تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.
أعلن مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الروسية في 12 فبراير 2012، وجود خبراء لبلاده في: "مختلف القطعات والمواقع العسكرية السورية"، مشيراً إلى وجود نية لتكثيف التعاون العسكري التقني بين البلدين، وذكر مصدر فرنسي أن رئيس الاستخبارات الروسي فرادكوف سلم الجانب السوري صوراً التقطتها أقمار صناعية روسية لمناطق تمركز المعارضين.
ولكن التقارير الفرنسية والروسية لم تتحدث عن دوافع إرسال فرق من القوات الخاصة، والتي كشفت تسريبات مؤكدة أن الهدف منها هو تحرير الأسرى الإيرانيين والسوريين بيد الجيش الحر، والعمل على تأمين وحماية منظومتي صواريخ (Scud) و(Yakhont) بها نظام دمشق.
وتبدي موسكو قلقاً كبيراً من الجهود التي تبذلها أجهزة استخبارات غربية للوصل إلى تلك المنظومات الصاروخية، في حين يعجز النظام السوري عن تأمينها؛ ولمواجهة تلك المخاطر؛ فقد أوفدت موسكو مجموعة من الخبراء في مجالات الاتصالات والأمن في 9 فبراير 2012 بهدف مراقبة تحركات القوى الغربية في الأراضي المجاورة، والبدء في تشغيل محطة الرادار والتجسس التابعة لهم في جبل قاسيون.
ويعود تأسيس هذه المحطة التي تعرف باسم: "سيغما" إلى ستينيات القرن العشرين، وبدأ تشغيلها في إثر حرب 1967، وذلك بهدف الحصول على معلومات استخباراتية موثقة وفعالة، ويعود الفضل إلى هذه المحطة في كشف الروس عن الأنشطة النووية الإسرائيلية في ديمونا، إلا أن ارتفاع كلفة التشغيل، وضعف الاقتصاد السوفيتي آنذاك قد أدى إلى إغلاقها ضمن مجموعة من المحطات الاستخباراتية الروسية في كل من نيكاراغوا وفيتنام وكوبا.
وتؤكد المصادر أن بشار أسد قد طلب من لافروف ورئيس الاستخبارات فرادكوف رفع مستوى التعاون الأمني من خلال إعادة تشغيل المحطة في جبل قاسيون، كما عرض تخصيص أرض أخرى شمال البلاد لإنشاء محطة ثانية توفر تغطية للمواقع العسكرية في تركيا.
ويأتي ذلك الإجراء كرد على محطة الإنذار المبكر التي أسستها القوات الأمريكية جنوب تركيا على بعد نحو 160 كم عن مدينة حلب، الأمر الذي أثار حفيظة موسكو ودفعها لتكثيف وجودها في سوريا بغية الالتفاف على قرار الناتو توسيع منظومة درعها الصاروخي في تركيا.
أما محطة "سيغما" بجبل قاسيون فلا يبدو أن هناك مشكلة في تشغيلها خاصة وأن التقارير الغربية تؤكد أن الإيرانيين يعملون فيها منذ سنوات.
وتؤكد المصادر بأن وصول الخبراء العسكريين والفنيين الروس إلى سوريا، قد أثار قلقاً غربياً من احتمالات أن تلجأ موسكو إلى إعادة تشغيل محطاتها الاستخباراتية الأخرى في فيتنام ونيكاراغوا وكوبا، والاستمرار في تزويد النظام السوري بأسلحة لا يستطيع الجيش تأمينها أو حمايتها.
وبعيداً عن أي عوامل إنسانية أو أخلاقية؛ فإن الموقف الروسي تجاه الأحداث في سوريا يقوم على أساس تأمين تقنيات متطورة ومنظومات صاروخية روسية في حوزة الجيش السوري تبلغ قيمتها نحو 4 مليارات دولار، فضلاً عن اهتمام موسكو بحماية قاعدتها البحرية الاستراتيجية في ميناء طرطوس والتي تعتبر المنفذ الوحيد للبحرية الروسية إلى المتوسط.
وتتحدث المصادر عن وجود تعاون إيراني-روسي لدعم نظام دمشق ومنعه من الانهيار، ففي يومي الأحد والاثنين 5-6 فبراير 2012، عقد قائد فيلق القدس اجتماعات سرية مع المسؤولين السوريين في دمشق، وتم الاتفاق على إرسال 15 ألف مقاتل من الحرس الثوري الإيراني لمواجهة الاضطرابات في المدن السورية وتأمين مخازن صواريخ سكود المنتشرة في مناطق مختلفة من البلاد.
