الأزمة السورية ما بين التصعيد الميداني وتوحد أهداف المعارضة .. التطورات والنتائج
* مع استمرار الحل العسكري الذي ينتهجه النظام السوري ضد الثورة بات مشهد القصف والدمار اعتياديًا وجزء لا يتجزأ من الحياة اليومية. وفي مقابل هذا التصعيد من النظام قامت المعارضة هي أيضًا باتباع سياسة تصعيدية ضد قوات النظام فتصدت للقوات النظامية في حي "القصر"، وقامت بأسر17 جنديًا في "إدلب"، فضلاً عن إعلانها توحيد أهدافها سياسيًا وعسكريًا، حيث أصدر "تنظيم الإخوان المسلمين" في سوريا وثيقة يؤكد من خلالها التزامه بدولة مواطنة مدنية حديثة ودستور لا يسمح للأكثرية بالتعسف، فيما أطلق المجلس الوطني السوري مبادرة للتوافق بين القوى المعارضة المختلفة، سماها "العهد الوطني لسوريا الجديدة"، وأعلن منشقون سوريون عن تشكيل مجلس عسكري موحد.
1ـ بالنسبة لقوات النظام(1):
أـ استمرار أعمال العنف التي يشنها النظام:
* قتل نحو 50 شخصًا في أعمال عنف في مناطق مختلفة في سوريا يوم 24/3 بينهم 24 مدنيًا و15 جنديًا وعنصران منشقان، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان:
ـ عنصران من المجموعات المسلحة المنشقة قتلا إثر اشتباكات في مدينة سراقب بمحافظة إدلب.
ـ هناك 15 عنصرًا من القوات النظامية السورية سقطوا، بينهم تسعة سقطوا إثر اشتباكات في مدينة سراقب وثلاثة سقطوا إثر هجوم على قوات حرس الحدود في محافظة "الحسكة"، وجندي قتل قرب حاجز في بلدة "صرى" الشام بمحافظة درعا، واثنان إثر استهداف مفرزة الأمن العسكرية بمدينة اعزاز بمحافظة حلب.
ـ المدنيون القتلى الـ24 توزعوا على مناطق عدة من سوريا، حيث:
ب ـ استهداف المنشقين في دمشق :
ـ شهدت مدينة دوما بريف دمشق اشتباكات بين "جيش النظام" و"الجيش السوري الحر" في إطار السياسة التي يتبعها النظام لاستهداف المنشقين.
ج ـ محاكمة ناشطين سوريين بتهمة إنشاء جمعية سرية:
* أحالت الأجهزة الأمنية السورية الناشطين "بهراء عبد النبي حجازي" و"أنس عبد السلام" المعتقلين إلى القضاء بتهمة إنشاء جمعية سرية والاشتراك في مظاهرات مناهضة للنظام، وكان الناشطان اعتقلا في الثاني من فبراير، وقال المحامي والناشط الحقوقي "ميشيل شماس" في هذا الصدد الآتي:
ـ "الأجهزة الأمنية أحالت الشابة بهراء عبد النبي حجازي والشاب أنس عبد السلام إلى القضاء بتهمة إنشاء جمعية سرية والاشتراك في المظاهرات المناهضة للنظام السوري".
ـ "على المسؤولين ضرورة الإفراج عن جميع المعتقلين بمن فيهم من أجل تفادي تفاقم الأزمة في سوريا وإيجاد حل لها والتنفيس عن حالة الغضب".
ـ "يجب السلطة والمعارضة إجراء تسوية في سوريا تفضي إلى وقف العنف والقتل وتنقل سوريا إلى دولة ديمقراطية ومدنية".
2ـ بالنسبة للمعارضة (2) :
أـ منع "الجيش الحر" القوات النظامية من دهم مدينة" القصير":
* أكدت مصادر ميدانية أن "الجيش السوري الحر" قام بالتصدي للقوات النظامية ومنعها من دهم مدينة "القصير"، وأشارت مصادر:
ـ مقاتلو الجيش الحر أجبروا القوات النظامية على التواجد خارج المدينة، ومنعوها من الدخول إلى الأحياء لتنفيذ حملات دهم واعتقالات.
