القرار العربي بدعوة مجلس الأمن لـ"تشكيل قوة حفظ سلام عربيةـ أممية" في سوريا
بعد أسبوع من فشل مجلس الأمن الدولي في التصويت على قرار يدين المجازر التي يرتكبها نظام الرئيس "بشار الأسد" ضد مواطنيه، ورغم تعثر المحاولة السابقة لنقل الملف السوري إلى المجلس بسبب (الفيتو) المزدوج الروسي ـ الصيني في الرابع من الشهر الجاري، وفي خطوة قد تشكل منعطفًا خطيرًا في التعامل مع الأزمة السورية المتفاقمة.. قررت الجامعة العربية بعد اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة يوم 12/2/2012، دعوة مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار بتشكيل "قوة حفظ سلام عربية ـ أممية للمراقبة"، وإنهاء مهمة بعثة المراقبين العربية، وتوفير "كل أشكال الدعم السياسي والمادي" للمعارضة السورية، وقطع الاتصالات الدبلوماسية مع النظام، هذا بينما تم الاتفاق على عقد مؤتمر "أصدقاء سوريا" في تونس في 24 فبراير الجاري، وفي الوقت الذي نفت السعودية قيامها بتقديم مشروع قرار متعلق بالأزمة السورية للأمم المتحدة، أكد وزير خارجيتها الأمير "سعود الفيصل" بأن ما يحدث في سوريا هو حملة تطهير شاملة للتنكيل بالشعب السوري.
1ـ اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة(1):
نص البيان الختامي للاجتماع(2):
* أكد وزراء الخارجية العرب على مواصلة الجهود العربية من أجل إيجاد حل سلمى يخرج سوريا من أزمتها الطاحنة ويحقق للشعب السوري ما يطمح إليه من إصلاح وتغيير وانتقال سلمى إلى حياة ديمقراطية سليمة ويحفظ لسوريا وحدتها واستقرارها وسلامة ترابها الوطني ويجنبها التدخل العسكري، ودعا "الوزاري العربي" مجلس الأمن الدولي لتشكيل قوة حفظ سلام لمراقبة وقف إطلاق النار في سوريا، وجاء في نص القرار مطالبة الجيش برفع حصاره للأحياء والامتناع عن قتل المدنين، وقرر الوزراء الإجراءات والتدابير التالية:
ـ الوقف الفوري والشامل لكل أعمال العنف والقتل للمدنيين السوريين الأبرياء ذلك أن الحدث اكبر من أن تبرره الأسباب مهما كانت دوافعها.
ـ دعوة القوات المسلحة السورية إلى الرفع الفوري للحصار العسكري المضروب حول الأحياء والقرى السكنية والامتناع عن مداهمتها الأماكن السكنية وإعادة الجيش والآليات العسكرية إلى ثكناتها ومواقعها الأصلية وتحمل مسؤوليتها في حماية المدنيين.
ـ التأكيد على الالتزام بالتنفيذ الكامل لكل قرارات مجلس الجامعة المشار إليها وآخرها القرار الرقم 7444 بتاريخ 22 يناير2012 شأن خطة خارطة الحل السلمي للأزمة السورية وحث الحكومة السورية على الوفاء باستحقاقاتها والتجاوب الجدي السريع مع الجهود العربية لإيجاد مخرج سلمي للأزمة.
ـ وقف كل أشكال التعاون الدبلوماسي مع ممثلي النظام السوري في الدول والهيئات والمؤتمرات الدولية ودعوة كل الدول الحريصة على أرواح الشعب السوري إلى مواكبة الإجراءات العربية في هذا الشأن.
ـ التشديد على تطبيق العقوبات الاقتصادية ووقف التعاملات التجارية مع النظام السوري ما عدا ما له مساس مباشر بالمواطنين السوريين وبموجب القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة حيال هذه المسألة.
