السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
التقرير الإعلامي الثالث و الثمانون 16-17 نيسان/ابريل 2012
الثلاثاء 25 جمادى الأول 1433 هـ الموافق 17 أبريل 2012 م
عدد الزيارات : 2284
التقرير الإعلامي الثالث و الثمانون 16-17 نيسان/ابريل 2012
أولاًـ دلائل انتهاكات الخطة
ثانيًاـ التطورات السياسية
ثالثًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث

 

انتهاكات خطة "عنان" وتضاؤل فرص نجاحها.. الدلائل والتطورات والتقييمات

* رغم موافقة دمشق علي خطة المبعوث الأممي العربي "كوفي عنان" التي تقتضي وقف إطلاق النار لبداية حوار فعال بين الأطراف المتصارعة في سوريا، إلا أن تطورات الوضع الميداني تؤكد انتهاك النظام للخطة، حيث تجدد القصف العنيف على مختلف المدن السورية وسقط أكثر من 25 قتيلاً بنيران قوات النظام، كما استمرت حملات المداهمات والتفتيش والاعتقالات التي تقوم بها قوات الأمن في حماه ودرعا وريف دمشق. وبالتزامن مع ذلك، بدأت طليعة بعثة المراقبة الأممية لوقف إطلاق النار في سوريا أعمالها، فيما دعا أمين عام الأمم المتحدة "بان كي مون" الأطراف السورية إلى التزام ضبط النفس، لحفظ الهدنة الهشة، ورأت واشنطن أن تواصل العنف قد يؤدي إلى إعادة النظر في بعثة المراقبين، ورأى أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة" أن فرص نجاح المهمة الأممية لا تتعدى 3%، في وقت اجتمعت فيه اللجنة العربية بالدوحة لمناقشة الأوضاع السورية، فضلاً عن محادثات وزير الخارجية السوري في الصين، ولقاءات المعارضة مع المسؤولين في موسكو.

أولاًـ دلائل انتهاكات الخطة

* تواجه خطة "عنان" الكثير من العقبات والتحديات جراء عدم التزام النظام بما تتضمنه الخطة والتهرب منها رغم إظهاره هذا الالتزام، خاصة ما يتعلق بالوقف الفوري والكامل لإطلاق النار وسحب كل مظاهر القوة المسلحة من المدن وإطلاق سراح المعتقلين بالسجون منذ اندلاع هذه الأحداث، وهو ما يمكن توضيحه علي النحو التالي:
1ـ  مقتل 25 شخصًا بالتزامن مع وصول بعثة المراقبين الدوليين (1):
* قتل يوم (16/4) 25 شخصًا بمناطق عدة في سوريا، حيث واصلت القوات النظامية السورية قصفها على أحياء بمدينة حمص، بعد اشتباكات فجرًا بين جنود منشقين ونظاميين في ريف دمشق ومدينة إدلب؛ يأتي ذلك بعيد وصول الفوج الأول من المراقبين الدوليين الذي بدأ ممارسة مهامه أمس، وفي هذا الصدد:
ـ  قتل ثلاثة مدنيين إثر إطلاق الرصاص على سيارة من القوات النظامية السورية في مدينة حماة.
ـ وفي درعا، قتل مواطن برصاص قوات الجيش في مدينة انخل.
ـ وقتل أربعة مواطنين في مدينة إدلب "إثر إطلاق نار من القوات النظامية التي تشتبك مع مقاتلين من المجموعات المسلحة المنشقة"، وقتل فتى في السادسة عشرة من العمر إثر إطلاق الرصاص بشكل عشوائي في محيط بلدة خطاب في إدلب التي شهدت اعتقالات، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
2ـ  تصعيد النظام السوري لعمليات اعتقال الناشطين (2) :
* في انتهاك واضح لخطة المبعوث الدولي "كوفي عنان"، التي تنص في أحد بنودها الستة على وجوب الإفراج عن المعتقلين السوريين على خلفية الأحداث الأخيرة، أكد ناشطون ومصادر بالمعارضة السورية أن النظام استغل دخول هدنة إطلاق النار حيز التنفيذ منذ الخميس الماضي الموافق 12/4 في خنق المعارضة السورية، وشن عمليات اعتقالات للمئات من الناشطين، وفي هذا الصدد:
ـ أعلن فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهاز إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) اعتقل، يوم 14/4، الصحفية" ماري عيسى" وزوجها الطبيب "جوزيف نخلة" من منزلهما في جرمانا في ريف دمشق بسبب نشاطهما السلمي لدعم الحراك الثوري في سوريا، مشيرًا إلى أن "عيسى" كتبت مقالات عدة تدعو إلى إقامة دولة ديمقراطية في سوريا.
ـ أعرب ناشطون سوريون، عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن استغرابهم الكبير لعدم تحرك المجتمع الدولي ومبعوثه "كوفي عنان" لحث النظام السوري على الإفراج عن المعتقلين السوريين تطبيقًا لبنود خطة عنان، بعد أيام من إعلان النظام أنه بدأ بتطبيقها.