ـ لجأت القوات النظامية إلى قصف المدنيين، بعد فشلها في الدخول إلى الأحياء، وقتلهم في محاولة منها لكسر إرادة الشعب، وفتحت الممرات أمام قوات حفظ النظام لاعتقال الناشطين.
ـ المتطوعون في "الجيش الحر" أغلقوا أحياء بأكملها ليمنعوا القوات السورية من الدخول إليها، واستمروا في المقاومة وتحدي آلة النظام العسكرية، علمًا بأنهم لا يمتلكون إلا الأسلحة الرشاشة الخفيفة مثل الكلاشنيكوف، وذخيرة لا تتعدى التسعين طلقة لكل بندقية.
ب ـ أسر "الجيش السوري الحر 17 جنديًا في إدلب:
ـ بث ناشطون على الإنترنت مشاهد مصورة تظهر أسر 17 جنديًا من جيش النظام، بينهم ضابطان، على يد "الجيش السوري الحر" في منطقة جسر الشغور بمحافظة "إدلب".
1ـ تصاعد عمليات النزوح الجماعي من سوريا إلى لبنان:
* أكدت مصادر ميدانية لبنانية " لم تذكرها هويتها":
ـ القصف المتواصل تسبب في نزوح خمس عائلات سورية إلى منطقة البقاع الشمالي في لبنان، عبر ممر سري.
ـ هذا الممر هو الوحيد الذي بقي متوفرا أمام العائلات المجبرة على النزوح، بعد أن أغلق الجيش السوري جميع المعابر المؤدية إلى لبنان من القصير، وزرع بعضها بالألغام، وأقام السواتر الترابية على بعضها الآخر، ووزع عناصره على معابر غير شرعية أخرى.
ـ هناك عائلات أخرى عجزت عن عبور الحدود السورية اللبنانية، فيما ترددت أصوات المدافع والقصف في مناطق حدودية لبنانية.
ـ عائلات بأكملها في قرى القصير المتاخمة للحدود اللبنانية التزمت غرفًا ضيقة وصغيرة هربا من إصابة أطفالها بالرصاص الغزير وشظايا القذائف المدفعية.
2ـ تزايد أعداد اللاجئين السوريين إلي المملكة الأردنية:
* أعلن مصدر امني أردني "لم يذكر هويته":
ـ إن حوالي ثمانين ألف سوري دخلوا المملكة منذ اندلاع الأحداث في سوريا منتصف مارس من العام الماضي، ومعظم هؤلاء يقيمون مع أقاربهم في مدينتي المفرق والرمثا شمالي المملكة.
ـ تقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عدد السوريين المسجلين في المملكة بين خمسة آلاف وثمانية آلاف لاجئ.
* تجاوزت أعداد اللاجئين السوريين الـ 53 ألفًا منذ بداية الأزمة في سوريا، وفقًا لمؤشرات الأمم المتحدة، وفي هذا الإطار يمكن توضيح:
ـ مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين أكدت أن:
ـ توقعت المفوضية أن يزداد عدد اللاجئين بشكل كبير مع توسيع مفوضية الأمم المتحدة من جهود اتصالها، وفي هذا الصدد طلبت الأمم المتحدة تجميع حوالي 84 مليون دولار، لمساعدة 100 ألف لاجئ على مدار الأشهر الستة المقبلة، وأعلنت عن وجود خطة لاحتواء أكثر من 200 ألف لاجئ.
ـ رصدت مفوضية الأمم المتحدة، عدد اللاجئين داخل وخارج الأراضي السورية:
* أوضحت مصادر أوروبية أنه تم تقرير عقوبات جديدة علي نظام "الأسد" أقرها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي (23/3/2012) وبمقتضاها سيتم حظر سفر الأفراد إلى الاتحاد الأوروبي، كما سيتم تجميد الأرصدة والحسابات البنكية لهؤلاء في دول الاتحاد الأوروبي، ما عدا "أسماء الأسد" يسمح لها بالسفر إلى بريطانيا، وقد تضمنت القائمة الجديدة:
1ـ عائلة "الأسد":
ـ أنيسة الأسد: وهي أم الرئيس "بشار" من مواليد 1934.