ـ إنهاء مهمة بعثة مراقبي الجامعة العربية المشكلة بموجب البروتوكول الموقع عليه بين الحكومة السورية والأمانة العامة للجامعة بتاريخ 19/12/2011 ودعوة مجلس الأمن إلى إصدار قرار بتشكيل قوات حفظ سلام عربية أممية مشتركة للمراقبة والتحقق من نفاذ وقف إطلاق النار.
ـ الطلب إلى الأمين العام تسمية مبعوث خاص لمتابعة العملية السياسية المقترحة في إطار المبادرة العربية وفقًا للفقرة الخامسة من قرار مجلس الجامعة على مستوى الوزاري الرقم (7444 دغ غ م).
ـ الترحيب بدعوة الجمهورية التونسية لاستضافة مؤتمر أصدقاء سورية المقرر انعقاده بتاريخ 24/2/2012 والحرص على أهمية مشاركة الدول العربية في هذا المؤتمر.
ـ فتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية وتوفير كل أشكال الدعم السياسي والمادي لها ودعوتها لتوحيد صفوفها والدخول في حوار جاد يحفظ لها تماسكها وفعاليتها قبل انعقاد مؤتمر تونس.
ـ فتح المجال أمام منظمات الإغاثة العربية والدولية مثل الهلال والصليب الأحمر الدوليين وأطباء بلا حدود لتمكينها من إدخال مواد الإغاثة الإنسانية للمواطنين المتضررين ومواجهة الأوضاع الإنسانية المتردية والتخفيف من معاناة المتضررين ودعوة هذه المنظمات لتحمل مسؤوليتها الإنسانية.
ـ الدعوة لتنظيم حملات للتبرعات الشعبية لمساعدة الشعب السوري الشقيق وتخفيف معاناته.
ـ دراسة وضع آلية بما في ذلك إنشاء صندوق دولي لتقديم الدعم والمساعدة الإنسانية للشعب السوري.
ـ دعوة منظمة التعاون الإسلامي لدعم الجهد الدولي بشأن سوريا وتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن.
ـ إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة الوضع السوري.
المواقف وردود الفعل:
(1) على الصعيد السوري(3):
* بينما رفض النظام السوري القرارات العربية جملة وتفصيلاً، رحبت المعارضة السورية بها، كالتالي:
* وصف عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري "هيثم المالح" القرارات بأنها لا بأس بها، لافتًا إلى أن المجلس الوطني كان ينتظر أكثر من ذلك، خاصة لجهة الاعتراف رسميًا به ممثلاً للشعب السوري، مضيفًا(4):
ـ نحن في مرحلة نحتاج فيها لكيان سياسي يمثل السوريين في الخارج، وهذا الأمر مفروض أن يحسم في القريب العاجل.
ـ كانت هناك إشارات إيجابية في الأيام القليلة الماضية لجهة اعتراف مجلس التعاون الخليجي بالمجلس الوطني.
ـ أكثر من سفارة سورية فرغت من موظفيها، وبالتالي بات يتوجب على المجلس الوطني أن يسير مصالح الشعب السوري في الخارج.
ـ إذا نجحت الجامعة العربية بالتعاون مع مجلس الأمن في إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى سوريا، فإن ذلك سيضع حدًا للمجازر التي يرتكبها النظام بحق المدنيين العزل.
ـ يبدو أن الروس أدركوا أنهم وقعوا في فخ كبير، وهاهم اليوم يتصلون بأكثر من طرف وفريق للإعراب عن ندمهم، متوقعًا تغييرًا قريبًا في موقفهم.
* رحب عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني نجيب الغضبان بمقررات الجامعة العربية، لافتًا إلى أن الخطوات المتخذة ذات أولوية بالنسبة للمجلس، خاصة فيما يخص وقف المجازر التي ترتكب في حمص وإدلب وريف دمشق وغيرها من المدن والمحافظات السورية، مرحبًا بإرسال قوات حفظ سلام لأنها ستكون فعالة وذات مصداقية أكثر من المراقبين العرب.