  •   كانت منظمة "آفاز" الدولية الحقوقية قد قدرت وفي وقت سابق عدد المعتقلين السوريين في السجون والمدارس والمستشفيات وحتى النوادي الرياضية، المنتشرة في معظم المناطق السورية، بـ69 ألفًا، لافتة إلى أن ما يزيد على 617 منهم قضوا تحت التعذيب، بينما قدرت الخارجية الفرنسية، مطلع الشهر الحالي، عدد المفقودين بما لا يقل عن 65 ألف شخص، وعدد المعتقلين بنحو 210 آلاف شخص، مستندة في ذلك إلى مصادر من بينها الأمم المتحدة والهيئة العليا للاجئين والصليب الأحمر الدولي.

3 ـ تأكيدات الأمم المتحدة لانتهاك  جيش "الأسد" الهدنة (3) :
ـ أكد محققا الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنهم تلقوا تقارير عن قيام القوات السورية بعمليات قصف واعتقال منذ وقف إطلاق النار وقيام قوات المعارضة بإعدام بعض الجنود الذين اعتقلوهم رغم إقرارهم بانخفاض مستوى العنف بوجه عام.
ـ عبر المحققون الذين يرأسهم البرازيلي "باولو بنهيرو" عن قلقهم تجاه ما وصفوه بتدهور الوضع الإنساني في سوريا التي فر منها عشرات الآلاف من المدنيين بسبب تصاعد حدة القتال قبل بدء سريان الهدنة الأسبوع الماضي.
ـ أقر فريق المحققين في بيان له بأن مستويات العنف تراجعت بوجه عام في بعض المناطق بسوريا منذ الهدنة، لكنه أشار إلي القلق والتخوف في ظل توافر روايات تتحدث عن عدد من الحوادث منذ ذلك الحين منها قصف "حي الخالدية" ومناطق أخرى في حمص على أيدي القوات الحكومية واستخدام الأسلحة الثقيلة مثل الرشاشات في مناطق أخرى منها إدلب وبعض ضواحي دمشق.
ـ في غضون ذلك، حث الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" السلطات السورية على التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس، كما دعا المعارضة إلى التعاون التام واصفًا وقف إطلاق النار في سوريا بالهش.

ثانيًاـ التطورات السياسية

* بالتزامن مع انتهاكات النظام السوري لخطة المبعوث العربي الأممي "كوفي عنان"، توالت الجهود والتدابير الدولية لحلحلة الأزمة المتفاقمة في سوريا، هذا فيما تباين المجتمع الدولي في ردود فعله تجاه استمرار العنف في سوريا، الأمر الذي يمكن توضيحه كالآتي:
1ـ  تتابعات الجهود والتدابير لحلحلة الأزمة:
أ ـ  اجتماع اللجنة العربية بالدوحة لمناقشة القضية السورية(4) :

