السبت 21 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 23 نوفمبر 2024 م
التقرير الإعلامي السادس و الثمانون 22 نيسان/ابريل 2012
الأحد 1 جمادى الآخر 1433 هـ الموافق 22 أبريل 2012 م
عدد الزيارات : 2751
التقرير الإعلامي السادس و الثمانون 22 نيسان/ابريل 2012
أولاًـ مراوغات النظام السوري:
ثانيًاـ قرار مجلس الأمن بزيادة أعضاء البعثة الدولية إلى 300 مراقب:
ثالثًاـ تتابعات أزمة اللاجئين في ظل استمرار أحداث العنف (5):
رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث
مجلس الأمن يقرر زياد أعضاء البعثة الدولية في سوريا و"الأسد" يراوغ المراقبين

* تزداد الأزمة السورية تعقيدًا يومًا تلو الآخر في ظل استخدام نظام "بشار الأسد" أسلوب التلاعب والمراوغات مع مبادرات المجتمع الدولي الدبلوماسية، ففي الوقت الذي قرر فيه مجلس الأمن بالإجماع، حلاً وسطًا بين مشروعي قرار غربي وروسي يدعو لإرسال مزيد من المراقبين إلى سوريا، ليصل العدد إلى 300، عمد النظام لأسلوب المراوغة مع بعثة المراقبين الدوليين، فسحب قواته وأوقف قصفه على حمص التي يزورها الوفد، لتهاجم قواته من جديد درعا التي أنهت البعثة زيارتها لها منذ أيام قليلة.

أولاًـ مراوغات النظام السوري:

* التزم النظام السوري الهدوء وأوقف العنف في مدينه "حمص" بالتزامن مع زيارة وفد من المراقبين للمدينة، في حين واصل عملياته العسكرية في "درعا" عقب انتهاء زيارة المراقبين، كالتالي:
1ـ قصف مدينة درعا بعد انتهاء زيارة المراقبين(1):
* أوضح معارضون أن النظام السوري أعاد محافظة درعا، بعد خروج بعثة المراقبين منها، إلى سيرتها الأولى، حيث:
ـ أصبحت شوارع درعا البلد، وقرى الكرك الشرقي والحراك، لا تشبه ما بدت عليه من هدوء حين كان المراقبون يتجولون وعاد الوضع فيها إلى ما كان عليه قبل أسبوع، وشهر وعام.. فأعاد الجيش السوري قصف قرى في المحافظة بالمدفعية الثقيلة والدبابات، وعادت قوات النظام الأمنية إلى شوارع المدينة والقرى المحيطة.
ـ القصف العنيف الذي استهدف الكرك الشرقي، أدى إلى تسوية سبعين منزلاً منها بالأرض خلال يومي 20ـ12/4، فضلاً عن تهجير سكان المنطقة إلى القرى المجاورة.
ـ تعرضت مناطق "مسيفرة"، و"حراك"، و"بصر الحرير" التي هدم جزء من منازلها جراء القصف العنيف بالمدافع الثقيلة وقذائف الدبابات ومدافع "الهاون".

  •   كان فريق المراقبين الدوليين في سوريا قد زار درعا وبعض القرى في ريفها يوم (19/4) الماضي، وصرح رئيس فريق المراقبين المغربي "أحمد حميش" بأن زيارة محافظة درعا جنوب سوريا كانت بهدف اللقاء بناشطين للربط معهم.

2ـ التزام الهدوء في حمص مع زيارة المراقبين (2) :
* سيطر الهدوء على مدينة حمص لأول مرة منذ تعرضها للقصف المتواصل على مدى أكثر من ثلاثة أشهر متتالية من قبل قوات النظام؛ وترافق هذا الهدوء مع زيارة وفد المراقبين الدوليين للمدينة لتفقدها بعد أيام من القصف العنيف ومحاولات الاقتحام، وفي هذا الصدد:
ـ أوضح الناطق الرسمي باسم لجان التنسيق المحلية "عمر إدلبي"، أن:

  •   مع زيارة المراقبين للمدينة، بل وبمجرد وصول أنباء عن قدوم بعثة المراقبين توقف قصف الجيش السوري بشكل مفاجئ، وسحبت الدبابات من شارع طريق الشام الدولية، وأدخلت إلى مبنى المركز الثقافي.
  •   توقف إطلاق النار والقصف المدفعي والصاروخي الذي دام نحو أربع ساعات".

