الناطق الرسمي باسم المجلس الإسلامي السوري الدكتور حسان الصفدي لـ (نور الشام):
"الأمور سوف تمضي في إطار تشكيل هيئة أركان وجيش وطني واحد"
أطلق المجلس الإسلامي السوري بتاريخ 8 ذو الحجة 1438هـ/ 30 آب 2017م مبادرة بعنوان (الدعوة إلى وحدة الصف) دعا فيها إلى إنهاء حالة التشرذم وتوحيد الصف دفاعا عن الدين والعرض والأرض، وإنشاء جيش وطني موحد تابع لوزارة دفاع بإشراف الحكومة السورية المؤقتة تنضوي فيه جميع الفصائل تحت قيادة واحدة.
وكذلك دعت الحكومة السورية المؤقتة في بيان لها موقع من رئيسها الدكتور جواد أبو حطب إلى تشكيل جيش وطني موحد يشمل جميع الفصائل العسكرية في سورية المحررة.
وقد حظيت المبادرة بدعم كبير وتفاعل واسع من الفصائل العسكرية، وأوضح المجلس في بيانٍ نشره عبر موقعه الإلكتروني أن مبادرته "استجاب لها ما يزيد عن 40 فصيلًا، لهم حضور واضح مؤثر على الجغرافيا السورية".
وعبّرت العديد من الفصائل العسكرية عن دعمها لهذه المبادرة وكل مبادرة تسعى إلى وحدة الصف والحفاظ على الثورة السورية وتحقيق أهدافها. والقيام بمشروع وطني ثوري جامع.
في حوار هذا العدد من مجلة نور الشام نستضيف الدكتور حسان الصفدي المتحدث الرسمي باسم المجلس الإسلامي السوري، لنتعرف بقرب إلى مبادرة المجلس الإسلامي وآلية تطبيقها والتحديات المقبلة وتصورات المرحلة القادمة. فإلى الحوار:
اللافت للنظر أن مبادرة المجلس الإسلامي السوري لاقت استجابة واسعة من مختلف الألوية والفصائل الثورية والشخصيات المؤثرة، فكان هناك تفاعل إيجابي على مستوى عال، إلام يعود ذلك؟
الحقيقة أن الاستجابة العالية أو التفاعل الإيجابي مع المبادرة مردّه إلى أن اللحظة التاريخية التي تمر بها أحداث الثورة السورية تستدعي التخلص من الحالة الفصائلية والتشرذم القائم في قوى الثورة السورية، لأنه ليس من المعقول أبدًا أن تواجه الثورة السورية أعداءها وهم صفّ واحد، بينما قوى الثورة شذر مذر، فالتفاعل الإيجابي كان هذا مردّه ابتداء، فهناك حاجة حقيقية ضمن الساحة الثورية السورية إلى مثل هذه المبادرة، وإضافة إلى خروج المبادرة من جهة لها مصداقية مقبولة، وتشكل مرجعية واسعة لمعظم السوريين.
هل تسعى المبادرة إلى مشروع لتنظيم الأمور المدنية في المناطق المحررة من سورية أو أنها ستنتقل بالثورة إلى مرحلة الدولة المنظمة التي تصنع الحدث ولا تكتفي بردود الفعل كما هو الحال اليوم؟
المبادرة لا تسعى إلى تنظيم الأمور المدنية أو غير ذلك، فالمجلس الإسلامي السوري ليس دوره القيام بدور مدني أو سياسي أو عسكري، المجلس دعا إلى تشكيل جيش وطني واندماج الفصائل وتوحدها جميعًا تحت مظلّة جيش وطني تكون مرجعيته وزارة الدفاع ضمن الحكومة المؤقتة.
لا أحد يختلف على ضرورة تشكيل جيش وطني واحد يقضي على التشرذم الذي أتعب الثورة السورية وأنهك مقاتليها، ولكن هل يمكن تنفيذ الفكرة على أرض الواقع في هذا الوقت؟ هل يمكن نقلها إلى الحيز التطبيقي لئلا تكون كالمبادرات السابقة التي لم تأخذ نصيبها إلا في الإعلام؟
تنزيل هذه الفكرة على أرض الواقع أمر ممكن، وهو تحدٍ كبير من الناحية الداخلية الفصائلية والنفوذ وما إلى ذلك، والتفرق في صفوف الثورة يشكل عائقًا وتحديًا، وكذلك القوى الخارجية التي لا تريد أن يكون للسوريين رأي واحد ولا مرجعية واحدة، بكل تأكيد القوى الخارجية لن تكون مسرورة بكل هذا، وأعتقد أن التحدي قائم، ولكن هذا قدرنا، وقدرنا أن نواجه هذه التحديات، والله من وراء القصد.
