الجمعة 17 شوّال 1445 هـ الموافق 26 أبريل 2024 م
التقرير الإعلامي الرابع والستون 16-17 آذار / مارس 2012
السبت 24 ربيع الآخر 1433 هـ الموافق 17 مارس 2012 م
عدد الزيارات : 2448
أولاًـ التطورات الميدانية للأزمة
ثانيًاـ مظاهر تضييق الخناق الخليجي ـ الأوروبي
ثالثًاـ مطالبة "خدام" دول الخليج بالضغط على الغرب بهدف التدخل العسكري (7)
رابعًاـ مهمة المبعوث الأممي ـ العربي "كوفي عنان"
خامسًاـ تتابعات وردود الأفعال
سادسًاـ أبرز المبادرات العربية والدولية لحل الأزمة (15):
سابعاًـ رؤى الكتاب والمفكرين

"الأسد" يواصل مجازره والدول الخليجية والأوروبية تضيق خناقها الدبلوماسي عليه.. المظاهر والتقييمات

* تواصل قوات "الأسد" ارتكاب مجازرها البشعة في كافة المدن ذات الأغلبية السنية 80% ـ إعدامات، قتل بدم بارد، موت بالإحراق، ذبح المتظاهرين بالسلاح الأبيض.. الخ ـ في مشهد لم يسبق أن شهد العالم في العصر الحديث ـ الذي تتعاظم فيه الدعوات لتعزيز حقوق الإنسان وحماية الكرامة الإنسانية ـ جرائم مثلها رغم المبادرات العربية والدولية لحل الأزمة، وذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى يتواصل تضييق الخناق الدبلوماسي ضده، حيث أعلنت ثلاث دول خليجية: السعودية والكويت والبحرين، و5 دول أوروبية هي: أسبانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا وايطاليا، وتركيا إغلاق سفاراتها في دمشق، آمرين دبلوماسييها العاملين هناك بمغادرة الأراضي السورية، نظرًا لتردي الأوضاع الأمنية وتواصل النظام في ارتكاب المجازر البشعة، هذا فيما وصف المبعوث العربي ـ الأممي "كوفي عنان" ردود دمشق على مقترحاته بالـ"مخيبة للآمال"، وسط تواصل ردود الأفعال والتقييمات على الأزمة، كالتالي:

أولاًـ التطورات الميدانية للأزمة

1ـ  وقوع انفجارين بالعاصمة دمشق(1):
ـ أعلن التلفزيون السوري الحكومي مقتل 27 شخصًا وجرح أكثر من تسعين في الانفجارين اللذين هزا دمشق صباح اليوم 17/3/2012، وقد نفى العقيد "مصطفي عبد الكريم" الناطق الرسمي باسم "الجيش السوري الحر" مسؤولية الجيش عن هجومي دمشق، متهمًاالسلطات الرسمية بتدبير هذين التفجيرين بهدف "خلق حالة من الفوضى قبيل وصول الفريق التابع لـ"عنان"، وأوضحت تقارير إعلامية:
ـ الانفجار الأول استهدف مقر المخابرات الجوية في حي القصاع، وإنه أحدث أضرارًا كبيرة في المبنى والمباني المجاورة له.
ـ استهدف الانفجار الثاني إدارة الأمن الجنائي قرب البوابة الخلفية لمبنى الإذاعة والتلفزيون السوري من جهة دوار الجمارك في ساحة الأمويين.
2ـ تواصل النظام ارتكاب مجازره بحق المتظاهرين(2):
ـ مع حلول الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية التي اندلعت شرارتها الأولى في مدينة درعا.. اندلعت اشتباكات جديدة في أرجاء متفرقة من سوريا وخاصة في العاصمة دمشق بين القوات السورية ومحتجين يطالبون برحيل "الأسد"، وفي المجمل سقط 85 قتيلاً في إدلب التي سيطرت عليها قوات الأمن بالكامل بعد أيام من الحصار، كما اقتحم الجيش النظامي والأمن درعا بأعداد ضخمة وسط إطلاق نار عشوائي بالأسلحة المتوسطة والمدفعية المضادة للطائرات.
ـ عثر الأهالي على خمس جثث محروقة وملقاة في الأراضي الزراعية بجبل الزاوية، تم التعرف على بعض أسمائها من قبل أهالي القرية، وتبين أنه سبق اعتقالهم في وقت سابق.
ـ قبل الإعلان عن سيطرة الجيش على إدلب كان ناشطون أكدوا أن القوات الموالية للأسد أعدمت 40 شابًا دفعة واحدة أمام مسجد بالمدينة.
ـ في حمص، فتحت قوات حرس الحدود النار على أربعة أشخاص كانوا يحاولون الهروب من المدينة باتجاه الأراضي اللبنانية مما أدى إلى مقتلهم على الفور.
ـ في درعا، التي تقع على الحدود مع الأردن، سقط 11 قتيلاً، وسط اقتحام الجيش والأمن للبلدة بأعداد ضخمة والبدء بإطلاق النار بشكل كثيف وعشوائي بالأسلحة المتوسطة والمدفعية المضادة للطائرات.
ـ في حلب سقط ثلاثة قتلى، اثنان منهم توفيا تحت التعذيب، في حين طوقت قوات الأمن مبنى جامعة حلب وسط إطلاق رصاص على المتظاهرين في كلية الآداب والتعدي عليهم بالضرب بالعصي الكهربائية، كما اعتقلت طالبتين من المدرسة الثانوية في حي الفرقان.
3ـ وصول عدد المنشقين من الجيش السوري إلى 60 ألفًا (3):
ـ عدد الجنود الذين انشقوا من قوات الجيش السوري يقارب الـ60 ألفا، وإن 20 ألفًا منهم غادروا الشهر الماضي حسب تقارير الاستخبارات التركية، بالإضافة إلى 40 ألفًا من العاملين في الجيش والذين انشقوا قبل الـ20 من شهر فبراير الماضي، ويبلغ عدد القوات السورية 295 ألف عنصر حسب تقرير 2012 الذي نشره معهد الدراسات الإستراتيجية بلندن.
ـ المنشقين في ريف دمشق يتوزعون على سبع كتائب، أكبرها كتيبة (الفرقان) في الغوطة الغربية (عرطوز وداريا والكسوة والمعضمية)، وكتيبة (أبو عبيدة بن الجراح) في الغوطة الشرقية (دوما وحرستا وسقبا وعربين)، وكتيبة (سباع الجرد) في القلمون (يبرود ورنكوس وعسال الورد وغيرها).

