تواصل الأزمة السورية.. التطورات والتقييمات
* تعيش سوريا منذ 15 مارس 2011 موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة، ولم ينجح الرئيس "بشار الأسد" الذي يتولى السلطة منذ 17 يوليو 2000 خلفًا لوالده "حافظ الأسد" في إخماد حدة الاحتجاجات رغم وعوده بالإصلاح، ومع استمرار التظاهرات تأخذ الحركة الاحتجاجية طابعًا عنيفًا في بعض المناطق ـ حمص ـ في ظل القمع الممارس من قبل قوات النظام، خاصة بعد إعلان تأسيس "الجيش السوري الحر" في 29 يوليو الماضي من قبل ضباط منشقين، وقد دخل النظام في عزلة عربية ودولية تزداد يومًا بعد يوم، وتجلى ذلك واضحًا عندما قررت الجامعة العربية تعليق عضوية دمشق، وقرار سحب السفراء العرب منها، ومؤخرًا المقترح السعودي المطالب بتنحي "بشار الأسد".
* الموافقة الأممية على المقترح السعودي المطالب بتنحي "الأسد"(1):
* وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة (193 دولة) يوم 17/2/2012، بأغلبية ساحقة (137) صوتًا على قرار ـ غير ملزم ـ يدعم خطة الجامعة العربية أو مشروع القرار السعودي الذي يدعو "الأسد" إلى التنحي.
1 ـ ملابسات التصويت على المقترح:
ـ تم التصويت علي هذا الاقتراح بأغلبية ساحقه بموافقة 137 دولة دعمًا للجهود العربية.
ـ أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن أملها في أن تساعد هذه الموافقة على المشروع العربي، في الجمعية العامة، الجهود الدولية للتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
ـ صوتت ضد الاقتراح 12 دولة، من بينها روسيا والصين وإيران وفنزويلا وكوريا الشمالية وكوبا، بينما امتنع 17 عن التصويت.
ـ هناك 70 دولة انضمت إلى المندوب السعودي في تقديم الاقتراح، بما في ذلك الدول العربية مع تبني جامعة الدول العربية الاقتراح السعودي.
2 ـ مضمون المقترح السعودي:
ـ ضرورة وضع حد للعنف علي مستوى جميع الأطراف ووقف فوري لأعمال العنف والقتل والحصار الذي يقوم به نظام "بشار الأسد" ضد المحتجين.
ـ وقف استمرار الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في سوريا.
ـ محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الواسعة حقوق الإنسان في سوريا.
ـ رحيل "الأسد" نفسه وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم إثر هذه الأحداث.
ـ انتقاد المدافعين عن حقوق استخدام العنف بمختلف أشكاله ضد المدنيين، والإعدام التعسفي، وقتل واضطهاد المتظاهرين، وأيضًا الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، وعرقلة إمكانية الحصول على العلاج الطبي، والتعذيب، وسوء المعاملة، بما في ذلك ضد الأطفال.
ـ ضرورة وقف الحكومة السورية هجماتها على المدنيين وقبول جهود الجامعة العربية لضمان انتقال ديمقراطي في البلاد، وتعيين موفد خاص للأمم المتحدة إلى سوريا.
ثانيًاـ المواقف وردود الفعل(2):
ـ الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون": شدد على ضرورة أن يتحد العالم بصوت واحد لإنهاء إراقة الدماء ومضاعفة الجهود لمعالجة الأزمة السورية سلميًا، ودعا السلطات السورية للإصغاء إلى نداء المجتمع الدولي وإلى صوت الشعب السوري، وأكد أنه سيعمل بشكل وثيق مع الجامعة العربية في محاولة لحل هذه الأزمة.
ـ السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة "سوزان رايس": أقرت بأن الجمعية العامة بعثت رسالة واضحة إلى شعب سوريا مفادها دعم العالم له، وأن هذا القرار أضاف عزله على "الأسد" لم تكن موجودة من قبل.
ـ وزير الخارجية البريطاني "وليام هيج": رأى أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ينم عن إدانة المجتمع الدولي للأفعال التي يقوم بها النظام السوري، معتبرًا القرار بمثابة رسالة مفادها أن قادة العالم سيحاسبون المسؤولين عن حملة القمع العنيفة للمتظاهرين، مشيرًا إلى أن "الأسد" ومن حوله يجب ألا يكون لديهم أدنى شك في أن المجتمع الدولي سيواصل دعم الشعب السوري في تطلعاته للانتقال السياسي السلمي.
ـ وزير الخارجية الفرنسي "آلان جوبيه": أوضح أن هذا القرار يشكل مرحلة جديدة لوقف قتل الشعب السوري، منوهًا إلى ضرورة بذل كافه المساعي الممكنة لتطبيق القرار بشكل كامل، معتبرًا أنه يمثل دعمًا كبيرًا وواضحًَا للشعب السوري والجامعة العربية، مؤكدًا أن بلاده تعمل في نيويورك على مشروع قرار في مجلس الأمن يضمن إقامة ممرات إنسانية في سوريا.