هناك جملة من التساؤلات حول هذه المبادرة، أهمها ما يتعلق بالتمويل والتسليح، فنحن نعلم أن الحكومة المؤقتة تعمل بشكل تطوعي، بسبب عدم قدرتها على تغطية رواتب موظفيها، فكيف يمكنها أن تشكل جيشًا ذا سيادة وكيف يمكن أن تموله؟ أم أن هناك جهاتٍ ستقوم بالتمويل؟
التمويل من دون شك يحتاج إلى دعم دول، والدول الآن تدعم فصائل، ولا بد من إقناع الدول الصديقة أو الداعمة بضرورة هذا الموضوع، وأعتقد أن هذا الواجب يجب أن تحمله الحكومة السورية المؤقتة والفصائل التي هي على ارتباط بدول معينة، من أجل تحويل المساعدات إلى الجيش الوطني، وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك انتقال للوصول إلى اكتفاء ذاتي من تمويل السوريين أنفسهم، وهذا الأمر ليس واقعيًا الآن، لكنّه ممكن إذا تضافرت الجهود من أجل تحقيقه.
هذه المبادرة صادرة من مرجعية شرعية معتبرة عند السوريين، ولكن هل تمت مشاورة الفصائل العسكرية والجهات الفاعلة في سورية قبل إصدارها؟
بكل تأكيد كان هناك تشاور بين المجلس والقوى السياسية والفصائل العسكرية الفاعلة على الأرض وفي الحقيقة كانت هناك رغبة شديدة من هذه القوى السياسية والعسكرية لأن يتصدى المجلس لمثل هذا الدور.
ما المراحل التي ستعقب مرحلة الموافقة على المبادرة وما آليات العمل المقبلة؟
المراحل التي ستتلو المبادرة هي تشكيل هيئة الأركان وقد تشكلت، وتطبيق عملية دمج الفصائل كلها في هذا الجيش الوطني قضية ستأخذ بعض الوقت بكل تأكيد، لكن الأمور سوف تمضي في إطار تشكيل هيئة أركان وجيش وطني واحد من خلال انضمام الحركات الثورية العسكرية إلى هذا الجيش، وقد أبدت هذه الحركات موافقتها على هذه المبادرة.
البعض يرى أن هذه المبادرة ستؤدي إلى حالة جديدة من الانقسام ونشوب الاقتتال بين الفصائل المؤيدة للمبادرة والمعارضة لها، وأنها تشجع على الانقسام الداخلي والتحيز، ما رأيكم؟
أعتقد العكس تمامًا، المبادرة ستكون أداة من أجل توحيد الفصائل كلها في جسم واحد وجيش وطني واحد، والقوى التي ستعارض هذه المبادرة هي بالتأكيد خارجة عن إطار الثورة ومبادئها وأهدافها، والاقتتال بينها وبين الفصائل الثورية الأخرى كان قائمًا سابقًا تحت ذرائع واهية كثيرة جدا.
هل لهذه المبادرة صلة باتفاق وقف التصعيد الذي بدأ في أيار من هذا العام، وهل سيبقى مطلب إسقاط النظام ضمن أولويات الثورة أو الجيش الموحد المنشود؟
لا علاقة للمبادرة إطلاقًا بموضوع اتفاقيات وقف التصعيد، وإنما هي محاولة لإعادة الكرة والملف والقرار إلى يد السوريين من أجل أن يكونوا قادرين على التصدي لكل المؤامرات التي تحاول إما إحباط الثورة وإفشالها وإما احتواءها، والمبادرة تتوافق مع مبادئ الثورة الخمسة التي وافقت عليها قوى الثورة السياسية والعسكرية والمدنية.
ما تصوركم للمرحلة القادمة؟
المرحلة القادمة مرحلة ليست يسيرة، والقوى الخارجية الصديقة رأت تشرذمًا كبيرًا جدًا في قوى الثورة، وبالتالي هي تتعامل مع هذا الواقع من خلال محاولة إملاء قرارات متعلقة بالملف السوري حتى لا يُستشار بها السوريون على الإطلاق.
المرحلة القادمة يجب أن يكون السعي الجاد والحثيث فيها من قبل قوى الثورة جميعها من أجل إعادة زمام المبادرة إلى يد السوريين، وأن يأخذ السوريون فرصتهم من خلال تقديم رؤيا سياسية ومشروع وطني واحد يتوافقون عليه، ويبيّنون فيه للعالم شكل سورية التي يريدون بناءها.