ثانيًاـ مظاهر تضييق الخناق الخليجي ـ الأوروبي

1ـ إغلاق 3 دول خليجية سفاراتها بدمشق واستدعاء رعاياها(4):
* أعلنت ثلاث دول خليجية، هي: السعودية والكويت والبحرين، إغلاق سفارتها في دمشق، آمرين دبلوماسييها العاملين هناك بمغادرة الأراضي السورية، ونقل عن بيان لمجلس التعاون الخليجي قوله: إن الإمارات وسلطنة عمان وقطر قررت أن تحذو حذو البحرين والسعودية بإنهاء أنشطتها الدبلوماسية في سوريا، نظرًا لتردي الأوضاع الأمنية وتواصل النظام في ارتكاب المجازر البشعة، كإدلب وحمص وكرم اللوز ودرعا.
2ـ إغلاق 5 دول أوروبية سفاراتها بدمشق واستدعاء رعاياها(5):
* إثر إعلان كل من: أسبانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا وإيطاليا، إغلاق سفاراتها في دمشق "بسبب تدهور الظروف الأمنية على الأرض ولتوجيه إشارة سياسية إلى سوريا".. تسعى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "كاثرين آشتون" إلى دفع جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 إلى سحب سفرائها من سوريا قبل بدء محادثات وزراء خارجية الاتحاد الأسبوع المقبل وسيشارك في الاجتماع الذي سيجري لأول مرة، وزير الخارجية التركي "احمد داود اوغلو"، وسيركز الاجتماع في "احتمال إغلاق سفارات دول الاتحاد الأوروبي في سوريا"، وأوضحت مصادر وتقارير إعلامية:
ـ "آشتون" تسعى إلى سحب جميع السفراء من دمشق قبل المحاولة التي ستقوم بها الأمم المتحدة لاتخاذ تحرك ضد نظام الرئيس السوري.
ـ "داود أوغلو" سيطلع نظراءه في الاتحاد الأوروبي على "الحوار السياسي بين الحكومة السورية والمعارضة السياسية" في الداخل والخارج، إضافة إلى احدث المبادرات الدبلوماسية بشان إيران وعملية السلام في الشرق الأوسط.
3ـ إغلاق تركيا سفارتها في دمشق نهاية الأسبوع الجاري(6):
* خطت تركيا، خطوة إضافية في تصعيدها الملف السوري باستدعاء مواطنيها في دمشق بسبب ما وصفه مصدر تركي رسمي بأنه "مخاطر أمنية جدية"، كما قررت إغلاق سفارتها في دمشق نهائيا في 22 مارس الجاري، ولكن القنصلية في حلب سوف تبقى مفتوحة حتى إشعار آخر لمتابعة الملفات الخاصة بالمواطنين الأتراك ومصالحهم.

ثالثًاـ مطالبة "خدام" دول الخليج بالضغط على الغرب بهدف التدخل العسكري (7)

* ناشد "عبد الحليم خدام" النائب السابق للرئيس السوري، رؤساء الدول العربية، خصوصًا رؤساء دول الخليج المعنيين بما يجري في سوريا لأنه،  كون أمر سوريا يهمهم من الناحية الأخوية والقومية والدينية، يشدوا رحالهم وأن يذهبوا للغرب مطالبين بقوة لتشكيل ائتلاف عسكري من أجل إنقاذ الشعب السوري والمنطقة، لأن عدم التدخل العسكري ستكون له نتائج وخيمة أيضًا على المنطقة، وسيتحول الشعب في مرحلة معينة إلى التطرف، وستكون سوريا ملاذًا لكل المتطرفين في العالم العربي والإسلامي، وتصبح أكثر خطورة على أمن المنطقة والأمن الدولي من أفغانستان ومن ما جرى في العراق من قبل، مضيفًا:
ـ الخيار الحقيقي في سوريا هو ائتلاف عسكري دولي يقوم بعمليات عسكرية على غرار ما حدث في ليبيا، وأن ما عدا ذلك كله لن يؤدي إلى الهدف الذي يريده المطالبون في المنطقة العازلة.
ـ المنطقة العازلة التي تحدث عنها الرئيس التركي لا تحل المشكلة، التي تحتاج إلى تدخل عسكري دولي لحمايتها، وإنها لا تأتي بقرار من النظام في سوريا ولا من السوريين، تأتي بقرار من الدول، وتركيا على الحدود تستطيع أن تدخل منطقة وتجعلها منطقة عازلة، لكن هذا سيؤدي إلى خط حدودي جديد مع تركيا، بمعنى أن النظام سيضع قواته على خط حدود المنطقة العازلة، وبالتالي يمنع التحرك تجاهها أو منها، وبذلك لا تتحقق الفائدة.
ـ "الأسد" ليس أمامه خيار المصالحة مع الشعب السوري، لأن هذا الأمر مستحيل بعد هذه الجرائم، والاحتقان الطائفي الذي أحدثه النظام، فبعد هذه الجرائم والعدد الهائل والمخيف من الشهداء لا يمكن للأسد أن يكون مقبولاً في سوريا بأي شكل من الأشكال، ولكن خياره الذي أعلنه أمام أحد أصدقائه من اللبنانيين أنه عندما يحاصر فسيذهب إلى منطقة الساحل، ويعلن دولة هناك، بالإضافة إلى أن وزير الخارجية الروسي "لافروف" أبلغ بعض الوزراء العرب بأنه لن يستسلم أو يسلم، وخياره إقامة دولة في الساحل، وهذا يعني أن حربًا طويلة داخل سوريا بين الشعب المتمسك بوحدته والنظام الذي مزق الوحدة الوطنية، والآن يحاول تمزيق الوحدة الجغرافية.
ـ أعلنت منذ أكثر من شهر ونصف الشهر على قناة (العربية) أن "الأسد" اتخذ قرارًا بإرسال جميع الأسلحة التي لا يستخدمها في القتل ومنها الأسلحة الاستراتيجية والصواريخ والطائرات التي أصبح معظمها في مطار اللاذقية إلى منطقة الساحل، هيأ نفسه لإقامة هذه الدولة، هذا الكلام من مصادر من قلب النظام، بالإضافة إلى أنه يدرب عشرات الآلاف من أبناء منطقة الساحل على الأعمال العسكرية لتشكيل الجيش المقبل للدولة المزعومة.
ـ "الأسد" لن يخرج من سوريا، ومصيره سيكون مصير "القذافي"، هو لا يهتم باحتياجات الشعب ولا باحتياجات الدولة، بل هو يهتم باحتياجاته هو والمجموعة المتحالفة معه من العسكريين الذين أسسوا الجيش في عهد والده ليكون جيش النظام ورئيس النظام لا جيش الوطن، وبالتالي احتياجات الشعب لا تهمهم، إذا أقدم على جريمة الانتقال للساحل، هذا يعني أنه سيوفر احتياجاته المقبلة في المنطقة عبر الأسطول الروسي الذي سينقل له المواد التموينية والغذائية، وكل احتياجاته.
ـ جهود "عنان" عبارة عن رحلات سياحية، وهو جرب في أزمة العراق لكن لم يصدر عنه أي نجاح، والآن لا يستطيع تحقيق أي نجاح لأن الهوة سحيقة بين موقف النظام وسياساته ونهجه، وما هو مطلوب من النظام من قبل المجتمع الدولي والدول العربية، ولذلك من المستحيل أن ينجح، وأعتقد أنه لن يكمل مبادرته وسينسحب، هو ذهب إلى دمشق وسمع كلامًا قاسيًا من الأسد، والأجواء أنه لم يكن مرتاحًا من اللقاء.
ـ العربي لم يكن متوازنًا في التعامل مع القضية السورية، وكان مفترض به تقديم تقرير يشرح ويقدم مقترحات ترتكز على الوضوح والصراحة والشفافية، وأن هذا النظام لا أمل ولا حل معه إلا العسكري، لكنه استبعد الحل العسكري، وليس من حقه هذا.

