تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.
أكدت مصادر غربية أن جيش النظام قد شن في الأسبوعين الماضيين أكبر حملة عسكرية ضد الجيش السوري الحر منذ بداية الأحداث، ففي يوم الأحد 8 أبريل 2012؛ قامت فرق المدفعية وألوية مدرعات باستهداف نحو 30 موقعاً للمعارضة شمال البلاد، واستخدمت المدفعية الثقيلة بعيدة المدى لأول مرة منذ بدء المواجهات، ثم أتبعتها بقصف جوي مكثف من الطائرات والمروحيات المقاتلة، كما تم رصد تحركات ضخمة للدبابات وناقلات الجنود والمدفعية الثقيلة نحو إدلب ومحيطها، وأكدت المصادر أن عدد القتلى يتجاوز الأرقام المعلنة، ولن يظهر العدد الفعلي للقتلى والمصابين إلا بعد توقف القتال.
ومع تصاعد التوقعات بفشل خطة أنان؛ تؤكد المصادر أن الدول العربية والغربية -وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- تدرس سبل التدخل المباشر لدعم المعارضة، حيث عرضت دفع رواتب أفراد الجيش الحر، وتزويد مقاتليهم بأجهزة الاتصال، والأدوات الطبية كمرحلة أولى.
ونقلت مصادر عن المعارضة قولها إنها قد تلقت تعهدات بالحصول على 176 مليون دولار في صورة مساعدات إنسانية، و100 مليون دولار كرواتب خلال ثلاثة أشهر للمقاتلين داخل سوريا، وكانت بعض المساعدات المالية قد نقلت بالفعل إلى المقاتلين، بما في ذلك مبلغ 500 ألف دولار تم تحويلها إلى الداخل في مطلع شهر أبريل عبر "آلية لا يمكن الكشف عنها".
وكان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون قد أعلنت تسليم مساعدات إنسانية بقيمة 12 مليون دولار للمنظمات الدولية التي تشرف على إغاثة اللاجئين السوريين، ليصل إجمالي المساعدات الأمريكية حتى الآن إلى25 مليون دولار، كما أكدت كلنتون أن الإدارة الأمريكية ستقدم أجهزة اتصال تعمل عبر الأقمار الصناعية ومناظير ليلية لمساعدة المقاتلين داخل سوريا على تنظيم عملياتهم وتفادي الهجمات التي يشنها النظام ضدهم.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية قد بدأت تشعر بالقلق من احتمال تدهور الأوضاع في سوريا، وإمكانية امتداد الفوضى إلى الدول المجاورة، خاصة وأن الجيش النظامي قد قام باستهداف معارضيه داخل الأراضي اللبنانية والتركية.
ونقل عن مصدر في البيت الأبيض قوله إن إدارة أوباما قد بدأت تفكر بصورة جدية في القيام بضربة جوية خاطفة ومحدودة كإجراء تحذيري للنظام السوري ولإشعاره بأن الإدارة الأمريكية قد نفذ صبرها، وأكد المصدر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بات يعتقد بأن القيام بضربة جوية محدودة سيكون له أثر سلبي على معنويات النظام السوري، وقد يشعر قادته بعدم جدوى الاستمرار في ولائهم لبشار.
كما أن القيام بمثل هذه الضربة سيمثل دفعة قوية لمبادرة أنان التي توشك على الانهيار بسبب استمرار النظام في مماطلته وتسويفه.
وعلى الصعيد نفسه؛ تصاعدت في الأيام الماضية نبرة المواجهة لدى الأتراك، حيث قام الجيش التركي يوم الثلاثاء 10 أبريل بتحريك فرقة دفاع جوي وسرب مروحيات مقاتلة نحو الحدود مع سوريا، وذلك على إثر قيام الجيش السوري النظامي باستهداف معارضين داخل الأراضي التركية يوم الاثنين 9 أبريل، كما أوعزت قيادة الجيش التركي إلى الصحافة بنشر نصوص من "اتفاقية أضنة" المبرمة بين دمشق وأنقرة عام 1998، والتي نصت على: "امتناع سوريا عن القيام بأي عمل عسكري يهدد استقرار تركيا في المناطق الحدودية بين البلدين"، ويبدو أن نشر هذه الوثيقة يقصد منه تقديم مبررات قانونية لأي عمل عسكري يمكن أن تشنه أنقرة ضد القوات السورية المرابطة بالقرب من الحدود مع تركيا.