ـ بشرى الأسد: وهي أخت الرئيس من مواليد 1960، وتعرف باسم "بشرى شوكت"، وهي زوجة "آصف شوكت" نائب رئيس هيئة الأركان العامة للأمن والاستطلاع.
ـ أسماء الأسد: وتعرف أيضا بـ "أسماء فواز الأخرس"، وهي زوجة "بشار" من مواليد 1975.
ـ منال الأسد: وتعرف بـ "منال الأحمد"، وهي من مواليد 1970، وزوجة "ماهر الأسد" شقيق الرئيس.
2ـ الوزراء:
ـ عماد محمد ديب خميس: وزير الكهرباء ومسئول عن انقطاع الكهرباء كوسيلة من وسائل القمع.
ـ عمر إبراهيم: وزير الإدارة المحلية، ومسئول عن قمع المواطنين من جانب الحكومات المحلية.
ـ جوزيف سويد وزير دولة.
ـ جراتلي غيات وزير دولة.
ـ محمد حسين فرزات وزير دولة.
ـ يوسف سليمان الأحمد وزير دولة.
ـ حسن ساري وزير دولة.
3ـ مرتبطون بالسياسة العامة للدولة:
ـ مازن الطباع: وهو شريك تجاري لـ "رامي مخلوف" وأفراد من عائلة "الأسد".
4ـ الكيانات:
ـ شركة النفط السورية: المملوكة للدولة، وتقدم الدعم المالي للنظام ومقرها منطقة دمر- ساحة التوسع الجزيرة.
ـ شركة المحروقات وتعرف بـالشركة السورية لتخزين وتوزيع المنتجات النفطية، ومقرها دمشق.
* تشهد مدينة اسطنبول، حدثين مهمين يتعلقان بمستقبل المعارضة السورية وهما: رغبة جماعة "الإخوان المسلمين" في إطلاق وثيقة تجديدية تعد الأولى من نوعها في تاريخ الحركة. والحدث الأخر هو إطلاق "المجلس الوطني" مبادرة لتوحيد قوى المعارضة، فضلاً عن إعلان منشقين عن الجيش النظامي عن إنشاء مجلس عسكري موحد، وهو ما سيتم توضيحه كما يلي:
1 ـ إطلاق "الإخوان المسلمين" ميثاق عهد وطني:
* تعقد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، اليوم(25/3/2012)، مؤتمرا صحفيًا لإعلان ميثاق عهد وطني، وهذه الخطوة مهمة في إطار خطوات التجديد التي تتبعها مسيرة الجماعة منذ تأسيسها على يد مؤسسها الشيخ "مصطفى السباعي" عام 1945حتبي الآن، وفي هذا الصدد أوضح نائب المراقب العام للشؤون السياسية في الجماعة "صدر الدين البيانوني":
ـ هذا الميثاق هو تأكيد على مواثيق سابقة للجماعة، فسبق تقديم "المشروع الوطني" عام 2001، والذي قدمت فيه الجماعة رؤيتها لسوريا المستقبل، فضلاً عن "المشروع السياسي" في عام 2004 الذي تم المطالبة فيه بإقامة دولة مدنية.
ـ النظام يحاول تشويه صورة الثورة والجماعة والتخويف منها بالإيحاء بأنها ستقصي الآخرين، وتخويف الأقليات من مشروعها
ـ الجماعة ارتأت تقديم رؤيتها للجميع، وفيها دعوتها لإقامة دولة مدنية حديثة، وإقامة دستور مدني مبني على توافقية وطنية بحيث لا يسمح للأكثرية بالتعسف في استخدام أكثريتها.
