الجمعة 19 رمضان 1445 هـ الموافق 29 مارس 2024 م
فادي محمد: لأحداث داريا رسالة عظيمة نتمنى أن يستفيد منها كل ثائر
الخميس 7 ربيع الآخر 1438 هـ الموافق 5 يناير 2017 م
عدد الزيارات : 2583

 

فادي محمد:لأحداث داريا رسالة عظيمة نتمنى أن يستفيد منها كل ثائر

 

بكل عزة وشموخ وقف المجاهد الداراني أمام أعدائه الذين توافدوا من كل بقاع الأرض لكسر شوكته.. كانوا يقفون أمامه وقوف الأقزام وهم يرونه متأبطاً سلاحه راحلاً إلى ساحة جديدة يقاتلهم فيها كما قاتلهم طيلة السنوات الخمس الماضية، وليثخن فيهم كما أثخن فيهم في تلك الفترة مهلكاً أكثر من 10 آلاف شبيح..
صحيح أنه اضطر للرحيل أمام تنافس قوى الشر العالمي على إفناء سكان مدينته الصغيرة، لكنه خرج لمرحلة جديدة من مراحل المجد والفخار يسطرها مع إخوته ويرسموا لنا من خلالها صورة الصمود الذي يجب أن يكون.. والوحدة التي يجب يُحتذى بها..
في الساحة الجديدة لأبطال داريا.. التقت مجلة (نور الشام) فادي محمد المتحدث باسم المجلس المحلي للمدينة ليلقي لنا الضوء على جزء من ملحمة الصمود، مرورا بإرهاصات الخروج، وصولا إلى إشراقات المستقبل المضيء بإذن الله.. فإلى الحوار:


- كيف كان الوضع في داريا في الأسابيع الأخيرة قبل مغادرتكم المدينة؟ وما أهم الأسباب التي أدت إلى قبولكم بالخروج من داريا؟

لا يخفى على أحد أن مدينة داريا كانت محاصرة منذ نهاية العام 2012م، وبالتالي كانت تفقد بمرور الأيام مقومات الصمود، ومع استمرار الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات النظام الأسدي، فان ذلك زاد الأمور صعوبة وتعقيدا؛ نظرا لاستنزاف مدخرات المدينة: الإغاثية، والخدمية، والطبية، وكذلك استمرار الاستنزاف في المقاتلين.
في الأسابيع الأخيرة بدا واضحا أن المجتمع الدولي لا يكترث لتصعيد النظام واستمراره في قصف المدنيين، ولجوئه لاستخدام قنابل النابالم المحرمة دولياً، واستهداف المشفى الميداني الوحيد في المدينة عدة مرات، وإخراجه عن الخدمة نهائيا في الأسابيع الأخيرة، وكذلك مركز الدفاع المدني، يضاف إلى ذلك - للأسف - عدم وجود أي تحرك حقيقي من الفصائل في الغوطة الغربية ودرعا لكسر الحصار.
بعد أن تقلصت المساحة التي نسيطر عليها، وتركز المدنيون في مساحة ضيقة أصبحت حياتهم مهددة أكثر من أي وقت مضى، وهذا الوضع كان نقطة الضغط التي أجبرتنا على قبول سيناريو الخروج.

- هل تنطبق هذه الأسباب على المناطق الأخرى التي خرج منها المجاهدون كحمص وقدسيا والمعضمية وغيرها؟

كل منطقة لها وضعها وخصوصيتها، وان كنت أعتقد أنه لم يمر على الثورة السورية أن حوصرت مدينة وتحملت كما داريا!


- برأيكم: لماذا اختار النظام إدلب مقرا للتهجير؟

نخشى أن تكون هنالك مؤامرة أكبر من كل المؤامرات التي تعرضت لها الثورة منذ انطلاقتها، وأن يتم استهداف الشمال لاحقا من قبل التحالف الدولي بدعوى وجود تنظيمات متطرفة تسيطر على الشمال، والتحدي الأكبر اليوم - كما يعلم الجميع - هو بكسر الحصار عن حلب، والذي نسأل الله تعالى أن يكون قريبا، وأن يجعل ثوارنا أهلا له ويهيئ لهم أسبابه.