* تعقد لجنة المتابعة العربية المعنية بالأزمة السورية اجتماعا مهما لها بالدوحة اليوم الموافق (17/4) برئاسة الشيخ "حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني" رئيس الوزراء وزير الخارجية بحضور وزراء الخارجية الأعضاء بها والأمين العام للجامعة العربية، كما يحضر الاجتماع "كوفي عنان" المبعوث الأممي ـ العربي إلى سوريا، وفي هذا الصدد:
ـ كشف مسؤول بالجامعة العربية أن "عنان" سيطلع اللجنة على تقارير تكشف كافة الحقائق حول الأوضاع على الأرض في سوريا ومدى تجاوب نظام الحكم من عدمه مع مهمة المبعوث، وأكد أن مهمة المبعوث مازالت تواجهها الكثير من العقبات جراء عدم التزام النظام بما تتضمنه الخطة.
ـ تناقش اللجنة تقريرين لرئيسها وللأمين العام للجامعة حول نتائج تحركات اللجنة على مدى الفترة الماضية حيال ملف هذه الأزمة وفرص تسويتها سلميًا من عدمه، وكشفت مصادر عربية أن التقريرين يتضمنان وجهة نظر تشاؤمية حيال الأوضاع في سوريا جراء استمرار العنف وتزايد أعداد الضحايا.
ب ـ   بدء جولة المراقبين الدوليين في سوريا (5) :
* استهلت بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا نشاطها باجتماع عقدته صباح يوم 6/4 مع مسئولين في وزارة الخارجية السورية، على أن تبدأ مهمتها الميدانية بزياراتها مناطق خارج العاصمة دمشق، لرصد تطبيق خطة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية "كوفي عنان" لوقف إطلاق النار، وفي ضوء ذلك:
ـ أوضح "أحمد فوزي"، المتحدث باسم الموفد الدولي الخاص إلى سوريا "كوفي عنان"، أن مهمة المراقبين ستبدأ بفتح مقر رئيسي لهم صباح اليوم، والاتصال بالحكومة السورية وقوات المعارضة لكي يفهم الطرفان بشكل كامل دور المراقبين الدوليين.
ـ أشار رئيس بعثة المراقبين الدوليين العقيد "المغربي أحمد حميش" إلى أن المراقبين سيباشرون عملهم يوم (16/4) بالتنسيق مع الأطراف المعنية، وهم سيقومون بجولة خارج دمشق.

  •   يأتي وصول طليعة المراقبين إلى دمشق، تنفيذا لقرار مجلس الأمن الدولي الذي حمل الرقم 2042، والذي ينص على إرسال بعثة مراقبة دولية مكونة من 30 عضوًا إلى سوريا لرصد الوضع على الأرض، ووجوب حصولهم على حرية الحركة، محذرًا من إمكانية النظر في خطوات أخرى في حال عدم تنفيذ القرار.

ج ـ زيارة وفد من المعارضة السورية لموسكو (6) :
* وصل وفد من هيئة "التنسيق الوطنية السورية" يمثل المعارضة السورية في الداخل إلى العاصمة الروسية موسكو ليناقش مع المسئولين الروس الوضع في سوريا والمساعي المبذولة لإخراجها من أزمتها، وفي ضوء ذلك:
ـ أوضح ممثل المعارضة السورية في موسكو "عادل إسماعيل" عزم أعضاء الهيئة لقاء وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" ونائبه "ميخائيل بوغدانوف" مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الروسي "ألكسي بوشكوف"، ومبعوث الرئيس الروسي إلى إفريقيا "ميخائيل مارغيلوف".
ـ أشار رئيس هيئة التنسيق الوطنية "حسن عبد العظيم" إلى أن اللقاء سيشمل الحديث عن موقف وخطط المعارضة للوصول لحل سلمي للأزمة، وشدد على ضرورة إيجاد حل سياسي للنزاع.

  •   تأتي زيارة وفد المعارضة السورية إلى موسكو التي تستغرق ثلاثة أيام بعد أسبوع من زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم للعاصمة الروسية والذي أبلغ نظيره الروسي "لافروف" أن الحكومة السورية شرعت في تنفيذ خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان" لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.

