الثلاثاء 8 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 10 ديسمبر 2024 م
العالم المربي الفقيه الشيخ محمد أديب كلكل
الكاتب : مجد مكي
الأربعاء 9 محرّم 1440 هـ الموافق 19 سبتمبر 2018 م
عدد الزيارات : 4574

 

العالم المربي الفقيه الشيخ محمد أديب كلكل


اسمه ونسبه:
هو فضيلة الشيخ الفقيه الورع محمد أديب بن علي بن محمد ديب كلكل، ولد في الثاني عشر من شهر أيلول عام 1934، في مدينة حماة، في حي الشرقية، في منطقة الحاضر.


نشأته:
توفي والده وعمره أربع سنوات فقط، فكفلته أمه ترعاه وتحنو عليه، وما إن بلغ الرابعة من عمره حتى دفعت به إلى الشيخة (زهرة) زوجة الشيخ (عبد الرؤوف العبيسي) من أجل تعلّم القرآن الكريم كما هي العادة في ذلك الزمان، وبقي عند الشيخة (زهرة) حتى حفظ القرآن كاملاً، ثم نقلته إلى المدرسة المحمدية الشرعية فتدرّج فيها حتى انتهى من المرحلة الابتدائية وحصل على شهادتها المسماة (سورتفيكا)، ثم التحق بالقسم الإعدادي في المدرسة نفسها، وكانت مدة الدراسة في هذا القسم أربع سنوات، فلم يستطع الاستمرار فيها لضيق العيش، وقلة المورد، فتوقف عن الدراسة ونفسه توّاقة للعلم. وكان الشيخ يشعر بميول عجيبة وغريبة نحو دراسة العلوم الشرعية، فعرض الأمر على الشيخ محمود الشقفة - رحمه الله - وشكا إليه حاله، طالباً منه أن يرعاه، وأن يتولاه تربية وتدريساً، فوعده الشيخ بذلك، بشرط أن يعمل عنده في المحمدية الشرعية، في القسم الابتدائي معلماً فيها لقاء أجر زهيد، فرضي به ليسد رمقه، ويدفع به فقره. بقي يدرّس في المدرسة المحمدية في القسم الابتدائي ثم الإعدادي مدة اثنتي عشرة سنة، وكان الشيخ في سني تدريسه في المحمدية أستاذا مربيا ومعلما ناجحا وحريصا مما جعل أولياء الأمور يقبلون على المدرسة لأجله، وكان ذلك أيضا سببا لوشاية الحساد عليه حتى فصل من التدريس فيها فاقترح عليه الأولياء افتتاح مدرسة خاصة في الصيف لأولادهم فاستأجر لذلك دارا.


منهجه في الحياة:
كان الشيخ عفيف النفس عزيزا، صبورا شاكرا لله تعالى، يعتمد على نفسه في المعيشة، فتدرج في عديد من الأعمال ذات الصلة بالتجارة، وابتعد عن الوظائف الحكومية، فقد عرض على الشيخ أعمال ووظائف حكومية وبإغراءات لكنه رفضها جميعا وآخرها منصب الإفتاء لمحافظة حماة لما عرف عنه من الرسوخ في العلم والتقوى في الفتوى، ومحبة الناس له وثقتها فيه، لكنه رفضها أيضا.  ومن أهم ما يذكر للشيخ صبره على الابتلاءات والعواصف التي هاجت على المدينة وبقاؤه فيها.