ـ وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف": أوضح (بعد محادثاته مع جوبيه في فيينا) أن اتفاقًا جرى مع الأمين العام للأمم المتحدة بشأن السير في هذا الاتجاه، وأن نظيره الفرنسي أبلغه أن مشروع القرار بشأن إقامة ممرات إنسانية آمنة في سوريا لن يندرج في إطار الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة.
ـ وزير الدفاع الإسرائيلي "إيهود باراك": أفاد أن انهيار نظام "الأسد" مسألة وقت، وصار أمرًا حتميًا، وأن استخدام القوات السورية المدفعية والمروحيات ضد المتظاهرين المعارضين للنظام يظهر أنها في مأزق.
3ـ التحرك الإيراني تجاه سوريا ... إرسال بارجتين حربيتين في طرطوس(3):
* كشفت مصادر إيرانية، عن أن سفينتين حربيتين إيرانيتين مجهزتين بأجهزة تنصت ومراقبة عن بعد، قامت بعبور قناة السويس (للمرة الثانية منذ اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979)، مؤكدة أن هذا الأسطول سينقل رسالة سلام وصداقة لدول المنطقة وسيثبت للعالم قوة إيران، وأضافت أن الأسطول سيسعي إلى مراقبة تحركات المعارضة السورية خاصة الجيش السوري الحر، بالإضافة إلى التصنت والمراقبة للتحركات العسكرية الإسرائيلية بشأن هجوم محتمل على إيران، وتقديم العون لنظام "الأسد"، وبذلك سيتم نقل احتمالات المواجهة بين إيران والدول الغربية إلى سوريا، بدلاً من إيران.
4ـ الرد الأمريكي على التحرك الإيراني تجاه سوريا .. إرسال طائرات بدون طيار:
* كشفت قناة أمريكية(4) أن عددًا كبيرًا من الطائرات الأمريكية بدون طيار حلقت في سماء سوريا ـ ردًا علي التحركات الإيرانية ـ لجمع المعلومات، موضحة أنها ترصد الهجمات العسكرية السورية ضد قوى المعارضة والمدنيين، وأضافت نقلاً عن مسؤولين في "البنتاجون":
ـ الطائرات أرسلت لمراقبة الأوضاع في سوريا، وأن هذه المراقبة ليست من باب التحضير لتدخل عسكري أمريكي في سوريا، بل إن إدارة "أوباما" تأمل في جمع الأدلة فوق البصرية وقراءة تحركات الحكومة السورية والاتصالات العسكرية لاستخدامها لاحقًا في الدفع باتجاه استجابة دولية واسعة النطاق ضد النظام في دمشق.
ـ توجد مناقشات بين "البيت الأبيض" ووزارتي "الخارجية والدفاع" حول البعثات الإنسانية الممكنة إلى سوريا، وقد برزت خلال النقاشات مخاوف من عدم التمكن من إرسال هذه البعثات من دون تعريض المشاركين فيها للخطر، ما سيحتم على الولايات المتحدة الانجرار إلى دور عسكري في سوريا.
* تزامنًا مع الاقتراح السعودي برحيل "الأسد" ومطلبه بضرورة الوقف الفوري لأعمال العنف وللانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في سوريا، شهدت سوريا العديد من التطورات التي ساهمت في تعقد الأزمة، يمكن رصدها كالآتي:
ـ فقدان "الأسد" السيطرة على المناطق الشمالية من البلاد: فبينما واصلت القوات الحكومية قصفها لمواقع تزعم تابعيتها للمعارضة في مدينة حمص، بدا وأنها بدأت تفقد سيطرتها على المناطق الشمالية من البلاد، حيث أصبحت معظمها تخضع لسيطرة "الجيش السوري الحر"، الذي يقود المعارضة المسلحة ضد نظام "الأسد"، وسط غياب واضح للقوات الحكومية.
ـ استعداد المعارضة في "إدلب" لاحتماليه شن "الأسد" هجوم عسكري: في إدلب( شمال غربي سوريا) بدأت المعارضة في الاستعداد لعملية عسكرية محتملة من جانب قوات "الأسد"، والتي تسعى إلى استعادة سيطرتها على الكثير من المناطق الشمالية، التي أصبحت، وعلى مدى عدة أشهر ماضية، معقلاً لجماعات المعارضة.
1ـ الأزمة السورية بين تفكيك النظام وإسقاط الدولة(6):
* دخلت سوريا مرحلة جديدة من الصراع حيث لم يعد الصراع داخليًا فقط، بل تدخلت فيه دول أخرى، عربية وغير عربية، تبنت المعارضة الخارجية واحتضنتها، إضافة إلى الانقسامات داخل صفوف المعارضة التي لا يجمع مكوناتها سوى الكراهية للنظام والاستعداد للانتقام لسنوات طويلة من التهميش والقمع. وبهذا الشكل دخلت الأزمة السورية مرحلة الخطر، لاسيما بعدما اتضح لخصوم النظام السوري وأعدائه، أنه لن يسقط بالضغط السياسي والاقتصادي، وبعدما فشل الرهان على انشقاقات كبيرة في المؤسستين السياسية والعسكرية، وفشلت محاولات كثيرة لثني روسيا والصين عن موقفهما. ولم يعد أمام دول الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سوى العمل خارج إطار مجلس الأمن أو بمعني آخر خارج أطر المجتمع الدولي، هذه التطورات الخطيرة قد ينتج عنها تفكيك الدولة السورية، وليس إسقاط النظام.. ويرجع ذلك إلى:
ـ فشل الجهود الدولية لحل الأزمة والوصول لنقطه اللاعودة، فقد قطعوا كل الجسور مع دمشق على أمل بأن يصوغوا صورتها الجديدة بعد إسقاط النظام، فتداعوا إلى تشكيل تجمع أطلقوا عليه اسم "أصدقاء سوريا" لإضفاء شرعيه دعم المتمردين السوريين بكل الوسائل السياسية والمادية، أي إننا سنشهد عسكرة ما بقي من معارضة سلمية كانت تسعى إلى التخلص من النظام والمحافظة على الدولة.
