الجمعة 17 شوّال 1445 هـ الموافق 26 أبريل 2024 م
التقرير الإعلامي الخامس والستون 18 آذار / مارس 2012
الأحد 25 ربيع الآخر 1433 هـ الموافق 18 مارس 2012 م
عدد الزيارات : 2349
التقرير الإعلامي الخامس والستون 18 آذار / مارس 2012
أولاًـ التطورات الميدانية للأزمة(1)
ثانيًاـ الإدانات الدولية لتفجيرات دمشق(2)
ثالثًاـ قائمة بـأبرز المجازر التي ارتكبها النظام السوري خلال العام(3)
رابعًاـ تواصل تداعيات الأزمة (4)
خامسًاـ تطورات وتتابعات الجهود والمواقف لحل الأزمة
سادسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين
أزمة سوريا قد تنتقل إلى لبنان
دور ماهر الأسد في سحق الانتفاضة السورية
الاسد سيذهب ولكن النظام لن يسقط

تجدد التفجيرات في دمشق وسط إدانة دولية للعنف في سوريا .. النتائج وردود الفعل

* مع استمرار اتباع النظام نهجًا أمنيًا وتذرعه بوجود حركات إرهابية لاقتحام مدن سورية بأكملها، تجددت التفجيرات في دمشق وزادت نسبة المنشقين من قوات النظام، على نحو يجعل الخاسر الوحيد هو الشعب الذي يقتل بدم بارد في ظل فشل المجتمع الدولي في جهوده للتوصل إلى اتفاق ينهي العنف الذي حصد أكثر من تسعة آلاف قتيل خلال عام، فضلاً عن الصمت العربي والإقليمي والاكتفاء بإدانة النظام فقط دون الوصول إلى حلول فعلية للأزمة، بل تم الدخول في جدالات واسعة النطاق حول تسليح المعارضة والتدخل العسكري في سوريا.

أولاًـ التطورات الميدانية للأزمة(1)

1ـ  عودة التفجيرات في العاصمة دمشق:
* تجددت التفجيرات في العاصمة دمشق، حيث وقع انفجاران استهدف الأول مقر المخابرات الجوية وسط دمشق، أما الثاني فقد استهدف إدارة الأمن الجنائي قرب محيط البوابة الخلفية للإذاعة والتلفزيون من جهة دوار الجمارك في ساحة الأمويين، وأعلنت وزارة الداخلية السورية:
ـ تفجيران إرهابيان نفذهما انتحاريان بسيارتين مفخختين في مكانين مختلفين وسط دمشق، أديا إلى سقوط 27 شخصًا وإصابة 140 آخرين بجروح من المواطنين المدنيين وعناصر حفظ النظام.
ـ التفجيران جزءًا من استهداف الشعب في ظل التصعيد الذي نشهده من أطراف إقليمية ودولية.
ـ لن تتهاون في التعامل بحزم مع كل من تسول له نفسه ضرب أمان واستقرار ووحدة سوريا، وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية تحمل مسؤولياتها والوقوف إلى جانب الشعب السوري والعمل من أجل وقف محاولات زعزعة استقرار سوريا وأمنها.

  •  يذكر أن ثمة مخاوف من قيام "تنظيم القاعدة" باستغلال الانتفاضة السورية التي دخلت عامها الثاني للقيام بهجمات داخل سوريا، في ظل إعلان زعيم التنظيم "أيمن الظواهري" دعمه الدائم "للثوار" السوريين في رسالة مسجلة بثتها مواقع جهادية الشهر الماضي.

2ـ تشكيل خمس مجموعات معارضة ائتلافًا جديدًا:
* أعلنت خمس مجموعات سورية معارضة للنظام السوري في اسطنبول عن تشكيل ائتلاف معارض جديد، الأمر الذي يعكس الصعوبة التي يلقاها معارضو الرئيس السوري "بشار الأسد" في تشكيل جبهة موحدة.
ـ المجموعات المؤسسة لهذا الائتلاف هي: الحركة الوطنية للتغيير (ليبرالية) والحركة من أجل الوطن (إسلامية)، وكتلة التحرير والبناء (برئاسة الزعيم العشائري السوري النافذ نواف البشير)، والكتلة الوطنية التركمانية، والحركة من أجل حياة جديدة (كردية)، وأعلنوا عن عزمهم تشكيل مكتب سياسي.
ـ نصت خارطة الطريق السياسية التي أبرمها قادة المجموعات المذكورة على أن خدمة الوطن تأتي قبل مصالح الأطراف، ودعت إلى احترام جميع الأطياف السياسة.
ـ جاء تشكيل هذا التحالف الجديد بعد استقالة ثلاث شخصيات من "المجلس الوطني السوري" وهم: المعارضان "هيثم المالح" و"كمال اللبواني" والناشطة الحقوقية "كاترين التلي".
3ـ استمرار التظاهرات المعارضة للنظام:
* تواصلت التظاهرات المعارضة للنظام "الأسد" في عدد من المناطق السورية، بحسب ما أظهرت مقاطع بثها ناشطون على الانترنت، حيث:
ـ في الرقة (شمال شرق) التي بدأت تدخل بقوة على خط الاحتجاجات، خرجت تظاهرة حاشدة لتشييع قتلى سقطوا برصاص الأمن خلال التظاهرات الكبرى التي جابت شوارع المدينة، قتل خلالها متظاهر برصاص الأمن وأصيب آخرون.
ـ في محافظة الحسكة (شمال شرق)، أظهرت مقاطع بثها ناشطون على الإنترنت تظاهرة في مدينة "عامودا" ذات الغالبية الكردية، ردد المشاركون فيها هتاف الحرية باللغة الكردية (ازادي) وهتفوا لـ" الجيش السوري الحر".
ـ في درعا (جنوب)، خرجت تظاهرة حاشدة في مدينة الحراك رفع فيها المتظاهرون لافتة كتب عليها (أطفال درعا أول مسمار في نعش النظام)، في إشارة إلى انطلاق الحركة الاحتجاجية في سوريا من محافظة "درعا" قبل عام.
ـ وفي دمشق عقب التفجيرات، خرجت المظاهرات في "حي الميدان" شارك فيها رجال ونساء وهتفت لـ "لجيش الحر".
ـ في إدلب (شمال غرب) خرجت تظاهرة في بلدة "معرشمشة" في الريف، وتظاهرة في قرية "البشيرية" في "جسر الشغور"، ردد فيها المتظاهرون شعارات مناوئة للنظام وأخرى متضامنة مع مدينة "إدلب"، ورفعوا أعلام الثورة السورية، ولافتات كتب عليها (لا نريد مساعدات نريد السلاح).
ـ في ريف حماه (وسط)، خرجت تظاهرة حاشدة في "كفرنبودة" رفعت فيها لافتات (كل عام وانتم أحرار) وطالبت بإسقاط النظام السوري.
4ـ ستة قتلى بأعمال عنف في سوريا:
* مع تصاعد وتيرة العنف داخل سوريا تم الإعلان عن مقتل 6 أشخاص في جراء أعمال عنف في مناطق عدة من سوريا، وفي هذا الإطار أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بـ:
ـ مقتل شرطيين قتلا وجرح ثلاثة آخرون في ريف حلب (شمال) إثر هجوم نفذه مسلحون مجهولون على قسم الشرطة في بلدة "حريتان".
ـ العثور على جثة مواطن اعتقلته الأجهزة الأمنية في قرية بليون في جبل الزاوية في إدلب (شمال غرب).
ـ مقتل ثلاثة متظاهرين إثر إطلاق قوات الأمن الرصاص لتفريق تظاهرة في مدينة الرقة (شمال شرق).
ـ العثور علي جثة تعود لمواطن كانت الأجهزة الأمنية في قرية "غباغب" في ريف درعا (جنوب)، التي اقتحمتها قوات عسكرية أمنية مشتركة بالتزامن مع سماع إطلاق رصاص.
5ـ  تذرع النظام بالإرهاب لاقتحام المدن:
* ترددت معلومات بين أوساط المعارضة عن تشكيل النظام عملية عسكرية وقائية في ريف "حلب" بذريعة الانقضاض على مجموعات سلفية إرهابية، وفي هذا الصدد رد العميد المنشق "مصطفى الشيخ" على هذه الادعاءات، بالقول:
ـ النظام بات يتخذ من تلك الادعاءات حجة لاقتحام المدن، ولتبرير قمعه للاحتجاجات ويمهد بذلك لاقتحام سوريا بأكملها، وتدمير القرى والمدن السورية.
ـ جميع السوريين يعرفون أنه لا موطئ قدم للإرهابيين والمتطرفين في سوريا، بل تتعايش جميع مكونات المجتمع السوري مع بعضها بسلام، وريف "حلب" لا يضم أي مجموعات إرهابية، ولا وجود لهم في أي منطقة.
ـ النظام السوري وضع خطة عسكرية للقضاء على المعارضين، تبدأ من حمص، ثم تنتقل إلى إدلب، وتتسع باتجاه حلب وريفها، وصولاً إلى الرقة في شرق سوريا، فقوة المعارضة في ريف حلب أثارت الذعر في نفس النظام، فقرر الإجهاز على تلك الاحتجاجات وعلى المعارضين، بكل ما أوتي من قوة.
ـ النظام عاجز عن الحسم العسكري، وغير قادر على القضاء على كل المدن السورية، فعدد المعارضين يزداد، وتقل شعبيته.
6ـ  تزايد الانشقاقات عن الجيش السوري النظامي:
* انشقت مجموعة من الضباط عن "الجيش السوري النظامي" في محافظة "إدلب" وأطلقت على نفسها اسم "سرية الشهيد رفيق الحريري"، وهو ما انعكس  بطريقة إيجابية على "تيار المستقبل" في الداخل اللبناني، وأعلن قائد "الجيش السوري الحر" العقيد "مالك الكردي" أن:
ـ هذه التسمية وغيرها من تسميات السرايا والكتائب تتم بالتوافق والتنسيق بين المجموعات على الأرض وقيادة "الجيش السوري الحر".
ـ تسمية "سرية الشهيد رفيق الحريري"، جاءت تقديرًا لمواقف تيار المستقبل من الثورة السورية ووفاء لدعمه للنازحين السوريين، فالسوريون يحبون ويقدرون كثيرًا "رفيق الحريري" ويعلمون تمامًا أن "بشار الأسد" هو من أمر شخصيًا بقتله.