ـ ينص الميثاق على:
2 ـ إطلاق المجلس الوطني مبادرة لتوحيد قوى المعارضة سياسيًا وعسكريًا:
* بادر "المجلس الوطني" بدوره إلى إطلاق مبادرة للتوافق على وثيقة "العهد الوطني لسوريا الجديدة" تأكيدًا على وحدة أهداف المعارضة السورية في الخلاص من نظام الاستبداد والوصول إلى الهدف الأسمى في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التعددية، وستعقد المعارضة غدا (26/3/2012) مؤتمرًا في اسطنبول للتوافق علي وثيقة موحدة، وفي هذا الإطار أوضح بيان المجلس الوطني:
ـ "في إطار الخطوات المقررة استعدادًا لانعقاد "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي ينعقد في إسطنبول في 1 أبريل المقبل، والتزاما من المجلس الوطني السوري بضرورة تعزيز العمل المشترك بين أطراف المعارضة السورية، واستجابة لدعوات جامعة الدول العربية والتوصيات التي أقرت في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي انعقد في تونس في 24 فبراير، وتأكيدا للدعوة التي صدرت من دولة قطر بصفتها رئيسة اللجنة الوزارية العربية وتركيا بصفتها البلد المضيف، ينعقد في إسطنبول في (26 ـ 27/3) مؤتمر المعارضة السورية"
ـ "الهدف هو تحقيق نوع من التوافق على وثيقة "العهد الوطني لسوريا الجديدة" تأكيدا على وحدة أهداف المعارضة السورية في الخلاص من نظام الاستبداد والوصول إلى الهدف الأسمى في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التعددية".
ـ "هذا المؤتمر فرصة حقيقية لإثبات التفاف جميع أطراف المعارضة السورية حول أهداف الثورة. ونناشد الجميع، انطلاقا من إخلاصهم المعهود، الاستجابة لمطالب الشعب السوري الثائر والارتقاء إلى مستوى تضحياته وبطولات أبنائه، وعدم تفويت هذه الفرصة في هذه المرحلة الدقيقة من التاريخ الذي يسطره صمود شعبنا العظيم للانتقال من الأقوال إلى الأفعال والتحلي بأقصى درجات المسؤولية المترتبة على جميع أطراف المعارضة والشخصيات الوطنية من كل الأطياف والشرائح الاجتماعية والاقتصادية والثقافية".
3ـ إعلان منشقين عن النظام تشكيل مجلس عسكري لتوحيد المقاتلين:
* أعلن ضباط كبار منشقون عن الجيش السوري، عن إنشاء مجلس عسكري تنضوي في إطاره المعارضة السورية المسلحة، وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للجيش السوري الحر في باريس ما يلي:
ـ "تم اليوم في أنطاكيا في معسكر الجيش السوري الحر، الإعلان الرسمي عن المجلس العسكري التابع للجيش السوري الحر، وعين العميد "مصطفى الشيخ" رئيسًا له، وهي خطوة لتأكيد وحدة الصف ووحدة القوى المسلحة (المعارضة) على الأراضي السورية، وكل تنظيم خارج هذا الإطار لسنا مسؤولين عنه.
ـ المجلس يضم عشرة ضباط برتبة عميد وستة برتبة عقيد، ويعمل تحت قيادة العقيد رياض الأسعد، والعميد "الشيخ" والعقيد "الأسعد" أعلنا إنشاء المجلس معًا.
ـ يجب توحيد المجالس والكتائب تحت قيادة الجيش السوري الحر، ونحذر كل الأحزاب السياسية والدينية والتنظيمات من العمل المسلح خارج تنظيم الجيش السوري الحر.
1 ـ استقبال موسكو "عنان" :
* وصل إلى موسكو يوم 24/3 "كوفي عنان"، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية، إلى سوريا؛ تلبية لدعوة من القيادة الروسية.
* مصادر وزارة الخارجية الروسية:
ـ عنان سيلتقي اليوم (25/3) كلا من الرئيس "ديمتري ميدفيديف" ووزير الخارجية "سيرغي لافروف"؛ لبحث المسائل المتعلقة بتطورات الأوضاع في سوريا.
ـ من المقرر أن يبحث الجانب الروسي مع "عنان" السبل اللازمة لتحقيق التسوية السياسية للنزاع الداخلي في سوريا.