ـ الدعم السياسي والعسكري والمادي الذي يعطي للمتمردين سينتج عنه زيادة الانقسام المذهبي والطائفي في المجتمع السوري، وستكون الحرب سوريا.
ـ سوريا حرب لم يخطط لما بعدها، وأثبتت التجربتان العراقية والليبية أن عدم التخطيط لليوم التالي يعني إسقاط النظام والدولة معًا.
2ـ بروز تنظيم "القاعدة" كفاعل جديد على أرض سوريا (7):
ـ مثلت الأوضاع السورية بيئة ممتازة لتنظيم القاعدة لممارسه أنشطتها داخل الأراضي السورية، وفيما يلي الدلائل التي تشير إلى تورط "القاعدة" في سوريا:
ـ كل ما سبق بيئة ممتازة لـ "القاعدة" نشاطًا وتجنيدًا، لذلك يجدر بجيران سوريا الذين يخططون للتدخل وتغيير الأوضاع في سوريا أن يضيفوا احتمالات دخول لاعب جديد معهم هو "القاعدة" وكلما تأخروا سيتحول الاحتمال إلى حقيقة، وستصبح القاعدة طرفًا مهمًا في الأزمة السورية، وإن لم تكن مرحبًا بها.
3ـ دلائل زيف رواية تورط "القاعدة" في الأحداث السورية(8):
* دفعت دعوات "الظواهري" إلى ما سماه بالجهاد في سوريا البعض للقول إن ما يحدث في سوريا هو بدعم من القاعدة، أو إنه دليل على وجودها هناك، ولكن يمكن دحض هذه الفكرة بالأسانيد الآتية:
ـ تصريحات "الظواهري" عن سوريا ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن دعا للثورة في سوريا قبل أشهر كثيرة، وقبل أن تصل الثورة إلى ذروتها الحقيقية.
ـ سبق لـ"الظواهري" أن أشاد بالربيع العربي، بل ودعم الثورة المصرية، والتونسية، وكذلك الثورة الليبية، حيث حذر الليبيين من أطماع حلف الناتو، كما طالب الجزائريين بالثورة على نظامهم الحاكم، وكذلك الحال بالنسبة لليمن.
ـ التخويف من القاعدة في سوريا ما هو إلا محاولة جديدة للهروب من استحقاقات حماية المدنيين العزل، ومحاولة لتبرير جرائم النظام السوري، الذي يمثل خطرًا حقيقيًا على وحدة سوريا، وشعبها، أكثر من خطر القاعدة نفسها. فالنظام السوري هو من سعى لتكريس الطائفية في سوريا ليخيف الأقليات، ويجبرها على الوقوف مع نظامه.
4ـ المعطى الجديد في الموقف الروسي.. لا تراجع عن دعم النظام السوري(9) :
* تختبر الأزمة السورية مرحلة جديدة من العلاقات الدولية، في أطار ما سُمّي الصراع على سوريا علي الصعيدين الإقليمي والدولي، فضلاً عن الصراع داخل سوريا، الأمر الذي يهدد مؤسسات النظام السوري ذاته، وهو أمر لا يأبه له الحكم السوري في سياق تمسك من يتولون زمام السلطة بالبقاء فيها مهما كان الثمن. وعلى الرغم من تطور الأحداث في سوريا، إلا أن موسكو ستتمسك إلي النهاية بالدفاع عن نظام حكم "بشار الأسد"، وهذا يؤكد خطأ التوقعات الأوروبية والتركية والعربية بشأن تعديل روسيا موقفها الداعم للنظام السوري، وفيما يلي بعض الوقائع التي تؤكد خطأ هذه التوقعات:
ـ التشدد الروسي: فالقيادة الروسية بمواقفها الرسمية المعلنة وتصريحاتها لا تترك مجالاً للشك، مهما ازدادت المواجهات الجارية في المدن والمناطق السورية دموية، بأنها إذا خيرت بين الوقوف مع النظام في سوريا أو ضده، فإنها ستقف مع النظام. وهذه القيادة تضع تشددها هذا في دعم النظام، في سياق سياسة تشدد ومواجهة بينها وبين دول الغرب على الصعيد الدولي، ولاسيما في أوروبا والشرق الأوسط. هذا المعطى الجديد يجعل من القاعدة التي تقول إن روسيا تعتمد سياسة المقايضات في العلاقات الدولية غير صالحة، على الأرجح في حسابات الدول التي ترتبط بملفات عالقة مع روسيا، وحتى الدول التي تتلاقى مع موسكو حول عدد من الأزمات عليها أن تترقب تأثير التشدد الروسي الجديد على سياساتها ومواقعها. وهكذا تسعى روسيا إلى استعادة المبادرة على الصعيد الدولي.
