الثلاثاء 9 رمضان 1445 هـ الموافق 19 مارس 2024 م
قصة موسى – عليه السلام -
الاثنين 7 صفر 1438 هـ الموافق 7 نوفمبر 2016 م
عدد الزيارات :

 

قصة  موسى – عليه السلام -


كبر الصغير في بيت أمه، وهو يرضع منها ويترعرع تحت ناظريها. ولما أصبح شابا كبيرا ذا عضلات وقوة و جسم ضخم, أخذ يترعرع في قصر فرعون ويرى الناس من قوته الكثير الكثير, وذات مرة كان يمشي بين الناس فرأى رجلين يقتتلان ويتشاجران فأقبل نحوهما، فوجد أحدهما من قومه من بني إسرائيل والآخر من أسرة فرعون.

استنجد به الأول (أنقذني يا موسى، أنقذني أرجوك), فهجم موسى على الفرعوني وضربه، وقدّر الله أن هذه الضربة جعلت الفرعوني يقع على الأرض، ومات من ضربة واحدة. لم يُرد موسى –عليه السلام- أن يقتله لكنه مات.

فندم موسى –عليه السلام- على فعله واستغفر ربه إذ إنه لم يتعمد قتل الرجل, فغفر الله له، إنه غفور رحيم.

أصبح موسى يخاف أن يدري أحد بأنه هو القاتل, وقد حدث ما خاف منه موسى, فبينما هو ذات مرة يمشي بين الناس إذا الرجلُ نفسه الذي طلب منه النجدة في المرة الأولى يقول له مرة أخرى: (أنقذني، أنقذني يا موسى).

هنا يرفض موسى أن ينفذ ما طلبه منه الرجل, وبعد أخذ وردٍّ وقليل من الجدال عُلم وأشيع أن موسى هو الذي قد قتل الفرعوني في المرة الأولى. وعندها صار الجنود يبحثون عن موسى ليقتلوه, واشتدت حيرة موسى, فأتاه واحد من الناس وهو يقول: يا موسى، إن الجنود يبحثون عنك ليقتلوك، فاهرب واخرج من المدينة الى مكان آخر حيث تستطيع أن تنقذ نفسك من القتل.

استجاب  موسى –عليه السلام-  لكلام الرجل الغريب وأخذ بالنصيحة، وابتعد هاربا بعيدا، ولكن إلى أين؟ فقد هرب من بلد فرعون متجها إلى بلد آخر. مشى في الصحراء وقطع المسافات الطويلة هربا من فرعون ومن ظلمه ويطشه، وخوفا من القتل.

لن ينسى الله عبده ونبيه –عليه السلام-  فقد أنجاه وهو صغير من الذبح، وهو القادر على أن ينجيه من القتل وهو شاب.

كانت رعاية الله تلحق موسى –عليه السلام-  وتحيط به، لأنه سيكون شخصية عظيمة في المستقبل، وسينصر الله به بني إسرائيل الذين ظلمهم فرعون وظلموا أنفسهم أيضا بالسكوت على ظلم فرعون وكفره. توجه موسى إلى أرض بعيدة.

عندما وصل إلى تلك الأرض وجد حشدا من الناس قد تزاحموا على نبع ماء، وكان الأقوياء هم الذين يصلون إلى النبع ويرفعون غطاء البئر ويشربون ويملؤون آنيتهم ويسقون أغنامهم.

ووجد إلى جانب الطريق فتاتين لا تقويان على مزاحمة الناس لضعفهما أمام الرعاة، ولا تحبان مخالطةَ الرجال لسلامة فطرتهما. تقدم موسى منهما وأحب أن يقدم العون لهما, فموسى رجل قوي البنية يستطيع المزاحمة فرأى أنه يتحتم عليه تقديم المساعدة لهاتين الفتاتين الضعيفتين.

وافقت الفتاتان وتقدم موسى من الحشد ومن الزحام وسقى لهما أغنامهما لأنه عرف أنهما بحاجة إلى من يسقي  لهما أغنامهما وأن أباهما شيخ كبير عاجز عن المجيء إلى هذا المكان. شكرت الفتاتان موسى –عليه السلام- على صنيعه ومعروفه، وانصرفتا إلى البيت مسرورتين.

أما موسى فقد انطلق لسانه يحمد الله ويطلب رحمته: يا رب أنا عبدك الفقير، عبدك المحتاج، أطلب منك العطف والمعونة, لم تنسني في صغري فلا تنسني يا رب في شبابي. وسرعان ما عادت إحدى الفتاتين إلى موسى, قائلة: إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا. جاء الفرج، ففرح موسى –عليه السلام- وحمد الله، وذهب إلى بيت الشيخ الكبير.

تعرف هناك على الشيخ فطمأنه الشيخ قائلا: لا تخف, نجوت. قالت إحدى الفتاتين لأبيها: يا أبتي، إنه رجل يبحث عن مأوى وعن عمل وإنا لنراه خلوقا قويا وطاهرا أمينا، وإن خير من يعمل عندنا هذا القوي الأمين.

وافق الشيخ الكبير، وقال: تعمل عندي يا موسى ثمان سنوات وأزوجك إحدى ابنتي هاتين, أتوافق ؟ فرح موسى بالعمل وبالزواج من إحدى الفتاتين، وهكذا أجاب الله دعاء موسى –عليه السلام-  يا أحبائي, ولما انتهت مدة العمل المتفق عليها اشتاق موسى لأن يرجع إلى بلده.

أعطاه الشيخ نصيبه من المال والغنم, وها هو ذا يودع الشيخ، وها هي ذي الزوجة تودع أباها وأختها والشيخ يدعو لهما بالسعادة والهناء والتوفيق والنجاح, وسارا على بركة الله ..