* نائب وزير الخارجية "ميخائيل بوغدانوف"
ـ من المنتظر وصول وفد المعارضة السورية من ممثلي لجنة التنسيق الوطنية إلى موسكو في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
ـ من المقرر أن يجري وفد المعارضة، الذي سيستقبله وزير الخارجية "لافروف"، عددا من اللقاءات مع المسئولين في مجلس "الدوما" وعدد من الهيئات الرسمية الأخرى، بما فيها وزارة الخارجية الروسية.
2 ـ اعتزام روسيا طرح خطة على "عنان" لوقف إطلاق النار في سوريا:
* يعتزم الرئيس الروسي "دميتري ميدفيديف" طرح مقترح لـ "كوفي عنان" مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية لوقف إطلاق النار وإنهاء العنف في سورية، وطالب:
ـ "الكرملين" بوقف التأييد العسكري والسياسي الوارد من الخارج للمعارضة السورية .
ـ وطالب المعارضة السورية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع حكومة الرئيس "بشار الأسد".
3 ـ التزام موسكو الصمت تجاه انتقاد تصريحات "لافروف":
ـ التزمت وزارة الخارجية الروسية الصمت إزاء ردود الفعل التي صدرت في المنطقة العربية حول تصريحات الوزير "لافروف" (التي أبدى فيها استغرابه من إغلاق دول المجلس لسفاراتها في دمشق، و قوله إن أسباب هذا التصرف غير مفهومة، فضلاً عن توضيحه التخوف الروسي من إقامة حكم سني في سوريا).
ـ يعد انتقاد مجلس التعاون الخليجي هو الأبرز في ردود الفعل العربية تجاه هذه التصريحات، إذ أوضح "عبد اللطيف الزياني" الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، بما يلي:
4 ـ انتقاد روسيا قرار حقوق الإنسان حول سوريا:
* أصدرت الخارجية الروسية بيانًا انتقدت فيه القرار الصادر عن الدورة التاسعة عشرة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول الأوضاع في سوريا، موضحة:
ـ القرار يبدو أحادي الجانب من حيث تضمنه الاتهامات للحكومة السورية وحدها دون أي انتقاد لما تقوم به المجموعات المسلحة المعارضة.
ـ القرار أغفل كذلك ما يتحقق على صعيد الجهود الدولية من تقدم، بما في ذلك ما يقوم به "كوفي عنان"، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية في سوريا.
ـ المجلس تجاهل ما قدمه الوفد الروسي من تعديلات اتسمت بالتوازن، بما في ذلك إدانة ما تقوم به فصائل المعارضة المسلحة والعمليات الإرهابية التي وقعت مؤخرًا في دمشق.
ـ يجب وقف إطلاق النار من جانب كل الأطراف، وإطلاق عملية الحوار السياسي، والحيلولة دون أي تدخل خارجي.
1ـ خيارات السياسة الأمريكية تجاه سوريا(8) :
* أوضحت رؤية قدمها باحثي مركز "سابان لسياسات الشرق الأوسط" وهما "دانييل بيمان" "مايكل دوران" و"كينيث بولاك" و"سلمان شيخ" في بحث نشرته مؤسسة بروكينجز (عدد مارس الجاري)، أن خيارات السياسة الأمريكية تجاه سوريا لا تخلو من ضريبة، وكلها مملوءة بالثقوب، وهي:
أ ـ تفعيل الدبلوماسية:
ـ بمعنى كيفية إدارة التداعيات الإنسانية المترتبة على الحرب بصورة أفضل، وبما يجبر "الأسد" على التنحي في النهاية.
ـ يزيد من جاذبية هذا الخيار أن الدبلوماسية لا تكلف كثيرًا، ولكن هناك صعوبات في المقابل مثل موقف روسيا والصين المعارضتين لتغيير النظام في دمشق عن طريق التدخل الدولي، حتى وإن كان لأسباب إنسانية.
