السبت 21 جمادى الأول 1446 هـ الموافق 23 نوفمبر 2024 م
التقرير الإعلامي الثاني و الثمانون 15 نيسان/ابريل 2012
الأحد 23 جمادى الأول 1433 هـ الموافق 15 أبريل 2012 م
عدد الزيارات : 2611
التقرير الإعلامي الثاني و الثمانون 15 نيسان/ابريل 2012
أولاًـ استمرار العنف وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة
ثانيًاـ إقرار مجلس الأمن مشروع قرار لإرسال مراقبين إلى سوريا(4)
ثالثًاـ جهود وتدابير حلحلة الأزمة
رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث

 

اتهامات متبادلة بخرق هدنة "عنان" ومجلس الأمن يقر مشروع قرار حول سوريا

* بالتزامن مع إقرار مجلس الأمن الدولي، مشروع قرار، بالإجماع، متعلق بإرسال فريق طليعي من مراقبي الأمم المتحدة، للتأكد من تحقيق الهدنة في سوريا، شهدت هدنة "عنان" المتعلقة بوقف النار اختراقات واسعة النطاق، حيث قامت قوات النظام بقصف مناطق في حمص، ودشنت حملة اعتقالات ودهم لعدد من الأحياء السورية، الأمر الذي أسفر عنه سقوط قتلى وجرحي، هذا فيما اتهمت قوات "الأسد" جماعات إرهابية بالتصعيد لإفشال الحل السياسي في سوريا، واتهمت المعارضة قوات "الأسد" باستمرار العنف ورصدت (81) انتهاكًا للنظام.

أولاًـ استمرار العنف وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة

1ـ  استمرار العنف رغم الهدنة (1) :
* قتل أربعة متظاهرين برصاص قوات الأمن السوري في مدينة حلب أثناء مشاركتهم في تشييع قتيل سقط برصاص الأمن في التظاهرات، في غضون ذلك قصفت قوات "الأسد" حمص وشنت حملات اعتقالات واسعة في عدة مدن رغم الهدنة التي دخلت يومها الرابع، وفي هذا الصدد:
ـ أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له:

  •   رئيس المرصد "رامي عبد الرحمن"، أن أربعة شهداء قد سقطوا برصاص الأمن في تشييع شهيد سقط في تظاهرات الجمعة برصاص الأمن".
  •   "تعرضت أحياء "جورة الشياح" و"القرابيص" لقصف من قبل القوات النظامية السورية، ما أسفر عن مقتل شخص في "جورة الشياح".

ـ أكد ناشطون معارضون على أن القوات السورية قصفت مدينة حمص (14/4) وهي أول عملية قصف منذ بدء سريان وقف إطلاق النار الخميس الماضي. فيما تواصلت حملات المداهمات والاعتقالات في مناطق عدة، وأفاد الناشط "كرم أبو ربيع"بالآتي:

  •   "تعرض حي "القرابيص" على فترات متقطعة لقصف باستخدام مدفعية الدبابات وسقطت أيضًا قذائف "هاون" على مناطق حمص القديمة، وتسيطر القوات السورية النظامية منذ دخولها حي "بابا عمرو" مطلع مارس، على معظم مناطق مدينة حمص، فيما لا تزال معظم الأحياء القديمة في المدينة خارجة عن سيطرة النظام وينشط فيها العناصر المنشقون".
  •   "في محافظة ريف دمشق، قتل مواطن وأصيب آخرون بجراح إثر إطلاق القوات النظامية النار على سيارة كان على متنها مطلوبون للأمن السوري في مدينة الضمير، ونفذت قوات الأمن حملة مداهمات واعتقالات في المدينة".
  •   في درعا قتل اثنان من عناصر الأمن إثر استهداف سيارتهما على طريق بين قرية غصم والسهوة.