ـ أكد مدير المرصد السوري "رامي عبد الرحمن"على:

  •   "هناك هدوء كامل في حمص ترافق مع زيارة المراقبين إلى حمص".
  •   "هذا يدل على أن النظام السوري قادر على وقف النار عندما يريد".

ـ أشار الناشط في تنسيقيات حمص القديمة "عمر التلاوي" إن:

  •   "أحياء حمص تشهد منذ يوم (21/4) هدوءًا وتوقفًا للقصف في ظل انقطاع تام للكهرباء والاتصالات.
ثانيًاـ قرار مجلس الأمن بزيادة أعضاء البعثة الدولية إلى 300 مراقب:

* كان مجلس الأمن قد تبنى يوم (16/4) قرارًا أوليًا يسمح بإرسال فريق تمهيدي محدود إلى سوريا يضم 30 مراقبًا، وفي (21/4) تبني قرارًا جديدًا بالإجماع يتم بمقتضاه زيادة أعضاء البعثة ليصل إلى (300) مراقب.
1ـ  حيثيات القرار (3) :
* تبنى مجلس الأمن الدولي أمس بإجماع أعضائه قرارًا ينص على إرسال 300 مراقب إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار الذي يتعرض لانتهاكات كبيرة، وفي هذا الإطار:
ـ نص القرار، الذي رعته روسيا وفرنسا والصين وألمانيا، على وجوب انتشار المراقبين العسكريين غير المسلحين ال300 سريعًا ولفترة أولية تمتد تسعين يومًا، ولكن على الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" أن يحدد أولاً ما إذا كان تعزيز وقف النار يتيح هذا الانتشار.
ـ يسمح القرار بمراقبة اتفاق وقف أعمال العنف بجميع أشكالها ومن جميع الأطراف في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، وسحب جميع القوات السورية والأسلحة الثقيلة من المناطق المأهولة .
ـ لم يحدد القرار الذي حمل رقم (2043) عدد العناصر المدنية في بعثة المراقبين، ووصف عملية إرسال المراقبين ال300 بأنها انتشار أولي مع إمكان زيادة هذا العدد.
ـ طلب القرار من الحكومة السورية العمل على حسن أداء (البعثة) لمهمتها، وأن تضمن لها فورًا حرية التنقل بحيث تتمكن من تنفيذ مهمتها في شكل كامل ومن دون معوقات، كما طالب بمنح المراقبين وسائل اتصال من دون اعتراض وبضمانات أمنية.
ـ شدد كذلك على ضرورة أن تتوافق الحكومة السورية والأمم المتحدة سريعًا على وسائل نقل جوية ملائمة (طائرات أو مروحيات) تستخدمها البعثة.
ـ طالب أيضًا دمشق بأن تفي في شكل واضح وكامل بالوعود التي قطعتها لـ"كوفي عنان" لجهة سحب قواتها وأسلحتها الثقيلة من المدن السورية.

  •   يذكر أن بعثة المراقبين مكلفة الإشراف على وقف إطلاق النار في سوريا ومساعدة في تطبيق خطة النقاط الست التي وضعها موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان" والتي تلحظ أيضًا إجراء حوار سياسي بين النظام السوري والمعارضة والإفراج عن المعتقلين منذ بدء قمع الحركة الاحتجاجية في مارس 2011.

