السبت 11 شوّال 1445 هـ الموافق 20 أبريل 2024 م
عظماء من التاريخ
الأحد 8 شعبان 1437 هـ الموافق 15 مايو 2016 م
عدد الزيارات :

 

سعيد بن زيد رضي الله عنه


(( أبو بكر في الجنة ،وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة ،وعليٌّ في الجنة، وطلحة بن عبيد الله في الجنة ،والزبير بن العوام في الجنة ،وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة ،وسعيد بن زيد في الجنة ،وعبد الرحمن بن عوف في الجنة )) (رسول الله صلى الله عليه وسلم)
كما نلحظ أصدقائي فجميع تلك الأسماء المذكورة في الحديث الشريف ، مرت معنا سابقاً وبقي لنا البطل الأخير الذي سنتحدث عنه اليوم وهو سعيد بن زيد . و قصة إسلام سعيد بن زيد رضي الله عنه كانت دعوة صالحةً من والده :زيد بن عمرو –رحمه الله _ والذي كان يشاهد ما اعتادته قريش من الشرك، ولا يرضى به، وطالما نصحهم حتى آذوه أذى شديداً ، وأخذ يبحث في الأرض عن دين يوحِّد الله بالعبادة حتى وصل إلى بلاد الشام ، فذُكِرَ له راهب عنده علم من الكتاب فأتاه فقص عليه قصته . فقال له الراهب : أراك تريد دين إبراهيم  . قال : نعم . فقال : إنك تطلب ديناً لا يوجد اليوم ، ولكن اِلحق ببلدك فإن الله يبعث من قومك من يجدد دين ابراهيم فإذا أدركته فالتزمه .وبينما كان زيد راجعا إلى مكة إذ خرجت عليه جماعة من الأعراب فقتلته فقال وهو ينازع الموت ويودع الدنيا : ((اللهم إن كنت حرمتني من هذا الخير فلا تحرم منه ابني سعيداً )) فاستجاب الله سبحانه وتعالى دعوته ، وكتب الله هداية ولده سعيد، فكان من أوائل من أسلم فرحاً مستبشراً بهذا الدين .
خط بطلنا سعيد رضي الله عنه أروع بطولاته في معاركه مع المسلمين، ومن أبرزها معركة أجنادين ضد الروم حيث كان قائد الفرسان فيها . سعيد بن زيد رضي الله يصف لنا يوم اليرموك بنفسه فيقول : (( سار الروم أمامهم الأساقفة يحملون الصلبان ويجهرون بالصلوات فيردد الجيش وراءهم  ، فلما رآهم المسلمون خالط قلوبهم شيء من الخوف ، فقام أبو عبيدة بن الجراح في المسلمين يصيح : ياعباد الله .. إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ، اصبروا عباد الله ، فالصبر منجاة من الكفر ، ولا تتكلموا إلا بذكر الله ، عند ذلك خرج جندي من صفوف المسلمين وقال لأبي عبيدة : يا أبا عبيدة، إني قد أزمعت على الشهادة (أزمع:أي عزم عليها)، فهل لك من رسالة تبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكى أبو عبيدة-رضي الله عنه- والدموع تبلل لحيته وقال له إذا لقيت رسول الله فقل له : يا رسول الله جزاك الله عنا كل خير ، إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً ..
يقول سعيد بن زيد : فما إن سمعت كلامه ورأيته يمتشق حسامه ويمضي إلى لقاء أعداء الله حتى قفزت من على فرسي واقتحمت إلى الأرض ، وجثوت على ركبتي ، و أشرعت رمحي ، وطعنت أول فارس أقبل علينا فقتلته ، ثم وثبت على العدو وقد انتزع الله كل ما في قلبي من خوف ، فثار الناس في وجه الروم ، ومازالوا يقاتلونهم حتى كتب الله للمؤمنين النصر )) وانتصرت كتائب الأبطال المجاهدين بفضل الله ثم بفضل أبطالٍ من أمثال سعيد بن زيد الذي أصبح أوّل أمير مسلم على مدينة دمشق ،ولكنه ما لبث أن اعتذر عن إمارة دمشق لشوقه للجهاد، وعاد لجيش المسلمين مرة أخرى يقاتل معهم بكل قوته .
توفي سعيد بن زيد-رضي الله عنه - عن عمرٍ يناهز بضعةً وسبعين عاماً ، وبقيت له بطولاته نقرأها على مر الأزمان، وندعو الله أن يجزيه عن المسلمين خير الجزاء .