ـ الدعم العسكري والأمني: لم ينف المسؤولون الروس بعض أوجه المساعدات الأمنية والعسكرية التي يقدمونها للحكم السوري في مواجهة المنشقين عن الجيش. بالإضافة إلى تزويد سوريا بالصواريخ (أرض ـ جو) لتمكينها من القدرة على أي مواجهة مع قوات إلى "الناتو" في حال فكرت دول حلف شمال الأطلسي بسيناريو ما ضد النظام.
ـ اتخاذ رؤية مشابه للنظام السوري: والاتفاق علي وجود " المؤامرة " فيما يخص دعم تنظيم "القاعدة" للمحتجين، وفي هذا الإطار ترصد سوريا مواقف وتحركات "القاعدة" وتقيم وزنًا لبيان "أيمن الظواهري" الأخير الذي دعا فيه إلى الوقوف ضد النظام السوري.
ـ الوقوف ضد سياسات الغرب خاصة الولايات المتحدة: ويرجع ذلك إلى القلق الروسي من انفتاح الولايات المتحدة الأمريكية على "الإخوان المسلمين" الذين انتصروا في انتخابات مصر وتونس والمغرب وليبيا، فالتوجه نحو التحالف بين واشنطن وهؤلاء تزداد وطأته قلقًا لدى القيادة الروسية حين يكون امتدادًا للتعاون الأمريكي مع هؤلاء في آسيا الوسطى على حدودها وفي قلب جمهوريات انتمت في السابق إلى الاتحاد السوفيتي، لاعتقادها بأن هذا يعزز الطوق عليها من حدودها الآسيوية والأوروبية إذا أضيف تعاون إسلامي مع الولايات المتحدة إلى مشروع نشر الدرع الصاروخية.
5ـ المبادرة الروسية تتجاهل الأوضاع في سوريا(10) :
* حاولت القيادة الروسية البحث عن سبل لتخفيف حده الأزمة السورية، وفي هذا السياق أعلنت قبل أسابيع عن مبادرة تسعى بالأساس إلى حل هذه الأزمة، وفيما يلي تفاصيلها:
ـ طبيعتها ومضمونها: تتضمن عقد حوار بين السلطة السورية والمعارضة ومحاوله المصالحة بينهم والتخفيف من وطأة الأزمة.
ـ موقف النظام السوري منها: وافق على عقد حوار "غير مباشر" في موسكو مع المعارضة. وبجدر الإشارة إلى أنه قبل عقد حوار مباشر مع المعارضة في دمشق قبل المبادرة الروسية بأسابيع، أي إن المعلومات الروسية كانت متأخرة عدة أسابيع وبعيدة عن الواقع.
ـ الفيتو الروسي: بعد أن وافقت السياسة الروسية على مشروع قرار مجلس الأمن المتعلق بدعم المبادرة العربية، تراجعت عن موافقتها هذه قبيل التصويت، ثم استخدمت حق الفيتو وعطلت القرار الذي كانت قد وافقت عليه، وأكدت مرة أخرى عدم واقعيتها أو تجاهلها لما يجري في سوريا، فضلاً عن ترددها وتخبطها، وهذا يؤكد أن استخدام روسيا للفيتو استخدموه لأسباب أخرى تؤكد التجاهل الروسي لتفاقم الأوضاع في سوريا، ويمكن تفسير الفيتو الروسي في ضوء الآتي:
(1) الشرق الأوسط،19/2/2012.
(2) الجزيرة نت، 17/2/2012.
(3) وكاله أنباء الشرق الأوسط،18/2/2012.
(4) شبكة إن بي سي، 18/2/2012.
(5) سي إن إن،17/2/2012.
(6) مصطفي الزبن، الشرق الأوسط،18/2/2012.
(7) جمال خاشقجي،الشرق الأوسط،18/2/2012.
(8) إلياس حرشوف، الشرق الأوسط، 14/2/2012. طارق الحميد، الشرق الأوسط، 14/2/2012.
(9) وليد شقير، الشرق الأوسط، 17/2/2012.
(10) حسين العودات، البيان الإماراتية، 18/2/2012.
نشرت صحيفة الجارديان (21/2/2012)، تقريراً عن مخاوف من شن هجومٍ بري على مدينة حمص السورية، التي يصفها النظام بمعقل حركة التمرد ضد ه، وذلك قبل الاستفتاء على الدستور الجديد المقرر يوم الأحد المقبل. وقالت الصحيفة أن معارضين سوريين في الداخل والخارج ذكروا أن ثمن هذا الهجوم سيكون فادحاً، حيث تعهد المعارضون المسلحون في بابا عمرو بالقتال حتى آخر نفس، مما يبعثه ذلك من رسائل باقتراب مذبحة أخرى على أبواب حمص ومدن أخرى.