  •  يذكر أن هذه المجموعة المنشقة تبنت عملية نفذتها ضد قوات الأمن السورية، ردًا على مجازر النظام في حمص.
ثانيًاـ الإدانات الدولية لتفجيرات دمشق(2)

1ـ  الأمم المتحدة:
* الأمين العام لها "بان كي مون":
ـ ندين بشدة الهجمات بالعبوات الناسفة التي شهدتها دمشق، وأدت إلى مقتل وجرح الكثيرين، وندعو كافة الأطراف بالوقف الفوري للعنف.
ـ نوجه مواساتنا وتعازينا إلى العائلات الموجوعة، والضحايا وإلى الشعب السوري.
2ـ فرنسا:
* وزير الخارجية "آلان جوبيه":
ـ ندين بشدة الاعتداءين اللذين وقعا في دمشق، وأوقعا 27 قتيلاً و97 جريحًا.
ـ كل الأعمال الإرهابية التي لا يمكن تبريرها في أي ظرف مرفوضة تمامًا.
3 ـ منظمة التعاون الإسلامي:
* الأمين العام للمنظمة "أكمل الدين أوغلي":
ـ "ندين بشده التفجيرات التي استهدفت المقرات الحكومية في العاصمة السورية دمشق وأسفرت عن سقوط عشرات الضحايا من قتلى وجرحى. ونسعى لإيجاد حل سلمي للأزمة في سوريا".
ـ "على الحكومة السورية الوقف الفوري لسفك دماء المواطنين الأبرياء، وتحقيق المطالب المشروعة للشعب في الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد في نطاق وحدة سوريا وأمنها واستقرارها". 
4ـ إيران:
* المتحدث باسم الخارجية "رامين مهمانبرست":
ـ مسؤولية هذه الأعمال تقع على الداعين لتسليح المعارضة.
ـ طهران ترى في هذه الإعمال الإرهابية وسيلة للانتقام من الشعب السوري الذي يدعم النظام ويبحث عن استقرار بلاده.
5ـ مصر:
* وزير الخارجية "محمد كامل عمرو":
ـ الإرهاب بكل صوره وأشكاله مرفوض أيًا كانت دوافعه.
ـ ما تشهده سوريا من إراقة لدماء الأبرياء ومن انزلاق نحو المزيد من العنف يؤكد الحاجة للبدء الفوري في تنفيذ مبادرة الجامعة العربية وبما يحقق طموحات الشعب المشروعة.
ـ مصر تتحرك مع كافة الأطراف لدعم تنفيذ المبادرة العربية ونجاح مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان لتحقيق الاختراق المطلوب وبدء العملية السياسية المنشودة وفقا للثوابت المصرية والعربية.

ثالثًاـ قائمة بـأبرز المجازر التي ارتكبها النظام السوري خلال العام(3)

* بينما قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة "ناصر عبد العزيز الناصر" إن عدد من قتلوا في الانتفاضة السورية حتى الآن تجاوز ثمانية آلاف شخص، الكثير منهم من النساء والأطفال، وذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" في بريطانيا، أن أكثر من تسعة آلاف شخص في سوريا غالبيتهم من المدنيين قتلوا منذ مارس الماضي، في عدد من المجازر قامت بها قوات الأمن، وفيما يلي أبرز المجازر التي شهدتها سوريا منذ بداية الثورة وحتى الآن:
ـ 22 أبريل 2011: شهدت سوريا أكثر الأيام دموية منذ بدء الاحتجاجات، وذلك أثناء خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين بشوارع درعا، حيث قتل 100 أشخاص على الأقل.
ـ 6 يونيو 2011: أعلن التلفزيون السوري مقتل 120 جنديًا على يد جماعات مسلحة، لكن المواطنين في منطقة جسر الشغور قالوا إنهم قتلوا على يد القوات بسبب رفضهم إطلاق النار على المتظاهرين.
ـ 31 يوليو2011: القوات تقتل نحو 140 شخصًا أثناء القصف على حماه في ليلة (غرة) شهر رمضان.
ـ 19 ديسمبر2011: الجيش السوري يشن حملة عسكرية على إدلب تستمر يومين وتسفر عن مقتل 200 شخص.
ـ 6 يناير 2012: مقتل 26 شخصًا بحي الميدان بدمشق إثر انفجار انتحاري.
ـ 4 فبراير2012: مقتل عشرات المدنيين إثر مهاجمة القوات السورية لمعاقل المعارضة في حمص بعد أن قاموا بمهاجمة نقطة تفتيش عسكرية.
ـ 17 فبراير2012: القوات السورية تطلق القذائف بمعدل 4 قذائف في الدقيقة على حمص وهو القصف الأعنف منذ 14 يومًا.
ـ 28 فبراير2012: 144 قتيلاً ومجزرة لفارين من جحيم حمص، بالإضافة إلى اكتشاف 64 جثة بالقرب من حمص في إحدى أبشع المذابح هناك، كما قامت القوات السورية بقصف بلدة في حماه، مما أدى إلى مقتل 20 شخصًا.
ـ 3 مارس2012: سقوط 75 قتيلاً على الأقل بنيران القوات الموالية لنظام "الأسد" خلال مواجهات فيما يعرف بجمعة "تسليح الجيش الحر"، بينهم 14 تم إعدامهم في حي بابا عمرو بمدينة حمص.
ـ 4 مارس2012: تصفية 44 جنديًا حاولوا الانشقاق في إدلب.
ـ 8 مارس2012: مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا على أيدي قوات الأمن، 26 منهم بحمص.
ـ 10 مارس2012: قوات الجيش السوري النظامي قتلت 68 شخصًا، على الأقل، في عملية عسكرية استهدفت بسط سيطرتها على مدينة حمص والقضاء على المعارضة المسلحة في إدلب.
ـ 13 مارس2012: مقتل 55 شخصًا، بينهم 40 تم إعدامهم بالقرب من جامع بلال، وقتل 15 آخرون جراء قصف شمال وغرب مدينة إدلب، فيما قتل 35 شخصًا بينهم 23 عسكريًا في قصف نفذته قوات بشار "الأسد" في اشتباكات مع الجيش السوري الحر.
ـ 15 مارس2012: مجزرة في حي كرم الزيتون بحمص، حيث قتل 15 شخصًا من بينهم امرأة وأطفالها الأربعة، كما تم العثور على 57 جثة، بينهم امرأة وطفل مقتولان ذبحا وطعنا، إضافة إلى العثور على 4 جثث في حفرة صرف صحي في حي العشيرة، و15 جثة في أماكن عدة في الحي ذاته، كما تم العثور على 12 جثة في حي النازحين.