ـ أشار عضو المكتب الإعلامي بمجلس الثورة في حماة"أبو غازي الحموي"، إلى أن قوات الأمن طوقت بلدة خطاب في ريف حماة، وقامت بتنفيذ حملة اعتقالات في ظل منع أي شخص من دخول البلدة أو الخروج منها".
2ـ  توثيق المعارضة 81 حالة انتهاك ارتكبها النظام رغم الهدنة (2) :
* وثقت "الهيئة العامة للثورة السورية" أكثر من 81 حالة انتهاك ارتكبتها قوات الجيش النظامي الموالية للرئيس السوري "بشار الأسد" خلال جمعة "ثورة لكل السوريين"، وأشارت الهيئة في تقرير وضعته على موقعها الرسمي، إلى الآتي:
ـ "تلك الخروقات للهدنة سجلت في أكثر من محافظة سورية، حيث استخدمت القوات السورية الرصاص الحي والقنابل المسمارية والقذائف ضد المتظاهرين الذين تدفقوا إلى الساحات والشوارع مستغلين القرار المعلن للتعبير عن معارضتهم لنظام الحكم في البلاد".
ـ "تمت الخروقات في كل من محافظة دمشق وريفها، وحمص، وحماه، ودرعا، وإدلب، وحلب، واللاذقية".
ـ "عناصر الأمن أطلقت النار في دمشق على المتظاهرين من أسلحة رشاشة خفيفة، مما أدى إلى سقوط الكثير من الجرحى في أحياء الميدان، القدم، جوبر، كفرسوسة، القابون، نهر عيشة والحجر الأسود".
ـ "تركز قمع قوات النظام في مناطق في ريف دمشق في (عربين، الكسوة، كناكر، الزبداني، درايا، المعضمية، دوما، عرطوز، جسرين، قطنا، حرستا، وقدسيا)".
ـ "عشرة انتهاكات في حمص، إذ استخدمت القوات النظامية مدافع "الهاون" والمدفعية وأسلحة ثقيلة، مما عرض الأبنية والمنازل لأضرار بالغة، وتحديدا في مناطق القرابيص، الحولة، القصور والقصير وغيرها".
ـ "عناصر الأمن استخدمت القنابل المسمارية والأسلحة الرشاشة في محافظة حماه التي سجلت فيها أعلى نسبة انتهاكات، حيث وصل عددها إلى 18 انتهاكًا، وسقط قتيلان وعشرة جرحى نتيجة الاستهداف الذي تعرض له المتظاهرون في الكثير من أحياء حماه، أبرزها حي الصابوينة والحاضر والجب".
ـ "سُجّل 14 انتهاكًا تركزت في درعا في مناطق (نوى، جاسم، الصنمين، الجيزة، درعا البلد،... وغيرها)، وأسفرت الانتهاكات عن مقتل شخصين أحدهما امرأة".
ـ "شهدت أحياء الصاخور، الفردوس، السكري، الأنصاري، الميسر وغيرها، إطلاق نار مباشرا على المتظاهرين المطالبين برحيل النظام في حلب، مما أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى".
ـ "سُجلت 9 انتهاكات في إدلب معظمها في إدلب المدينة ومنطقة خان شيخون وسلقين التي سقط فيها قتيل".
3ـ  اتهام دمشق مجموعات إرهابية بالتصعيد لإفشال الحل السياسي(3) :
* اتهمت دمشق المجموعات الإرهابية المسلحة ـ في إشارة إلى المعارضة ـ  والدول التي تدعمها  بأنها صعدت أعمالها في محاولة لنسف أي جهود للتوصل إلى حل سياسي للازمة وضرب استقرار سوريا، ورصدت وكالة الأنباء السورية الرسمية الأعمال التي قامت بها هذه المجموعات، كالتالي:
ـ أطلقت النار في جبل الإذاعة في حلب (شمال البلاد)، واعتدت على الممتلكات العامة والخاصة كما حاصرت مبنى المركز الإذاعي والتلفزيوني في المدينة".
ـ "أطلقت قنابل المولوتوف الحارقة على الشارع لدى وصول قوات حفظ النظام ما أدى لإصابة المواطنين بحالات اختناق، كما أطلقت النار بكثافة من كل الجهات المحيطة في المركز وفي جانب مسجد الرشيد".
ـ "تمركزوا وسط الحارات وأحرقوا صيدلية وسيارة وكبين شرطة تابع لقسم شرطة الأنفاري، وتمكنت سيارات الإطفاء من إطفاء الحريق".
ـ "اغتالت العقيد المتقاعد "عقل محمود" في المدينة العمالية في عدرا قرب دمشق، فضلاً عن انه تم العثور على جثتين شرق جنوب الجيزة في ريف درعا (جنوب البلاد)، وتبين بعد الفحص الطبي أن الجثتين تعودان لضابطين هما الشهيد المقدم "محمد علي عتبة" من حماة والملازم أول "مجد ماهر بكري" من إدلب".
ـ "اختطفت العقيد "محمد عوض عيد" أثناء توجهه إلى عمله في إحدى الوحدات العسكرية في محافظة حماة (وسط البلاد)، تحت تهديد السلاح واقتادته مع سيارته إلى جهة مجهولة بعد إنزال سائقه منها".
ـ "اقتحمت منزل المرشح لانتخابات مجلس الشعب (البرلمان) "محمد إسماعيل الأحمد" في بلدة "التح"، علماً أن الانتخابات مقررة في 7 الشهر المقبل".

ثانيًاـ إقرار مجلس الأمن مشروع قرار لإرسال مراقبين إلى سوريا(4)

* نجح أعضاء مجلس الأمن في التغلب على خلافاتهم بشأن قرار حول سوريا وأقروا بالإجماع قراراً ينص على إرسال بعثة مراقبين إلى هذا البلد لمراقبة وقف إطلاق النار، وذلك بعد مباحثات صعبة بين روسيا والدول الغربية استمرت يومين، وفي هذا الإطار وافق مجلس الأمن بالإجماع على إرسال ما يصل إلى 30 مراقبًا أعزل إلى سوريا لمراقبة تطبيق الهدنة. وبعد التوافق مع روسيا التي اعترضت على صيغة كانت الولايات المتحدة قدمتها الجمعة، انضمت روسيا والصين إلى الأعضاء الثلاثة عشر الآخرين في مجلس الأمن في التصويت بالموافقة على مشروع القرار الغربي العربي بعد أن عدل وحذفت منه النقاط التي كانت روسيا والصين اعترضتا عليها، وفيما يلي مزيد من التفاصيل حول هذا القرار:
1ـ نص القرار :
ـ يعيد المجلس تأكيد دعمه الكامل للدعوة إلى التنفيذ العاجل والشامل والفوري لجميع العناصر الواردة في مقترح النقاط الست الرامية إلى وضع حد فوري لجميع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وتسهيل التحول السياسي الذي يقوده السوريون مما يؤدي إلى نظام سياسي ديمقراطي تعددي، يكون فيه المواطنون متساوين بغض النظر عن الأعراق والانتماءات والمعتقدات، ويكون ذلك من خلال بدء حوار سياسي شامل بين الحكومة السورية والمعارضة السورية بكل أطيافها.
ـ يدعو المجلس الحكومة السورية لتنفيذ التزاماتها بوضوح في مجملها، لأنها وافقت على القيام بذلك في رسالتها إلى المبعوث الدولي في 1 أبريل 2012، ويدعو إلى:

  •   وقف تحركات القوات باتجاه المراكز السكانية.
  •   وقف جميع استخدام الأسلحة الثقيلة في هذه المراكز.
  •   بدء الانسحاب من التجمعات العسكرية وحول هذه التجمعات.