قالت صحيفة النهار اللبنانية (21/2/2012)، أن مصدر دبلوماسي أفاد أن فرنسا رفضت الاشتراك مع تركيا في رئاسة "المؤتمر الدولي لأصدقاء سوريا" الذي سيعقد في 24 من الجاري في تونس العاصمة. ويعود الرفض الفرنسي إلى الخلاف القوي بين باريس وأنقرة، عندما طالب الرئيس نيكولا ساركوزي في رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان بالاعتراف بما اقترفته الإمبراطورية العثمانية من مجازر ضد الأرمن، بدأت في عام 1905 وامتدت سنوات وذهب ضحيتها مليون ونصف مليون ارمني. وارتفعت حدة الخلاف بين ساركوزي وأردوغان عندما اقر البرلمان الفرنسي قانونا جديدا بعنوان "تجريم الإبادة الجماعية للأرمن". وأفادت الصحيفة أن الامتناع الفرنسي عن الرئاسة المشتركة مع الأتراك لمؤتمر تونس لا يعني أن باريس لن تشارك في أعماله، بل ستتمثل بوزير الخارجية الآن جوبيه، وهناك ورقة عمل فرنسية تتضمن أفكارا وصفت بأنها واقعية وقابلة للمناقشة.
وفي الِشأن نفسه، كتبت صحيفة الحياة اللندنية(21/2/2012) قائلة أن لبنان لا يزال يدرس دعوة تلقاها من تونس، للمشاركة في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي ينعقد في تونس الجمعة القادمة، وفي هذا رجحت وزارة الخارجية اللبنانية عدم مشاركة لبنان لأنه لا رغبة له في المشاركة انطلاقا من مبدأ النأي بالنفس عن الأزمة السورية، وأشارت الصحيفة الى أن تحفظ لبنان السابق في لقاءات الجامعة العربية الذي كان يتحدث عن العقوبات الإقتصادية بحق النظام السوري والذي لم تؤيده حينها لبنان، فإنها الآن لن تشارك في مؤتمر يبحث دعم المعارضة السورية.
وقالت صحيفة النهار اللبنانية(21/2/2012)، أن رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط، شن أعنف هجماته على الرئيس الأسد وسخر من الدعوة إلى إجراء استفتاء على الدستور الجديد في سوريا ورأى أن المواقف الغربية بدأت في دعم واضح لمطالب الشعب السوري، وتراجعت لتتحول إلى ما يُسمى ممرات إنسانية أو صليباً أحمر. فالغرب اختبأ خلف الفيتو الروسي – الصيني ليطالب بخجل بتطبيق الإصلاحات، وهو يتحجج بانقسام المعارضة لعدم الاعتراف بها أو دعمها، وما الاستحضار المشبوه لـ"القاعدة" إلا للحيلولة دون تقديم هذا الدعم للمعارضة والجيش السوري الحر والمجاهدين والمناضلين في حمص. ووصف ما يحصل في حمص بأنه "تدمير منهجي" للمدينة التي يمكن وصفها عن حق بأنها ستالينغراد الثورة السورية، وحذر "المناضلين العرب في جبل الدروز من الانجرار خلف زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح والذين يريدون وضعكم في مواجهة مع إخوانكم في سوريا، ويسعون إلى جعلكم تشبهون حرس الحدود مع إسرائيل. تراثنا هو العيش مع المحيط العربي الإسلامي وهكذا سنبقى. المستقبل هو لأحرار سوريا، وموقعكم الطبيعي هو إلى جانبهم.
وأوردت صحيفة الحياة اللندنية(21/2/2012)، تصريحات للعميد الركن " مصطفى الشيخ" وهو أعلى ضابط من حيث الرتبة يعلن انشقاقه عن الجيش السوري، قال فيها أن الإخوان المسلمين ليس لهم رصيد في سوريا على عكس ما يشاع ولا يلعبون دوراً مهماً في الحراك ضد النظام، وأن الذين يخوضون الحراك في الداخل هم أشخاص مستقلون ليس لمعظمهم أي انتماءاً سياسي، كما انتقد تفكك المعارضة السورية، وأشار إلى أن المجلس الوطني السوري غير قادر ٍعلى الانسجام مع الحراك الداخلي لأن معظم قياداته كانت في الخارج وليس لها أي ارتباطٍ حقيقي على ما يجري على الأرض.