2ـ المواقف وردود الفعل (4) :
* توالت ردود الفعل على قرار مجلس الأمن بعد صدوره، كالآتي:
أـ داخليًا:
* رحبت المعارضة متمثلة في "المجلس الوطني السوري" والقيادة المشتركة لـ "الجيش السوري الحر" بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي إرسال 300 مراقب إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار الهش، مؤكدة التزامها وقف إطلاق النار، حيث:
ـ أشار الناطق باسم المجلس الوطني "جورج صبرا" إلى أن" المجلس يرحب بإرسال مزيد من المراقبين إلى سوريا"، معتبرًا أن" هذا القرار هو مطلب الشعب السوري والشباب الثائر الذي يتظاهر يوميًا في شوارع البلاد".
ـ أوضح المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل العقيد الركن "قاسم سعد الدين "أن:

  •   "قرار مجلس الأمن إرسال 300 مراقب هو خطوة جيدة لوقف القتل والتدمير من جانب النظام، مؤكدًا "نحن ملتزمون بوقف إطلاق النار، وحماية المدنيين تقع على عاتق المجتمع الدولي".
  •   " نرفض مشاركة الدول شريكة للنظام في قتل الشعب السوري داخل فريق المراقبين الدوليين، وخاصة من دولتين روسيا والصين، ونحذر من ردود شعبية عفوية رافضة لوجودهم ضمن المراقبين، باعتبارهم جواسيس يستخدمهم النظام السوري".

ب ـ  دوليًا :
(1) الأمم المتحدة :

* الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون":
ـ "على الحكومة السورية أن تؤمن سريعًا الظروف الضرورية لانتشار بعثة المراقبين الـ300 التي نص عليها القرار الدولي (2043)، ومن الضرورة أن تضع الحكومة السورية حدًا للعنف وانتهاكات حقوق الإنسان"، وخاصة أن تسحب أسلحتها الثقيلة من المدن السورية".
ـ "الانتشار سيتم في أقرب فرصة وسيبقى رهنا بالتقييم (الذي يجريه الأمين العام) للتطورات على الأرض، وبينها تعزيز وقف إطلاق النار".
ـ "نأمل أن يتم التوصل إلي اتفاق سريع مع دمشق حول وسائل النقل الجوية الملائمة للمراقبين، وكذلك أن يتم تعاون كامل للجميع لإفساح المجال أمام البعثة لإنجاز مهمتها".
(2) واشنطن:
* السفيرة في الأمم المتحدة "سوزان رايس":
ـ "لا يجوز لأحد أن يعتبر أن موافقة واشنطن على تمديد المهمة بعد تسعين يومًا هو أمر مسلم به".
ـ "إذا لم يتم احترام وقف العنف وإذا لم يتمتع فريق الأمم المتحدة بحرية تحرك كاملة، وإذا لم يسجل تقدم سريع وذو دلالة في الجوانب الأخرى من خطة النقاط الست (لموفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان)، عندها، علينا أن نخلص إلى أن هذه المهمة لم تعد ذات فائدة".
ـ "لقد نفد صبرنا، في ظل قائمة الوعود الطويلة التي أخل بها النظام السوري".
(3) روسيا :
* مصدر في وزارة الخارجية "لم يذكر اسمه":
ـ "على جميع أطراف النزاع في سوريا إلى وقف العنف وتنفيذ الإجراءات الواردة في خطة عنان، وما هو مطلوب في قرار مجلس الأمن المعتمد بالإجماع".
ـ "فالقرار يحدد بشكل واضح إطار المسؤوليات لكل أطراف النزاع السوريين، الحكومة ومجموعات المعارضة، لوضع حد للعنف في سوريا".
ـ "هذا القرار مهم لإطلاق عملية تسوية سلمية في سوريا قائمة على أساس خطة موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان".
ـ "نجدد الدعوة لحوار بين السوريين لإقامة نظام في سوريا يكون تعدديًا وديمقراطيًا، ونرفض أي حل مفروض من الخارج".
(4) فرنسا:
* وزير الخارجية "آلان جوبيه":
ـ "التصويت الجماعي في مجلس الأمن يشكل رسالة قوية إلى سوريا، والمراقبون الثلاثمائة المكلفون السهر على احترام وقف إطلاق النار الذي لم يحترم بشكل كامل حتى الآن، يجب أن ينتشروا سريعًا ولفترة أساسية من تسعين يومًا".
ـ "أملي هو أن تسمح هذه المهمة الصلبة بتغيير المعطى، وبوقف القمع الوحشي الذي يتعرض له الشعب السوري منذ أكثر من عام".
ـ "المهمة ستسهر أيضًا على الاحترام التام من قبل النظام السوري لحرية التظاهر التي تشكل واجبًا واردًا في الخطة التي وضعها الموفد الدولي والعربي إلى سوريا كوفي عنان".
* سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة "جيرارد أرو":
ـ "هذه بعثة من نوع جديد. إنها المرة الأولى التي ترسل فيها الأمم المتحدة مراقبين إلى منطقة حرب، مع استمرار القتال، واستمرار أعمال العنف، لذا يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار الخطر الذي يمكن أن يتعرض له المراقبون، وهو السبب في وضع دور للأمين العام لتقييم الوضع على أرض الواقع".
ـ "من المهم أن يكون هناك مراقبون دوليون مدنيون، بالإضافة إلى العسكريين، لبحث أمور مثل المعتقلين. لكن حجم ومهارات هذه الوحدات المدنية سيقررها الأمين العام".
(5) ألمانيا:
* وزير الخارجية "غيدو فيسترفيلي":
ـ " تصويت مجلس الأمن بالإجماع بشأن إرسال بعثة مراقبين إلى سوريا خطوة إيجابية".
ـ "مع هذه البعثة المعززة العديد، بات للمجتمع الدولي أداة لمراقبة الوضع في سوريا. لقد ولى زمن الألاعيب والممارسات التكتيكية الصغيرة".
ـ "حان الوقت لينهي نظام الأسد من دون شروط أعمال العنف في كل أنحاء البلاد وأن يتم احترام وقف إطلاق النار في شكل تام".
ـ "لا مكان للأوهام في سوريا، فاستمرار العنف ضد الشعب نفسه سيتم على مرأى من المجتمع الدولي، لهذا السبب ينبغي أن تبدأ المهمة في اقرب وقت".