رابعًاـ مهمة المبعوث الأممي ـ العربي "كوفي عنان"

1ـ وصفه ردود "الأسد" بالمخيبة للآمال(8):
* وصف "عنان" أمام جلسة مجلس الأمن ردود دمشق على مقترحاته بشأن حل الأزمة السورية بأنها "مخيبة للآمال"، معلنًا إنه "يواصل النقاش" رغم كل شيء، داعيًا أعضاء المجلس إلى توحيد موقفهم حيال نظام الرئيس الأسد، قائلاً "كلما كان موقفكم قويًا وموحدًا، كانت الفرص كبيرة لتغيير دينامية النزاع".
• التقى "عنان" في نهاية الأسبوع الفائت الأسد في مهمة تركزت على "الوقف الفوري لأعمال العنف وتسهيل مهمة المنظمات الإنسانية وإجراء حوار سياسي".
2ـ إيفاده فريقًا لبحث اقتراح بنشر مراقبين دوليين:
* من جهته، قال "أحمد فوزي" المتحدث باسم "عنان" إنه سيوفد فريقًا إلى دمشق الأسبوع الحالي لبحث اقتراح بنشر مراقبين دوليين هناك، موضحًا:
ـسيرسل فريقا، عبارة عن بعثة فنية، إلى دمشق أوائل الأسبوع، لبحث تفاصيل هذه الآلية، وكيفية تنفيذ العناصر الأخرى للمقترحات.
ـ ستتوقف خطوته التالية على التقدم الذي تحرزه مهمته أو عدمه.
3ـ المجلس الوطني يربط نجاح مهمته بتنفيذ مطالب الشعب (9):
* اعتبر نائب مراقب عام الإخوان المسلمين في سوريا عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني "فاروق طيفور" أن المعارضة لا تعول كثيرًا على مهمة مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا "عنان"، لكنه، في الوقت عينه، قال:
ـ هذه الخطوة هي واحدة من الوسائل المتوافرة لدينا، وبالتالي ليس أمامنا إلا دعمها وانتظار إلى ما ستؤول إليه، مع تأكيدنا أن الأولوية بالنسبة إلينا تبقى حماية المدنيين بجميع الوسائل الممكنة ووقف القتل، ويبقى الحوار بشأن الأمور الأخرى، ومنها الحلول السياسية ومن ثم العسكرية، إلى مرحلة مقبلة.
ـ رد فعل "الأسد" الأخير وإصراره على مواجهة الاحتجاجات بالقتل خير دليل على كيفية تعامل النظام مع مهمة "عنان" وما سبقها من مبادرات.
ـ هناك معايير أساسية لا بد من تطبيقها لنجاح مهمة "عنان" وما سيصدر لاحقًا من قرار عن مجلس الأمن، ولا يمكن أن ينجح أي حل سياسي ما لم يترافق مع تحقيق المطلب الشعبي، وهو تنحي "الأسد".
ـ أهم هذه المعايير هو أن تتوقف آلة القتل بعد سحب القوات العسكرية من الشوارع، والتدخل العسكري الذي لن نتنازل عنه، وذلك من أجل حماية المدنيين وإغاثتهم ومنع النظام من التمادي بإجرامه أكثر، إضافة إلى دخول المنظمات الدولية إلى سوريا لا سيما المناطق المنكوبة الست.
4ـ الجدل حول مدى فشل أو نجاح المهمة(10):
ـ المجتمع الدولي، يبدو أنه عاجزًا عن فعل شيء، لذلك ألقى بعبء المهمة على كاهل "عنان"، مستندًا إلى خبرته الدولية الطويلة، كأمين عام سابق للأمم المتحدة، ومساهماته السابقة في الأزمة العراقية. فروسيا مثلا رأت فيه الرجل الهادئ، الذي قاد نجاحات في قضايا سياسية حساسة خلال العقدين الماضيين، وفي الوقت نفسه تعتبره شخصية ذات استقلالية ولا تتبع الأجندة الأميركية يظهر ذلك من معارضته للغزو الأميركي للعراق، وطالب في عام 2003 كلا من بريطانيا والولايات المتحدة بعدم الذهاب إلى الحرب دون موافقة الأمم المتحدة.
ـ ورغم ما تقدم من ايجابياته، إلا أن مهمته في سوريا تقتضي مهارات قد لا يملكها، كما يقول مراقبون، فهو يحتاج لمهارات الممثل "توم كروز" في فيلم "المهمة المستحيلة"، مثل القفز فوق أعلى ناطحات السحاب، وعليه أن يقفز إذن فوق المعوقات والصعاب والتحديات التي تجعل من الأزمة السورية عصية على الحل. وفي هذا الإطار يرى كبار الخبراء السياسيين في واشنطن أن إمكانات النظام السوري في المراوغة واللف والدوران عالية، وأن نظام الأسد لا يلتزم بأي تفاهمات أو اتفاقيات، وهو ما يجعل مهمة "معقدة" أكثر ويضع أسئلة استفهام حول الواقعية والحل السلمي اللذين تحدث عنهما "عنان" في التعامل مع الوضع في سوريا.
ـ الجامعة العربية تدفعه باتجاه تغيير النظام وتسليم الأسد السلطة لنائبه، والدول الغربية تطالبه بتوحيد المعارضة والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى السوريين، وبقناعاته الشخصية، فهو يعارض تسليح المعارضة أو أي شكل من أشكال التدخل العسكري الخارجي بما يجعله أقرب إلى مواقف روسيا والصين أكثر من مواقف الدول الغربية. ويبحث لنفسه عن مساحة وسط هذه المواقف المتناقضة، ويبدو كلاعب سيرك يسير فوق حبل مشدود من الطرفين، وتحته حقل مليء بالألغام، فأي خطوة يخطوها قد توقع انفجارًا ما.
ـ الرهان إذن يأتي على شخصية "عنان" ومهاراته ـ وهي غير كافية لنجاحه ـ وما يمتلكه من ثروة من الخبرات الفنية لإدارة أزمات سياسية طوال 30 عامًا من العمل في منظمة الأمم المتحدة، فهو أول أمين عام للأمم المتحدة يأتي من صفوف موظفي الخدمة المدنية الدولية. فقد التحق بالعمل في الأمم المتحدة عام 1962 وخدم في أديس أبابا والقاهرة وجنيف، وله معرفة بأنشطة الأمم المتحدة على أرض الميدان وبآراء الموظفين في جميع المستويات. فعمله في مناصب متنوعة داخل المنظمة الأممية أكسبه مهارات تنظيمية وإدارية من خلال عمله في مكتب إدارة الموارد البشرية (1987 – 1990) ومدير الميزانية في مكتب الخدمات المالية (1984- 1987) ورئيس شؤون الموظفين في مفوضية شؤون اللاجئين بجنيف (1980- 1983)، كما اكتسب خبرة الاحتكاك المباشر بالقضايا الإنسانية من خلال اضطلاعه بعدد من المهام الدبلوماسية الحساسة ومنها قضايا اللاجئين وحفظ السلام.
ـ وقف "عنان" عاجزًا أمام مجازر سربرنيتشا التي ارتكبها الجنود الصرب ضد الشعب البوسني. فعلى الرغم من نجاح الذراع العسكرية للأمم المتحدة، ممثلة في حلف الناتو، في وقف الحرب ببلاد البلقان، فإن النظام الصربي وجيشه "وضعا كرامة الأمم المتحدة في الوحل". ويرى بعض الدبلوماسيين بالأمم المتحدة أن أنان بدا عاجزًا أمام أزمات أخرى، لاسيما في الشرق الأوسط، مثل النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إضافة إلى الفشل في الكونغو والصومال ودارفور وسيراليون.
ـ فترة عمل "عنان" السابقة بالأمم المتحدة تميزت بمرحلتين؛ الأولى أطلق عليها فترة شهر العسل التي مثلت الخمس سنوات الأولى من ولايته، حيث كان يتمتع بدعم كل الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن وانتهت فترة العسل مع مجيء إدارة جورج بوش الابن خاصة بعد الحرب الأميركية على العراق واندلاع فضيحة النفط مقابل الغذاء والتي كانت من المراحل الصعبة في حياه "عنان" وكادت تطيح به بعد دعوات من أعضاء الكونغرس الأميركي لتنحيته من منصبه كأمين عام للمنظمة.
ـ هدوءه يعد نوعًا من السذاجة، فقد صدق وعود صدام حسين بإعادة المفتشين الدوليين عام 1998 وقد أعادهم صدام لعدة أسابيع ثم طردهم ثانية، الموقف نفسه تكرر مع الرئيس السوداني عمر البشير الذي وعده عام 2004 بعدم إرسال الجنجويد إلى دارفور، لكن البشير امتنع لفترة قصيرة ثم أرسلهم ثانية. ولا تزال فضيحة تورط ابنه "كوجو" في الاستفادة من عقود النفط مقابل الغذاء تطارده. ففي يناير 1998 اختارت الأمم المتحدة شركة كوتيكنا التي يعمل بها "كوجو عنان" لمراقبة السلع التي تدخل العراق في إطار برنامج النفط مقابل الغذاء، وتلقى نجل أنان مدفوعات مالية، وتم تمديد العقد حتى عام 2003 مما أثار الشكوك حول دور كوفي أنان في هذه الفضيحة.