وأكدت المصادر أن نظام دمشق بات قلقاً من إمكانية تعرضه لضربة جوية، حيث تحدث وليد المعلم مع نظيريه الروسي والصيني عن ضرورة منع القوى الغربية من القيام بمثل تلك الضربة، وأكد المعلم لهما أن النظام السوري يخشى من إمكانية دخول الجيش الحر إلى المدن التي ينسحب منها الجيش النظامي، مما يؤدي إلى حالة انفلات لا يمكن السيطرة عليها.
وكانت مصادر عسكرية غربية قد تحدثت عن قيام قطع من البحرية الأمريكية في الأسطول السادس شرقي البحر الأبيض المتوسط، بمناورات بحرية-جوية مشتركة مع البحرية الإسرائيلية واليونانية في الأسبوع الأول من شهر أبريل، وامتدت المناورات إلى جزر كريت وقبرص وبعض الجزر التابعة لتركيا في المنطقة، فضلاً عن مينائي حيفا واشدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما ساهمت قطع من الأسطول البريطاني في دعم تلك المناورات التي كانت بقيادة حاملة الطائرات الأمريكية "أنتربرايز".
وقد حرصت هذه القوى على إبقاء المناورات طي الكتمان، إلا أن تسرب أنباء ذلك التصعيد العسكري قد أدى إلى انزعاج الروس والإيرانيين، حيث هرعت سفينة حربية تابعة للأسطول الروسي في البحر الأسود للإبحار باتجاه المتوسط، ووصلت المدمرة "سمتليفي" المزودة بصواريخ مضادة للغواصات والطائرات ميناء طرطوس يوم الثلاثاء 3 أبريل، مصحوبة بغواصة وسفينة إسناد وقطعات قتالية أخرى، وقامت هذه السفن مجتمعة بمناورات عسكرية شرقي المتوسط، وأكد محلل عسكري أن موسكو قد قامت بتلك المناورات لإشعار القوى الغربية أنها قادرة على التحرك السريع والرد على أي محاولة لتغيير موازين القوى في المنطقة، حيث قامت طائرات قتالية روسية بالتحليق في أجواء المتوسط بالتزامن مع المناورات التي كان يقوم بها الأمريكان مع حلفائهم اليهود واليونانيين.
استمرت وزير الخارجية الأمريكية في دعواتها إلى عدم تسليح المعارضة وتحذيراتها من مغبة "عسكرة الثورة" وتأثير ذلك على دول الجوار، ويبدو أن الدول المجاورة قد استجابت للضغوط الأمريكية حيث شددت الرقابة على حدودها.
ونتيجة للإحجام العربي عن تسليح المعارضة، وتشديد الرقابة على الحدود؛ فقد تحدث قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد عن معاناة المقاتلين من نقص الذخيرة، مؤكداً أن السلاح الموجود لدى الكتائب حالياً يكفي بالكاد لحرب عصابات ومعارك كر وفر.
ونقلت المصادر عن أحد المراقبين قوله إن المقاتلين يعانون من نقص الأسلحة والذخيرة بصورة كبيرة، وأنهم يبذلون جهوداً مضنية للحصول على أي صفقة ذخيرة حتى ولو كانت ضئيلة، وذكر أن عمليات التفاوض أصبحت تتم على صناديق تتضمن كميات بسيطة صغير من الذخيرة بسبب ندرتها في السوق، ويبدو على مندوبي الجيش الحر في الخارج التذمر والانزعاج بصورة ملفتة.