* اعتبر رئيس حركة التغيير الديمقراطي في سوريا "عمار القربي" أن دول العالم تأخرت في دعم الثورة السورية في ظل مقاطعة قوى المعارضة للحوار مع النظام السوري، لافتًا إلى أن نظام الرئيس "بشار الأسد" انتقل من لا شرعي بالكلام إلى لا شرعي على أرض الواقع، لاسيما أن هناك اليوم اعترافًا ودعمًا للمعارضة.
(2) على الصعيد الإقليمي:
(أ) لبنان والجزائر (5):
* تحفظ لبنان على قرار الجامعة، فيما تحفظت الجزائر على البندين الخاصين بتشكيل قوات حفظ سلام عربية والطلب من المجموعة العربية في الأمم المتحدة تقديم مشروع قرار للجمعية العامة في أقرب الآجال يتضمن المبادرة العربية وباقي القرارات الصادرة عن الجامعة في هذا الشأن.
(ب) الأردن(6):
* أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام الأردني "راكان المجالي" أنه لا يوجد توجه أو قرار لدى بلاده لسحب سفيرها من سوريا، مضيفًا:
ـ هناك تفهم للموقف الأردني نتيجة لخصوصية العلاقة الأردنية ـ السورية، إنه حساس ودقيق ولا يحتمل أي تصرفات أو قرارات دراماتيكية.
ـ ضرورة أن تتحمل الدول العربية مسؤولياتها تجاه الأحداث الدائرة في سوريا، هذا أمر يمكن أن يفسره البعض كما يريد، ولكن بشكل عام لا نستطيع كأمة عربية إلا أن نهتم بالموضوع السوري.
(3) على الصعيد الدولي:
(أ) الاتحاد الأوروبي(7):
* أشار المتحدث باسم "كاثرين آشتون" إلى أن التكتل الأوربي الموحد يفضل أن تلعب جامعة الدول العربية الدور القيادي في أي عمل مستقبلي بشأن سوريا، وقال المتحدث "مايكل مان":
ـ هذا الأمر يأتي بالتوازي مع دعم غير محدود لجميع جهود الجامعة من قبل الاتحاد الأوروبي.
ـ "آشتون" تجري اتصالات مع مختلف الأطراف مثل الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وتركيا لتحديد ملامح مثل هذه المجموعة.
(ب) الولايات المتحدة(8):
* اعتبر السفير الأمريكي لدى الكويت "ماثيو تويلر" أن النظام السوري غير جاد في تنفيذ المبادرة العربية، مؤكدًا أن قرار طلب مغادرة السفراء السوريين من دول مجلس التعاون قرار سيادي لكل دولة وله أسبابه حسب ما تراه مناسبًا، ولافتًا إلى أنه تم غلق السفارة في دمشق لأسباب أمنية، ومبدياً ثقته أن تجد الجامعة العربية الطريقة المناسبة لحل الأزمة السورية.
(ج) الفاتيكان:
* وجه البابا "بنديكت السادس عشر" نداء ملحًا إلى السلطات السياسية في سوريا من أجل اختيار طريق الحوار وتلبية التطلعات المشروعة للمواطنين وتمنيات الأسرة الدولية.
2ـ استقالة رئيس بعثة المراقبين(9)
* قدم "محمد مصطفى الدابي" رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا، استقالته، وفقًا لما صرح به مصدر رسمي في الجامعة العربية، بينما اقترح الأمين العام للجامعة "نبيل العربي" تعيين وزير خارجية الأردن الأسبق عبد الإله الخطيب مبعوثًا للجامعة إلى سوريا.
3ـ الدعم والمساندة الإيرانية للنظام السوري:
* كشفت وثائق نشرتها وسائل إعلام أمريكية عن أن الحكومة الإيرانية أرسلت مؤخرًا إلى نظام الرئيس "بشار الأسد" أكثر من مليار دولار بهدف التعويض عن المقاطعة العربية والعالمية للنظام، وأوضحت صحيفة أمريكية(10):
ـ وثائق كشفت عن أن حكومة إيران أرسلت إلى حكومة سوريا أكثر من مليار دولار، وتم الكشف عن ذلك بعد أن تمكن موقع "أنونيماص" (مجهول) في الإنترنت، المتخصص في القرصنة، من اخترق كمبيوترات 78 من كبار المسؤولين في مكتب "الأسد".