خامسًاـ تتابعات وردود الأفعال

1ـ أنباء عن دراسة أنقرة إقامة "منطقة عازلة" أو ممرات إنسانية(11):
* أكد رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" أن بلاده تدرس كل الاحتمالات بصدد سوريا ومنها احتمال إقامة منطقة عازلة أو ممرات إنسانية، مضيفًا أن أنقرة مستعدة لكل الاحتمالات وستقوم بما تستطيع لوقف المذبحة في سوريا، وننتظر نتائج اجتماع اسطنبول، لكننا في تشاور مستمر مع الجامعة العربية والدول الصديقة للشعب السوري.
2ـ الكشف عن رمي طهران طوق النجاة للنظام السوري:
* رمت إيران طوق نجاة إلى النظام السوري الذي يواجه أزمة اقتصادية متفاقمة بإعداد خطط واسعة لربط البلدين بشبكة من الطرق، وخطوط السكة الحديد، والخطوط الجوية، وحتى الربط الكهربائي، كما تشير محاضر رسمية لمحادثات جرت بين مسئولين كبار من البلدين في دمشق، وتبين وثيقتان حصلت عليهما صحيفة بريطانية(12)عن الاجتماعات التي عقدت بين وزراء "الأسد" ونظرائهم الإيرانيين أن إيران تقوم بمجهود واسع لدعم النظام السوري، حليفها الوحيد الموثوق به في الشرق الأوسط، وأوضحت الصحيفة:
ـ مضمون الوثيقة الأولى: تتطلب جميع المشاريع التي تتحدث عنها الوثائق تعاون العراق الذي تحتاج سوريا وإيران إلى استخدام أراضيه ممرا بينهما، ويبدو أن الوثائق تعتبر موافقة العراق مسألة مفروغًا منها، مشيرة إلى أن حكومة بغداد اختارت الانضمام إلى إيران في مساعدة الأسد بلا ضجة.
ـ مضمون الوثيقة الثانية: تشير إلى اجتماع آخر عقد في 13 و14 ديسمبر في دمشق بوصفه الاجتماع التاسع للجنة متابعة التعاون الاقتصادي بين سوريا وإيران، وفي الاجتماع أبدى الجانب السوري اهتمامه بمتابعة مشروع الربط الكهربائي بين البلدين عن طريق العراق. وكان الهدف ضم العراق إلى "اجتماع ثلاثي" وتحقيق التقدم على هذا الصعيد في وقت قريب.
ـ يرى مراقبون أن هذه المشاريع تبين مدى استعداد النظام الإيراني لمساعدة الأسد، وهي تبين أن العلاقات الاقتصادية بين سوريا وإيران أوسع مما كان يعتقد، وبالإضافة إلى مشاريع الربط الجوي والبري تعهدت إيران ببناء 12500 وحدة سكنية جديدة في دمشق وحلب على أساس غير ربحي.
ـ الرئيس السوري أخذ الكثير من النصائح الإيرانية حول كيفية التعامل مع الثورة على حكمه بالنظر إلى كمية الرسائل المرسلة عبر البريد الإلكتروني، وما تم الكشف عنه في أكثر من 3 آلاف وثيقة التي يقول نشطاء إنه تم تحميلها من حسابات خاصة بالبريد الإلكتروني الذي يعود إلى الأسد وزوجته أسماء يقال: إنه تم اعتراضها من قبل أعضاء المجلس الأعلى للثورة المعارض جمعت ما بين يونيو وأوائل فبراير، تظهر في الذكرى السنوية الأولى للتمرد الذي شهد مقتل أكثر من 8 آلاف سوري، ترسم صورة لأول عائلة معزولة بشكل ملحوظ من الأزمة المتصاعدة.
ـ تشير الرسائل إلى التعاون الاقتصادي المهم بين دمشق وطهران، والذي بات مثل طوق نجاة للنظام السوري في مجالات الحياة اليومية، وتشير إحدى الرسائل إلى اجتماع عقد في العاصمة دمشق يوم 8 ديسمبر الماضي بين 10 مسئولين إيرانيين و5 أعضاء كبار من النظام السوري بمن فيهم وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعر، وتخلل هذا اللقاء الذي بدأ في الواحدة ظهرا وانتهى عند منتصف الليل، تفاصيل عن تعزيز التعاون الاقتصادي بين دمشق وطهران، واتفق فيه المجتمعون عن أفضل السبل للدفع بعجلة التعاون بين البلدين، واتفقوا فيه أيضا على الإسراع في تحسين الطرق البرية المارة بالعراق، وافتتاح محتمل للنقل في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية من العراق. يذكر أن رحيل القوات الأميركية من العراق اكتمل بعد 10 أيام من هذا الاجتماع وتحديدا في 18 ديسمبر الماضي. وبالإضافة إلى الربط البري والجوي يهدف الجانبان لربط سوريا وإيران بخط سكك حديدية عبر شمال العرق. وذكرت تفاصيل رسائل أن إيران منحت سوريا شريانا للحياة الاقتصادية من خلال وضع خطط طموحة لبناء شبكة من الطرق والسكك الحديدية والخطوط الجوية ومشاريع الربط الكهربائي بين البلدين تمر عبر العراق، وفقًا للسجلات الرسمية لمحادثات رسمية رفيعة المستوى جرت بينهما في دمشق.
3ـ رفض العراق أن يكون ممرًا للسلاح إلى سوريا (13):
* إثر اتهامات أميركية له برفض وقف شحنات أسلحة إيرانية إلى سوريا، رفض رئيس الوزراء العراقي "نوري المالكي" أن تكون بلاده ممرًا للسلاح في أي اتجاه، مؤكدًا في الوقت ذاته الدفع باتجاه إيجاد حل سياسي في سوريا، مضيفًا:
ـ العراق لا يسمح بأن تكون أرضه أو سماؤه ممرًا للسلاح في أي اتجاه ومن أي مصدر كانت.
ـ اتخذت العراق إجراءات جديدة لتشديد الرقابة على الحدود مع سوريا بهدف منع أي نشاط يناقض سياسة العراق في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
4ـ مطالبة "نصرالله" بحل سياسي للأزمة (14):
* دعا الأمين العام لحزب الله اللبناني "حسن نصرالله" إلى حل سياسي للأزمة السورية، قائلاً إن الرهان على سقوط النظام السوري لن يؤدي إلى نتيجة، مضيفًا:
ـ لا يوجد في سوريا إلا الحل السياسي وإلقاء السلاح بشكل متزامن ضمن آلية متفق عليها ضمن حل سياسي.
ـ التطورات الأخيرة تثبت أن الرهان على سقوط النظام وشق الجيش السوري والتدخل العسكري والعقوبات، لن تؤدي إلى نتيجة.
ـ اليوم الجماهير التي نزلت إلى الساحات تدل على أن هناك شعبًا في سوريا يريد الإصلاح لا الحرب الأهلية، ولا التقسيم ويريد أن يبقى مقاومًا ووفيًا لفلسطين، ونحن مع هذا الجزء من الشعب.
ـ يجب أن يقف سفك الدم في سوريا، ويجب العمل على عدم حدوث مجازر وعدم سقوط نقطة دم واحدة.
ـ لسنا نحن من يرسم للسوريين خطوطا للحل، بل نحن ـ كجيران وكأهل منطقة ـ معنيون بأن نقول للسوريين إن أمنكم أمننا، ومصيرنا واحد، وقوموا بحل الموضوع بالسياسة، ولكن ليس عملنا أن نقول لهم كيف يحلون الوضع بالسياسة، خاصة أننا لا نستطيع حل مشاكلنا السياسية.