وعلى الصعيد نفسه؛ أشارت تقارير غربية عديدة إلى أن الجيش الحر لم يتلقى أي مساعدات عسكرية عربية، ونقلت عن قادة الجيش الحر التماسهم الحصول على أسلحة مضادة للدروع، وصواريخ "كورنيت" روسية الصنع، والمتوفرة في السوق السوداء بدول الاتحاد السوفيتي سابقاً، لكن قيام الدول المجاورة بتشديد إجراءاتها الأمنية على الحدود قد جعل ذلك مستحيلاً.
وذكر أحد مندوبي الجيش الحر في إسطنبول أن المعارضة قد حاولت تهريب مائتي جهاز استقبال اشترتها من رجل أعمال بلجيكي، ورتبت للقيام بشحنها إلى إقليم كردستان العراق تمهيداً لنقلها إلى الداخل، لكن رجل الأعمال قرر إلغاء العقد نظراً للحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبية على الشركات الأوروبية في تعاملها التجاري مع سوريا.
وفي مقابل إحكام الحصار على مقاتلي الجيش الحر؛ تتدفق الأسلحة الإيرانية إلى سوريا عبر مختلف المعابر البرية والبحرية، حيث أعلنت السلطات الألمانية في 15 أبريل أنها تجري تحقيقاً بشأن محاولة نقل أسلحة إيرانية إلى سوريا على متن سفينة شحن تابعة لشركة "أتلانتك كروز" الألمانية تم اعتراضها على بعد 80 كم قبالة ميناء طرطوس، وبعد ذلك بثلاثة أيام، أي في 18 أبريل أعلنت السلطات التركية أنها اعترضت سفينة شحن ترفع علم "أنتيغوا وبربودا" بعد تلقي معلومات مؤكدة أنها تنقل حمولة أسلحة وذخائر إلى النظام السوري.
وعلى الصعيد نفسه أكدت مصادر الاستخبارات التركية أن كوادر حزب العمال الكردستاني قد دخلت في معترك حملة القمع التي يشنها نظام الأسد، حيث ألغى النظام قراراً سابقاً بمنع أحد كبار قادة الحزب من دخول سوريا، ثم أعلن عن تأسيس ستة مدارس في شمال البلاد بتمويل مباشر من حزب العمال.
وعبر مسؤول أمني تركي عن قلق بلاده من تأسيس مخيم تدريب يقيم فيه نحو 150 عنصراً من الحزب الإرهابي في منطقة "رسيلان" على الحدود مع تركيا.
وأكد سياسي كردي بارز أن النظام السوري قد استعان بنحو 200 عنصر من حزب العمال لقمع المظاهرات في شمال البلاد، وظهرت في الآونة الأخيرة صور لنقاط تفتيش يقيمها ناشطو الحزب لقمع المظاهرات المعارضة للنظام في منطقة عفرين.
وربط مصدر تركي رفيع بين موجة الاغتيالات التي طالت عدداً من قادة الأكراد السوريين المعارضين مع تجدد نشاط حزب العمال الكردستاني؛ فعلى إثر اغتيال مشعل تمو؛ قتل الزعيم القبلي البارز عبد الله بدرو، وتم العثور على جثة أحد عناصر الحزب أثناء المواجهات بين حراس بدرو وفرقة الاغتيال، كما وجهت أصابع الاتهام إلى عناصر الحزب في اغتيال الزعيم الكردي المعارض د. سرزاد حج رشيد في مدينة حلب.
وأكدت مصادر أمنية ضلوع النظام الإيراني في تنسيق عمليات حزب العمال الكردستاني لصالح النظام السوري؛ ففي غضون الأيام الماضية أعلنت السلطات الإيرانية عن اعتقال أحد زعماء الحزب على أراضيها، ونظراً لكونه مطلوباً من قبل السلطات التركية فقد طلب الأتراك تسليمه إليهم لكنهم فوجئوا بامتناع السلطات الإيرانية عن ذلك، ومن ثم التفاوض مع قيادات الحزب على إخلاء سبيله نظير التزامهم بعدم القيام بأي عمليات على أراضيهم، والتعهد بدعم النظام السوري ضد الأحزاب الكردية السورية المعارضة، وفوجئ الأتراك بعد ذلك بالإفراج عن الزعيم الكردي وظهوره في مشهد فيديو مصور.