د ـ مباحثات وزير الخارجية السوري في الصين(7) :
* وصل وزير الخارجية السوري إلى بكين(16/4)، في زيارة تستغرق يومين، ليبحث مع الحليف الصيني في جهود دمشق المتعلقة بوقف إطلاق النار الذي تطالب به الأسرة الدولية. وأعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية "ليو ويمين" أن بكين ستقدم معلومات عن زيارة وزير الخارجية السوري في الوقت المناسب، كما أشار إلى أن الصين تبقى على اتصال مع الحكومة السورية والأطراف الأخرى في سوريا.
هـ ـ  استضافة باريس اجتماعًا لفرض العقوبات على سوريا (8):
* تستضف باريس اليوم الاجتماع الأول لمجموعة العمل المعنية بفرض عقوبات على النظام السوري والتي أعلن عن تشكيلها في مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي عقد في مطلع الشهر الجاري بإسطنبول بمبادرة من وزير الخارجية الفرنسي "آلان جوبيه"، وفي هذا الإطار:
ـ أوضح "برنار فاليرو" المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في مؤتمر صحفي يوم (16/4) أنه تم دعوة دول مجموعة "أصدقاء سوريا "(50 دولة) الملتزمين بتطبيق عقوبات ضد النظام السوري للمشاركة في هذا الاجتماع الذي تترأسه كل من فرنسا والمغرب وإدارة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي، وأضاف أنه من المقرر أن يفتتح أعمال الاجتماع "آلان جوبيه" بإلقاء كلمة تتمحور في مجملها على تطورات الأوضاع في سوريا.
ـ أشار "آلان جوبيه" وزير الخارجية الفرنسي إلى أن العقوبات ضد النظام السوري أثبتت أنها أداة فعالة تتطلب تعبئة بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي، مضيفًا أن عقوبات عدة مفروضة حاليًا على نظام دمشق خاصة من جانب الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والولايات المتحدة.
2ـ  تطورات المواقف وردود الأفعال تجاه استمرار العنف:
أـ السعودية .. نرحّب بقرار مجلس الأمن (9) :

* وزير النقل والثقافة والإعلام بالنيابة "جبارة بن عيد الصريصري":
ـ "مجلس الوزراء رحب بقرار مجلس الأمن بشأن إرسال مراقبين دوليين للإشراف على وقف إطلاق النار في سوريا، والمجلس شدد على أهمية الإسراع في تنفيذ القرار".
ب ـ قطر . . احتمال نجاح خطة عنان لا يتعدى 3%  (10)  :
* أمير قطر الشيخ "حمد بن خليفة آل ثاني":
ـ "احتمال نجاح خطة مبعوث جامعة الدول العربية والأمم المتحدة كوفي عنان لحل الأزمة السورية، لا تتعدى نسبته 3%، في ظل استمرار أحداث العنف.
ـ "الدوحة أيدت وتؤيد فائدة التدخل العسكري لإنقاذ دماء الشعب السوري، فمطالب الكرامة والعدالة التي ولدت بطريقة سلمية، يمكن أن تصبح مسلحة".       
ـ "موقف مجلس الأمن غير أخلاقي إزاء شعب يقتل كل يوم ويتلقى الصمت فقط، ولا أعتقد أن الشعب سوف يتراجع، ولو كلف ذلك عشرات الآلاف من القتلى".
ج ـ  " بان كي مون".. وقف النار هش وعلى دمشق ضبط النفس (11) :
* الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون":
ـ "على السلطات السورية إبداء أكبر قدر من ضبط النفس"، وعلى قوى المعارضة أن تتعاون أيضًا بشكل كامل حتى يمكن تطبيق خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية "كوفي عنان".
ـ "أن وقف إطلاق النار على الأرض هش جدا، ومن المهم أن تعمل كل الأطراف بدءا بالنظام، على فرض احترام الشروط التي وضعت.
ـ "لا نفكر حاليا في حماية عسكرية لأننا نعتقد أن حرية تحركهم يجب أن تكون مضمونة" من قبل السلطات السورية".
دـ  واشنطن.. العنف في سوريا قد يؤدي لإعادة النظر في المراقبين (12) :
* السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة "سوزان رايس":
ـ "مواصلة أعمال العنف في سوريا، قد تؤدي إلى إعادة النظر في بعثة المراقبة التي كلفتها الأمم المتحدة الإشراف على وقف إطلاق النار".
ـ "واشنطن تعرب عن قلقها الشديد تجاه استمرار العنف، وهذا غير مقبول على الإطلاق، وهو يتعارض مع الالتزامات التي قدمتها سوريا للموفد الدولي الخاص كوفي عنان".
ـ "في حال تواصل هذا العنف ولم يصمد وقف إطلاق النار، فسيؤدي ذلك إلى إعادة النظر في مبررات إرسال بعثة مراقبة كاملة".

ثالثًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

1 ـ سقوط النظام السوري وبقاء السلطة(13):
* بعد مرور أكثر من عام على انطلاق الحراك في سوريا، يجد المراقب للمشهد السوري أن ما تم انجازه حتى الآن قد أصاب مقتلاً في عمق النظام بشكلٍ أكثر جذرية من بعض الدول التي أنجزت مقولة إسقاط النظام شكليًا وتسعى إلى تقويض المضمون، ذلك أن الحراك السوري أن يضع النظام أمام ضرورة إسقاط نفسه بنفسه ولو إلى مستوى أقل شأنًا، في ضوء ذلك يمكن توضيح الآتي:
ـ مع انطلاق الحراك الشعبي، كانت هناك تخوفات كبيرة لدى السلطة، وهو ما جعلها تسارع إلى الركيزة الطائفية الأكثر ضمانة من وجهة نظرها، وعمد رجال السلطة من أجل الوصول إلى هدفهم إثارة فزع العلويين من عدو تم تصويره على أنه سلفي متطرف دموي، وبنجاحهم هذا حققوا تماسك بنيتهم وأدواتهم الطائفيتين، وحاضنتهم الاجتماعية.
ـ أفضى الصراع بين السلطة والحراك الشعبي في سنته الأولى إلى عدة نتائج:

  •   تأمين السلطة لحاملها الطائفي، وبمقدار تحقيقها لنجاح في مسعاها هذا كانت تدعم الفعل النقيض بتوفير مزيدًا من شروطه.
  •   انشقاق المجتمع السوري عن نظام فقد آخر عناصر شرعيته.
  •   سفور وجه السلطة مع التصاعد الوحشي للقمع الذي وصل إلى حد القتل الجماعي، ما وضع النظام السوري في مواجهة مع العالم والدول العربية، الخليجية تحديدًا.
  •   انكشاف زيف ادعاءات السلطة بخصوص الصراع مع إسرائيل، ومقولات الممانعة التي تكررها.

ـ قوض الحراك الشعبي ما تبقى من ثقة بإدعاءات النظام المنهار، ليظهر بذلك مدى تهافت النظام السياسي حتى بعين النواة المركزية للسلطة ما دعاها للتخلي عنه، وظهر ذلك في الخطوات التي قامت بها، ومنها إعلان دستور جديد، وإعلان قانون الأحزاب الجديد بإيهاب إصلاحاتٍ تدعي أخذ المطالب الشعبية في الاعتبار! بينما هي تستعيض عن سبل سيطرتها السابقة بوضع صلاحيات سلطانية بيد الرئيس ليكون الضامن لبقاء سطوتها في ظل أي نظامٍ بديل تنتجه.
ـ السلطة أخذت القرار بإعادة بناء النظام، بل ببناء نظامٍ جديدٍ لا دور يعول عليه لحزب البعث، فاندفع أهل الحكم في البحث عن ثقاتٍ من خارج الطائفة العلوية، في محاولة لتحزيب الأقليات الدينية والعرقية بارتباط مع مأسسة ممركزة للطائفة العلوية، وبهذا يظهر كيف يجري إعادة بناء النظام السياسي ليصبح نظامًا طائفيًا.
ـ في مواجهة سيناريو النظام الجديد، الذي تتجه السلطة السورية لصنعه، لا مناص من خطوات ضرورية من قبل المعارضة للنجاح في الحفاظ على الجمهورية السورية (وحدة أرضها وشعبها ودولتها) ولعل أهمها؛ إنشاء عقد اجتماعي جديد، ومواجهة الطائفية بكل صعيد، وتنظيم العملية الثورية، وعلى وجه الخصوص ضبط المكون العسكري في الثورة.
2ـ  قراءة تحليلية في قرار مجلس الأمن لإرسال مراقبين دوليين في سوريا:
*بدأت مجموعة صغيرة من المراقبين الدوليين تابعيين للأمم المتحدة بالدخول في قلب الأزمة السورية، على أمل نجاح مهمتهم في تثبيت وقف هش لإطلاق النار بدأ سريانه منذ أربعة أيام رغم استمرار سقوط قذائف، وعبرت المجموعة متعددة الجنسيات والمكونة من ستة جنود بدون سلاح عن تفاؤلها وهي مكلفة بالإشراف على وقف العنف المستمر منذ 13 شهرًا، إلا أن واقع الأمور يشير إلي غير ذلك في ظل استمرار العنف، وفي هذا الصدد يمكن توضيح الآتي:
أـ التحديات التي تواجه مهمة المراقبين الدوليين :
* تواجه مهمة مراقبي الأمم المتحدة، الذين وصل أول ستة منهم للعاصمة دمشق، العديد من التحديات التي تشكك في إمكانية نجاحها، وهو ما يمكن توضيحه علي النحو التالي:
ـ عدد المراقبين صغير، حتى بعد أن يكتمل بمائتين وخمسين عسكريًا وفنيًا معتمدين من قبل الأمم المتحدة، فجميعهم يعرف تاريخ النظام السوري في التعامل مع المراقبين، سواء في لبنان أو سوريا، أو في قضايا سابقة، مثل اغتيال الحريري وتحقيقات الأمم المتحدة.
ـ النظام السوري، صار أكثر ثقة ولا يبالي بردود الفعل الدولية على جرائمه، قد يتجرأ على تهديد، وربما إيذاء المراقبين، كما فعل مع بعض المراقبين العرب الذين اعتبرهم ليسوا في صفه، فقد حاول لثماني سنوات، وفشل في إيقاف تحقيقات اغتيال الحريري، حيث(14):