ـ أحد تلك الكمبيوترات تابع لوزير شؤون الرئاسة "منصور عزام"، وفيه خطابان حول مساعدة إيران لسوريا، وفيهما أيضًا إشارات إلى أن على سوريا الاستفادة من تجربة إيران في هذا المجال.
ـ في الوثائق أيضًا تقرير عن زيارة وفد إيراني إلى سوريا، في إشارة إلى وفد من عشرة أشخاص من مكتب رئيس الجمهورية الإيراني "محمود أحمدي نجاد"، والبنك المركزي الإيراني، وكان الوفد زار سوريا في نهاية العام الماضية، وقابل رئيس وزراء سوريا "عادل سفر" وآخرين، وفي هذه الوثيقة:
ـ قالت وثيقة أخرى إن البنك السوري سيستعمل بنوكا في الصين وروسيا لتحويل الأموال وذلك لمواجهة القيود التي فرضت على البنك المركزي السوري. ولأن الوثيقة تعود إلى نهاية السنة الماضية، ليست فيها إشارة إلى أن البنك المركزي الإيراني نفسه وضع، في الأسبوع الماضي، في قائمة المقاطعة من جانب الحكومة الأميركية. (11)
1ـ دعوة ملك البحرين "الأسد" للاستماع إلى صوت شعبه(12):
* طالب الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" الرئيس السوري بالاستماع إلى صوت شعبه، وأن قرار تنحيه مسألة تخص السوريين.
ـ أفضل نصيحة يمكن أن تسدى للرئيس للأسد هي أن يصغي لصوت الشعب السوري.
ـ بلاده ليس بها معارضة من كتلة واحدة لها نفس الرؤى فمثل هذا الشيء ليس موجودًا في دستورنا لكن هناك أناسا لهم وجهات نظر مختلفة وهذا أمر جيد.
2ـ المبادرة البريطانية لمكافحة جرائم الحرب السورية(13):
* تسعى الخارجية البريطانية إلى دفع الأمم المتحدة إلى إدانة أعمال العنف الدائرة في سوريا ودعم خطة جامعة الدول العربية، جنبا إلى جنب مع العمل لضمان تبني عقوبات جديدة ضد نظام الأسد في وقت لاحق من الشهر الحالي.. وذلك على الرغم من استخدام روسيا والصين لحق الفيتو ضد قرار بإدانة النظام السوري الأسبوع الماضي، وقال وزير الخارجية البريطاني "وليم هيغ" في مقال بصحيفة "التليغراف":
ـ ناقش في البرلمان الأسبوع الماضي خطة من سبع نقاط للضغط على النظام السوري، وأن مبادرة جامعة الدول العربية تظل هي الأفضل لعودة السلم إلى سوريا.
ـ بريطانيا ستقوم بإرسال خبراء إلى المنطقة على مدار الأيام والأسابيع القادمة، بالاشتراك مع المنظمات غير الحكومية العاملة بالفعل في ذات المجال، للمساهمة في جمع الأدلة والوثائق التي تثبت قيام النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان.
ـ يجب علينا العمل على ضمان توثيق الفظائع التي ارتكبت في سوريا، بمعايير الإثبات الدولية، المناسبة للمحاكم المحلية والدولية.
ـ ذلك يأتي تلافيًا لأخطاء الماضي، حيث لم يكن هناك أي جمع منهجي للأدلة ضد أولئك الذين ارتكبوا جرائم بشعة، مما جعل هذه المحاكمات أكثر صعوبة وأطول وأكثر كلفة.
ـ بريطانيا كلفت خبراء للسفر إلى مخيمات اللاجئين في سوريا، على مدار الأشهر القليلة الماضية، لتوثيق الأدلة على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري، كما نوفر التمويل اللازم لمساعدة منظمات حقوق الإنسان في المنطقة جمع الأدلة ضد مرتكبي الجرائم.