سادسًاـ أبرز المبادرات العربية والدولية لحل الأزمة (15):

* على مدار عام من الثورة السورية، تم بذل كثير من الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية لحل الأزمة وإنهاء أعمال العنف وسفك الدماء هناك، وجاءت أبرز هذه المبادرات على النحو التالي:
ـ 4أكتوبر 2011: طرحت أربع دول في مجلس الأمن (بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال) مشروع قرار يدين النظام السوري لقمعه الاحتجاجات السلمية، ويطالبه بوقف القمع واحترام حقوق الإنسان وبدء إصلاحات سياسية فورية، أيدته 9 دول، في حين استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو).
ـ 2 نوفمبر2011: أعلنت جامعة الدول العربية عن خطة لإنهاء الأزمة تقضي بوقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن والمناطق السكنية، وإطلاق سراح المعتقلين، وإيجاد آلية لمتابعة وقف العنف على الأرض من خلال المنظمات العربية، والسماح بدخول الإعلام العربي والدولي، ثم بدء حوار وطني برعاية الجامعة.
ـ من 24 ديسمبر 2011 حتى 18 يناير 2012: الجامعة العربية ترسل بعثة مراقبين عرب إلى سوريا كتبت تقريرًا لم يؤد إلى أي نتائج حيث استمرت أعمال العنف.
ـ 4 فبراير 2012: فشل مجلس الأمن في الاتفاق على قرار حول سوريا بعد استخدام روسيا والصين "فيتو مزدوجًا" ضد الخطة العربية التي تدعو الرئيس "الأسد" للتنحي وتسليم سلطاته لنائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
ـ 23 فبراير 2012: أعلنت الأمم المتحدة تعيين أمينها العام السابق "كوفي عنان" مبعوثًا خاصًا للمنظمة الدولية وجامعة الدول العربية إلى سوريا، بموجب اتفاق بين الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" وأمين عام الجامعة العربية "نبيل العربي"، لبذل مساع هدفها إنهاء كل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز جهود إيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
ـ 24 فبراير 2012: انعقد مؤتمر "أصدقاء سوريا" بتونس بمشاركة 60 دولة، ودعا لوقف كل أعمال العنف، وتم الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للسوريين.
ـ 10 مارس 2012: اتفقت اللجنة العربية الخماسية المعنية بالأزمة السورية خلال اجتماعها مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على خمس نقاط أساسية للبدء في التحرك لحل الأزمة؛ وهي: "وقف العنف في سوريا من أي مصدر كان، وإنشاء آلية مراقبة محايدة، ورفض التدخل الخارجي في الشأن السوري، وإتاحة الفرصة لوصول المساعدات دون إعاقة، والدعم القوي لمهمة المبعوث الأممي "كوفي عنان" لإطلاق حوار سياسي".

سابعاًـ رؤى الكتاب والمفكرين

1 ـ قراءة خليجية في ملف التطورات السورية(16):
* الشعب السوري كغيره من الشعوب العربية يطمح إلى دولة ديمقراطية قائمة على العدالة الاجتماعية والمساواة بين مكونات المجتمع السوري وتكون فيها السلطة خيارًا شعبيًا نابعًا من صناديق الاقتراع، وفيما يلي رؤية تحليلية لإبعاد الموقف الغربي الذي يهدد هذا الطموح، فضلا عن الموقف الخليجي الذي يثير العديد من التساؤلات، وأخيرًا تقييم لهذه المواقف.
أ ـ  أبعاد الموقف الغربي:
* تدخل الولايات المتحدة وبعض حلفائها في سوريا لم يخدم أهداف الشعب السوري الطامح إلي الديمقراطية والحرية، حيث إن:
ـ موقف الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوروبا من النظام السوري يمكن فهمه في إطار حقيقتين:

  •   الأول مرتبط بأولويات الغرب عموما في منطقة الشرق الأوسط وهي ضمان تدفق النفط للشعوب الغربية وأمن إسرائيل والحيلولة دون نهوض عربي إسلامي.
  •   الثاني مرتبط بشبكه التحالفات التي يكونها النظام وهي تحالفات خارج الإطار الغربي في المنطقة.

ـ الصراع الغربي علي سوريا هو جزء من الصراع على منطقة الشرق الأوسط، وهو ليس صراعًا من أجل تحرير أو من أجل تطوير، بل هو صراع نفوذ واقتصاد أطرافه هم الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو من جهة وتحالف روسيا والصين وبعض الدول القريبة منهما كالهند وفنزويلا وإيران وربما البرازيل من جهة أخري باعتبارها جزءًا من تحول صناعي ضخم يبحث عن أسواق له في المنطقة الغنية بالنفط. وفي إطار هذا الصراع، استغلت دولاً ومناطق بل وقارات، وأصبحت أداة فقط لتحقيق الأهداف والمصالح الغربية باسم الحرية وحقوق الإنسان وإنقاذ الشعوب من الحكم الديكتاتوري، لكن الحقيقة هي أن القضية بئر نفط أو منجم أو طريق لأنبوب نفط، ومن هذه الدول:

  •   ليبيا التي قتل ما يقارب 70 ألف مواطن تحت قصف "الناتو"، كجزء من الصراع الدولي علي المصالح.
  •   السودان قتل فيها أكثر من هذا العدد بكثير من أجل السيطرة عليه، وعندما أخفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها هناك، عملوا على تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب، ليكون بلدين أحدهما بقيادة "عمر البشير" بدعم صيني، وآخر بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان بدعم أمريكي.
  •   في أفريقيا هناك شعوب استُغلت في إطار الصراع الدولي على القارة السوداء، فكان الضحايا بالملايين كما في رواندا وغيرها من الدول الأفريقية.

ب ـ أبعاد الموقف الخليجي:
ـ جاء الموقف الخليجي مؤيدًا للتغيير في سوريا، وهو موقف يثير العديد من التساؤلات، فهذه الدول ليست على وفاق مع المشروع الديمقراطي حتى يكون موقفها نابعًا من رغبتها في رؤية مثل ذلك المشروع الذي يجتاح المنطقة وخاصة في سوريا، فلو كانت كذلك كان الأحرى بها أن تبدأ بنفسها أولا. كما أنها لا تملك رؤية خارج أطار الأولويات الغربية وقد أثبت ردود أفعالها حيال بعض الأحداث في المنطقة أنها لا تملك مثلها، وهنا يبرز التساؤلات حول هذا الموقف:

  •   هل القضية هي الخوف من التمدد الإيراني في المنطقة الخليجية، بالطبع لا فالولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما لن يسمحا لإيران بالتمدد الجغرافي وهذه هي قواعده تملأ المنطقة.
  •   هل القضية انسياق خلف الولايات المتحدة والغرب عموما وفقا لنظرية السيد والعبد، لكن هذا الأمر يكذبه أيضا الدور الخليجي في اليمن عندما أجهضت الثورة الشعبية هناك من خلال دفع الأموال للمفاصل المؤثرة في النظام وإعادة ترتيب السلطة وفقًا للمصلحة الخليجية وكذلك الأمر في البحرين.