  •   كافة الذين عملوا في التحقيق في اغتيال "الحريري" اشتكوا من عمليات التهديد والإيذاء من قبل المخابرات السورية، لكن ذلك لم يوقف التحقيقات وتأسيس المحكمة.
  •   مارس النظام ملاحقة لكافة المحققين والقضاة اللبنانيين الذين تجرؤوا على التعاون مع المحققين الدوليين، واضطر أحدهم أخيرا إلى الاستقالة، حيث أصيب بانتكاسة وأدخل بسببها إلى المستشفى.
  •   تجرأ على قتل محققين لبنانيين قادوا إلى اكتشاف أصابع الجناة.

ـ قوات النظام قد تعرض حياة المراقبين للخطر باستخدام حجج واهية متعلقة بمخاطر الجماعات المعارضة الإرهابية المسلحة، بيد أن التعرض للمراقبين الدوليين سيكون خطأ فادحًا، لأنهم جاءوا تحت قرار مجلس الأمن رقم (2042)، ونص على إرسال بعثة مراقبة دولية مكلفة بتقييم الوضع على الأرض، والقرار أيضًا صريح، حيث يشدد على وجوب حصولهم على حرية الحركة، والأخطر أنه يهدد النظام بإمكانية النظر في خطوات أخرى، في حال عدم تنفيذ دمشق القرار(15).
ـ إنكار النظام السوري لمهمة البعثة، وابتكاره قراءة مختلفة للقرار الدولي الأخير الذي يسمح بإرسال المراقبين الدوليين إلى سوريا وينظم عملهم، حيث جاءت قراءة المسؤولين السوريين للقرار كالتالي(16):