ـ يشدد على الأهمية التي يوليها المبعوث الدولي لانسحاب جميع القوات الحكومية السورية والأسلحة الثقيلة من مراكز التجمعات السكانية إلى ثكناتها لتسهيل التوصل إلى وقف مستدام للعنف.
ـ يدعو المجلس جميع الأطراف في سوريا، بما في ذلك المعارضة، إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف المسلح بجميع أشكاله.
ـ يعرب المجلس عن عزمه التوصل إلى وقف مستدام للعنف المسلح بجميع أشكاله من قبل جميع الأطراف، وينشئ فورا، وبعد مشاورات بين الأمين العام (للأمم المتحدة) والحكومة السورية، بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا، وذلك لرصد وقف العنف المسلح بكافة أشكاله من قبل جميع الأطراف والجوانب ذات الصلة، على أن يفيد المبعوث الدولي مجلس الأمن بحقيقة الوضع في لقاء يتم بحلول 18 أبريل عام 2012.
ـ يدعو المجلس الحكومة السورية لضمان عمل البعثة بشكل فعال، وتسهيل تنقل فريقها حسب الطلب، وضمان حرية الفريق في التنقل والسماح بالاتصالات من دون عوائق من خلال: تسهيل نشر المراقبين بشكل سريع ومن دون عوائق لأفرادها وقدراتها على النحو المطلوب لتنفيذ مهامها، وضمان وصولها للأفراد من دون انتقام ضد أي شخص نتيجة لتعامله مع البعثة.
ـ  قرر المجلس السماح لفريق مراقبة يصل إلى 30 مراقبًا عسكريًا غير مسلح بالتنسيق مع الطرفين والبدء في تقديم تقرير عن تنفيذ وقف كامل للعنف المسلح بجميع أشكاله من قبل جميع الأطراف، ريثما يتم نشر البعثة المشار إليها في الفقرة (5)، وتدعو الحكومة السورية وجميع الأطراف الأخرى للتأكد من أن الفريق قادر على الاضطلاع بمهامه وفقا للشروط المنصوص عليها في الفقرة (6).
ـ يدعو المجلس الطرفين إلى ضمان سلامة فريق المراقبة من دون المساس بحريته في التنقل والوصول إلى الأماكن المقصودة، ويشدد على أن المسؤولية الأساسية في هذا الصدد تقع على عاتق السلطات السورية.
ـ يطلب المجلس إلى الأمين العام أن يقدم تقريرًا على الفور إلى مجلس الأمن عن أي عوائق في التنفيذ الفعال للفريق من جانب أي طرف.
ـ يكرر المجلس دعوته للسلطات السورية للسماح بالوصول الفوري والكامل ومن دون عوائق للعاملين في المجال الإنساني إلى جميع السكان الذين هم في حاجة إلى المساعدة، وفقا للقانون الدولي والمبادئ الأساسية في مجال الأعمال الإنسانية، ويدعو جميع الأطراف في سوريا، ولاسيما السلطات السورية، إلى التعاون الكامل مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ذات الصلة لتيسير تقديم هذه المساعدات.
ـ يطلب المجلس من الأمين العام أن يقدم تقريرا إلى المجلس عن تنفيذ هذا القرار بحلول 19 أبريل 2012.
ـ يعرب المجلس عن نيته العمل لتنفيذ هذا القرار والقيام بخطوات أخرى حسب الضرورة.

2ـ  أهمية القرار:
ـ يعد هذا القرار هو الأول الذي يصدر عن مجلس الأمن بالإجماع بشأن سوريا،  إذ سبق أن حالت روسيا والصين، مرتين في السابق، دون صدور قرار عبر استخدامهما حق النقض، وظلتا تعرقلان مساعي المجتمع الدولي، ليس فقط لوقف عنف حكومة "الأسد" ضد شعبه، ولكن أيضا لإجراء تحويلات سياسية لإنهاء نظام "الأسد".
3ـ ردود الفعل:
أ ـ داخليًا:

*رحب "المجلس الوطني السوري" المعارض بالقرار وأكد استعداد المعارضة لتنفيذه، وأوضح رئيس المجلس " برهان غليون" في بيان له:
ـ "يشكل هذا القرار الذي تأخر صدوره، أول ثمرة سياسية دولية لكفاح السوريين وتضحياتهم، وخطوة أولى مهمة في طريق تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الشعب السوري".
ـ "على المجتمع الدولي الحذر من سياسة المراوغة والتلاعب وتزييف الحقائق التي دأب النظام السوري على انتهاجها، فالنظام لم يسحب آلياته الثقيلة من المدن، ولم يسمح بالتظاهر السلمي، ولم يوقف قتل المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم".
ـ "نرحب بقرار مجلس الأمن، وننتظر توحد المجلس خلف هذا القرار، إذسيسفر عنه اتخاذ خطوات أكثر تقدمًا تؤمن حماية الشعب السوري من آلة القتل الهمجي، وصيانة حقه بالتظاهر السلمي كأداة رئيسة في التعبير عن تطلعه لإقامة نظام ديمقراطي برلماني حر، والسماح بإغاثة السوريين المنكوبين، وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم، والإفراج عن المعتقلين والسماح لوسائل الإعلام بدخول سوريا دون تمييز والعمل بحرية".
ب ـ عربيًا و دوليًا:
ـ أعلنت جنوب أفريقيا أنها تدعم إرسال مراقبين من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي إلى سوريا لمراقبة وقف إطلاق النار. وأكد "إبراهيم إبراهيم" نائب وزير الخارجية في بيان أن جنوب أفريقيا العضو غير الدائم في مجلس الأمن تدعو كافة أطراف النزاع إلى تنفيذ كل القرارات التي تقدم بها موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان.
ـ أصدر "بان كي مون" و"كوفي عنان" اللذان اجتمعا لمدة 90 دقيقة في جنيف بيانا يشيد بإصدار مجلس الأمن الدولي قرارًا يفوض إرسال فريق أولي من المراقبين لمراقبة الهدنة في سوريا، وأكدا إنهما سيفعلان ما في وسعهما لنشر المراقبين في أقرب وقت ممكن. وكرر الأمين العام أن على الحكومة السورية المسؤولية الرئيسية عن وقف العنف وسحب قواتها.
ـ رحبت بريطانيا بقرار نشر مراقبين في سوريا لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار الهش، ودعت النظام السوري إلى احترام حرية تنقلهم.
ـ رحبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "كاترين آشتون" بالقرار، ودعت سوريا إلى التعاون مع مراقبي الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار.