ورأى إلياس حرفوش في صحيفة الحياة اللندنية(21/2/2012)، أن الغرب يعلن عن إحجامه عن التدخل لوقف المأساة التي يواجهها الشعب السوري بعد نيكولا ساركوزي وديفيد كاميرون، اللذين كانا الراعيين الحقيقيين لإنقاذ ليبيا من حكم معمر القذافي، وبعد الأمين العام للحلف الأطلسي الذي لعبت قواته الدور الأكبر في حماية الثوار الليبيين ولو من الجو، بحجة تفكك المعارضة السورية، فها هو رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي يقول بوضوح أن سورية ليست ليبيا أخرى، ثم يضيف متحدياً أن يستطيع أي شخص أن يحدد له بوضوح حركة المعارضة في سورية في هذه المرحلة. كلهم يطالبون المعارضة السورية ببرنامج سياسي وخطة عمل لما بعد حكم بشار الأسد. وكلهم يشكون من أن هناك «معارضات» داخل المعارضة السورية. وكل هذا صحيح ومنطقي. والمعارضة نفسها تعترف بتفككها، وهي مطالبة بالعمل أكثر لتوحيد صفوف المعارضين الحقيقيين للنظام، وللعمل على طمأنة الداخل والخارج إلى المرحلة المقبلة. لكن الشكوك تدور حول خلفيات المواقف الغربية من النظام ومن المعارضة، والتي بات يمكن أن ينطبق عليها القول بأنها مطلب حق يراد به باطل. إن التدخل الخارجي ليس الحل الأفضل لوضع حد للمأساة السورية. لكن ظروف المواجهة تؤكد يوماً بعد آخر انه من دون هذا التدخل ستتفاقم هذه المأساة وسيزداد عدد القتلى. فقد بات واضحاً أن البديل لعدم التدخل هو ترك سورية تنزلق إلى الحرب الأهلية. قد يكون هذا ما يريده دعاة عدم التدخل وأعداء الشعب السوري، ولكنه بالتأكيد ليس ما يستحقه السوريون
يطالب "حازم صاغية" في صحيفة الحياة اللندنية (21/2/2012)المجلس الوطني السوري باتخاذ مواقف واضحة وصريحة، والتحرك بفعالية في الساحة الدولية والداخلية لمواجهة القمع المستمر الذي يمارسه النظام السوري في حق شعبه. ويرى الكاتب أن النظام السوري يحتمي بانقسامات المجتمع، الناتجة عن تناقضاته الداخلية، وتفاوتاته الطبقية والطائفية، من أجل البقاء في الحكم. ويعتبر الكاتب أن تزايد الصراع الطائفي والوعي المذهبي في سوريا، سيفسح المجال أمام التيارات السلفية والإسلامية المتشددة للبروز على الساحة السورية. ويضيف الكاتب أنه على المعارضة السورية الداخلية والخارجية، التحرك لاحتواء الأوضاع في سوريا، وإقناع العالم الغربي بالتدخل حفاظاً على وحدة سوريا وشعبها.
وتكتب "روزانا بو منصف" في صحيفة النهار اللبنانية(21/2/2012)أن تصريحات بعض المسئولين العسكريين الأمريكيين عن تورط تنظيم القاعدة في الأحداث في سوريا دعماً غير مباشراً للنظام السوري، الذي يرتكز على نظرية المؤامرة الغربية في وجه الاحتجاجات الشعبية. وترى الكاتبة أن واشنطن غير راغبة في التدخل حالياً في الأزمة السورية، وتفضل الانتظار حتى يتبلور بديل واضح المعالم لنظام "الأسد"، وإيجابيات وسلبيات بقاء نظام "الأسد" على إسرائيل. وتضيف الكاتبة أن إسرائيل راضية عن تطور الأوضاع في سوريا، لأن الدمار الذي يحصل في سوريا، سيشغل "الأسد"، أو من سيخلفه عن مشاريع إسرائيل التوسعية في المنطقة.
أثار عضو البرلمان الكويتي الإسلامي وليد طبطبائي جدلا صاخبا في البرلمان الأردني أمس الأول بعدما ظهر في مدينة الرمثا شمالي البلاد منذ ثلاثة أيام وألقى خطبه عصماء داعيا وسط اللاجئين السوريين في المدينة إلى نصرة المسلمين الذين يتعرضون للذبح من قبل نظام الطاغية بشار الأسد، كما قال.
وتجول الطبطبائي بين اللاجئين السوريين في ثلاثة مخيمات مقامة شمال الأردني ورافق وفدا إعلاميا وخيريا لكن الجانب السياسي في خطابه أثار اعتراضا شديدا في البرلمان الأردني خصوصا عندما تعلق الأمر بدعوته لتسليح المعارضة السورية ضد النظام السوري.
ووقع 25 نائبا في البرلمان الأردني مذكرة أعلنوا فيها رفضهم لتدخل البرلمان الكويتي في الشؤون الداخلية الأردنية معتبرين أن الكلام في الأردن عن تسليح المعارضة السورية يسيء للمصالح الأردنية وينطوي على مساس بالسيادة الأردنية.
وطالبت المذكرة الحكومة الأردنية بوضع حد فوري لمحاولات المساس بالسيادة الأردنية بعد خطبة طبطبائي الذي يعتبر من الشخصيات الصقورية في البرلمان الكويتي، فيما أعلن مناصرون للنظام السوري في عمان بأن النائب الكويتي وزملاءه غير مرحب بهم عند الشعب الأردني مستذكرين إساءات طبطبائي أكثر من غيره للشعب الأردني بعد حرب الخليج الثانية وكيف تحالف وبلاده الكويت مع النظام السوري ضد العراق في الماضي.
وترأس طبطبائي وفدا لتقديم مساعدات إنسانية للاجئين السوريين في الأراضي الأردنية وتحدث مغضبا الكثير من الجهات عن تسليح المعارضين لبشار الأسد فيما طالبت المذكرة البرلمانية الأردنية الحكومة بفرض سيادتها على الأراضي الأردنية وعدم غض النظر عن ممارسة بعض الجهات وخاصة النواب الكويتيين الذين يعملون على تأجيج الصراع على الحدود الأردنية السورية بقيادة النائب الطبطبائي وذلك بكلمة حق يراد بها باطل.