  •   زعموا أن هذا القرار لا يشكل تهديدًا لسيادة الدولة، مع أن فرض الرقابة الدولية على سلوك أي نظام حيال مواطنيه يتضمن في الأساس تشكيكًا في سلامة هذا السلوك وفي عمل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام من جهة، كما يضع هذا النظام في غرفة العناية الفائقة، بحيث يحتاج إلى تعامل استثنائي لا ينطبق في العادة على الأنظمة التي يعتبر سلوكها مع مواطنيها طبيعيًا ومقبولاً حسب المعايير الدولية.
  •   أبدعوا سيناريوهات خاصة بهم لإدارة الأزمة وتفسير أسبابها وتحليلها، بيد أن اختراعات كهذه لا تلغي الحقائق ولا تضمن أن يصدقها كافة الأطراف، وهكذا فقد رد الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" على زعم السلطات السورية بأنها يجب أن تعرف مسبقًا بتحركات المراقبين بحجة ضمان أمنهم، فقال إن حرية تنقل المراقبين والسماح لهم بإجراء اتصالاتهم من دون عراقيل وضمان وصولهم إلى من يشاءون من أفراد على الأراضي السورية هو من مسؤولية الحكومة السورية التي تتحمل المسؤولية كذلك عن سلامة فريق المراقبين.
  •   أرادوا تحويل مهمة العقيد "أحمد حميش" رئيس بعثة المراقبين الدولية إلى ما فعلوه مع الفريق "محمد الدابي" رئيس البعثة العربية، الذي كانت تحركاته هو وفريق المراقبين العرب بمعرفة وتحت عيون السلطات الأمنية وأجهزة استخبارات النظام. لكن دمشق تخطئ كثيراً هذه المرة، إذا تعاملت مع القرار الدولي الأخير كما تعاملت مع المبادرة العربية. من المهم الانتباه إلى أن القرار (2042) وضع الأزمة السورية تحت أنظار العالم، ولم تعد أزمة عربية فقط، وهو ما حاولت القيادة السورية تجنبه منذ البداية بحجة حرصها على الحل العربي.

ب ـ العلل التي تعتري قرار مجلس الأمن (17) :
* قرار مجلس الأمن لإرسال مراقبين دوليين في سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار لا يخلو من العلل التي يمكن توضيحها علي النحو التالي:
ـ كيف يرسل مجلس الأمن 250 مراقبًا إلى بلد تتظاهر فيه 577 مدينة وقرية كمعدل وسطي، والأسوأ من ذلك أن القرار ينص بوضوح على أن مسألة اختيار المراقبين يتم التوافق عليها بين دمشق والأمم المتحدة، فلنفرض أن "الأسد" لم يوافق على إدخال مجموعة محددة من المراقبين ،فاستبدلت بأخرى فرفضها النظام أيضًا ورفض ثالثة ورابعة، أفلا يكسب "الأسد" مزيدًا من الوقت، ومرادف الوقت في سوريا الدم وإزهاق الأرواح.
ـ مجلس الأمن يدعم بنود خطة "عنان" الستة، ومن هذه البنود، ضمان حق التظاهر السلمي المكفول بالقانون، ماذا سيكون الحال إذا:

  •   ردت حكومة "الأسد" على هذا البند بمنع التظاهر، وهذا يعني أن أي تظاهرة تخرج في سوريا ستكون مخالفة للقانون لأن أصحابها لا يملكون تصريحا بالتظاهر، وبالتالي من حق قوات الأمن التابعة للنظام تفريقها، فهي تعتبر إذًا من أعمال الشغب.
  •   أيد المجتمع الدولي الأسد في منع المظاهرات بحجة أن قرار مجلس الأمن واضح وهو لا يجيز إلا المظاهرات المرخصة. وهو الأمر الذي يثير العديد من المخاوف،

ـ كيف يدين المجلس العنف من جميع الأطراف؟ ويساوي بين الشعب الأعزل والجيش النظامي.
ـ كيف تدعي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أن نظام "الأسد" لا شرعيًا، وأن على "بشار" التنحي عن السلطة في سوريا، ثم يصدر قرار أممي يطلب من النظام السوري المساعدة في تطبيق بنوده؟ التناقض واضح وصارخ، فلو صدق الغرب باعتبار "بشار الأسد" رئيسًا لا شرعيًا لسارع على العمل لإسقاطه بكل الطرق بما فيها العسكرية.
ـ صدر القرار تحت الفصل السادس وليس السابع، وتحدثت آخر فقرة فيه عن تبعات في حال لم تنفذ الحكومة السورية بنود القرار، إذًا يمكن القول أن المجتمع الدولي غير عازم بالفعل على تغيير نظام "بشار الأسد".
3ـ دور تركي مرتقب في حل الأزمة السورية (18) :
* السؤال الذي يطرح نفسه على الساحة السياسية اليوم، هل ستلعب تركيا دورا فاعلا في حل الأزمة السورية في المرحلة المقبلة، في ظل الآتي:
ـ العنف الذي قام به النظام على الحدود التركية والذي من المتوقع أنه سيزيد من وتيرته في الأيام المقبلة، سيكون الشرر والمبرر لتركيا للقيام بما أرادت إقامته من مناطق عازلة للسوريين الهاربين من بطش النظام بحجة انتهاك السيادة التركية ونحو ذلك، تلك الخطوة وإن كانت ستأتي متأخرة أو أجبرت السلطات التركية على القيام بها بسبب الظروف المحيطة بها إلا أنها ستكون فاعلة في ظل تزايد العنف في المناطق السورية وخطوة سيقبل ويرحب بها السوريون في الوقت الذي سدت فيه كل أبواب الحلول العربية والدولية.
ـ فشل مهمة "عنان" منذ بدايتها، فمن أحد أسباب النقد لها أنها:

  •   ساوت بين الجلاد والضحية، ليس ذلك فحسب بل صورت الأزمة كما تصفها الدول المؤيدة للنظام، وكما يصورها النظام للعالم على شاكلة نزاع وصراع بين طرفين متكافئين في عتادهما وأهدافهما.
  •   تلك المهمة قد اتخذت كذريعة من المجتمع الغربي لمنع التدخل العسكري في سوريا أولاً ولمنع تدفق السلاح للجيش الحر ثانيًا.
  •   تلك النقاط الست التي نصت عليها المبادرة مستحيلة التنفيذ لاستحالة تنفيذ أولها وهو؛ إيقاف النظام لآلة القتل المانعة من سقوط.

ـ التخوفات التركية المتعلقة بـ:

  •   تزايد عدد اللاجئين في تركيا، حيث يقدر عدد اللاجئين فيها بنحو خمسة وعشرين ألفا مما بدأ يشكل عبئا يتنامى مع عجز الدولة التركية عن تلبية كافة احتياجاتهم.
  •   شعور تركيا بتنامي قوة قيادات "الجيش الحر" على أراضيها مما يشكل خوفا، قد تلمح أسبابه من خلال حادثة إطلاق الرصاص على مخيم (كيليس) الذي وقع منذ فترة.
  •   الهجمات الكردية المتكررة التي حاول النظام السوري تخويف تركيا من إشعالها منذ بداية الثورة في حال تدخلها، وتخشى تركيا اليوم من تكرارها في تلك الفترة.
  •   الخوف من أن يكون فشل مهمة "عنان" ذريعة مبررة لدخول قوات حفظ سلام غربي يرافقه دخول أمريكي محتمل، وربما أن تركيا قد قرأت تلك الخطوة التي يعد لها الغرب مما يجعلها اليوم أكثر إصرارًا لتقديم حل المنطقة العازلة، وربما يكون ذلك أحد أسباب زيارة "أردوغان" للسعودية في خطوة هامة تحمل في طياتها الكثير من الأهمية على الساحة السياسية العربية.

(1) الشرق القطرية، الشرق الأوسط، الحياة، إيلاف، 17/4/2012.
(2) الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الفرنسية، 17/4/2012.
(3) الشرق القطرية، 17/4/2012.
(4) الشرق القطرية، 17/4/2012.
(5) الشرق الأوسط، الحياة،إيلاف، رويترز، 17/4/2012.
(6) الشرق القطرية، إيلاف، 17/4/2012.
(7) إيلاف، وكالة الأنباء الصينية، القدس العربي، 16ـ17/4/2012.
(8) الشرق القطرية، 17/4/2012.
(9) إيلاف، القدس العربي، 16ـ17/4/2012.
(10) إيلاف، يونايتد برس انترناشونال، وكالة الأنباء الايطالية، وكالة الأنباء الفرنسية، 16ـ17/4/2012.
(11) الشرق القطرية، الشرق الأوسط، 17/4/2012.
(12) إيلاف، وكالة الأنباء الفرنسية، 17/4/2012.
(13) قاسم الطباع، الحياة، 17/4/2012.
(14) عبد الرحمن الراشد، الشرق الأوسط، 17/4/2012.
(15) رأي القدس العربي، 15/4/2012
(16) الياس حرفوش، الحياة، 17/4/2012.
(17) عوض السليمان، العرب القطرية، 17/4/2012.
(18) نور الحلبي، القدس العربي، 15/4/2012.