وعلى إثر تسرب خبر ذلك الاتفاق؛ قامت واشنطن بنشر بعض الصور التي التقطتها أجهزتها الأمنية عبر الأقمار الصناعية في سوريا يوم السبت 11 فبراير، وتتضمن رصداً دقيقاً لتحركات الفرقتين المدرعتين (9) و(40) في مدينة حمص وذلك للتأكيد على مراقبتها الدقيقة للأوضاع هناك.
وعلى إثر ذلك صرح مسؤول في الخارجية الأمريكية في 15 فبراير أن بلاده تراقب "عن كثب" مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية والصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، وعبر عن تخوف بلاده من وقوع تلك الأسلحة في أيدي مجموعات مسلحة غير منضبطة في ضوء الأزمة التي تعصف بالبلاد، مضيفاً: "سنواصل العمل بشكل وثيق مع البلدان ذات القلق المشترك لعرقلة انتقال الأسلحة الكيماوية السورية إلى أيادي مجموعات أو تنظيمات متطرفة"، وشدد على أن بلاده تناقش مع حلفائها سبل ضمان عدم سرقة مخزون سوريا من الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للطائرات، وتابع: "نحن نتشاور مع حلفائنا وشركائنا، ونخطط لمجموعة متنوعة من الحالات الطارئة".
في غضون ذلك تسربت تقارير خطيرة حول الاستعدادات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لمرحلة ما بعد سقوط نظام بشار، حيث عكفت الاستخبارات العسكرية على تقييم الأوضاع الأمنية، ومراجعة السيناريوهات التي يتعين على الجيش الاستعداد لها على الجبهة الشمالية، وتأتي هذه الاستعدادات على إثر تأكيد تقارير الرصد بتزايد عدد الجنود المنشقين والهاربين من أداء الخدمة العسكرية، وهي أمور فسرها الإسرائيليون بأنها مؤشرات على قرب تفكك المؤسسة العسكرية السورية.
وتشير المصادر إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تستعد لمواجهات عدة احتمالات من بينها:
1- صعود التيارات الدينية (الجهادية) التي تهدد أمن إسرائيل بعد سقوط النظام الحالي.
2- هجوم محتمل قد يشنه مدنيون سوريون على الجولان.
3- فقدان النظام السوري السيطرة على المناطق الخاضعة له في هضبة الجولان، الأمر الذي قد نتج عنه قيام عمليات نوعية ضد، على شاكلة ما وقع من تفجيرات في سيناء.
4- شعور النظام السوري بالضغط، ما قد يدفعه إلى القيام بمسرحية جديدة تتمثل في توتير الوضع في الجولان بهدف صرف الأنظار عن وحشيته، وحشد التعاطف الشعبي معه في مواجهة وهمية مع إسرائيل.
وبناء على تلك السيناريوهات فقد بدأت قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي تستعد لليوم الذي يخرج فيه الوضع على الحدود مع سورية عن السيطرة، وأخذت عدداً من سيناريوهات التدهور المحتملة في الحسبان، وقامت بتغيير خططها التقليدية بما يتناسب مع التعامل مع تحولات غير متوقعة، وعلى هذا الأساس، تم تعزيز مناورات الامتصاص والدوريات الحدودية، كما أُعدت خطط لفتح النار على الحدود.
وبالتزامن مع تصاعد المنافسة الاستخباراتية للسيطرة على المنظومات الصاروخية والأسلحة المتطورة في سوريا؛ تبذل مجموعة من الدول المجاورة جهوداً حثيثة لتقليل حجم الأخطار المترتبة على استمرار النظام في قمعه، وسعيه لنشر الفوضى في المنطقة، حيث تؤكد المصادر عقد اجتماعات لمسؤولين من مختلف هذه الدول لمناقشة سيناريوهات: إنشاء مناطق عازلة، وإرسال قوات السلام، وفرص تأمين الحماية للمدنيين، وتسليح الجيش الحر.
وعلى إثر ارتفاع وتيرة القتل في حمص والمناطق الغربية من البلاد؛ بدأ ملامح التململ تظهر في الأقاليم الشرقية، حيث تؤكد المصادر تكون مجموعات مسلحة من: العسكريين المنشقين والمدنيين المتطوعين وأبناء العشائر الذين شكلوا قوة يبلغ قوامها نحو 1500 مقاتل، ويستفيد هؤلاء من تعاطف ودعم أبناء عمومتهم من عشائر العراق، والذين يتمتعون بمعرفة دقيقة بالمنافذ الحدودية، ويبدون رغبة في إمداد كتائب الجيش الحر بما يحتاجونه من ذخيرة وسلاح.