ثالثًاـ جهود وتدابير حلحلة الأزمة

1ـ  زيارة وفد من المعارضة السورية مصر:
أـ اجتماع الجمعية العمومية للمنبر الديمقراطي المعارض(5) :

* انطلقت بالقاهرة أعمال اجتماع الجمعية العمومية لـ "المنبر الديمقراطي السوري" المعارض بمشاركة 250 شخصية سياسية تمثل كافة ألوان الطيف السياسي بالداخل والخارج ويهدف الاجتماع إلى بلورة وثيقة سياسية يتم إقرارها في نهاية أعماله يوم (16/4) والتي  تتضمن القواسم المشتركة بين كافة فصائل وقوى المعارضة للتعامل مع المرحلة الانتقالية في سوريا وتهيئة الأجواء لبناء الدولة الحديثة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وتكريس المواطنة والتعددية السياسية.
ـ شدد المشاركون في الاجتماع على ضرورة توحيد صفوف المعارضة محذرين من تداعيات الاستمرار في حالة الانقسام التي رأوا أنها تمثل نجاحًا كبيرًا للنظام وفشلاً كبيرًا لقوى الثورة، وفي هذا الصدد:

  •   أكد "سمير عيطة" الناشط السوري المعارض أن اجتماع القاهرة يسعى إلى وضع التصورات المستقبلية لبناء الدولة السورية الحديثة مشددًا على أهمية رفض أي توجه للمحاصصة القائمة على أسس طائفية أو مذهبية أو عرقية وقال إن سوريا لجميع مواطنيها المتساوين في الحقوق والواجبات.
  •   أشار "عارف دليلة" نائب رئيس هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي أنه رغم الفخر والاعتزاز الذي ينتاب الشعب السوري بثورته إلا أنه لا ينبغي التغافل عن التكلفة الباهظة التي تدفعها البلاد سواء على مستوى الدولة أو الشعب والتي تتمثل في خسارة ما يقرب من 100 مليار دولار وعادت إلى 25 عامًا إلى الوراء من جراء تدمير البنية التحتية وعدد كبير من المرافق.

ب ـ لقاء وزير الخارجية المصري وفدًا من المعارضة(6) :
* التقى وزير الخارجية المصري "كامل عمرو" وفدًا من أقطاب المعارضة السورية في الداخل والخارج، ضم (ميشيل كيلو وفايز سارة وعارف دليلة وسمير عيطة)، لبحث آخر المستجدات على الوضع السوري، والتحرك الجاري لعقد اجتماع للمعارضة السورية في إطار جامعة الدول العربية، وفي ضوء ذلك:
ـ أكد "عمرو" على الموقف المصري المتمثل في ضرورة الوقف الفوري للعنف ضد المدنيين ودعم مبادرة كوفي عنان، وأن يكون أي حل للأزمة السورية سياسيًا وعلى أساس ما تضمنته قرارات جامعة الدول العربية، وأن يتم التحرك السريع لتوحيد المعارضة السورية، وبلورة موقف موحد لها للخروج من الأزمة، باعتبار ذلك شرطًا ضروريًا لتلبية طموحات الشعب السوري.
ـ أكد أعضاء الوفد دعمهم للرؤية المصرية لحل الأزمة السورية، مشيرين إلى أنهم اقترحوا أن يتم عقد الاجتماع الذي طالبت به مصر للمعارضة السورية في مقر جامعة الدول العربية خلال الأيام المقبلة، للتفاهم على وثيقة سياسية موحدة، انطلاقًا من "ميثاق العهد" الذي أعلنه المجلس الوطني في إسطنبول.
2ـ مباحثات بين "التعاون الإسلامي" وموسكو  حول عواقب استمرار الأزمة(7) :
* بحث أمين عام منظمة التعاون الإسلامي "أكمل الدين إحسان أوغلي"، مع السفير الروسي لدى السعودية "أوليغ أوزيروف"، العواقب المحتملة لاستمرار الأزمة السورية، حيث أشارت المنظمة في بيان إن أمينها العام عقد اجتماعًا في مكتبه بمقر المنظمة بجدة مع "أوزيروف"، تبادلا خلاله وجهات النظر حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وناقشا على وجه الخصوص، الأزمة السورية وعواقبها المحتملة، وفي هذا الصدد:
ـ شدد الأمين العام على الحاجة الملحة لوقف العنف وسفك الدماء في سوريا، وحث روسيا على الاضطلاع بدور يسهم بقدر أكبر في دفع النظام السوري إلى التنفيذ العاجل لخطة "كوفي عنان" للسلام، مؤكدًا الضرورة المطلقة لتحديد جدول زمني لتنفيذها.
ـ أثنى السفير الروسي على الدور المتسق والنشط، الذي تقوم به المنظمة في هذه الأزمة.
3ـ اجتماع اللجنة العربية في الدوحة لبحث الوضع السوري(8):
* يرأس وزير الخارجية السعودي الأمير "سعود الفيصل" وفد بلاده إلى  اجتماعات اللجنة العربية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة السورية والتي تعقد أعمالها في العاصمة القطرية الدوحة.
ـ يشارك في الاجتماع وزراء خارجية قطر، الجزائر، السودان وسلطنة عمان، والكويت التي تترأس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية والعراق الذي يتولى رئاسة القمة العربية حاليا إلى جانب نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية.
ـ يبحث المجتمعون تطورات الأزمة السورية ونتائج مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية "عنان" لوقف إراقة الدماء ووقف كافة أشكال العنف المسلح في سوريا.