ثالثًاـ تتابعات أزمة اللاجئين في ظل استمرار  أحداث العنف (5):

* كشفت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن زيادة أعداد النازحين السوريين إلى لبنان ليصل إلى حدود إلى 22 ألف نازح، وجاء في التقرير الأسبوعي للمفوضية حول النازحين من سوريا:
ـ يتركز اللاجئون السوريون في شمال لبنان، مع وجود ما يزيد على 9.000 شخص في منطقة وادي خالد وطرابلس. إضافة إلى ذلك، هنالك نحو3.000 شخص في طرابلس في انتظار التسجيل في حين تتم مناقشة الإجراءات مع السلطات المعنية".
ـ تعمل المفوضية وشركاؤها بالتعاون مع الحكومة والسلطات المحلية والشركاء الدوليين والوطنيين على مساعدة أكثر من 22.000 نازح سوري في مختلف أنحاء البلاد، وقد تم تسجيل نصفهم تقريبًا بالاشتراك بين المفوضية والهيئة العليا للإغاثة في الشمال، ولا يزال التسجيل مستمرًا.

رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

1ـ خطة عنان.. القتل برعاية أممية (6) :
* يبدو أن خطة "عنان" لم تفشل فحسب في وقف نزيف الدم في سوريا، إنما خلقت وضعًا أسوأ بكثير مما كان قبلها، في هذا الصدد:
ـ أعادت خطة "عنان"ـ التي تمثل التفافًا على الثورة ـ التأكيد على عدة حقائق لم تكن غائبة أصلاً عن الأذهان:

  •   الأولى: نفاق الغرب في التعاطي مع حقوق الإنسان وتغليبه المصالح على المبادئ.
  •   الثانية: أن الحماس العربي لا يحقق أي نتيجة إذا ما تخلفت الإرادة الغربية. لقد نبهنا أكثر من مرة إلى أن الأدوار التي تلعبها الجامعة العربية في الثورات لا تؤشر إلى تحول في العمل العربي المشترك ولا تعكس وعيا بحتمية التغيير.
  •   الثالثة: فهي أن التدويل لا يخدم الثورة ـ أي ثورة ـ لأنها عمل كاسح يجب ما قبله ولا يكترث بإكراهات الواقع وأطره، بينما السياسية الدولية تتنازعها المصالح والأهواء.