وأبدى تقرير أمني نشره معهد ستراتفور في 14 فبراير 2012، القلق من ورود تسريبات تتحدث عن نية أبناء العشائر الدخول في معترك الصراع، مما يمكن أن يوسع دائرة الصراع، ويؤدي إلى إثارة الفوضى في تلك المناطق، خاصة وأن أبناء هذه العشائر قد تعاملوا مع الاستخبارات السورية من قبل، ولديهم مراكز حدودية لم يتمكن الأمريكان ولا الجيش العراقي من الوصول إليها، وشهدت هذه المناطق نشاطاً مكثفاً في تهريب الأسلحة من سوريا إلى العراق خلال الفترة 2003-2007.
ويؤكد تقرير ستراتفور أن عمليات التهريب المعاكسة قد تسارعت وتيرتها بصورة مقلقة في الأيام الماضية.
وعزا التقرير تلك التحركات إلى تزايد حجم الدعم الإيراني والميليشيات الطائفية المسلحة للنظام السوري، وبالأخص منها: "حزب الله"، وفيلق القدس، والحرس الثوري الإيراني، فضلاً عن دخول القوات الخاصة الروسية لصالح النظام السوري، وقد أدى اختلال التوزان في الميزان العسكري، وتدخل أطراف متعددة من العراق وإيران ولبنان وروسيا إلى استفزاز أبناء السنة في المنطقة لتشكيل فرق من المتطوعين الذين دخلوا الأراضي السورية لنصرة الشعب السوري.
وعلى ضوء تلك التطورات؛ أبدت العديد من الدول المجاورة قلقها من احتمال اندلاع صراعات طائفية يصعب احتواؤها بين ميلشيات مسلحة خارج إطار الدول، وقد ابدت بعض هذه الجماعات رغبتها في حيازة أسلحة متكورة بهدف استخدامها ضد أهداف مختلفة، وتدرك الدول المجاورة بأن النظام السوري بات عاجزاً عن تأمين مخازن أسلحته وحماية حدوده الممتدة.
ونظراً لضعف تجهيز الجيش الحر، وعدم قدرته على التنسيق مع مختلف كتائبه؛ فإن الإدارة الأمريكية غير مقتنعة بتسليح عناصره، بل إنها تبذل جهوداً كبيرة لمنع دخول أسلحة متطورة إلى البلاد، حتى لا تقع في أيدي جماعات مسلحة يصعب السيطرة عليها.
وعلى خلفية تصاعد مخاطر التعرض لهجمات صاروخية؛ أجرت القوات الأمريكية مناورات سرية تهدف إلى اختبار منظومة دفاع صاروخي متطورة لصد هجمات قد تشن من جهات متعددة تستهدف شرقي المتوسط، وقد بدأت تلك المناورات يوم الجمعة 10 فبراير 2012.
وكرد على تزايد النشاط الاستخباراتي الروسي فإن الولايات المتحدة قد بادرت إلى تفعيل مركز استطلاع تابع لها في صحراء سيناء، وأسست قاعدة استطلاع متقدمة في مطار عسكري تركي بمدينة "كوريجيك" جنوب شرقي البلاد، وكانت الحكومة التركية قد رفضت تشغيل هذه المحطة لصالح الجيش الأمريكي من قبل، لكنها سحبت جميع تحفظاتها في سبيل التوصل إلى حل مشترك لمعالجة الأزمة السورية، قبل أن تنشط في حدود الجنوبية عناصر حزب العمال الكردستاني بدعم من نظام بشار، وكان أحمد داود أوغلو قد استهل زيارته للولايات المتحدة يوم الخميس 9 فبراير، بإبداء موافقة بلاده بصورة سرية على تفعيل تلك المحطة الاستطلاعية كبادرة حسن نوايا مع الإدارة الأمريكية ولحضهم على المشاركة في مشروع شامل يهدف إلى تنسيق جهود إسقاط نظام بشار.
أما من الجانب الأردني؛ فإن الجهات المختصة تعمل على تجهيز مخيم جديد للاجئين السوريين في منطقة: "رباع السرحان" في المفرق في غضون الأسبوع المقبل، حيث تتوقع زيادة وتيرة العنف، ولجوء أعداد كبيرة من الأسر السورية إلى الأردن فراراً من حملة مرتقبة على محافظة حوران.