رابعًاـ تواصل تداعيات الأزمة (4)

1 ـ  خروج تظاهرات تدعم الشعب السوري في "جنيف":
* شهدت "جنيف" تظاهرات حاشده، كتعبير عن دعمهم للشعب السوري، وذلك بمناسبة الذكرى الأولى لاندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس "بشار الأسد"، وتنديدًا بالجرائم والمجازر التي ترتكب بحق الأبرياء.
ـ قدرت الشرطة عدد المتظاهرين بنحو (مائة شخص) تجمعوا أمام مقر "الأمم المتحدة" في "جنيف"، حيث وقفوا دقيقة صمت حدادًا على أرواح الذين قتلوا في سوريا دفاعًا عن الحرية.
2ـ تظاهرات أمام "البيت الأبيض" للمطالبة بوقف مجازر"الأسد":
* تجمع آلاف المتظاهرين أمام أسوار "البيت الأبيض" في واشنطن مطالبين الولايات المتحدة بالتدخل لوقف المجازر في سوريا.
ـ قدر المنظمون عدد المتظاهرين بأربعة آلاف شخص غالبيتهم من السوريين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وقد تجمعوا لإحياء الذكرى الأولى لانطلاق الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس "بشار الأسد".
ـ ارتدى المتظاهرون قمصانًا كتب عليها "احلم بسوريا حرة"، وحملوا العلم السوري القديم، الذي أصبح علم حركة التمرد، وأطلقوا شعارات تدعو "الأسد" إلى الرحيل.
3ـ نزوح جماعي للاجئين إلى تركيا:
* صرح المسؤولون الأتراك بأن أكثر من 1000 سوري عبروا الحدود خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، لتصل أعداد اللاجئين السوريين الذين يقيمون في خمسة معسكرات في إقليم "هاتاي" التركي على الحدود إلى أكثر من 14.700 شخص.
ـ يتوقع أن تفتح أنقرة معسكرًا بالقرب من مدينة "كيليس" الجنوبية الشهر المقبل لاستضافة 10.000 سوري إضافي، وسيقام معسكر آخر "سيلانبيانار"، بالقرب من الطرف الشرقي من الحدود الذي يستقبل ما يصل إلى 20.000 شخص سوري.

خامسًاـ تطورات وتتابعات الجهود والمواقف لحل الأزمة

1ـ دوليًا(5):
أ ـ  إرسال بعثة مراقبين إلى سوريا بنهاية الأسبوع:

* أكد "كوفي عنان" ـ المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورياـ في اجتماعه بأعضاء مجلس الأمن الدولي علي أن البعثة ستتوجه إلى سوريا يوم 19/3/2012، لبحث تفاصيل آلية مراقبة ومتابعة الاقتراحات التي تقدم بها، وشدد على أن الوضع في سوريا خطير ويهدد بالتمدد إلى دول الجوار، ويجب التعامل معه بحذر، وأضاف:
ـ أنه عرض عليهم، المقترحات التي قدمها للحكومة السورية وأهمها وقف العنف، وتسريع دخول المساعدات الإنسانية واستعادة الثقة بالعملية السياسية، كما أعلن أنه سيعود إلى المنطقة عند إحراز التقدم المقبول.
ـ ضرورة أن تتوحد المعارضة لتتمكن من التفاوض مع الحكومة عندما يحين وقت التفاوض.
ب ـ   مشاورات لعقد اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي:
* كشف "أكمل الدين إحسان أوغلي"، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، عن قيامه بمشاورات مشتركة مع "هيلاري كلينتون" وزيرة الخارجية الأمريكية بواشنطن، إضافة إلى لقائه "بان كي مون" الأمين العام للأمم المتحدة في نيويورك، بغرض بحث الأوضاع بسوريا، وشدد على:
ـ استمرار المنظمة القيام بمشاوراتها لإيجاد حل للأزمة دون توقف، من خلال ما وصفه بـدبلوماسية هادئة، ودعم منظمة التعاون الإسلامي المطلق لمبادرة الجامعة العربية، وجهود المبعوث الأممي والعربي.
ـ ضرورة وجود مشاورات قائمة لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية لدول الأعضاء، بهدف دراسة الأزمة، واتخاذ موقف موحد تجاه الأوضاع هناك، وهو الاجتماع الوزاري الثاني الذي سيتم من خلاله تداول المقترحات حول الأزمة، واتخاذ القرارات بشأنها، بما في ذلك المطلب المتعلق بتقديم كل أنواع الدعم للمعارضة.
ـ مواقف المنظمة لا يمكن أن تحيد عن إدانة قتل الأبرياء من الشعب السوري، ويجب ضرورة توقف وبصورة فورية ودون أية شروط كل العمليات العسكرية في سوريا، بهدف إفساح المجال أمام حل سلمي يحول دون تفاقم الأوضاع أكثر، الأمر الذي قد يقود المنطقة إلى المجهول.
ج ـ مبادرة عراقية ـ  روسية في شأن الأزمة السورية:
* كشف مصدر مقرب من رئيس الوزراء "نوري المالكي" أن الحكومة ستفعل مبادرة عراقية بالتنسيق مع روسيا في شأن الأزمة السورية، لافتًا إلى أن وفدًا من المعارضة سيزور بغداد بعد انعقاد القمة العربية في بغداد المقرر إجراؤها يوم 29/3/2012، وفي هذا الإطار أوضح النائب عن كتلة "دولة القانون" "عبد السلام المالكي":
ـ نجري اتصالات منذ فترة مع روسيا لتفعيل المبادرة العراقية التي رحب بها على المجلس الوطني السوري ممثل المعارضة
ـ المبادرة تتضمن الإسراع في إجراء انتخابات تشريعية من أجل تنفيذ انتقال سلمي للسلطة، على أن يقوم نائب الرئيس السوري بإجراء المفاوضات مع المعارضة في بغداد أو مكان ثان يتم تحديده لاحقاً.
ـ وفد من المعارضة السورية سيزور العراق بعد انتهاء أعمال القمة العربية في بغداد من أجل البدء بتفعيل المبادرة.
ـ العراق يعتبر أن ما يجري في سوريا وبعض البلدان العربية مثير للقلق بسبب تغلغل تنظيم القاعدة فيها وانعكاسها على الوضع العراقي.

  •   سبق للعراق أن قدم مبادرة في شأن الأزمة السورية قبل أشهر لم تحظ بتأييد عدد من الدول العربية التي اعتبرتها خروجًا على الإجماع العربي، فيما دفع تصاعد أعمال العنف في سوريا الحكومة العراقية إلى تغيير مواقفها الداعمة لنظام "بشار الأسد" بالتزامن مع اقتراب موعد انعقاد قمة بغداد.