ب ـ تغيير النظام بالقوة:
ـ السياسة الأمريكية تجاه سوريا، حاليًا تندرج تحت مسمى الدبلوماسية القائمة على استخدام القوة، (Coercive diplomacy) التي تقوم على ثلاثة محاور رئيسية: عزل النظام السوري دبلوماسيًا، وفرض عقوبات اقتصادية قاسية، وتقديم الدعم غير العسكري للمعارضة.
ـ تمارس واشنطن سياسة الصبر على أمل أن يسقط النظام من تلقاء نفسه.
ـ السياسة الأمريكية الحالية قد لا تنتهي بسقوط "الأسد" بل بتجميد الوضع المأساوي إلى ما لا نهاية ما لم تتخذ واشنطن خطوات مساعدة، مثل فرض حصار بحري (بالتعاون مع حلفائها) ومنع النظام من الاستيراد.
ج ـ تسليح المعارضة:
ـ تصب التصريحات الأمريكية في هذا الاتجاه، على أمل أن ينجح جيش "سوريا الحر" في هزيمة الجيش السوري والإمساك بزمام البلاد، أو أن ينجح في خلخلة معاقل النظام، ومن ثم حدوث انشقاقات – وربما انقلاب – داخل معسكر الرئيس ليسقط النظام في النهاية لكن الواقع هو أن المعارضة ضعيفة وممزقة على خلفيات طائفية وعرقية وجغرافية واستراتيجية، فهي بلا رؤية موحدة وبلا قيادة كاريزمية، لذلك فالحل يبدأ بتوحيد صفوف المعارضة أولا، ثم الحصول على دعم الدول المجاورة (الأردن وتركيا بصورة خاصة).
د ـ الدعم الجوي والمعارضة السورية:
ـ هو سيناريو مكرر للدعم الأمريكي لقوات التحالف الشمالي في أفغانستان عام 2001 ولدعم الناتو للمعارضة الليبية عام 2011، فالدعم الجوي يرجح كفة المعارضة دون سقوط القوات البرية الأمريكية في مستنقع شبيه بمستنقع العراق.
ـ التحدي السوري أصعب، فنجاح هذا الخيار يتوقف على وجود قواعد ولكن حاملات الطائرات الثلاث الموجودة في منطقة الخليج حاليا تهتم أكثر بالخطر الإيراني.
هـ ـ تغيير النظام عن طريق الغزو:
ـ هو خيار غير مطروح حاليًا، ولكن أمريكا قد تجد نفسها مدفوعة دفعًا نحو هذا الاتجاه إذا توافرت ظروف معينة، فسوريا، خلافًا للعراق، أسهل بحكم صغر حجم الجيش وضعفه وقلة خبرته، ثم انشغاله بمناوشات المعارضة، كما أن مسألة إعادة الأعمار ستكون أسهل في سوريا بعد أن تعلمت أمريكا الدرس في أفغانستان.
ـ خيار الغزو ليس بهذه السهولة، فلن تستطيع أمريكا أن تدفع الباب وتطيح النظام ثم تنسحب، بل عليها إعادة بناء ما ستدمره، وتلك مهمة صعبة بحكم الخلفية العرقية – الطائفية هناك.
و ـ التدخل الدولي:
* يصطدم هذا الخيار بأربعة عوائق مباشرة، وهي:
ـ توافق تركيا على إقامة قاعدة لوجيستية، وتقديم تسهيلات إلى القوات البرية.
ـ توافق أوروبا ودول الخليج العربي على تحمل أغلب تكاليف الحرب.
ـ توافق أمريكا على تقديم تسهيلات لوجيستية وتولي مهام القيادة والسيطرة وبعض المهام القتالية.
2ـ الموقف الروسي بشأن المشهد السياسي السوري متناقض(9) :
* لا يزال موقف روسيا يثير الريبة فيما يتعلق بالمشهد السياسي المتأزم في سوريا، حيث يتسم بالتناقض، مما يسهم في إبادة الشعب السوري، حيث:
ـ أعلنت روسيا تأييدها لمهمة "كوفي عنان" الذي يسعي لوقف إطلاق النار ونشر مراقبين وبدء حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة، بينما يستخدم وزير خارجيتها "سيرجي لافروف" مفردات غير مفهومة غالبًا لتبرير موقف بلاده باستخدام الفيتو في مجلس الشعب، الأمر الذي يزيد الأمور الإنسانية للشعب السوري تعقيدًا.