وقالت المذكرة: لقد دخلوا من مدخل تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين الموجودين فقط في خيالهم وهم يجتمعون مع بعض عناصر المعارضة السورية وحثهم على حمل السلاح وإغرائهم بالمساعدات المالية والمادية مما سيولد انقساماً ويشعل فتيل الصراع في المنطقة الحدودية الأردنية خاصة في مدينة الرمثا. لذا يتوجب على الحكومة عدم السماح للنواب الكويتيين وأية جهة تمارس هذه الأعمال بالاختلاط بالناس وإذا كان هناك مساعدات فلتقدم عن طريق الجهات الأردنية المختصة وهي الجهة الوحيدة المخولة أن تجوب الوطن.
وطالب النواب الموقعون على المذكرة أيضا بترحيل المعارضة السورية الموجودة على الحدود الأردنية إلى مناطق داخلية بعيدة عن الحدود ورصد حركاتهم والعمل على إبعادهم إذا قاموا بمخالفة القوانين والأنظمة، فلا مصلحة للأردن وللأردنيين الدخول في صراعات لا ناقة لنا ولا جمل بها.
وكانت تقارير بثتها فضائية دنيا السورية الأسبوع الماضي قد تحدثت عن سماح الأردن لمقاتلين ليبيين بالتجمع في إطار جهد للمشاركة في الانتفاضة المسلحة ضد نظام بشار الأسد، الأمر الذي نفته السلطات الرسمية الأردنية.
ولا توجد حيثيات تبين عدد المعارضين العسكريين للنظام السوري في الأراضي الأردنية لكن مصادر مستقلة تتحدث عن وجود نحو 500 عسكري سوري فروا سابقا من الخدمة ودخلوا الأردن فيما تعترف السلطات بوجود 70 عسكريا يتم التحفظ عليهم ومراقبتهم حتى هذه الأثناء.
(يديعوت 20/2/2012): فينا صدّيقون لم يتعلموا درسا من تغيير السلطة في ليبيا الذي لم يكن 'حرب أبناء النور لأبناء الظلام'. كان الطرفان سفاكي دماء وبعيدين عن الديمقراطية وأعداء لإسرائيل أيضا. وكل واحد طارد واضطهد: فالقدماء فعلوا ذلك بالمتدينين والجدد فعلوا ذلك بالعلمانيين والمسيحيين.
أيهما أفضل لليبيين - هل الاضطهاد الديني والانحلال إلى دول قبلية أم استبداد القذافي؟ ربما يوجد للأوروبيين والأمريكيين الذين ساعدوا المتمردين تفكير من جديد وربما تعلموا درسا وهو أنه لا ينبغي للغرب أن يسارع وان يبسط يده إلى جحر الشرق الفاسد.
وكان هذا أيضا درس حربي العراق. فلماذا قُتل هناك نحو من 5 آلاف شاب أمريكي؟ هل ليحل مستبد شيعي محل مستبد سني؟.
الجميع عندنا ينددون ببشار الأسد ويبكون على ضحاياه. أصبح الصدّيقون بيننا يحلمون بإرسال مساعدة إلى قوى المعارضة في سوريا وكل هذا قبل أن نسأل الأسئلة الصحيحة وهي: هل تبشر القوى الجديدة بديمقراطية أكبر وبإنسانية أكثر في الأساس؟ وهل الإسلاميون الذين سيحلون محل حزب البعث سيستعملون تسامحا أكبر أم تطرفا أكبر؟ وهل سيكون لإسرائيل أعداء أكثر أم أقل؟ والشيء الأساسي هو أيهما أفضل لمستقبل الجولان الإسرائيلي هل سلطة العلويين أم سلطة الإخوان المسلمين؟ أو سوريا بكونها قطعة واحدة أم سوريا المنتقضة؟ أو سوريا بتأثير روسي أم بتأثير الغرب؟.
إن الدرس الواجب تعلمه هو ألا نحاول أن نحكم حكما قيميا بين أطراف صقرية في الشرق الأوسط لأنه لا ينبغي لنا في حروب العرب أن نبدو بمظهر من نؤيد استبدال 'عالم جديد' قد يكون أسوأ بـ 'عالم قديم'.
هذه القاعدة لا تصدق على الشرق الأوسط وحده، فقد تدفقت في حروب يوغسلافيا على الغرب معلومات منحازة كانت كلها منحازة على الصرب الذين استقر رأي حلف شمال الأطلسي على أنهم هم 'الرجل الشرير' في هذه المأساة.
ونحن نعلم اليوم من غير أن ننتقص من ذنب الصرب أن الكرواتيين والبوسنيين وأهل كوسوفو من المسلمين قتلوا من الصرب عددا لا يقل عمن قتلهم هؤلاء من أعدائهم. وقد طرد الكرواتيون من إقليم كراينا مئات الآلاف من الصرب وسكت الغرب بل مدح ذلك. وفي مقابلة ذلك أثار طرد المسلمين من كوسوفو عاصفة (مُحقة) على التطهير العرقي الصربي.
