهاية رحلة المراقبين، بلا شيء، وعلى الأرجح سيضطر مجلس الأمن، بسبب استمرار القتل والتدمير، إلى الانعقاد وعقد جلسات متابعة في شهر ديسمبر.
ـ الوضع لا يمكن أن يترك مستمرًا في انتظار الحل السلمي الذي يروج له الأمين العام للجامعة العربية بدعوى أن الدول ترفض التدخل والقتال. وهو مخطئ في حساباته. فما نراه فعلاً عملاً متعمدًا لإنقاذ النظام السوري تمارسه مجموعة من الحكومات العربية والأجنبية. ومع أن هذه الجماعة عجزت حتى الآن عن وقف الثورة السورية، على الرغم من أنها أمدت نظام "بشار" بالمال والعتاد والرجال والوقت والدعاية، فإنها نجحت في شيء واحد فقط؛ في إراقة المزيد من الدماء.
ـ الشعب السوري لن يتعايش مع هذا النظام، والنظام لن يقبل بالتنازل عن السلطة، وبالتالي عن أي حل سلمي يمكن أن يوقع، كما يزعم الأمين العام "نبيل العربي".إن الحل الوحيد القديم الذي لم يفعل بعد هو تمكين السوريين من الدفاع عن أنفسهم؛ لأنها الوسيلة الوحيدة لمواجهة الآلة العسكرية والأمنية السورية المتوحشة، ولأنها آلة الضغط القادرة على إقناع الروس والبقية أن يتخلوا عن رجلهم في دمشق.
4 ـ  قراءة في ارتباك دول الجوار السوري منذ بداية الأزمة (12) :
* شكلت الأزمة السورية منذ بدايتها في مارس 2011 بوابة ارتباك سياسي لدول الجوار السوري، وكان التعبير الأبرز في ارتباك الجوار ما ظهر على سياسة تركيا، أكبر دول الجوار وصاحبة أطول حدود مع سوريا والبلد الذي كان الأكثر قربا من نظام دمشق في السنوات العشر التي سبقت الأزمة، بينما ظهر الأردن باعتباره أكثر دول الجوار قدرة على كتم تعبيرات ارتباكه، وبين الحد الأعلى الذي مثلته حالة تركيا والحد الأدنى الأردني، راوحت الحالة العراقية واللبنانية كجاري سوريا في الشرق والغرب على التوالي، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:
أ ـ مظاهر الارتباك:
ـ تركيا: بدأت موقفها بمحاولة القادة الأتراك وثيقي الصلة والعلاقة مع كبار المسئولين السوريين، الدخول على خط النصح للسلطة السورية بضرورة المعالجة السياسية للأزمة، ثم صعدت اللهجة التركية خارج النصيحة لتبلغ حد الاصطفاف إلى جانب الحراك الشعبي، وصولا إلى التهديد المبطن في مواجهة الحل العسكري الأمني، وصارت تركيا أكثر دول الجوار تعاملًا مع فصائل من المعارضة السورية، والأكثر حضورًا في الأنشطة الإقليمية والدولية الهادفة لمعالجة الأزمة في سوريا، كما هو موقعها في مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري".
ـ العراق: فكانت تناقضات الموقف العراقي حيال الأزمة ظاهرة، وامتد طيفها ما بين الصمت والدعوة إلى الحل عبر الحوار، وصولاً إلى التأييد المضمر للنظام، طبقًا لتصريحات أدلى بها رئيس الوزراء "نوري المالكي".
ـ لبنان:حاول الابتعاد عن اتخاذ موقف جاد حيال الأزمة، فاخترعت الرسمية اللبنانية خطابها القائل بالنأي عن اتخاذ موقف رسمي حيال الأزمة، لكن في بعض تجليات الأزمة داخل لبنان كما في قضية اللاجئين، لم يكن بمقدور الحكومة إثبات أنها غير معنية بالوضع في سوريا.
ـ الأردن:بدا الموقف الأردني حيال الأزمة السورية وتداعياتها شديد الحذر، وكان الصمت التعبير الأبرز عن ارتباك موقف الأردن، ولم يخفف منه تصريح الملك "عبد الله" حول ضرورة تنحي "الأسد" الذي لم يكرره، ولا قام أي من المسؤولين بالأردن بالإشارة إليه أو تكرار مضمونه لاحقًا، لكن ذلك لا يمنع من قول إن الأردن استقبل العدد الأكبر من اللاجئين السوريين مقارنة بدول الجوار.