(1) الشرق الأوسط، الشروق، رويترز، وكالة الأنباء القطرية، أسوشيتد برس انترناشونال، وكالة الأنباء الفرنسية، العربية نت، الجزيرة نت، إيلاف، راديو سوا، إذاعة سويسرا، رويترز، البيان الإماراتية، الخليج الإماراتية، إيلاف، العربية نت، الجزيرة نت، إذاعة مونت كارلو، إذاعة سويسرا، واشنطن بوست، جروزاليم بوست، الجارديان، اندبندنت، وول ستريت جورنال، القدس العربي، الأهرام المصرية، الأخبار، المصري اليوم، اليوم السابع، 12و13/2/2012.
(2) الشرق الأوسط، القدس العربي، الخليج الإماراتية،13/2/2012.
(3) القدس العربي، الشرق الأوسط، 13/2/2012.
(4) الشرق الأوسط، 13/2/2012.
(5) وكالة الأنباء الفرنسية، 12/2/2012.
(6) وكالة الأنباء الأردنية، الرأي الأردنية،13/2/2012.
(7) وكالة الأنباء الفرنسية، اندبندنت، تايمز، 12/2/2012.
(8) الخليج الإماراتية، واشنطن بوست، نيويورك تايمز، 13/2/2012.
(9) الخليج الإماراتية، إيلاف، العربية نت، الجزيرة نت، الشرق الأوسط، 13/2/2012.
(10) أتلانتا كونستيتيوشن، 12/2/2012.
(11) الخليج الإماراتية، الشرق الأوسط، 13/2/2012.
(12) وكالة الأنباء الألمانية، دير شبيجل الألمانية، 12/2/2012.
(13) الشرق الأوسط، 13/2/2012.
قالت صحيفة الفاينانشال تايمز (13/2/2012)، أن حل الأزمة السورية ليس سهلا، لكن على الخارج دورا أساسيا، وتحديدا الجامعة العربية وتركيا واوروبا، حيث أن الأزمة بدأت بانتفاضة شعبية على غرار تونس ومصر، لكنها تحولت الى العنف المسلح، وتشير الى ان بدء انتقال الصراع الى حلب ودمشق، بعد تفجير المعارضة المسلحة مقرات امنية في حلب، يعني ان الصراع ينتقل الى معاقل تاييد نظام الاسد. إن التأزم العسكري يقترب من حلب ودمشق، مايعني مزيدا من دموية الصراع. إن النظام لن يستطيع بعد ذلك استعادة سيطرته على البلاد، الا ان المعارضة المسلحة ضعيفة بما لا يمكنها من إزاحة النظام، ففي ظل هذا الجمود الدموي المتوقع، تناقش الافتتاحية حجة الغرب في التردد من تكرار ما فعله في ليبيا بان سوريا مختلفة وان ذلك سيجعلها تتحول الى صراعات شظايا طائفية كما حدث في العراق او مثل لبنان.
وأضافت الصحيفة قائلة بأن المخرج لرفع الحرج عن العرب والغرب وتركيا، يكون اذا تدخلوا، فمع اقرارها باحتمال التفتت العرقي والطائفي الا انها تلقي باللائمة على نظام الاسد الذي بذر بذور هذا التفكك على مدى اربعة عقود من حكمه، فيجب ألا يتاخر العرب والغرب وتركيا في التدخل بدعم المعارضة المسلحة كي لا يكرروا تجربة البوسنة حين سبقهم إليها الجهاديون الإسلاميون، كما تشدد على أهمية أن يتقدم العرب جهد تسليح المعارضة، وألا يقتصر ذلك على دول الخليج، وعلى دور تركيا الرئيسي أيضا ثم ياتي بعد ذلك دور الغرب، وفي تلك الحالة يمكن في مرحلة لاحقة فرض مناطق عازلة لحماية السكان المدنيين تتطلب حظرا جويا يسمح بتدخل دولي مبرر وقتها.