ـ تزعم روسيا أنها لا تدعم الحكومة السورية، ثم توفر لنظام "بشار الأسد" أقوى موطئ قدم في الشرق الأوسط بشرائه أسلحة روسية تقدر بمليارات الدولارات.
ـ قام "لافروف" وزير الخارجية الروسي باتهام "الأسد" أنه ارتكب أخطاء كثيرة، في الوقت الذي رفض فيه تأييد الحملة الدولية لإقصاء "الأسد".
ـ في حين يقول "لافروف" إنه على النظام السوري والمعارضة وقف أعمال العنف، يطالب بألا يكون تنحي "الأسد" شرطًا مسبقًا لحل الأزمة.
ـ "لافروف" يحاول التدخل في تقرير مصير سوريا بما يتناقض مع رغبة شعبها وبما يفيد نظام "بشار الأسد" فقط لا غير.
3 ـ قراءة في التوجه الغربي نحو الخيار الروسي لحل الأزمة(10) :
* مع تعقد الأوضاع في سوريا وفشل الحلول الدبلوماسية، اتجه الغرب إلى روسيا باحثًا عن حل عنوانه المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية "كوفي عنان" بنقاطه الست للمساهمة في إيجاد مخارج للازمة السورية، حيث:
ـ الدول الغربية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قادرة على تنفيذ الحل العسكري، ورغم ذلك تم استبعاد هذا الخيار.
ـ الدول الغربية لم تعترف بدور لموسكو في الأزمة السورية إلا بعدما تبين أن الخيارات الأخرى التي جربت في تونس ومصر وليبيا واليمن، صعبة التحقيق في سوريا. وبعد الوصول إلى المأزق، اتجه الغرب نحو الخيار الروسي، لأن موسكو، بفضل احتفاظها بعلاقة جيدة مع النظام السوري، هي الوحيدة اليوم القادرة على التأثير في مواقفه، في حين أن الغرب يستخدم لغة العقوبات والضغوط وتحديد المهل وتوجيه الإنذارات.
ـ اقتضت الدول الغربية سنة كي تقتنع بعدم جدوى الاستمرار في خياراتها حيال سوريا وإعادة النظر في مواقفها، وفي مقدمتها إشراك روسيا في الحل، واستبعاد اللجوء إلى الخيارات العسكرية، والتحذير من أن حرباً أهلية في سوريا ستمتد إلى الدول المجاورة، أو تجبر واشنطن على التورط في حرب أخرى في المنطقة وقت تسعى إلى إقفال ملف حربي العراق وأفغانستان، وتحاول عدم التورط في حرب مع إيران.
ـ الدول الغربية أخطأت منذ البداية بتجاهلها هذه الخصائص واستسهال التغيير، مما دفع معارضة الخارج والداخل إلى رفع سقف المطالب وعدم القبول بما هو دون إسقاط النظام، من غير أن يأخذ في الاعتبار الموانع الداخلية والإقليمية والدولية التي تحول دون ذلك.
4 ـ التطهير الطائفي في سوريا .. السكوت لم يعد ممكنًا (11) :
* يشن النظام السوري عمليات من التطهير الطائفي ضد السوريين العرب، وهذه الجرائم لم يعد من الأخلاقي السكوت عليها، وفي هذا الإطار يمكن توضيح الملاحظات الأتية:
ـ النظام البعثي الطائفي لا يتورع عن ارتكاب كل أنواع الجرائم البشعة بحق السوريين ويرتكب مذابح ومجازر بالجملة بدعم عسكري من إيران وحزب الله اللبناني ومليشيات العراق الشيعية وبغطاء سياسي من روسيا التي تبرع وزير خارجيتها "سيرجي لافروف" بالدفاع عن نظام "بشار الأسد" بكل ما أوتي من قوة، ودخل على خط التجييش الطائفي.