ـ ليس هناك ما يؤشر على إمكانية تفسير الحالة الخليجية تجاه ما يجري في سوريا، فهناك الكثير من المواقف المتناقضة والملتبسة سبقت تلك الحالة، فثمة موقف من الثورة التونسية وآخر من الثورة المصرية وثالث مما جرى في ليبيا ورابع تجاه اليمن وخامس تجاه البحرين الأمر الذي يربك أكثر المحللين قدرة على تفسير المواقف وفهمها.
ج ـ تقييم الموقف الغربي والخليجي:
* أن الحقيقة الواضحة في المواقف السابقة تشير إلي الأتي:
ـ هناك إخفاق ضخم في تحريك الواقع السوري، بغض النظر فيما إذا كان التحريك من أجل إسقاط النظام وتسليم السلطة إلى مقربين من المشروع الغربي، أم أن القضية فعلا تحتمل مشروعا ديمقراطيا مميزا في المنطقة كما حدث في المشروع الديمقراطي المميز في العراق.
ـ هذا الإخفاق لمشروعين مختلفين فهناك مشروع غربي واضح ومحدد تجاه سوريا ويمكن فهمه في إطار الصراع بين الدول المتصارعة دوليًا، وهناك مشروع خليجي غير واضح ولا يمكن فهمه مهما طرح من المبررات .
ـ الموقف الغربي و الخليجي من الأزمة السورية ما هو إلا محاولة لإعطاء رخصة للجرائم التي يرتكبها النظام بحق الشعب السوري من خلال توسيع شبكة التحالفات السياسية والعسكرية المناهضة للنظام السوري، الأمر الذي يعقد الأزمة ويجعل الشعب السوري طعم بالنسبة لنظام "الأسد"، وبتلك الخطوة تضيع فرص إصلاح الوضع في سوريا دون اللجوء إلى العنف من جانب طرفي الأزمة.
2ـ الأزمة السورية وفرص التدخل العسكري(17):
* هناك أربعة مواقف هامة تتعلق بتطورات الوضع السوري، وهي تستحق التوقف عندها لمعرفة مستقبل الأزمة السورية علي المدى القريب والبعيد وفرص التدخل العسكري، وفيما يلي مزيداً من التفاصيل حول ذلك:
أ ـ مضمون المواقف الأربعة:
ـ الموقف الأمريكي نقلا "ليون بانيتا" وزير الدفاع الأمريكي: الذي حذر من عواقب توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، حيث إن سوريا تمتلك منظومة دفاع جوي قوية ومنتشرة داخل أحياء سكنية، وتدميرها سيسفر عنه خسائر كبيرة، وقد تزامن ذلك مع تظاهر عشرات الآلاف من المحتجين السوريين ومطالبتهم بأن تكون التدخل العسكري الفوري.
ـ تحذير "كوفي عنان" المبعوث العربي والأممي: حذر من أي سوء تقدير للموقف السوري، مما قد يؤدي لتصعيد سيكون من الصعب السيطرة عليه. كما أكد على الحل السياسي للأزمة، مما يوحي انه يرد بشكل مباشر على المطالبات بتسليح المعارضة السورية.
ـ الموقف الروسي: انتقد "ميخائيل بوجدانوف" المبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية، التصريحات التي تصدر من دول عربية وغربية التي تفيد بأن الحكم في سوريا غير شرعي، وان "الأسد" يجب أن يرحل من الحكم، ووصفها بأنها غير بناءة لأنها تبعث إشارات خاطئة إلى المعارضة بأنه ليس هناك منطق في بدء الحوار. فضلا عن  تصريحات "الكسندر لافيتيش" المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية التي تؤكد علي أن بلاده مازالت ترفض التدخل في سوريا.
ـ تصريحات الفريق "ضاحي خلفان تميم" رئيس شرطة دبي التي أعرب فيها عن مخاوفه من تولي حركة "الإخوان المسلمين" الحكم في سوريا في حال سقوط النظام، وهو موقف يعكس الموقف العام لحكام الخليج العربي المعارض لتغيير الأنظمة في دول الربيع العربي، وخاصة في مصر وتونس، وترسيخ ديمقراطيات آدت إلى وصول الإسلاميين إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة نزيهة.
ب ـ القاسم المشترك بين المواقف:
ـ القاسم المشترك في المواقف الأربعة أنها تصب في مصلحة بقاء النظام السوري ومعارضة التدخل العسكري، وضرورة اللجوء إلى حل سياسي للأزمة الراهنة في سوريا، الأمر الذي يشكل انقلابًا في صفوف دول وقوى كان من المفترض أن ترسل قواتها (ما عدا روسيا) لإسقاط النظام في دمشق، على غرار ما فعلت في كل من ليبيا والعراق وأفغانستان، لنصرة مطالب الشعوب في التغيير الديمقراطي ونشر الحريات، مثلما كانت تطرح من عناوين وشعارات.
ج ـ أسباب التغير المفاجئ في الموقف الأمريكي:
* فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة عن أسباب هذا التغيير المفاجئ وفي الموقف الأمريكي خاصة، فواشنطن كانت تتوعد الرئيس السوري بالإطاحة، فضلاً عن أن الرئيس "باراك أوباما" أكد علي أن أيام "الأسد" في السلطة باتت معدودة، فلماذا يلجأ وزير دفاعه "بانيتا" إلى التحذير من عواقب التدخل العسكري بمثل هذا الوضوح. الواقع يشير إلي وجود احتمالين، وهما:
(الاحتمال الأول): وهو الاحتمال الواقعي، ويمكن استخلاصه من قراءة منطلقات السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة على مدى السنوات الماضية، التي تؤكد علي أن:
ـ واشنطن لا تريد التدخل العسكري في سوريا لأنه لا يوجد فيها نفط مثل العراق وليبيا، ولأنها يمكن أن تخسر بعض جنودها،إضافة إلي عدم رغبتها في خوض حرب ثالثة بعد العراق وأفغانستان وليبيا ، بما يستنزف قدراتها المالية، في وقت تعاني البلاد من أزمة اقتصادية حادة.
ـ الإدارة الأمريكية الحالية ـ التي يتطلع رئيسها "أوباما" إلى الفوز بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل ـ لا تريد الإقدام على إي مغامرة عسكرية أو سياسية يمكن أن تكون تكلفتها غالية، وهذا ما يفسر التملق الأمريكي للوبي الصهيوني، واعتبار الأمن الإسرائيلي جزءا لا يتجزأ من الأمن الأمريكي.
(الاحتمال الثاني): ويرتبط بالمخططات الأمريكية المتعلقة بالتعاطي مع ملف المنشآت النووية الإيرانية، حيث أن الإدارة الأمريكية ربما تكون رحّلت التدخل في الشأن السوري عسكريا ريثما تقرر كيفية التعاطي مع الملف الإيراني، فإذا أرادت توجيه ضربات لتدمير المنشآت النووية الإيرانية بعد الانتخابات الرئاسية، فربما تكون سوريا جزءا من هذه الحزمة، بحيث تشمل الضربات أيضا حلفاء إيران في المنطقة مثل "حزب الله اللبناني" و"حركة حماس" إلى جانب سوريا.
3ـ  البحرين.. مؤشرًا على التطورات في سوريا(18) :
* أصبحت البحرين مؤشرًا واضحًا على تطور الأحداث في سوريا وطريقة تعاطي دول مجلس التعاون الخليجي معها، فمتابعة الأحداث في البحرين ومدى توترها أو هدوئها يكون بالاتساق مع ما يحدث في سوريا، وفيما يلي ملاحظات حول هذا الشأن:
ـ ففي البحريين برغم مرور عام على انتهاء أعمال الشغب التي نفذتها جماعات عنف بحرينية قريبة من طهران، إلا أن القرار الخليجي الذي تكامل بإغلاق كل سفارات مجلس التعاون الخليجي إثر قرار سابق من السعودية ثم البحرين، ساهم فورًا في إحداث أعمال عنف في البلاد، حيث:

  •   ألقت عناصر الشغب زجاجات المولوتوف على رجال الشرطة البحرينية في بعض القرى الشيعية.
  •   تدفقت قوات من "درع الجزيرة" لمساندة الشرطة البحرينية.
  •   عارضت "جمعية الوفاق الشيعية" ـ القريبة من طهران ـ وجود هذه القوات في البحرين، فضلاً عن معارضتها المطالب الخاصة باندماج البحرين مع السعودية أو مع كل دول الخليج في دولة واحدة.

ـ تزامن مع ذلك أحداث عنف في سوريا أيضا علي اثر القرارات الخليجية بإغلاق سفاراتهم بدمشق. وفي هذا الإطار لا يمكن تجاهل هذا الترابط الوثيق بين مواقف الدول الخليجية ـ وتنوعها ما بين المرونة والصلابة إزاء الإجراءات المتخذة حيال القمع الوحشي في سوري ـ و بين درجات التصعيد في بعض مناطقها، خاصة تلك التي تقطنها جماعات من الشيعة ترتبط بطهران.
4ـ مهمة "عنان" في سوريا ومناورات "الأسد"(19):
* أبلغ "كوفي عنان" أعضاء مجلس الأمن بأنه تلقى ردوداً مخيبة للآمال من النظام الحاكم في دمشق على مقترحاته ـ المكونة من ست نقاط ـ لحل الأزمة السورية التي باتت تهدد الأمن والسلم الدوليين، وقد جاء ذلك في أول تقرير له منذ تكليفه مبعوثاً مشتركاً للأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا، وفي هذا الإطار يمكن توضيح الملاحظات الآتية:
ـ الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن الدولي بعد فشله مرتين بسبب الفيتو الروسي الصيني، هو الذي ساهم في جعل النظام يواصل ممارسه عمليات المراوغة، وهو ما ظهر بوضوح مع كافة المبادرات المطروحة إقليميًا ودوليًا، بل وقام باستغلال هذا الأمر كغطاء لمواصلة عملياته القمعية التي تهدف لسحق الثورة الشعبية بدباباته وآلته العسكرية الثقيلة. بالرغم من توصيات "عنان" للتأكيد على أهمية أن يكون موقف المجلس قويا وموحدا لإنجاح مهمته.
ـ أن هذا التقرير ـ الأولي ـ  الذي قدمه "كوفي عنان" يضع الدول الأعضاء في مجلس الأمن أمام مسؤولياتها، بعد أن ثبت أن ما حدث من انقسام شجع النظام على تفعيل آلة القتل والقمع في مختلف المدن الثائرة منذ أكثر من عام، وأسفر عنه سقوط أكثر من تسعة آلاف قتيل ولجوء ونزوح عشرات الآلاف من السكان الذين أجبرتهم آلة النظام العسكرية على الفرار.
5ـ المأزق التركي في سوريا(20) :
* طرحت سيطرة الجيش السوري على مدينتي "حمص و إدلب" وجوارهما واستمرار مطاردة المنشقين من "الجيش الحر"، معضلة إضافية على المواقف التركية من الأزمة السورية بعد مرور عام على بدء الثورة، حيث:
ـ أنقرة منذ بدء الأزمة كانت في طليعة المتدخلين في الشأن السوري من أجل البحث في حلول لها. ووصل الأمر برئيس الحكومة التركية " أردوغان" إلى اعتبار الشأن السوري شأنا داخليا تركيا.
ـ تخوف تركيا من الأزمة السورية في محله. فالوضع في سوريا ينعكس على أمنها الداخلي. ولاسيما إذا ما تطورت الأوضاع في سوريا إلى حرب أهلية وإلى صدامات مذهبية حيث ستكون تركيا الأكثر تأثرًا نظرًا لتشابه البنية الاجتماعية فيها مع البنية السورية.
ـ المشكلة الأساسية التي واجهتها تركيا منذ البداية أنها افتقدت الحنكة والتعقل في كيفية النظرة إلى الأزمة. فكان الاستعجال سمة كل شيء في السلوك التركي تجاه سوريا،كالأتي:

  •   منذ البداية أرادت أنقرة أن يبادر الرئيس السوري "الأسد" بإصلاحات شاملة في النظام، تجنبًا لما آلت إليه الأوضاع ألان في سوريا.
  •    لم تصبر تركيا على النظام السوري فبادرت وفي وقت مبكر جدا إلى الانحياز الكامل لطرف دون آخر، عندما احتضنت المعارضة السورية السياسية التي في الخارج أولا بكل أطيافها ونظمت لهم مؤتمرًا بعد شهر واحد على بدء الأزمة تلاها مؤتمرات متعددة حيث أبصر المجلس الوطني السوري من اسطنبول بالذات، وهو ما نزع ثقة دمشق في نوايا أنقرة.
  •   لم تكتف أنقرة بذلك بل انحازت إلى أطراف معينة من المعارضة دون أخرى عندما تجاهلت رموز المعارضة في الداخل. وتحولت بذلك إلى طرف مباشر في الصراع.

