الخميس 10 جمادى الآخر 1446 هـ الموافق 12 ديسمبر 2024 م
الشيخ محمد أديب الصالح.. عالم امتلأ علماً
الثلاثاء 30 ذو القعدة 1438 هـ الموافق 22 أغسطس 2017 م
عدد الزيارات : 5255

 

الشيخ محمد أديب الصالح.. عالم امتلأ علماً
 

إنك لتحتاج أثناء محادثته إلى الانتباه الدقيق لئلا يفوتك بعض كلامه، الذي يذكرك بالصورة التي أوصى بها لقمان ولده، وهو يحضّه على الغضّ من صوته في مخاطبة الآخرين.. بل إن في مشيته صورة أخرى للشكل الذي رسمه ذلك الحكيم لابنه بتلك العبارة التي خلدها الله في كتابه الكريم [واقصد في مشيك]. وما أدري أهي طبيعة فُطر عليها، أم أدب أخذ به منذ الطفولة، أم تطبيق مقصود للتوجيهات السامية التي رضيها الله لعباده المؤمنين ! (الشيخ محمد المجذوب)
المولد والنشأة:
ولد الشيخ الدكتور محمد أديب الصالح -رحمه الله- في مدينة قطنا جنوب دمشق في العام 1926م، وقد شاء الله أن يتذوق مرارة اليتم بوفاة والده وهو في الشهر السادس من عمره، ولكن والدته الصالحة قد عوضته عن عناية الوالد بانقطاعها لرعايته، والاهتمام بشأنه، حتى توفاها الله في الرياض أول يوم من عيد الأضحى المبارك من العام 1983 م ـ 1403 هـ. وكان من بره بها أن نفذ وصيتها بدفنها في بقيع المدينة بجوار صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه.
دراسته ونشاطه العلمي:
بدأ الشيخ -رحمه الله- تعليمه في إحدى مدارس قطنا الابتدائية، ومنها انتقل إلى دمشق حيث أحرز شهادة الكفاءة العامة ثم شهادة الكلية الشرعية التي كانت بمثابة معهد علمي رفيع المستوى، ثم حصل على الثانوية الشرعية مع الثانوية العامة عام 1946م، وبذلك تهيأ للدراسة الجامعية وسجل في كلية الحقوق بجامعة دمشق، ولكنه لم ينقطع إليها، إذ أوفد إلى الأزهر عام 1947 م فالتحق بكلية أصول الدين، فكان يقدم امتحانها في الدور الأول، ويقدم امتحان الحقوق بدمشق في الدور الثاني.
وهكذا جمع فضيلة المترجم في دراسته الجامعية بين الشريعة والحقوق، فأحرز شهادتيهما، ومنذئذ بدأ تفرغه للتدريس، فعمل في ثانويات حلب ودمشق ودور المعلمين ما بين العامين 1949 ـ 1956.
وفي ذلك العام أسندت إليه مهمة معيد في كلية الشريعة بجامعة دمشق بعد اجتيازه مسابقة خاصة ذات وجهين، خطي بالإجابة عن أسئلة معينة، وعملي بإلقاء محاضرة نموذجية على الطلاب بمشهد من لجنة الاختيار.
ومن هنا تم إيفاده إلى جامعة القاهرة لتحضير الإجازة العليا ـ الدكتوراه ـ في كلية الحقوق، وكان موضوع أطروحته (تفسير النصوص في الفقه الإسلامي ـ دراسة مقارنة) التي أحرز بها مرتبة الشرف الأولى مع التبادل بين الجامعات.
عاد الشيخ بعدها إلى دمشق ليستأنف عمله في جامعتها، وما زال يرتقي في سلمها حتى أصبح أستاذاً ذا كرسي منذ العام 1974 م ـ وقد أسندت إليه رئاسة القسم الخاص بعلوم القرآن والسنة بكلية الشريعة. وفي هذه الكلية تولى تدريس نظام الإسلام مع التفسير والحديث وأصول الفقه.
وفي كلية الحقوق بدمشق قام بتدريس مادة أصول الفقه لطلاب السنة الرابعة لعدة سنوات. وكذلك في قسم اللغة العربية بكلية الآداب درّس مادة القرآن والحديث سنوات عدة مع التركيز على النواحي الأدبية في هذه المادة.
شيوخه:
تتلمذ الشيخ رحمه الله على يد جمع من العلماء الأفاضل الذين كان لهم دور واضح في خط مسيرة حياته واتجاهه نحو العلم الشرعي على الرغم من دراسته للحقوق التي كانت سوقاً رائجاً في ذاك الوقت، وميداناً لجمع المال.
ومن أبرز من تتلمذ الشيخ على يديه الشيخ إبراهيم الغلاييني رحمه الله؛ الذي كان له صلة وثيقة به كما كان من المواظبين على حلقته الخاصة في العلوم الشرعية، وقد توثقت الصلة بينهما عن طريق المصاهرة، إذ زوجه الشيخ إحدى بناته، التي أنجبت له ثلاثة من الأبناء وأربعاً من البنات.
ومن العلماء الذين تتلمذ الشيخ عليهم أيضاً العلامة الإمام محمد أبو زهرة، والشيخ علي الخفيف، والشيخ فرج السنهوري، والشيخ محمد هاشم الخطيب، والشيخ محمد بهجة البيطار، والشيخ حسن حبنكة؛ الذين يقول الشيخ -رحمه الله- إنهم من الرعيل الأول الذي لا يكاد يعوض.
مؤلفاته:
- تفسير النصوص في الفقه الإسلامي
- هكذا يُعلِّم الربانيون
- أدعياء الهيكل
- القيامة مشاهدها وعظاتها في الحديث النبوي
- التقوى في هدي الكتاب والسنة وسير الصالحين
- القصص في السيرة النبوية
- رحلة مع الشامي المرابط شيخ الإسلام الإمام أبي عمرو الأوزاعي
- مصادر التشريع الإسلامي ومناهج الاستنباط
- المسلم والبناء الحضاري
- الإنسان والحياة
- موقع المرأة المسلمة
- بناء الأمة ومواجهة التحديات
وفاته:
توفي الشيخ رحمه الله في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية ظهرَ يوم الأحد 8 شوال 1438، الموافق 2 تموز 2017م. رحمه الله رحمة واسعة.