إزاء أعمال الصرب المجيدة في حربهم للنازيين وإنقاذ اليهود كان يجدر بالشعب في صهيون أن يحكم حكما أكثر اتزانا وألا تسوقه الموجة المعادية للصرب التي وقفت من ورائها السعودية في الحقيقة.
ما الذي يبعث النصارى على تأييد الأسد؟ قال معلم في الثانوية لكرمونزي إن الأسد يمثل بالنسبة إليه الأمن في مواجهة القاعدة. وذكر كاهن مسيحي الحقوق المحفوظة للمسيحيين في الحكم العلوي وأضاف: 'إنهم يدركون جيدا أن معنى الديمقراطية هو فوز الإسلام السني ويخافون هذا كخوفهم من وباء'...
وهذه هي النظرية كلها داخل قشرة جوز: إن الإرادة الديمقراطية للجماهير العربية هي سلطة إسلامية تعادي الديمقراطية (وتعادي إسرائيل). وحقيقة الحياة هذه تعرض الغرب لاختيار محرج بين نظم استبداد محتملة من طراز الشاه الفارسي ومبارك والقذافي بل وربما الأسد وبين 'ديمقراطية' غير محتملة من إنتاج حكم آيات الله والإخوان المسلمين.
من المرغوب فيه أن نسلك مع هذه المعضلة بحسب قاعدة 'العالم في ذلك الوقت يصمت'.
(ايلي أفيدار، معاريف 20/2/2012)
الأزمة في سوريا تحولت في الأسابيع الأخيرة من مسألة شرق أوسطية إلى مشكلة دبلوماسية عموم عالمية، عندما علق الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، في مواجهة مباشرة مع روسيا والصين. دراما أخرى، لا تقل أهمية، وقعت في ذات الوقت خلف الكواليس. الزعامات القديمة للعالم العربي منشغلة في شؤونها الداخلية الحكم السعودي يركز على وقف التآمر الشيعي الإيراني ضده. مصر في فوضى تامة، والفراغ الذي نشأ دخل إليه لاعبون مفاجئون، وعلى رأسهم قطر، إمارة النفط ذات الربع مليون مواطن. إلى جانب السعوديين، قاد القطريون الخط المتصلب ضد دمشق، وحتى بعد قطع الجهد الدبلوماسي لم ييأسوا من الأمل في تجنيد الغرب لإسقاط حكم الأسد. ليس لقطر جيش مهدد، وهي متعلقة تماما بدعم غربي وبتحالفات إقليمية، ولكن لديها سلاحا شديدا القوة آخر: محطة تلفزيون 'الجزيرة'، رعب الأنظمة العربية، القناة القادرة على إسقاط الطغاة أو تتويج الملوك. ممتطيا ظهر المكانة الخاصة التي تمنحه إياها 'الجزيرة' أصبح رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، حمد بن جاسم، الرجل الأساس في العالم العربي اليوم، ومن يقف على رأس مبادرات بعيدة الأثر للجامعة العربية، بداية ضد ليبيا والآن حيال سوريا.
للقطريين مصلحة خاصة في سقوط الأسد: الحساب بين الدولتين مفتوح منذ العام 1996، حين ساعدت محافل استخبارات سورية محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الأمير القطري. والآن جاء وقت الرد. دور القطريين في تشجيع الثورة ضد الأسد لا يخفى عن ناظر السوريين، الذين بدؤوا في جملة تهديدات ضد إمارات الخليج. وصحيح حتى الآن الحكم في قطر لا يخاف، ولكن الكلمة الأخيرة في الخصام بين الدولتين لم تقل بعد. النشاط القطري لا ينحصر فقط في الجبهة السورية. ولي العهد القطري هو الذي أرسل لمرافقة خالد مشعل إلى لقاء رأب الصدع مع الملك الأردني، وأمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، كان هو الذي استضاف قمة المصالحة التاريخية بين أبو مازن وخالد مشعل. هكذا فانه حتى الدور التاريخي لمصر في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية انتقل إلى أيدي الإمارة الصغيرة من الخليج.
من ناحية إسرائيل، يدور الحديث عن أنباء ممتازة. ضعف العالم العربي يدفع إلى الإمام دولة مثل قطر، غير معنية بان تصبح قوة عظمى، ليس لها نزاع مباشر معنا، وقوتها الحقيقية محدودة؛ في الإمارة عمل حتى وفد دبلوماسي رسمي إسرائيلي حتى حملة رصاص مصبوب. الهدف المعلن للجامعة العربية سقوط بشار الأسد ووقف التوسع الإيراني مماثل تماما مع الأهداف السياسية لإسرائيل. الزعماء العرب الحاليون قد لا يعترفون بذلك صراحة، ولكن لهم ولنا أعداء مشتركين: سوريا، إيران وحزب الله.
عندما أزيحت المسألة الفلسطينية عن جدول أعمال العالم العربي وخريطة المصالح الحقيقية تبسط على الأرض، يمكن لإسرائيل أن تشرع في حوار مباشر مع دول الخليج. سلوك حكيم ولكن حازم وخلق علاقات صحيحة مع القيادات المعتدلة، يمكن أن يغير من الأساس ميزان التحالفات والتهديدات لإسرائيل في العقود القادمة. علينا أن نأمل بأنهم في القدس يفهمون هذا.