رابعًاـ رؤى الكتاب والمفكرين:

1ـ  قراءة في تدابير الموقف السعودي في الحقبة الأسدية (9) :
* منذ أثارت السعودية موضوع تسليح المعارضة السورية دفاعًا عن السوريين العزل أمام وحشية نظام "الأسد"، لم يكف الإعلام السوري والإيراني عن الهجوم على المملكة واتهامها بانتهاز الأزمة للثأر من سوريا بسبب اختلاف موقف الدولتين الفكري والعقائدي في الكثير من القضايا العربية. إعلام بشار الأسد تفنن في فتح ملفات قديمة وحديثة للطعن في مواقف الرياض حول سوريا ولبنان والقضية الفلسطينية، وفيما يلي الأدلة على زيف هذا الإعلام فيما يتعلق بالموقف السعودي من أزمات سوريا بصفة عامة:
ـ الاختلاف الذي يلعب على أوتاره نظام "بشار الأسد" بين السعودية وسوريا كان حاضرا منذ حكم والده حافظ "الأسد".
ـ كان "الأسد" الأب بالذكاء والدهاء الذي جعله يتجنب مع السعودية الخلاف رغم الاختلاف، لعلمه بأهمية إبقاء العلاقة مع المملكة وما ستعود به عليه من الفائدة أو منع الضرر، مهما تباعدت المفاهيم، فمواقف السعودية من سوريا في عهد "حافظ الأسد" محفورة في ذاكرة التاريخ ولا يملك أحد محوها أو تشويهها، وهي لا تعد ولا تحصى بدءاً من الدعم المالي والعسكري وحتى الذود عنها في المحافل الدولية التي رأت في سوريا موطنًا لتربية العصابات الإرهابية المسلحة، وهو ما يمكن توضيحه كالتالي:

  •   رغم عدوانية "حافظ الأسد" واستفزازه لدول الجوار كالعراق الذي تضرر من إنشاء سد الطبقة وحجز مياه نهر الفرات في بحيرة الأسد، كادت تنشب حرب بين الدولتين، فتدخلت السعودية عام 1975 ورسمت اتفاقية أطفأت شرارة الحرب بينهم.
  •   في اتفاق الطائف الذي كتب الحلقة الأخيرة من مسلسل تدفق الدم اللبناني في عام 1989، والذي كان ينص على انسحاب الجيش السوري من لبنان خلال سنتين من توقيع الاتفاقية، لم تمارس السعودية ضغوطًا لتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض أو لتحريض الغرب على إرغام "حافظ الأسد" على الانسحاب، بل حفظت ماء وجهه وجعلت حالة السلم في لبنان أولوية، ولم تخرج القوات السورية إلا في عام 2005 بقرار من مجلس الأمن بعد اغتيال الرئيس "رفيق الحريري".
  •   لم يكن شيء ليردع الجيش التركي في عام 1998 من اقتحام قلب سوريا وانتزاع "عبد الله أوجلان" الزعيم الكردي المطارد إلا وساطة سعودية، فأمهلت تركيا "حافظ الأسد" يومين لتسليم المطلوب، وهكذا كان.

ـ منذ تولي "بشار الأسد" السلطة، كانت القيادة السعودية تجتهد بكل الوسائل لاحتوائه بسيل من رسائل النصح المكتوبة والمنطوقة، وبالدعم السياسي والمالي، حيث:

  •   دعمته بعد سقوط بغداد في 2003 على يد الأميركيين الشرهين وقتها لإسقاط كل الأنظمة التي تعاديها، وكان "بشار الأسد" يرتعد خوفا من الولايات المتحدة الأمريكية التي ضاقت ذرعا بنظامه.
  •   حينما اغتيل "رفيق الحريري" في عام 2005، حليف المملكة وصديق القيادة، وفاحت رائحة شبهة القتل حول "نظام الأسد"، لم تقطع السعودية علاقتها بسوريا، بل تجاوزت هذه المحنة بكثير من الحكمة والهدوء، وعادت لتحاول احتضان "الأسد" ونصحه بتسليم المطلوبين للعدالة وأن لا يقف في وجه المحكمة الدولية حتى لا يكسب عداء العالم.