ـ تخلي المجتمع الدولي عن الثورة السورية، حيث منحت الخطة نظام البعث الشرعية وأمدته بأسباب البقاء بعد أن طوقت الاحتجاجات دمشق. وهكذا كسب نظام البعث مزيدًا من الوقت لسحق المحتجين برعاية الأمم المتحدة، فما تزال المدن الحاضنة للثورة تتعرض للقصف والاجتياح كل يوم. والمتغير الوحيد هو أن المجتمع الدولي أعاد الثقة لـ "الأسد" من خلال التفاوض معه على تطبيق خطة "عنان"، وبهذا الشكل سقط مطلب رحيل النظام الذي نادي به العديد من قادة دول العالم منذ تفجر الثورة السورية قبل أكثر من عام.
ـ الأمر الأكثر تعقيدًا في الحالة السورية ليس تخلي المجتمع الدولي عن الثورة وتركها تواجه آلة البعث المتعطشة لدماء المواطنين، إنما تكمن المشكلة في أن القوى المؤثرة في العالم حريصة على بقاء نظام البعث في سوريا، وتحاول من خلال خطة "عنان" تحسين مجال الحريات بما ينفس عن النظام ويمكنه من لملمة جراحه. وهناك عاملين رئيسيين يدعمانه:

  •   الأول: اضطرار الغرب لمجاملة محور إيران والصين وروسيا، لتفادي أي وضع قد يزيد التوتر في الشرق الأوسط ويعطل إمدادات النفط.
  •   الثاني: وهو الأهم، ضمان أمن إسرائيل. تتفق دوائر القرار في الغرب على أن نظام البعث هو الأكثر التزاما في حماية الكيان المغتصب.

ـ الإرادة الدولية إذن مع خلود "الأسد"، ولعل هذا ما يفسر استكباره وضربه عرض الحائط بالنداءات والإدانات والمبادرات الدبلوماسية. فالنظام ما كان ليقوى على مواجهة ضغوط العالم لولا إدراكه عدم جديتها، وقد لمح "الأسد" نفسه لهذا في أكثر من خطاب.
2ـ  قراءة في احتمالات وقوع انقلاب عسكري في سوريا (7) :
* يتحدث البعض عن احتمالات وقوع انقلاب عسكري في سوريا من داخل القصر أو خارجه، لعزل الرئيس والإبقاء على ما يوصف بحكم الطائفة العلوية، لكن هذا الخيار غير وارد في سوريا، حيث:
ـ يقع الانقلاب عادة نتيجة ضعف رقابة ونفوذ الأجهزة الأمنية، أو نتيجة تفردها الأمني وقوة سيطرتها، فتقوم هي بالتخطيط والتنسيق والسيطرة والقيادة. أو أن تكون لقيادة القوات المسلحة خصوصية اعتبارية كبيرة وتفرض سيطرتها على كل المفاصل العسكرية، ولا وجود لقوات منفصلة عنها، كقوات الحرس الجمهوري والحرس الخاص وغيرهما من المسميات، أو أن يقوم قائد الحرس الخاص بالانقلاب ويتولى ترتيب السيطرة على الفروع الأخرى.
ـ هذا لا ينطبق على الوضع السوري، وإن انطبق على شخص واحد أو اثنين فقط من القادة الكبار الحاليين فهما جزء أساسي من العائلة، ولا يمكنهما العمل وفق الأفكار المتداولة. والمعارضة وفق أطروحاتها المعلنة لا تقبل بهما أيضا، حيث إن:

  •   الأجهزة الأمنية السورية كثيرة وكبيرة ولا تخضع في المحصلة إلا لرئيس الجمهورية، حتى لو ارتبط أحدها شكليا بوزير أو قائد أو مكتب، وهي منتشرة في كل المدن بمستويات مختلفة، ولا هيمنة لجهاز على آخر، حتى لو كان أحدها أكبر قوة من الآخر كحالة طبيعية.
  •   قادة الفرق والتشكيلات فمعظمهم من العلويين، التمثيل العلوي في تشكيلات المعارضة لا يزال ضعيفًا للغاية، وحتى إن القائد الأبرز من بين السياسيين والعسكريين في الخارج "رفعت الأسد" لم يحظ بتأييد يمكنه من الاضطلاع بدور قيادي.
  •   القيادات العسكرية البارزة والرتب الكبيرة التابعة للنظام السوري مثل "آصف شوكت" و"ماهر الأسد"، من المستبعد أن تقدم على خطوة للسيطرة على النظام. وما عدا هذين الشخصين، فإن أي فعل فانه سيدخل تحت باب الانشقاق والتمرد في مناطق متفرقة، ويصعب تصور حدوثه باتفاقات منسقة، إلا في حالة حصول تصدع في القوات المسلحة، أو تآكل هياكلها نتيجة اتساع الانشقاقات والتخلف عن الالتحاق بالخدمة والهروب منها.
  •   النظام أثبت أنه قادر على التماسك والمطاولة لأسباب بنيوية داخلية ودعم خارجي نادر الحدوث، ويستمر ذلك برغم نجاح المعارضة في تحقيق انتشار واسع المدى ، فقد نجح المجلس الوطني بضغط (بعضه خارجي) من بلورة وجود معقول، مقارنة بقوى معارضة في دول أخرى. ونجح الجيش الحر والجماعات المسلحة غير المعروفة انتماءاتها في تحقيق انتشار واسع جدا تطلب استخدام النظام للقوات المسلحة بأسلحتها الثقيلة.

3ـ تساؤلات حول الموقف الأمريكي من الثورة السورية(8) :
* بين القول بأن على "الأسد" التنحي، والقبول بخطة المبعوث الدولي العربي، واعتبار الحوار بين النظام وجميع أطياف المعارضة الذي ورد في الخطة، للاتفاق على حل سياسي، مخرجًا من الانزلاق إلى حرب أهلية، فجوة واسعة. فما الذي يحكم الموقف الأمريكي من الثورة السورية؟ وما هو خيار واشنطن السوري؟ وهو ما يمكن الإجابة عنه من خلال توضيح الآتي:
أ ـ محددات السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة العربية عامة:
ـ محددات السياسة الأمريكية في منطقتنا العربية هي؛ النفط، وتدفقه بسلاسة ودون عراقيل، وبأسعار مقبولة، وأمن إسرائيل. وكلا الهدفين محقق بوجود النظام السوري.
ـ غير أن هذا النظام ارتكب، من وجهة نظر واشنطن، خطيئة التحالف مع إيران، ومع حركات إرهابية. وقد قام رئيس النظام الحالي "الأسد"، في إطار العلاقة مع إيران، بنقلة جعلت سوريا تابعة لإيران، وحولها إلى ورقة إيرانية في الحسابات الإقليمية والدولية.
ب ـ الأهداف التي تسعى واشنطن لتحقيقها في سوريا:
* وهي إعادة سوريا إلى موقعها في الدائرة العربية، وفي موقع قريب من الدول التي توصف بالاعتدال، والهدف تطويق إيران والحد من طموحها الإقليمي، وحشر "حزب الله" اللبناني، وهذا قد يتحقق دون إسقاط النظام، حيث يمكن تحقيقه بإضعافه، ودفعه لقبول صفقة تخرجه من موقعه الحالي إلى الموقع المطلوب، مع إجراء تعديل على بنيته السياسية: تعددية شكلية أو مسيطر عليها، فإسقاط النظام ليس مطروحًا على جدول أعمال واشنطن إلا إذا رفض النظام الصفقة وتمسك بعلاقاته الإيرانية.
ج ـ العوامل التي تحكم الموقف الأمريكي من الأزمة:
ـ في المستوى الأول القريب:

  •   فالنظام السوري معروف بالنسبة لواشنطن، فقد سبق وتعاملت معه، ولعب أدوارًا مفيدة، حيث قدم خدمات كبيرة مثل ضرب منظمة التحرير الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني، واستنزاف عراق صدام حسين، وتهديد الأردن، وابتزاز دول الخليج، كما قدم معلومات مفيدة عن الحركات الإرهابية. لذا فان بقاءه معدلاً ينطوي على نقاط مفيدة في التعاطي معه خاصة لجهة عقد تسوية مع إسرائيل. فإذا نجحت عملية إبعاده عن إيران فسيصبح ضعيفًا وقابلاً للتشكيل كعجينة طيعة، بينما دعم وصول بديل إلى السلطة ينطوي على مغامرة.
  •   أما المعارضة السورية متعددة المشارب السياسية، وموقفها من إسرائيل غامض، فهي تتحدث عن استعادة الجولان بالطرق المشروعة كجزء من برنامجها المستقبلي، وهذا قد يفجر حروبا جديدة في الشرق الأوسط تهدد امن إسرائيل، وترفع أسعار النفط، إن لم تؤد إلى وقف تدفقه لفترة من الزمن. وإذا ربط هذا مع احتمال وصول الإسلاميين إلى السلطة في سوريا، وهو احتمال قوي، فان المصالح الأمريكية ستتأثر.

ـ أما على المستوى الثاني: فإنها تسعى إلى:

  •   التعامل مع مخاوف الدول العربية من تنامي النفوذ الإقليمي الإيراني، أي إشعال حريق عربي إيراني بجعل مواجهة إيران أولوية، واستثمار ذلك في إضعاف الموقف الإيراني التفاوضي وإجبارها على القبول بحل لملفها النووي بصيغة تستجيب للمطالب الأميركية الأوروبية وتحد من الطموحات الإيرانية بالتحول إلى قوة إقليمية عظمى.
  •   صدام عربي روسي يبعد الروس عن المنطقة، وهذا قد يقود إلى حرب أسعار في مجال الطاقة يخفض الأسعار، وما يترتب على ذلك من ايجابيات مباشرة : الحصول على نفط بأسعار منخفضة، وخفض العائدات المالية الروسية، وهذا سينعكس على قدرات روسيا العسكرية والتنموية، ويحد من إمكاناتها على العمل في الساحة الدولية.

د ـ السيناريوهات التي تتبناها واشنطن في سوريا:
* تقودنا المواقف والتصريحات الأمريكية المتضاربة إلى استنتاج السيناريوهات التي تعمل عليها وهي سيناريو رئيس، وآخر احتياطي، وهما:
ـ السيناريو الرئيسي: وهو السعي لإضعاف النظام ومساومته على ثمن بقائه ليست من أجل الشعب السوري بل من أجل صورة واشنطن، لأنها تريد أن تظهر بمظهر من عمل على تحقيق التغيير الديمقراطي في سوريا. وفي إطار هذا الهدف ستعمل واشنطن على استنزاف النظام وانتظار لحظة نضوجه للمساومة، وقبوله بشروط البقاء التي ستعرض عليه، وبالتالي:

  •   إذا قبل بالصفقة، بما فيها تعديلات هيكلية وسياسية، فسيسوق الاتفاق على أنه تحقيق لمطالب الثورة في التغيير الديمقراطي.
  •   إذا رفض ونجح، بمساعدة روسية إيرانية، في الدفاع عن بقائه في وجه الثورة الشعبية، فسيتم اللجوء إلي السيناريو البديل.

ـ السيناريو البديل، وهو الذي ألمح إليه وزير الدفاع الأمريكي في شهادته أمام الكونجرس (خطط عسكرية جاهزة)، ألا وهو التدخل العسكري، بحجة إنقاذ الشعب السوري من نظام يقتله، وسيأتي التدخل بعد أن يكون عدد الشهداء قد ارتفع، كما هو متوقع في الشهور القادمة، إلى رقم فلكي، ناهيك عن تدمير شبه كامل للبنية التحتية السورية على يد النظام خلال محاولته سحق الثورة.
4ـ  التلاعب بالمجتمع الدولي .. سمة مميزة لنظام "الأسد" (9) :
ـ يعتقد النظام السوري، مخطئًا، أنه يتمتع بقدر كبير من الحنكة، وأنه بما يتبعه من أساليب التلاعب والمراوغات، يستطيع خداع شعبه والعالم دون أن يدري أنه لا يخدع إلا نفسه التي تعيش في عالم من الأوهام، وظهر هذا من خلل الادعاءات التي يحاول إقناع العالم بها، وهي:

  •   وجود عصابات مسلحة وكأن الشعب كله قد تحول إلى عصابات مسلحة في جميع أنحاء ومدن وبلدات وقرى سوريا مما يستدعي استخدام كل هذه المدافع والدبابات وحتى الطائرات لفترة تجاوزت العام دون أن يستطيع هذا النظام (رغم الاستعانة بإيران وحزب الله وروسيا والصين) القضاء عليها ودون أن تكل عزيمة الشعب وإصراره على الحرية.
  •   أنه يتعاون مع المنظمات الإنسانية وجمعيات الإغاثة الدولية رغم استمرار قصفه لمختلف المدن السورية.
  •   أن الشعب السوري يحبه ويريده، وفي هذا الصدد يعتقد، واهمًا، أن كل شيء سيعود إلى سابق عهده.

ـ أصبح هذا الأسلوب سمة مميزة لهذا النظام، وبالتالي لم يعد هناك ما يثير التعجب عندما نجد أن النظام يقوم بإطلاق بيانات وتصريحات عن طريق رعاياه ثم يؤكدها أو يتنصل منها في ما بعد حسب مقتضى الحال، بعض هذه التصريحات كانسحاب الدبابات والقطع العسكرية من المدن المنكوبة، ويتناسى أو يتجاهل أن هناك أقمارًا اصطناعية دولية ترصد وتصور جميع تحركاتها ومخابئها بين المباني وتحت الأشجار وحول المدن، وأن سياسة التصعيد حتى الوصول إلى الحافة ثم التراجع للتهرب من المواعيد والالتزامات والاستحقاقات باتت من مخلفات العهود البائدة في القرن الماضي.
5ـ  إلى أين تتجه الثورة السورية؟ (10):
* مصير الثورة السورية مرتهن الآن بمصير خطة "كوفي عنان"، التي يمكن أن تتجه إلى سبيلين:
ـ الأول: وهو ما تدعو إليه الخطة، وقف لإطلاق النار وحماية المتظاهرين، ثم جلوس الحكومة والمعارضة على طاولة المفاوضات. أي حينها سيجلس "بشار الأسد" وأركان طائفته يتفاوض مع "المجلس الوطني" و"هيئة التنسيق" وغيرهما من المعارضات السورية، ممثلاً للطائفة وليس للنظام الذي تركه في دمشق.
ـ الثاني: أن تفشل مهمة "عنان"، ويرسل المراقبون تقريرهم إلى نيويورك يؤكدون ما نعرفه ونراه جميعًا، أن النظام هو الذي يقصف شعبه، ويطلبون اتخاذ قرار أممي بحماية الشعب السوري؛ أي إن يتم تدخل عسكري مباشر تحت البند السابع لمجلس الأمن (وهو ما يمكن المراهنة عليه من واقع قراءة التاريخ لهذا النوع من الأنظمة من صربيا إلى ليبيا).
(1) الشرق الأوسط، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية،  22/4/2012.
(2) الشرق الأوسط، الشرق القطرية، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية، إيلاف، 22/4/2012.
(3) وكالة الأنباء الفرنسية، إيلاف، 22/4/2012.
(4) وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، إيلاف، 22/4/20012.
(5) إيلاف، 22/4/2012.
(6) سيد أحمد الخضر، العرب القطرية، 20/4/2012.
(7) وفيق السامرائي، الشرق الأوسط، 22/4/2012.
(8)علي العبدالله، المستقبل اللبنانية، 20/4/2012.
(9) حمزة عابد، القدس العربي، 20/4/2012.
(10) جمال خاشقجي، الحياة ، 21/4/2012.