د ـ روسيا:
* جدد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" دعم موسكو الكامل لمهمة "كوفي عنان" المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، داعيًا دمشق وقوى المعارضة إلى دعم طرق معالجة الأزمة السورية التي تقدم بها عنان، مشيرًا إلى:
ـ ندعم ما يقوم به المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا، ونعتقد أن على القيادة السورية دعم طرق معالجة الأزمة التي تقدم بها عنان بسرعة، ونرتقب من المعارضة السياسية والمسلحة في سوريا أن تتبنى الموقف نفسه، حيث إنه لا يمكن بدء عملية المصالحة، ومن ثم انطلاق حوار وطني شامل، إلا بعد موافقة طرفي النزاع المبدئية على قبول ما يقترحه المبعوث الخاص.
ـ موسكو لا تدعم أيًا من أطراف النزاع في سوريا، فنحن لا ندعم الحكومة السورية، بل ندعم ضرورة بدء عملية التسوية السياسية، مما يتطلب وقف العنف أولاً.
ـ نتعهد بمواصلة جهودنا في هذا الصدد، بغضّ النظر عن القرارات التي تتخذها الحكومة السورية، كما نتوقع أن يصل وفد من المعارضة السورية إلى موسكو قريبًا.
هـ ـ  فرنسا:
* وزير الخارجية الفرنسي "آلان جوبيه":
ـ نظام دمشق نظام مجنون، فما يحدث في سوريا من أعمال عنف وقمع يمثل كابوسًا.
ـ أي قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا يجب أن يتجاوز الدعوة إلى وقف إطلاق النار ليحث على الانتقال السياسي على أن يتخذ الرئيس "الأسد" إجراءات من جانب واحد لوقف العنف.
ـ هناك خطان أحمران لفرنسا؛ الأول لا أستطيع أن أقبل وضع الجلاد والضحايا في نفس الزورق، فيجب أن يبدأ النظام بوقف القتال، والخط الأحمر الآخر لا نستطيع أن نرضى بمجرد قرار إنساني ووقف إطلاق النار، يجب أن تكون هناك إشارة إلى تسوية سياسية تقوم على مبادرة جامعة الدول العربية.
ـ نرفض التدخل العسكري في سوريا، فالوضع في سوريا يختلف كثيرا عما كان عليه الوضع في ليبيا.
2ـ عربيًا(6):
أـ  العراق:
* رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي":
ـ العراق لا يسمح بأن تكون أرضه أو سماؤه ممرًا للسلاح في إي اتجاه ومن أي مصدر كانت، وأبلغنا الحكومة الإيرانية بذلك.
ـ سنمضي في تطبيق سياستنا القائمة على تجفيف منابع العنف والسلاح بصورة عامة ولاسيما بالنسبة للحالة السورية.
ـ وضعنا آلية للتفتيش والتحقق من أن الشحنات المارة في العراق تحمل بضائع وسلعًا إنسانية وليس سلاحًا.
ب ـ الأردن:
* الناطق باسم الحكومة الأردنية "راكان المجالي":
ـ ننفي نفيا قاطعًا أن يكون هناك نقل أسلحة أو أي توجهات من هذا النوع، كما لم يجر حديثًا حول هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، فالسماح بحدوث اختراقات نحو الجانب السوري يعني فتح المجال أيضًا أمام الحركة المعاكسة ودخول السلاح للأردن.
ج ـ تركيا:
* نائب رئيس الوزراء "بشير أطالاي":
ـ لا نشارك ولا نؤيد السياسة الإيرانية المساندة لنظام "بشار الأسد".
ـ نرغب في أن يكون الحل في سوريا إقليميًا داخليًا في إطار الجامعة العربية وبالتعاون التركي ـ العربي، ولا نرجح التدخلات الخارجية في المنطقة.
ـ نقدم في حدود الإمكانات خدمات للأشقاء في سوريا، ونأمل عدم حدوث انقسام أو تفكك داخل سوريا.

سادسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين

1ـ قراءة في رسائل "الأسد" المسربة(7):
* على غرار وثائق "ويكيليكس" الأمريكية المسربة، والتي قدمت للمتابعين نافذة نادرة للاطلاع على تفكير بعض الدول وساستها، وكذلك ما يقال خلف الأبواب المغلقة، تخرج اليوم الرسائل الإلكترونية المسربة من بريد "بشار الأسد"، والمقربين له، لتقدم نفس هذه النافذة النادرة للاطلاع على بعض من جوانب التفكير، والحياة لدى "الأسد" وكيفية إدارته لعملياته ضد الثورة السورية، وهنا يمكن إلقاء الضوء علي أبرز المعلومات التي كشفت عنها تلك الرسائل:
ـ مع التحذير الأمريكي للعراق بسبب استخدام إيران للعراق لتقديم مساعدة لنظام دمشق، تأتي إحدى الرسائل المسربة لتبين تقريرًا يتحدث عن اجتماع عقد بدمشق بين مسؤولين من نظام "الأسد"، وإيرانيين، وعراقيين، وذلك لمناقشة كيفية تقديم مساعدات إيرانية عبر العراق للنظام السوري، ومساعدته على تجاوز العقوبات الاقتصادية، وذلك عبر العراق، ومن ضمن المقترحات المطروحة أن تشرع شركات إيرانية، وبشكل عاجل، في تعبيد شبكة الطرق بين العراق وسوريا من أجل تسهيل توصيل المساعدات الإيرانية للنظام الأسدي.
ـ تكشف تلك الرسالة أن الاجتماع العراقي ـ السوري ـ الإيراني كان يعقد في الوقت نفسه الذي يزور فيه رئيس الوزراء العراقي واشنطن، أواخر عام 2011، والتقى فيه الرئيس المريكي "باراك أوباما"، وعليه يبدو أن تلك الوثائق المسربة ستقدم المزيد من المعلومات لنعرف من الذي يتآمر على الشعب السوري فعلياً.
2ـ مهمة "كوفي عنان" في سوريا.. الفرص والتحديات (8):
* مع بدء مهمته في سوريا كمبعوث من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية أبدى "كوفي عنان" تفاؤلاً في إمكانية التوصل إلى تسوية بشأن الأزمة بعد أن قدم مجموعة من المقترحات وصفها بأنها سيكون لها انعكاس حقيقي على الأرض، وستساعد على وضع حد لهذه الأزمة، ولكنه اعترف بصعوبة التوصل إلى اتفاق لوقف العنف، وأكد أن ردود سوريا جاءت مخيبة للآمال، ولكنه شدد علي مواصلة المهمة وأن الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه هو وجود حل سلمي للأزمة.
أ ـ الفرص:
ـ يرى مراقبون أن الفرصة مواتية لتحقيق نتائج ملموسة حيث سعى "عنان" من خلال المقترحات التي تقدم بها إلى سوريا، إلى توفير أجواء الثقة مع النظام السوري، محدداً الهدف منها وهو وقف العنف وتأمين المجال لتقديم مساعدات إنسانية وإطلاق حوار سياسي، كما أكد ذلك في كلمته أمام مجلس الأمن وحاول خلال لقاءاته مع الرئيس السوري إرسال رسائل طمأنة له، حيث قال "أنا لم آت إلى هنا لأطرح قضية التنحي، ولا لأضع حلولا مسبقة، إنما الحلول تأتي عن طريق الحوار"، كذلك عبرت سوريا عن رضاها عن التقرير الذي قدمه "عنان" أمام مجلس الأمن كونه تحدث عن مشاركة إيجابية للحكومة السورية ـ بحسب مندوب سوريا في الأمم المتحدة ـ وأعلن ترحيب بلاده باللجنة الفنية المزمع إرسالها من مكتب "عنان" إلى سوريا قريبا لمناقشة الخطوات المستقبلية، وكان المبعوث الدولي قد أعلن إرسال بعثة تقنية دولية إلى دمشق لمناقشة تفاصيل آلية المراقبة والمراحل العلمية لتنفيذ بعض اقتراحاته، بما يشمل وقفاً فوريا للعنف.
ـ هناك إجماع دولي على رفض الخيار العسكري فضلاً عن "الفيتو الروسي – الصيني" علت مؤخراً التحذيرات الدولية من مخاطر العمل العسكري ضد سوريا على المنطقة، حيث دعا وزير الدفاع الأمريكي "ليون بانيتا" إلى التفكير في عواقب هذا الأمر، مطالباً بضرورة الحفاظ على الضغط الدولي على النظام السوري ومشيراً إلى الاتفاق بين المجتمع الدولي والجامعة العربية على فرض العقوبات على سوريا، كذلك استبعد وزير الخارجية الفرنسي "آلان جوبيه" مجدداً الخيار العسكري في سوريا ثم هناك التطور الأخير في موقف روسيا التي وجهت انتقادات إلى سوريا لتأخرها في الإصلاحات وتأكيد الصين مساعدتها في إنجاح مهمة "عنان".
ب ـ التحديات:
ـ لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه مهمة "عنان" منها أن كل بند من بنود الخطة تواجهه عوائق في الداخل والخارج فعلى سبيل المثال وقف العنف ما زال موضع خلاف في مجلس الأمن الدولي بين روسيا والصين من جهة والغرب من جهة أخرى حيث تطالب روسيا بوقف فوري من جميع الأطراف في مساواة بين النظام والمعارضة في حين تطالب الدول الغربية بأن تلتزم أولا قوات النظام وقف العنف والانسحاب من القرى والمدن.
ـ هناك مسألة انعدام الثقة بعض الأطراف الدولية بنيات النظام السوري وتوجهاته إزاء التعاطي مع المقترحات المتعلقة بتسوية الأزمة إضافة إلى موقف المعارضة غير الموحدة التي تعاني التمزق والخلاف.
3ـ قراءة في المواقف الدولية من الأزمة:
أ ـ روسيا(9):
ـ بعد الانتهاء من الانتخابات الروسية يأمل المراقبون في أن يفسح الخطاب الانتخابي بشأن الأزمة السورية المجال أمام سياسة روسية خارجية فعالة بشأن الأزمة السورية، فقد حان الوقت لموسكو أن تنخرط على نحو بناء واستغلال أول زيارة لـ "كوفي عنان" إلى دمشق لإرسال رسالة واضحة للنظام السوري تعبر عن دعمها المطلق لمهمة "عنان".
ـ بعد "الفيتو" الذي شهرته لحماية نظام "بشار الأسد" في مجلس الأمن، قاطعت موسكو الاجتماع الأول لمؤتمر "أصدقاء سوريا"، مؤكدة أنها لن تشارك في اجتماع غير رسمي على تلك الدرجة من العدائية للرئيس السوري، إلا أنها في الوقت نفسه لم تطلق أي مبادرة دبلوماسية لنزع فتيل الوضع الذي يزداد تفجرًا يومًا بعد آخر.
ـ لدى روسيا من الأسباب ما يكفي لتنظر بعين الريبة إلى الغرب، حيث ترى أنها لعبت دورًا بناءً عندما مررت قرار 1973 الأممي بشأن ليبيا لتتفاجأ فيما بعد بمدى انتهاك غارات منظمة حلف شمال الأطلسي لنص وروح هذا القرار، والتي استمرت حتى سقط النظام واغتيل "القذافي"، ولا تزال موسكو مقتنعة ليس بامتلاك "الأسد" للوسائل الكافية للبقاء في السلطة فحسب، بل وبأنه يمثل أفضل درع ضد الجماعات الجهادية التي تهدد بتفكيك سوريا.
ـ موسكو لا تثق بالمعارضة وترى أن دعم الغرب لها ينبع من غياب الوعي السياسي الذي من شأنه إغراق سوريا في حالة من الفوضى العارمة.
ـ مثلت الأزمة السورية للسلطات الروسية فرصة لتقديم نفسها كقوة عظمى ليس من خلال تصديها للغرب فحسب، وإنما أيضًا في مقدرتها على حشد تأييد الصين لمواقفها.
ـ يعرض الإعلام الروسي الوضع في سوريا على أنه مواجهة جديدة بين الشرق والغرب لا يمكن لموسكو فيها أن تتراجع عن موقفها.
ـ يظهر قصف مدينة حمص في أعقاب "الفيتو" الصيني ـ الروسي في مجلس الأمن كيف تفسر دمشق هذا الدعم على أنه تفويض مطلق للقمع الوحشي،  يزيد هذا الدعم غير المشروط،  وخاصة أنه لا يأتي مصحوباً لا بمبادرة سياسية ولا دبلوماسية من شأنها أن تجبر الرئيس "الأسد" على تقديم التنازلات بشأن السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول الفوري إلى جميع مناطق مدينة حمص مبدئيًا.
ـ الموقف الروسي تجاه الثورة السورية سيؤثر على الوجود الروسي في العالم العربي بشكل عام، وتستمر التكاليف السياسية والاقتصادية الناجمة عن إدارة "الأسد" للأزمة الراهنة، وتجعل من سقوطه أمرًا يكاد يكون محتمًا، لاسيما وأن الملايين من السوريين الذين قادهم القتل والتعذيب إلى التطرف مستعدون اليوم لفعل أي شيء لإسقاط النظام سواء كانوا يمثلون الأغلبية أو لا، ومن ثم فمن المؤكد أن  تتأثر مصالح روسيا في سوريا التي ستنتفض تحت الأنقاض إذا اقتصر دور موسكو على الدعم المطلق لنظام "الأسد".
ب ـ الولايات المتحدة الأمريكية(10):
* من الواضح أن الولايات المتحدة لم تتخذ قرارًا نهائيًا من رحيل "الأسد" رغم التصريحات التي يرددها بعض مسؤوليها بين الحين والآخر تطالب برحيله، الأمر الذي يمكن إرجاعه إلى أن إسرائيل ترى في "الأسد" أنه خير من يحافظ على استقرار الأوضاع في الجولان، وبالتالي فإن البديل قد يُشعل هذه الجبهة التي أبقاها الأب ومن ثم الابن هادئة خلال العقود الأربعة الماضية.
ـ "الأسد" يدرك هذه الحقيقة، لذلك فهو يتمادى في قمعه للمعارضة، لأنه حتى الآن مُطمئن إلى أن الغرب لن يجرؤ في تقديره على التدخل العسكري وإسقاط النظام إلا بموافقة إسرائيل؛ ودون تدخل عسكري سيبقى هذا النظام يُبيد في شعبه ليجبرهم على الإذعان، أو ينفصل هو وطائفته ويكون دولة في جبال العلويين كخيار أخير.
ـ بقاء الثورة الشعبية مُشتعلة في سوريا قد يؤدي إلى خلق حالة حرب أهلية شاملة، يتسرب من خلالها "الجهاديون" إليها، وتشتعل جبهة الجولان، ما يضطر إسرائيل إلى التدخل رغمًا عنها كطرف في الحرب الأهلية، ما يجعل الإسرائيليون ومن ورائهم الأمريكيون مترددين في التعامل مع الأزمة في سوريا؛ فبقاء نظام "الأسد" في مصلحتهم بلا شك، غير أن بقاء الأزمة وانزلاقها إلى الحرب الأهلية قد يُفقدهم السيطرة على الأوضاع، ويخلق في سوريا نوعًا من الفوضى يصعب السيطرة على تطوراتها.
ـ تل أبيب وواشنطن تتعاملان مع الأزمة السورية بمنطق "دعونا ننتظر ونرى"؛ وطالما أن الأمور لم تصل إلى نقطة الانفلات، وإلى الحرب الأهلية الشاملة، فلن تتدخل ولن تُسلح المعارضة؛ ولكن عندما ترى أن النظام فقد السيطرة على الوضع أو يكاد، فأمامها خياران: الأول، الضغط في اتجاه حل الأزمة على شاكلة الحل اليمني، حيث يتخلى "الأسد" عن السلطة لنائبه، ويجلس مع المعارضة على طاولة الحوار، على أن يتم إجراء انتخابات لاحقة، تنتهي بسوريا إلى دولة ديمقراطية، يحكمها القانون وليس العصابات العلوية، أما الخيار الثاني فهو التدخل العسكري بحجة حماية المدنيين، وتسليح الكتائب المنشقة من الجيش وفرض إقصاء النظام بالقوة على الطريقة الليبية.
ـ هذا الحل سيكون أسوأ من الخيار الأول، لكنه سيمنع انزلاق سوريا إلى الاحتمال الأسوأ وهو الحرب الأهلية الشاملة.