ـ لم يعد من الأخلاق الصمت على قيام النظام بالتطهير الطائفي لجماعات السنة الذين يشكلون 70 % من سكان سوريا على الأقل، فهذه العمليات تعتمد على القتل والخطف والاغتصاب والتهجير، ودفع الناس إلى ترك منازلهم والهرب إلى مناطق أخرى أو مغادرة سوريا نهائيا، وهي تتم في إطار مخطط مرسوم وممنهج وينفذ بالقوة العسكرية المسلحة.
ـ لا يجوز الصمت على الإرهاب المنظم بحجة عدم إثارة فتنة طائفية إذا كان ما يجري على الأرض تطهير على الهوية، فمن غير المعقول عدم اتخاذ موقف من هذا الإجرام الذي تجاوز كل الحدود الأخلاقية والدينية، فالأمر لا يحتمل الحياد إطلاقا.
5 ـ الخيارات العسكرية المطروحة في سوريا (12) :
* مع ارتفاع وتيرة العنف في سوريا يقف المجتمع الدولي حائرا لا يدري متى وكيف ينتهي مسلسل العنف الدموي ضد المدنيين الأبرياء. فالخيارات كلها تبدو صعبة، هناك خيارات ثلاثة محدودة، من حيث الحجم والمجال، يمكن الأخذ بها عندما تسير الأمور من سيء إلى أسوأ، لأنها محفوفة بالعديد من المخاطر، وهي كالآتي:
أ ـ شن عمل عسكري وجوي تأديبي لتمهيد الطريق أمام انقلاب ضد الأسد:
ـ هذا الإجراء الذي يعد خطوة مهمة مكملة لتعزيز العقوبات الاقتصادية ضد دمشق يمكن أن يتحقق عن:
ب ـ شن حملة واسعة على غرار ما حدث في "البلقان" لإطاحة النظام:
ـ بحيث يتم شن ضربات جوية لمناطق الأسلحة الثقيلة التي يستخدمها الجيش السوري في قصف المدن، فضلاً عن فرض منطقة حظر طيران أمام المروحيات العسكرية والطائرات السورية الأخرى فوق معظم مناطق الدولة أو كلها، وهو ما يحتاج إلى مئات عدة من الطائرات من القواعد البرية والبحرية المنتشرة في المنطقة.
ـ كما يمكن تسليح المعارضة السورية، وإن أدى إلى زيادة وتيرة العنف على المدى القصير.
ج ـ إقامة منطقة آمنة للمدنيين السوريين:
ـ مشكلة هذا الخيار أن القول فيه أسهل من الفعل، فمن المؤكد أن الجيش السوري سيعرقل أي جهود لإقامة منطقة أو منطقتين ولكن يمكن الاستعانة بالقوات الجوية وبعض القوات البرية الخارجية، على نحو ما حدث مع أكراد العراق خلال التسعينيات من القرن الماضي، وإن كان لا بد من الاعتراف بأن الوضع في سوريا سيكون أكثر صعوبة.
(1) إيلاف، الحياة، الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الفرنسية، العربية نت، 25/3/2012.
(2) العربية نت، الشرق الأوسط ،25/3/2012.
(3) الشرق الأوسط، الوطن الكويتية، 23ـ 24ـ25/3/2012
(4) إيلاف، وكالة الأنباء القطرية، 24/3/2012.
(5) الشرق الأوسط، 25/3/2012.
(6) الحياة، إيلاف، الشرق الأوسط، الشرق القطرية، 25/3/2012.
(7) وكالة الأنباء الكويتية، وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، الشرق القطرية،24ـ 25/3/2012.
(8) نشرة أخبار الساعة، 4807،23/3/2012.
(9) محمد أمين المصري، الأهرام، 24/3/2012.
(10) سميح صعب، النهار اللبنانية،24/3/2012.
(11) سمير الحجاوي، الشرق القطرية، 25/3/2012.
(12) ميتشل هانلوم، الجريدة الكويتية، 25/3/2012.