لكن مسؤولاً تركياً طلب عدم ذكر اسمه قلل من شأن تهديد حزب العمال على الأراضي التركية مؤكداً بأن نشاطه يقتصر في الوقت الحالي على دعم النظام السوري، والمساعدة في قمع حركة الاحتجاجات المعارضة شمال البلاد.
عبرت بعض الأوساط الدبلوماسية عن انزعاجها من ازدواجية الأتراك في تعاملهم مع الملف النووي الإيراني؛ فقد حاول أردوغان تحقيق أكبر قدر من المكاسب عبر قيامه بدور الوساطة بين أمريكا وإيران واستضافة بلاده للمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ونجح في إقناع أوباما باستثناء بلاده من قرارات المقاطعة الاقتصادية ضد إيران بهدف شراء كميات من النفط الإيراني بسعر مخفض، كما أنه وقع اتفاقيات تبادل تجاري مع طهران في زيارته الأخيرة لها بقيمة 35 مليار دولار.
وتأتي تلك المكاسب على خلفية السياسة المزدوجة التي ينتهجها الأتراك في تعاملهم مع الشأن السوري، فهم يريدون إضعاف النظام ولكن ليس إلى درجة إسقاطه، ولذلك فهم لا يبذلون جهوداً فعلية لدعم المعارضة.
وفي الوقت الذي التزمت فيه المملكة السعودية وقطر بدفع رواتب لأفراد الجيش الحر؛ رفض الأتراك تقديم أي دعم مادي لهم.
وبخلاف ما كان يتوقعه بعض المتفائلين حول إمكانية مناقشة سيناريوهات توجيه ضربة ضد النظام السوري؛ تؤكد بعض المصادر أن طموحات أردوغان أثناء زيارته للرياض قد اقتصرت تأمين دعم قيمته 150 مليون دولار لمخيمات اللاجئين السوريين في الجنوب، دون أن يتطرق للحديث عن أي عمل عسكري.
أما في لبنان فقد أكدت المصادر تزايد القلق لدى قيادة "حزب الله" الذي بات يخشى من استمرار المواجهات وإمكانية امتدادها إلى الدول المجاورة، وتحدثت مصادر عن قيام خامنئي بتوبيخ أعضاء وفد رفيع من قيادة الحزب لدى زيارتهم له في طهران، مؤكداً لهم ضرورة دعم نظام دمشق والوقوف معه دون تلكؤ أو مماطلة، كما أوعز لهم بأن ينسقوا مع قائد فيلق القدس لإمداد النظام السوري بالمقاتلين في حمص و الزبداني بريف دمشق.
وفي تطور ملفت للانتباه؛ تحدثت المصادر عن قيام حسن نصر الله بزيارة سرية إلى دمشق في الأسبوع الأول من شهر أبريل، حيث التقى ببعض الجهات المعارضة، وبذل جهوداً حثيثة للتوفيق بينهم وبين النظام، معتمداً في ذلك على وساطة بعض كوادر حركة حماس في دمشق وبيروت، ونقل عن أحد قادة حماس قوله إنه تحدث مع نصر الله مدة خمس ساعات متواصلة في نهاية شهر مارس الماضي، حيث أكد له زعيم "حزب الله" استحالة حسم الأوضاع عسكرياً، وضرورة تحرك قيادة حماس في أوساط الإخوان المسلمين لدفعهم إلى التفاوض ومحاولة التوصل إلى حل سلمي. لكن جهود نصر الله لم تكلل بالنجاح بسبب إصرار بشار أسد على وقف كامل للعمليات العسكرية من جهة المعارضة قبل الإقدام على أي مفاوضات.
وعلى إثر ذلك ألقى حسن نصر الله خطاباً دعا فيه إلى وقف المواجهات بين جميع الأطراف "حالاً" ومن ثم القيام بحوار جدي، مؤكداً بأنه لا يمكن حل الأزمة إلا عبر الوسائل السياسية.