ج ـ الصين(11):
ـ رغم كل التحولات الاقتصادية والتنموية الكبيرة التي حدثت في الصين ونقلتها من دولة زراعية فقيرة، إلى قوة عظمى ذات مكانة مرموقة في النظام الدولي، فإنها لم تدشن إصلاحات سياسية كبيرة.
ـ صحيح أن جمهورية الصين الشعبية التي أقامها "ماو" عام 1949 على أنقاض جمهورية الصين الوطنية بقيادة الماريشال "تشيان كاي شيك" تحمس لها الكثيرون في العالم العربي على اعتبار أنه إنجاز وانتصار ونموذج للمقاومة ضد القوى الاستعمارية والامبريالية، لكن الصحيح أيضًا أن ولادة ذلك النظام كانت ذات كلف بشرية عالية، وذلك حينما أطلق ثورته الثقافية في منتصف الستينيات.
ـ هذا يشبه ما فعله حزب "البعث" بعد وصوله إلى السلطة في دمشق في 8 مارس 1963، وما فعلته الأحزاب الانقلابية العربية المشابهة الأخرى حينما جاءت إلى الحكم على ظهر الدبابات تحت شعارات الوحدة والحرية والتحرير والتخلص من الاستعمار والرجعية. ولعل تدمير الرئيس السوري البعثي الأسبق "أمين الحافظ" لمنازل وجوامع مدينة حماة فوق رؤوس أبنائها في عام 1964، وتدمير "الأسد" الأب للمدينة ذاتها بالطائرات الحربية وقتل ما لا يقل عن 40 ألفاً من أبنائها في عام 1982، وما يرتكبه "الأسد" الابن من مجازر يومية في مختلف أرجاء القطر السوري خير شاهد على ذلك.
ـ البعض يضع الموقف الصيني في إطار ما عُرف عن الإنسان الصيني من حذر وتريث في اتخاذ القرار خوفاً من احتمالات الخسارة، إلا أنه لابد من التأكيد على أن التردد في اتخاذ موقف سريع وحاسم إلى جانب الشعب الليبي في ثورته ضد نظام "القذافي" لم يحفظ لبكين مصالحها في هذا البلد النفطي الكبير ولم يجنبها الخسائر، فموقفها ذلك كانت له تداعيات على شركاتها الكبرى التي خرجت اليوم نهائياً من دائرة التفضيل فيما يتعلق بمشاريع إعادة بناء ليبيا.
ـ البعض الآخر يفسر أسباب الموقف الصيني في مجلس الأمن تجاه الأوضاع في سوريا، بأن بكين لم ترد أن تؤسس لسابقة تتيح لخصومها الغربيين التدخل في شؤونها الداخلية بحجة حماية الحريات وحقوق الإنسان وحياة المدنيين، فيما لو انتفض الصينيون ضد نظامهم يومًا ما، فهي حساسة من هذا الموضوع، لاسيما وأن هناك شواهد كثيرة على خروقاتها لحقوق الإنسان داخل البر الصيني وفي هونج كونج والتبت وتركستان الشرقية، مما يستخدمه الإعلام الغربي ضدها، ولكن يبقى السؤال القائم هو أن كل هذا لا يمكن أن يوجد تبريراً للموقف الصيني حيال الأوضاع في سوريا، ففي الأخيرة شعب يـُقتل ومذابح ترتكب وأحياء تقصف بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، وليس مجرد اصطدامات بين قوات الأمن وحفنة من المشاغبين فرقتها الشرطة بالهروات كما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
4ـ كيفية الخروج من المأزق الراهن:
أ ـ التدخل العسكري لحماية السوريين(12):
* استمرار الأزمة السورية يعني ازدياد حصيلة ضحايا القمع الدموي الذي حصد أكثر من 10 آلاف قتيل بينهم المئات من النساء والأطفال، فضلاً عن عشرات الآلاف من النازحين والمشردين داخل البلاد ومثلهم من اللاجئين في دول الجوار، بعد أن دكت بلداتهم وقراهم دبابات النظام السوري وأسلحته الثقيلة، فيما يواصل المجتمع الدولي وآلياته جدله العقيم واجتماعاته المستمرة دون أن يلوح في الأفق بارقة أمل على قرب التوصل إلى توافق دولي حول إجراءات حازمة تلجم آلة القمع والتنكيل والقتل التي تواصل حصد الشعب السوري.
ـ لا يبدو حتى الآن أن المبعوث المشترك للجامعة العربية والأمم المتحدة "كوفي عنان" يتحرك بالسرعة الكافية لوقف القمع، كما لا يبدو أنه يحظى بدعم دولي حقيقي وموحد لمقترحاته، وهو أمر يمنح النظام المزيد من الوقت في محاولاته اليائسة لسحق الثورة الشعبية.
ـ ما يحدث على الأرض حاليًا من عنف ضد المطالبين بالحرية ومن قصف واقتحامات للبلدات الثائرة، لا يشير إلى أن ثمة جهودًا دولية كافية تبذل، خاصة من حلفاء النظام مثل روسيا والصين، لوقف العمليات العسكرية الضخمة التي يقودها النظام بجيشه ودباباته وطائراته، حيث يتفرج العالم على قوات الأسد وهي تجتاح البلدات والقرى، فيما يفر السكان للنجاة من الموت.
ـ لقد أصبح الوقت غير كاف لعقد المزيد من الجدل والمحادثات مع نظام البعث الحاكم في سوريا، التي برهنت التجارب الماضية أنها لا تسفر عن شيء ملموس ولا تثمر حلاً للأزمة،  ومثل ما حدث مع بعثة المراقبة العربية، التي لم تفعل شيئاً سوى منح النظام مهلة تلو مهلة، سيحدث ذلك مع بعثة "كوفي عنان" التي تعتزم التوجه إلى دمشق لمناقشة بنود وتفاصيل المقترحات التي طرحها "عنان".
ـ إصرار الشعب السوري بالتدخل العسكري ودعم الجيش الحر، ينبغي أن تجد آذانًا صاغية، ذلك أن حماية الشعب السوري من المذابح التي ترتكب بحقه لا تحتمل أي تباطؤ بعد الآن. وربما حان وقت العودة إلى المقترح القطري الذي يدعو إلى تشكيل قوة عربية لحفظ السلام.
ب ـ تفعيل مساعي الوساطة الخارجية(13):
* لعل أهم ما يميز مناسبة الذكرى السنوية لانطلاق الثورة في سوريا، حضور أزمتها أمام مفصل مهم من تطورها، إذ صارت الأزمة اليوم في سباق بين نهجين أحدهما داخلي تتابعه السلطات السورية، وآخر يتابعه المجتمع الدولي. وفي وقت تصر فيه السلطات السورية على استمرار الحل الأمني العسكري وتصعيده في معالجة الأزمة، وحسم الوضع القائم بإعادة إحكام قبضتها على البلاد بواسطة القوة، يسعى المجتمع الدولي نحو إيجاد حل للأزمة، يقوم على خلق آلية عمل سياسي يوقف استخدام القوة، ويحد من تداعياتها، قبل أن ينتقل إلى تفاهم وتوافق بين السلطات السورية ومعارضيها، يرسم ملامح مرحلة انتقالية.
ـ إذا كانت السلطات السورية ذهبت في الآونة الأخيرة نحو الاستخدام الأوسع للقوات العسكرية والأمنية، فشملت عملياتها مختلف المحافظات، ولاسيما في محافظات الوسط من حمص مرورًا بإدلب وصولاً إلى حلب ثم الرقة، فإن الحراك الإقليمي والدولي ذهب من جانبه إلى الحد الأقصى في حراكه منذ اندلاع الأزمة في ربيع عام 2011.
ـ لقد عكس التطور السابق تجلياته فيما يتصل بالحراك الإقليمي والدولي، وقد بات أكثر إحساساً بعمق الأزمة وبالآثار المدمرة لتطورها وتداعياتها، خاصة بعد ذهاب السلطات السورية إلى الأبعد في خيارها الأمني العسكري وتوسيعه، وقد بات يهدد بانفجار الوضع الداخلي إلى أقصى الحدود، وهو أمر إن حدث سوف تكون له آثار إقليمية خطيرة، لعل أولها انخراط فئات وجماعات من دول الجوار السوري بالأعمال المسلحة في الأراضي السورية، مما يعني توسيع حدود الصراعات المسلحة لتشمل بلدان الجوار أو بعضها، إضافة إلى إدخال عناصر متزايدة في الصراعات القائمة في سوريا، وهذا سيدفع المنطقة وكياناتها نحو قاعدة جديدة لتشكل الكيانات السياسية، هي الأولى من نوعها في المنطقة منذ اتفاقية "سايكس – بيكو"، التي رسمت حدود دول المنطقة بدايات القرن الماضي.
ـ إزاء الأخطار والتحديات التي تفرضها تطورات الأزمة في سوريا، فإن حراك المبادرات والجهود تكثف في الفترة الأخيرة، وكان في عداده المبادرة الصينية، وجهود المبعوث العربي والدولي "كوفي عنان" إلى سوريا، واللقاء الذي عقده وزراء الخارجية العرب مع "لافروف" وزير الخارجية الروسي في القاهرة، واجتماع "أصدقاء الشعب السوري" الذي يعقد دورته الثانية قريباً في تركيا، ومثله اجتماع حلفاء دمشق الذي يعقد في إيران، ثم المبادرة التي أطلقها أمين عام حزب الله حسن نصر الله لمعالجة الأزمة السورية، والقائمة على فكرة "إلقاء السلاح بشكل متزامن، ضمن آلية متفق عليها للدخول في حل سياسي واضح وممنهج".
ـ يعكس تنوع المبادرات والجهود بين أصدقاء السلطات السورية وخصومها، تشارك الجميع في القلق إزاء ما يجري والرغبة في معالجته، وإن كان من مواقع وأهداف مختلفة، تتراوح ما بين المحافظة على النظام في إطار حل وسط من موقع أصدقاء السلطات السورية، وصولا إلى تغيير النظام حسب خصوم النظام في المستويين الإقليمي والدولي، وهنا لابد من التأكيد علي أن سباقات الحل ليست سباقات مفتوحة بشكل مطلق، بمعنى أنه لا يمكن الاستمرار في طرح المبادرات الإقليمية والدولية، إذا استمرت السلطات السورية في نهجها الحالي، أو إذا اكتفت بالمواقف اللفظية من دون الانخراط في خطوات عملية هدفها معالجة الأزمة في صورة حل سياسي، لأن ذلك سيدفع أصدقاء النظام إلى الانكفاء واليأس من جهة، ويدفع خصومه إلى التشدد من جهة أخرى، مما سيجعل الجميع يذهبون للبحث عن حل ملزم عبر مجلس الأمن الدولي، وربما خارجه إذا استحالت التوافقات داخل المجلس، تأكيداً ليأس الجميع من فكرة ذهاب السلطات السورية لحل سياسي والإصرار على أنه ليس هناك من حل سوى توسيع دائرة العنف في سوريا وفي محيطها.
(1) الحياة، بي بي سي، أسوشيتد برس انترناشونال، الجزيرة نت، الشرق الأوسط، 17ـ 18/3/2012.
(2) وكالة الأنباء الكويتية، وكالة الأنباء الفرنسية، 17/3/2012.
(3) الشرق الأوسط،18/3/2012.
(4) وكاله الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، 17ـ18/3/2012.
(5) العربية نت، وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، الحياة، 16ـ 17ـ 18 /3/2012.
(6) إيلاف، الشرق الأوسط، الحياة، وكالة الأنباء الفرنسية، وكالة الأنباء الفرنسية،  وكالة الأنباء الأردنية،16ـ 17 ـ 18/3/2012
(7) طارق الحميد، الشرق الأوسط، 18/3/2012.
(8) نشرة أخبار الساعة، العدد (4803)، 18/3/2012.
(9) آلان دليتروز، الشرق الأوسط، 18/3/2012.
(10) محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، الجزيرة السعودية، 18/3/2012.
(11) عبدالله المدني، الاتحاد الاماراتية، 18/3/2012.
(12) رأي الشرق القطرية، 18/3/2012.
(13) فايز سارة، الشرق الأوسط، 18/3/2012.