وختمت الصحيفة بقولها بان تسليح المعارضة سيساعد أيضاً على تشجيع المزيد من قوات الجيش السوري على الانشقاق والانضمام للجيش السوري الحر، وهذا هدف مهم يجب التركيز عليه
تبدي صحيفة النيويورك تايمز (13/2/2012) تخوفها من تحول الأزمة السورية إلى صراع طائفي يهدد استقرار لبنان المجاور لسوريا. وتقول الصحيفة إن إغتيال العميد "عيسى الخولي" مدير أحمد المستشفيات العسكرية في دمشق، والذي ينتمي إلى إحدى العائلات العلوية المعروفة بارتباطها بالنظام، قد أثار المخاوف مجدداً من تحول الأزمة السورية إلى حرب أهلية، بعد تكرار هذه الحوادث خاصة في مدينة حمص. وتشير الصحيفة إلى الاشتباكات التي اندلعت بين العلويين والسنة في مدينة طرابلس اللبنانية القريبة من الحدود السورية، بعد مظاهرة لعدد من مناهضي "بشار الأسد" في المدنية. وتضيف الصحيفة أن هذه الاشتباكات تعد مقدمة لما سيحدث في لبنان إذا انفجر الوضع الطائفي في سوريا، وهو ما يهدد بإعادة لبنان إلى حالة الحرب الأهلية من جديد.
نقلت صحيفة لوفغيارو (13/2/2012) عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية قولها إن مجموعة من قراصنة الانترنت قد اخترقوا البريد الالكتروني في وزارة شئون الرئاسة السورية. وتشير الصحيفة إلى حصول هؤلاء القراصنة على تقارير بمساعدات إيرانية محتملة للنظام السوري بقيمة مليار دولار. كما كشفت هذه التقارير عن نصائح إيرانية لسوريا لمواجهة العقوبات الغربية والعربية، ومنها فتح خط طيران من إيران إلى سوريا عبر العراق لنقل البضائع.
يرى "جورج سمعان" في صحيفة الحياة اللندنية (13/2/2012) أن الأزمة السورية تؤثر على جميع جيران سوريا المحيطين بها، وتحمل لهم آثار سلبية متعددة تختلف باختلاف ظروف كل دولة منهم. ويقول الكاتب إن لبنان يقف على حبل طائفي ومذهبي مشدود، حيث تدعم تركيا قوى 14 آذار، بينما تساند إيران قوى 8 آذار الموالية لسوريا. ويشير الكاتب إلى أن الدعوة التي أطلقها زعيم تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري" للجهاد ضد نظام الأسد قد تؤدي إلى تزايد نشاط الجمعيات السلفية في لبنان، وبالتالي التأثير على توازنه الطائفي الهش. ويتابع الكاتب أن دول مجلس التعاون الخليجي تحاول فك الحصار الذي فرضته إيران عليها من خلال إسقاط النظام السوري، وكسر حلقة الوصل بين إيران وحزب الله عبر سوريا. ويضيف الكاتب أن أخطر ما في الأزمة السورية حالياً، هو أنها أصبحت جزءاً من المواجهة المحتدمة بين الولايات المتحدة وروسيا الساعية إلى موقع لها يعيد أمجاد الاتحاد السوفيتي السابق.
وقاول "عبدالرحمن راشد" في صحيفة الشرق الأوسط (13/2/2012) إن المواجهة في سوريا لم تعد مقصورة على قوات النظام السوري، ومن يسميهم بـ"شبيحة النظام"، بل أيضاً تعدتها إلى دخول مقاتلين من إيران وحزب الله إلى سوريا للمشاركة في قمع الحركة الاحتجاجية هناك. ويرى الكاتب أن دخول إيران وحزب الله بشكل مباشر ومكشوف في الأزمة لن يمنح النظام السوري مزيداً من الوقت، بل سيسهم في تسريع سقوطه.
وكتب "عبدالباري عطوان في صحيفة القدس العربي (13/2/2012) أن إيران تلعب على أكثر من جبهة، وتهدد دول الخليج العربي أجل سوريا. ويقول الكاتب إن تهديدات "علي لاريجاني" رئيس البرلمان الإيراني بأن دول الخليج العربي ستندم لمشاركتها في ماسماه "المؤامرة الأمريكية" على سوريا، تهدف إلى تخويف دول الخليج من التدخل في الشأن السوري، وردعها عن دعم المعارضة السورية بالمال والسلاح.