صفاته:
عالي الهمة، قوي الشكيمة، موفور العزيمة، حاد الطبع إذا رأى منكراً أو مناقشاً جاهلاً متعسفاً، لكنه متواضع مع إخوانه وطلابه، ليّن الجانب، يتجاوز عن السيئات، ويقيل العثرات، ويقابل بالإحسان الإساءات، آثر الخلوة وحب العزلة وقلة المخالطة، حتى عُرف بين الناس بذلك، عرفه أهل حيّه منذ صغره صدوقاً عفيفاً تقياً نقياً، وأدركه الناس الآن عالماً عاملاً زاهداً ورعاً، فهو مستودع أسرارهم، وحلاّل مشاكلهم، مفتي البلدة بلا منازع، وكان في علاقته بطلابه متواضعاً جداً، يرفض أن نقبّل يده، لكنه يشجّع على تقبيل أيدي العلماء العاملين.
تميّز الشيخ بالخط الجميل البديع فكان يُدخل السرور على نفوس طلابه بكتابة أسمائهم بخط جميل على دفاترهم.  ومن أخلاقه – رحمه الله - التواضع غير المتكلف، فلم يكن يرى نفسه أكبر شأناً من أحد، ولا يرضى لنفسه أن يضعها في مصاف العلماء مع أنه أهل لذلك، بل يغضب إن أحد أثنى عليه بالعلم، مع أنه امتاز فيه، ويسمع لطلاب العلم ويبادلهم الحديث في الشؤون العلمية وأحوال الأمة مهما كان سنهم.


تكوينه العلمي:
ثابر الشيخ على حضور مجالس العلم المنتشرة آنذاك في مدينة حماة من أمثال الشيوخ محمود الشقفة، وعرابي عدي، وأحمد سليم المراد رحمهم الله تعالى وغيرهم من شيوخ البلدة الذين كانوا يعمرون مساجدها بالدروس الشرعية واللغوية المتنوعة، فحصّل الشيخ من ذلك كله ثروة علمية غنية - وهو بعدُ صغيرا - ما لبث أن ظهرت آثارها حين كان يقف بعد أداء بعض الصلوات ليعظ الناس أو ينبه على غلط شرعي. إضافة لنهمه بالقراءة حتى كان يستدين المال لشراء كتاب ليقرأه .
لقد سار الشيخ على هذا المنهج في القراءة والتحصيل وحضور المجالس العلمية حتى اكتملت عنده أدوات البحث العلمي، وأسبابه وتوضحت أمامه سبل المعرفة، فما إن بلغ عشرين عاماً حتى عقد دروساً، وصار له طلاب، وبدأت ينابيع علمه تفيض وتسقي، وانتشر أمره بين طلاب العلم وعلماء البلدة، وهو في طلبه العلوم الشرعية واللغوية لم يغفل عن تزكية النفس وتهذيبها، والعناية بالجانب الروحي.


شيوخــــه:
تعددت مناهل المعرفة عند الشيخ وتنوعت مصادر علومه، ومن أبرز العلماء الذين نهل منهم العلوم وجلس في دروسهم العلمية:
1 ـ الشيخ توفيق الصباغ الشيرازي
2 ـ الشيخ عرابي بن خالد عدي
3 ـ الشيخ زاكي الدندشي
4 ـ الشيخ محمود الأحمد الشقفة
5 ـ الشيخ أحمد سليم المراد
6ـ الشيخ محمد منير لطفي
ومن أكثر الشيوخ أثرا في شخصيته وتكوينه: الشيخ محمود بن عبد الرحمن الشقفة والشيخ محمد الحامد، وثمة شيوخ كانت للشيخ صلات قوية بهم ومراسلات علمية وكان يذكرهم الشيخ أديب ويصفهم بـ (شيوخي) وهم:
1 ـ الشيخ رشيد الراشد التاذفي الحلبي.
2 ـ الشيخ عبد الغني حمّادة.
3 ـ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.
4 ـ الشيخ عيسى الخطيب.
5 ـ مفتي دوما الشيخ أحمد صالح الشامي.
6 ـ الشيخ أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب
7 ـ الشيخ عارف جويجاتي إمام جامع الروضة في دمشق.
8 ـ الشيخ صالح العقاد شيخ الشافعية في دمشق.
9-الشيخ العلامة المجاهد حسن حبنكة الميداني.