أزمة سوريا قد تنتقل إلى لبنان

كتبت مجلة الايكونوميست (18/3/2012) أن الأزمة السورية قد تنتقل إلى لبنان، وتبدأ اشعال فتيلها في طرابلس، حيث أقلية علوية تتركز في منطقة جبل محسن وتتناحر مع السنيين على خلفية طائفية وعقائدية، العلويين بالطبع يدافعون عن نظام الأسد، بينما السنة ينضوون تحت لواء سعد الحريري الذي يتهم الأسد بقتل شعبه.
المجلة تتناول حزب الله الموالي لدمشق والذي يسانده بالسلاح والرجال، أما المسيحيون فمنقسمون بين مؤيد ومعارض للأسد، وفئة منهم قلقة من تغيير النظام السوري واستبداله بحكومة إسلامية.
المجلة تصف الوضع بهدوء مشحون قد يفجره تصعيد طائفي.

دور ماهر الأسد في سحق الانتفاضة السورية

اهتمت مجلة الاكسبريس (18/3/2012) بشخصية ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد وجلاد الشعب والجزار المدافع عن العلويين كما تصفه المجلة.
بعض المتخصصين بالشأن السوري يعتبرون ماهر الأسد المنفذ المتحمس والبعض الآخر يرى فيه الرأس المدبر لعمليات القتل في سوريا.
إنه شخص مندفع سريع الغضب شرس الخلق سادي، وفق المجلة التي تتوقف عند بعض خصوصياته منها تأتأة متقدمة وشغف كبير بالسلاح وفنون القتال.
شائعات كثيرة تتردد عن قساوته فقد داس بقدمه على جثث الثوار في مدينة درعا ولم يتوانى عن صفع بثينة شعبان مستشارة الرئيس وتهديد أسماء زوجة بشار بالقتل عندما أعربت عن نيتها الهرب إلى لندن.
شائعات تقض مضجع السوريين من بطش هذا الرجل وفق المجلة.