ـ إسرائيل:الموقف الإسرائيلي إزاء الأزمة السورية لم يختلف كثيرًا في نظرته المرتبكة إزاء الوضع في سوريا واحتمالاته، وهو وضع عبر عن نفسه بانقسام داخل النخبة الحاكمة وفي النخبة السياسية والثقافية، حيث بدت أكثرية تعارض إسقاط النظام، وأقلية تبشر بقرب سقوطه.وباستثناء الموقف الإسرائيلي الذي له بعض الخصوصيات في ظروفه وفي تعامله مع الأزمة في سوريا،
ب ـ العوامل التي أدت إلى ذلك:
* هناك العديد من العوامل التي تلقي بظلالها على دول الجوار السوري، تجعل تلك الدول مرتبكة في مواقفها وسياساتها حيال الأزمة، هذه العوامل هي:
ـ العامل الأول: عدم وجود موقف دولي حاسم وتردد واضح إزاء الوضع في سوريا، وهو أمر ينطبق على الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة التي غلب على مواقفها التردد ما بين مواقف قوية وأخرى ضعيفة، وفي كل الحالات كانت المواقف تفتقر لإرادة سياسية كافية، تثبت جدية أصحابها ممن عارضوا السياسة الأمنية العسكرية للنظام، وطالبوا بتنحي "الأسد" أو إسقاط النظام.
ـ العامل الثاني: يبدو في مخاوف دول الجوار من تدخلات يمكن أن تقوم بها السلطات السورية في تلك البلدان عبر تنظيمات وجماعات سياسية مسلحة طالما كانت قريبة أو ذات علاقة مع سلطات دمشق، مثل حزب "العمال الكردستاني" في تركيا، و"حزب الله" وحلفائه في لبنان، وتنظيمات عراقية بينها جيش المهدي وآخرون، وبعض المنظمات الفلسطينية مثل جماعة "جبريل" في الأردن.
ـ العامل الثالث: تمثله مخاوف دول الجوار من احتمالات النظام الذي سيرث نظام البعث الحالي، وأغلب التقديرات تتجه حاليًا إلى قول إن الإسلاميين هم الذين سيكونون ورثة العهد الحالي على نحو ما حدث في مصر وليبيا وتونس، التي جاء الإسلاميون إلى السلطة فيها جميعا، وهو أمر يرعب أغلب الجوار السوري، على الرغم من أن أمرًا كهذا ليس مسلما، كما أن تيار الإسلام السوري لا يشبه في أهم ملامحه أمثاله في البلدان المجاورة، الأمر الذي لا يبرر قلق البعض منه.
ـ العامل الرابع: يبدو في مجموعة ارتباطات وعلاقات تربط دول الجوار بشبكة سياسية أو اقتصادية قريبة من شبكة النظام في سوريا، على نحو ما هي علاقة العراق بإيران، وعلاقة تركيا في الجانب الاقتصادي مع روسيا وإيران، البلدين اللذين يزودان تركيا بالنفط والغار، وهم أكثر حلفاء دمشق إقليميا ودوليا.
ـ العامل الخامس: يستند إلى وجود أزمة اقتصادية في بلدان الجوار، وهو شديد الوضوح في الحالتين الأردنية واللبنانية، لكنه مستتر بالنسبة للوضع العراقي بسبب الكم الهائل من موارد النفط الذي يغطي على الأزمة الاقتصادية من جوانب مختلفة، وهناك مخاوف تركية جدية من احتمالات سلبية على واقع الاقتصاد التركي الناهض بزخم، فيما لو مضت تركيا إلى موقف جدي يعادي النظام في دمشق، ويدخل في مواجهة معه.
5 ـ في ضوء قرار مجلس الأمن الأخير ..  إلى أين تتجه الأزمة في سوريا؟ (13) :
* بعد موافقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار جديد بشأن إرسال 300 مراقب عسكري غير مسلح إلى سوريا بشكل مبدئي لمدة ثلاثة أشهر لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار وفق الخطة التي قدمها المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا "كوفي عنان" فإن التساؤل الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: إلى أين تتجه الأزمة السورية؟ وهل يؤدي وجود المراقبين الدوليين إلى تغيير الوضع على الأرض لمصلحة التهدئة أم إن الأزمة سوف تتخذ مسارًا مختلفًا خلال الفترة المقبلة؟، وفي الإجابة عن هذا التساؤل يمكن الإشارة إلى عدد من النقاط الأساسية لعل أهمها:
ـ على الرغم من الموافقة على إرسال المراقبين الـ 300 فإن قرار مجلس الأمن قد ربط إرسالهم بالتقويم الذي سوف يقدمه "عنان" لمدى التزام النظام السوري الهدنة المتفق عليها، في الوقت الذي أشار فيه بيان صادر عن مكتبه إلى أن الوضع في سوريا ما زال بعيدا عن الهدوء.