ـ رغم التجاوزات التي قام بها النظام السوري على السعودية وهجومه الحاد عليها في مختلف الأوقات ومع مختلف الأزمات، إلا أنه في بداية الأزمة السورية الحالية التي يدعي النظام السوري أن السعودية تستغلها للانتقام، أرسل الملك "عبد الله" نصائح عديدة لـ "بشار الأسد" يحذره من سوء إدارة الأزمة بإراقة الدماء، وعندما وجدت أن النظام مازال متعسفًا في أساليبه ورافضًا للحلول السلمية دعت إلى اللجوء إلى الخيار العسكري وتسليح المعارضة لتواجه بطش النظام.
2ـ المنبر الديمقراطي .. حالة سوريا جديدة (10) :
ـ يكاد يتفق المتابعون للوضع في سوريا على أن ثمة عوائق في واقع المعارضة السياسية هناك، وأحد تعبيرات هذه العوائق يمثله:

  •   انقسام المعارضة، وتوزعها على أربع كتل سياسية، أولها "المجلس الوطني" ثم "هيئة التنسيق الوطنية"، و"المجلس الوطني الكردي"، ثم مجموعة كبيرة من الأحزاب والجماعات السياسية الموجودة داخل وخارج البلاد.
  •   عجز المعارضة بكتلها وتنظيماتها المختلفة عن الاستجابة لضرورات المرحلة السياسية الراهنة، ليس باتجاه تحقيق وحدة سياسية لها تتجاوز من خلالها واقع الانقسام الحاد والوصول إلى صياغة توافقات تعزز دورها في الحياة السورية وفي معالجة الأزمة الحالية التي تصيب سوريا والسوريين، وتجعلهم خارج ما صاروا إليه نتيجة السياسات الأمنية العسكرية التي تتابعها السلطات السورية منذ أربعة عشر شهرًا.

ـ استدعت هذه العوائق المعارضة جهودًا كثيرة في داخل البلاد وخارجها للخروج من الوضع القائم، بما يفرضه من تحديات تتعلق في الأهم من مستوياتها الداخلية بمطالبة الحراك السوري بوحدة المعارضة، وتقدم الأخيرة لمواجهة مهماتها في التصدي للواقع السوري وما يحيط به من تداعيات سياسية، تشمل احتمالات سقوط النظام، وإعادة بناء سوريا باتجاه نظام ديمقراطي تعددي، يحقق للسوريين العدالة والمساواة وتحديث الدولة والمجتمع، وهي مهمة تجد في المحيط الإقليمي والدولي من يربطها بضرورة وحدة المعارضة السورية، باعتبارها مدخلا لدور تؤديه المعارضة في المواجهة القائمة والمستقبلية مع النظام ومن أجل إسقاطه، في حال قرر المحيط الإقليمي والدولي الدخول في عملية إسقاط النظام، سواء في إطار عملية سياسية أو من خلال تدخل عسكري يقارب التدخل الغربي في ليبيا.
ـ المعارضة لم تتمكن من مواجهة هذه العوائق المستعصية، لأسباب متعددة تتعلق بواقع المعارضة من جهة وبالظروف الإقليمية والدولية المحيطة، الأمر الذي شجع جهودا سياسية ومدنية موزعة بين الداخل السوري والمهجر للبحث عن حلول ومعالجات، هدفها إعادة تحريك وتجديد المعارضة، وهو سياق جاءت في مساره ولادة "المنبر الديمقراطي السوري" في فبراير بهدف بلورة تعبير ديمقراطي سوري، يمثل تجربة تكاد تكون مختلفة عن معظم التجارب السياسية الراهنة، تجربة تسعى إلى تكثيف وتوسيع المشاركة السياسية والشعبية في الشؤون العامة، ولاسيما في الشأن السياسي، بما يعنيه ذلك من تقوية لحس المواطنة ومسؤولية المواطن في الاهتمام بشؤون بلده، خصوصا في زمن الثورة.
ـ شاركت في التجربة فعاليات من داخل سوريا والمغتربات، وكثير من الأخيرين هاجروا بفعل السياسات العسكرية الأمنية، ورسمت التجربة أسس قيام المنبر باعتباره كيانا ديمقراطيا، تلتقي فيه تيارات فكرية وسياسية وفعاليات ميدانية، هدفها خلق وإشاعة خطاب سياسي فاعل، يخدم أهداف الثورة وتحقيقها في الحرية والكرامة والعدالة، وبناء دولة ديمقراطية تعددية قائمة على سيادة القانون والمساواة بين جميع السوريين بلا تمييز، وإعلان دستور يؤكد تداول السلطة والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحصر دور الجيش وقوى الأمن في حماية البلاد وسلامة ترابها ووحدة أراضيها، وإخضاعهما للسيادة الشعبية والمحاسبة، وفي هذا الصدد:

  •   أكد المنبر عند إطلاقه على  مهمات مرحلية تقع في صلب اهتمامه، في مقدمتها التأكيد على ضرورة استمرار الحراك الشعبي السلمي، وتوحيد قوى المعارضة وإيجاد تحالفات سياسية، تتيح القيام بمهمات مشتركة في السير نحو التغيير، والعمل لإجبار النظام على وقف العمليات العسكرية والأمنية في كل البلاد وإطلاق المعتقلين في إطار حل سياسي يوفر دماء السوريين ويحفظ كرامتهم وممتلكاتهم، التي يتم التفريط فيها من جانب النظام وبعض معارضيه.
  •   وقف المنبر بوضوح في مواجهة العنف الرسمي الذي أدى إلى التسليح والعسكرة مع ما يترتب عليهما من نتائج، لعل الأخطر فيها احتمالات حرب داخلية، يمكن أن تتوسع إلى حرب إقليمية وتدخلات دولية مسلحة من شأنها تدمير سوريا، كما أعلن وقوفه في مواجهة أي دعوات وممارسات طائفية من شأنها الإضرار بالسلم الأهلي ووحدة المجتمع وحرف الثورة عن أهدافها.
  •   استطاع المنبر ليس فقط الدخول على خط محاولة خلق إطار نوعي جديد داخل الحراك السياسي والاجتماعي، يقارب ما فعلته لجان إحياء المجتمع المدني في استنهاض الحياة السورية في العقد الماضي، ودفعها نحو إعادة تأسيس نشاط سياسي وثقافي سوري تحالفي، و تحديد المهمات الأساسية للحراك السياسي والشعبي الراهن فقط، بل أستطاع أيضًا خلق آليات تعزز النهوض السياسي من جهة، وتقوي الحراك الشعبي من جهة ثانية، وهو ما يجسد بالفعل خلق حالة سوريا جديدة.