ـ وبعد مرور عام على الثورة السورية، وجدت تركيا نفسها في مأزق. إذ نظرت إلي الواقع السوري فوجدت المعارضة التي دعمتها ـ والمتمثلة في "المجلس الوطني السوري" ـ مفككة، و"الجيش السوري الحر" لم يستطع أن يحقق أي إنجاز. فالنظام لا يزال في مكانه، وهي ـ تركيا ـ  غير قادرة على التحرك كطرف ذي ثقة من الجميع. وهي بذلك قد خسرت جوارها الجغرافي المباشر من جهة، فضلاً عن عدم إمكانيتها لأن تؤسس لتكون لاعبًا إقليميًا أساسيًا عبر الانخراط في تحالفات لا تجلب سوى الارتدادات السلبية في منطقة يعد الضعف والهشاشة هي سمة بناها الأساسية.
6ـ الأسد بين العصا والجزرة (21) :
* هناك العديد من المؤشرات تفيد بأن "الأسد" بات بين العصا والجزرة، فهناك تحركات من اتجاهات مختلفة ـ قد تكون بطيئة ـ لكنها ليست بمصلحة "الأسد"، فالأمور تسير إلى التصعيد، وليس التهدئة، وهذه المؤشرات هي:
ـ إشادة تركيا بحديث الأمير "سعود الفيصل" عن تسليح المعارضة السورية، وإعلانها أنها تدرس إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية، وهذا أمر لا يمكن أن يتم بالتراضي بين تركيا والنظام السوري، بل يتطلب عملا عسكريا ضخما، وهو بالطبع عمل مبرر، فمع تدفق اللاجئين السوريين على تركيا وتلغيم النظام للحدود. فمن حق أنقرة أن تقوم بعمل ما لحماية حدودها وتأمين أماكن للاجئين السوريين.
ـ دول الخليج واتفاقها على غلق سفاراتها في دمشق إغلاقا تاما، وسحب كل العاملين فيها، والأمر نفسه تفعله دول غربية، فضلاً عن المطالب بصدور قرار أوروبي جماعي لفعل نفس الأمر.
ـ رغبة بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، في محاكمة "الأسد" وأعوانه كمجرمي حرب.
ـ التحركات الهامة التي شهدتها المنطقة في منتصف مارس، من زيارة رئيس الاستخبارات الأميركية لتركيا، إلى زيارة قائد الأركان الفرنسية لأنقرة، كما أن المعلومات تقول إن رئيس الاستخبارات التركية سيقوم بزيارة قريبة للسعودية، وهذه ليست تحركات عبثية على الإطلاق.
ـ الموقف الروسي، الذي بدأ البعض يروج إلى أنه يتحول ضد "الأسد"، بل هناك من يقول إنه تحول فعلا، والمسألة مسألة إخراج فقط.
7ـ سوريا في نفق الاستنزاف(22) :
* دخلت الأزمة السورية مرحلة استنزاف على كل المستويات ليس من الواضح كيف ومتى يمكن أن تنتهي، وهو ما يمكن توضيحه علي النحو التالي:
ـ الاستنزاف العسكري:  فبعد مرور سنة على اندلاع الأزمة، جددت قوات النظام اقتحام درعا التي انطلقت منها الأحداث وتعرضت لأكثر من اقتحام دون أن يؤدي هذا إلى عودة الهدوء. مما يعنى أن الاقتحامات لم ولن تنهي الاعتراضات، وان اجتياح "حمص" و"إدلب" و"ريف دمشق" لن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه.
ـ الاستنزاف الدبلوماسي: والذي يتمثل في استنزاف مهمة "كوفي عنان" من خلال:

  •    رفض نظام "الأسد" الاعتراف به ممثلاً للجامعة العربية، واعتبره مجرد وسيط دولي غير معني بإيجاد تسوية للوضع السوري على أساس المبادرة العربية التي تدعوه إلى التنحي.
  •   رد "الأسد" على مطالب "عنان" بمطالب استنزافية، وهي تعهد المسلحين وقف النار، تعهد دول الجوار وقف إدخال الرجال والسلاح، تعهد الدول الممولة للمعارضة وقف التمويل.
  •   المفارقة الواضحة بين رؤية النظام الذي يريد أن يبدأ وقف العنف من جهة المعارضة وتريده روسيا آن يكون متزامنًا، وبين رؤية الجامعة العربية والأمم المتحدة أن يبدأ من جهة النظام الذي بدأ العنف.

ـ الاستنزاف السياسي: ويتمثل في الآتي:

  •   اتكاء الجامعة العربية على مهمة "عنان" التي ثبت فشلها.
  •   التذرع بـ"الفيتو" الروسي والصيني، الذي يمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار، في حين تستطيع الدول العربية بلورة موقف جاد يخير موسكو بين الاستمرار في دعم النظام وخسارة عشرين دولة عربية.
  •    التفكك المعيب الذي يضرب صفوف المعارضة السورية.
  •    تبني واشنطن نظرية النأي بالنفس اللبنانية عن المأساة السورية.

8 ـ مستقبل سوريا بعد وقف العنف (23) :
* إذا كف النظام عن العنف، فالسؤال المنطقي هو كيف يمكن تصور مستقبل سوريا بعد أن تسكت المدافع، وفيما يلي الإجابة علي هذا التساؤل، كالآتي:
ـ ستنتهي وصاية "حزب البعث" على المجتمع والدولة، وهي الوصاية المؤصلة دستوريًا.
ـ سينفتح الأفق لأحزاب أخرى تتسابق على الحكم من خلال انتخابات برلمانية (يشترط لنزاهتها أن تخضع لإشراف دولي محايد ونزيه أيضًا).
ـ ستجري انتخابات برلمانية بهذه الشروط، مما يستبعد معه فوز حزب البعث بالأغلبية، ويرجع ذلك فشل هذا الحزب في السلم والحرب، كالتالي:

  •   فشل الحزب في تحرير الجولان (حيث احتلت الجولان في ظل هيمنته الشاملة)، ثم بقيت محتلة حتى الآن لعجزه التام عن تحريرها.
  •   فشله في السلم أو في الحياة المدنية العامة، فقد كانت سوريا قبل مجيئه مزدهرة تجاريا واقتصاديا، فقد كان الشعب السوري ينعم  برغد العيش، وحلو الحياة، وهي حالات تبددت وتبخرت في ظل حكمه.
  •   حزب "البعث" شريك، بل هو الفاعل الأول في مختلف الأزمات التي مرت بها سوريا، بما في ذلك الأزمة الحالية.

ـ ومهما يكن من أمر، فإن الركائز المعقولة لمثل هذا المستقبل، هي:

  •   كسر احتكار السلطة بصفة نهائية، بمعنى إنهاء أن يكون حزب البعث ـ وحده ـ هو القائد السياسي للمجتمع والدولة. ومما لا ريب فيه أن كسر الاحتكار هذا يوجب إعادة هيكلة الدولة في المجالين المدني والعسكري.
  •   لا بد من جبهة أو هيئة وطنية مستقلة لإعادة هذه الهيكلة، حيث إن حزب البعث غير مؤتمن على ذلك لأسباب عديدة، على أن يكون للقضاء دوره الفاعل في هذه الهيئة الوطنية.
  •   الحفاظ الجماعي على وحدة سوريا الجغرافية والسياسية والسكانية.
  •    التوافق على إنقاذ سوريا من الدمار الذي لحق بها وذلك من خلال برنامج وطني خلاق لإعادة بناء سوريا في المجالات كافة.
  •    ترميم العلاقة مع العالم العربي.

(1) هيئة الإذاعة البريطانية، العربية نت، الجزيرة نت، 17/3/2012.
(2) الشرق الأوسط، الحياة، القدس العربي،الآن الالكترونية، 16/3/2012.
(3) الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(4) وكالة الأنباء: البحرينية، السعودية، القطرية، الكويتية، الوطن السعودية، 16/3/2012، المصري اليوم، روسيا اليوم، سي إن إن، رويترز، 15/3/2012.
(5) وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، هيئة الإذاعة البريطانية، 17/3/2012.
(6) وكالة أنباء شرق الأناضول، الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(7) الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(8) الخليج الإماراتية، 17/3/2012.
(9) القدس العربي، رويترز، 17/3/2012.
(10) الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(11) الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(12) ديلي تلغراف، 16/3/2012.
(13) واشنطن تايمز، 16/3/2012.
(14) القبس الكويتية، قناة المنار، 17/3/2012.
(15) الشرق الأوسط، 17/3/2012.
(16) ناصر العبدلي، القدس العربي،16/3/2012.
(17)عبد الباري عطوان، القدس العربي،16/3/2012.
(18)إيلاف،7/3/2012.
(19) رأي الشرق القطرية،17/3/2012.
(20) محمد نور الدين، الشرق القطرية،17/3/2012.
(21) طارق الحميد، الشرق الأوسط،17/3/2012.
(22) راجح الخوري، النهار اللبنانية،16/3/2012.
(23) زين العابدين الركابي، الشرق الأوسط،17/3/2012.