شخصية المسلم في تعامله مع نفسه كما يصوغها الوحي
يريد الإسلامُ من المسلم أن يكون متميزاً في هيئته وتصرفاته وزِيِّهِ وعمله، حتى يكون قدوةً حسنةً، ويوازن بين عقله وجسمه وروحه، فيعطي لكل منها حقَّه دون مغالاة، تنفيذاً لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍ حَقَّه».
فيحقق التوازن في جسمه بما يلي:
المسلم يعتدل في طعامه وشرابه: يحرص المسلم على صَحَّة بدنِه، فلا يُقْبِلُ على الطعام بشراهة، بل يأخذ منه ما يقيم صلبَه ويحفظ صَحَّتَه وقوتَه ونشاطَه، مستهدياً بقول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا}.
المسلم يتجنب تناول ما يضره، ويراعي تقوية جسمه باتباع نظام صحي في حياته.
المسلم يزاول الرياضة البدنية: باعتدال وتوازن، والرياضة تَهَبُ جسمَه قوةً ونشاطاً وسلامةً من الأمراض.
المسلم نظيفُ الجسم والثياب: يُكثِرُ من الاغتسال في أوقات متقاربة، ويتعهد نظافةَ فَمِهِ فلا يُشَمُّ منه رائحة كريهة، ويتجنب عند لقائه بإخوانه أكلَ ما له رائحةٌ مزعجةٌ، مستناً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم: «من أكل الثومَ والكُرَّاثَ فلا يقربن مسجدنا».
المسلم يُكْرِمُ شعره بتنظيفه وتمشيطه وتطييبه.
المسلم حسنُ الهيئة: يُعنى بلباسه من غير إسراف ولا مغالاة، يلبس اللباس الحسن ويتجمل لأهله وأصحابه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعملاً بقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ويقوم بخصال الفطرة «خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» التي تمثل الذوقَ الراقي والطبعَ السليم، دون أن ينزلق إلى الإفراط والمغالاة.
ويحقق المسلم التوازن في عقله بما يلي:
العلم عند المسلم فريضةٌ وشرف: فيتعهد عقلَه بالعلم ما دام الدم ينبض في عروقه، يشجعه على هذا أن الله رفع من شأن العلماء فخصهم بمقامِ الخشية دون الناس: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
المسلم يطلب العلم حتى الممات: لا يقطعه عن التعلمِ نيلُ شهادةٍ ولا تحصيلُ وظيفةٍ، بل يستمر المسلم الحق في التعلم متمثلاً قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} قيل لابن المبارك: "إلى متى تطلب العلم؟" فقال: "حتى الممات، لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد".
ما ينبغي للمسلم إتقانُه:
ينبغي للمسلم أن يتقن كتاب الله تعالى تلاوة وتفسيراً، ثم يُلِمَّ بعلوم الحديث والفقه والسيرة، واللغة.
ثم يتقن ما تخصص به: يلتفت إليه فيهبه كل طاقاته، ويمنحه جل اهتماماته، ويتخذ إتقان العلم وسيلة إلى رضا الله.
يفتح نوافذ على فكره: فيقرأ في مختلف العلوم النافعة، لا سيما القريبة من اختصاصه، فيأخذ بطرف من كل لون من ألوان المعرفة، وينمي ملكاته العقلية.
يتقن لغة أجنبية: فهذا من متطلبات الحياة المعاصرة، ليكون المسلم قادراً على الاتصال بالأمم الأخرى، ودعوتهم إلى الحق، وليدرأ عن أمته الشر.
ويحقق المسلم التوازن في روحه بما يلي:
يصقُل روحَه بالعبادة: يعتني المسلم بروحه فيصقلها بالعبادة والمراقبة لله تعالى دوماً، بحيث يبقى متيقظاً متقياً وساوس الشيطان، فإذا غفل تذكر فآب ورجع: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}.
يلزم الرفيق الصالح ومجالس الإيمان: فيتواصى مع إخوانه بالحق والصبر، ويكثر من المجالس الروحية التي يكثر فيها ذكر الله، ويتملى فيها من قدرة الله العظيم وبديع خلقه وعظيم صنعه.
يكثر من ترديد الأدعية المأثورة: فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أدعيةٌ كثيرة في دخوله وخروجه ولبسه واضطجاعه واستيقاظه، وكان يُعَلِّمُ الصحابةَ هذه الأذكار، فيبقى قلبُ المؤمن موصولاً بالله تعالى في جميع أحواله، فيعيش لله وفي الله.
ملخص من كتاب (شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة) للدكتور علي الهاشمي.