3ـ  الحسابات المغلوطة لطرفي الصراع في سوريا (11) :
* قاد التداخل المعقد بين العوامل الداخلية والخارجية للصراع الدائر في سوريا وعليها إلى استفحاله ودخوله في مأزق متعدد الأوجه ينبئ بإطالة أمده، وينفي كل اعتقاد بإمكان حسم ميداني سريع ومستقر لمآله النهائي، ذلك على عكس ما يتراءى لقطبيه الداخلييْن، النظام والمعارضة، حيث يرى كل منهما أن حسماً هكذا بات في متناوله أو يكاد بالنظر إلى ما بيده من أوراق قوة داخلية، وإلى ما له من تحالفات إقليمية ودولية، وهو ما يمكن توضيحه كالآتي:
أ ـ رؤية النظام:
* يظن النظام أن مجريات الأمور تسير لمصلحته، حيث يرى أن ما بيده من أوراق قوة داخلية وخارجية تتيح له فرصة للمزيد من المعالجة الأمنية العسكرية للأزمة، بما يمكنه من فرضِ إرادته وشروطه على الحل السياسي لها، ومصادر هذه القوي هي:
ـ داخليًا:

  •   مؤسسته العسكرية والأمنية والدبلوماسية والإعلامية ما زالت متماسكة.
  •   رحى الاحتجاجات الشعبية ضده ما زالت ،رغم عام ويزيد على اندلاعها، تدور في الأطراف ولم تصل إلى مراكز المدن الكبرى، خاصة مدينتي دمشق وحلب.
  •   الطابع السلمي لهذه الاحتجاجات قد تراجع كثيراً بفعل هيمنة المجموعات المسلحة على المشهد، بما يعزز حجة أن ما يجري ما هو إلا تخريب تديره قوى إقليمية ودولية خارجية تقف على رأسها الولايات المتحدة و”إسرائيل”، بهدف زعزعة استقرار، وضرب سياسة نظامها الممانع والمقاوم للمخططات الأمريكية في المنطقة.
  •   الجيش السوري ما انفك يحقق انتصارات ميدانية ملحوظة في مناطق الصراع العسكري الساخنة، وبالذات في مدن درعا وحمص وإدلب الحدودية ما يمنع إمكان تحولها أو أي منها إلى نظير لسيناريو بنغازي الليبية
  •   لا مجال لتوحيد أطراف المعارضة السورية المنقسمة على نفسها بين واحدة في الخارج وأخرى في الداخل، تدعو الأولى لحمل السلاح والتدخل الأجنبي العسكري لحماية المدنيين، بينما ترفض الثانية ذلك بحسبان ما يعطيه للنظام من سلاح سياسي أكبر وأمضى مما يجلبه لأصحابه من عتاد وذخائر ومال موصوم سلفاً.

ـ خارجيًا :

  •   تواجد قطب دولي تقوده روسيا والصين آخذ في التبلور في مواجهة تفرد الولايات المتحدة وسيطرتها على النظام الدولي ومؤسساته وقراراته، بما يحول دون احتمال اللجوء إلى تطبيق السيناريو الليبي في سوريا بقرار من مجلس الأمن لهيئة الأمم. فضلاً عن أن من شأن اللجوء إليه بعامة، وبقرار من حلف الناتو بخاصة، أن يشعل حرباً إقليمية واسعة.
  •   التحالف الاستراتيجي بين النظامين الإيراني والسوري واضحي مسألة مصير مشترك، أي مسألة حياة أو موت.

ب ـ رؤية المعارضة السورية:
ـ تظن المعارضة، وبالذات جناحها الداعي إلى عسكرة الحراك الشعبي والتدخل الأجنبي العسكري، أن مجريات الأمور تسير لمصلحتها داخليًا وخارجيًا، بحسبان أن:
ـ داخليًا :

  •   النظام آيل للسقوط لا محالة؛ وأن الشعب السوري قد كسر حاجز الخوف وهز هيبة النظام ومؤسسته العسكرية والأمنية، وفضح حزبية مؤسسته الإعلامية.
  •   الرأي العام العالمي لم يعد قادرًا على تحمل استبداد هذا النظام وشموليته وطريقة توريثه للسلطة و دمويته.
  •   عام ويزيد من القمع الذي يمارسه النظام لم يستطع إخماد الحراك الشعبي بشقيه السلمي والمسلح، بل، التمادي فيه، (القمع)، يشكل العامل الأساس، في تصعيده واتساع نطاقه واستجلاب المزيد من الدعم والتأييد له، والتضامن معه، داخليًا وخارجيًا.
  •   الخلافات بين مختلف أطراف المعارضة، لم تمنع استمرار توافقها على إسقاط النظام.

ـ خارجيًا:

  •   تواجد قطب دولي وإقليمي وعربي تقوده الدولة الأقوى في العالم، الولايات المتحدة، تتوافق أطرافه على دعمها سياسيًا ودبلوماسيا وإعلاميًا وماليًا، بمعزل عن اختلافها حول تسليحها والتدخل العسكري المباشر والعلني لمصلحتها، خاصة وأن ثمة تسليح مستور وغير مباشر يقدم لها، بما يعزز ظنها بأن اللجوء إلى التدخل العسكري يبقى خيارًا محتملاً في نهاية المطاف، ما يدفعها في المحصلة النهائية إلى الصبر وإطالة أمد الصراع والمراوغة تجاه حله السياسي، وذلك من خلال تبنيه شكلاً وعرقلته عمليًا.