- ماذا حل بداريا بعد خروجكم منها؟ ماذا يجري فيها الآن؟

الأكيد أن المدينة لم يعد إليها أحد من أهلها، وكل ما يتردد في الإعلام ما هو إلا وعود وأوهام بادعاء النظام أنه يهيئ البنى التحتية تمهيدا لعودة الأهالي اليها.
وحسب بعض وسائل الإعلام فإن المدعو أمجد البهادلي، قائد ما يسمى بـ "لواء الإمام الحسين" في دمشق، زار المقام المنسوب لـ "السيدة سكينة" بعد أسبوع واحد من خروجنا.


- واضح أن سياسة التغيير الديموغرافي تتم في سوريا بمباركة الأمم المتحدة... برأيك: كيف يستطيع السوريون إفشال هذا المخطط رغم دعمه عالميا وعلى أعلى المستويات؟

ما لم تصبح لنا قيادة سياسية حقيقية وعسكرية، ونتحرك بشكل دولة، لن يقيم لنا أي أحد وزنا، وستذهب كل تضحياتنا سدى.
الفصائلية أنهكت الثورة، وأهلكت خيرة شبابها.


- ما ردكم على سخرية الشبيحة والغلاة والمزاودين على المجاهدين من خروجكم من داريا.. حيث يعدّون هذا الخروج هزيمة مذلة؟!

من شاهد مقاطع شباب داريا وهم يخرجون من مدينتهم رافعيّ السلاح الذي قتلوا به آلاف الشبيحة، يمرون من الدوار الرئيسي في المدينة، وهو الدوار نفسه الذي أعلن من أمامه بشار الأسد قبل سنتين أن عصابته حسمت معركة داريا.. من يعلم بأن من خرج من المدينة من مقاتليها لم يتجاوز 700 مقاتل، هم من وقف في الأشهر الأخيرة سدا منيعا بوجه ميليشيات الأسد ومرتزقته متعددي الجنسيات، سيعلم حتما أنه نصر.. ونصر عظيم.

- ما نصيحتكم لأهالي المناطق المهددة بالتهجير: هل يحذون حذوكم أم يتمسكوا بأرضهم.. وإذا كان الحل التمسك بأرضهم فما عوامل ثباتهم فيها؟

كان واضحا لدينا منذ البداية، أن ثورتنا ليست مرتبطة بحدود داريا، وإنما هي جزء من ثورة عظيمة تشمل سوريا كلها، ونتمنى من الجميع أن يعتبر من صمود داريا وأن تصل رسالتها، لا أن تصل رسالة النظام بأن مصير المدن الثائرة سيكون كمصير داريا فيما لو قاومته، كما نتمنى ألا يتكرر سيناريو داريا إذا تركنا وحدنا فترة طويلة.
تماسك الأهالي والثوار فيما بينهم، وإعلاؤهم لقيم الثورة وأهدافها قبل كل شيء سيكون كفيلا – بإذن الله - بأن يكرروا ما فعلته داريا وربما أكثر.
والمؤلم أن أعداءنا متماسكون رغم أن عداءهم لنا هو قاسمهم المشترك الوحيد ربما، بينما نحن نعادي بعضنا على الرغم من عشرات القواسم المشتركة التي تجمعنا.

- الآن: ما مخططاتكم في المستقبل؟ هل تخططون للعودة إلى داريا؟ وكيف؟

على رأس الأولويات اليوم: تأمين أهلنا المهجرين إلى الشمال، ومن المقرر أن يعلن المجلس المحلي انتهاء عمله خلال الأيام القليلة المقبلة، وتتابع اللجنة الإغاثية المشكلة كل ما يتعلق باهلنا في الشمال.
أما على الصعيد العسكري، فسيبقى لواء "شهداء الإسلام" ضمن هيكليته، ولن ينضم لأي تشكيل آخر في الوقت الحالي.
لا شك في حاجة مقاتلي داريا وناشطيها ومدنييها إلى استراحة محارب بعد سنوات طويلة من الحصار وضغط المعارك، بعدها يحدد كلٌّ طريقه ومجال عمله، والكيفية التي سيخدم بها الثورة.
نحن واثقون بعودتنا إلى داريا - بإذن الله - لكن كما ذكرت لك: منذ اليوم الأول لنا في داريا ونحن نؤمن أن ثورتنا كانت عن سوريا كلها ولم تكن عن حدود داريا وحدها، ولذا فإن عودة داريا ستكون في يوم انتصار الثورة، ولعل ذلك يكون قريبا - بإذن الله.