ـ توافرت مصادر وتقارير عديدة تشير إلى وجود انتهاكات لوقف إطلاق النار على الرغم من وجود المراقبين على الأرض السورية، وفي هذا السياق جاءت إشارة "سوازن رايس"، السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة، إلى أن الأمر لا يتعلق بـ30 أو 300 مراقب وإنما بضغوط دولية أقوى على النظام السوري.
ـ قرار مجلس الأمن الدولي لا يجعل مهمة المراقبين الدوليين مفتوحة، وإنما مدتها ثلاثة أشهر يصار بعدها إلى البحث في تمديدها بناء على تقويم كوفي عنان للوضع، لكن الولايات المتحدة الأمريكية أكدت على لسان سفيرتها في الأمم المتحدة أنها لن تنتظر 90 يومًا لتتخذ إجراءات ضد الحكومة السورية إذا استمرت في خرق التزاماتها أو في عرقلة عمل المراقبين، وهذا يعني أن سوريا لن تكون بعيدة عن الضغط خلال الأشهر الثلاثة المقررة كفترة مبدئية لعمل المراقبين، فضلا عن ذلك فإنه بعد مضي هذه المدة سيظل عدم تمديد مهمة المراقبين احتمالًا مطروحًا إذا لم تنفذ سوريا خطة السلام التي قدمها عنان، وفق ما أكدته الولايات المتحدة الأمريكية.
ـ من الإشكاليات المهمة التي يمكن أن تثار حول مهمة المراقبين الدوليين في سوريا طبيعة العلاقة بينهم وبين حكومة "بشار الأسد"، وفي هذا السياق قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة "بشار الجعفري" إن الحكومة السورية سوف تراقب مراقبي الأمم المتحدة عن كثب، مشيرا إلى أنه يتعين على هؤلاء المراقبين القيام بدورهم على أساس من الموضوعية وعدم التحيز والاحترافية، ولاشك في أن هذا يفتح بابا للاحتكاك بين المراقبين والسلطات السورية، خاصة أن معايير الموضوعية والاحترافية وعدم التحيز التي أشار إليها الجعفري وتحتمل تفسيرات مختلفة.
ـ من الواضح في ردود فعل القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على قرار مجلس الأمن الأخير، أن هناك تشككًا لدى هذه القوى في إمكانية نجاح مهمة المراقبين الدوليين، وعدم ثقة بالتزام النظام السوري خطة "عنان" هذا في الوقت الذي مازالت فيه روسيا مستمرة في دعم نظام "بشار الأسد" إضافة إلى الصين ولا شك في أن أجواء الانقسام الدولي المستمرة حول سوريا لها تداعياتها السلبية على مسار الأزمة وأطروحات التعامل معها.
(1) الشرق القطرية، الشرق الأوسط،إيلاف، أسوشيتد برس انترناشونال، الحياة، رويترز، 22ـ23/4/2012.
(2) وكالة الأنباء الفرنسية، القدس العربي، 22ـ23/4/2012.
(3) الشرق الأوسط، إيلاف، وكالة الأنباء الفرنسية، 23/4/2012.
(4) إيلاف، الشرق الأوسط، 23/4/2012.
(5) وكالة الأنباء الفرنسية، إيلاف، الشرق الأوسط، 23/4/2012.
(6) الشرق الأوسط، رويترز، 23/4/2012.
(7) الشرق القطرية، الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الفرنسية، إيلاف،  23/4/2012.
(8) وكالة الأنباء الفرنسية، إيلاف، 23/4/2012.
(9) رأي الشرق القطرية، 23/4/2012.
(10) خالد هنداوي، الشرق القطرية، 23/4/2012.
(11) عبد الرحمن الراشد، الشرق الأوسط، 23/4/2012.
(12) فايز سارة، الشرق الأوسط، 23/4/2012.
(13) نشرة أخبار الساعة، العدد ( 4829)، 23/4/2012