ج ـ تقييم الرؤى السابقة:
ـ يتضح مما سبق أن طرفي الصراع في سوريا، النظام والمعارضة، وبكل ما لدى كل منهما من أوراق قوة داخلية وتحالفات إقليمية ودولية، قد قررا مواصلة الصراع حتى النهاية حتى لو قاد الأمر إلى تدمير سوريا الدولة والوطن والمجتمع، وأن تأييد كل منهما للحل السياسي عبر الحوار هو مجرد تأييد شكلي للتغطية على انتظار حسم الأمور على الأرض .
ـ المشكلة هنا لا تقتصر فقط على توهم كل منهما بأن ثمة مجالاً للحسم الميداني السريع والمستقر للصراع، بل، تتخطاه إلى القراءة المغلوطة لكل منهما لراهن استراتيجية الولايات المتحدة تجاه المنطقة بعامة، وتجاه سوريا بخاصة، حيث:

  •   النظام لا يرى بوضوح، ولا يحسب بدقة، مخاطر اعتماد هذه الاستراتيجية لسياسة الاستنزاف الطويل النفس والأمد بديلاً لسياسة التدخلات العسكرية المباشرة وقيادتها.
  •   في حين تراهن المعارضة بدورها على إطاحة النظام وتسلمها للسلطة نتيجة نهائية لهذا الاستنزاف، دون أن تأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن هذه النتيجة لن تكون، بافتراض حصولها، قبل تدمير سوريا الدولة والوطن والمجتمع والدور.

ـ هذه الرؤية لكلا من للنظام والمعارضة تدخل سوريا فعلاً إلى منزلق خطير لن يجنبها إياه سوى إقدام طرفي الصراع على مراجعة حساباتهما المغلوطة، مراجعة مدخلها الحوار ودونها الدمار.
4 ـ خطة "عنان".. مدخل لمرحلة جديدة من الأزمة(12) :
* مع البدء في تطبيق خطة المبعوث الدولي والعربي "كوفي عنان" في سوريا، برغم أن الخطة ليست مثالية ودخولها حيز التنفيذ ليس نموذجيًا، يمكن القول أن الخطة ليست مخرجًا بقدر ما هي مدخل إلى مرحلة جديدة من الأزمة، التي يبدو أن انتظار حلها سيطول، وفي هذا الصدد يمكن توضيح الملاحظات الآتية:
ـ انتظار تطبيق وقف إطلاق النار، بمقتضي البند الثاني في الخطة، قد بدأ قبل أيام قليلة، ويبدو إلى الآن صامدًا، وإن كانت خروقاته تتصاعد من يوم إلى آخر، غير أن القتل الجنوني توقف مؤقتاً. لكن هذا قد لا يكون كافياً لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار، الذي سيكون عليه انتظار أول تقارير المراقبين الدوليين، المتزامن مع وصولهم إلى الأراضي السورية في المقبل من الأيام.
ـ مرحلة تحقيق وقف إطلاق النار ستكون طويلة، ومرحلة تحديد معاني ذلك ومسؤولية الخروقات القائمة ستكون أطول. ومن كان يترقّب تحقيق وقف القتل للعودة إلى ساحات التظاهر، عليه العودة عن رأيه مع قرار وزارة الداخلية السورية بأن التظاهر يحتاج إلى ترخيص، وهذا من الممكن أن يضرب خطة عنان في مقتل.
ـ بعد هذا الانتظار، الذي ستكون خلاله الأزمة مفتوحة على تصعيد وهدنة، يأتي دور الحوار السياسي. ففي حال تسنى الوصول إلى مرحلة الحل السياسي، كما تنص عليه الخطة، فإن تحديد الأطراف المتحاورة أو السقف المطلوب للحوار، وهو أمر ليس بيسير، سيكون عليه الانتظار طويلاً أيضاً، وسيكون خاضعاً للعديد من التجاذبات التي من الممكن أن تفجر الخطة من أساسها .
ـ بعد هذا وذاك، فإن الانتظار الأهم سيكون ترقب المتغيرات السياسية في العالم، ولاسيما الانتخابية منها. الانتخابات الفرنسية والأمريكية، وحتى الروسية، كانت من ضمن سلسلة من الحسابات التي أرجأت أي قرار حاسم في ما يخص الأزمة السورية، فما بعد هذه الانتخابات قد لا يكون كما قبلها، غير أنها أيضاً بحاجة إلى انتظار.
ـ من الصعب المراهنة على ما ستؤول إليه الأوضاع السورية مستقبلاً، لكن خطة "عنان" تشكل فرصة للجميع كي يأخذوا بها من دون مواربة، أو رهانات على الخارج، إذا ما أريد لها أن تنجح، خاصة أن هذا الخارج له مآرب أخرى تتجاوز مصلحة الشعب السوري، بل قد لا تكون هذه المصلحة ضمن هذه المآرب، وعندها سوريا وحدها سوف تدفع الثمن وليس غيرها.
(1) الشرق القطرية، 15/4/2012.
(2) الشرق الأوسط،15/4/2012.
(3) الحياة، 15/4/2012.
(4) الشرق الأوسط، الحياة، إيلاف، وكالة الأنباء الفرنسية، رويترز، 15/4/2012.
(5) الشرق القطرية،إيلاف، 15/4/2012.
(6) إيلاف، وكالة الأنباء الألمانية، 15/04/2012.
(7) إيلاف، 15/4/2012.
(8) إيلاف، 14/4/2012.
(9) أمل عبد العزيز الهزاني، الشرق الوسط، 15/4/2012.
(10) فايز سارة، الشرق الأوسط، 15/4/2012.
(11) علي جرادات، إيلاف، 15/4/2012.
(12) حسام كنفاني، إيلاف، 15/4/2012.