وتساءل "ماجد موجد" في صحيفة المدى العراقية (13/2/2012) عن إمكانية نشوب حرب في منطقة الخليج العربي، بعد توجه 20 ألف من عناصر البحرية الأمريكية "المارينز" إلى منطقة الخليج بعد إجرءاهم أكبر مناورة منذ 10 سنوات في ولاية فلوريدا الأمريكية. ويشير الكاتب إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي السابق "هنري كيسنجر"، واتذي قال إن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط هو جزء من مخطط أمريكي تم الإعداد له منذ فترة طويلة، للقضاء على إيران، والتي تعتبر العقبة الأساسية التي تمنع واشنطن من السيطرة على منطقة الخليج، التي تحتوي على المخزون النفطي الأهم في العالم.
(هآرتس 12/2/20121): 'كيف أصبحت دمشق دمية في يد السلطة المستبدة؟'، تساءل الدكتور مشاري النعيم، في مقالة نشرها في الصحيفة السعودية 'الرياض'. 'متى ستبدأ حلب التحرك ومتى ستواجه الطاغية، ومتى ستعبر عن عبقريتها وتتذكر تاريخها؟ يُخيل إلينا ان هذه المدينة نامت ونسيت الاستيقاظ'. حظي المؤرخ في يوم الجمعة برد حينما جعلت العمليتان التفجيريتان في مدينة حلب اللتان قتل فيهما 28 شخصا على الأقل، هذه المدينة، وهي الثانية من جهة عدد السكان في الدولة، على رأس نشرات الاخبار. فهل استيقظت حلب في نهاية الامر؟.
ان السؤال الذي يقلق الآن النظام السوري والمعارضة، وواشنطن ولبنان هو من هو المسؤول عن هذه العمليات. بادرت سوريا أمس الى اتهام 'دول عربية وغربية' بأنها تقف وراء العمليات التفجيرية قرب منشآت عسكرية في واحدة من أقدم المدن في المنطقة. وتتهم المعارضة والجيش السوري النظام الذي خطط للعمليات لصرف الانتباه عن المذبحة التي تجري في مدينة حمص وعن نية احتلال مدينة الزبداني التي استولى عليها الجيش السوري الحر، من جديد. تُقدر الاستخبارات الامريكية ان الحديث عن فصيلة من منظمة القاعدة اجتازت الحدود من العراق ووجدت لنفسها قاعدة عمل جديدة في سوريا.
لكل واحدة من هذه الاتهامات والايماءات ما تعتمد عليه. فقد كانت السعودية مثلا مشاركة في الماضي في تمويل عصابات مسلحة سنية في العراق عملت على مواجهة السيطرة الشيعية، وساعدت قطر التي تقود الآن نهجا صارما في مواجهة سوريا بل التي اقترح حاكمها قبل نحو من ثلاثة اسابيع ارسال قوات عسكرية عربية الى سوريا، ساعدت المتمردين في ليبيا وتونس وهي اليوم 'متهمة' بأنها تتدخل في السياسة التونسية. وتمنح تركيا الجيش السوري الحر قاعدة لوجستية، على حسب تقارير لجهات من المعارضة السورية تأتي عن طريق تركيا ايضا بعثات سلاح الى سوريا، وهي دعوى تنكرها تركيا بقوة.
في الآن نفسه أثبت الجيش السوري الحر قدرته على تنفيذ تفجيرات بشحنات ناسفة مرتجلة، وأعلن قادته قبل بضعة اسابيع بأنهم ينوون الانتقال الى 'هجمات نوعية' على أهداف للجيش السوري.