الاسد سيذهب ولكن النظام لن يسقط

(هآرتس 15/3/2012): 'رغم أن الظروف عندنا أصعب بكثير مما في معظم الدول العربية، إلا أن سورية مستقرة. لماذا؟ لأن عليك أن تكون متصلا جدا بثقة الناس. هذا هو لب الموضوع. عندما تكون فجوة بين سياستك وبين مصالح وثقة المواطنين ينشأ فراغ يخلق اضطرابات. المواطنون لا يعيشون فقط على المصالح، بل لديهم أيضا معتقدات، ولا سيما في مناطق جد ايديولوجية'. عندما عرض بشار الأسد فكره في مقابلة مع 'وول ستريت جورنال' في كانون الثاني 2011، كان الرئيس التونسي قد أصبح لاجئا في السعودية، مر 11 يوما آخر قبل أن يعلن مبارك اعتزاله، والقذافي كان يدير حربا شديدة ضد معارضيه وفي سورية ساد هدوء نسبي. جزيرة استقرار، أتاحت للأسد التنبؤ بأن سورية ستبقى بلا اهتزاز. بعد شهر ونصف من نشر المقابلة، في 15 آذار، اشتعل الانفجار الكبير في مدينة درعا، في جنوب الدولة وفي مدينة الحسكة في الشمال، انفجار شكل بداية سنة الثورة السورية.
المقدرون والمحللون تنبأوا بان سورية تسير في طريق مصر، تونس وليبيا وأن أيام الأسد معدودة. كما كانت أيضا توقعات أكثر دقة، ادعت بأنه في غضون أسابيع أو في غضون شهرين في الحد الأقصى سيسقط. التوقعات، كما هو معروف، انهارت. الأسد لا يزال يحكم في الدولة، ومعظم جيشه معه؛ النخبة التي تقود ترص الصفوف حوله؛ عدد الفارين، الذي يقدر بـ 30 أو40 ألف جندي، بينهم جنرالات قليلون وعشرات الضباط الصغار لا يهدد القوات النظامية لسورية؛ والإسناد السياسي الذي يحظى به الأسد من روسيا، الصين وإيران، يصد في هذه الاثناء مبادرة الهجوم العسكري الخارجية على نظامه.
ما نجحت المواقع الافتراضية الفيسبوك، اليوتيوب والمدونات في إحداثه في مصر وفي تونس، لا يحصل حاليا في سورية. المعلومات تتدفق إلى الخارج بوفرة: أفلام قصيرة يظهر فيها أطفال مذبوحون، جثث نكل بها جنود الجيش السوري، تقارير عن أعمال اغتصاب وحشية وإحراق منازل ومتاجر، تصل في الزمن الحقيقي إلى كل العالم. ولكن هذه المعلومات لا تنجح في أن تنتزع أكثر من بيانات الشجب، الانتقاد اللاذع وبضعة مؤتمرات لأصدقاء المعارضة.
لماذا تختلف سورية عن ليبيا؟ لماذا ليست الدول الغربية ومعظم الدول العربية غير مستعدة لأن تخرج في هجوم ضد النظام؟ الفارق الأساسي يكمن في وضع سورية الاستراتيجي كحليفة لإيران وروسيا. مصادر الإدارة الأمريكية شرحت قبل بضعة أسابيع لـ 'هآرتس' بأن التخوف الأساس من هجوم في سورية هو من رد إيراني في الخليج الفارسي. 'يكفي أن تفتح إيران النار على أهداف في البحرين أو الخليج كي تثير أزمة دولية وتصرف المعركة من سورية إلى الخليج'، يقول دبلوماسي أمريكي يعمل في الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة.
ليس مهددا بقدر أقل هو انعدام اليقين الذي يلف رد فعل روسيا. روسيا تشعر أنها خدعت في حالة ليبيا. وذلك لأنه في البداية قرر مجلس الأمن إقامة منطقة حظر جوي بدعوى إنسانية يرمي ظاهرا إلى مساعدة اللاجئين الليبيين في الحصول على مأوى. ولكن هذا القرار ترجمته على الفور قوات الناتو كتسويغ للشروع في هجوم واسع، تضمن أيضا قصف من الجو واستخدام الصواريخ الجوالة. روسيا حيدت عمليا من المعركة في ليبيا وفقدت الفرصة للارتباط بالنظام الجديد. دروس ليبيا وضعت روسيا في رأس المعارضين لعملية عسكرية في سورية. هذا الموقف ترافق ومظاهرة علنية لمساعدة لوجستية للأسد، من خلال إرسال السفن إلى ميناء طرطوس في سورية، حيث تحتفظ روسيا بقاعدة بحرية، والتصريحات الكفاحية التي بموجبها لن تسمح بهجوم عسكري على سورية.
يكفي هذان التهديدان، الإيراني والروسي، كي تفهم دول الناتو ودول الاتحاد الأوروبي على حد سواء بأنه مقارنة بالقذافي، الذي لم يكن له أي إسناد استراتيجي من قوة عظمى، فإن الأسد الضعيف من ناحية عسكرية، عديم المقدرات الطبيعية التي تستحق القتال من أجلها، ودولته تقف على شفا الإفلاس من شأنه أن يكون الرفاص الذي يحدث حربا إقليمية.
ولكن ليس فقط السند الاستراتيجي له هو الذي منع سقوطه. فحتى الإسناد الذي منحته الدول العربية للغرب للهجوم على القذافي تمنعه الآن. كان هذا قرار الجامعة العربية بالتوجه إلى مجلس الأمن لفرض مناطق حظر طيران في ليبيا، هو الذي هيأ الطريق للهجوم. ولكن في الحالة السورية، أبدت معظم الدول العربية ترددا متواصلا. الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، تبنى في البداية موقف الأسد في أنه يقاتل ضد عصابات مسلحة هدفها إسقاط الحكم. مرت أشهر عديدة إلى أن اقتنعت معظم الدول العربية بأن الحديث يدور عن مذبحة ممنهجة، وحتى تشرين الثاني 2011، بعد تسعة أشهر تقريبا من بدء الاحتجاج في سورية، قرر وزراء خارجية الجامعة العربية تعليق عضوية سورية في المنظمة وفرض عقوبات عليها. اليوم أيضا حين تتعاظم حجم المذبحة كل يوم، فإن فقط السعودية، وقطر والكويت تطالب بإرسال قوات أجنبية أو عربية إلى سورية.
فلماذا في ليبيا أيدت عملية عسكرية بينما بالنسبة لسورية تتردد. يبدو أن السبب في ذلك هو درس الثورات مثلما يفهم في قسم من الدول العربية. بينما مصر لا تزال تبحث عن طريقها نحو المرحلة الديمقراطية التالية، ومستقبلها يوجد في يد الإخوان المسلمين؛ وعندما تكون ليبيا ممزقة بين أقاليمها الشرقية والغربية وبين عصابات تحاول السيطرة على أجزاء من المدن؛ وعندما تنفجر في اليمن عبوات جانبية والحرب ضد القاعدة ينفذها الأمريكيون فليس ملحا للدول العربية إعطاء تسويغ لإسقاط نظام آخر بديله ليس معروفا.
هنا يكمن عائق عميق يميز بين ليبيا وسورية. في ليبيا تبلورت منذ المراحل الأولى للثورة معارضة قوية، مع قيادة وجيش. تفكك الجيش الليبي كان سريعا، وخليط من الاتفاق بين المواطنين، المقاتلين ومجموعة من الزعماء، سمح للدول العربية وللغرب بأن تحدد بديلا حقيقيا للحكم.
أما المعارضة السورية فلا تزال بعيدة عن النموذج الليبي. الجيش السوري الحر، الذي يحتفظ بكتائب في كل المدن الكبرى السورية، ليس مسلحا مثل المعارضة الليبية: عدد دباباته قليل، وأساس سلاحه الرشاشات، البنادق وقاذفات القنابل.
ومع أنه يتلقى مساعدات مالية من السعودية وقطر إلا أنه يجد صعوبة في الحصول على السلاح ونقله إلى داخل الدولة. والأهم من ذلك فإن ليس كل الفارين والمسلحين انضموا الى صفوفه.
بعض الفارين انضموا الى الجنرال مصطفى الشيخ، الذي أقام مجلسا عسكريا خاصا به وينفذ أعمال مستقلة. هاتان القوتان العسكريتان (اللتين انضمت إليهما ميليشيات قبلية) ليسا بتنسيق مع المعارضة المدنية، المجلس الوطني السوري، الذي يتخذ من خارج الدولة مقرا له، والذي في داخل صفوفه أيضا لا يسود الانسجام.
النتيجة هي أنه مقارنة مع ليبيا، مصر وحتى اليمن الذي وضع بديلا سلطويا معروفا، ليس في سورية هيئة أو شخص يمكنهما أن يعتبرا بديلا. النتيجة هي أنه حتى لو وافقت الدول العربية على استدعاء قوات الغرب للهجوم في سورية، وحتى لو تلقت الدول الغربية الدعوة وأسقطت الأسد فستكون حاجة الى تعيين حكومة مؤقتة: وذلك، حيث لا يوجد لأي جهة فكرة إذا كانت هذه ستكون عملية مشابهة للعراق أو شبه أفغانستان النموذجين اللذين لا تتحمس أي دولة لرؤيتهما.
سورية دخلت الآن في سنة ثانية من الثورة، فيما أن نظام الأسد متشقق، ولكنه ليس متحطما. بعيد عن ذلك. طالما هذان الخللان، إيران وروسيا، يقفان إلى جانبه، وطالما العائلة تسيطر على الجيش والجيش يدعم العائلة، فإنه حتى لو انصرف الأسد بشكل شخصي، فإن النظام سيبقى على حاله.