مؤلفاته:
تنقسم إلى قسمين، القسم الأول: مؤلفات تناول فيها موضوعات مخصوصة في فنون متنوعة وهي: 1 ـ تنبيه الفكر إلى حقيقة الذكر. 2 ـ الفقه المبسط 3 ـ الأضحية والعقيقة وأحكام التذكية. 4 ـ إتحاف السائل بما ورد من المسائل 5 ـ حكم الإسلام في النظر والعورة. 6 ـ الحج والعمرة.7 ـ صون الإيمان من عثرات اللسان. 8 ـ قرة عين رسول الله صلى الله عليه وسلم. 9 ـ منتخب النفائس لأبناء المدارس. 10 ـ تطبيب المرأة وثمن علاجها. 11 ـ اعدلوا بين أولادكم. 12 ـ الأنيس في الوحدة.
القسم الثاني: مؤلفات ورسائل حققها الشيخ ونشرها بعد خدمتها بدراستها وهي: 1 ـ السهام الصائبة لأصحاب الدعاوى الكاذبة في الرد على مدَّعي الاجتهاد، للشيخ يوسف النبهاني. 2 ـ حسن الشرعة في مشروعية صلاة الظهر إذا تعددت الجمعة، للشيخ يوسف النبهاني. 3 ـ بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم، للعز بن عبد السلام. 4 ـ لفتة الكبد إلى نصيحة الولد، لابن الجوزي. 5 ـ رسالة أيها الولد والقواعد العشر للغزالي. 6 ـ الأدب في الدين والرسالة الوعظية ورسالة الطير.


تلاميذه:
كان للشيخ دور تعليمي كبير سواء في المدرسة المحمدية الشرعية أو في مساجد حماة ثم أخيرا في مكتبه، إضافة لكتبه التي نشرها وإفاداته العلمية، ولذلك فطلابه كثر والحمد لله، ومن طلابه وتلامذته المختصين به طلاب علم تدرجوا في التعليم الشرعي ورعاهم الشيخ وما يزال يتابعهم حتى مراحلهم المتقدمة في الدراسات العلمية كالماجستير والدكتوراة ومن أهم تلامذته:
1 ـ الأستاذ غالب المصري: (ماجستير في اللغة الإنكليزية من جامعة البنجاب) أستاذ اللغة الإنجليزية في مدارس حماة.
2- الأستاذ الدكتور الفاضل رياض حسن الخوام، أستاذ جامعي معروف في جامعة أم القرى وله الكثير من المؤلفات.
3 ـ الدكتور الشيخ مرهف بن عبد الجبار سقا، مدرس مادة التربية الإسلامية، وخطيب جامع الشيخ محمد الحامد، ثم الأحدب، ومدرس علوم القرآن والحديث في التكية الهدائية، ثم في المملكة العربية السعودية، له العديد من المؤلفات في التفسير والإعجاز العلمي في القرآن والفقه وغيرها
4  - الأستاذ عماد مفيد زغرات.
5 ـ الحاج ممدوح طهماز.
6 ـ الأستاذ عوض القناني: أستاذ في اللغة الإنجليزية، من طلاب الشيخ القدماء، اشتغل بالتدريس في مدارس حماة، ثم سافر إلى الكويت ولا يزال يعمل هناك.
7 ـ الشيخ عبد الله كرزون.
8 ـ الأستاذ عبد القادر ريس.
9 ـ الأستاذ محمود علي خليفة: تخرج مدرساً لمادة الرياضيات في جامعة حلب، ويعمل الآن في ميدان التدريس. 10- الأستاذ عبد الرحمن العشي: من محبي الشيخ والملازمين له، مدرس في مدارس حماة الابتدائية.


وفاته:
توفي – رحمه الله تعالى -في مدينة حماة بعد فجر يوم الخميس ١٨من ربيع الآخر ١٤٣٧الموافق 28 / 2016.


نقلا عن نور سورية- بتصرف