قد يكون هذا الهجوم حدث اليوم. فقد أبلغت وكالة الانباء السورية الرسمية 'سانا' ان مسلحين اغتالوا هذا الصباح العميد عيسى الخولي، وهو ضابط رفيع الرتبة في الجيش السوري كان قائد المستشفى العسكري في دمشق. والحديث عن أول مرة يُغتال فيها ضابط رفيع الرتبة في العاصمة السورية ولم تتحمل أية منظمة المسؤولية عن الاغتيال.
في هذه الأثناء يجب على قائد الجيش السوري الحر، رياض الأسعد، ان يواجه 'منافسه' اللواء مصطفى الشيخ، وهو الضابط الأعلى رتبة ممن انشقوا عن الجيش السوري حتى الآن، والذي انشأ 'المجلس العسكري الثوري الأعلى'، الذي يطمح الى ان يوحد تحت رئاسته جميع المنشقين عن الجيش السوري. ويكفي ان نقرأ المنشورات في مواقع الجيش السوري الحر على الانترنت لنفهم عمق البغض والكراهية اللذين يشعر بهما أنصار الأسعد للجنرال الشيخ. فعلى سبيل المثال كتب في أحد المواقع على الانترنت ان الشيخ كان مواليا طوال حياته لنظام الاسد، وأن لفريق كبير من أقربائه وظائف رفيعة في الادارة، وأن هدفه كله ان يُحدث بلبلة وانقساما في صفوف الجيش السوري الحر.
أبلغت مشاركة منظمة القاعدة، الصحيفة اللبنانية 'الاخبار' قبل نحو من عشرة ايام بسلسلة تحقيقات عن الجيش السوري الحر. وبحسب هذا التقرير جاء مبعوثو القاعدة لا من العراق بل من ليبيا لمحاولة تفحص ميدان عمل جديد للمنظمة. واستُقبل هؤلاء النشطاء في مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان ثم انتقلوا الى طرابلس في الشمال حيث يسكن سكان سنيون في اكتظاظ، وهم من الأشد فقرا في الدولة. بل ان مواقع انترنت مقربة من القاعدة نشرت أسماء نشطاء المنظمة الذين قتلوا أو جرحوا في معارك في حمص وإدلب. وطرابلس هي ايضا المدينة التي يلجأ اليها نشطاء الجيش السوري الحر وفي المستشفى فيها يتلقى جرحى الجيش السوري الحر علاجا طبيا. ومن طرابلس يأتي مهربو السلاح الى الحدود السورية ويبيعون نشطاء الجيش الحر والمواطنين الذين يريدون التسلح لحماية أنفسهم، يبيعونهم بضاعتهم.
لكن مواطني طرابلس السنيين ايضا ليسوا كتلة واحدة. ففي المدينة تعمل عصابات فلسطينية مسلحة لم ينجح الجيش اللبناني في السيطرة عليها، وتعمل الى جانبها منظمات دينية متطرفة، الى جانب مؤيدين للنظام السوري. فلا عجب اذا ان نشبت في طرابلس خاصة، وهي ثاني مدينة في لبنان من حيث عدد السكان، في نهاية الاسبوع صدامات عنيفة بين فصائل مختلفة أفضت الى موت شخصين. وقد سارع الجيش اللبناني الى نشر قواته في طرابلس في الأحياء التي حدثت فيها المعارك بين مؤيدي سوريا ومعارضيها، لكن يُشك في ان يستطيع وقف اشتعالات اخرى. والخوف هو من ان تصبح طرابلس شرارة تحرق لبنان كله، وهناك من يشيرون الى ان الاسد قد ينقل الجبهة من سوريا الى لبنان ويُحدث فيه حربا أهلية من جديد.
بازاء العجز الدبلوماسي، والنقض الروسي 'الذي يقتل أبناءنا' كما يقول أحد الشعارات، وتسويف الجامعة العربية، يعتمد المتمردون على انضمام حلب ودمشق الى العصيان. 'يا دمشق ويا حلب أنتما أمل الثورة الأخير' كتب في موقع للمعارضة على الانترنت. لكن يبدو ان دمشق ما تزال لم تستيقظ من نومها وفي حلب تعود الحياة الى طبيعتها رويدا رويدا.